Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن الموت في نظر الناس فناء، وعدم، وصيرورة إلى التراب.. ولكن القرآن يقول: لا، ليس كذلك، بل العكس!.. فقد ذكر الموت قبل الحياة؛ لأن الموت أشرف من الحياة، فهو انتقال للثمرة..
الكلمة:٢
إن الموت بالنسبة لنا يمثل النهاية، والحال بأنه هو البداية.. ويمثل الفراق، والحال بأنه يمثل الوصال (أي فراق مع الخلق، ووصال للخالق)..
الكلمة:٣
إن الإنسان الذي يتمنى الموت، هو الولي؛ لأنه أعد له العدة.. فالموت بكلمة واحدة: هو ستار وضع بين المحب وحبيبه..
الكلمة:٤
إن ضغطة القبر ليست لهذه الأبدان، والسعادة ليست لهذه الأبدان.. إنما هي للأرواح!..
الكلمة:٥
أليس هناك لقاء إجباري مع الله -تعالى- يوم القيامة {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}، فاللقاء إجباري شئت أم أبيت، فلماذا لا نتودد إليه قبل هذا اللقاء الإجباري؟.. وقبل أن نفتضح على رؤوس الأشهاد؟..
الكلمة:٦
إن القليلين هم الذين يعيشون حقيقة هذا السفر -الموت- ويعدون له العدة.. والمصيبة الكبرى أن الإنسان بمجرد أن يذهب من هذه الدنيا، يستفيق على سفره.. ولكنه يستفيق وقد وصل إلى المحطة الأخرى، وليس له زاد في تلك المحطة.
الكلمة:٧
إن الإيمان بالحياة بعد الموت، مرتبط بعقيدة المعاد، التي هي إحدى أصول العقيدة الإسلامية، التي من أنكرها خرج عن كونه مسلماً.
الكلمة:٨
إن مدارك الإنسان محدودة جداً، فرغم غزارة الآيات والأحاديث، التي تتحدث عن فترة ما بعد الموت، إلا أنها يبقى يلفها الغموض وعدم الوضوح، بسبب ضيق أفق الإنسان، واختلاف المقاييس.. وبالتالي، فإن صعوبة رسم صورة جلية في مخيلته لما يرتقبه من أحداث ووقائع، مما يثير الخوف لديه.
الكلمة:٩
إن الفكر الإسلامي يزخر بالكثير من المفاهيم والعقائد، التي تعطي رؤية وتصوراً، لما يحدث بعد الموت.. لأجل الحث على التأهب التام لتلك المرحلة مما يهون مسألة الموت، ويحوله من حالة سلبية في الحياة إلى حالة إيجابية.
الكلمة:١٠
إن الإيمان بأن الموت انتقال من دار إلى دار: (لم تخلقوا للفناء، وأنما خلقتم للأبد والبقاء، وأنما تنقلون من دار إلى دار)، وأن هذه الدار ستكون للمؤمن المتقي خير دار صنعها بنفسه، بعيدة عن الظلم والعدوان، وكل أنواع الشرور؛ مما ينفي أو يخفف الخوف من الموت.
الكلمة:١١
إن الإيمان بأن الموت والحياة عمليتان متداخلتان ومتعاقبتان، وأن من يميتنا قادر على إحيائنا، وأن الموت يأتي للإنسان في وقته، بعد أن يستوعب الإنسان مقدماته غالباً؛ فإن ذلك من موجبات عدم الخوف من الموت.
الكلمة:١٢
إن مسألة الشعور بخطر الموت والخوف منه، هي من أكبر مسببات القلق والخوف في الحياة.. إلا أن إدراك حقيقة الموت، تقلل من ذلك القلق والشعور بعدمية معنى الحياة.. فالموت ما هو إلا محطة من المحطات العديدة في حياتنا، ولا يمثل النهاية الأبدية مطلقاً، وإنه من رحمة الله تعالى بالمؤمنين خاصة، ليجدوا ثمرة أتعابهم وجهودهم الخيرة (اجعل صومك الدنيا، وفطرك الموت).. وبذا يتحقق في نفس الإنسان الرضا والطمأنينة، ويحل محل الحزن والقلق.. لذا علينا أن نجهد أنفسنا، لنكون حقاً من المؤمنين الفائزين في الدنيا والآخرة {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
الكلمة:١٣
إن كثرة المشاغل والهموم الدنيوية، وعدم الاهتمام والانشغال بما بعد الموت، مما يسبب الغفلة والقسوة عند الإنسان (فالقلوب قاسية عن حظها، لاهية عن رشدها، سالكة في غير مضمارها.. كأن المعنيّ سواها، وكأن الرشد في إحراز دنياها).
