Search
Close this search box.
الكلمة:١
بمقدار انطباق السلوك الحياتي وفقاً لما جاءت به الشريعة من الأوامر والنواهي، فإنه تتحقق للإنسان حالة البرد والاطمئنان، وهي الحالة التي نعيشها بعد كل وجبة دعائية أو بكاء على مصائب أهل البيت(ع).. حيث نعيش لذة وارتياحا نفسيا، لا يقاس بأي متعة من المتع المادية.. جاء عن علي(ع): (إنما السعيد من خاف العقاب فآمن، ورجا الثواب فأحسن، واشتاق إلى الجنة فأبلج).
الكلمة:٢
إن على الإنسان أن يقطف ثمار المجلس نقداً، فلا يقول: أذهب للبيت، وأصلي ركعتين.. وهو في المجلس بعد الفراغ، عليه أن يعيش شيئا من الأجواء التوحيدية.. فالذي يدخل إلى الله -عز وجل- من هذا الباب، سوف يصل سريعاً.. فهذه الدموع تفتح الأبواب، هذه الدموع بمثابة بطاقة الدخول على السلطان..
الكلمة:٣
حاول أن تحول هذه الدمعة: دمعة الرثاء، ودمعة البكاء على مصائبهم؛ إلى دمعة المناجاة، وبث الهموم، وطلب التوبة بين يدي الله عز وجل.. ما المانع أن نحول دمعة الولاء، إلى دمعة التوحيد؟..
الكلمة:٤
لنحاول أن نحول أيام العزاء إلى أيام للتزكية.. من المعلوم أن شهر رمضان هو شهر التزكية، ببركة الصيام والمناجاة.. وكذلك هذه الأيام، فهي أيام التزكية بدفع حسيني.. فمن المناسب استثمار هذه الحالة العاطفية التي نعيشها، فإنها نعم الزاد للخروج في هذا الموسم بهذه النقلة الجوهرية!..
الكلمة:٥
إن لحظات البكاء في الخلوات بفعل الإنسان، وبتذكره لمصائب الحسين (ع)، لا تقاس ببكائه عند حضور المجالس؛ لأن الجو الجماعي قد يكون هو المؤثر، ولعل الأنفاس القدسية للآخرين هي المؤثرة.. ولكن الإنسان عندما يكون في جو خالٍ، فالأمر يعود إليه، لا للجو، ولا للمأتم، ولا للخطيب، ولا للأجواء المباركة.. بل هو من تفاعل بنفسه، هنيئاً لمن كان كذلك!..
الكلمة:٦
إن الإنسان الذي يموت على التوحيد، وعلى النبوة، وعلى ولاية أهل البيت عليهم السلام.. وله هذه الدموع الغزيرة في مناجاة ربه تارة، وفي إقامة عزاء أهل البيت (ع) تارة.. فإن الجنة مضمونة له، فإذا لم تكن الجنة له، فلمن خلقت إذاً؟!.. وعليه، فإن على المؤمن أن لا يفكر في الجنة، فهي محجوزة له!.. وإنما عليه أن يفكر في الدرجات العالية، وفي مقعد صدق عند المليك!..
الكلمة:٧
إن التأثر الشعوري بمصائب أهل البيت (ع) من النقاط مهمة؛ فالإنسان كلما زاد بلوغاً ذكرياً وعاطفياً، كلما زاد تفاعله بمصائب أهل البيت (ع).. لأنَّ الأئمة (ع) وعلى رأسهم النبي المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- يمثلون أعزَّ الخلقِ على الله عزَّ وجلَّ.. وبالطبع من محبة الله، أن يتألم الإنسان لما يقع على مَن أحبه الله عزَّ وجلّ..
الكلمة:٨
إن ما يوجب التوفيق للبكاء والتفاعل مع مصائبهم، هو حال الإنسان قبل المجلس وبعده.. فالذهاب لمجالس أهل البيت أو إلى مشاهدهم، يحتاج إلى إعداد نفسي.. فالذي يعيش جو المزاح واللهو والهذر وما شابه ذلك، قبيل المجلس بلحظات؛ كيف يتوقع منه أن يتفاعل تفاعلاً بليغاً، عندما يستمع إلى مصائبهم؟!..
