Search
Close this search box.
Layer 5
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهج‌البلاغة

الخطبة الخامسة بعد المائة من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يشرح فيها صفات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأنه خير الناس طفلا وكبيرا وأجود الناس وأكرمهم ثم يبين أن النبي (صلى الله عليه وآله) برسالته الكاملة، وجهاده المتواصل أخضع لهم الدنيا ولكنها أصبحت بعده قلقلة حائرة تنتظر القائد القوي ليتولى زمامها ثم يبين أن الحرام أصبح سهل المنال لا رادع عنه ولا زاجر ويحثهم على التشبث بالواعظ الذي هو الإمام نفسه عليه السلام ويحذرهم الركون إلى الجهل.

‏من خطبة له عليه السلام في بعض صفات الرسول الكريم وتهديد بني أمية وعظة الناس
في بعض صفات الرسول الكريم وتهديد بني أمية وعِظَة الناس
الرسول الكريم‏

حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی الله علیه وآله شَهِيداً وَبَشِيراً وَنَذِيراً خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلًا وَأَنْجَبَهَا كَهْلًا وَأَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً وَأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً.

بَنو أمية

فَمَا احْلَوْلَتْ لَكُمُ الدُّنْيَا فِي لَذَّتِهَا وَلَا تَمَكَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلَافِهَا إِلَّا مِنْ [بَعْدِهِ‏] بَعْدِ مَا صَادَفْتُمُوهَا جَائِلًا خِطَامُهَا قَلِقاً وَضِينُهَا، قَدْ صَارَ حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَامٍ بِمَنْزِلَةِ السِّدْرِ الْمَخْضُودِ وَحَلَالُهَا بَعِيداً غَيْرَ مَوْجُودٍ وَصَادَفْتُمُوهَا وَاللَّهِ ظِلًّا مَمْدُوداً إِلَى أَجْلٍ مَعْدُودٍ فَالْأَرْضُ لَكُمْ شَاغِرَةٌ وَأَيْدِيكُمْ فِيهَا مَبْسُوطَةٌ وَأَيْدِي الْقَادَةِ عَنْكُمْ مَكْفُوفَةٌ وَسُيُوفُكُمْ عَلَيْهِمْ مُسَلَّطَةٌ وَسُيُوفُهُمْ عَنْكُمْ مَقْبُوضَةٌ. أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً وَلِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً وَإِنَّ الثَّائِرَ فِي دِمَائِنَا كَالْحَاكِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ وَلَا يَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ. فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ يَا بَنِي أُمَيَّةَ عَمَّا قَلِيلٍ لَتَعْرِفُنَّهَا فِي أَيْدِي غَيْرِكُمْ وَفِي دَارِ عَدُوِّكُمْ! أَلاَ إِنَّ أبْصَرَ الْأَبْصَارِ مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُهُ! أَلاَ إِنَّ أَسْمَعَ الْأَسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْكِيرَ وَقَبِلَهُ!

وعظُ الناس

أَلَا إِنَّ أَبْصَرَ الْأَبْصَارِ مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُهُ، أَلَا إِنَّ أَسْمَعَ الْأَسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْكِيرَ وَ قَبِلَهُ.‏ ‏أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَصْبِحُوا مِنْ شُعْلَةِ مِصْبَاحٍ وَاعِظٍ مُتَّعِظٍ وَامْتَاحُوا مِنْ صَفْوِ عَيْنٍ قَدْ رُوِّقَتْ مِنَ الْكَدَرِ.
عِبَادَ اللَّهِ لَا تَرْكَنُوا إِلَى جَهَالَتِكُمْ وَلَا تَنْقَادُوا لِأَهْوَائِكُمْ، فَإِنَّ النَّازِلَ بِهَذَا الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ يَنْقُلُ الرَّدَى عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لِرَأْيٍ يُحْدِثُهُ بَعْدَ رَأْيٍ يُرِيدُ أَنْ يُلْصِقَ مَا لَا يَلْتَصِقُ وَيُقَرِّبَ مَا لَا يَتَقَارَبُ، فَاللَّهَ اللَّهَ أَنْ تَشْكُوا إِلَى مَنْ لَا يُشْكِي [لايبكي] شَجْوَكُمْ وَلَا يَنْقُضُ بِرَأْيِهِ مَا قَدْ أَبْرَمَ لَكُمْ. إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ إِلَّا مَا حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ، الْإِبْلَاغُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالِاجْتِهَادُ فِي النَّصِيحَةِ وَالْإِحْيَاءُ لِلسُّنَّةِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَإِصْدَارُ السُّهْمَانِ عَلَى أَهْلِهَا. فَبَادِرُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ تَصْوِيحِ نَبْتِهِ وَمِنْ قَبْلِ أَنْ تُشْغَلُوا بِأَنْفُسِكُمْ عَنْ مُسْتَثَارِ الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَتَنَاهَوْا عَنْهُ فَإِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالنَّهْيِ بَعْدَ التَّنَاهِي‏!