Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ما هي وزن الصلاة عندك؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أهم إنجاز يُمكن لأحدنا أن يقوم به في هذه الحياة

إن معرفة أسرار الصلاة الخاشعة أهم إنجاز يُمكن لأحدنا أن يقوم به في هذه الحياة. هب أنك من كبار التجار أو هب أنك من كبار المحاضرين في الجامعة، أو لك ما لك من الأموال والمقام، وما شابه ذلك؛ فإذا لم تتقن الوقفة بين يدي الله عز وجل فلا تملك شيئا. يدعي أحدهم أنه له علاقة طيبة بفلان، فيُطلب منه إثبات ذلك، فيذهب إلى منزله ويطرق عليه الباب فلا يفتح له وإذا فتح الباب لا يُقبل عليه، أفلا يُقال له: أي علاقة طيبة هذه التي تدعيها؟ لو كانت لك علاقة طيبة به لاستقبلك بترحاب ولأضافك ضيافة متميزة. إن هذا الاستقبال الفاتر، يدل على فتور العلاقة. إنك لو أقبلت في صلاتك وتوجهت فيها؛ توجه الله إليك وكان ذلك دليلا على أن رب العالمين قد نظر إليك في الصلاة ويريد أن يحدثك.

الاهتمام بتعلم الآداب والأحكام التي تجعلنا نُتقن الصلاة

إن دورة الصلاة الخاشعة هي من أغلى الدورات في الحياة. إن البعض منا له تخصص في أمر نادر، ولكنه لم يقرأ ولم يستمع إلى دورة في الصلاة الخاشعة في حياته كلها. والملفت أن بعض الدورات لا تنفعك إلا في زيادة دريهمات تضاف إلى راتبك؛ بخلاف هذه الدورة التي تعم بركاتها الدنيا والآخرة. إنك تبذل جهدا في إقامة الصلوات الخمسة وخاصة صلاة الفجر ويتضاعف هذا الجهد في إقامتها جماعة في المساجد؛ فلماذا تبخل بعد كل هذا عن نفخ الروح في قوالب الصلاة هذه؟ أنت تتعب في صنع القالب، ولابد أن تهتم في القلب أيضا.

الشوق إلى اللقاء في الصلاة

ولا يكفيك المشاركة في دورات أو الاستماع إلى محاضرات أو قراءة الكتب حول الصلاة الخاشعة؛ وإنما عليك أولا أن تجعل للصلاة وزنا في حياتك. اومن أجل ذلك إما أن تهتم بالملاقى وإما أن تهتم باللقاء. قد يترقب الرجل لقاء إنسان عزيز عليه؛ لا لشيء وإنما لما لهذا الملاقى من مكانة في قلبه. فإذا كان ولدك في بلادك الغرب ولم تراه منذ عشرين سنة مثلا، كغياب يوسف (ع) عن أبيه يعقوب (ع)، وعلمت أنه آت، لذهبت شوقا إليه لستقبله بالمطار وتستعد هناك للقاءه. وإذا تأخرت الرحلة تغلي من الداخل وتنتابك الأحزان إلى أن تلتقي به.

والبعض يُغمى عليه من شدة الشوق. إنه ليس لك عمل تريد أن ينجزه لك المأمول أو الملاقى؛ فلا هو أنت ترجو ماله الوفير، ولا جاهه الكبير ولا ما شابه ذلك وإنما هو شوق يحدوك للقاءه، ووزن له في قلبك يحثك لرؤيته. وخاصة إذا كان المنتظر هي الأم. ففي بعض المطارات نسمع صيحة في المستقبلين، فيُقال: هذه أم رأت ولدها بعد طول غياب. وتأتي هذه الأهمية من شدة المحبة.

هل وصل بخار القلب إلى ذهنك؟!

ومثال آخر على هذا الحب والشوق هو مثال البخار الذي يخرج من القدر. إن ذكرك لله عز وجل هو بمثابة بخار يخرج من قدر يغلي بنار المحبة. إن حب الله عز وجل بمثابة النار التي توقد تحت قدر الباطن فيصعد البخار ليصل إلى الذهن، ويُصبح الذهن ذاكرا. ولهذا نجد أن النبي والأئمة (ص) والصالحون وأولياء الله الكبار الملحقون بهم؛ لا يحتاج أحدهم إلى تكلف الذكر. إن هذا اللسان المسكين، ليس له كثير قيمة؛ لأن أذهانهم محشوة أو ممتلئة بما صعد من أفئدتهم. أما الإنسان الذي لا قدر له، أو له قدر قد وضعه في مكان بارد، لا يخرج منه بخار؛ فقلبه لا يغلي وذهنه لا يصل إليه بخار القلب.

ماذا لو أصبح القلب ذاكرا؟

وإذا أصبح القلب ذاكرا؛ لا يحتاج المرء إلى أن يحرك لسانه دائما بالذكر؛ فهو ذاكر وإن كان صامتا بحسب الظاهر. إن عادة العشاق أن يكتموا الهوى خوفا من الفضيحة؛ فترى الرجل منهم صامت وقلبه مضطرب بذكر المحبوب،و هكذا هم أولياء الله الصالحون. فالصلاة لقاء مع من كان قلب الإنسان مشغولاً به طوال اليوم.

أهمية اللقاء

وقد يكون اللقاء في نفسه مهما. فقد لا تُحب الوزير، وليست لك علاقة به، ولا تذكره إطلاقا، ولكنك اليوم على موعد معه لتناقش قرارا مهما يتعلق بوصلك أو فصلك من العمل، عند ذلك تهتم بهذا اللقاء وتعطيه كل إقبالك. فاللقاء إما أن يكون حبا وإما أن يكون طمعا، وكلاهما عند الله سبحانه؛ فهو من يستحق الحب، وهو من يُطمع فيه وفي كرمه. إنك تناجي في الصلاة من بيده ملكوت كل شيء، والذي وصف نفسه قائلا: (وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَآئِنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ)[١]. فالمال والجاه والعافية والسعادة عند الله خزائنها وأصلها ومعدنها.

[١] سورة الحجر: ٢١.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن دورة الصلاة الخاشعة هي من أغلى الدورات في الحياة. إن البعض منا له تخصص في أمر نادر، ولكنه لم يقرأ ولم يستمع إلى دورة في الصلاة الخاشعة في حياته كلها. والملفت أن بعض الدورات لا تنفعك إلا في زيادة دريهمات تضاف إلى راتبك؛ بخلاف هذه الدورة التي تعم بركاتها الدنيا والآخرة.
  • إذا أصبح القلب ذاكرا؛ لا يحتاج المرء إلى أن يحرك لسانه دائما بالذكر؛ فهو ذاكر وإن كان صامتا بحسب الظاهر. إن عادة العشاق أن يكتموا الهوى خوفا من الفضيحة؛ فترى الرجل منهم صامت وقلبه مضطرب بذكر المحبوب،و هكذا هم أولياء الله الصالحون. فالصلاة لقاء مع من كان قلب الإنسان مشغولاً به طوال اليوم.

 

Layer-5.png