Search
Close this search box.
Layer 5
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهج‌البلاغة

الخطبة الحادية عشر بعد المائتين من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة أشار فيها الإمام إلى خلق الكون وكيفية هذا الخلق وخلق الجبال والرياح والماء وأن في ذلك عبرة لمن يخشى الله (سبحانه) لو أنعم النظر وأمعن الفكر.

من خطبة له عليه السلام في عجيب صنعة الكون
في عجيب صنعة الكون

وَكَانَ مِنِ اقْتِدَارِ جَبَروتِهِ، وَبَدِيعِ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ، أَنْ جَعَلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ الْمُتَرَاكِمِ الْمُتَقَاصِفِ، يَبَساً جَامِداً، ثُمَّ فَطَرَ مِنْهُ أَطْبَاقاً، فَفَتَقَهَا سَبْعَ سَمَاوَات بَعْدَ ارْتِتَاقِهَا، فَاسْتَمْسَكَتْ بِأَمْرِهِ، وَقَامَتْ عَلَى حَدِّهِ، [وَأَرْسَى أَرْضاً] يَحْمِلُهَا الاَْخْضَرُ المُثْعَنْجِرُ، وَالْقَمْقَامُ الْمُسَخَّرُ، قَدْ ذَلَّ لاَِمْرِهِ، وَأَذْعَنَ لِهَيْبَتِهِ، وَوَقَفَ الْجَارِي مِنْهُ لِخَشْيَتِهِ، وَجَبَلَ جَلاَمِيدَهَا، وَنُشُوزَ مُتُونِهَا وَأَطْوَادِهَا، فَأَرْسَاهَا في مَرَاسِيهَا، وَأَلْزَمَهَا قَرَارَاتِهَا، فَمَضَتْ رُؤُسُهَا فِي الْهَوَاءِ، وَرَسَتْ أُصُولُهَا فِي الْمَاءِ، فَأَنْهَدَ جِبَالَهَا عَنْ سُهُولِهَا، وَأَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِي متُونِ أَقْطَارِهَا، وَمَوَاضِعِ أَنْصَابِهَا، فَأشْهَقَ قِلاَلَهَا، وَأَطَالَ أَنْشَازَهَا، وَجَعَلَهَا لِلاَْرْضِ عِمَاداً، وَأَرَّزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً، فَسَكَنَتْ عَلَى حَرَكَتِهَا مِن أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا، أَوْ تَسِيخَ بِحِمْلِهَا، أَوْ تَزُولَ عَنْ مَواضِعِهَا. فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَهَا بعَْدَ مَوَجَانِ مِيَاهِهَا، وَأَجْمَدَهَا بَعْدَ رُوطُوبَةِ أَكْنَافِهَا، فَجَعَلَهَا لِخَلْقِهِ مِهَاداً، وَبَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً! فَوْقَ بَحْر لُجِّيّ رَاكِد لاَ يَجْرِي، وَقَائِم لاَ يَسْرِي، تُكَرْكِرُهُ الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ، وَتَمْخُصُهُ الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى).