Search
Close this search box.
عباس علي
/
الصلاة
اللهم اجعلنا ممن يصلي الصلاة في وقتها ليرتاح بها وليس ليرتاح منها
Hassan sl.
/
كيفية الدعاء المستجاب
لك البشرى يا اسعد الناس في دعاء.. في تسبيحة.. في سجدة.. في أية مرتلة.. في حب الله الذي ينير قلبك الطاهر المعمور بالقرب.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وآصحابه المنتجبين الصادقين وسلم.
فى هذا البحث أعرض آيات من القرآن الكريم وأحاديث النبي ص وآهل البيت ع. عن موضوع الدعاء المستجاب، وعن كيفية إنشاء محتوى الدعاء الذي هو جزء هام وركن أساسي في القبول والإجابة. بجانب عدة عوامل مؤثرة في إستجابة الدعاء. مناجاة الله تعالى تستلزم سنناً خاصة يجيب سبحانه من يأتي بها على صورتها الصحيحة. ولقد آرشدنا ربنا جلت قدرته لآمر مهم إذ يقول عزوجل :
ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَة ً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ. الأعراف
التفسير : ادْعُواْ رَبَّكُمْ. لله عز وجل أسماء كثيرة، اختار الله من بينها : الرب، وآمر افتتاح الدعاء بــ ربِّ. فكان التوجيه واضحاً بدعاء الله تعالى باسمه الرب، فكل الآنبياء والصالحين افتتحوا دعواتهم بهذا النداء، وإليك هذه الأدلة من القرأن.
دعاء النبي نوح ع : قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ، فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء َ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ. المؤمنون
دعاء النبي إبراهيم ع : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. البقرة
دعاء النبي موسى ع : قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ. المائدة
دعاء النبي عيسى ع : قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَة ً مِنَ السَّمَاء ِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَة ً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. المائدة
وكذلك جميع الآنبياء والصالحين لو بحثت في القرأن لوجدت أنهم جميعاً افتتحوا دعائهم بنداء ربِّ. فإن الله تعالى لم يترك في كتابه أمراً إلا بيَّنه لعباده ومنه الدعاء وصيغته الذي لم يذكر في القرآن سرداً وإخباراً فقط بل ليستن المؤمن به ويدعو بآركانه ليتحقق طلبه ويُستجاب له.
تَضَرُّعًا : معنى التضرع هو إظهار الخشوع والانقياد لله تعالى، وترك التمرد والعصيان. والتضرع فعل من الضراعة ومعناه ؛ مظاهر الحاجة والضعف والافتقار والذل. ولذلك خُص استعمال التضرع في التنزيل بمواطن الشدة كما نتبين في هذه الآية من سورة الأنعام : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء ِ وَالضَّرَّاء ِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ.
وَخُفْيَة ً : أي سراً، لقد كان المسلمون الآوائل يجتهدون في الدعاء وكان دعائهم همساً ولا يسمع لهم صوت. والدليل القرأني على وجوب الأخفات بالأضافة الى الأية السابقة الأية الكريمة من سورة مريم : ذِكْرُ رَحْمَة ِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا، إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا.
لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ : أي أن لا يسأل ما لا يفعله الله. مثل أن يسأله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله ما لا يجوز سؤاله من الإعانة على المحرمات. وكل سؤال يناقض حكمه الله أو يتضمن مناقضة شرعيه فهو اعتداء لا يحبه الله.
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا : أي لا تشركوا بالله ولا تعصوه، بعد إصلاح الله الأرض بأرساله الرسل دعاة إليه بالحق، وأخلصوا له الدعاء والعمل، ولا تشركوا في عبادتكم لله شيئاً.
وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا : الخوف من غضب الله وعقابه، والطمع في ثوابه. أي ادعوا ربكم ومدبر أموركم متضرعين مبتهلين إليه، ومسرين مستخفين، وليكن في ذلك خوفاً من عقاب الله، وطمعاً في ثوابه.
إن رحمة الله قريب من المحسنين : تفيد بأن الله يطمئن العبد بقربه منه ليرحمه بإستجابة دعائه، والمحسنين الذين عبدو الله واتبعو الحق من التوحيد والعدل والنبوة والامامة والمعاد، وهجرو السيئات وفعلو الحسنات، وآتوا بالدعاء على أحسن وجه وأتم صورة من حضور القلب والخشوع والتذلل..
فَذَكرَ الله تعالى في كل آية ما هو لائق بها.. فسبحان من أنزل كلامه شفاء ً وهدى ً ورحمة ً للمؤمنين.
أهمية الدعاء : للدعاء أهمية كبرى وفضائل عظيمة وأسرار بديعة أولها : أن الدعاء طاعة لله وامتثال لأمره. قال تعالى : وقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ. غافر
ثانياً السلامة من الكبر : لقوله تعالى : إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. فهذه الآية دلت على أن الدعاء عبادة ؛ فإنه سبحانه وتعالى أمر عباده أن يدعوه، ثم قال : إن الذين يستكبرون عن عبادتي، فإن ترك الدعاء يعد استكباراً عاقبته دخول النار.
ثالثاً : للدعاء أهمية عالية في استجلاب النعم ودفع النقم. وقد دلت الآيات والروايات على آهمية الدعاء في حياة الانسان وأنه لا غنى عنه مهما كان الانسان مرفهاً، فإن كل عاقل يعلم أن الانسان في هذه الدنيا معرض للابتلائات والمصائب، وفجائع الدنيا لا تنفك عن أي شخص من الآشخاص من آول حياته إلى آخرها. ويشير أمير المؤمنين ع إلى ذلك بقوله : ما المبتلى الذي اشتد به البلاء بآحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء.
الآيات الواردة عن الدعاء : قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ. الفرقان.
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ. غافر
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَة َ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ. البقرة
فالدعاء عبادة، والمستكبر عنها بمنزلة الكافر. ولا يستبعد بعض الفقهاء أن الدعاء في الجملة واجب، وتركه من الكبائر.
قال الامام السجاد ع. في الصحيفة الكاملة : فسميت دعائك عبادة وتركه استكباراً وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين.
الاحاديث الواردة عن الدعاء : الروايات التي جاء ت على لسان الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام كثيرة جداً، ومختلفة الجوانب من الحث على الدعاء، وكشف فوائده.
قال رسول الله ص : ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم؟ قالوا : بلى. قال : تدعون ربكم بالليل والنهار فإن سلاح المؤمن الدعاء.
وقَالَ ص : إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُل : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ. وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَة َ، وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَة ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُه شَيْء ٌ أَعطَاه.
وقال ص : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء ً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ.
روى عن أمير المؤمنين ع. أنه قال : إعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يعيرك بالإنابة.. فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق، ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته، فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية. وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، وأجزل لعطاء الآمل. وربما سألت الشيء فلا تؤتاه وأوتيت خيراً منه عاجلاً أو آجلاً أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوُتيتُه، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله ويُنفى عنك وباله.
قال الإمام الحسين ع في وصف النبي ص عندما كان يسأل الله : كان رسول الله ص يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يسُتطعم المسكين.
آداب الدعاء : لكي يرتقي الدعاء لدرجة الإستجابة.. فإنه يحسن بنا أن نتبع أموراً قلبية وعملية تعزز الدعاء وتحققه بإذن الله تعالى تتمثل فيما يلي :
أولاً الصدقة : ادفع صدقة بنية استجابة الدعاء، ومن لم يقدر يقراء الفاتحه ويهديها لأروح المؤمنين والمؤمنات.
ثانياً اليقين : وهو الشعور العميق بأن الله قريب مجيب، وأن هذا الدعاء يُستجاب بإذن الله، وأن نلغي كل الموانع النفسية من شك ويأس وقنوط.
ثالثاً تنزيه الله : أن يبتداء الداعي بتنزيه الله وتسبيحه ثم يصلي على النبي وأله، ويستغفر الله.
رابعاً افتتاح الدعاء : افتتح دعائك بالنداء : ربِّ.. ثم تذكر حاجتك تضرعاً متوجهاً لله واثقاً موقنًا بإستجابته. وتختم الدعاء بالصلاة على النبي وآله ثم تحمد الله وتشكره.
أم رقية
/
حكم ومواعظ لمنح السعادة
خطوات ترك الغيبة ١ - قراء ة هذا الدعاء فى السجود وبين الأذان والإقامة " اللهم اجعل - كتابي في عليين واحفظ لساني عن العالمين ". ٢ - في كل مرة تغتاب أحد لازم تجبر نفسك على الإستغفار ١٠٠ مرة منها حافظ على حسناتك وعود نفسك على حفظ لسانك. ٣ - قم بوضع صندوق وضع فيه مبلغ بسيط عن كل شخص تتكلم به وفي نهاية الشهر تصدق فيها. ٤ - اكثر من هذا الدعاء ليكون قلبك سليماً لكل مؤمن وبعدها لن تغتاب (ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا). ٥ - دافع عن من اغتيب في حضرتك قال النبي صلى الله عليه وسلم : [من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة]. ٦ - تذكر أن من تخلص من الغيبة فإنه قد تخلص من ثلثي عذاب القبر. ٧ - " سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك " من قالها في نهاية المجلس غفر له ماكان في مجلسه ذلك. ٨ - استشعرجمالية طيب الذكر وتذكر قوله تعالى : (لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا) اللهم اعنا على التوبة من كل ذنب.
علي سلمان علي
/
للخلق السامي
قال المرجع الديني السيد بهجت (كفاك لتهذيب الاخلاق عبارة " ان الله يرى ")
علي خليفة
/
على طريق السير والسلوك
يقول اية الله السيد محمد الحسيني الهمداني صاحب تفسير (أنوار درخشان) أي الانوار الساطعة : كنت أسكن في مدرسة قوام في النجف الاشرف وكان للسيد علي القاضي غرفة صغيرة في زاوية المدرسة، فتعجبت من ذلك، ثم علمت انه اختار السكن في هذه الغرفة لضيق منزله وكثرة عياله واولاده ليجد الهدوء والخلود للتهجد والعبادة، وخلال وجودي في مدرسة قوام لم أر السيد القاضي قضى ليله نائما وكان يحيي الليل بالنوح والبكاء، وقد رأيت في اثناء هذه الفترة القصيرة التي قضيتها معه حالات فريدة لم ارها من احد غيره سوى النائيني والكمباني. فكان يختلف عن جميع الاساتذة والطلاب الذين عرفتهم في حوزة النجف في تمام سلوكه واخلاقه الاجتماعية والعائلية والدراسية، فهو دائم السكوت ولايتكلم الا نادرا، وكان يبادر احيانا الى الحديث من غير سؤال، وكنت اشعر انه يعاني احيانا من صعوبة كبيرة في الجواب، حتى اطلعت صدفة على شيء جلب انتباهي، وهي وجود غدة زرقاء في باطن فم السيد القاضي، فسألته عن ذلك فامتنع عن جوابي، فأصررت عليه وبينت له ان قصدي هو مجرد التعلم لا شيء اخر، فلم يجبني ايضاً، الى ان خلوت معه في جلسة مرة فبادرني قائلاً : ياسيد محمد يجب ان تتحمل مصاعب جمة من أجل طي المسافة الطويلة في السير والسلوك، ويجب عليك ايضا ان تترك امورا كثيرة، فقد كنت في ايام شبابي وفي ابتداء سلوكي في هذا الطريق اردت ان الجم لساني واسيطر عليه فوضعت حصاة في فمي مدة (٢٦) عاما لكي امتنع عن الكلام والحديث الفارغ، وهذه الغدة الزرقاء التي تراها في باطن فمي هي من اثار تلك المرحلة.
