Search
Close this search box.
Layer 5
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهج‌البلاغة

مجموعـة مختـارة من كــلام أميـر المؤمنيــن علي بن أبي طـالب‌(ع)، ورسائله، وحِكَمه القصيرة، التي جمعها السيد الرضي (ره).

الحكمة ١

قَال (عليه السلام): كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ.

الحكمة ٢

وَقَالَ (علیه السلام): أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّهِ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَه.

الحكمة ٣

وَقَالَ (علیه السلام): الْبُخْلُ عَارٌ، وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ، وَالْفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ، وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ.

الحكمة ٤

وَقَالَ (علیه السلام): الْعَجْزُ آفَةٌ، وَالصَّبْرُ شَجَاعَةٌ، وَالزُّهْدُ ثَرْوَةٌ، وَالْوَرَعُ جُنَّةٌ، وَنِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَى.

الحكمة ٥

وَقَالَ (علیه السلام): الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِيمَةٌ، وَالْآدَابُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ، وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ.

الحكمة ٦

وَقَالَ (علیه السلام): صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ، وَالْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ، وَالِاحْتِمَالُ قَبْرُ الْعُيُوبِ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعِبَارَةِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضاً: الْمَسْأَلَةُ خِبَاءُ الْعُيُوبِ، وَمَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُ عَلَيْهِ.

الحكمة ٧

وَقَالَ (علیه السلام):وَالصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ، وَأَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجَالِهِمْ.

الحكمة ٨

وَقَالَ (علیه السلام): اعْجَبُوا لِهَذَا الْإِنْسَانِ، يَنْظُرُ بِشَحْمٍ وَيَتَكَلَّمُ بِلَحْمٍ وَيَسْمَعُ بِعَظْمٍ وَيَتَنَفَّسُ مِنْ خَرْمٍ.

الحكمة ٩

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ، أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ، سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِه.

الحكمة ١۰

وَقَالَ (علیه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.

الحكمة ١١

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.

الحكمة ١٢

وَقَالَ (علیه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ.

الحكمة ١٣

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ، فَلَا تُنَفِّرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ.

الحكمة ١٤

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الْأَقْرَبُ، أُتِيحَ لَهُ الْأَبْعَدُ.

الحكمة ١٥

وَقَالَ (علیه السلام): مَا كُلُّ مَفْتُونٍ يُعَاتَبُ.

الحكمة ١٦

وَقَالَ (علیه السلام): تَذِلُّ الْأُمُورُ لِلْمَقَادِيرِ، حَتَّى يَكُونَ الْحَتْفُ فِي التَّدْبِيرِ.

الحكمة ١٧

وَسُئِلَ (علیه السلام) عَنْ قَوْلِ الرَّسُولِ (صلی الله علیه وآله) "غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" فَقَالَ (علیه السلام): إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَالدِّينُ قُلٌّ، فَأَمَّا الْآنَ وَقَدِ اتَّسَعَ نِطَاقُهُ وَضَرَبَ بِجِرَانِهِ؛ فَامْرُؤٌ وَ مَا اخْتَارَ.

الحكمة ١٨

وَقَالَ (علیه السلام) فِي الَّذِينَ اعْتَزَلُوا الْقِتَالَ مَعَهُ: خَذَلُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَنْصُرُوا الْبَاطِلَ.

الحكمة ١٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ جَرَى فِي عِنَان أَمَلِهِ، عَثَرَ بِأَجَلِهِ.

الحكمة ٢۰

وَقَالَ (علیه السلام): أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلَّا وَ[يَدُهُ بِيَدِ اللَّهِ‏] يَدُ اللَّهِ بِيَدِهِ يَرْفَعُهُ‏.

الحكمة ٢١

وَقَالَ (علیه السلام): قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ؛ وَالْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ.

الحكمة ٢٢

وَقَالَ (علیه السلام): لَنَا حَقٌّ، فَإِنْ أُعْطِينَاهُ، وَإِلَّا رَكِبْنَا أَعْجَازَ الْإِبِلِ وَإِنْ طَالَ السُّرَى.

الحكمة ٢٣

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ [حَسَبُهُ].

الحكمة ٢٤

وَقَالَ (علیه السلام): مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمَكْرُوبِ.

الحكمة ٢٥

وَقَالَ (علیه السلام): يَا ابْنَ آدَمَ، إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ، فَاحْذَرْهُ.

الحكمة ٢٦

وَقَالَ (علیه السلام): مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ.

الحكمة ٢٧

وَقَالَ (علیه السلام): إمْشِ بِدَائِكَ، مَا مَشَى بِك.

الحكمة ٢٨

وَقَالَ (علیه السلام): أَفْضَلُ الزُّهْدِ، إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.

الحكمة ٢٩

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَارٍ وَالْمَوْتُ فِي إِقْبَالٍ، فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَى.

الحكمة ٣۰

وَقَالَ (علیه السلام): الْحَذَرَ الْحَذَرَ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَتَرَ، حَتَّى كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ.

الحكمة ٣١

وَسُئِلَ (علیه السلام) عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَالَ: الْإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ وَالْعَدْلِ وَالْجِهَادِ.
وَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى الشَّوْقِ وَالشَّفَقِ وَالزُّهْدِ وَالتَّرَقُّبِ؛ فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَهَانَ بِالْمُصِيبَاتِ وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ.
وَالْيَقِينُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ وَسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ؛ فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِينَ.
وَالْعَدْلُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى غَائِصِ الْفَهْمِ وَغَوْرِ الْعِلْمِ وَزُهْرَةِ الْحُكْمِ وَرَسَاخَةِ الْحِلْمِ؛ فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحُكْمِ وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً.
وَالْجِهَادُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ؛ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ [الْمُنَافِقِينَ] الْكَافِرِينَ وَمَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَمَنْ شَنِئَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لِلَّهِ غَضِبَ اللَّهُ لَهُ وَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ وَالزَّيْغِ وَالشِّقَاقِ.
فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ إِلَى الْحَقِّ.
وَمَنْ كَثُرَ نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الْحَقِّ.
وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلَالَةِ.
وَمَنْ شَاقَّ وَعُرَتْ عَلَيْهِ طُرُقُهُ وَأَعْضَلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَضَاقَ عَلَيْهِ مَخْرَجُهُ.
وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى التَّمَارِي وَالْهَوْلِ وَالتَّرَدُّدِ وَالِاسْتِسْلَامِ.
فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ دَيْدَناً لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ .
وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ.
وَمَنْ تَرَدَّدَ فِي الرَّيْبِ وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ.
وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: وبعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الْإِطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الباب.

الحكمة ٣٢

وَقَالَ (علیه السلام): فَاعِلُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ، وَفَاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ.

الحكمة ٣٣

وَقَالَ (علیه السلام): كُنْ سَمْحاً وَلَا تَكُنْ مُبَذِّراً، وَكُنْ مُقَدِّراً وَلَا تَكُنْ مُقَتِّراً.

الحكمة ٣٤

وَقَالَ (علیه السلام): أَشْرَفُ الْغِنَى، تَرْكُ الْمُنَى.

الحكمة ٣٥

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا فِيهِ [مَا] بِمَا لَا يَعْلَمُون.

الحكمة ٣٦

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَطَالَ الْأَمَلَ، أَسَاءَ الْعَمَلَ.

الحكمة ٣٧

وَقَالَ (علیه السلام): وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار، فترجّلوا له واشتدّوا بين يديه، فقال: مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ؟ فَقَالُوا: خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهَذَا أُمَرَاؤُكُمْ! وَإِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ وَتَشْقَوْنَ بِهِ فِي آخِرَتِكُمْ، وَمَا أَخْسَرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ، وَأَرْبَحَ الدَّعَةَ مَعَهَا الْأَمَانُ مِنَ النَّار!

الحكمة ٣٨

وَقَالَ (علیه السلام) لِابْنِهِ الْحَسَنِ (علیه السلام): يَا بُنَيَّ احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً، لَا يَضُرُّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ: إِنَّ أَغْنَى الْغِنَى الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوْحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ، وَأَكْرَمَ الْحَسَبِ حُسْنُ الْخُلُقِ.
يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ؛ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ؛ وَإِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ؛ وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.

الحكمة ٣٩

وَقَالَ (علیه السلام): لَا قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ، إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ.

الحكمة ٤۰

وَقَالَ (علیه السلام): لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي رحمه الله و هذا من المعاني العجيبة الشريفة و المراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة الروية و مؤامرة الفكرة، و الأحمق تسبق حذفات لسانه و فلتات كلامه مراجعة فكره و مماخضة رأيه، فكأن لسان العاقل تابع لقلبه و كأن قلب الأحمق تابع للسانه.

الحكمة ٤١

وقد روي عنه عليه السلام هذا المعني بلفظ، آخر وهو قوله: قَلْبُ الْأَحْمَقِ فِي فِيهِ، وَلِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ.

الحكمة ٤٢

وَقَالَ (علیه السلام) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي عِلَّةٍ اعْتَلَّهَا: جَعَلَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ وَيَحُتُّهَا حَتَّ الْأَوْرَاقِ، وَإِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَالْأَقْدَامِ. وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةََ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي رحمه الله تعالى و أقول صدق (علیه السلام)، إن المرض لا أجر فيه لأنه ليس من قبيل ما يستحق عليه العوض لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام و الأمراض و ما يجري مجرى ذلك و الأجر و الثواب يستحقان على ما كان في [مقابل] مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بيّنه (علیه السلام) كما يقتضيه علمه الثاقب و رأيه الصائب.

الحكمة ٤٣

وَقَالَ (علیه السلام) فِي ذِكْرِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ: يَرْحَمُ اللَّهُ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ، فَلَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً وَهَاجَرَ طَائِعاً وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ وَرَضِيَ عَنِ اللَّهِ وَعَاشَ مُجَاهِداً.

الحكمة ٤٤

وَقَالَ (علیه السلام): طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ، وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللَّهِ.

الحكمة ٤٥

وَقَالَ (علیه السلام): لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ الْمُؤْمِنِ بِسَيْفِي هَذَا عَلَى أَنْ يُبْغِضَنِي مَا أَبْغَضَنِي، وَلَوْ صَبَبْتُ الدُّنْيَا بِجَمَّاتِهَا عَلَى الْمُنَافِقِ عَلَى أَنْ يُحِبَّنِي مَا أَحَبَّنِي؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ قُضِيَ، فَانْقَضَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ (صلی الله علیه وآله) أَنَّهُ قَالَ: "يَا عَلِيُّ لَا يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ وَلَا يُحِبُّكَ مُنَافِقٌ".

الحكمة ٤٦

وَقَالَ (علیه السلام): سَيِّئَةٌ تَسُوءُكَ، خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ حَسَنَةٍ تُعْجِبُكَ‏.

الحكمة ٤٧

وَقَالَ (علیه السلام): قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ، وَعِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ.

الحكمة ٤٨

وَقَالَ (علیه السلام): الظَّفَرُ بِالْحَزْمِ، وَالْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْيِ، وَالرَّأْيُ بِتَحْصِينِ الْأَسْرَارِ.

الحكمة ٤٩

وَقَالَ (علیه السلام): احْذَرُوا صَوْلَةَ الْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ، وَاللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ.

الحكمة ٥۰

وَقَالَ (علیه السلام): قُلُوبُ الرِّجَالِ وَحْشِيَّةٌ، فَمَنْ تَأَلَّفَهَا أَقْبَلَتْ عَلَيْه.

الحكمة ٥١

وَقَالَ (علیه السلام): عَيْبُكَ مَسْتُورٌ، مَا أَسْعَدَكَ جَدُّك.

الحكمة ٥٢

وَقَالَ (علیه السلام): أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ، أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَة.

الحكمة ٥٣

وَقَالَ (علیه السلام): السَّخَاءُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً، فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَحَيَاءٌ وَتَذَمُّمٌ.

الحكمة ٥٤

وَقَالَ (علیه السلام): لَا غِنَى كَالْعَقْلِ، وَلَا فَقْرَ كَالْجَهْلِ، وَلَا مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ، وَلَا ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ.

الحكمة ٥٥

وَقَالَ (علیه السلام): الصَّبْرُ صَبْرَانِ، صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُ.

الحكمة ٥٦

وَقَالَ (علیه السلام): الْغِنَى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ.

الحكمة ٥٧

وَقَالَ (علیه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ.

الحكمة ٥٨

وَقَالَ (علیه السلام): الْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ.

الحكمة ٥٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ.

الحكمة ٦۰

وَقَالَ (علیه السلام): اللِّسَانُ سَبُعٌ، إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ.

الحكمة ٦١

وَقَالَ (علیه السلام): الْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ، حُلْوَةُ اللَّسْبَةِ.

الحكمة ٦٢

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا حُيِّيتَ بِتَحِيَّةٍ فَحَيِّ بِأَحْسَنَ مِنْهَا، وَإِذَا أُسْدِيَتْ إِلَيْكَ يَدٌ فَكَافِئْهَا بِمَا يُرْبِي عَلَيْهَا، وَ الْفَضْلُ مَعَ ذَلِكَ لِلْبَادِئِ.

الحكمة ٦٣

وَقَالَ (علیه السلام): الشَّفِيعُ جَنَاحُ الطَّالِبِ.

الحكمة ٦٤

وَقَالَ (علیه السلام): أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ يُسَارُ بِهِمْ، وَهُمْ نِيَامٌ.

الحكمة ٦٥

وَ قَالَ (علیه السلام): فَقْدُ الْأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ.

الحكمة ٦٦

وَقَالَ (علیه السلام): فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا.

الحكمة ٦٧

وَقَالَ (علیه السلام): لَا تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ.

الحكمة ٦٨

وَقَالَ (علیه السلام): الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ، وَالشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى.

الحكمة ٦٩

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُ، فَلَا تُبَلْ مَا كُنْتَ.

الحكمة ٧۰

وَقَالَ (علیه السلام): لَا تَرَى الْجَاهِلَ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً.

الحكمة ٧١

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلَامُ.

الحكمة ٧٢

وَقَالَ (علیه السلام): الدَّهْرُ يُخْلِقُ الْأَبْدَانَ، وَيُجَدِّدُ الْآمَالَ، وَيُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ، وَيُبَاعِدُ الْأُمْنِيَّةَ؛ مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ وَمَنْ فَاتَهُ تَعِبَ.

الحكمة ٧٣

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً، فَلْيَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَ لْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ؛ وَ مُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَ مُؤَدِّبُهَا، أَحَقُّ بِالْإِجْلَالِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَ مُؤَدِّبِهِمْ‏.

الحكمة ٧٤

وَ قَالَ (علیه السلام): نَفَسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ.

الحكمة ٧٥

وَ قَالَ (علیه السلام): كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ، وَ كُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ.

الحكمة ٧٦

وَ قَالَ (علیه السلام): إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا اشْتَبَهَتْ، اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا.

الحكمة ٧٧

وَ مِنْ خَبَرِ ضِرَارِ بْنِ حَمْزَةَ الضَّبَائِيِّ عِنْدَ دُخُولِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ مَسْأَلَتِهِ لَهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (علیه السلام)، وَ قَالَ فَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ، قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ وَ [هُوَ] يَقُولُ:
يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا، إِلَيْكِ عَنِّي؛ أَ بِي تَعَرَّضْتِ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ؟ لَا حَانَ حِينُكِ؛ هَيْهَاتَ، غُرِّي غَيْرِي؛ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ؛ قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ فِيهَا. فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ وَ خَطَرُكِ يَسِيرٌ وَ أَمَلُكِ حَقِيرٌ. آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَ طُولِ الطَّرِيقِ وَ بُعْدِ السَّفَرِ وَ عَظِيمِ الْمَوْرِدِ!

الحكمة ٧٨

وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ (علیه السلام) لِلسَّائِلِ الشَّامِيِّ لَمَّا سَأَلَهُ: أَ كَانَ مَسِيرُنَا إِلَى الشَّامِ بِقَضَاءٍ مِنَ اللَّهِ وَ قَدَرٍ؟ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ هَذَا مُخْتَارُهُ: وَيْحَكَ، لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ قَضَاءً لَازِماً وَ قَدَراً حَاتِماً! لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ وَ سَقَطَ الْوَعْدُ وَ الْوَعِيدُ. إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً وَ نَهَاهُمْ تَحْذِيراً، وَ كَلَّفَ يَسِيراً وَ لَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً، وَ أَعْطَى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً، وَ لَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً وَ لَمْ يُطَعْ مُكْرِهاً، وَ لَمْ يُرْسِلِ الْأَنْبِيَاءَ لَعِباً وَ لَمْ يُنْزِلِ الْكُتُبَ لِلْعِبَادِ عَبَثاً، وَ لَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا؛ "ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ".

الحكمة ٧٩

وَقَالَ (علیه السلام): خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ فِي صَدْرِ الْمُنَافِقِ، فَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ.

الحكمة ٨۰

وَقَالَ (علیه السلام): الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ.

الحكمة ٨١

وَقَالَ (علیه السلام): قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُهُ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: وهي الكلمة التي لا تصاب لها قيمة ولا توزن بها حكمة ولا تقرن إليها كلمة.

الحكمة ٨٢

وَقَالَ (علیه السلام): أُوصِيكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الْإِبِلِ لَكَانَتْ لِذَلِكَ أَهْلًا: لَا يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا رَبَّهُ؛ وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ؛ وَلَا يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ؛ وَلَا يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ؛ وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلَا خَيْرَ فِي جَسَدٍ لَا رَأْسَ مَعَهُ، وَلَا فِي إِيمَانٍ لَا صَبْرَ مَعَهُ.

الحكمة ٨٣

وَقَالَ (علیه السلام) -لِرَجُلٍ أَفْرَطَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ مُتَّهِماً-: أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ، وَفَوْقَ مَا فِي نَفْسِكَ.

الحكمة ٨٤

وَقَالَ (علیه السلام): بَقِيَّةُ السَّيْفِ أَبْقَى عَدَداً وَأَكْثَرُ وَلَداً.

الحكمة ٨٥

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ تَرَكَ قَوْلَ لَا أَدْرِي، أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ.

الحكمة ٨٦

وَقَالَ (علیه السلام): رَأْيُ الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الْغُلَامِ. وَرُوِيَ مِنْ مَشْهَدِ الْغُلَامِ.

الحكمة ٨٧

وَقَالَ (علیه السلام): عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ، وَمَعَهُ الِاسْتِغْفَارُ.

الحكمة ٨٨

وَحَكَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (علیه السلام) أَنَّهُ (علیه السلام) قَالَ: كَانَ فِي الْأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا فَدُونَكُمُ الْآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ؛ أَمَّا الْأَمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ (صلی الله علیه وآله)، وَأَمَّا الْأَمَانُ الْبَاقِي فَالاسْتِغْفَارُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ".

الحكمة ٨٩

وقال (علیه السلام): مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ؛ وَمَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ، أَصْلَحَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ؛ وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ.

الحكمة ٩۰

وَقَالَ (علیه السلام): الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ.

الحكمة ٩١

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكَمِ.

الحكمة ٩٢

وَقَالَ (علیه السلام): أَوْضَعُ الْعِلْمِ مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ، وَأَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَالْأَرْكَانِ.

الحكمة ٩٣

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتْنَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ؛ وَلَكِنْ مَنِ اسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ "وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ" وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، لِيَتَبَيَّنَ السَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَالرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ، وَإِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَكِنْ لِتَظْهَرَ الْأَفْعَالُ الَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ الذُّكُورَ وَيَكْرَهُ الْإِنَاثَ وَبَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ الْمَالِ وَيَكْرَهُ انْثِلَامَ الْحَالِ.

الحكمة ٩٤

وَسُئِلَ عَنِ الْخَيْرِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ؛ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ؛ وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ، رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ، وَرَجُلٍ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ.

الحكمة ٩٥

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ؟

الحكمة ٩٦

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْأَنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ؛ ثُمَّ تَلَا "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا" الْآيَةَ. ثُمَّ قَالَ إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّدٍ (صلی الله علیه وآله) مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَإِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ، وَإِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّدٍ (صلی الله علیه وآله) مَنْ عَصَى اللَّهَ وَإِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ!

الحكمة ٩٧

وَسَمِعَ (علیه السلام) رَجُلًا مِنَ الْحَرُورِيَّةِ يَتَهَجَّدُ وَيَقْرَأُ، فَقَالَ: نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ، خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ فِي شَكٍ.

الحكمة ٩٨

وَقَالَ (علیه السلام): اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لَا عَقْلَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ.

الحكمة ٩٩

وَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ "إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ"، فَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ قَوْلَنَا "إِنَّا لِلَّهِ" إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ، وَقَوْلَنَا "وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ" إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ.

الحكمة ١۰۰

وَقَالَ (علیه السلام)، وَمَدَحَهُ قَوْمٌ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ؛ اللَّهُمَّ [اجْعَلْنِي] اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ وَاغْفِرْ [لِي] لَنَا مَا لَا يَعْلَمُونَ.

الحكمة ١۰١

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلَّا بِثَلَاثٍ: بِاسْتِصْغَارِهَا لِتَعْظُمَ، وَبِاسْتِكْتَامِهَا لِتَظْهَرَ، وَبِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنُؤَ.

الحكمة ١۰٢

وَقَالَ (علیه السلام): يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُقَرَّبُ فِيهِ إِلَّا الْمَاحِلُ[الاجن]، وَلَا يُظَرَّفُ فِيهِ إِلَّا الْفَاجِرُ وَلَا يُضَعَّفُ فِيهِ إِلَّا الْمُنْصِفُ؛ يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ فِيهِ غُرْماً وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاسِ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ النِّسَاءِ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَ تَدْبِيرِ الْخِصْيَانِ.

الحكمة ١۰٣

وَرُئِيَ عَلَيْهِ إِزَارٌ خَلَقٌ مَرْقُوعٌ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ (علیه السلام): يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ. إِنَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَسَبِيلَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلَّاهَا أَبْغَضَ الْآخِرَةَ وَعَادَاهَا؛ وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الْآخَرِ وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ!

الحكمة ١۰٤

وَعَنْ نَوْفٍ الْبَكَالِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (علیه السلام) ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ فِرَاشِهِ فَنَظَرَ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لِي يَا نَوْفُ أَرَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ؟ فَقُلْتُ بَلْ رَامِقٌ. قَالَ:
يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَتُرَابَهَا فِرَاشاً وَمَاءَهَا طِيباً وَالْقُرْآنَ شِعَاراً وَالدُّعَاءَ دِثَاراً، ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ.
يَا نَوْفُ إِنَّ دَاوُدَ (علیه السلام) قَامَ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَسَاعَةٌ لَا يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِيفاً أَوْ شُرْطِيّاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَهِيَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كَوْبَةٍ وَهِيَ الطَّبْلُ.

الحكمة ١۰٥

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلَا تَتَكَلَّفُوهَا.

الحكمة ١۰٦

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لِاسْتِصْلَاحِ دُنْيَاهُمْ، إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ.

الحكمة ١۰٧

وَقَالَ (علیه السلام): رُبَّ عَالِمٍ قَدْ قَتَلَهُ جَهْلُهُ وَعِلْمُهُ مَعَهُ لَا يَنْفَعُهُ.

الحكمة ١۰٨

وَقَالَ (علیه السلام): لَقَدْ عُلِّقَ بِنِيَاطِ هَذَا الْإِنْسَانِ بَضْعَةٌ هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ: وَذَلِكَ الْقَلْبُ. وَذَلِكَ أَنَّ لَهُ مَوَادَّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَضْدَاداً مِنْ خِلَافِهَا؛ فَإِنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ، وَإِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الْأَسَفُ، وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشْتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ، وَإِنْ أَسْعَدَهُ الرِّضَى نَسِيَ التَّحَفُّظَ، وَإِنْ غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ، وَإِنِ اتَّسَعَ لَهُ الْأَمْرُ [الأمن] اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ [العزّة]، وَإِنْ أَفَادَ مَالًا أَطْغَاهُ الْغِنَى، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإِنْ عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ شَغَلَهُ الْبَلَاءُ، وَإِنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وَإِنْ أَفْرَطَ بِهِ الشِّبَعُ كَظَّتْهُ الْبِطْنَةُ؛ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِد.

الحكمة ١۰٩

وَقَالَ (علیه السلام): نَحْنُ النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَى، بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي وَإِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي.

الحكمة ١١۰

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَنْ لَا يُصَانِعُ وَلَا يُضَارِعُ وَلَا يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ.

الحكمة ١١١

وَقَالَ (علیه السلام): وَقَدْ تُوُفِّيَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيُّ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ مَرْجِعِهِ مَعَهُ مِنْ صِفِّينَ وَكَانَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ: «لَوْ أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ».
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي رحمه الله تعالى ومعنى ذلك أن المحنة تغلظ عليه فتسرع المصائب إليه ولا يفعل ذلك إلا بالأتقياء الأبرار والمصطفين الأخيار وهذا مثل قوله (علیه السلام).

الحكمة ١١٢

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً.

الحكمة ١١٣

وَقَالَ (علیه السلام): لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ، وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ، وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا كَرَمَ كَالتَّقْوَى، وَلَا قَرِينَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَلَا مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ، وَلَا قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ، وَلَا تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَا رِبْحَ كَالثَّوَابِ، وَلَا وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَلَا زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ، وَلَا عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ، وَلَا عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَلَا إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ، وَلَا حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ، وَلَا شَرَفَ كَالْعِلْمِ، وَلَا عِزَّ كَالْحِلْمِ، وَلَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَة.

الحكمة ١١٤

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا اسْتَوْلَى الصَّلَاحُ عَلَى الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ، ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ حَوْبَةٌ، فَقَدْ ظَلَمَ؛ وَإِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ، فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ، فَقَدْ غَرَّرَ!

الحكمة ١١٥

وَقِيلَ لَهُ كَيْفَ نَجِدُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ (علیه السلام): كَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ يَفْنَى بِبَقَائِهِ وَيَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ وَيُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ!

الحكمة ١١٦

وَقَالَ (علیه السلام): كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَمَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ، وَمَا ابْتَلَى اللَّهُ أَحَداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ.

الحكمة ١١٧

وَقَالَ (علیه السلام): هَلَكَ فِيَّ رَجُلَانِ، مُحِبٌّ غَالٍ وَمُبْغِضٌ قَالٍ.

الحكمة ١١٨

وَقَالَ (علیه السلام): إِضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ.

الحكمة ١١٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ، لَيِّنٌ مَسُّهَا وَالسَّمُّ النَّاقِعُ فِي جَوْفِهَا، يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ وَيَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلُ!

الحكمة ١٢۰

وَسُئِلَ عَنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ (علیه السلام): أَمَّا بَنُو مَخْزُومٍ فَرَيْحَانَةُ قُرَيْشٍ، [تُحِبُ] نُحِبُّ حَدِيثَ رِجَالِهِمْ وَالنِّكَاحَ فِي نِسَائِهِمْ، وَأَمَّا بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ فَأَبْعَدُهَا رَأْياً وَأَمْنَعُهَا لِمَا وَرَاءَ ظُهُورِهَا، وَأَمَّا نَحْنُ فَأَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِينَا وَأَسْمَحُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِنُفُوسِنَا، وَهُمْ أَكْثَرُ وَأَمْكَرُ وَأَنْكَرُ وَنَحْنُ أَفْصَحُ وَأَنْصَحُ وَأَصْبَحُ.

الحكمة ١٢١

وَقَالَ (علیه السلام): شَتَّانَ مَا بَيْنَ عَمَلَيْنِ؛ عَمَلٍ تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَتَبْقَى تَبِعَتُهُ، وَعَمَلٍ تَذْهَبُ مَئُونَتُهُ وَيَبْقَى أَجْرُهُ‏.

الحكمة ١٢٢

وَتَبِعَ جِنَازَةً فَسَمِعَ رَجُلًا يَضْحَكُ، فَقَالَ: كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ! نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ، ثُمَّ قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظٍ وَ وَاعِظَةٍ وَرُمِينَا بِكُلِّ فَادِحٍ وَجَائِحَةٍ!!

الحكمة ١٢٣

وَقَالَ (علیه السلام): طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطَابَ كَسْبُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنْسَبْ إلَى الْبِدْعَةِ.

الحكمة ١٢٤

وَقَالَ (علیه السلام): غَيْرَةُ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ، وَغَيْرَةُ الرَّجُلِ إِيمَانٌ.

الحكمة ١٢٥

وَقَالَ (علیه السلام): لَأَنْسُبَنَّ الْإِسْلَامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي؛ الْإِسْلَامُ هُوَ التَّسْلِيمُ وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الْإِقْرَارُ وَالْإِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ وَالْأَدَاءُ هُوَ الْعَمَلُ.

الحكمة ١٢٦

وَقَالَ (علیه السلام): عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الَّذِي إِيَّاهُ طَلَبَ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ وَيُحَاسَبُ فِي الْآخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِيَاءِ؛ وَعَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةً وَيَكُونُ غَداً جِيفَةً؛ وَعَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِي اللَّهِ وَهُوَ يَرَى خَلْقَ اللَّهِ؛ وَعَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ وَهُوَ يَرَى الْمَوْتَى [من يموت]؛ وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الْأُولَى؛ وَعَجِبْتُ لِعَامِرٍ دَارَ الْفَنَاءِ وَتَارِكٍ دَارَ الْبَقَاءِ.

الحكمة ١٢٧

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ، وَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ فِيمَنْ لَيْسَ لِلَّهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ نَصِيبٌ.

الحكمة ١٢٨

وَقَالَ (علیه السلام): تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَتَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْأَبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الْأَشْجَارِ، أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَآخِرُهُ يُورِقُ.

الحكمة ١٢٩

وَقَالَ (علیه السلام): عِظَمُ الْخَالِقِ عِنْدَكَ، يُصَغِّرُ الْمَخْلُوقَ فِي عَيْنِكَ.

الحكمة ١٣۰

وَقَالَ(علیه السلام) وَقَدْ رَجَعَ مِنْ صِفِّينَ فَأَشْرَفَ عَلَى الْقُبُورِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ: يَا أَهْلَ الدِّيَارِ الْمُوحِشَةِ وَالْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ وَالْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ، يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ، يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لَاحِقٌ؛ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ، وَأَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ، وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ. هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا، فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى.

الحكمة ١٣١

وَقَالَ (علیه السلام)، وَقَدْ سَمِعَ رَجُلًا يَذُمُّ الدُّنْيَا: أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا الْمَخْدُوعُ بِأَبَاطِيلِهَا! أَتَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا ثُمَّ تَذُمُّهَا؟ أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ؟ مَتَى اسْتَهْوَتْكَ أَمْ مَتَى غَرَّتْكَ؟ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى؟ كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ وَكَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ! تَبْتَغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ وَتَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ غَدَاةَ، لَا يُغْنِي عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ وَلَا يُجْدِي عَلَيْهِمْ بُكَاؤُكَ، لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ وَلَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطَلِبَتِكَ، وَلَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ وَقَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ وَبِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ. إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَدَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَدَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَدَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا؛ مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ وَمُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَمَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ وَمَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ؛ اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ وَرَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ؛ فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وَقَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا وَنَادَتْ بِفِرَاقِهَا وَنَعَتْ نَفْسَهَا وَأَهْلَهَا، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ وَشَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ، رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ وَابْتَكَرَتْ بِفَجِيعَةٍ [نجعة] تَرْغِيباً وَتَرْهِيباً وَتَخْوِيفاً وَتَحْذِيراً؛ فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ وَحَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَتَذَكَّرُوا وَحَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا وَوَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا.

الحكمة ١٣٢

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ: لِدُوا لِلْمَوْتِ، وَاجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ، وَابْنُوا لِلْخَرَابِ.

الحكمة ١٣٣

وَقَالَ (علیه السلام): الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ، لَا دَارُ مَقَرٍّ؛ وَالنَّاسُ فِيهَا رَجُلَانِ، رَجُلٌ بَاعَ فِيهَا نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا، وَرَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا.

الحكمة ١٣٤

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَكُونُ الصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي ثَلَاثٍ: فِي نَكْبَتِهِ وَغَيْبَتِهِ وَوَفَاتِهِ.

الحكمة ١٣٥

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً؛ مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: وتصديق ذلك كتاب الله، قال الله في الدعاء: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"،وقال في الاستغفار: "وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً"،وقال في الشكر: "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"،وقال في التوبة: "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً".

الحكمة ١٣٦

وَقَالَ (علیه السلام): الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ، وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ زَكَاةٌ وَزَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّيَامُ، وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ.

الحكمة ١٣٧

وَقَالَ (علیه السلام): اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ.

