Search
Close this search box.
  • ماذا لو تهاون أحدنا بصلاته؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ماذا لو تهاون أحدنا بصلاته؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الأنبياء واهتمامهم بالصلاة

لقد فقد النبي أيوب (ع) كل شيء وكان مع ذلك متحليا بالصبر. وكان ذات يوم يصلي فجاءه الشيطان على هيئة راعي غنم، وقال له: أما تعلم ما فعل ربك بإبلك؟ يريد أن يزعجه الشيطان على ما تعرض له من ابتلائات. فقال له هذا النبي الصابر: ليست الإبل لي، وإنما كانت ملكه فأعارنيها، وله أن يسترجعها متى شاء. والشاهد في هذه القصة صلاة أيوب (ع)؛ فقد كان أيوب (ع) في تلك اللحظة التي أتاه فيها الشيطان قائم يصلي. وفي الكوفة مقام للخضر، وهو ممن كان ولا زال أنسه بالصلاة بين يدي الله عز وجل. وقد كانت لذي الكفل قصة مع الصلاة، وكانت له مناجات مع ربه. وكما روي عن الإمام الصادق (ع): (أَحَبُّ اَلْأَعْمَالِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اَلصَّلاَةُ وَهِيَ آخِرُ وَصَايَا اَلْأَنْبِيَاءِ)[١].

لو قضيت عمرا في إتقان الصلاة لما كنت ملوما

لو قضى أحدنا عمره في إقامة هذه الصلاة بما يحب الله ويرضاه؛ لكان بذلك جديرا، ولاستحقت منه الصلاة ذلك البذل من العمر.  قد يقول قائل: إننا صلينا عمراً، فما جدوى تعلم الصلاة، وما الجديد في ذلك؟ يذكر لنا الإمام الصادق (ع) كلمة فيها وخز للبواطن المستعدة، وهي: (مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً فَمَا يُقِيمُ صَلاَةً وَاحِدَةً بِحُدُودِهَا تَامَّةً)[٢]. فالذي لا يعرف حدود الصلاة كيف يُمكنها أن يصليها تامة؟ إن العلم مقدمة للعمل.

أكمل الشرائع وأفضل صلاة

ولا ريب في أن شريعتنا أكمل الشرائع وصلاتنا أفضل الصلوات من بين الأمم، وصلاة النبي الأكرم (ص) أعظم صلاة في حياة الأنبياء (ع). لقد روي عنه (ص) أنه قال يوما لأبي ذر (رض): (يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قُرَّةَ عَيْنِي فِي اَلصَّلاَةِ وَحَبَّبَهَا إِلَيَّ كَمَا حَبَّبَ إِلَى اَلْجَائِعِ اَلطَّعَامَ وَإِلَى اَلظَّمْآنِ اَلْمَاءَ وَإِنَّ اَلْجَائِعَ إِذَا أَكَلَ اَلطَّعَامَ شَبِعَ وَإِذَا شَرِبَ رَوِيَ وَأَنَا لاَ أَشْبَعُ مِنَ اَلصَّلاَةِ)[٣]. إن أنسنا نحن البشر بالمأكول والمشروب بالإضافة إلى النساء، ولذلك يشبه النبي (ص) الصلاة بهذه المتع.

فمن مشى على درب النبي (ص) وتشبه به وصل إلى الصلاة الخاشعة في يوم من الأيام، وبدرجة من الدرجات؛ لأنه لا يُمكن الوصول إلى درجة النبي الأكرم (ص). فأين صلاتنا مهما بلغت من صلاة الرسول؟ ويتفق في بعض الأوقات كشهر رمضان المبارك أن يصلي المؤمن العشائين قبل الإفطار – وهذا دأب المؤمنين – فيُذهل عن طعام الإفطار لما يشعر به من الأنس في الصلاة. أو قد ترى المؤمن في المشاهد الشريفة كالمسجد الحرام؛ يصلى العشائين؛ فلا تطاوعه نفسه أن ينتهي من الصلاة ليذهب إلى المنزل حتى يأكل ثريداً أو ما شابه ذلك. يقول في نفسه: أين نفسي ومتطلباتها وأين هذه الصلاة ولذتها؟!

وأمر أهلك بالصلاة

لقد روي عن النبي الأعظم (ص) أنه قال: (وَلْيَكُنْ أَكْثَرُ هَمِّكَ اَلصَّلاَةَ فَإِنَّهَا رَأْسُ اَلْإِسْلاَمِ بَعْدَ اَلْإِقْرَارِ بِالدِّينِ)[٤]. وهذا الحديث الشريف يحثنا على أننا إذا رأينا من زوجاتنا أو أبناءنا تهاوناً في الصلاة ولو بتأخيرها عن أول الوقت؛ أن ننبههم إلى ذلك ونقول مثلا: يا فلانة، يا أم فلان، ألم تسمعي إلى المؤذن يرفع الأذان، فمالك متثاقلة عن الصلاة؟ أو كذلك الأمر إن وجدت هذا التثاقل في أولادك، فإنها بوادر خطر، وعلائم إنذار، لأن التهاون هذا يجرئ الشيطان عليهم، فقد روي عن الإمام الصادق (ع): (قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : لاَ يَزَالُ اَلشَّيْطَانُ ذَعِراً مِنَ اَلْمُؤْمِنِ مَا حَافَظَ عَلَى اَلصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسِ فَإِذَا ضَيَّعَهُنَّ تَجَرَّأَ عَلَيْهِ فَأَدْخَلَهُ فِي اَلْعَظَائِمِ)[٥].

هكذا يبدأ التهوان في الصلاة

وقد يبدأ التضييع هذا بتأخيرها يوما أو بالصلاة يوما وتركها يوما إلى أن يصل الأمر بالإنسان إلى تركها مطلقا. هذا وللتضييع درجات؛ فعند البعض من المؤمنين يكون التضييع في السهو والغفلة في الصلاة حتى وإن صلاها في أول الوقت جماعة في المسجد. هذا وإبليس يتجرأ على من كان يصلي صلاة خاشعة وتركها، ويحاول أن ينتقم منه ويضيع ما اكتسبه في تلك الأوقات. فتضييع الصلاة يوقع الإنسان في فم إبليس وهذا ما ينبغي الحذر منه.

الابتعاد عن المناطق الآمنة

وإننا قد جربنا أن الذي كان يوما مدمنا على الحضور في المساجد وغاب فترة؛ صدرت منه العجائب والغرائب. لقد ترك المسجد وصلاة الجماعة؛ فكان الشيطان له بالمرصاد. وهناك مصلح يُستخدم اليوم وهو مصطلح المناطق الأمنية أو الآمنة، وهو خير ما يصف لنا المساجد؛ فهي مناطق آمنة تبتعد عنها الشياطين.

[١] دعائم الإسلام  ج١ ص١٣٦.
[٢] من لا یحضره الفقیه  ج١ ص٣٠٠.
[٣] مجموعة ورّام  ج٢ ص٥١.
[٤] تحف العقول  ج١ ص٢٥.
[٥] الکافي  ج٣ ص٢٦٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إننا قد جربنا أن الذي كان يوما مدمنا على الحضور في المساجد وغاب فترة؛ صدرت منه العجائب والغرائب. لقد ترك المسجد وصلاة الجماعة؛ فكان الشيطان له بالمرصاد. وهناك مصلح يُستخدم اليوم وهو مصطلح المناطق الأمنية أو الآمنة، وهو خير ما يصف لنا المساجد؛ فهي مناطق آمنة تبتعد عنها الشياطين.
Layer-5.png