مقداد الحسناوي
/
ان الله جميل يحب الجمال
الكثير من الناس يفهم بان الحديث النبوي الشريف (إن الله جميل يحب الجمال) بأنه الجمال الظاهري للبشرة مثل جمال المرأة وكذلك الرجل، بل على العكس الحديث يشير الى الجمال الباطني او المعنوي وطهارة الروح، ليسموا الإنسان ويرتقي الى جمال الله الكامل، لان معنى لفظ الجلالة (الله) (هو الجامع لصفات الكمال والجمال) وإلا فلماذا يخلق الله بعض الناس جميل الصورة وبعضهم غير جميل الصورة، هل ذلك نقص في خلقته او ظلم منه كلا وحاشاه، فهو لا ينظر الى الصورة الخارجية للإنسان وإنما ينظر الى جمال قلبه، وهذا عنده أفضل من الجمال الظاهري. فافهم واعتبر
احمد الشرع
/
الصلاة
اذا استعجلت في صلاتك فتذكر ان كل ما تريد لحاقه وجميع ما تخشى فواته بيد من وقفت امامه
طوبى
/
اخق المذمومة
اخق المذمومة هي الحجب المانعة عن المعارف الهية والنفحات القدسية إذ هي بمنزلة الغطاء للنفوس
والقلوب كاواني فإذا كانت مملوء ة بالماء يدخلها الهواء فالقلوب المشغولة بغير الله تدخلها معرفة الله وحبه وانسه
وانسه.

احمد
/
العرفان
* قال تعالى : (واذكروا الله ذكرا كثيرا) فكل المستحبات من دخول الحمام والسفر والسوق والجماع, نفهم الله يريد منا العبادة في كل الوقت الا القليل من اللهو، ولكن حالنا عكسنا ما هو مطلوب، فجعلنا كل حياتنا لهو والقليل العبادة!
* اعلم لا يتحصل العشق الالهي الا من الالتفات الى الذات الالهية. فلو تاملت في ان المولى فقط اهل للعبادة لانه خلقك، لكفى لان تعشقه وتشعر باللذة!
* واعلم ان المبتدئين في الطريق يكفيهم ان يستشعروا دوام الحضور الالهي، لكفتهم عن المجاهدات والرياضات!
حسين هادي مهدي
/
اسرار الصلاة
أسرار الصلاة
الفصل الثاني : في اعتبار حضور القلب في العبادة
القسم الثالث
وروى الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : (إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع والإقبال على صلاتك، فإن الله تعالى يقول : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).
وعنه (ع) قال : (كان علي بن الحسين (ع) إذا قام في الصلاة تغير لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً. وكان (ع) إذا قام في الصلاة، كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه إلا ما حركت الريح منه).
وعن أبي جعفر (ع) قال : (إن أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل ما سواها. إن الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة، تقول : حفظتني حفظك الله. وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة، تقول : ضيعتني ضيعك الله).
وروى الفيض بن القاسم عن أبي عبدالله (ع) أنه قال (والله إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة، وما قبل الله منه صلاة واحدة! فأي شيء أشد من هذا؟ والله إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم، ما قبلها منه، لاستخفافه بها. إن الله عز وجل لا يقبل إلا الحسن، فكيف يقبل ما يستخف منه).
وعن أبي الحسن الرضا (ع) أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول : (طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما تراه عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه، ولم يحزن صدره بما أعطي غيره).
وروى سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) قال : (ليس يعنى أكثركم عملاً، ولكن أصوبكم عملاً، وإنما الإصابة خشية الله تعالى، والنية الصادقة، ثم قال : الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل، والنية أفضل من العمل. ألا وإن النية هي العمل، ثم تلا قوله عز وجل : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) يعنى على نيته.
وبهذا الإسناد قال سألته عن قول الله عز وجل (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) قال السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه، وقال : وكل قلب فيه شك أو شرك، فهو ساقط.
وإنما أراد بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.
وعن أبان بن تغلب قال : كنت صليت خلف أبي عبد الله (ع) بالمزدلفة فلما انصرفت التفت إلي فقال : يا أبان، هذه الصلوات الخمس المفروضات، من أقام حدودهن وحافظ على مواقيتهن، لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة، ومن لم يقم حدودهن ولم يحافظ على مواقيتهن، لقي الله ولا عهد له، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
والأخبار في ذلك كثيرة فلنقتصر على هذا القدر.
وأعلم أنه قد استفيد منها أن قبول الصلاة موقوف على الإقبال بالقلب عليها، والالتفات عما سوى الله فيها، وأن قبولها يوجب قبول ما سواها من الأعمال. وحينئذ فالاهتمام بهذه الصفة أمر مهم، والغفلة عنها خسارة عظيمة، وانحطاط قوي وغفلة رديه، حيث يدأب نفسه في الطاعة، ويقوم بها آناء الليل وأطراف النهار، ثم لا يجد بذلك ثمرة ولا يستفيد به فائدة : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاة ِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) خصوصاً إذا ضم إلى ذلك ما روي أن الصلاة إذا ردت رد سائر عمله كما أنها قبلت قبل سائر عمله.