الحكمة ١٣٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ، جَادَ بِالْعَطِيَّةِ.

الحكمة ١٣٩

وَقَالَ (علیه السلام): تَنْزِلُ الْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَئُونَةِ.

الحكمة ١٤۰

وَقَالَ (علیه السلام): مَا عَالَ مَنِ اقْتَصد.

الحكمة ١٤١

وَقَالَ (علیه السلام): قِلَّةُ الْعِيَالِ، أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ‏.

الحكمة ١٤٢

وَقَالَ (علیه السلام): التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ.

الحكمة ١٤٣

وَقَالَ (علیه السلام): الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ.

الحكمة ١٤٤

وَقَالَ (علیه السلام): يَنْزِلُ الصَّبْرُ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ، وَمَنْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ حَبِطَ عَمَلُهُ [أَجْرُهُ].

الحكمة ١٤٥

وَقَالَ (علیه السلام): كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالظَّمَأُ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ وَالْعَنَاءُ؛ حَبَّذَا نَوْمُ الْأَكْيَاسِ وَإِفْطَارُهُمْ!

الحكمة ١٤٦

وَقَالَ (علیه السلام): سُوسُوا [شوبوا] إِيمَانَكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَادْفَعُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ بِالدُّعَاءِ.

الحكمة ١٤٧

وَمِنْ كَلَامٍ لَهُ (علیه السلام) لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ. قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام) فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ ثُمَّ قَالَ:
يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ:
النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وَهَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ.
يَا كُمَيْلُ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ وَالْعِلْمُ يَزْكُوا عَلَى الْإِنْفَاقِ وَصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ.
يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ، بِهِ يَكْسِبُ الْإِنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.
يَا كُمَيْلُ هَلَكَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. هَا إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ) لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً؛ بَلَى أَصَبْتُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ، مُسْتَعْمِلًا آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَبِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ؛ أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ، لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ [احيائه]، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ، أَلَا لَا ذَا وَلَا ذَاكَ؛ أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالِادِّخَارِ. لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْءٍ، أَقْرَبُ شَيْءٍ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ! كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ.
اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً وَإِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَاتُهُ، وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ -وَاللَّهِ- الْأَقَلُّونَ عَدَداً وَالْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً، يَحْفَظُ اللَّهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ؛ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ وَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ وَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى؛ أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ؛ آهِ آهِ، شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ. انْصَرِفْ يَا كُمَيْلُ إِذَا شِئْتَ.

الحكمة ١٤٨

وَقَالَ (علیه السلام): الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ.

الحكمة ١٤٩

وَقَالَ (علیه السلام): هَلَكَ امْرُؤٌ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ.

الحكمة ١٥۰

وَقَالَ (علیه السلام) لِرَجُلٍ سَأَلَهُ أَنْ يَعِظَهُ: لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَ[يَرْجُو] يُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَلِ؛ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، وَيَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِ الرَّاغِبِينَ؛ إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ؛ يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ، وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ؛ يَنْهَى وَلَا يَنْتَهِي، وَيَأْمُرُ [النَّاسَ بِمَا لَمْ يَأْتِ] بِمَا لَا يَأْتِي؛ يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَا يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَيُبْغِضُ الْمُذْنِبِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ؛ يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، وَيُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ؛ إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نَادِماً، وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ لَاهِياً؛ يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ إِذَا عُوفِيَ، وَيَقْنَطُ إِذَا ابْتُلِيَ؛ إِنْ أَصَابَهُ بَلَاءٌ دَعَا مُضْطَرّاً، وَإِنْ نَالَهُ رَخَاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً؛ تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ، وَلَا يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ؛ يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدْنَى مِنْ ذَنْبِهِ، وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ؛ إِنِ اسْتَغْنَى بَطِرَ وَفُتِنَ، وَإِنِ افْتَقَرَ قَنِطَ وَوَهَنَ؛ يُقَصِّرُ إِذَا عَمِلَ، وَيُبَالِغُ إِذَا سَأَلَ؛ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ الْمَعْصِيَةَ وَسَوَّفَ التَّوْبَةَ، وَإِنْ عَرَتْهُ مِحْنَةٌ انْفَرَجَ عَنْ شَرَائِطِ الْمِلَّةِ؛ يَصِفُ الْعِبْرَةَ وَلَا يَعْتَبِرُ، وَيُبَالِغُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَلَا يَتَّعِظُ، فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌّ وَمِنَ الْعَمَلِ مُقِلٌّ؛ يُنَافِسُ فِيمَا يَفْنَى، وَيُسَامِحُ فِيمَا يَبْقَى؛ يَرَى الْغُنْمَ مَغْرَماً، وَالْغُرْمَ مَغْنَماً؛ يَخْشَى الْمَوْتَ، وَلَا يُبَادِرُ الْفَوْتَ؛ يَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ، مَا يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ، مَا يَحْقِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ، فَهُوَ عَلَى النَّاسِ طَاعِنٌ وَلِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ؛ [اللَّغْوُ] اللَّهْوُ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ؛ يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ؛ يُرْشِدُ غَيْرَهُ، وَيُغْوِي نَفْسَهُ، فَهُوَ يُطَاعُ وَيَعْصِي، وَيَسْتَوْفِي وَلَا يُوفِي؛ وَيَخْشَى الْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ، وَلَا يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي رحمه الله تعالى ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لَكفى به موعظة ناجعة وحكمة بالغة وبصيرة لمبصر وعبرة لناظر مفكر.

الحكمة ١٥١

وَقَالَ (علیه السلام): لِكُلِّ امْرِئٍ عَاقِبَةٌ، حُلْوَةٌ أَوْ مُرَّةٌ.

الحكمة ١٥٢

وَقَالَ (علیه السلام): لِكُلِّ مُقْبِلٍ إِدْبَارٌ، وَمَا أَدْبَرَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ‏.

الحكمة ١٥٣

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَعْدَمُ الصَّبُورُ الظَّفَرَ، وَإِنْ طَالَ بِهِ الزَّمَانُ‏.

الحكمة ١٥٤

وَقَالَ (علیه السلام): الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ؛ وَعَلَى كُلِّ دَاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إِثْمَانِ، إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ وَإِثْمُ الرِّضَى بِه.

الحكمة ١٥٥

وَقَالَ (علیه السلام): اعْتَصِمُوا [استعصموا] بِالذِّمَمِ فِي أَوْتَادِهَا.

الحكمة ١٥٦

وَقَالَ (علیه السلام): عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ مَنْ لَا تُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِ.

الحكمة ١٥٧

وَقَالَ (علیه السلام): قَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ، وَقَدْ هُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ، وَأُسْمِعْتُمْ إِنِ اسْتَمَعْتُم.

الحكمة ١٥٨

وَقَالَ (علیه السلام): عَاتِبْ أَخَاكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَارْدُدْ شَرَّهُ بِالْإِنْعَامِ عَلَيْهِ.

الحكمة ١٥٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوَاضِعَ التُّهَمَةِ، فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَ.

الحكمة ١٦۰

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ.

الحكمة ١٦١

وَقَالَ (علیه السلام): مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَا.

الحكمة ١٦٢

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ، كَانَتِ الْخِيَرَةُ بِيَدِهِ.

الحكمة ١٦٣

وَقَالَ (علیه السلام): الْفَقْرُ، الْمَوْتُ الْأَكْبَرُ ٍٍِ[الأحمر].

الحكمة ١٦٤

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ قَضَى حَقَّ مَنْ لَا يَقْضِي حَقَّهُ، فَقَدْ عَبَدَهُ.

الحكمة ١٦٥

وَقَالَ (علیه السلام): لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.

الحكمة ١٦٦

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يُعَابُ الْمَرْءُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ، إِنَّمَا يُعَابُ مَنْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ.

الحكمة ١٦٧

وَقَالَ (علیه السلام): الْإِعْجَابُ يَمْنَعُ الِازْدِيَادَ.

الحكمة ١٦٨

وَقَالَ (علیه السلام): الْأَمْرُ قَرِيبٌ، وَالِاصْطِحَابُ قَلِيلٌ.

الحكمة ١٦٩

وَقَالَ (علیه السلام): قَدْ أَضَاءَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ.

الحكمة ١٧۰

وَقَالَ (علیه السلام): تَرْكُ الذَّنْبِ، أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ الْمَعُونَةِ.

الحكمة ١٧١

وَقَالَ (علیه السلام): كَمْ مِنْ أَكْلَةٍ مَنَعَتْ أَكَلَاتٍ‏.

الحكمة ١٧٢

وَقَالَ (علیه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.

الحكمة ١٧٣

وَقَالَ (علیه السلام): مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الْآرَاءِ، عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَإِ.

الحكمة ١٧٤

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ الْغَضَبِ لِلَّهِ، قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءٍِِ [أشدّ] الْبَاطِلِ.

الحكمة ١٧٥

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنه.

الحكمة ١٧٦

وَقَالَ (علیه السلام): آلَةُ الرِّيَاسَةِ، سَعَةُ الصَّدْرِ.

الحكمة ١٧٧

وَقَالَ (علیه السلام): اُزْجُرِ الْمُسِيءَ بِثَوَابِ الْمُحْسِنِ.

الحكمة ١٧٨

وَقَالَ (علیه السلام): اُحْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ، بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ.

الحكمة ١٧٩

وَقَالَ (علیه السلام): اللَّجَاجَةُ تَسُلُّ الرَّأْيَ.

الحكمة ١٨۰

وَقَالَ (علیه السلام): الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ.

الحكمة ١٨١

وَقَالَ (علیه السلام): ثَمَرَةُ التَّفْرِيطِ النَّدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الْحَزْمِ السَّلَامَةُ.

الحكمة ١٨٢

وَقَالَ (علیه السلام): لَا خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.

الحكمة ١٨٣

وَقَالَ (علیه السلام): مَا اخْتَلَفَتْ دَعْوَتَانِ، إِلَّا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ضَلَالَةً.

الحكمة ١٨٤

وَقَالَ (علیه السلام): مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ.

الحكمة ١٨٥

وَقَالَ (عليه السّلام) مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِّبْتُ وَلَا ضَلَلْتُ وَلَا ضُلَّ بِي.

الحكمة ١٨٦

وَقَالَ (علیه السلام): لِلظَّالِمِ الْبَادِي غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ.

الحكمة ١٨٧

وَقَالَ (علیه السلام): الرَّحِيلُ وَشِيكٌ.

الحكمة ١٨٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ، هَلَكَ.

الحكمة ١٨٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصَّبْرُ، أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ.

الحكمة ١٩۰

وَقَالَ (علیه السلام): وَا عَجَبَاهْ! أَ تَكُونُ الْخِلَافَةُ بِالصَّحَابَةِ [وَلَا تَكُونَ بِالصَّحَابَةِ] وَالْقَرَابَةِ؟
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي رحمه الله تعالى وروي له شعر في هذا المعنى: فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم فكيف بهذا والمشيرون غيب وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم فغيرك أولى بالنبي وأقرب

الحكمة ١٩١

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّمَا الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيهِ الْمَنَايَا وَنَهْبٌ تُبَادِرُهُ الْمَصَائِبُ، وَمَعَ كُلِّ جُرْعَةٍ شَرَقٌ وَفِي كُلِّ أَكْلَةٍ غَصَصٌ؛ وَلَا يَنَالُ الْعَبْدُ نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَلَا يَسْتَقْبِلُ يَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا بِفِرَاقِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ؛ فَنَحْنُ أَعْوَانُ الْمَنُونِ وَأَنْفُسُنَا نَصْبُ الْحُتُوفِ؛ فَمِنْ أَيْنَ نَرْجُو الْبَقَاءَ، وَهَذَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَمْ يَرْفَعَا مِنْ شَيْءٍ شَرَفاً إِلَّا أَسْرَعَا الْكَرَّةَ فِي هَدْمِ مَا بَنَيَا وَتَفْرِيقِ مَا جَمَعَا؟!

الحكمة ١٩٢

وَقَالَ (علیه السلام): يَا ابْنَ آدَمَ، مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ، فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ.

الحكمة ١٩٣

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالًا وَإِدْبَاراً، فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا، فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أُكْرِهَ عَمِيَ.

الحكمة ١٩٤

وَكَانَ (علیه السلام) يَقُولُ: مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ؟ أَحِينَ أَعْجِزُ عَنِ الِانْتِقَامِ، فَيُقَالُ لِي لَوْ صَبَرْتَ؟ أَمْ حِينَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لِي لَوْ عَفَوْتَ [غفرت].

الحكمة ١٩٥

وَقَالَ (علیه السلام) وَقَدْ مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَى مَزْبَلَةٍ: هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ الْبَاخِلُونَ.
وَرُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْسِ!

الحكمة ١٩٦

وَقَالَ (علیه السلام): لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ.

الحكمة ١٩٧

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ.

الحكمة ١٩٨

وَقَالَ (علیه السلام) لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْخَوَارِجِ: "لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ" :كَلِمَةُ حَقٍّ، يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ.

الحكمة ١٩٩

وَقَالَ (علیه السلام) فِي صِفَةِ الْغَوْغَاءِ: هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا. وَقِيلَ: بَلْ قَالَ (علیه السلام): هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا وَإِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا، فَقِيلَ: قَدْ عَرَفْنَا مَضَرَّةَ اجْتِمَاعِهِمْ، فَمَا مَنْفَعَةُ افْتِرَاقِهِمْ؟ فَقَالَ: يَرْجِعُ أَصْحَابُ الْمِهَنِ إِلَى مِهْنَتِهِمْ، فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ، كَرُجُوعِ الْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ وَالنَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ وَالْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِه.

الحكمة ٢۰۰

وَقَالَ (علیه السلام) وَأُتِيَ بِجَانٍ وَمَعَهُ غَوْغَاءُ، فَقَالَ: لَا مَرْحَباً بِوُجُوهٍ لَا تُرَى إِلَّا عِنْدَ كُلِّ سَوْأَةٍ.

الحكمة ٢۰١

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ؛ فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَإِنَّ الْأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ.

الحكمة ٢۰٢

وَقَالَ (علیه السلام)، وَقَدْ قَالَ لَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ: نُبَايِعُكَ عَلَى أَنَّا شُرَكَاؤُكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ: لَا، وَلَكِنَّكُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقُوَّةِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَعَوْنَانِ عَلَى الْعَجْزِ وَالْأَوَدِ.

الحكمة ٢۰٣

وَقَالَ (علیه السلام): أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ؛ وَبَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ.

الحكمة ٢۰٤

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ لَا يَشْكُرُهُ لَكَ، فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَسْتَمْتِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَقَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ؛ "وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".

الحكمة ٢۰٥

وَقَالَ (علیه السلام): كُلُّ وِعَاءٍ يَضِيقُ بِمَا جُعِلَ فِيهِ، إِلَّا وِعَاءَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ بِهِ.

الحكمة ٢۰٦

وَقَالَ (علیه السلام): أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ، أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِل.

الحكمة ٢۰٧

وَقَالَ (علیه السلام): إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ.

الحكمة ٢۰٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ، وَمَنْ خَافَ أَمِنَ، وَمَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ، وَمَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ، وَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ.

الحكمة ٢۰٩

وَقَالَ (علیه السلام): لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا، عَطْفَ الضَّرُوسِ عَلَى وَلَدِهَا؛ وَتَلَا عَقِيبَ ذَلِكَ: "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ".

الحكمة ٢١۰

وَقَالَ (علیه السلام): اتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِيدا،ً وَجَدَّ تَشْمِيراً، وَكَمَّشَ فِي مَهَلٍ وَبَادَرَ عَنْ وَجَلٍ، وَنَظَرَ فِي كَرَّةِ الْمَوْئِلِ وَعَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ وَمَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ.

الحكمة ٢١١

وَقَالَ (علیه السلام): الْجُودُ حَارِسُ الْأَعْرَاضِ، وَالْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِيهِ، وَالْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ، وَالسُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ، وَالِاسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ، وَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ، وَالصَّبْرُ يُنَاضِلُ الْحِدْثَانَ، وَالْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ، وَأَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى، وَكَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ [عِنْدَ] هَوَى أَمِيرٍ، وَمِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ، وَالْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ، وَلَا تَأْمَنَنَّ مَلُولاً.

الحكمة ٢١٢

وَقَالَ (علیه السلام): عُجْبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ.

الحكمة ٢١٣

وَقَالَ (علیه السلام): أَغْضِ عَلَى الْقَذَى وَالْأَلَمِ، تَرْضَ أَبَداً.

