الدعاء التاسع والثلاثون من أدعية الصحيفة السجادية للإمام السجاد (عليه السلام)، وعنوانه (وكان من دعائه عليه السلام في طلب العفو والرحمة)، وفيه يطلب من الله (تعالى) أن يكسر شهوته وحرصه ويعفو عن كل الذين تعرضوا له بأذي أحياءا كانوا أم أمواتا وكذلك يطلب من الله أن يعفيه عن تبعات ظلمه للعباد وأن يكون نموذجا وأسوة في نجاته من مصارع الذنوب.
- الصحيفة السجادية
- » الدعاء التاسع والثلاثون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاكْسِرْ شَهْوَتِي عَنْ كُـلِّ مَحْرَم، وَازْوِ حِـرْصِي عَنْ كُلِّ مَـأثَم، وَامْنَعْنِي عَنْ أَذَى كُـلِّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَـة وَمُسْلِم وَمُسْلِمَة،
أللَّهُمَّ وَأَيُّمَا عَبْد نالَ مِنِّي مَا حَظَرْتَ عَلَيْهِ، وَانْتَهَكَ مِنِّي مَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ، فَمَضَى بِظُلاَمَتِي مَيِّتاً، أَوْ حَصَلْتَ لِيْ قِبَلَهُ حَيّاً، فَاغْفِرْ لَهُ مَا أَلَمَّ بِهِ مِنِّي، وَاعْفُ لَهُ عَمَّا أَدْبَرَ بِهِ عَنِّي، وَلاَ تَقِفْـهُ عَلَى مَا ارْتَكَبَ فِيَّ، وَلاَ تَكْشِفْهُ عَمَّا اكْتَسَبَ بِيْ، وَاجْعَلْ مَا سَمَحْتُ بِـهِ مِنَ الْعَفْـوِ عَنْهُمْ وَتَبَـرَّعْتُ بِـهِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ أَزْكَى صَدَقَاتِ الْمُتَصَدِّقِينَ وَأَعْلَى صِلاَتِ الْمُتَقَرِّبِينَ، وَعَوِّضْنِي مِنْ عَفْوِي عَنْهُمْ عَفْوَكَ وَمِنْ دُعَائِي لَهُمْ رَحْمَتَكَ حَتَّى يَسْعَدَ كُلُّ وَاحِد مِنَّا بِفَضْلِكَ وَيَنْجُوَكُلٌّ مِنَّا بِمَنِّكَ.
أللَّهُمَّ وَأَيُّما عَبْد مِنْ عَبِيْدِكَ أَدْرَكَهُ مِنِّي دَرَكٌ أَوْ مَسَّهُ مِنْ نَاحِيَتِي أَذَىً، أَوْ لَحِقَـهُ بِي أَوْ بِسَبَبي ظُلْمٌ فَفُتُّهُ بِحَقِّـهِ، أَوْسَبَقْتُـهُ بِمَظْلَمَتِهِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَرْضِهِ عَنِّي مِنْ وُجْدِكَ، وَأَوْفِهِ حَقَّهُ مِنْ عِنْدِكَ، ثُمَّ قِنيْ مَا يُوجِبُ لَهُ حُكْمُكَ، وَخَلِّصْنِي مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ عَدْلُكَ، فَإنَّ قُوَّتِي لا تَسْتَقِلُّ بِنَقِمَتِكَ، وَإنَّ طَاقتِي لا تَنْهَضُ بِسُخْطِكَ، فَإنَّكَ إنْ تُكَـافِنِي بِالْحَقِّ تُهْلِكْنِي، وَإلاّ تَغَمَّـدْنِي بِرَحْمَتِكَ تُوبِقْنِي.
أللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي مَا لا يَنْقُصُكَ بَذْلُهُ، وَأَسْتَحْمِلُكَ مَا لا يَبْهَظُكَ حَمْلُهُ، أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي نَفْسِيَ الَّتِيْ لَمْ تَخْلُقْهَا لِتَمْتَنِعَ بِهَا مِنْ سُوء، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إلى نَفْع، وَلكِنْ أَنْشَأتَهَا إثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَاحْتِجَاجاً بِهَا عَلَى شَكْلِهَا، وَأَسْتَحْمِلُكَ مِنْ ذُنُوبِي مَا قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ.
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِيْ، وَوَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتِمَالِ إصْرِي، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ، وَكَمْ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ.
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْنِي أُسْوَةَ مَنْ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ، وَخَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ وَرَطَاتِ الْمُجْرِمِينَ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إسَارِ سُخْطِكَ، وَعَتِيقَ صُنْعِكَ مِنْ وَثَاقِ عَدْلِكَ، إنَّكَ إنْ تَفْعَلْ ذَلِكَ يَا إلهِي تَفْعَلْهُ بِمَنْ لاَ يَجْحَدُ اسْتِحْقَاقَ عُقُوبَتِكَ، وَلاَ يُبَرِّئُ نَفْسَهُ مِنِ اسْتِيجَابِ نَقِمَتِكَ، تَفْعَلُ ذلِكَ يَا إلهِي بِمَنْ خَوْفُهُ مِنْكَ أَكْثَرُ مِنْ طَمَعِهِ فِيكَ، وَبِمَنْ يَأْسُهُ مِنَ النَّجَاةِ أَوْكَدُ مِنْ رَجَآئِهِ لِلْخَلاَصِ، لاَ أَنْ يَكُونَ يَأْسُهُ قُنُوطَاً أَوْ أَنْ يَكُونَ طَمَعُهُ اغْتِرَاراً بَلْ لِقِلَّةِ حَسَنَاتِهِ بَيْنَ سَيِّئاتِهِ، وَضَعْفِ حُجَجِهِ فِي جَمِيعِ تَبِعَاتِهِ، فَأَمَّا أَنْتَ يَا إلهِي فَأَهْلٌ أَنْ لاَ يَغْتَرَّ بِكَ الصِّدِّيقُونَ، وَلاَ يَيْأَسَ مِنْكَ الْمُجْرِمُونَ، لِاَنَّكَ ألرَّبُّ الْعَظِيمُ الَّذِيْ لاَ يَمْنَعُ أَحَـداً فَضْلَهُ وَلاَ يَسْتَقْصِي مِنْ أَحَد حَقَّـهُ.
تَعَالى ذِكْرُكَ عَنِ الْمَذْكُورِينَ، وَتَقَدَّست أَسْمَـآؤُكَ عَنِ الْمَنْسُوبِينَ، وَفَشَتْ نِعْمَتُكَ فِيْ جَمِيْعِ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.