الكلمة:١
إن البعض -مع الأسف- يعلق الآمال العريضة على شفاعة أهل البيت (ع)؛ مغفلاً العمل بمنهجهم، واتباع سيرتهم العطرة.. والحال بأنهما جناحان يطير بهما الإنسان..
الكلمة:٢
إن الذي يريد أن يصل إلى مقام الشفاعة، لابد وأن يقرن ذلك بالعمل والاستنان بسنة النبي وأهل بيته (ع).. وإن لم يوفق للعروج إلى مدارج الكمال وغلبة الهوى، فعندئذ النبي الأكرم -بإذن رب العالمين- سيُعْمِل شفاعته لهذه المادة القابلة..
الكلمة:٣
إن البعض -مع الأسف- يرتكب الذنوب معولاً على شفاعة أهل البيت (ع)، والحال أن المؤمن لا يعول على الأمور الظنية، وما لا يوجب اليقين.. فمن يضمن له أنه مع تراكم هذه الذنوب، سيكون مستحقاً للشفاعة؟!.. ومن يدري إلى أين تجره؟!.. ربما إلى حيث لا تنفع فيه الشفاعة؛ إلى الكفر والعياذ بالله.. فلنعتبر بما يقوله أمير المؤمنين (ع): (لا تتّكلوا بشفاعتنا، فإنّ شفاعتنا قد لا تلحق بأحدكم إلاّ بعد ثلاثمائة سنة)!..
الكلمة:٤
إن الشفاعة تحتاج إلى سنخية.. فالنبي (ص) عندما يشفع لأحد، فإنه يشفع لمن هو يستحق الشفاعة.. فالذي يحب أن ينال الشفاعة؛ لابد أن يحقق سنخية ما بينه وبين النبي الأكرم (ص)، ويطلب من الله -عز وجل- أن يعينه على الاستنان بسنة النبي (ص)..
الكلمة:٥
إن رب العالمين جعل الشفاعة كرامة لأوليائه، غير أن المؤمن ينبغي أن يبذل قصارى جهده.. وكم من الجميل أن يدخر الإنسان شفاعة الأئمة (ع) لرفع الدرجات، لا لمحو السيئات، ويطلب من النبي وأهل بيته (ع) أن يصعدوه إلى مرتبتهم التي هي فوق التصور!..
الكلمة:٦
إن المؤمن لا يرتكب الذنوب تعويلا على الشفاعة!.. فالشفاعة قانون استثنائي، وقانون فوق العادة، إنه سر من أسرار الله عز وجل.. وأصل الشفاعة مسلَّم، ولكن متى يشفعون؟.. ولمن يشفعون؟.. وبالتالي، علينا أن نعمل بما أمرنا، وبعد ذلك لا نقطع الأمل.. إن قانون الشفاعة من موجبات بعث الأمل أيها المذنب!.. فالمذنب عندما يعيش الندامة على الذنب، يعوِّل إضافة إلى ذلك على شفاعة الموالي، الذين عندما يرون فيه صدقا ووفاء في العمل بالعهد، ممكن أن تناله هذه الشفاعة.
الكلمة:٧
إن البعض يظن بأن الشفاعة فقط لمحو الذنوب، ومادام الإنسان معصوما، وعادلا، وملتزما بالشريعة، فلا داعي لأن يتوسل بالنبي.. وعندما يزور النبي (ص) يزوره بجفاء، وبكلمات مختصرة، ويظن أنه لا داعي أن يكثر من الطلب والحاجة!.. من قال: أن الشفاعة لغفران الذنوب فحسب!.. إن الشفاعة لغفران الذنوب عند العصاة، ولرفع الدرجات عند غير العصاة، فالجنة لها منازل لا تعد ولا تحصى.. فهنالك قوم ضيوف على أهل الجنة، وهناك قوم من رفقاء محمد (ص).. فإنا عندما نطلب من النبي (ص) الشفاعة والوجاهة؛ كي يجعلنا في محل القدس، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الكلمة:٨
إن الشفاعة من المسائل التي لم يحدد لها الشارع المقدس قواعد مضبوطة، حتى يتم التعويل على أمر معين.. ومن هذه القواعد ما ذكره إمامنا الصادق (ع) وهو في حال الاحتضار، إذ قال: (إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة).
الكلمة:٩
إن البعض قد يتوغل في المعاصي، معولاً على مسألة الشفاعة.. وهذا متوقع من الإنسان الذي لم يلم بمقاصد الشريعة، ولم يأنس بما جاء في الآيات والروايات.. نعم، نحن نعتقد بمسألة الشفاعة، ولكن ينبغي أن لا نغفل عن قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}.. صحيح، أن هنالك شفاعة، ولكن هي تحت قيد الإذن من الله تعالى.. وأن شفاعة النبي هي من مصاديق رحمته بالأمة، حيث يستعمل وجاهته عند الله تعالى، ويطلب إنقاذ البعض من هذا المصير الأسود -نار جهنم- وقطعاً هو مستجاب الدعوة.. ولكن نحن نعلم بأن الإمام الصادق (ع) قال: (إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة).. فإذن، هنالك قواعد أساسية لابد أن يراعيها الإنسان، فالذي يراعي سيره في الحياة، ولا يتعرض لغضب الله -تعالى- عن عمد وإصرار، بلا شك أنه في معرض الشفاعة الإلهية.