الحكمة ٢١٤

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ لَانَ عُودُهُ، كَثُفَتْ أَغْصَانُهُ.

الحكمة ٢١٥

وَقَالَ (علیه السلام): الْخِلَافُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ.

الحكمة ٢١٦

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ نَالَ، اسْتَطَالَ.

الحكمة ٢١٧

وَقَالَ (علیه السلام): فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ، عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ.

الحكمة ٢١٨

وَقَالَ (علیه السلام): حَسَدُ الصَّدِيقِ، مِنْ سُقْمِ الْمَوَدَّةِ.

الحكمة ٢١٩

وَقَالَ (علیه السلام): أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ، تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ.

الحكمة ٢٢٠

وَقَالَ (علیه السلام): لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ، الْقَضَاءُ عَلَى الثِّقَةِ بِالظَّنِ.

الحكمة ٢٢١

وَقَالَ (علیه السلام): بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ، الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ.

الحكمة ٢٢٢

وَقَالَ (علیه السلام): مِنْ أَشْرَفِ أَعْمَالِ [احوال] الْكَرِيمِ، غَفْلَتُهُ عَمَّا يَعْلَم.

الحكمة ٢٢٣

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ، لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ.

الحكمة ٢٢٤

وَقَالَ (علیه السلام): بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ، وَبِالنَّصَفَةِ يَكْثُرُ الْمُوَاصِلُونَ، وَبِالْإِفْضَالِ تَعْظُمُ الْأَقْدَارُ، وَبِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ، وَبِاحْتِمَالِ الْمُؤَنِ يَجِبُ السُّؤْدُدُ، وَبِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِئُ، وَبِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِيهِ تَكْثُرُ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِ.

الحكمة ٢٢٥

وَقَالَ (علیه السلام): الْعَجَبُ لِغَفْلَةِ الْحُسَّادِ، عَنْ سَلَامَةِ الْأَجْسَادِ!

الحكمة ٢٢٦

وَقَالَ (علیه السلام): الطَّامِعُ فِي وِثَاقِ الذُّلِ.

الحكمة ٢٢٧

وَسُئِلَ عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَالَ: الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.

الحكمة ٢٢٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَصْبَحَ عَلَى الدُّنْيَا حَزِيناً، فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سَاخِطاً؛ وَمَنْ أَصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ، فَقَدْ أَصْبَحَ يَشْكُو رَبَّهُ؛ وَمَنْ أَتَى غَنِيّاً فَتَوَاضَعَ لَهُ لِغِنَاهُ، ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ؛ وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، فَهُوَ مِمَّنْ كَانَ يَتَّخِذُ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً؛ وَمَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا، الْتَاطَ قَلْبُهُ مِنْهَا بِثَلَاثٍ: هَمٍّ لَا يُغِبُّهُ، وَحِرْصٍ لَا يَتْرُكُهُ، وَأَمَلٍ لَا يُدْرِكُهُ.

الحكمة ٢٢٩

وَقَالَ (علیه السلام): كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً، وَبِحُسْنِ الْخُلُقِ نَعِيماً؛ وَسُئِلَ (علیه السلام) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى "فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً"، فَقَالَ: هِيَ الْقَنَاعَةُ.

الحكمة ٢٣۰

وَقَالَ (علیه السلام): شَارِكُوا الَّذِي قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ، فَإِنَّهُ أَخْلَقُ لِلْغِنَى وَأَجْدَرُ بِإِقْبَالِ الْحَظِّ عَلَيْهِ.

الحكمة ٢٣١

وَقَالَ (علیه السلام): فِي قَوْلِهِ تَعَالَى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ"، الْعَدْلُ الْإِنْصَافُ، وَالْإِحْسَانُ التَّفَضُّلُ.

الحكمة ٢٣٢

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ، يُعْطَ بِالْيَدِ الطَّوِيلَةِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي رحمه الله تعالى ومعنى ذلك أن ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير والبر -وإن كان يسيراً- فإن الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيما كثيراً؛واليدان هاهنا عبارة عن النعمتين ففرّق (علیه السلام) بين نعمة العبد ونعمة الرب تعالى ذكره بالقصيرة والطويلة، فجعل تلك قصيرة وهذه طويلة لأن نعم الله أبدا تضعف على نعم المخلوق أضعافاً كثيرة إذ كانت نعم الله أصل النعم كلها فكل نعمة إليها ترجع ومنها تنزع.

الحكمة ٢٣٣

وَقَالَ (علیه السلام) لِابْنِهِ الْحَسَنِ (علیه السلام): لَا تَدْعُوَنَّ إِلَى مُبَارَزَةٍ، وَإِنْ دُعِيتَ إِلَيْهَا فَأَجِبْ؛ فَإِنَّ الدَّاعِيَ إِلَيْهَا بَاغٍ، وَالْبَاغِيَ مَصْرُوعٌ.

الحكمة ٢٣٤

وَقَالَ (علیه السلام): خِيَارُ خِصَالِ النِّسَاءِ، شِرَارُ خِصَالِ الرِّجَالِ: الزَّهْوُ وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ؛ فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِذَا كَانَتْ بَخِيلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا وَمَالَ بَعْلِهَا، وَإِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَعْرِضُ لَهَا.

الحكمة ٢٣٥

وَقِيلَ لَهُ صِفْ لَنَا الْعَاقِلَ، فَقَالَ (علیه السلام): هُوَ الَّذِي يَضَعُ الشَّيْءَ مَوَاضِعَهُ؛ فَقِيلَ: فَصِفْ لَنَا الْجَاهِلَ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: يعني أن الجاهل هو الذي لا يضع الشيء مواضعه فكأن ترك صفته صفة له إذ كان بخلاف وصف العاقل.

الحكمة ٢٣٦

وَقَالَ (علیه السلام): وَاللَّهِ لَدُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَهْوَنُ فِي عَيْنِي مِنْ عِرَاقِ خِنْزِيرٍ فِي يَدِ مَجْذُومٍ.

الحكمة ٢٣٧

وَقَالَ (عليه ‏السلام): إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ.

الحكمة ٢٣٨

وَقَالَ (عليه السلام): الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا، وَشَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا.

الحكمة ٢٣٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ أَطَاعَ التَّوَانِيَ ضَيَّعَ الْحُقُوقَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْوَاشِيَ ضَيَّعَ الصَّدِيقَ.

الحكمة ٢٤۰

وَقَالَ (علیه السلام): الْحَجَرُ الْغَصِيبُ فِي الدَّارِ، رَهْنٌ عَلَى خَرَابِهَا.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: ويُروى هذا الكلام عن النبي (صلی الله علیه وآله) ولا عجب أن يشتبه الكلامان، لأن مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوب.

الحكمة ٢٤١

وَقَالَ (علیه السلام): يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ، أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ.

الحكمة ٢٤٢

وَقَالَ (علیه السلام): اتَّقِ اللَّهَ بَعْضَ التُّقَى وَإِنْ قَلَّ، وَاجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ سِتْراً وَإِنْ رَقَّ.

الحكمة ٢٤٣

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا ازْدَحَمَ الْجَوَابُ، خَفِيَ الصَّوَابُ.

الحكمة ٢٤٤

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ لِلَّهِ [تَعَالَى] فِي كُلِّ نِعْمَةٍ حَقّاً؛ فَمَنْ أَدَّاهُ زَادَهُ مِنْهَا، وَمَنْ قَصَّرَ فِيهِ خَاطَرَ بِزَوَالِ نِعْمَتِهِ.

الحكمة ٢٤٥

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا كَثُرَتِ الْمَقْدِرَةُ، قَلَّتِ الشَّهْوَةُ.

الحكمة ٢٤٦

وَقَالَ (علیه السلام): احْذَرُوا نِفَارَ النِّعَمِ، فَمَا كُلُّ شَارِدٍ بِمَرْدُودٍ.

الحكمة ٢٤٧

وَقَالَ (علیه السلام): الْكَرَمُ، أَعْطَفُ مِنَ الرَّحِمِ.

الحكمة ٢٤٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً، فَصَدِّقْ ظَنَّهُ.

الحكمة ٢٤٩

وَقَالَ (علیه السلام): أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، مَا أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ.

الحكمة ٢٥۰

وَقَالَ (علیه السلام): عَرَفْتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ الْعَزَائِمِ، وَحَلِّ الْعُقُودِ، وَنَقْضِ الْهِمَم.

الحكمة ٢٥١

وَقَالَ (علیه السلام): مَرَارَةُ الدُّنْيَا، حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ؛ وَحَلَاوَةُ الدُّنْيَا، مَرَارَةُ الْآخِرَةِ.

الحكمة ٢٥٢

وَقَالَ (علیه السلام): فَرَضَ اللَّهُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلَاةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ، وَالصِّيَامَ ابْتِلَاءً لِإِخْلَاصِ الْخَلْقِ، وَالْحَجَّ تَقْرِبَةً لِلدِّينِ، وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ، وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ، وَتَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ، وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ، وَتَرْكَ الزِّنَى تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ، وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ، وَالشَّهَادَاتِ اسْتِظْهَاراً عَلَى الْمُجَاحَدَاتِ، وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ، وَالسَّلَامَ [والاسلام] أَمَاناً مِنَ الْمَخَاوِفِ، وَالْأَمَانَةَ [الامامة] نِظَاماً لِلْأُمَّةِ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلْإِمَامَةِ.

الحكمة ٢٥٣

وَكَانَ (علیه السلام) يَقُولُ: أَحْلِفُوا الظَّالِمَ -إِذَا أَرَدْتُمْ يَمِينَهُ- بِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ حَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِهَا كَاذِباً، عُوجِلَ الْعُقُوبَةَ؛ وَإِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَمْ يُعَاجَلْ، لِأَنَّهُ قَدْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى.

الحكمة ٢٥٤

وَقَالَ (علیه السلام): يَا ابْنَ آدَمَ كُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ فِي مَالِكَ، وَاعْمَلْ فِيهِ مَا تُؤْثِرُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ مِنْ بَعْدِكَ.

الحكمة ٢٥٥

وَقَالَ (علیه السلام): الْحِدَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ، لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَنْدَمُ؛ فَإِنْ لَمْ يَنْدَمْ، فَجُنُونُهُ مُسْتَحْكِمٌ.

الحكمة ٢٥٦

وَقَالَ (علیه السلام): صِحَّةُ الْجَسَدِ، مِنْ قِلَّةِ الْحَسَدِ.

الحكمة ٢٥٧

وَقَالَ (علیه السلام) لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ: يَا كُمَيْلُ مُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَرُوحُوا فِي كَسْبِ الْمَكَارِمِ، وَيُدْلِجُوا فِي حَاجَةِ مَنْ هُوَ نَائِمٌ؛ فَوَالَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، مَا مِنْ أَحَدٍ أَوْدَعَ قَلْباً سُرُوراً إِلَّا وَخَلَقَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ السُّرُورِ لُطْفاً؛ فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَائِبَةٌ [نازلة] جَرَى إِلَيْهَا كَالْمَاءِ فِي انْحِدَارِهِ حَتَّى يَطْرُدَهَا عَنْهُ، كَمَا تُطْرَدُ غَرِيبَةُ الْإِبِلِ.

الحكمة ٢٥٨

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا أَمْلَقْتُمْ، فَتَاجِرُوا اللَّهَ بِالصَّدَقَةِ.

الحكمة ٢٥٩

وَقَالَ (علیه السلام): الْوَفَاءُ لِأَهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَالْغَدْرُ بِأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ.

الحكمة ٢٦۰

وَقَالَ (علیه السلام): كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَمَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ، وَمَا ابْتَلَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أن فيه هاهنا زيادة جيّدة مفيدة.

الحكمة ٢٦١

وَقَالَ (علیه السلام) لَمَّا بَلَغَهُ إِغَارَةُ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْأَنْبَارِ، فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ مَاشِياً حَتَّى أَتَى النُّخَيْلَةَ وَأَدْرَكَهُ النَّاسُ وَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ نَكْفِيكَهُمْ، فَقَالَ:
مَا تَكْفُونَنِي أَنْفُسَكُمْ فَكَيْفَ تَكْفُونَنِي غَيْرَكُمْ؟ إِنْ كَانَتِ الرَّعَايَا قَبْلِي لَتَشْكُو حَيْفَ رُعَاتِهَا، وَإِنَّنِي الْيَوْمَ لَأَشْكُو حَيْفَ رَعِيَّتِي؛ كَأَنَّنِي الْمَقُودُ وَهُمُ الْقَادَةُ، أَوِ الْمَوْزُوعُ وَهُمُ الْوَزَعَةُ!
فلما قال (علیه السلام) هذا القول في كلام طويل قد ذكرنا مختاره في جملة الخطب تقدم إليه رجلان من أصحابه فقال أحدهما: إني لا أملك إلا نفسي وأخي، فَمُر بأمرك يا أمير المؤمنين ننقد له، فقال (علیه السلام) وَأَيْنَ تَقَعَانِ مِمَّا أُرِيدُ؟

الحكمة ٢٦٢

وَقِيلَ إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ حَوْطٍ أَتَاهُ (علیه السلام) فَقَالَ أَتَرَانِي أَظُنُّ [أَنَ] أَصْحَابَ الْجَمَلِ كَانُوا عَلَى ضَلَالَةٍ؟
فَقَالَ (علیه السلام): يَا حَارِثُ، إِنَّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ وَلَمْ تَنْظُرْ فَوْقَكَ، فَحِرْتَ! إِنَّكَ لَمْ تَعْرِفِ الْحَقَّ، فَتَعْرِفَ مَنْ أَتَاهُ، وَلَمْ تَعْرِفِ الْبَاطِلَ، فَتَعْرِفَ مَنْ أَتَاهُ [اباه].
فَقَالَ الْحَارِثُ فَإِنِّي أَعْتَزِلُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. فَقَالَ (علیه السلام):
إِنَّ سَعِيداً وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَنْصُرَا الْحَقَّ وَلَمْ يَخْذُلَا الْبَاطِلَ.

الحكمة ٢٦٣

وَقَالَ (علیه السلام): صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الْأَسَدِ: يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ.

الحكمة ٢٦٤

وَقَالَ (علیه السلام): أَحْسِنُوا فِي عَقِبِ غَيْرِكُمْ، تُحْفَظُوا فِي عَقِبِكُمْ.

الحكمة ٢٦٥

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ كَلَامَ الْحُكَمَاءِ إِذَا كَانَ صَوَاباً، كَانَ دَوَاءً؛ وَإِذَا كَانَ خَطَأً، كَانَ دَاء.

الحكمة ٢٦٦

وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُعَرِّفَهُ الْإِيمَانَ، فَقَالَ (علیه السلام): إِذَا كَانَ الْغَدُ فَأْتِنِي حَتَّى أُخْبِرَكَ عَلَى أَسْمَاعِ النَّاسِ، فَإِنْ نَسِيتَ مَقَالَتِي حَفِظَهَا عَلَيْكَ غَيْرُكَ، فَإِنَّ الْكَلَامَ كَالشَّارِدَةِ يَنْقُفُهَا [يَثْقَفُهَا] هَذَا وَيُخْطِئُهَا هَذَا.
وقد ذكرنا ما أجابه به فيما تقدم من هذا الباب وهو قوله: الإيمان على أربع شعب.

الحكمة ٢٦٧

وَقَالَ (علیه السلام): يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلَى يَوْمِكَ [عمرك] الَّذِي قَدْ أَتَاكَ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ مِنْ عُمُرِكَ يَأْتِ اللَّهُ فِيهِ بِرِزْقِكَ.

الحكمة ٢٦٨

وَقَالَ (علیه السلام): أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا؛ وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا.

الحكمة ٢٦٩

وَقَالَ (علیه السلام): النَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَامِلَانِ، عَامِلٌ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا، قَدْ شَغَلَتْهُ دُنْيَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ، يَخْشَى عَلَى مَنْ يَخْلُفُهُ الْفَقْرَ وَيَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَيُفْنِي عُمُرَهُ فِي مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ؛ وَعَامِلٌ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا، فَجَاءَهُ الَّذِي لَهُ مِنَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ عَمَلٍ، فَأَحْرَزَ الْحَظَّيْنِ مَعاً وَمَلَكَ الدَّارَيْنِ جَمِيعاً، فَأَصْبَحَ وَجِيهاً عِنْدَ اللَّهِ، لَا يَسْأَلُ اللَّهَ حَاجَةً [شيئاً] فَيَمْنَعُهُ.