الكلمة:١٤
ينبغي أن نفرق بين الموت والفناء، فإذا قيل: دار الفناء، فهو تعبير مجازي، إذ ليس هناك فناء في هذا الوجود.. حتى أن الجسم الذي -بحسب الظاهر- يفنى، فإن خلاياه تتحلل وتذهب، لتتحول إلى غازات أو ديدان أو ما شابه ذلك، كما هو معروف في علم الفيزياء والكيمياء، فهذه الجزيئات لا تفنى.. وأما الروح، فلا تتجزأ فإنها تبقى على ما هي.. فالأبدان تتحول إلى أشجار وإلى سماد وما شابه ذلك، ولكن الروح تبقى كما هي.. والإنسان عندما يموت، فإن روحه تنتقل من عالم إلى عالم آخر.. وإنه عندما يقال: بأن القبر إما حفرة من حفر النيران، أو روضة من رياض الجنة؛ فإنه لا يُقصد بها هذه الحفرة الأرضية، وإنما يقصد من ذلك المسكن الروحي.
الكلمة:١٥
قد ورد في بعض الروايات -ما مضمونه-: بأن الإنسان عندما يموت ينتقل إلى الآخرة بآخر ما كان مشغولاً به، فالإنسان المتعلق قلبه -مثلا- ببناء منزل، وكل همه وغمه أن ينجزه؛ فإنه عندما يموت، يذهب للآخرة بهذا الهم الذي كان في جوفه؟!..
الكلمة:١٦
إن الالتفات إلى قصر الحياة -وكيف أن أنواع المتع المحللة والمحرمة منها إلى زوال وفناء- من حوافز الزهد في العاجل من المتاع.. ومن هنا عبرت الرواية عن الموت، بأنه هادم اللذات.. وقد أمرنا بإكثار ذكر الموت؛ لئلا نعيش حالة الوهم في الحياة، من خلال رؤية متاعها في حلم لذيذ كاذب، ليستيقظ بعدها العبد، وقد وجد الله عنده فوفاه حسابه.
الكلمة:١٧
لا ينبغي أن نحيط الحديث عن الموت، بهالة من الخوف والتشاؤم، بعدما علمنا أن الشطر الأهم والأطول -بطول الخلود- من حياة أحدنا إنما هو بعد الموت.. ومن هنا لزمت البرمجة الدقيقة، لاستقبال تلك المرحلة قبل مفاجأتها لنا.. وهذا معنى قول المعصوم (ع): (موتوا قبل أن تموتوا)!..
الكلمة:١٨
إن البعض تبدأ سعادته بعد الموت مباشرة.
الكلمة:١٩
إن الذي يعتقد بحاكمية هذا الرب المهيمن المقتدر المسيطر، الذي بيده مقاليد السماوات الأرض؛ كيف له بعد ذلك الاعتقاد أن يكون في زمرة الغافلين، ولا يفكر في الوصول الاختياري إليه عز وجل!.. ترى ما الفائدة في أن يلتقي الإنسان بربه في ذلك العالم، وقد أغلقت الملفات التي كان بإمكانه أن يملأها خيراً في هذه الدنيا؟!.. فإن القضية تحتاج إلى برمجة؛ لأن هذا سفر وطريق، وللمسافر: زاده، ورفقته، وعقباته في سفره الآفاقي؛ فكيف بالسفر الأنفسي الأكثر تعقيداً؟!..
الكلمة:٢٠
إن الإنسان المؤمن يرى نفسه في سفر دائب، والقرآن يشير إلى ذلك، إذ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}؛ فهو ينتقل من منزل لآخر، وما الموت إلا منزل من هذه المنازل الممتدة في حركته التكاملية، بل يقال حتى أن أهل الجنة أيضاً يتكاملون تكاملاً معنوياً.
الكلمة:٢١
إن الموت أشبه باقتلاع نخلة من مكانها!.. إذا كانت نبتة صغيرة، يقلعونها بيد واحدة أو بيدين.. أما إذا كانت متجذرة في الأعماق، يأتون برافعة قوية، ويربطونها بالنخلة، ويقتلعونها من جذورها.. هذا منظر مؤلم!.. نبتة مستقرة لمدة سنوات، ومثمرة؛ ولكن لضرورة من الضرورات يقتلعونها من الأرض.. وكلما كانت العروق منتشرة في الأرض، كلما كان القلع أصعب!.. إنسانٌ عاش ستين سنة في هذه الدنيا، أحب أشياء كثيرة: المخلوقين، الجمادات، مكان سكنه، أولاده.. أحب أشياء كثيرة، والآن يُقلع!.. في الحقيقة هذا مدعاة لأن يعيش الإنسان معاناة كبيرة وصعبة وثقيلة!..
