Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن رب العالمين جعل أدوات التلذذ أدوات حسية، هنالك قنوات لاكتشاف أو لجذب التلذذ: العين ترى المناظر الجميلة تتلذذ، الأنف يشم، يستذوق الطعام باللسان.. إذن، إن كل هذهِ المظاهر التلذذية، تجري على هذهِ المنافذ الخارجية.. أما السعادة، فهي أمر آخر ما وراء التلذذ..
الكلمة:٢
إن الخطوة الأولى في طريق السعادة، أن يحصر الإنسان همتهُ في أمرٍ معقول، وهذا الأمر المعقول نستفيدهُ من كتاب الله -عز وجل- وهي تحقيق العبودية.. فالإمام الصادق -عليه السلام- يقرر مبدءاً أول، وهو: ما كل من أراد شيئاً قدر عليه، ولا كل من قدر على شيء وفق له.
الكلمة:٣
لابد أن نعرف أن الشيء قد ينال، ولكن هذا الشيء الذي نالهُ الإنسان، لا يكون مقدمةً للتوفيق.. ولا كل من وفق، أصاب لهُ موضعاً.. إذن، أين السعادة؟.. يقول (عليه السلام): (فإذا اجتمع: النية، والقدرة، والتوفيق، والإصابة؛ فهناك تمت السعادة).. عندما تكتمل هذهِ الحلقات جميعاً، بدءاً بالنية والقدرة والتوفيق والإصابة، فهنالك تجب السعادة.
الكلمة:٤
إن هنالك قضية لابد أن نلتفت إليها، وهي أن العبادات: المستحبات والواجبات؛ لها أنوار، هذهِ الأنوار قد لا نلتفت إليها في الحياة الدنيا.. ومن هنا الذي يريد السعادة الكاملة، عليهِ أن يستمتع بنفحات كل العبادات والطاعات، لا ينتقص واجبا ولا مستحباً؛ لأن لكل عبادة -كعالم الفيتامينات في عالم الطبيعة- علقة من هذهِ السعادة..
الكلمة:٥
إن من المحطات المهمة جداً في حياة النبي موسى (ع) ما جرى له في جانب الطور، حيث رأى ناراً -نلاحظ بأن الله قام بأمرٍ تكويني- فالنبي موسى (ع) ذهب لأمر عادي من شؤون الحياة العادية، لكن الله -تعالى- جعل في هذه الحركة الطبيعية البركة الكثيرة.. فمن الممكن أن نعنون هذه الحركة تحت عنوان: (كن لما لا ترجو، أرجى منك لما ترجو)!..
الكلمة:٦
إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن السعادة من مواصفات القلب.. فالقلب هو الذي يفرح ويحزن، ولا يوجد هنالك شيء في الخارج اسمه حزن أو سعادة.. نعم، يوجد منظر حزين، أو منظر مفرح.. ومادمنا اعتقدنا أن القلب هو الأداة التي يتحرى بها إدراك السعادة، فلابد أن نبحث عما يتناسب معه؛ أي ما يتسانخ مع عالم القلب أي العالم الباطني.. وما هو الجميل في عالم الخارج، لا يوجب الجمال والارتياح في عالم الباطن.. فلنبحث إذن عن مصدر آخر للسعادة!..
الكلمة:٧
إن هذا الدين فيه سعادة البشرية.. فالذي لم يؤمن بالله -عز وجل- وآمن بالجبت والطاغوت، وكفر بالله -عز وجل-، ليس له فقط جزاء أخروي في نار جهنم خالداً، بل حياته الدنيا حياة تعيسة.
الكلمة:٨
لنتأمل مبدأ تفتح الأكمام الباطنية، فإنه باب للأمل واسع!.. إن النبي (ص) الذي كان يعبد ربه بما أمكنه من عبادة طوال أربعين سنة، انفتحت أكمامه في ليلة المبعث دفعة واحدة، وإذا به يتحول من حالة التقرب الفردي إلى حالة التقرب الأممي.. ومن المعلوم أن ذلك لم يكن وليد ليلة؛ وإنما ثمرة جهاد مستمر في طاعته.. وعليه، فمن اشتغل في عالم المجاهدة ورياضة النفس، عليه أن لا يعيش حالة الإحباط بعدم تفتح أكمامه الباطنية في أول الطريق.. إذ قد يصلح الله -تعالى- أمره في ليلة، فيتحول من عالم إلى عالم يـُدرك ولا يـُوصف.
الكلمة:٩
إن من أهم أسباب السعادة والراحة النفسية -وخاصة في زمان الأزمات-؛ الإحساس بأن هناك يدا ترعى الوجود رعاية شفيقة.. فإن الأصل في هذا الوجود هو اللطف والإكرام، لا العذاب والانتقام.. ومن الواضح أن الحكيم إذا أحب أحدا، فإنه يجري الأمور عليه بما سيكون في صالحه عاجلا أو آجلا.. وإن اعتقد الفرد خلاف ذلك، لجهله بعاقبة الأمور.. ومن هنا كان مقام التفويض من أعلى صور العبودية لله رب العالمين.. فهذا إمامنا (ع) يمرض مرضا شديدا في زمان أبيه الحسين (ع) فيقول له: ما تشتهي؟.. فيقول السجاد (ع): (أشتهي أن أكون ممن لا أقترح على الله ربي ما يدبره لي).
الكلمة:١٠
إن موطن السعادة: هو القلب.. وذلك لا يتحقق بمجرد إشباع الشهوات، أو بتلبية الرغبات المادية، وإنما باستشعار حالة الاطمئنان، كما في قوله تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.. وبتأمل بسيط في هذه الآية، نلاحظ أن: (ألا): أداة تنبيه، إشارة إلى أمر مهم؛ (بذكر الله): فتقديم ما حقه التأخير في اللغة العربية يفيد الحصر؛ (القلوب): الجمع المحلى بأل يفيد العموم.. وفي هذا دلالة أكيدة على أنه لا يوجد قلب في الوجود يطمئن إلا بذكر الله تعالى، وأما ما عداه فإنه وهم في وهم.
الكلمة:١١
إن من موجبات السعادة، أن يكون الإنسان أنسه مع نفسه، فلا يستوحش إذا خلا لوحده، أو يعيش حالة الضيق والأذى، قال الصادق (ع): (السعيد من وجد في نفسه خلوة يشغل بها).
الكلمة:١٢
إن النفس المطمئنة: هي تلك النفس التي جمعت الكمال النظري والعملي في أعلى درجاته، كذلك الشاب الذي وصل إلى مرحلة اليقين.. فهي نفس انكشفت عنها الحجب، بحيث وصلت إلى مرحلة لا ترى كثير معاناة في ترك الحرام، وما لا يرضي الرحمن.