الكلمة:٩
إن الإنسان باستطاعته معرفة سلامة قلبه، من خلال ذكر أبي عبد الله الحسين الشهيد (ع).. فالذي لا يرقُ قلبه في ذكر الحسين (ع) هذهِ الأيام؛ فليعلم أن هنالكَ خللا ما في البين.
الكلمة:١٠
وقال الصادق (عليه السلام): (رضا جدي أن لا يبقى في النار موحد).. النبي (ص) لا يرضى أن يبقى هذا الإنسان بنار جهنم، فكيف بالموالين؟.. وكيف بالذين يبكون على الإمام الحسين (ع)؟.. فالإمام الرضا (ع) يقول: (فعلى الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام).. وعليه، فإن المؤمن لا يفكر في الجنة، بل في الدرجات العالية!..
الكلمة:١١
إنّ لكل حركة عبادية، ظاهرا نؤديه بجوارحنا.. وكذلك فإن هناك: مظهرا، وجوهرا، وآدابا باطنية؛ متعلقة بالبنية الداخلية للإنسان.. فالذي يريد أن يتقن العمل الجوارحي، لابد أن يعمق ويدعم الجانب الباطني أيضا.. لهذا قيل: (نية المؤمن؛ خير من عمله)؛ لأن رتبة النية إلى العمل، كرتبة العلة إلى المعلول.. وفي مجالس الإمام الحسين (ع)، هناك حركة جوارحية: حضور المجالس، واستماع المواعظ، والبكاء.. وبموازاة هذه الحركة الظاهرية، هناك أيضا آداب باطنية.
الكلمة:١٢
إن الوجوه تكون في حالة استبشار، بعد انتهاء مجالس عزاء سيد الشهداء، حتى ليلة العاشر.. هذا الاستبشار وهذه الراحة النفسية، لا توجد حتى في الأعراس.. في مجلس عزاء سيد الشهداء تكون: العيون باكية؛ ولكن يخرج الإنسان من المأتم، وهو في أفضل حالاته النفسية.. لهذا فإن الكلمات المسترسلة، وحالة الضحك وغير ذلك بعد الفراغ من المجلس؛ هي حالة مذمومة.. ولكن الابتسامة بعد المأتم لها دلالة، حيث أن الإنسان خرج من حمام روحي.. فالإمام الرضا (ع) يقول عن مجالس جده الحسين (ع): (فإن البكاء عليه، يحط الذنوب العظام).
الكلمة:١٣
إن هنالك تفضلاً إلهياً في المواسم العبادية المباركة، وتصرفاً في القلوب.. وإلا فلو نظر الإنسان إلى نفسه، لا يرى ذلك الاستحقاق أبداً.. ولهذا فمن المناسب استثمار حالة الإقبال بعد ختام المجلس، بأن تحول دموع الولاء إلى دموع المناجاة مع رب الأرباب، فإنه من صور الخسران ألا يستثمر الإنسان الحسيني هذه الرقة في مصالحة مع رب العالمين، وإنها لفرصة ذهبية أن يتحول إلى إنسان مناج ربه –عز وجل- بعد ختام المجلس.
الكلمة:١٤
إن الإبكاء على الحسين (ع) لا يحتاج إلى صعود المنابر والأعواد أو الجمهور العريض.. فبإمكان الإنسان المؤمن أن يجمع العائلة والأطفال الصغار، وينقل لهم جزيئات المقتل ولو بشكل سرد عادي.. قال الإمام الصادق (ع): (من أنشد في الحسين فأبكى عشرة، فله الجنة.. ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحدا، فله الجنة!.. ثم قال: من ذكره فبكى، فله الجنة)؛ أي أن هنالك ما يقتضي دخوله الجنة.. ولو أن الإنسان جاء يوم القيامة، وقد تساوت حسناته وسيئاته، ولم يبقَ في دفتر أعماله إلا هذا البكاء على سيد الشهداء (ع) قطعاً وبلا ريب أن له الجنة.