الكلمة:٢٢
نحن نعلم أن الفترة التي تمتد من الموت إلى البعث، الأمر ليس بأيدينا، هذه الفترة فترة غير اختيارية.. الإنسان في هذه المرحلة، يكون في رحمة الله الواسعة.. وإن كان لديه صدقات جارية، أو ولد صالح، أو علم نافع؛ فإنها تنفعه.. وكذلك ما قبل الولادة، الإنسان يكون في عالم الأجنة، وعالم النطفة، وعالم الأرواح؛ أيضاً ليس هنالك أمرٌ باختيار الإنسان.. والفترة الوحيدة التي مُنح الإنسان فيها الاختيار، هي: مرحلة الولادة إلى مرحلة الموت؛ لذا هي من أهم الفترات في حياة الإنسان!..
الكلمة:٢٣
أهم معادلة لحل لغز الموت أن نعلم من نواجه، فأنت إذا كنت في سفرك الأبدي ذاهبٌ لله -محبوبك، ومعشوقك الأوحد، والذي جهدت في حياتك على طاعته، والتقرب منه-؛ فسيكون سفرك سعيداً.. وعندما لا تكون كذلك، فبالطبع ستكون رغبتك هي الفرار من الموت الذي لا مفر منه.. فأنت تسعد بعملك، وبمقابلة من عملت له، أو العكس!..
الكلمة:٢٤
إن مسألة الموت تُعد من أعقد المسائل، التي واجهت الفكر الإنساني في مختلف مراحله، حيث كانت ولاتزال مثيرة للقلق والحيرة لدى الفلاسفة والمفكرين، لما فيها من الغموض والإبهام.. وقد اتجهت التيارات الفكرية بشكل عام في اتجاهين متعاكسين وهما: الفكر المادي الجاهلي، الذي يرى أن الموت هو الفناء الأبدي، ولاشيء بعده.. أما الفكر الآخر، فهو الفكر الرسالي الإلهي، الذي يرى أن الموت هو امتداد لحياة الإنسان، وبداية لعالم جديد.. إنه غاية الحياة، وكمال نظامها، وهو من مصاديق العدل الإلهي.. إنه نهاية لمرحلة معينة من حياة الإنسان، وبداية لمرحلة أخرى لها قوانينها الخاصة.
الكلمة:٢٥
إن الإيمان بالحياة بعد الموت، مرتبط بعقيدة المعاد، التي هي إحدى أصول العقيدة الإسلامية، التي من أنكرها خرج عن كونه مسلماً.
الكلمة:٢٦
إن الموت يمثل نهاية الحياة الدنيا بكل آمالها وطموحاتها، لذا يثير حالة الرعب لدى الإنسان، خوفاً من أن يفقد كل ما يملكه.. سئل الإمام الحسن (ع): يا بن رسول الله!.. ما بالنا نكره الموت، ولا نحبه؟.. قال الحسن (ع): (إنكم أخربتم آخرتكم وعمّرتم دنياك..، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب).
الكلمة:٢٧
ينبغي أن يكون هناك وعي دائم للغاية الحقيقية من الموت: وهي الاختبار والابتلاء.. فمن علم أن هناك نهاية لا مفر منها، وحساباً وجزاء على الأعمال، فإن عليه أن يستعد لذلك، ويعمل بجد لآخرته، ولا يغتر بالدنيا، ولا يركن إليها، فهي زائلة لا محالة.. وليعلم أن البلاء له في الدنيا أفضل من الحساب في الآخرة، وأنه مقياس لدرجة إيمانه (أشد الناس بلاء أهل الخير والصلاح، بعد الأنبياء والرسل).
الكلمة:٢٨
ينبغي أن نفرق بين الموت والفناء، فإذا قيل: دار الفناء، فهو تعبير مجازي، إذ ليس هناك فناء في هذا الوجود.. حتى أن الجسم الذي -بحسب الظاهر- يفنى، فإن خلاياه تتحلل وتذهب، لتتحول إلى غازات أو ديدان أو ما شابه ذلك، كما هو معروف في علم الفيزياء والكيمياء، فهذه الجزيئات لا تفنى.. وأما الروح، فلا تتجزأ فإنها تبقى على ما هي.. فالأبدان تتحول إلى أشجار وإلى سماد وما شابه ذلك، ولكن الروح تبقى كما هي.. والإنسان عندما يموت، فإن روحه تنتقل من عالم إلى عالم آخر.. وإنه عندما يقال: بأن القبر إما حفرة من حفر النيران، أو روضة من رياض الجنة؛ فإنه لا يُقصد بها هذه الحفرة الأرضية، وإنما يقصد من ذلك المسكن الروحي.