Search
Close this search box.
Layer 5
السؤال
كنت في غفلة من أمري، فكنت أتكلم مع ما يسمى بالحبيب عن طريق المسنجر، فتجرات بارتكاب المعاصي، ففعلت كل ما هو مشين من كلام رذيل، فكنت أتطرق لمواضيع الجنس، وأتابع لقطات أفلام مشينة.. وها أنا أعود لصوابي من جديد تاركة كل ما هو يدور في ذهني من ماض معه، مستغفرة ربي، تائبة بقلب خاشع نادم.. أتمنى أن ترشدوني وتمدون لي يد العون أكثر، لأني بأمس الحاجة لعطائكم ونصائحكم، فإني لا أتوقع الخذل منكم.. أنتظر ردكم بفارغ الصبر، فلا تتأخروا على أختكم الضائعة!..
الجواب
مقاومة الحرام أو مقاطعته لا تتم دائما بعملية الوعظ والإرشاد-وخاصة إذا كان مكتوبا- حيث أن المكتوب أضعف المؤثرات التبليغية، قياسا إلى المواجهة (رؤية) أو المشافهة (صوتا) وذلك لأن القيام بالحرام يمر بسلسلة من المقدمات منها: عدم استقباح المنكر، ومنها تغليب لذة الحرام على ألم البعد عن الله تعالى، ومنها ضعف الإرادة، ومنها الجو الجماعي الغالب..
ومن المعلوم أن هذا كله من أسباب سلب الإرادة، والتي عندها لا ينفع نصح جميع الناصحين، بما فيهم الأنبياء والمرسلين، حيث أن القرآن الكريم جعل تأثير الإنذار مترتبا على خشية الله تعالى بالغيب، ومن هذه الأسباب الإجمالية يمكن معرفة الحل.. وعليه، فإننا نقترح-فيما نقترح- الخطوات التالية:
١- ملء الفراغ الفكري من خلال فهم موقع الإنسان في الوجود، وأنه رشح ليكون خليفة لله تعالى في أرضه، والتفكير في لوازم هذه الخلافة.. إلا أن الإنسان يتدنى إلى مرحلة يكون في خط معاكس للخلافة الإلهية، فيكون خليفة للشيطان في الأرض، ودلالا في ترويج بضاعته!.
٢- ملء الفراغ العاطفي من خلال العمل على توجيه بوصلة القلب إلى الباقيات الصالحات، أي الالتفات إلى الباقي الدائم بدلا من ربط الفؤاد بالفاني، وخاصة مع الالتفات إلى تقطع كل صور الحب الدنيوي-ولو في أطول التقادير- عند النزول إلى الحفرة حيث يلتقي الإنسان بالوجه الإلهي الذي سيهلك كل شيء دونه.
٣- ردع النفس عن عاجل الحرام، بتذكر الآلام التي تعتري الإنسان، من وخز الضمير بعد الفراغ من الحرام مباشرة، حيث انتهت اللذة وبقيت التبعة، وخاصة مع وجود بعض صور الكفارات الثقيلة والقضاء الذي يصعب على العبد تفريغ ذمته منها في كثير من الأحيان.
٤- تخويف النفس بالخذلان الإلهي لمدمني المعصية، فإن أسباب التوفيق بيد الله تعالى، والإنسان لا يستغني عن ربه في كل نفس من أنفاس وجوده، فكيف بحوائجه الكبرى لدنياه وآخرته؟!.
٥- إن لبعض صور الحرام آثارا سلبية واضحة: كالسكر وسلب العقل في الخمر مثلا، فكذلك لكل حرام ضرره الدنيوي قبل الأخروي، وإن لم يلتفت إليه العبد، حيث يعبر عنه القرآن الكريم: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
٦- إن الله تعالى بناؤه منذ الأزل على الستر على العبد، ولكن التوغل في الحرام يوجب هتك العصمة والافتضاح أمام العباد.. ومن المعلوم أن من نزع جلباب الحياء، تحول إلى بهيمة همها البطن والفرج!.
٧- إن الإنسان العاطفي كثيرا ما يترك الفعل الراجح، مراعاة لوالديه، وخوفا من غضبهما.. أولا نعتقد أن سليل النبي المصطفى (ص) وهو الإمام الحجة (ع) يشبه جده في صفة الأبوة للأمة؟.. أوهل يحسن أن ندخل على قلبه الشريف الهم والغم، مع ما هو عليه من الهموم الكبيرة؟!.. ألا يخشى العقوق لأعظم المخلوقين علينا حقا؟!..
٨- إن المحرمات تشبه إلى حد كبير الدوامات المائية القريبة من شواطئ البحار، فإن الذي يقترب منها قد تلفه إلى أعماق البحر، حيث الغرق والهلاك المحتوم.. ومن المعلوم أن الحرام الصغير مقدمة للحرام الكبير، كالنظرة التي هي مقدمة لما سماها القرآن الكريم: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾. أولا يكفى كل هذا للردع؟!.. أولا يكفى قول الله تعالى معاتبا لعباده ومهددا في كتابه: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾.. أوهل يحسن مثل هذا التعامل في محضر من كل شيء تحت عينيه بل هو قائم عليه؟!.
Layer 5