Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن الإنسان المعاصر يعيش مظاهر التشتت الكثيرة في حياته، رغم أنه يعيش سعة في الرزق والرفاهية المادية.. فالمشكلة هي في البواطن القلقة، والتي من أسباب ذلك، البعد عن مصدر الأنس في هذا الوجود..
الكلمة:٢
إن اللذائذ المعنوية لا سلبية لها، بينما كل متع الدنيا عندما نبالغ فيها؛ محفوفة بالمكاره.. فالقضية مكلفة، إذ ليس كل أحد يمكنه أن يأكل شهد العسل -مثلاً- لأنه يحتاج إلى مال.. أما في اللذائذ المعنوية، ليس الأمر كذلك.. حيث بإمكان المؤمن في لحظة أن يعيش أرقى لذائذ الوجود، إذ يكفي أن يتوجه إلى القبلة: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، ثم يقول: الله أكبر!.. فيطير في عالم بعيد، وذلك لأن (الصلاة معراج المؤمن)، لا الصلاة الواجبة فحسب!..
الكلمة:٣
إذا ضاقت نفس الإنسان في الدنيا، فليقف بين يدي الله -عز وجل- ويقول: الله أكبر!.. فيسيح سياحة، تدرك ولا توصف!..
الكلمة:٤
شتان بين هذه الحلاوة الباطنية؛ حلاوة في القلب، الذي هو عرش الرحمن.. وبين جمال وتلذذ في العين، هذه اللذة الفانية التي تزول بمرور المرأة..
الكلمة:٥
إن الإنسان المشغول علمياً، صحيح قد لا يعيش المحضرية الإلهية، فهو عندما يقرأ النحو والأصول والفقه والفلسفة وغيره؛ هذا لا يلازم أن يعيش في محضر الله بالضرورة، ولكن إجمالاً يجعل الإنسان يعيش حالة الجدية في الحياة..
الكلمة:٦
إن الإنسان بعد سنوات، غاية ما يجد في نفسه طلاقة في لسانه، أو قوة في كتابته وما شابه ذلك!.. أين الأثر الواقعي لهذه الحركة الباطنية؟.. للإجابة على هذا السؤال، يكفي تسليط الضوء على آية من كتاب الله عز وجل.. هذه الآية رغم بساطتها وسهولة فهمها، تمثل إجابة على هذا التساؤل.. وهذه الآية متمثلة في قوله -تعالى-: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}..
الكلمة:٧
إن من الكواشف المهمة الدالة على شفافية القلب؛ تفاعله: مع ذكر الله تعالى، وفي عزاء سيد الشهداء (ع)، وتأثره في ذكر إمام زمانه صاحب الأمر (عج).. فلا شك أن تفاعله في هذه المواطن الثلاث، ليس اعتباطياً، بل كاشف على سنخية وارتباط بهذه المبادئ المقدسة.. ومن هنا فالذي لا يجد تفاعلاً، فإن عليه أن يبحث عن العلة؛ فإن كان العرض طارئاً نفسياً أو بدنياً أو ما شابه ذلك فلا ضير، ولكن المشكلة إذا كان نتيجة تراكم الرين على القلوب.. قال أمير المؤمنين (ع): (ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب)..
الكلمة:٨
إن الذي يقاوم الأعداء ويصمد أمامهم بينما يفر القوم، هذا الإنسان له تميز، وهو بعين الله عز وجل.. كذلك الذاكر بين الغافلين، أيضا له تميز في هذا المجال، ومن الممكن أن ينظر رب العالمين إلى هذا العبد نظرة لطف، ويباهي به الملائكة.
الكلمة:٩
إنه لمن المناسب أن يعتاد المؤمن على الانشغال بالذكر -ولو كان لفظيا– فإن حركة اللسان، تؤثر يوما ما على القلب.. ومن المعلوم أن القلب إذا اشتغل بذكر الله تعالى، كان ذلك أكبر ضمانة لعدم الوقوع فيما يسخط الله تعالى.. وبذلك لا تبقى دقيقة في حياته، من دون استثمار لحياته الباقية.
الكلمة:١٠
نحن في حياتنا اليومية نعيش هذه الاعتبارات: الوظيفية، الزوجية، الأبوة، الأمومة… إلخ من العناوين.. ومن أقدس العناوين وأجلها وأعظمها وأدومها، هي: علاقة العبودية.. فالإنسان الذي يعيش مشاعر العبودية لله عز وجل، من الطبيعي جداً أنه يتأقلم سيكولوجياً وفسيولوجياً على وفق هذه الضابطة، أي أن جسمه يتأقلم على وظائف العبودية..
الكلمة:١١
المطلوب هو الذكر الخفيف في زحمة الحياة، ليكون المؤمن على اتصال لا ينقطع.. فالشيطان في قلوبنا كالماء النجس، هذا الماء إذا كان متصلا بماء طهور كان طاهرا، وإذا انقطع عنه أصبح نجسا.. إذا كان القرآن متصلا بالرب، هذا الشيطان النجس يزال.. فالذي ينقطع عن ذكر الله -عز وجل- يصاب بهذه البلية.
الكلمة:١٢
إن من الممكن تعريف قسوة القلب بشكل عام، بأنها حالة من الجمود العاطفي، وفقدان التفاعل مع حدث أو موقف معين، وقد تختلف شدة التأثر وردة الفعل، تجاه حدث معين باختلاف العقيدة والبيئة ووجهات النظر.
الكلمة:١٣
إن البعد عن الله عز وجل، وعدم استحضار الوجود المطلق في حياة الإنسان، وعدم ذكره -تعالى- على كل حال؛ مما يسبب قسوة القلب عند الإنسان، دون أن يشعر بذلك.. فإذا ذُكر الله عنده، وقُرئ القرآن، ازدادت قسوته بدلاً من أن يتفاعل ويخشع.. وقد ورد عن المسيح (ع) أنه قال: (لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله، قلوبهم قاسية، ولكن لا تعلمون).
الكلمة:١٤
إن البعد عن الله عز وجل، وكثرة الذنوب والمعاصي، هي من أشد موجبات قسوة القلب.. فذكر الله تعالى، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة، يوجب رقة القلب واللين والخشوع، وهذا يتطلب توفيقاً من الله تعالى، لمن أخلص النية وعزم على التوبة.
الكلمة:١٥
إن الوصول إلى ملكوت أسماء الله الحسنى، لا يتم إلا بالتطبيق العملي، والتخلق بأخلاق الله عز وجل، حتى لو دعا بهذا الاسم وهو في نفسه يحمل شيئاً من معناه، كان له التأثير الحقيقي والسريع..
الكلمة:١٦
إن تفاعل الإنسان مع ذكر الله -عز وجل- أثناء المناجاة، وفي الخلوات في جوف الليل، أو في الصلاة؛ هو دليل على سلامة القلب.. والذي لا يخشع في صلاته، ولا في مناجاته؛ هذا القلب قلب شرايينه متصلبة، ويحتاج إلى تغيير.
الكلمة:١٧
إن تفاعل الإنسان مع ذكر ولي الأمر، إذا كان يعتقد: بقيادته، وبأنه حي، وبأنه يراقب حركة الأمة، ويحمل آمال وآلام الأمة؛ عندئذ من الطبيعي أن يتأثر بذكره.. كيفَ يمكن أن يكون الإنسان معتقدا بإمامةِ ولي الأمر، وفي يومِ الجمعة لا يتوجه إليه؟..
الكلمة:١٨
إن من موجبات اطمئنان القلب: ذكر الله عز وجل ، لقوله تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.. وبما أن ذكر الله -عز وجل- في شهر رمضان متميز ومستوعب، والصائم في ليله ونهاره أقرب ما يكون إلى الذكر الإلهي؛ فإن معنى ذلك أن اطمئنان القلب في شهر رمضان، أكثر من باقي الشهور.
الكلمة:١٩
كيف يتقرب الإنسان إلى الله عز وجل؟.. قد يقول قائل: إن التقرب يكون بالعمل الذي فيه كلفة، والذي فيه مجاهدة: كالعمل، والجهاد، والإنفاق؛ أي أن ينفق الإنسان مما يحب، وأن يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، فإذن المقياس هو العمل.. ولكن التقرب هو بالعمل وبالذكر.
