Search
Close this search box.
الكلمة:١
قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.. من الواضح أن هنالك تقسيما في هذه الآية أساسه انشراح الصدر.. وخلاصته: بأن المسلم المنشرح صدره يتقبل الدين بكل وجوده، بخلاف ضيّق الصدر الذي قد يكون إسلامه إتباعاً لآبائه وأجداه، أو ضرورة بيئية، أو ما شابه ذلك.. ومن هنا فإن الأول يكون على نور من ربه، بينما الثاني فهو على ضلال مبين.. ومن المؤكد أن المؤمن يحتاج إلى هذا النور في شتى شؤون حياته: إقداماً أو إحجاماً.. فإن السائر على غير هدى -كما في الراويات-لا تزيده كثرة السير إلا بعدا!..
الكلمة:٢
إن الإنسان المتبرم ضيق المزاج، ضيق الأفق.. وبالتالي، فهو عرضة للكثير من الهواجس الباطنية، فتراه لأتفه الأمور ينقلب رأساً على عقب.. والحال بأنه من المناسب للمؤمن أن يكون على مستوى عالٍ من الهدوء الباطني، ولا يتأثر بالهواجس الشيطانية!..
الكلمة:٣
إن الإنسان ضيق الصدر يعيش حالة مزاجية سيئة.. وبالتالي، فإنه يفقد التركيز في مجال عمله، ولهذا نلاحظ بأنه قد يقرأ في الكتاب المرة والمرتين بدون استيعاب!..
الكلمة:٤
إن الإنسان الفظّ، غليظ القلب، إنسان غير مقبول في المجتمع.. فهو لا يحتمل، ولا يطاق: لا في أسرته، ولا في عمله.. وعلى عكسه الإنسان المستبشر، واسع الصدر.. حيث يكون ناجحا في عمله، بل يحظى بأعلى الترقيات والمناصب!.. ومن هنا فإن الله -عز وجل- يصف نبيه المصطفى (ص)، فيقول تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.
الكلمة:٥
إن الإنسان ضيق الصدر، غالباً ما يبتلى ببعض الأمراض العصبية المزمنة: كالكآبة، أو انفصام الشخصية، أو الهلوسة، وغير ذلك.
الكلمة:٦
إن الكرامة للواهب!.. فهو الواهب، وهو المعطي، يعطي الكثير بالقليل.. والمعصوم الذي وصل إلى درجة العصمة، والتفاني في خدمة الدين، فرب العالمين يعلم بأنه سيقتل في طاعته، فإذا أُعطي بعض التصرف في شجرة وفي نبتة، أو حجر، أو ما شابه ذلك، فما الغريب في ذلك؟.. على المرء أن يرفع من مستوى تفكيره، وأن يطلب من الله -عز وجل- شرح الصدر، ليتسنى له تلقي هذه المفاهيم الإعتيادية، بشيء من التأمل، ومراجعة النصوص الشريفة في القرآن الكريم.
الكلمة:٧
إن هنالك اصطلاحاً قرآنياً، وهو اصطلاح شرح الصدر.. ويلاحظ أن الناس في الحياة اليومية على قسمين: هناك طبقة من الناس صدورهم ضيقة إلى أبعد الحدود.. ومن معجزات القرآن الكريم في عالم الطبيعة هذه الآية: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} يقال: إن هذه الآية معجزة قرآنية في عالم الطبيعة، لأن الإنسان كلما ارتفع في طبقات الجو العليا، نقصت نسبة الأكسجين.. وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن يضيق صدره.. والذي يضيق صدره {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} فكلما ارتفع درجة، كلما ضاق صدره أكثر!..
الكلمة:٨
إن هناك قسماً من الناس، رزقهم الله شرح صدرٍ كبير.. يقول عليٌ (ع) في وصف المتقين، وهم الذين اُنعِموا بهذه النعمة: (ولولا الآجال التي كتب الله عليهم، لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين)، إن هؤلاء يحلمون بعالم أوسع وأرحب، ويرون الدنيا كالقفص، ويتمنون تلك اللحظة التي يُفتح فيها باب القفص، ليذهبوا إلى عالم فسيح!..
الكلمة:٩
إن الإنسان المنشرح الصدر كالبحر، فالبحر ترمي فيه الحجارة يتحرك قليلاً ثم يسكن.. والإنسان ضيق الصدر بمثابة الحوض الصغير، حيث أن أقل هزة وأقل نسيم من الهواء، يجعل هذا الحوض يتلاطم يميناً وشمالاً.. فالمؤمن المنشرح الصدر، لا تحركه العواصف، فهو كالجبال الراسية.
الكلمة:١٠
إن الشريعة ذكرتنا ببعض الأذكار والأوراد، منها: الحوقلة.. فعندما نؤمر بالحوقلة، وبالتهليل، والاستغفار، يجب أن نلتفت للمضامين.. فالإنسان غير منشرح الصدر لأنه يخاف، يحزن ويقلق، فهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. فإذا كان الذي نستجير به علياً، وإذا كان عظيماً، وإذا كان ذا حولٍ وقوة، فما المشكلة في البين؟!..
الكلمة:١١
إن الناس يبحثون عن الراحة في المتاع، بينما الراحة في القلب.. ولكنّ هناك فرقاً بين هموم النبي (ص)، وبين همومنا نحن!.. فنحن يضيق صدرنا بأمور الدنيا: لهموم المعيشة، ولغضب الزوجة، ولغضب الأولاد،.. الخ.. ولكن صدر النبي (ص) ما كان يضيق بهذه الأمور، كان شعاره: (إن لم يكن بك غضب عليّ، فلا أبالي).. بل كان يضيق صدره، لأجل عدم استيعاب الناس لرسالته.. بمثابة طبيب في يده دواء يرفع المرض، والمريض يموت ولا يستعمل هذا الدواء.. كم يضيق صدر هذا الطبيب عندما يرى إنساناً يموت أمامه، ولا يأخذ الجرعة المنجية!.. النبي (ص) كان هكذا يضيق صدره.