الحكمة ٢٧۰

وَرُوِيَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي أَيَّامِهِ حَلْيُ الْكَعْبَةِ وَكَثْرَتُهُ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَوْ أَخَذْتَهُ فَجَهَّزْتَ بِهِ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ وَمَا تَصْنَعُ الْكَعْبَةُ بِالْحَلْيِ؟ فَهَمَّ عُمَرُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ عَنْهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (علیه السلام) فَقَالَ:
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ (صلی الله علیه وآله) وَالْأَمْوَالُ أَرْبَعَةٌ: أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْفَرَائِضِ، وَالْفَيْءُ فَقَسَّمَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ، وَالْخُمُسُ فَوَضَعَهُ اللَّهُ حَيْثُ وَضَعَهُ، وَالصَّدَقَاتُ فَجَعَلَهَا اللَّهُ حَيْثُ جَعَلَهَا؛ وَكَانَ حَلْيُ الْكَعْبَةِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ فَتَرَكَهُ اللَّهُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ نِسْيَاناً وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ [عَنْهُ] مَكَاناً؛ فَأَقِرَّهُ حَيْثُ أَقَرَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْلَاكَ لَافْتَضَحْنَا. وَتَرَكَ الْحَلْيَ بِحَالِهِ.

الحكمة ٢٧١

فَقَالَ (علیه السلام): أَمَّا هَذَا فَهُوَ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، مَالُ اللَّهِ أَكَلَ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَأَمَّا الْآخَرُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ الشَّدِيدُ، فَقَطَعَ يَدَهُ.

الحكمة ٢٧٢

وَقَالَ (علیه السلام): لَوْ قَدِ اسْتَوَتْ قَدَمَايَ مِنْ هَذِهِ الْمَدَاحِضِ، لَغَيَّرْتُ أَشْيَاءَ.

الحكمة ٢٧٣

وَقَالَ (علیه السلام): اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً، أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَبْدِ -وَإِنْ عَظُمَتْ حِيلَتُهُ وَاشْتَدَّتْ طَلِبَتُهُ وَقَوِيَتْ مَكِيدَتُهُ- أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ، وَلَمْ يَحُلْ [يجعل] بَيْنَ الْعَبْدِ فِي ضَعْفِهِ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ مَا سُمِّيَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ؛ وَالْعَارِفُ لِهَذَا الْعَامِلُ بِهِ، أَعْظَمُ النَّاسِ رَاحَةً فِي مَنْفَعَةٍ، وَالتَّارِكُ لَهُ الشَّاكُّ فِيهِ، أَعْظَمُ النَّاسِ شُغُلًا فِي مَضَرَّةٍ؛ وَرُبَّ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ مُسْتَدْرَجٌ بِالنُّعْمَى، وَرُبَّ مُبْتَلًى مَصْنُوعٌ لَهُ بِالْبَلْوَى! فَزِدْ أَيُّهَا الْمُسْتَنْفِعُ فِي شُكْرِكَ، وَقَصِّرْ مِنْ عَجَلَتِكَ، وَقِفْ عِنْدَ مُنْتَهَى رِزْقِكَ.

الحكمة ٢٧٤

وَقَالَ (علیه السلام): لَا تَجْعَلُوا عِلْمَكُمْ جَهْلًا، وَيَقِينَكُمْ شَكّاً؛ إِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا، وَإِذَا تَيَقَّنْتُمْ فَأَقْدِمُوا.

الحكمة ٢٧٥

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ الطَّمَعَ مُورِدٌ غَيْرُ مُصْدِرٍ وَضَامِنٌ غَيْرُ وَفِيٍّ، وَرُبَّمَا شَرِقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رِيِّهِ، وَكُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الشَّيْءِ الْمُتَنَافَسِ فِيهِ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ لِفَقْدِهِ، وَالْأَمَانِيُّ تُعْمِي أَعْيُنَ الْبَصَائِرِ، وَالْحَظُّ يَأْتِي مَنْ لَا يَأْتِيهِ.

الحكمة ٢٧٦

وَقَالَ (علیه السلام): اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُحَسِّنَ فِي لَامِعَةِ الْعُيُونِ عَلَانِيَتِي وَتُقَبِّحَ فِيمَا أُبْطِنُ لَكَ سَرِيرَتِي؛ مُحَافِظاً عَلَى رِثَاءِ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي بِجَمِيعِ مَا أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ مِنِّي، فَأُبْدِيَ لِلنَّاسِ حُسْنَ ظَاهِرِي وَأُفْضِيَ إِلَيْكَ بِسُوءِ عَمَلِي، تَقَرُّباً إِلَى عِبَادِكَ وَتَبَاعُداً مِنْ مَرْضَاتِك.

الحكمة ٢٧٧

وَقَالَ (علیه السلام): لَا، وَالَّذِي أَمْسَيْنَا مِنْهُ فِي غُبْرِ لَيْلَةٍ دَهْمَاءَ تَكْشِرُ عَنْ يَوْمٍ أَغَرَّ، مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا.

الحكمة ٢٧٨

وَقَالَ (علیه السلام): قَلِيلٌ تَدُومُ عَلَيْهِ، أَرْجَى مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ.

الحكمة ٢٧٩

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا أَضَرَّتِ النَّوَافِلُ بِالْفَرَائِضِ، فَارْفُضُوهَا.

الحكمة ٢٨۰

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ تَذَكَّرَ بُعْدَ السَّفَرِ، إسْتَعَدَّ.

الحكمة ٢٨١

وَقَالَ (علیه السلام): لَيْسَتِ الرَّوِيَّةُ كَالْمُعَايَنَةِ مَعَ الْإِبْصَارِ، فَقَدْ تَكْذِبُ الْعُيُونُ أَهْلَهَا، وَلَا يَغُشُّ الْعَقْلُ مَنِ اسْتَنْصَحَهُ‏.

الحكمة ٢٨٢

وَقَالَ (علیه السلام): بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابٌ مِنَ الْغِرَّةِ.

الحكمة ٢٨٣

وَقَالَ (علیه السلام): جَاهِلُكُمْ مُزْدَادٌ، وَعَالِمُكُمْ مُسَوِّفٌ.

الحكمة ٢٨٤

وَقَالَ (علیه السلام): قَطَعَ الْعِلْمُ عُذْرَ الْمُتَعَلِّلِينَ.

الحكمة ٢٨٥

وَقَالَ (علیه السلام): كُلُّ مُعَاجَلٍ يَسْأَلُ الْإِنْظَارَ، وَكُلُّ مُؤَجَّلٍ يَتَعَلَّلُ بِالتَّسْوِيف.

الحكمة ٢٨٦

وَقَالَ (علیه السلام): مَا قَالَ النَّاسُ لِشَيْءٍ طُوبَى لَهُ، إِلَّا وَقَدْ خَبَأَ لَهُ الدَّهْرُ يَوْمَ سَوْءٍ.

الحكمة ٢٨٧

وَسُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ (علیه السلام): طَرِيقٌ مُظْلِمٌ فَلَا تَسْلُكُوهُ، وَبَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجُوهُ، وَسِرُّ اللَّهِ فَلَا تَتَكَلَّفُوه.

الحكمة ٢٨٨

وَقَالَ (علیه السلام): إِذَا أَرْذَلَ اللَّهُ عَبْداً، حَظَرَ عَلَيْهِ الْعِلْمَ.

الحكمة ٢٨٩

وَقَالَ (علیه السلام): كَانَ لِي فِيمَا مَضَى أَخٌ فِي اللَّهِ، وَكَانَ يُعْظِمُهُ فِي عَيْنِي صِغَرُ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ. وَكَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ، فَلَا يَشْتَهِي مَا لَا يَجِدُ وَلَا يُكْثِرُ إِذَا وَجَدَ. وَكَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَامِتاً، فَإِنْ قَالَ بَذَّ الْقَائِلِينَ وَنَقَعَ غَلِيلَ السَّائِلِينَ. وَكَانَ ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً، فَإِنْ جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ لَيْثُ غَابٍ وَصِلُّ وَادٍ. لَا يُدْلِي بِحُجَّةٍ حَتَّى يَأْتِيَ قَاضِياً، وَكَانَ لَا يَلُومُ أَحَداً عَلَى مَا يَجِدُ الْعُذْرَ فِي مِثْلِهِ حَتَّى يَسْمَعَ اعْتِذَارَهُ. وَكَانَ لَا يَشْكُو وَجَعاً إِلَّا عِنْدَ بُرْئِهِ. وَكَانَ يَقُولُ مَا يَفْعَلُ وَلَا يَقُولُ مَا لَا يَفْعَلُ. وَكَانَ إِذَا غُلِبَ عَلَى الْكَلَامِ لَمْ يُغْلَبْ عَلَى السُّكُوتِ، وَكَانَ عَلَى مَا يَسْمَعُ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ. وَكَانَ إِذَا بَدَهَهُ أَمْرَانِ، يَنْظُرُ أَيُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى الْهَوَى، [فَخَالَفَهُ] فَيُخَالِفُهُ. فَعَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْخَلَائِقِ [الاخلاق] فَالْزَمُوهَا وَتَنَافَسُوا فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوهَا، فَاعْلَمُوا أَنَّ أَخْذَ الْقَلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثِير.

الحكمة ٢٩۰

وَقَالَ (علیه السلام): لَوْ لَمْ يَتَوَعَّدِ اللَّهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، لَكَانَ يَجِبُ أَلَّا يُعْصَى شُكْراً لِنِعَمِهِ.

الحكمة ٢٩١

وَقَالَ (علیه السلام)، وَقَدْ عَزَّى الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ عَنِ ابْنٍ لَهُ: يَا أَشْعَثُ، إِنْ تَحْزَنْ عَلَى ابْنِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ مِنْكَ ذَلِكَ الرَّحِمُ، وَإِنْ تَصْبِرْ فَفِي اللَّهِ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ خَلَفٌ. يَا أَشْعَثُ إِنْ صَبَرْتَ، جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأْجُورٌ، وَإِنْ جَزِعْتَ، جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأْزُورٌ. يَا أَشْعَثُ ابْنُكَ سَرَّكَ وَهُوَ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ، وَحَزَنَكَ وَهُوَ ثَوَابٌ وَرَحْمَةٌ.

الحكمة ٢٩٢

وَقَالَ (علیه السلام) عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صلی الله علیه وآله) سَاعَةَ دَفْنِهِ: إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلَّا عَنْكَ، وَإِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِيحٌ إِلَّا عَلَيْكَ، وَإِنَّ الْمُصَابَ بِكَ لَجَلِيلٌ وَإِنَّهُ قَبْلَكَ وَبَعْدَكَ لَجَلَلٌ.

الحكمة ٢٩٣

وَقَالَ (علیه السلام): لَا تَصْحَبِ الْمَائِقَ، فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ وَيَوَدُّ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ.

الحكمة ٢٩٤

وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَقَالَ (علیه السلام): مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلشَّمْسِ.

الحكمة ٢٩٥

وَقَالَ (علیه السلام): أَصْدِقَاؤُكَ ثَلَاثَةٌ وَأَعْدَاؤُكَ ثَلَاثَةٌ؛ فَأَصْدِقَاؤُكَ: صَدِيقُكَ وَصَدِيقُ صَدِيقِكَ وَعَدُوُّ عَدُوِّكَ؛ وَأَعْدَاؤُكَ: عَدُوُّكَ وَعَدُوُّ صَدِيقِكَ وَصَدِيقُ عَدُوِّك.

الحكمة ٢٩٦

وَقَالَ (علیه السلام) لِرَجُلٍ رَآهُ يَسْعَى عَلَى عَدُوٍّ لَهُ بِمَا فِيهِ إِضْرَارٌ بِنَفْسِهِ: إِنَّمَا أَنْتَ كَالطَّاعِنِ نَفْسَهُ لِيَقْتُلَ رِدْفَهُ.

الحكمة ٢٩٧

وَقَالَ (علیه السلام): مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ وَأَقَلَّ الِاعْتِبَارَ!.

الحكمة ٢٩٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ بَالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أَثِمَ، وَمَنْ قَصَّرَ فِيهَا ظُلِمَ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ مَنْ خَاصَمَ.

الحكمة ٢٩٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَا أَهَمَّنِي ذَنْبٌ أُمْهِلْتُ بَعْدَهُ، حَتَّى أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَأَسْأَلَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.

الحكمة ٣۰۰

وَسُئِلَ (علیه السلام): كَيْفَ يُحَاسِبُ اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَى كَثْرَتِهِمْ؟ فَقَالَ (علیه السلام) كَمَا يَرْزُقُهُمْ عَلَى كَثْرَتِهِمْ. فَقِيلَ: كَيْفَ يُحَاسِبُهُمْ وَلَا يَرَوْنَهُ؟ فَقَالَ (علیه السلام): كَمَا يَرْزُقُهُمْ وَلَا يَرَوْنَهُ.

الحكمة ٣۰١

وَقَالَ (علیه السلام): رَسُولُكَ تَرْجُمَانُ عَقْلِكَ، وَكِتَابُكَ أَبْلَغُ مَا يَنْطِقُ عَنْكَ‏!

الحكمة ٣۰٢

وَقَالَ (علیه السلام): مَا الْمُبْتَلَى الَّذِي قَدِ اشْتَدَّ بِهِ الْبَلَاءُ، بِأَحْوَجَ إِلَى الدُّعَاءِ الَّذِي لَا يَأْمَنُ الْبَلَاء!

الحكمة ٣۰٣

وَقَالَ (علیه السلام): النَّاسُ أَبْنَاءُ الدُّنْيَا، وَلَا يُلَامُ الرَّجُلُ عَلَى حُبِّ أُمِّهِ‏.

الحكمة ٣۰٤

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ الْمِسْكِينَ رَسُولُ اللَّهِ، فَمَنْ مَنَعَهُ فَقَدْ مَنَعَ اللَّهَ، وَمَنْ أَعْطَاهُ فَقَدْ أَعْطَى اللَّهَ.

الحكمة ٣۰٥

وَقَالَ (علیه السلام): مَا زَنَى غَيُورٌ قَطُّ.

الحكمة ٣۰٦

وَقَالَ (علیه السلام): كَفَى بِالْأَجَلِ حَارِساً!

الحكمة ٣۰٧

وَقَالَ (علیه السلام): يَنَامُ الرَّجُلُ عَلَى الثُّكْلِ، وَلَا يَنَامُ عَلَى الْحَرَبِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: ومعنى ذلك أنه يصبر على قتل الأولاد ولا يصبر على سلب الأموال.

الحكمة ٣۰٨

وَقَالَ (علیه السلام): مَوَدَّةُ الْآبَاءِ، قَرَابَةٌ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ؛ وَالْقَرَابَةُ إِلَى الْمَوَدَّةِ، أَحْوَجُ مِنَ الْمَوَدَّةِ إِلَى الْقَرَابَةِ.

الحكمة ٣۰٩

وَقَالَ (علیه السلام): اتَّقُوا ظُنُونَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ.

الحكمة ٣١۰

وَقَالَ (علیه السلام): لَا يَصْدُقُ إِيمَانُ عَبْدٍ، حَتَّى يَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ، أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِه.

الحكمة ٣١١

وَقَالَ (علیه السلام) لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَدْ كَانَ بَعَثَهُ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَصْرَةِ يُذَكِّرُهُمَا شَيْئاً مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلی الله علیه وآله) فِي مَعْنَاهُمَا، فَلَوَى عَنْ ذَلِكَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أُنْسِيتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ، فَقَالَ (علیه السلام): إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللَّهُ بِهَا بَيْضَاءَ لَامِعَةً لَا تُوَارِيهَا الْعِمَامَةُ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: يعني البرص، فأصاب أنساً هذا الداء فيما بعد في وجهه فكان لا يرى إلا مبرقعاً.

الحكمة ٣١٢

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالًا وَإِدْبَاراً؛ فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى النَّوَافِلِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِضِ.

الحكمة ٣١٣

وَقَالَ (علیه السلام): "وَفِي الْقُرْآنِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ".

الحكمة ٣١٤

وَقَالَ (علیه السلام): رُدُّوا الْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ، فَإِنَّ الشَّرَّ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا الشَّر.

الحكمة ٣١٥

وَقَالَ (علیه السلام) لِكَاتِبِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ: أَلِقْ دَوَاتَكَ، وَأَطِلْ جِلْفَةَ قَلَمِكَ، وَفَرِّجْ بَيْنَ السُّطُورِ، وَقَرْمِطْ بَيْنَ الْحُرُوفِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْدَرُ بِصَبَاحَةِ الْخَطِّ.