فنسأل الله تعالى أن يمن علينا من فضله العميم بدوام الإقبال وقبول الأعمال.
حسين هادي مهدي
/
حضور القلب
أسرار الصلاة
الفصل الثالث : في بيان الدواء النافع في حضور القلب
القسم الأول
أعلم إن المؤمن لا بد أن يكون معظماً لله، وخائفاً له، وراجياَ منه، ومستحيياً من تقصيره، فلا ينفك عن هذه الأحوال بعد إيمانه، وإن كانت قوتها عنده بقدر قوة يقينه.
فانفكاكه عنها في الصلاة، لا سبب له إلا تفرق الفكر، وتقسم الخاطر، وغيبة القلب عن المناجاة، والغيبة عن الصلاة.
ولا يلهي عن الصلاة إلا الخواطر الواردة الشاغلة.
فالدواء في إحضار القلب هو : دفع تلك الخواطر ولا يدفع الشيء وإلا بدفع سببه.
وسبب توارد الخواطر إما أن يكون أمراً خارجاً، أو أمر في ذاته باطناً.
أما الخارج فما يقرع السمع أو يظهر للبصر، فإن ذلك قد يخطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه ثم ينجر منه الفكر إلى غيره ويتسلسل، ويكون الإبصار سبباً للأفكار ثم تصير بعض تلك الأفكار سبباً للبعض الآخر، ومن قويت رتبته وعلت همته، لم يلهه ما يجري على حواسه. ولكن الضعيف لا بد أن يتفرق فكره.
فعلاجه قطع هذه الأسباب بأن يغض بصره، أو يصلي في بيت مظلم، أو لا يترك بين يديه ما يشغل حسه، أو يقرب من حائط عند صلاته حتى لا تتسع مسافة ما يشغل بصره، ويحترز من الصلاة على الشوارع، وفي المواضع المنقوشة المصنوعة وعلى الفرش المزينة. ولذلك كان المتعبدون يتعبدون في بيت صغير مظلم، سعته بقدر ما يمكن للصلاة فيه، ليكون ذلك أجمع للهم.
وينبغي أن لا يعدل إلى غمض العينين ما وجد السبيل إلى القيام بوظيفة النظر، وهي جعله قائماً إلى موضع السجود، وغيره من الأمور المعلومة شرعاً. فإن تعذر القيام بها مع فتحهما، فالغض أولى لأن الفائت من وظيفة الصلاة وصفتها بتقسم الخاطر أعظم منه مع الإخلال بوظيفة النظر.
وليحضر بباله عند نظره إلى موضع سجوده، أنه واقف بين يدي ملك عظيم يراه ويطلع على سريرته وباطن قلبه وإن كان هو لا يراه، وإن التوجه القلب ووجه الرأس مثال ومضاف بالتبع، وإنه يخاف إن ولاه ظهر قلبه أن يطرده عن باب كرمه، ويسلبه عن مقام خدمته، ويبعده عن جناب قدسه ومقدس حضرته، وكيف يليق بالعبد أن يقف بين يدي سيده ويوليه ظهره ويجعل فكره في غير ما يطلبه منه؟
لا ريب في أن هذا العبد مستحق للخذلان مستوجب للحرمان في الشاهد والخسيس والقياس البعيد، فكيف في المقصد الأصلي والملك الحقيقي.
وقد ورد في الحديث (إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم).
فبهذا ونظائره تجتمع المهمة، ويصفو القلب، وينحصر بالنظر إلى الأمور الخارجية.
هدى العُقيلي
/
قناديل العارفين
١ - ليس الأمر إما أن تصبح شيئا رفيعا ساميا، أو سافلا منحطا خسيسا، أو متوسطا! بل هناك طريق من لا يريد أن يصبح شيئا أصلا! إنه المسار الحقيقي إلى الله تعالى!.. وإرادتك أن تصبح شيئا رفيعا في المجتمع، هو الطريق المزيف لله تعالى، إنه مسار الأنا!.. كل يغني على ليلاه!، أحرق ليلاك في عينيك، وامح صورتها عن قلبك، وستصبح خالصا محررا، وستفهم طعم (اللا شيء)!..
السيد روح الله الخميني (قدس سره)
٢ - كان السيد عبد الاعلى السبزواري (قدس سره) لا يمتلك آلة تبريد الهواء. كما كانت ثيابهُ واحدة صيفاً وشتاء، ولما خوطب في ذلك كان يقول : (كلّ شيء ٍ من الحبيبِ حبيبُ).
٣ - ان اكثر الناس حينما يذهبون الى زيارة العتبات المقدسة يقفون ماسكي الضريح، فيتوسلون بالامام عليه السلام لحوائجهم المادية، فيحملون ثقلاً على ثقلهم، ولم يسألوا الامام عليه السلام بأن يأخذ منهم ثقلهم، وهو التعلق بالدنيا ويقولون له :
سيدي ومولاي اسلب منا التعلق بالدنيا!.. بل يسألونه بأن يعطيهم بيتاً او ولداً او زوجاً او سيارة, وما سمعنا أحد دخل بخدمته، وقال له : خذ مني كذا وكذا.
السيد العارف هاشم الحداد (قدس سره)
- السيد هاشم الحداد (قدس سره).
سألهُ أحدهم يوماً : هل تشرفتم برؤية ولي العصر أرواحنا فداه؟
قال : عميت عينٌ تفتح صباحاً من نومها، فلا يكون أول نظرها اليه!
