Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن المساجد بمثابة النوادي.. فرب العالمين منذ اليوم الأول من الإسلام، فكر في هذا النادي.. ونحن عندما نرى هذا التركيز في الحث على الذهاب إلى المسجد، أو ملازمة المسجد، كما ورد في الرواية عن النبي (ص): (سبعة يظلهم الله -عزّ وجلّ- في ظله يوم لا ظلّ إلا ظلّه: ـ إلى أن قال: ورجلٌ قلبه متعلّقٌ بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه)؛ فإن القضية قضية إثبات أو إظهار وجود.. فالذي يحضر إلى المسجد، فقد عرّض نفسه للطف الإلهي..
الكلمة:٢
نحن نعتقد أن هنالك تأثيرات غير مرئية في أماكن العبادة: المساجد، وغيرها من دور الطاعة.. أي هنالك نفحات إلهية، وعناية إلهية لهذا الجمع.. وهذه النفحات لا تأتي من خلال الجلوس أمام التلفاز ولو كانت محاضرة دينية..
الكلمة:٣
هل من الإنصاف أن نخصص مساحة من بيوتنا للأكل والشرب والنوم، ولا نخصص مساحة منها لما هو أبقى؟.. وقد ورد في هذا المجال، أنه كان لعلي (ع) بيت ليس فيه شيء، إلا فراش، وسيف، ومصحف، وكان يصلي فيه.. ومن المعلوم أن المكان الصغير الخالي من كل مظاهر الزينة؛ أنسب للتوجه والتركيز.. وخاصة في أهم موقف في الحياة، أي عند الحديث مع الرب المتعال.
الكلمة:٤
إن لبناء المسجد ملكا وملكوتا.. من الممكن أن يقوم ظالم، أو غاصب، أو سلطان جائر، ببناء مسجد؛ ولكن لا يلازم ذلك القبول حيث يقول الله عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}.. وبقليل من التأمل، نلاحظ أن الآية تحصر حق عمارة المسجد بالطريقة التي يريدها الله تعالى، وذلك في قوم لهم: مواصفات عقائدية متمثلة بالإيمان بالمبدأ والمعاد، ومواصفات عبادية متمثلة بالصلاة والزكاة، ومواصفات نفسية متمثلة بعدم الاعتناء والخشية من أحدٍ سوى رب العالمين.. فإن المساجد في حياة الأمة منطلقات للعمل الفكري والسياسي، ومن الخطير أن تكون بيد أولئك الذين تتحكم فيهم المطامع الدنيوية، والأهواء الأرضية.
الكلمة:٥
لقد ورد النكير الشديد للذين يجاورون بيوت رب العالمين مع عدم الصلاة فيها.. -وقد حدد الجوار بأربعين دارا من جوانبها، وذلك بالتأكيد على أنه (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)- فيما لو كان فارغا صحيحا، وذلك لوضوح أن عدم تلبية نداء الله -عز وجل- في بيته، مصداق من مصاديق الوهن، وعدم الاعتناء بأمر المولى الذي يريد أن يستضيف عبده في بيته، وهو يأبى ذلك بلا عذر وجيه.. ويكفي التأمل في هذا النص، لبيان شدة العتاب الإلهي في هذا المجال، حيث روي عن الإمام الصادق أنه قال: (شكت المساجد إلى اللّه -تعالى- الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى اللّه إليها: وعزتي وجلالي!.. لا قبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنتي).
الكلمة:٦
إن المسجد مكان مقدس، ولكنه للانطلاق؛ كمركز إطلاق الصواريخ في بعض الدول.. هذا المركز لا قيمة له في حد نفسه، فقيمته أنه منصة للانطلاق.. وكذا مساجدنا، هي منصات للانطلاق.. والدليل على ذلك، أن بعض رواد المساجد والمآتم والحسينيات؛ تراه لا يغيب عن فريضة واحدة.. ولكن بعد خمسين أو ستين سنة، تنظر إليه فلا ترى نوراً لا في وجهه، ولا في عمله.. والسبب أنه يغتاب؛ وهو من مدمني المساجد!.. فالمسجد لا يحدث معجزة، فالمساجد والحوزات والجامعات، هذه الأماكن المباركة ليست بمصبغة، تدعك فيه الثوب وتخرجه وقد أخذ اللون.