الكلمة:٢٠
إن الذكر إذا تغلغل في القلب، ودخل شغاف القلب؛ عندئذ تنسجم الجوارح مع حركات هذا القلب.. وبعبارة أخرى: القلب أمير البدن، فالقلب إذا صار إلهيا بالذكر؛ فإنه من الطبيعي أن تصبح المملكة إلهية، وهناك عبارة حكمية تقول: (الناس على دين ملوكهم)، فهذا التوجه ينعكس على الرعية.. والقلب إذا صار عامراً بذكر الله عز وجل؛ فإن الجوارح كلها تنسجم مع حركة هذا القلب.
الكلمة:٢١
إن البحث عن السعادة الباطنية والاطمئنان الباطني، من صور الشرك الخفي.. البعض اكتشف هذا الحقيقة بوضوح، وهي: أن سعادة القلب وراحة القلب؛ إنما هي بذكر الله.. {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.. هذه الآية بحسب الظاهر هنالك مجرور مقدم، وفعل، وفاعل، وأداة تنبيه.. ولكن هنالك معاني كبيرة في هذه الآية، لو أن أحدنا حاول أن يكتشف لطائف الآيات والنكات الخفية، لوصل إلى بحارٍ من المعرفة.. فالبعض اكتشف هذه الحقيقة بالتجربة، ورأى بأن تلك الساعة التي كان يعيش فيها حالة الذكر القلبي -حول الكعبة، أو ليلة الجمعة، أو ليلة القدر، أو تحت قبة الإمام الحسين (ع)- عاش حالة الاطمئنان.. فهو يبحث عن هذا الاطمئنان!.. على كل هذا الاطمئنان شيء مقدس، وشيء ممدوح.. إلا إنه ليس أيضاً من مصاديق التوحيد.
الكلمة:٢٢
كلما تقرب الإنسان إلى الله -عز وجل- أكثر، اقترب من مصدر الخير والرحمة، حيث يشمله الله بعنايته، ويفيض عليه من خيره (عبدي تقدم إلي خطوة، أتقدم اليك خطوتين)، وبذا يهديه الله، ويختاره لدينه، ويوفقه للعبادة والخشوع.
الكلمة:٢٣
إنّ معنى (الحوقلة) هو التبـرّي من كل حولٍ وقوة إلا بالله العزيز، وهذا لا ينافي السعي البشري في تحقيق النتائج.
الكلمة:٢٤
نفوس أهل الدنيا مضطربة، فكل صاحب أسهم هذه الأيام لا ينام الليل، يخاف من الصعود والهبوط.. حتى أصحاب الشركات، التي هي تجارة منتظمة؛ قلوبهم مضطربة.. أما الذي يوجب اطمئنان القلب، هو ذكر الله عز وجل: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ لأن الله -عز وجل- لا يتغير.. فالمال يذهب ويأتي، والعافية تذهب وتأتي، والحياة برمتها تذهب وتأتي؛ ولكنه هو الباقي.. فالنفس المطمئنة هي التي تسكن إلى ربها، وترضى بما رضي به.. فترى نفسها عبداً لا يملك لنفسه شيئاً: من خير أو شر، أو نفع أو ضر.. ويرى الدنيا دار مجاز، وما يستقبله فيها من غنى أو فقر، أو أي نفع وضر؛ ابتلاء وامتحاناً إلهياً.. فلا يدعوه تواتر النعم عليه إلى الطغيان، وإكثار الفساد والعلو والاستكبار.. ولا يوقعه الفقر والفقدان في الكفر، وترك الشكر.. بل هو في مستقر من العبودية، لا ينحرف عن مستقيم صراطه بإفراط أو تفريط.
الكلمة:٢٥
إن الذي يوفق لبعض التوفيقات الإلهية، ثم يرتكب الذنوب؛ فإن الضربة تكون موجعة؛ لأن الله -تعالى- أذاقه حلاوة ذكره، وهو كفر بهذه النعمة.. قرأنا في التاريخ بأن نبي الله آدم (ع) تذوق من شجرة منهية، لا على مستوى المعصية، ولكن انظروا إلى المرارة!.. بالخروج من جنة القرب!.. فإذن، القاعدة هي القاعدة: من تذوق حلاوة القرب، وارتكب المعصية؛ فإنه يُطرد من هذه الجنة الروحية إلى عالم الجحيم الباطني.