Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن النظرة ليست عملية كاميرا تلتقط الصور فحسب!.. فالبعض يعتقد أن النظر إلى هذه الصور المحرمة من إنسان متزوج ومتحصن، وخاصة إذا كان مع وجود الزوجة، ليس بجريمة.. فهو معه زوجته ولا يُخاف عليه من الحرام؛ لأنه ليس شاباً مراهقاً أعزباً.. ولكن القضية أعمق من هذه النظرة الساذجة البسيطة..
الكلمة:٢
إن مقدمة الفتنة وأول الشرارة، هي هذه النظرة الاختيارية.. إن العبد بسوء اختياره وبنظراته التي لا يرضى بها الشارع، يصل إلى مرحلة من المراحل لا يمتلك فيها السيطرة على نفسه وعلى بدنه.. وعشاق الهوى -عشاق الوجوه الجميلة التي لا دوام لها- هؤلاء تحولوا إلى وجودات أسيرة لا تفقه، ولا تعلم ما تعمل؛ لأن هذا الحب -الذي بدأ من النظرة- استولى على كل ذرات وجوده..
الكلمة:٣
إن صاحب الصغائر هو صاحب الكبائر، فلا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.. إن البعض -مع الأسف- قد يتساهل في النظرة المحرمة، ويقول: ما الضير ما دام النظر بلا شهوة وريبة!.. فيظن أن النظرة المريبة محاولة إيقاع الفريسة في الشباك، وأن نظرته بريئة!.. والحال بأن كل ما فيه إثارة، ويوجب الانجرار إلى المعصية؛ هو حرام.. حتى النظر إلى الأفلام التي قد تكون الممثلة فيها ميتة من عشرات السنيين.. إن علة التحريم هي الإثارة التي تؤدي إلى فقدان السيطرة، ومن ثم الانجرار إلى المعصية الكبرى..
الكلمة:٤
إن النظر عندما يكون على مصراعيه، وينظر الإنسان إلى كل ما هبّ ودبّ؛ فإنه من الطبيعي أن تزدحم نفسه بهذه الصور.. فإذا أراد أن يجلب التركيز في صلاة، أو في قراءة، أو في مطالعة؛ فإنه يفتقد ذلك.. لأن هذه الصور المتزاحمة، تتوارد على خاطره.. وبالتالي، فإنه يفتقد ذلك التركيز الذي يراد في حركة حياته.
الكلمة:٥
إن النظرة تغير التكوين الباطني للفرد.. والمرأة التي تجد زوجها عاكفاً على هذا الحرام، لابد وأن تلتفت إلى أن هذه النار سوف تصل إلى عشها الزوجي.. فالذي يفكر بهذه الطريقة، والذي ينظر إلى أجمل الوجوه في الأرض، وإلى هذا الكم الهائل من الصور المحرمة -فالذهن البشري هبة إلهية فالذي يكثر من النظر، هنالك ألبوم في داخل وجوده، يُسجل هذه الصور أولاً- وبعد ذلك ينظر إلى زوجته، فيجعلها صورة من هذه الصور، وإذا به يراها باهتة جداً، عندما يقيس هذه الزوجة المؤمنة العادية، إلى ملكات جمال العالم التي رآها بأية كيفية من خلال المواقع والفضائيات.. وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن هذا الإنسان، سوف لن ينظر إلى هذه الزوجة بوصفها الإيماني، بل بوصفها المادي والجسدي، والتي لا يمكن أن تدخل في سباق مع هذه الوجوه.
الكلمة:٦
إن العين تمثل البوابة الأولى لدخول الشيطان لقلب الإنسان، والمشكلة ليست في انعكاس الصورة على شبكية العين، بل في التفاعلات السلبية لتلك الصورة في الوجود الباطني.. وعليه، فإن الله -تعالى- قد منَّ على الإنسان بجفنين، يستطيع من خلالهما أن يتحكم في نظره، بإطباق الجفنين أو بتغيير زاوية النظر.. والإنسان قد لا يطالب دائماً بغمض العينين، ولكنه مطالب بغض البصر كما في الآية الكريمة: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}؛ أي عليه أن يصرف نظره عن كل الصور المحرمة.. فالسيطرة على المحرمات في هذا المجال، تكمن في حفظ البصر عن كل ما هب ودب.
الكلمة:٧
إن معظم الذنوب هذه الأيام منشؤها النظر، فالتفاعلات القلبية والجوارحية، والمخالفة الخارجية، كل ذلك من النظر..
الكلمة:٨
إن هناك فرقاً بين من نظر إلى امرأة في الشارع واختفت عن الأنظار، وقد نظر إليها بشهوة وريبة، فأغضب الله -عز وجل- لثوان.. وبين الذي غض بصره فوجد حلاوة الإيمان في قلبه، تلك الحلاوة التي لا تزول أبداً!..
الكلمة:٩
إن حرمة النظر والاستماع، هو لتجنيب الإنسان من أن يتغير إلى موجود تغلب عليه الشهوات، وعندها يفقد السيطرة على نفسه.. ومن هنا يُلاحظ أن بعض المدمنين على المعاصي، عندما يعظه أحد، فإنه يبكي ويتألم، ولكنه يقول في ختام هذه الموعظة: أن الأمر ليس بيدي.. فهذه العبارة يرددها المتوغلون في المعاصي.. لاحظوا هذه الآية: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.. لماذا ذكر الفؤاد بعد السمع والبصر؟.. الله يعلم بمراده، ولكن نحدس حدساً وهو أن الفؤاد -هذا العنصر الباطني- رغم باطنيته، إلا أنه يتأثر بالروافد الخارجية، المتمثلة بالسمع والبصر ولهذا جعل الفؤاد، وهو في رتبة المعلول مقدماً على البصر والسمع.