Search
Close this search box.
Layer 5
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهج‌البلاغة

الخطبة الثانية والثلاثون بعد المائة من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يحمد الله (تعالى) على السراء والضراء العالم بالسر والعلن ويزهد في الدنيا ويرغب أصحابه عن التعلق والتمسك بالدنيا وطول الأمل فيدعوهم لعدم الاغترار بكثرة الأحياء فهم عن قليل يحملون على النعش ويجاورون الموتى وعندها لا من خير يستزيدون ولا من شر ينتقلون.

من خطبة له عليه السلام يعظ فيها ويزهد في الدنيا
يعظ فيها ويزهد في الدنيا
حمدُ اللّه‏

نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَخَذَ وَأَعْطَى وَعَلَى مَا أَبْلَى وَابْتَلَى، الْبَاطِنُ‏ لِكُلِّ خَفِيَّةٍ وَالْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ، الْعَالِمُ بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ وَمَا تَخُونُ الْعُيُونُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً صلی الله علیه وآله نَجِيبُهُ وَبَعِيثُهُ، شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الْإِعْلَانَ وَالْقَلْبُ اللِّسَانَ‏.

عِظَةُ الناس

فَإِنَّهُ وَاللَّهِ الْجِدُّ لَا اللَّعِبُ وَالْحَقُّ لَا الْكَذِبُ وَمَا هُوَ إِلَّا الْمَوْتُ أَسْمَعَ دَاعِيهِ وَأَعْجَلَ حَادِيهِ؛ فَلَا يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وَحَذِرَ الْإِقْلَالَ وَأَمِنَ الْعَوَاقِبَ طُولَ أَمَلٍ وَاسْتِبْعَادَ أَجَلٍ كَيْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ مَحْمُولًا عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَايَا يَتَعَاطَى بِهِ الرِّجَالُ الرِّجَالَ حَمْلًا عَلَى الْمَنَاكِبِ وَإِمْسَاكاً بِالْأَنَامِلِ. أَمَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَأْمُلُونَ بَعِيداً وَيَبْنُونَ مَشِيداً وَيَجْمَعُونَ كَثِيراً كَيْفَ أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً وَمَا جَمَعُوا بُوراً وَصَارَتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ وَأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، لَا فِي حَسَنَةٍ يَزِيدُونَ وَلَا مِنْ سَيِّئَةٍ يَسْتَعْتِبُونَ [يُسْتَعْتَبُونَ]. فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ وَفَازَ عَمَلُهُ فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَا وَاعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَامٍ بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الْأَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ، فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ وَقَرِّبُوا الظُّهُورَ لِلزِّيَال.