الحكمة ٣١٦

وَقَالَ (علیه السلام): أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الْفُجَّارِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: ومعنى ذلك أن المؤمنين يتبعونني والفجار يتبعون المال كما تتبع النحل يعسوبها وهو رئيسها.

الحكمة ٣١٧

وَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْيَهُودِ: مَا دَفَنْتُمْ نَبِيَّكُمْ حَتَّى اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ! فَقَالَ (علیه السلام) لَهُ: إِنَّمَا اخْتَلَفْنَا عَنْهُ لَا فِيهِ، وَلَكِنَّكُمْ مَا جَفَّتْ أَرْجُلُكُمْ مِنَ الْبَحْرِ حَتَّى قُلْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ "اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ، قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ".

الحكمة ٣١٨

وَقِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ غَلَبْتَ الْأَقْرَانَ؟ فَقَالَ (علیه السلام): مَا لَقِيتُ رَجُلًا، إِلَّا أَعَانَنِي عَلَى نَفْسِهِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: يومئ بذلك إلى تمكن هيبته في القلوب.

الحكمة ٣١٩

وَقَالَ (علیه السلام) لِابْنِهِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: يَا بُنَيَّ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ الْفَقْرَ، فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الْفَقْرَ مَنْقَصَةٌ لِلدِّينِ، مَدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ، دَاعِيَةٌ لِلْمَقْتِ!

الحكمة ٣٢۰

وَقَالَ (علیه السلام) لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنْ مُعْضِلَةٍ: سَلْ تَفَقُّهاً، وَلَا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً؛ فَإِنَّ الْجَاهِلَ الْمُتَعَلِّمَ شَبِيهٌ بِالْعَالِمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ الْمُتَعَسِّفَ [المتعنّف] شَبِيهٌ بِالْجَاهِلِ الْمُتَعَنِّتِ.

الحكمة ٣٢١

وَقَالَ (علیه السلام) لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ لَمْ يُوَافِقْ رَأْيَهُ: لَكَ أَنْ تُشِيرَ عَلَيَّ وَأَرَى، فَإِنْ عَصَيْتُكَ فَأَطِعْنِي.

الحكمة ٣٢٢

وَرُوِيَ: أَنَّهُ (علیه السلام) لَمَّا وَرَدَ الْكُوفَةَ قَادِماً مِنْ صِفِّينَ مَرَّ بِالشِّبَامِيِّينَ، فَسَمِعَ بُكَاءَ النِّسَاءِ عَلَى قَتْلَى صِفِّينَ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبِيلَ الشِّبَامِيِّ وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ قَوْمِهِ، فَقَالَ (علیه السلام) لَهُ:
أَتَغْلِبُكُمْ [لا يغلبكم] نِسَاؤُكُمْ عَلَى مَا أَسْمَعُ؟ أَ لَا تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا الرَّنِينِ؟
وَأَقْبَلَ حَرْبٌ يَمْشِي مَعَهُ وَهُوَ (علیه السلام) رَاكِبٌ، فَقَالَ (علیه السلام):
ارْجِعْ، فَإِنَّ مَشْيَ مِثْلِكَ مَعَ مِثْلِي فِتْنَةٌ لِلْوَالِي وَمَذَلَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ.

الحكمة ٣٢٣

وَقَالَ (علیه السلام) وَقَدْ مَرَّ بِقَتْلَى الْخَوَارِجِ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ: بُؤْساً لَكُمْ، لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ. فَقِيلَ لَهُ مَنْ غَرَّهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: الشَّيْطَانُ الْمُضِلُّ وَالْأَنْفُسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ؛ غَرَّتْهُمْ بِالْأَمَانِيِّ وَفَسَحَتْ لَهُمْ بِالْمَعَاصِي وَوَعَدَتْهُمُ الْإِظْهَارَ، فَاقْتَحَمَتْ بِهِمُ النَّارَ.

الحكمة ٣٢٤

وَقَالَ (علیه السلام): اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللَّهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ.

الحكمة ٣٢٥

وَقَالَ (علیه السلام) لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّ حُزْنَنَا عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ سُرُورِهِمْ بِهِ، إِلَّا أَنَّهُمْ نَقَصُوا بَغِيضاً وَنَقَصْنَا حَبِيباً.

الحكمة ٣٢٦

وَقَالَ (علیه السلام): الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ إِلَى ابْنِ آدَمَ، سِتُّونَ سَنَة.

الحكمة ٣٢٧

وَقَالَ (علیه السلام): مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الْإِثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ.

الحكمة ٣٢٨

وَقَالَ (علیه السلام): إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ؛ فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ، وَاللَّهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.

الحكمة ٣٢٩

وَقَالَ (علیه السلام): الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الْعُذْرِ، أَعَزُّ مِنَ الصِّدْقِ بِهِ.

الحكمة ٣٣۰

وَقَالَ (علیه السلام): أَقَلُّ مَا يَلْزَمُكُمْ لِلَّهِ، أَلَّا تَسْتَعِينُوا بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ.

الحكمة ٣٣١

وقَالَ (عليه السلام): إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الطَّاعَةَ غَنِيمَةَ الْأَكْيَاسِ، عِنْدَ تَفْرِيطِ الْعَجَزَةِ!

الحكمة ٣٣٢

وَقَالَ (عليه السلام): السُّلْطَانُ وَزَعَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِه.

الحكمة ٣٣٣

وَقَالَ (عليه السلام) فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِ: الْمُؤْمِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَحُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ، أَوْسَعُ شَيْءٍ صَدْراً وَأَذَلُّ شَيْءٍ نَفْساً، يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَيَشْنَأُ السُّمْعَةَ، طَوِيلٌ غَمُّهُ، بَعِيدٌ هَمُّهُ، كَثِيرٌ صَمْتُهُ، مَشْغُولٌ وَقْتُهُ، شَكُورٌ صَبُورٌ، مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ، ضَنِينٌ بِخَلَّتِهِ، سَهْلُ الْخَلِيقَةِ، لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ! نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ وَهُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ.

الحكمة ٣٣٤

وَقَالَ (عليه السلام): لَوْ رَأَى الْعَبْدُ الْأَجَلَ وَمَصِيرَهُ، لَأَبْغَضَ الْأَمَلَ وَغُرُورَه.

الحكمة ٣٣٥

وَقَالَ (عليه السلام): لِكُلِّ امْرِئٍ فِي مَالِهِ شَرِيكَانِ، الْوَارِثُ وَالْحَوَادِث.

الحكمة ٣٣٦

وَقَالَ (عليه السلام): الْمَسْئُولُ حُرٌّ، حَتَّى يَعِدَ.

الحكمة ٣٣٧

وَقَالَ (عليه السلام): الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ، كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ.

الحكمة ٣٣٨

وقال (عليه السلام): الْعِلْمُ عِلْمَانِ: مَطْبُوعٌ وَمَسْمُوعٌ؛ وَلاَ يَنْفَعُ الْمَسْمُوعُ، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَطْبُوعُ.

الحكمة ٣٣٩

وقال (عليه السلام): صَوَابُ الرَّأْي بِالدُّوَلِ؛ يُقْبِلُ بِإِقْبَالِهَا، وَيَذْهَبُ بِذَهَابِهَا.

الحكمة ٣٤۰

وَقَالَ (عليه السلام): الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ، وَالشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى.

الحكمة ٣٤١

وَقَالَ (عليه السلام): يَوْمُ الْعَدْلِ عَلَى الظَّالِمِ، أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ الْجَوْرِ عَلَى الْمَظْلُومِ!

الحكمة ٣٤٢

وقال (عليه السلام): الْغِنَى الاَْكْبَرُ، الْيَأْسُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ.

الحكمة ٣٤٣

وَقَالَ (عليه السلام): الْأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ، وَالسَّرَائِرُ مَبْلُوَّةٌ، وَكُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. وَالنَّاسُ مَنْقُوصُونَ مَدْخُولُونَ، إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ؛ سَائِلُهُمْ مُتَعَنِّتٌ، وَمُجِيبُهُمْ مُتَكَلِّفٌ؛ يَكَادُ أَفْضَلُهُمْ رَأْياً، يَرُدُّهُ عَنْ فَضْلِ رَأْيِهِ الرِّضَى وَالسُّخْطُ؛ وَيَكَادُ أَصْلَبُهُمْ عُوداً، تَنْكَؤُهُ اللَّحْظَةُ وَتَسْتَحِيلُهُ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَة.

الحكمة ٣٤٤

وَقَالَ (عليه السلام): مَعَاشِرَ النَّاسِ [المسلمين]، اتَّقُوا اللَّهَ، فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لَا يَبْلُغُهُ، وَبَانٍ مَا لَا يَسْكُنُهُ، وَجَامِعٍ مَا سَوْفَ يَتْرُكُهُ، وَلَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ وَمِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ، أَصَابَهُ حَرَاماً وَاحْتَمَلَ بِهِ آثَاماً، فَبَاءَ بِوِزْرِهِ وَقَدِمَ عَلَى رَبِّهِ آسِفاً لَاهِفاً، قَدْ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ؛ "ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ".

الحكمة ٣٤٥

وَقَالَ (عليه السلام): مِنَ الْعِصْمَةِ، تَعَذُّرُ الْمَعَاصِي.

الحكمة ٣٤٦

وَقَالَ (عليه السلام): مَاءُ وَجْهِكَ جَامِدٌ، يُقْطِرُهُ السُّؤَالُ؛ فَانْظُرْ عِنْدَ مَنْ تُقْطِرُهُ.

الحكمة ٣٤٧

وَقَالَ (عليه السلام): الثَّنَاءُ بِأَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ مَلَقٌ، وَالتَّقْصِيرُ عَنِ الِاسْتِحْقَاقِ عِيٌّ أَوْحَسَد.

الحكمة ٣٤٨

وَقَالَ (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ، مَا اسْتَهَانَ بِهِ صَاحِبُه.

الحكمة ٣٤٩

وَقَالَ (علیه السلام): مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ؛ وَمَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اللَّهِ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَهُ؛ وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ؛ وَمَنْ كَابَدَ [كايَدَ] الْأُمُورَ عَطِبَ؛ وَمَنِ اقْتَحَمَ اللُّجَجَ غَرِقَ؛ وَمَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ؛ وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ، وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ، وَمَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النَّارَ؛ وَمَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ فَأَنْكَرَهَا، ثُمَّ رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ، فَذَلِكَ الْأَحْمَقُ بِعَيْنِهِ؛ وَالْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ؛ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ؛ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ، قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ.

الحكمة ٣٥۰

وَقَالَ (عليه السلام): لِلظَّالِمِ مِنَ الرِّجَالِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: يَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ، وَمَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ، وَيُظَاهِرُ الْقَوْمَ الظَّلَمَةَ.

الحكمة ٣٥١

وَقَالَ (عليه السلام): عِنْدَ تَنَاهِي الشِّدَّةِ، تَكُونُ الْفَرْجَةُ؛ وَعِنْدَ تَضَايُقِ حَلَقِ الْبَلَاءِ، يَكُونُ الرَّخَاءُ.

الحكمة ٣٥٢

وَقَالَ (عليه السلام) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: لَا تَجْعَلَنَّ أَكْثَرَ شُغُلِكَ بِأَهْلِكَ وَوَلَدِكَ؛ فَإِنْ يَكُنْ أَهْلُكَ وَوَلَدُكَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَوْلِيَاءَهُ؛ وَإِنْ يَكُونُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَمَا هَمُّكَ وَشُغُلُكَ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ؟!

الحكمة ٣٥٣

وَقَالَ (عليه السلام): أَكْبَرُ [اكثر] الْعَيْبِ، أَنْ تَعِيبَ مَا فِيكَ مِثْلُهُ.

الحكمة ٣٥٤

وَهَنَّأَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ رَجُلًا بِغُلَامٍ وُلِدَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: لِيَهْنِئْكَ الْفَارِسُ. فَقَالَ (عليه السلام): لَا تَقُلْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ قُلْ شَكَرْتَ الْوَاهِبَ، وَبُورِكَ لَكَ فِي الْمَوْهُوبِ، وَبَلَغَ أَشُدَّهُ، وَرُزِقْتَ بِرَّهُ.

الحكمة ٣٥٥

وَبَنَى رَجُلٌ مِنْ عُمَّالِهِ بِنَاءً فَخْماً، فَقَالَ (عليه السلام): أَطْلَعَتِ الْوَرِقُ رُءُوسَهَا، إِنَّ الْبِنَاءَ يَصِفُ لَكَ الْغِنَى.

الحكمة ٣٥٦

وَقِيلَ لَهُ (عليه السلام): لَوْ سُدَّ عَلَى رَجُلٍ بَابُ بَيْتِهِ وَتُرِكَ فِيهِ، مِنْ أَيْنَ كَانَ يَأْتِيهِ رِزْقُهُ؟ فَقَالَ (عليه السلام): مِنْ حَيْثُ يَأْتِيهِ أَجَلُه.

الحكمة ٣٥٧

وَعَزَّى قَوْماً عَنْ مَيِّتٍ مَاتَ لَهُمْ، فَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَيْسَ لَكُمْ بَدَأَ وَلَا إِلَيْكُمُ انْتَهَى؛ وَقَدْ كَانَ صَاحِبُكُمْ هَذَا يُسَافِرُ، فَعُدُّوهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ؛ فَإِنْ قَدِمَ عَلَيْكُمْ، وَإِلَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ.

الحكمة ٣٥٨

وَقَالَ (عليه السلام): أَيُّهَا النَّاسُ! لِيَرَكُمُ اللَّهُ مِنَ النِّعْمَةِ وَجِلِينَ، كَمَا يَرَاكُمْ مِنَ النِّقْمَةِ فَرِقِينَ؛ إِنَّهُ مَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجاً، فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً؛ وَمَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ اخْتِبَاراً، فَقَدْ ضَيَّعَ مَأْمُولًا.

الحكمة ٣٥٩

وَقَالَ (عليه السلام): يَا أَسْرَى [أسارى] الرَّغْبَةِ أَقْصِرُوا، فَإِنَّ الْمُعَرِّجَ عَلَى الدُّنْيَا لَا يَرُوعُهُ مِنْهَا إِلَّا صَرِيفُ أَنْيَابِ الْحِدْثَانِ. أَيُّهَا النَّاسُ تَوَلَّوْا مِنْ أَنْفُسِكُمْ تَأْدِيبَهَا، وَاعْدِلُوا بِهَا عَنْ ضَرَاوَةِ عَادَاتِهَا.

الحكمة ٣٦۰

وَقَالَ (عليه السلام): لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءاً، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا.

الحكمة ٣٦١

وَقَالَ (عليه السلام): إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَاجَةٌ، فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ، فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا وَيَمْنَعَ الْأُخْرَى.

الحكمة ٣٦٢

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ ضَنَّ بِعِرْضِهِ، فَلْيَدَعِ الْمِرَاء.

الحكمة ٣٦٣

وَقَالَ (عليه السلام): مِنَ الْخُرْقِ، الْمُعَاجَلَةُ قَبْلَ الْإِمْكَانِ، وَالْأَنَاةُ بَعْدَ الْفُرْصَة.

الحكمة ٣٦٤

وَقَالَ (عليه السلام): لَا تَسْأَلْ عَمَّا لَا يَكُونُ، فَفِي الَّذِي قَدْ كَانَ لَكَ شُغُلٌ.

الحكمة ٣٦٥

وَقَالَ (عليه السلام): الْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ، وَالِاعْتِبَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ؛ وَكَفَى أَدَباً لِنَفْسِكَ، تَجَنُّبُكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ.

الحكمة ٣٦٦

وَقَالَ (عليه السلام): الْعِلْمُ مَقْرُونٌ بِالْعَمَلِ: فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ؛ وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ أَجَابَهُ، وَإِلَّا ارْتَحَلَ عَنْه.

