الكلمة:١
الغلو هو أن يعطى للشخصية الإسلامية -سواءً كان نبياً أو وصياً أو صحابياً- المستوى الذي لا حق له فيه ، أو يجعل لهم مقاماً موازياً لرب العالمين إلى حد الشرك.. وهذا ما وقع في التأريخ في المغالين في علي (ع) ، فأقام عليهم الحد وأحرقهم.. وهو أيضاً ما يحدث عند المسيحيين الغلاة ، الذين أعطوا المسيح (ع) مقام العبودية ، وهو قد تبرأ منهم كما ورد في سورة المائدة.
الكلمة:٢
إن التنقيص وعدم إعطاء الشخصية حقها؛ يعد ظلماً.. كما يرى عند البعض ممن غلبت على عقولهم المادية، فهو قد لا يستوعب المفاهيم الواردة في الذوات المقدسة، فينسب ذلك إلى الغلو، فيستغرب أدنى فضيلة أو كرامة لهم (ع).. فأين هؤلاء من هذه الأمور العجيبة الواردة في القرآن الكريم، التي لولا أنها كلام الله تعالى -الذي نصدقه ونؤمن به- لما صدقت؟!.. فهذا الهدهد الذي ذهب إلى اليمن، ثم جاء بتحليل سياسي عسكري ديني ثقافي!.. وتلك نملة تشخص الموكب وصاحب الموكب!.. وماذا عن ذلك العفريت الذي جاء بعرش بلقيس قبل طرفة عين!..
الكلمة:٣
إن الإنسان بطبيعته، يحب من يبالغ في حبه، فترى بعض الناس رغم أنه ليست له ملكة من الملكات، أو صفة من الصفات، ولكنه إذا مُدح بتلك الصفة المفقودة، يفرح في ذات قلبه، ويحب مثل هذه السمعة الباطلة.. ولكن أئمتنا -عليهم السلام- وقفوا موقفاً حاسماً وحازماً، من الذين صوّروا الأئمة تصويراً لا يطابق واقعهم.. وإن كان واقعهم واقعاً نورانياً، لا تحيط به عقولنا؛ ولكن جعلوا لأنفسهم حدوداً.. يقول الإمام الصادق عليه السلام: (احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم!.. فإن الغلاة شر الخلق؛ يصغرون عظمة الله، ويدعون الربوبية لعباد الله).. أي أن الذين يبالغون في أوصافنا، وفي احترامنا، وفي تقديسنا؛ فهؤلاء هم شر خلق الله.
الكلمة:٤
إن القرآن الكريم نهى عن الغلو في كتابه عموماً، وإن كان الخطاب بحسب الظاهر لأهل الكتاب، ولكنه درس للجميع.. يقول تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ}.. فالغلو وإن كان في الدين، وإن كان من أجل تصوير رموز الدين تصويراً مبالغاً فيه.. فإن رب العالمين لا يرضى به، وإن كان غلوَاً فيمن يحبهم الله عز وجل.. ولهذا المسيحية انحرفت عن الطريق، عندما نسبوا إلى عيسى، ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى.