Search
Close this search box.
Layer 5
السؤال
يجب على السالك أن لا ينكفئ على نفسه، ويجاهد في ساحة الحياة، وأن لا يترك الواجب الاجتماعي.. ولكن ألا يجب عليه أن يعرف كيف يجاهد، لكي لا يتخبط في عمله، ويشوه دين الله تعالى بسلوكه الخاطئ؟.. أليس يجب في بداية الطريق أن يخيط شفتيه، ويعتزل عزلة جزئية، إلى أن يجعل الله تعالى له نورا يمشي بــه في الناس، خاصة الطلبة المنظور إليهم؟.. وقد سمعت أن كثيرا من الأولياء انعزلوا في بداية الطريق.. الكثير من المشتغلين في المجتمع، يدّعون أنهم غير متأثرين.. ولكن ما هو الدليل على هذه الدعوى؟.. ولا يخفى عليكم أن (الأنا) يصعب إزالتها، وخاصة في بداية الطريق.
الجواب
موضوع العزلة من المسائل المفصلة، التي وقع فيها البحث.. ومجمل القول-بعد الأخذ بعين الاعتبار مجموع الآيات والروايات- أن هناك خطوطا ينبغي مراعاتها دائما:
١- ضرورة معاشرة الناس بالمقدار اللازم.. فإن الاسترسال معهم يحقق حالة الغفلة، ومن ثم الوقوع في زلل القول والفعل.
٢- أن المطلوب دائما الإحساس بحالة العزلة الباطنية.. بمعنى أنه لا يرى أنسا في الوجود إلا بالله تعالى، لتفاهة من سواه قياسا إليه، إضافة إلى فناء كل من في الوجود.
٣- المراقبة الدائمة ليعيش العبد حالة التعددية دائما.. فيعيش مع الخلق بأبدان أرواحها معلقة بالملا الأعلى.
٤- طلبة العلم يعيشون عزلة نسبية، للبعد عن أوطانهم وأرحامهم، فما بقي إلا بعض الأصدقاء، وهو ليس في مقام العطاء.. فأين المشكلة للعيش في حالة نسبية من العزلة الطبيعية؟.
٥- ينبغي مراعاة من يحتاجون إلى أنس الإنسان بالضرورة، كالأهل والولد، وإلا كان التقصير في حقهم مدعاة لغضب الرب.
فتبين من المجموع: أنه ليس عندنا ما يسمى بالعزلة البدنية، فإننا نتعامل مع الخلق شئنا أم أبينا، فالمطلوب هو العزلة الروحية التي تجتمع مع قمة الانشغال مع الخلق.. والدليل على كل مل قلناه، هو سلوك أهل البيت (ع)، الذين كانوا في الناس ولم يكونوا معهم.
Layer 5