الحكمة ٣٦٧

وَقَالَ (عليه السلام): يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَتَاعُ الدُّنْيَا حُطَامٌ مُوبِئٌ، فَتَجَنَّبُوا مَرْعَاهُ، قُلْعَتُهَا أَحْظَى مِنْ طُمَأْنِينَتِهَا وَبُلْغَتُهَا أَزْكَى مِنْ ثَرْوَتِهَا [اثراثها]. حُكِمَ عَلَى مُكْثِرٍ مِنْهَا بِالْفَاقَةِ، وَأُعِينَ مَنْ غَنِيَ عَنْهَا بِالرَّاحَةِ [بالرّحمة]. مَنْ رَاقَهُ زِبْرِجُهَا أَعْقَبَتْ نَاظِرَيْهِ كَمَهاً، وَمَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِهَا مَلَأَتْ ضَمِيرَهُ أَشْجَاناً، لَهُنَّ رَقْصٌ عَلَى سُوَيْدَاءِ قَلْبِهِ هَمٌّ يَشْغَلُهُ وَغَمٌّ يَحْزُنُهُ، كَذَلِكَ حَتَّى يُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ، فَيُلْقَى بِالْفَضَاءِ مُنْقَطِعاً أَبْهَرَاهُ، هَيِّناً عَلَى اللَّهِ فَنَاؤُهُ وَعَلَى الْإِخْوَانِ إِلْقَاؤُهُ؛ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الدُّنْيَا بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ وَيَقْتَاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الِاضْطِرَارِ وَيَسْمَعُ فِيهَا بِأُذُنِ الْمَقْتِ وَالْإِبْغَاضِ؛ إِنْ قِيلَ أَثْرَى، قِيلَ أَكْدَى! وَإِنْ فُرِحَ [فرج] لَهُ بِالْبَقَاءِ، حُزِنَ لَهُ بِالْفَنَاءِ؛ هَذَا وَلَمْ يَأْتِهِمْ يَوْمٌ فِيهِ يُبْلِسُونَ.

الحكمة ٣٦٨

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَضَعَ الثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، ذِيَادَةً لِعِبَادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ، وَحِيَاشَةً لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ.

الحكمة ٣٦٩

وَقَالَ (عليه السلام): يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى فِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ وَمِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ؛ وَمَسَاجِدُهُمْ يَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ الْبِنَاءِ، خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، سُكَّانُهَا وَعُمَّارُهَا شَرُّ أَهْلِ الْأَرْضِ؛ مِنْهُمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ، وَإِلَيْهِمْ تَأْوِي الْخَطِيئَةُ، يَرُدُّونَ مَنْ شَذَّ عَنْهَا فِيهَا، وَيَسُوقُونَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا إِلَيْهَا؛ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَبِي حَلَفْتُ لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ، وَقَدْ فَعَلَ، وَنَحْنُ نَسْتَقِيلُ اللَّهَ عَثْرَةَ الْغَفْلَةِ.

الحكمة ٣٧۰

وَرُوِيَ أَنَّهُ (عليه السلام)، قَلَّمَا اعْتَدَلَ بِهِ الْمِنْبَرُ إِلَّا قَالَ أَمَامَ الْخُطْبَةِ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَمَا خُلِقَ امْرُؤٌ عَبَثاً فَيَلْهُوَ، وَلَا تُرِكَ سُدًى فَيَلْغُوَ! وَمَا دُنْيَاهُ الَّتِي تَحَسَّنَتْ لَهُ، بِخَلَفٍ مِنَ الْآخِرَةِ الَّتِي قَبَّحَهَا سُوءُ النَّظَرِ عِنْدَهُ؛ وَمَا الْمَغْرُورُ الَّذِي ظَفِرَ مِنَ الدُّنْيَا بِأَعْلَى هِمَّتِهِ، كَالْآخَرِ الَّذِي ظَفِرَ مِنَ الْآخِرَةِ بِأَدْنَى سُهْمَتِهِ.

الحكمة ٣٧١

وَقَالَ (عليه السلام): لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ، وَلَا عِزَّ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى، وَلَا مَعْقِلَ أَحْسَنُ مِنَ الْوَرَعِ، وَلَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ، وَلَا كَنْزَ أَغْنَى مِنَ الْقَنَاعَةِ، وَلَا مَالَ أَذْهَبُ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَى بِالْقُوتِ، وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَتَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ، وَالرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ النَّصَبِ وَمَطِيَّةُ التَّعَبِ، وَالْحِرْصُ وَالْكِبْرُ وَالْحَسَدُ دَوَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ، وَالشَّرُّ جَامِعُ مَسَاوِئِ الْعُيُوبِ.

الحكمة ٣٧٢

وَقَالَ (عليه السلام) لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ: يَا جَابِرُ قِوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ: عَالِمٍ مُسْتَعْمِلٍ عِلْمَهُ، وَجَاهِلٍ لَا يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَجَوَادٍ لَا يَبْخَلُ بِمَعْرُوفِهِ، وَفَقِيرٍ لَا يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ. فَإِذَا ضَيَّعَ الْعَالِمُ عِلْمَهُ اسْتَنْكَفَ الْجَاهِلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَإِذَا بَخِلَ الْغَنِيُّ بِمَعْرُوفِهِ بَاعَ الْفَقِيرُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ.
يَا جَابِرُ مَنْ كَثُرَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَثُرَتْ حَوَائِجُ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ فَمَنْ قَامَ لِلَّهِ فِيهَا بِمَا يَجِبُ فِيهَا، عَرَّضَهَا لِلدَّوَامِ وَالْبَقَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ فِيهَا بِمَا يَجِبُ، عَرَّضَهَا لِلزَّوَالِ وَالْفَنَاءِ.

الحكمة ٣٧٣

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ، وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ لِقِتَالِ الْحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ، أَنَّهُ قَالَ فِيمَا كَانَ يَحُضُّ بِهِ النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ: إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيّاً -رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ فِي الصَّالِحِينَ وَأَثَابَهُ ثَوَابَ الشُّهَدَاءِ وَ الصِّدِّيقِينَ- يَقُولُ يَوْمَ لَقِينَا أَهْلَ الشَّامِ:
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَمُنْكَراً يُدْعَى إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ، فَقَدْ سَلِمَ وَبَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ هِيَ السُّفْلَى، فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبِيلَ الْهُدَى وَقَامَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَنَوَّرَ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينُ.

الحكمة ٣٧٤

وَفِي كَلَامٍ آخَرَ لَهُ (علیه السلام) يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى: فَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ، فَذَلِكَ الْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ الْخَيْرِ؛ وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ، فَذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتَيْنِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَمُضَيِّعٌ خَصْلَةً؛ وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ، فَذَلِكَ الَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ الْخَصْلَتَيْنِ مِنَ الثَّلَاثِ وَتَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ؛ وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ، فَذَلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ. وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، إِلَّا كَنَفْثَةٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ؛ وَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ؛ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ.

الحكمة ٣٧٥

وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَقُولُ: أَوَّلُ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِهَادِ، الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ، ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ؛ فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً وَلَمْ يُنْكِرْ مُنْكَراً، قُلِبَ، فَجُعِلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَأَسْفَلُهُ أَعْلَاهُ.

الحكمة ٣٧٦

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيءٌ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيءٌ.

الحكمة ٣٧٧

وَقَالَ (عليه السلام): لَا تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ اللَّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى "فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ"؛ وَلَا تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى "إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ".

الحكمة ٣٧٨

وَقَالَ (عليه السلام): الْبُخْلُ جَامِعٌ لِمَسَاوِئِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بِهِ إِلَى كُلِّ سُوء.

الحكمة ٣٧٩

وَقَالَ (عليه السلام): يَا ابْنَ آدَمَ، الرِّزْقُ رِزْقَانِ: رِزْقٌ تَطْلُبُهُ، وَرِزْقٌ يَطْلُبُكَ، فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ، أَتَاكَ؛ فَلَا تَحْمِلْ هَمَّ سَنَتِكَ عَلَى هَمِّ يَوْمِكَ! كَفَاكَ كُلُّ يَوْمٍ عَلَى مَا فِيهِ؛ فَإِنْ تَكُنِ السَّنَةُ مِنْ عُمُرِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُؤْتِيكَ فِي كُلِّ غَدٍ جَدِيدٍ مَا قَسَمَ لَكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ السَّنَةُ مِنْ عُمُرِكَ، فَمَا تَصْنَعُ بِالْهَمِّ فِيمَا لَيْسَ لَكَ؛ وَلَنْ يَسْبِقَكَ إِلَى رِزْقِكَ طَالِبٌ، وَلَنْ يَغْلِبَكَ عَلَيْهِ غَالِبٌ، وَلَنْ يُبْطِئَ عَنْكَ مَا قَدْ قُدِّرَ لَكَ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم من هذا الباب إلا أنه هاهنا أوضح وأشرح، فلذلك كررناه على القاعدة المقررة في أول الكتاب.

الحكمة ٣٨۰

وَقَالَ (عليه السلام): رُبَّ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَيْسَ بِمُسْتَدْبِرِهِ، وَمَغْبُوطٍ فِي أَوَّلِ لَيْلِهِ قَامَتْ بَوَاكِيهِ فِي آخِرِهِ.

الحكمة ٣٨١

وقال (عليه السلام): الْكـَلاَمُ فِي وَثَاقِكَ مَا لَـمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ؛ فَإِذَا تَكَـلَّمْتَ بِهِ، صِرْتَ وَثَاقِهِ؛ فَاخْزُنْ لِسَانَكَ، كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَوَرِقَكَ؛ فَرُبَّ كَلِمَة سَلَبَتْ نِعْمَةً وَجَلَبَتْ نِقْمَةً.

الحكمة ٣٨٢

وَقَالَ (عليه السلام): لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ، بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى جَوَارِحِكَ كُلِّهَا فَرَائِضَ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

الحكمة ٣٨٣

وَقَالَ (عليه السلام): احْذَرْ أَنْ يَرَاكَ اللَّهُ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ، وَيَفْقِدَكَ عِنْدَ طَاعَتِهِ، فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ؛ وَإِذَا قَوِيتَ، فَاقْوَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَإِذَا ضَعُفْتَ، فَاضْعُفْ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

الحكمة ٣٨٤

وَقَالَ (عليه السلام): الرُّكُونُ إِلَى الدُّنْيَا مَعَ مَا تُعَايِنُ مِنْهَا جَهْلٌ، وَالتَّقْصِيرُ فِي حُسْنِ الْعَمَلِ إِذَا وَثِقْتَ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ غَبْنٌ، وَالطُّمَأْنِينَةُ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ قَبْلَ الِاخْتِبَارِ لَهُ عَجْزٌ.

الحكمة ٣٨٥

وَقَالَ (عليه السلام): مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ لَا يُعْصَى إِلَّا فِيهَا، وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِتَرْكِهَا.

الحكمة ٣٨٦

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ طَلَبَ شَيْئاً، نَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ.

الحكمة ٣٨٧

وَقَالَ (عليه السلام): مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ؛ وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ فَهُوَ مَحْقُورٌ، وَكُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَة.

الحكمة ٣٨٨

وَقَالَ (عليه السلام): أَلَا وَإِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ، وَأَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ، وَأَشَدُّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ مَرَضُ الْقَلْبِ؛ أَلَا وَإِنَّ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَى الْقَلْبِ.

الحكمة ٣٨٩

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مَنْ فَاتَهُ حَسَبُ نَفْسِهِ، لَمْ يَنْفَعْهُ حَسَبُ آبَائِه.

الحكمة ٣٩۰

وَقَالَ (عليه السلام): لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ؛ فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يَرُمُّ مَعَاشَهُ، وَسَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ. وَلَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ خُطْوَةٍ فِي مَعَادٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ.

الحكمة ٣٩١

وَقَالَ (عليه السلام): ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا، يُبَصِّرْكَ اللَّهُ عَوْرَاتِهَا، وَلَا تَغْفُلْ فَلَسْتَ بِمَغْفُولٍ عَنْكَ!

الحكمة ٣٩٢

وَقَالَ (عليه السلام): تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا، فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِه.

الحكمة ٣٩٣

وَقَالَ (عليه السلام): خُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَتَاكَ، وَتَوَلَّ عَمَّا تَوَلَّى عَنْكَ؛ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ، فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ.

الحكمة ٣٩٤

وَقَالَ (عليه السلام): رُبَّ قَوْلٍ أَنْفَذُ مِنْ صَوْلٍ.

الحكمة ٣٩٥

وَقَالَ (عليه السلام): كُلُّ مُقْتَصَرٍ عَلَيْهِ كَافٍ.

الحكمة ٣٩٦

وَقَالَ (عليه السلام): الْمَنِيَّةُ وَلَا الدَّنِيَّةُ، وَالتَّقَلُّلُ وَلَا التَّوَسُّلُ؛ وَمَنْ لَمْ يُعْطَ قَاعِداً، لَمْ يُعْطَ قَائِماً. وَالدَّهْرُ يَوْمَانِ، يَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ، فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ [تبتطر]، وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ!

الحكمة ٣٩٧

وَقَالَ (عليه ‏السلام): نِعْمَ الطِّيبُ الْمِسْكُ؛ خَفِيفٌ مَحْمِلُهُ، عَطِرٌ رِيحُهُ.

الحكمة ٣٩٨

وَقَالَ (عليه‏ السلام): ضَعْ فَخْرَكَ، وَاحْطُطْ كِبْرَكَ، وَاذْكُرْ قَبْرَكَ.

الحكمة ٣٩٩

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ حَقّاً، وَإِنَّ لِلْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ حَقّاً؛ فَحَقُّ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يُطِيعَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَحَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ اسْمَهُ وَيُحَسِّنَ أَدَبَهُ وَيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ.

الحكمة ٤۰۰

وَقَالَ (عليه السلام): الْعَيْنُ حَقٌّ، وَالرُّقَى حَقٌّ، وَالسِّحْرُ حَقٌّ، وَالْفَأْلُ حَقٌّ؛ وَالطِّيَرَةُ لَيْسَتْ بِحَقٍّ، وَالْعَدْوَى لَيْسَتْ بِحَقٍّ؛ وَالطِّيبُ نُشْرَةٌ، وَالْعَسَلُ نُشْرَةٌ، وَالرُّكُوبُ نُشْرَةٌ، وَالنَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ نُشْرَةٌ.

الحكمة ٤۰١

وَقَالَ (عليه السلام): مُقَارَبَةُ [مفارقة] النَّاسِ فِي أَخْلَاقِهِمْ، أَمْنٌ مِنْ غَوَائِلِهِمْ.

الحكمة ٤۰٢

وَقَالَ (عليه السلام) لِبَعْضِ مُخَاطِبِيهِ وَقَدْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ يُسْتَصْغَرُ مِثْلُهُ عَنْ قَوْلِ مِثْلِهَا: لَقَدْ طِرْتَ شَكِيراً وَهَدَرْتَ سَقْباً.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: والشكير هاهنا: أول ما ينبت من ريش الطائر قبل أن يقوى ويستحصف، والسقب الصغير من الإبل ولا يهدر إلا بعد أن يستفحل.

الحكمة ٤۰٣

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ أَوْمَأَ إِلَى مُتَفَاوِتٍ، خَذَلَتْهُ الْحِيَلُ.

الحكمة ٤۰٤

وَقَالَ (عليه السلام)، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ": إِنَّا لَا نَمْلِكُ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً، وَلَا نَمْلِكُ إِلَّا مَا مَلَّكَنَا؛ فَمَتَى مَلَّكَنَا مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنَّا كَلَّفَنَا، وَمَتَى أَخَذَهُ مِنَّا وَضَعَ تَكْلِيفَهُ عَنَّا.

الحكمة ٤۰٥

وَقَالَ (عليه السلام) لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَقَدْ سَمِعَهُ يُرَاجِعُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَلَاماً: دَعْهُ يَا عَمَّارُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الدِّينِ إِلَّا مَا قَارَبَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَعَلَى عَمْدٍ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ، لِيَجْعَلَ الشُّبُهَاتِ عَاذِراً لِسَقَطَاتِهِ.

الحكمة ٤۰٦

وَقَالَ (عليه السلام): مَا أَحْسَنَ تَوَاضُعَ الْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ طَلَباً لِمَا عِنْدَ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ تِيهُ الْفُقَرَاءِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ اتِّكَالًا عَلَى اللَّه.

الحكمة ٤۰٧

وَقَالَ (عليه السلام): مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ امْرَأً عَقْلًا، إِلَّا اسْتَنْقَذَهُ بِهِ يَوْماً مَا.

الحكمة ٤۰٨

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ صَارَعَ الْحَقَّ، صَرَعَهُ.

الحكمة ٤۰٩

وَقَالَ (عليه السلام): الْقَلْبُ، مُصْحَفُ الْبَصَرِ.

الحكمة ٤١۰

وَقَالَ (عليه السلام): التُّقَى، رَئِيسُ الْأَخْلَاقِ.

الحكمة ٤١١

وَقَالَ (عليه السلام): لَا تَجْعَلَنَّ ذَرَبَ لِسَانِكَ عَلَى مَنْ أَنْطَقَكَ، وَبَلَاغَةَ قَوْلِكَ عَلَى مَنْ سَدَّدَكَ.