٤ - فاطمة هي شرف الله، فهل اذا اقسم احدكم على الله بشرفة يرده خائبا؟!
العارف الحاج عبد الزهرة الكرعاوي (قدس سره)
٥ - الأفضل للفرد أن يحزن ويندم دائما، لعدم حصوله على الكمال اللائق به, لا أن يفرح بما جاء به من الطاعات، فان الطاعات - لاحظوا - فان الطاعات مهما كثرت فإنها قليلة، بل معدومة تجاه المعبود اللانهائي القدرة, واللانهائي الوجود, والتي نعمه لا تحصى ولا تـُجازى وهو المبتديء بالنعم قبل استحقاقها، والله تعالى لا يطاع حق طاعته, ولا يُشكر حق شكره, و لا يُذكر حق ذكره.
السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)
- إنني يوما فتحت القرآن الكريم لاجد فيه منزلتي امام الله سبحانه او قل - بالتعبير الدنيوي - (رأي) الله فيّ، فخرجت هذه الآية من سورة الكهف : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً). إن كل هذه الآية مفهومة لي بحسب حالي يومئذ، الا قصة (الكهف) الذي يكون من المطلوب ان آوي اليه، اي كهف هذا؟ وذهبت الى الحرم العلوي - على ساكنها السلام - عسى ان ينفتح لي هناك عن هذا المعنى، وبدأت بزيارة (امين الله) حتى وصلت الى قوله عليه السلام : (اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضائك الى قوله : يا كريم) وقد حصل لي في تلك اللحظة (حدس) قوي بأن الكهف الذي يجب ان ادخله هو هذا، اي ان تصبح نفسي على هذه الأوصاف، وتجانب ما سواها، وقد عرضت ذلك على مولاي - يقصد به الامام الخميني (قدس سره)- فأقرّه وقال بصحته.
السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)
٦ - قيل للشيخ محمد تقي بهجت (قدس سره): إصلاح النفس وتهذيبها أمر صعب!
فسأل الشيخ : هل تستطيع أن تُفسد نفسك؟
قال : إنه أمرُ سهل!
قال له الشيخ : إذن أترك هذا السهل.
٧ - كان آية الله بهجت يقول : أن أول مقام يحرزه السالك في طريق التقرب إلى الله هو رؤية المسافة بينه وبين مولاه، فعليه أن يحافظ على هذه المسافة ولا يبتعد عن المولى. إن لم يستطع أن يقلل هذه المسافة فلا ييأس. المهم هو المحافظة على هذه المسافة، أي أن عليه أن لا يبتعد في بادئ الأمر، ثم عليه أن يتدرج ليقلل من هذه المسافة، ويقترب من المولى عزّ وجل.
عمار
/
البداية ولا نهاية
أكثر الذين يحاولون الدخول إلى مسلك العرفان والقرب من الله، يركزون على مجاهدة النفس والمراقبة والمشارطة وغيرها.. وهذه كلها اشياء مشتركة يفعلها الرحمانيون والشيطانيون، حيث السحرة واتباعهم يعملون على مجاهدة النفس وغيرها..
ولكني وجدت البداية هي الاخلاص لله في كل شيء، وان لا ترجو شيء إلا من الله، ولا تعمل شي إلا لله، وتجعل كلمة لا اله الى الله هي شعارك في كل شيء، وسوف تجد الأبواب تنفتح امامك بصورة عجيبة، وتحس بالقرب من الله.
احمد المياحي
/
مكاشفة السيد الخوئي
ما نقله السيد الخوئي يقول : جمعني الشيخ محمد تقي بهجت احد تلاميذ السيد القاضي مع استاذه بسبب نقاش دار بيننا في مسالة علمية وانجر الى عقد اللقاء في صحن ابي الفضل العباس عليه السلام في كربلاء, واستغرق اللقاء ساعة ونصف, ثم توطدت العلاقة بينهما, فطلب السيد الخوئي برنامجا للعمل من السيد القاضي, فاعطاه ذكرا يواظب عليه اربعون يوما,
يقول السيد الخوئي : وبعد ختم الاربعين حصلت لي مكاشفة لحياتي المستقبلية الى لحظات الموت, فرأيت نفسي على المنبر وانا ادرس الفقه والاصول, ثم رأيتها جالسا في الدار والناس يترددون علي ويستفتوني في المسائل الشرعية ورايت نفسي بعدها اماما لصلاة الجماعة, وحالات كثيرة مختلفة كمرأة امامي حتى وصلت الى مكان سمعت فيه صوتا من اعلى المنارة يقول : انا لله وانا اليه راجعون, انتقل الى جوار ربه الكريم اية الله العظمى السيد ابو القاسم الخوئي, ثم انتهت تلك المكاشفة ورجعت الى وضعي العادي
احمد المياحي
/
الإخبار عن المستقبل
يقول الشيخ محمد شريعت نجل المرجع الديني شيخ الشريعة الأصفهاني :
لم يكن يبقى لي ولد حي وكلما رزقت ولداً توفي بعد عدة أشهر، وكان شائعاً في أوساط العرب في النجف عادة هبة المولود الجديد إلى أحد من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يأخذونه منه، وكانوا يعتقدون أن هذا الإعطاء والأخذ سبب ليبقى هذا المولود على قيد الحياة، فاحتضنت ولدي وقصدت حرم أمير المؤمنين عليه السلام لأرى سيداً أهب له هذا المولود، فرأيت من باب الصدفة السيد الأعلى القاضي خارجاً من الحرم فتقدمت إليه وسلمت عليه وعرضت عليه الموضوع، فأخذ السيد الطفل بكل أدب واحترام وقال : إني قبلت منك هذا الطفل ولكن إعلم أنه سيموت قطعاً ولم يبقى من عمره إلا أياماً معدودة، وهو ما حدث بالفعل حيث توفي الطفل بعد عدة أيام.
