Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن المنشأ الرئيسي للنفاق (بمعنى إظهار خلاف ما يبطنه الفرد) هي: الرغبة الشديدة للعبد في أن يكون محمود السمعة بين العباد، إما: حباً لحسن الذكر، أو مقدمة للوصول إلى متاع الدنيا بواسطة الوجاهة بين الخلق.. ومن دوافع ذلك أنه يرى أن باطنه لو انكشف على الخلق لفروا منه، وعليه فإنه يضطر دائما لتصنع الصلاح.
الكلمة:٢
إن من موجبات النفاق، وتصنع الصلاح الكاذب؛ هي عقدة الحقارة.. فقد روي عن علي (ع) أنه قال: (نفاق المرء؛ من ذل يجده في نفسه).. والذي لا يرى في داخله رصيدا من الملكات الصالحة، يبحث عن الرصيد الخارجي من ثناء الآخرين.. وبذلك يغفل عن عمارة الباطن الذي يحاسب على أساسه، ويبقى معه أبد الآبدين، وينشغل بالصور الذهنية الجميلة في نفوس الغير (وهي واقع الشهرة).. وهل النفوس باقية لتبقى معها تلك الصور الخيالية؟..
الكلمة:٣
إن من مظاهر النفاق، النفاق الوظيفي: وهو أن يعطي الإنسان لنفسه صورة حسنة في المجال الوظيفي.. والحال أنه يعلم بأنه لم يلتزم بشروط العقد.. وهي خيانة توجب حرمة المال الذي يأخذه.
الكلمة:٤
إن النفاق الأسري: هو أن يظهر الإنسان كلمات الود لأهله، والحال أنه يخونها في الغيب: بنظرة محرمة، أو بلقاء محرم.. وهو لا يعلم أن الله تعالى -لو أراد- فإنه يفضح الإنسان في جوف بيته.. فكما يستر العيوب لمصلحة؛ فإنه يكشفها لمصلحة أخرى أيضا!..
الكلمة:٥
إن النفاق الاجتماعي: هو أن يظهر المدح والثناء لشخص في حضوره، ليطعنه في الخلف في غيبته.. وقد وصف النبي (ص) هذا الصنف بأن الله -تعالى- لا ينظر إليهم يوم القيامة، وذلك لأنه يدل على حقارة في النفس، والله -تعالى- كريم لا يعبأ باللئيم.
الكلمة:٦
إن النفاق العلمي: هو أن يظهر الإنسان مقدرته في الجانب العلمي، وهو ليس أهلا له، وخاصة في المجال الديني.. فترى كثيرا يظهرون آراءهم في أمور الدين، وهم لم يطلعوا على النصوص الشرعية التي على أساسها يتم الحكم.. والحال أنهم لا يتدخلون في التخصصات الأخرى؛ احتراما لها.. فهل أن الدين -وهو مرتبط بالغيب- أقل أهمية من علوم الطبيعة، وهي مرتبطة بعالم الحس؟..
الكلمة:٧
إن هناك النفاق العبادي: وهو أن يظهر الإنسان بمظهر الملتزمين، ويستبطن المخالفة في السر.. بل يتظاهر بدرجة من الخشوع في الظاهر، زيادة عما في باطنه.. وقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب؛ فهو عندنا نفاق).. إن على المؤمن أن يكتم حالاته القلبية؛ لئلا يصاب بالعجب من ناحية، ولئلا يتخذ ذلك وسيلة لإظهار الفضل على العباد.
الكلمة:٨
إن من علامات المنافق: الارتباك، والتذبذب في المواقف؛ لأنه يتحرك على وفق المصالح المرحلية، فلا يعيش حالة المبدئية في الحياة.. ومن المعلوم أن الإنسان المصلحي، لا قيمة له حتى عند أصحاب المصالح. إن المنافق ينشط مع الناس، ويكسل إذا كان وحده.. فالذي يهمه رأي الناس فيه، يبرمج حياته على أساس كسب الوجاهة الاجتماعية.. وكم تكون خسارته يوم القيامة، عندما لا يجد مغيثا ممن كسب رضاه في الدنيا!..