
الرسالة ٤٧: للحسن والحسين(عليهم السلام)
ومن وصية له
للحسن والحسين(عليهم السلام)
لما ضربه ابن ملجم لعنه الله
أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللهِ، وَأنْ لاَ تَبْغِيَا الدُّنْيَا وَإِنْ بَغَتْكُمَا[١]، وَلاَ تَأْسَفَا عَلَى شَيْء مِنْهَا زُوِيَ[٢] عَنْكُمَا، وَقُولاَ بِالْحَقِّ، وَاعْمَلاَ لِلاَْجْرِ، وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً، وَلِلْمَظْلُومِ عَوْناً.
أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللهِ، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ، وَصَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ ] وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: “صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاَةِ الصِّيَامِ”.
اللهَ اللهَ فِي الاَْيْتَامِ، فَلاَ تُغِبُّوا[٣] أَفْوَاهَهُمْ، وَلاَ يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي جِيرَانِكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ، مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ[٤].
وَاللهَ اللهَ فِي الْقُرْآنِ، لاَ يَسْبِقْكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ، لاَ تُخْلُوهُ مَا بَقِيتُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا[٥].
وَاللهَ اللهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ[٦]، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّقَاطُعَ.
لاَ تَتْرُكُوا الاَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ أَشْرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ.
ثمّ قال:
يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ[٧] تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ[٨] خَوْضاً، تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ.
أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي.
انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَة، وَلاَ يُمَثَّلُ[٩] بِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: “إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ[١٠] وَلَوْ بَالْكَلْبِ الْعَقُورِ”.
—————————————-
[١] . لاتَبْغِيا الدنيا وإن بَغَتْكُما: لاتطلباها وإن طلبتكما.
[٢] . زُوِيَ: أي قُبِض ونحي عنكما.
[٣] . اغبّ القوم: جاءهم يوماً وترك يوماً، أي صِلوا أفواههم بالاطعام ولا تقطعوه عنها.
[٤] . يورّثهم: يجعل لهم حقاً في الميراث.
[٥] . لم تُنَاظَرُوا ـ مبني للمجهول ـ أي: لم ينظر اليكم بالكرامة، لا من الله، ولا من الناس، لاهمالكم فرض دينكم.
[٦] . التباذل: مداولة البذل أي العطاء.
[٧] . لا أَلْفِيَنّكم: لا أجدنّكم، نفي في معنى النهي.
[٨] . تخوضون دماء المسلمين: تسفكون دماءهم، أصله خوض الماء: الدخول والمشي فيه.
[٩] . أي: لا تمثلوا به، من التمثيل، وهو التشويه بعد القتل أو قبله بقطع الاطراف مثلاً.
[١٠] . المُثْلَة: الاسم من التمثيل، وهو التشويه الذي سبق شرحه.