كما أخبر السيد القاضي بغصب نصف منزل السيد هاشم الحداد، يقول العلامة الطهراني :
كان المنزل الذي يسكن فيه السيد هاشم ملكاً لزوجته وكان والدها المدعو حسين أبو عمشة قد وهب هذا الدار لإبنته إذ كانت له علاقة بذرية رسول صلى الله عليه وآله وخاصة بصهره السيد هاشم، حيث كان يحبه كثيراً، وكان للسيد هاشم أطفال كثيرة فقال : هذه الدار لهؤلاء السادة الصغار وكتب بذلك وصية خطية.
ولكن بعد وفاته أنكر صهره الآخر الوصية مع أنه كان ثرياً ورفع شكوى إلى الحكومة ودفع الرشاوي حتى حكمت المحكمة بتقسيم الدار بينهما، وخرجت لجنة المحكمة وأمرت بوضع حائط بوسط الدار، وأصبحت هذه الدار الصغيرة غير قابلة للسكن وكان النصف الذي صار من حصة السيد هاشم لا باب له وليس فيه مرافق صحية فكانت زوجته وأطفاله يضطرون إلى صعود سلم من الشارع ثم عبور الحائط والنزول إلى الدار، وكانت هذه الحادثة سبباً لمرض زوجته، وأخيراً انتقلت عائلته إلى مكان آخر ريثما يتم تعمير الدار وفتح باب لها وبناء مرافق صحية، وكان المرحوم القاضي قد أخبر بكل ذلك.
احمد المياحي
/
الإمتناع عن الكلام والحديث الفارغ
ويقول آية الله السيد محمد الحسيني الهمداني صاحب تفسير أنوار درخشان أي الأنوار الساطعة كنت أسكن في مدرسة قوام في النجف الأشرف، وكان للسيد علي القاضي غرفة صغيرة في زاوية المدرسة، فتعجبت من ذلك ثم علمت أنه اختار السكن في هذه الغرفة لضيق منزله وكثرة عياله وأولاده ليجد الهدوء والخلوة للتهجد والعبادة، وخلال وجودي في مدرسة قوام لم أرَ السيد القاضي قضى ليلة نائماً، وكان يحيي الليل بالنوح والبكاء وقد رأيت في أثناء هذه الفترة القصيرة التي قضيتها معه حالات فريدة لم أرها من أحد غيره سوى النائيني والكمباني فكان يختلف عن جميع الأساتذة والطلاب الذين عرفتهم في حوزة النجف في تمام سلوكه وأخلاقه الإجتماعية والعائلية والدراسية، فهو دائم السكوت ولا يتكلم إلا نادراً وكان يبادر أحياناً إلى الحديث من غير سؤال، وكنت أشعر أنه يعاني أحياناً من صعوبة كبيرة في الجواب حتى اطلعت صدفة على شيء جلب انتباهي وهي وجود غدة زرقاء في باطن فم السيد القاضي، فسألته عن ذلك فامتنع عن جوابي، فأصررت عليه وبينّت له أن قصدي هو مجرد التعلم ولا شيء آخر فلم يجبني أيضاً، إلى أن خلوت معه في جلسة مرة فبادرني قائلاً : يا سيد محمد يجب أن تتحمل مصاعب جمة من أجل طي المسافة الطويلة في السير والسلوك ويجب عليك أيضاً أن تترك أموراً كثيرة، فقد أردت في أيام شبابي وفي ابتداء سلوكي في هذا الطريق، أن ألجم لساني وأسيطر عليه، فوضعت حصاة في فمي مدة ٢٦ عاماً لكي أمتنع عن الكلام والحديث الفارغ وهذه الغدة الزرقاء التي تراها في باطن فمي هي من آثار تلك المرحلة.
ويقول آية الله السيد عبد الكريم الكشميري : لقد كان السيد القاضي كله مكاشفة، وقد صار في آخر عمره لطيفاً ورقيقاً جداً فكان بمجرد أن يرى الماء يتذكر مصيبة عطش الإمام الحسين عليه السلام ويشرع في البكاء.
ولقد وصل السيد القاضي أثر هذه المجاهدات والرياضات العبادية إلى درجة الفناء في الله عزوجل فلم يكن يحس ويهتم بما يجري حوله مهما كان ذلك عظيماً وخطيراً في نظر الناس.
المذنب
/
أرِحنا يا بلال
* أرِحنا يا بلال!:
المسارعون إلى تلبية النداء بالصلاة، هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الاكبر، فاعرض أنت قلبك على هذا النداء، فان وجدته مملوء اً بالفرح والاستبشار، مشحونا بالرغبة إلى الابتدار، فاعلم انه يأتيك النداء بالبشرى والفوز يوم القضاء، ولذلك قال سيد الأنبياء " أرِحنا يا بلال!"، أي (أرِحنا بالصلاة وبالنداء اليها)، إذ كانت قرّة عينه فيها.
***********************
واعتبر بفصول الاذان وكلماته كيف افتتحت بالله واختتمت بالله جل جلاله فهو الأول والآخر والظاهر والباطن، ووطّن قلبك بتعظيمه عند سماع التكبير، واستحقر الدنيا وما فيها لئّلا تكون كاذبا في تكبيرك، وانف عن خاطرك كل معبود سواه بسماع التهليل واستحضر نبيّه، وتأدب بين يديه، واشهد له بالرسالة مخلصا، وصلّ عليه وآله، وحرّك نفسك، واسع بقلبك وقالبك عند الدعاء إلى الصلاة، وما يوجب الفلاح، وما هو خير الأعمال وأفضلها.