الحكمة ٤١٢

وَقَالَ (عليه السلام): كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ، اجْتِنَابُ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَ.

الحكمة ٤١٣

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ صَبَرَ صَبْرَ الْأَحْرَارِ، وَإِلَّا سَلَا سُلُوَّ الْأَغْمَار.

الحكمة ٤١٤

وَفِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ (عليه السلام) قَالَ لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مُعَزِّياً عَنِ ابْنٍ لَهُ: إِنْ صَبَرْتَ صَبْرَ الْأَكَارِمِ، وَإِلَّا سَلَوْتَ سُلُوَّ الْبَهَائِم.

الحكمة ٤١٥

وَقَالَ (عليه السلام) فِي صِفَةِ الدُّنْيَا: تَغُرُّ، وَتَضُرُّ، وَتَمُرُّ؛ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَهَا ثَوَاباً لِأَوْلِيَائِهِ، وَلَا عِقَاباً لِأَعْدَائِهِ؛ وَإِنَّ أَهْلَ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ، بَيْنَا هُمْ حَلُّوا إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ، فَارْتَحَلُوا.

الحكمة ٤١٦

وَقَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ (عليهماالسلام): لَا تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ تَخَلِّفُهُ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ؛ وَإِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ، فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؛ وَلَيْسَ أَحَدُ هَذَيْنِ حَقِيقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ.
قَالَ الرَّضِيُّ وَيُرْوَى هَذَا الْكَلَامُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَ هُوَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي فِي يَدِكَ مِنَ الدُّنْيَا قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ قَبْلَكَ وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى أَهْلٍ بَعْدَكَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ عَمِلَ فِيمَا جَمَعْتَهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ، أَوْ رَجُلٍ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَشَقِيتَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ؛ وَلَيْسَ أَحَدُ هَذَيْنِ أَهْلًا أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ، وَلَا أَنْ تَحْمِلَ لَهُ عَلَى ظَهْرِكَ؛ فَارْجُ لِمَنْ مَضَى رَحْمَةَ اللَّهِ، وَلِمَنْ بَقِيَ رِزْقَ اللَّهِ.

الحكمة ٤١٧

وَقَالَ (عليه السلام) لِقَائِلٍ قَالَ بِحَضْرَتِهِ "أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ": ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَتَدْرِي مَا الِاسْتِغْفَارُ؟ الِاسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ الْعِلِّيِّينَ وَهُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ: أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، وَالثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً، وَالثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللَّهَ أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ، وَالرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا، وَالْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ الْجِلْدَ بِالْعَظْمِ وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ، وَالسَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلَاوَةَ الْمَعْصِيَةِ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ: "أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ".

الحكمة ٤١٨

وَقَالَ (عليه السلام): الْحِلْمُ عَشِيرَةٌ.

الحكمة ٤١٩

وَقَالَ (عليه السلام): مِسْكِينٌ ابْنُ آدَمَ، مَكْتُومُ الْأَجَلِ، مَكْنُونُ الْعِلَلِ، مَحْفُوظُ الْعَمَلِ؛ تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ، وَتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ، وَتُنْتِنُهُ الْعَرْقَة.

الحكمة ٤٢۰

وَرُوِيَ أَنَّهُ (عليه السلام) كَانَ جَالِساً فِي أَصْحَابِهِ، فَمَرَّتْ بِهِمُ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ فَرَمَقَهَا الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ أَبْصَارَ هَذِهِ الْفُحُولِ طَوَامِحُ، وَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبُ هِبَابِهَا؛ فَإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَةٍ تُعْجِبُهُ، فَلْيُلَامِسْ [فليلمس] أَهْلَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ امْرَأَةٌ كَامْرَأَتِهِ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ: قَاتَلَهُ اللَّهُ كَافِراً، مَا أَفْقَهَهُ! فَوَثَبَ الْقَوْمُ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ (عليه السلام): رُوَيْداً، إِنَّمَا هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ، أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْبٍ!

الحكمة ٤٢١

وَقَالَ (عليه السلام): كَفَاكَ مِنْ عَقْلِكَ، مَا أَوْضَحَ لَكَ سُبُلَ غَيِّكَ مِنْ رُشْدِكَ.

الحكمة ٤٢٢

وَقَالَ (عليه السلام): افْعَلُوا الْخَيْرَ وَلَا تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ؛ وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي، فَيَكُونَ وَاللَّهِ كَذَلِكَ؛ إِنَّ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَهْلًا، فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوهُ مِنْهُمَا، كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ.

الحكمة ٤٢٣

وقال عليه السلام: مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ، أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ؛ وَمَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ، كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ؛ وَمَنْ أَحْسَنَ فِيَما بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، أَحْسَنَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ.

الحكمة ٤٢٤

وَقَالَ (عليه السلام): الْحِلْمُ غِطَاءٌ سَاتِرٌ، وَالْعَقْلُ حُسَامٌ قَاطِعٌ؛ فَاسْتُرْ خَلَلَ خُلُقِكَ بِحِلْمِكَ، وَقَاتِلْ هَوَاكَ بِعَقْلِكَ.

الحكمة ٤٢٥

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً يَخْتَصُّهُمُ اللَّهُ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، فَيُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، ثُمَّ حَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ.

الحكمة ٤٢٦

وَقَالَ (عليه السلام): لَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثِقَ بِخَصْلَتَيْنِ: الْعَافِيَةِ وَالْغِنَى؛ بَيْنَا تَرَاهُ مُعَافًى إِذْ سَقِمَ، وَبَيْنَا تَرَاهُ غَنِيّاً إِذِ افْتَقَرَ.

الحكمة ٤٢٧

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ شَكَا الْحَاجَةَ إِلَى مُؤْمِنٍ، فَكَأَنَّهُ شَكَاهَا إِلَى اللَّهِ، وَمَنْ شَكَاهَا إِلَى كَافِرٍ، فَكَأَنَّمَا شَكَا اللَّهَ.

الحكمة ٤٢٨

وَقَالَ (عليه السلام) فِي بَعْضِ الْأَعْيَادِ: إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ؛ وَكُلُّ يَوْمٍ لَا يُعْصَى اللَّهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ.

الحكمة ٤٢٩

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ أَعْظَمَ الْحَسَرَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَسْرَةُ رَجُلٍ كَسَبَ مَالًا فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، فَوَرِثَهُ رَجُلٌ فَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَدَخَلَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَ دَخَلَ الْأَوَّلُ بِهِ النَّارَ.

الحكمة ٤٣۰

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ أَخْسَرَ النَّاسِ صَفْقَةً وَأَخْيَبَهُمْ سَعْياً، رَجُلٌ أَخْلَقَ بَدَنَهُ فِي طَلَبِ مَالِهِ، وَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْمَقَادِيرُ عَلَى إِرَادَتِهِ؛ فَخَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا بِحَسْرَتِهِ، وَقَدِمَ عَلَى الْآخِرَةِ بِتَبِعَتِهِ.

الحكمة ٤٣١

وَقَالَ (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ، طَالِبٌ وَمَطْلُوبٌ؛ فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا، طَلَبَهُ الْمَوْتُ، حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا؛ وَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ، طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.

الحكمة ٤٣٢

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا إِذَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا، وَاشْتَغَلُوا بِآجِلِهَا إِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا؛ فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ يُمِيتَهُمْ، وَتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَتْرُكُهُمْ؛ وَرَأَوُا اسْتِكْثَارَ غَيْرِهِمْ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا، وَدَرَكَهُمْ لَهَا فَوْتاً؛ أَعْدَاءُ مَا سَالَمَ النَّاسُ! وَسَلْمُ مَا عَادَى النَّاسُ؛ بِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَبِهِ عَلِمُوا، وَبِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا؛ لَا يَرَوْنَ مَرْجُوّاً فَوْقَ مَا يَرْجُونَ، وَلَا مَخُوفاً فَوْقَ [خوف] مَا يَخَافُونَ.

الحكمة ٤٣٣

وَقَالَ (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ اللَّذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.

الحكمة ٤٣٤

وَقَالَ (عليه السلام): أخْبُرْ تَقْلِهِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي ومن الناس من يروي هذا للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومما يقوي أنه من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي قال المأمون: لو لا أن عليا قال اخبر تقله، لقلت اقله تخبر.

الحكمة ٤٣٥

وَقَالَ (عليه السلام): مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الشُّكْرِ، وَيُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الزِّيَادَةِ؛ وَلَا لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ، وَيُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْإِجَابَةِ؛ وَلَا لِيَفْتَحَ لِعَبْدٍ بَابَ التَّوْبَةِ، وَيُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْمَغْفِرَةِ.

الحكمة ٤٣٦

وَقَالَ (عليه السلام): أَوْلَى النَّاسِ بِالْكَرَمِ، مَنْ عُرِفَتْ بِهِ الْكِرَامُ.

الحكمة ٤٣٧

وَسُئِلَ (عليه السلام) أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، الْعَدْلُ أَوِ الْجُودُ؟ فَقَالَ (عليه السلام): الْعَدْلُ يَضَعُ الْأُمُورَ مَوَاضِعَهَا، وَالْجُودُ يُخْرِجُهَا مِنْ جِهَتِهَا؛ وَالْعَدْلُ سَائِسٌ عَامٌّ، وَالْجُودُ عَارِضٌ خَاصٌّ؛ فَالْعَدْلُ أَشْرَفُهُمَا وَأَفْضَلُهُمَا.

الحكمة ٤٣٨

وَقَالَ (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.

الحكمة ٤٣٩

وَقَالَ (عليه السلام): الزُّهْدُ كُلُّهُ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: "لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ"؛ وَمَنْ لَمْ يَأْسَ عَلَى الْمَاضِي وَلَمْ يَفْرَحْ بِالْآتِي، فَقَدْ أَخَذَ الزُّهْدَ بِطَرَفَيْهِ.

الحكمة ٤٤۰

وَقَالَ (عليه السلام): مَا أَنْقَضَ النَّوْمَ، لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ!

الحكمة ٤٤١

وَقَالَ (عليه السلام): الْوِلَايَاتُ، مَضَامِيرُ الرِّجَال.

الحكمة ٤٤٢

وَقَالَ (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بِأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَدٍ، خَيْرُ الْبِلَادِ مَا حَمَلَك.

الحكمة ٤٤٣

وَقَالَ (عليه السلام) وَ قَدْ جَاءَهُ نَعْيُ الْأَشْتَرِ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ! وَاللَّهِ لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً، وَلَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً؛ لَا يَرْتَقِيهِ الْحَافِرُ، وَلَا يُوفِي عَلَيْهِ الطَّائِرُ.
قال الرضي: و الفِند: المنفرد من الجبال.

الحكمة ٤٤٤

وَقَالَ (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ، خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ.

الحكمة ٤٤٥

وَقَالَ (عليه السلام): إِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ خَلَّةٌ رَائِقَةٌ، فَانْتَظِرُوا أَخَوَاتِهَا.

الحكمة ٤٤٦

وَقَالَ (عليه ‏السلام) لِغَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَبِي الْفَرَزْدَقِ فِي كَلَامٍ دَارَ بَيْنَهُمَا: مَا فَعَلَتْ إِبِلُكَ الْكَثِيرَةُ؟ قَالَ دَغْدَغَتْهَا الْحُقُوقُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ (عليه‏ السلام): ذَلِكَ أَحْمَدُ سُبُلِهَا.

الحكمة ٤٤٧

وَقَالَ (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْهٍ، فَقَدِ ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.

الحكمة ٤٤٨

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِكِبَارِهَا.

الحكمة ٤٤٩

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، هَانَتْ عَلَيْهِ شَهَوَاتُهُ.

الحكمة ٤٥۰

وَقَالَ (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً، إِلَّا مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.

الحكمة ٤٥١

وَقَالَ (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِبٍ فِيكَ، نُقْصَانُ حَظٍّ؛ وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِدٍ فِيكَ، ذُلُّ نَفْسٍ.

الحكمة ٤٥٢

وقال (عليه السلام): الْغِنَى وَ الْفَقْرُ، بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللَّه.

الحكمة ٤٥٣

وَقَالَ (عليه السلام): مَا زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، حَتَّى نَشَأَ ابْنُهُ الْمَشْئُومُ عَبْدُ اللَّه.

الحكمة ٤٥٤

وَقَالَ (عليه السلام): مَا لِابْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ؟! أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، وَلَا يَرْزُقُ نَفْسَهُ وَلَا يَدْفَعُ حَتْفَهُ.

الحكمة ٤٥٥

وَسُئِلَ مَنْ أَشْعَرُ الشُّعَرَاءِ؟ فَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَجْرُوا فِي حَلْبَةٍ، تُعْرَفُ الْغَايَةُ عِنْدَ قَصَبَتِهَا؛ فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ، فَالْمَلِكُ الضِّلِّيلُ.
يُريدُ إمرأ القيس.

الحكمة ٤٥٦

وَقَالَ (عليه السلام): أَلَا حُرٌّ يَدَعُ هَذِهِ اللُّمَاظَةَ لِأَهْلِهَا؟ إِنَّهُ لَيْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةَ، فَلَا تَبِيعُوهَا إِلَّا بِهَا.

الحكمة ٤٥٧

وَقَالَ (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْمٍ، وَطَالِبُ دُنْيَا.

الحكمة ٤٥٨

وَقَالَ (عليه السلام): [علامة] الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ، عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ؛ وَأَلَّا يَكُونَ فِي حَدِيثِكَ فَضْلٌ عَنْ عَمَلِكَ [علمك]، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.

الحكمة ٤٥٩

وَقَالَ (عليه السلام): يَغْلِبُ الْمِقْدَارُ عَلَى التَّقْدِيرِ، حَتَّى تَكُونَ الْآفَةُ فِي التَّدْبِيرِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي وقد مضى هذا المعنى فيما تقدم برواية تخالف هذه الألفاظ.

الحكمة ٤٦۰

وَقَالَ (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ تَوْأَمَانِ، يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّة.

الحكمة ٤٦١

وَقَالَ (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجِزِ.

الحكمة ٤٦٢

وَقَالَ (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيه.

الحكمة ٤٦٣

وَقَالَ (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، وَ لَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.

الحكمة ٤٦٤

وَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ لِبَنِي أُمَيَّةَ مِرْوَداً يَجْرُونَ فِيهِ، وَلَوْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ كَادَتْهُمُ الضِّبَاعُ لَغَلَبَتْهُمْ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي: والمرود هنا مفعل من الإرواد وهو الإمهال والإظهار وهذا من أفصح الكلام وأغربه فكأنه (عليه السلام) شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها.

الحكمة ٤٦٥

وَقَالَ (عليه السلام) فِي مَدْحِ الْأَنْصَارِ: هُمْ وَاللَّهِ رَبَّوُا الْإِسْلَامَ كَمَا يُرَبَّى الْفِلْوُ، مَعَ غَنَائِهِمْ بِأَيْدِيهِمُ السِّبَاطِ وَأَلْسِنَتِهِمُ السِّلَاطِ.

الحكمة ٤٦٦

وَقَالَ (عليه السلام): الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي وهذه من الاستعارات العجيبة كأنه يشبه السه بالوعاء والعين بالوكاء فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء وهذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد رواه قوم لأميرالمؤمنين (عليه السلام) وذكر ذلك المبرد في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف وقد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية.

الحكمة ٤٦٧

وَقَالَ (عليه السلام) فِي كَلَامٍ لَهُ: وَوَلِيَهُمْ وَالٍ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ، حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ.

الحكمة ٤٦٨

وَقَالَ (عليه السلام): يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ، يَعَضُّ الْمُوسِرُ فِيهِ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: "وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ"؛ تَنْهَدُ فِيهِ الْأَشْرَارُ وَتُسْتَذَلُّ الْأَخْيَارُ وَيُبَايِعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّينَ.

الحكمة ٤٦٩

وَقَالَ (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ؛ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَرٍ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:قال الرضي وهذا مثل قوله (عليه السلام): هَلَكَ فِيَّ رَجُلَانِ؛ مُحِبٌّ غَالٍ، وَمُبْغِضٌ قَالٍ.

الحكمة ٤٧۰

وَسُئِلَ عَنِ التَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ، فَقَالَ (عليه السلام): التَّوْحِيدُ أَلَّا تَتَوَهَّمَهُ، وَالْعَدْلُ أَلَّا تَتَّهِمَه.