وجدد عهدك بعد ذلك بتكبير الله وتعظيمه، واختمه بذلك كما افتتحت به. واجعل مبدء ك منه، وعودك إليه، وقوامك به، واعتمادك على حوله وقوته، فإنّه لا حول ولا قوة إلا بالله إلا بالله العلي العظيم.
علي
/
عشق الله
عشق الله عز وجل كالهواء الذي يهب ليحرك سفينة النفس التائهة وسط بحار الأهواء، ولكن سفينة النفس لا تتحرك بدون رفع أشرعة القابلية النفسانية لتلقّي رياح الحضرة الإلهية الجاذبة للسفينة إلى شاطئ الحضرة المقدسة وبر الأمان من غوائل الشيطان، أما بعد هذه جولة في معرفة موجبات وموانع العشق الإلهي وكيفية تحصيله وتثبيته.
* الموانع :
للقلب صفحة واحدة فقط! فلا تملأها بالتفاهات! {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} محبوب واحد يكفي ؛ قال الإمام علي عليه السلام (وَمَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى بَصَرَهُ، وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْن غَيْرِ صَحِيحَة ٍ، وَيَسْمَعُ بَأُذُن غَيْرِ سَمِيعَة ٍ).
وهذه الصفحة المقدسة (القلب) يجب أن تكون خالية لأجل تثبيت العشق عليها ؛ قال الإمام الصادق عليه السلام : (إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما، ووجد حلاوة حب الله، وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط، وإنما خالط القوم حلاوة حبّ الله، فلم يشتغلوا بغيره).
المطلوب الآن هو إزالة الحجب عن وجه القلب ليشاهد جمال الله تعالى فيعشقه، فالبيت المظلم لا يشرق فيه نور العشق!
الإنسان - حسب فطرة عشق الكمال - يُقدس كل ما يعجبه سواء اً كان صديقاً أو أخاً أو جماداً أو العواطف الإنسانية وحتى العلم!
وهذا شرك في مقام العمل : {أرأيت من اتخذ إلهه هواه} {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} يجب جعل هذه الأشياء لله تعالى : ما كان لله ينمو!.
* الموجبات :
التفكر في الآيات الآفاقية موجب لتنزه القلب من الكدورات، ومع مرور الزمن يدرك الإنسان أنه لا يختلف عن الحيوان في المأكل والمنكح! فإذا أدرك ذلك فلينفذ من مخالب هذه الدنيا، يقول الإمام علي عليه السلام {وَ أَخْرِجُوا مِنَ اَلدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ} إذا سرت في طريق الإستقامة والعشق فترة ً من الزمن ستدرك شيئاً فشيئاً أن الدنيا بشعة!
يقول الإمام علي عليه السلام {فَفِيهَا اُخْتُبِرْتُمْ وَ لِغَيْرِهَا خُلِقْتُمْ}!
لا يمكن أن تعشق من لا تعرف، وتمام المعرفة هي الإعتقاد بأحدية الذات حيث لا يمكن أن تعشق من لا تراه كاملًا في العدل.. وكلما حاولت التوجه إليه ظهرت الشكوك لتسقطك!
فيتضح أن العقيدة أمر مهم، وأضف لذلك مودة أهل البيت عليهم السلام وبغض أعدائهم.
ورد أن الشيخ رجب علي الخياط قدس سره الشريف يؤكد أن الإحسان للمساكين والترحم عليهم - تحت إطار الشرع - موجب لانقداح عشق الله تعالى، إذا لم تعثر على المساكين فانظر بعطف لسائر خلق الله لانتسابهم لله، وكل ذلك يؤدي إلى تلطيف القلب وظهور الرحمة فيه وحينها تستطيع أن تدرك رحمة الله تعالى لأنك تحوي شيئاً من الرحمة، ولكن انتبه لئلا تحتجب عن الله تعالى بخلقه فتنشغل عن الحضور لديه عز شأنه.
لا تترك القلب كالدابة المرسلة! عليك بأخذ زمامه وتوجيهه نحو الله، ولتيسير ذلك عليك بالتفكر في الآيات الآفاقية ليورثك الفكر ذكراً وعشقاً له! ولا تجلس في مجالس الغفلة فتحتجب، فليكن بدنك مع الناس وقلبك مع الله!
يقول رسولُ اللهِِ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ): {لولا تَمَزُّعُ قلوبِكُم وتَزَيُّدُكُم في الحَديثِ لَسَمِعتُم ما أسمَعُ}.
والتفكر لا يجتمع مع البطن الممتلئ، قال الإمام الباقر عليه السلام : {ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مملوء} بل وحتى الإشتغال بسائر الشهوات.. حتى المباحة منها.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : (إذا أراد الله سبحانه صلاح عبده ألهمه : قلة الكلام، وقلة الطعام، وقلة المنام).. وأضف لذلك ترك مجالسة الجهلاء الدنيويين.. إلا بقدر الضرورة و (لكن يوجد عنصر آخر أيضاً يكون بالنسبة لهذه العناصر الأربعة كالروح بالنسبة للجسد وهو الذكر الدائم) [العارف النخودكي قدس سره].
وذكر الله هو عشقه لا غير!
* كيفية تحصيله :
بعد إزالة النجاسات عن وجه القلب وصقله وتنظيمه، يأتي دور الكتابة والتلقين، يقول السيد الإمام الخميني - قدس سره - ما مضمونه أن القلب في حال الذكر كالطفل الذي يتعلم النطق، فعليك الآن وبعد تطهير القلب أن تختار وقت ومكان مناسبين لإدخال العشق ونقشه على القلب بمداد اللسان والعقل مستخدماً كلمة (يا رب) أو أي اسم له - عز وجل - تطمئن به، ومع كل مرة تقوم بالذكر إستحضر أنك تنظر إليه وتخاطبه، ولا بأس من التبسم له في ذلك الحال.
لا تقتصر على الذكر اللساني في تشديد العشق بل تحدث معه في قلبك {دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} وحتى لو كنت في معركة أو بين جم غفير من الناس أو مع أصدقائك أو أي مجلس آخر ؛ إذهل عنهم ولو للحظة وانظر إلى الله تعالى وناجِه في قلبك، ولا بأس أن تقتصر بكلمة " يا رب " في قلبك وأنت على هذا الحال، وهذا الحال لا يخلو من لطف، وحينها ستعيش مالا يعيشه الآخرون، في عالم آخر بعيدا عن المتاعب!
قال الرسول الأكرم صلى الله عليهم وآله وسلم : (يَا أَبَا ذَرٍّ : اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ).
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} معنى الآية أن العمل الصالح بمثابة جناحين يمكّنان النفس من التجول في سماء العشق للحضرة الأحدية المقدسة، فالعمل الصالح من شأنه رفع الأذكار وحصول الثمار.
أفضل الأوقات للذكر وتحصيل المحبة هو قبل الشروق ووقت السحر، والسبب هو قلة إنشغال القلب عن الدنيا في تلك الأوقات، وأفضل الأماكن المسجد حين خلوه من الناس، أو أي مكان لا يوجد فيه إنسان فهو مناسب لأنه يزيد في توجه النفس لجهة واحدة وهي الله تعالى.
قد تنفر النفس من الذكر لعدم اعتيادها عليه، ففي حال عدم جدوى الأذكار حاول في وقت آخر لأن ذلك يوجب قسوة القلب عن ذكر الله تعالى فاحذر!
يقول الإمامُ الرِّضا (عَلَيهِ الّسَلامُ): {إنَّ لِلقُلوبِ إقبالاً وإدباراً، ونَشاطاً وفُتوراً، فإذا أقبَلَت بَصُرَت وفَهِمَت، وإذا أدبَرَت كَلَّت ومَلَّت، فَخُذُوها عِندَ إقبالِها ونَشاطِها، واترُكُوها عِندَ إدبارِها وفُتورِها}.
بل وحتى لو لم تكن من الطائعين فقم بالذكر لينقشع الظلام من القلب وهو قول علي عليه السلام {ذكر الله دواء أعلال النفوس} فالعشق دواء للمعصية وسيف محاربة الأهواء، إذا همت النفس بالمعصية فاعشق الله كأنك تراه وهو يراك!
وهنا كلام للسيد الطباطبائي حول من أخلص نفسه لله :
(هؤلاء مستغرقين فيه سبحانه، ولا يرون إبليس ولا وسوسته ولا إحضاراً ولا حساباً وإليه الإشارة في الحديث القدسي : " أوليائي تحت قبائي، أو ردائي ")
ويقول بعد ذكر المجاهدة والإنقطاع إلى الله تعالى :
(ويطلع من الغيب طالع ويتعقبه شيء من النفحات الإلهية والجذبات الربانية، ويوجب حباً وإشرافاً، وذلك هو الذكر!)...(وجذبته جذبة الشوق إلى لقاء الله سبحانه، فانهدت أركانه واضطربت أحشائه، وحار قلبه وطار عقله، وانسلّ عن الدنيا وزخارفها، ولم يقع همه على العقبى ونعيمها، ولا دين للمحب إلا المحبوب ولا مطلوب له إلا المطلوب).
* تثبيت ودوام العشق :
بعد كل ما مضى ذكره، يجب عليك أن توصل هذا العشق من حال مؤقت إلى مقام دائم لك، (والعمل الذي تقدم ذكره هو عمل جزئي بسيط، ولا إشكال فيه ولا يتعارض مع الأعمال الأخرى، وليس فيه أي ضرر، لذا فمن المفيد أن يلتزمه طالب الحق تعالى مدة، فإذا رأى منه أثراً في تصفية قلبه وتطهيره، وتنور باطنه، فليعمل به أكثر.... وإذا خصص عدة دقائق في اليوم والليلة - بحسب إقباله وتوجهه، أي بحسب مقدار حضور قلبه - لمحاسبة النفس على مقدار سعيها في اكتساب نور الإيمان [وهو الذكر الدائم لله تعالى]، ومطالبتها بهذا النور والبحث عن آثار الإيمان فيها، فإن ذلك سيؤثر في حصوله على النتائج بصورة أسرع إن شاء الله)[السيد الإمام الخميني قدس سره].
(وأؤكد هنا تمام التأكيد على الصلاة لأنها معراج المؤمنين، وليس المهم عندي أن يرى الإنسان في المنام رؤيا لمرة أو مرتين أو أن يشاهد وقت الذكر نوراً بل يتلخص جوهر الأمر على قضيتين، إحداهما : الطعام الحلال، والثانية : الإنتباه في الصلاة ؛ فإذا صلحت هاتان صلح ما سواهما. ولب اهتمامي هو إصلاح القلب، وما ذكر {يا حي يا قيوم} في الأسحار إلا لهذا الغرض.... الأشخاص الذين يرغبون باتباع طريقتي عليهم أولاً فهم المعاني الصورية للصلاة، ثم التأويلات المعروضة ومن بعدها النقاط الأخرى، بنفس النحو الذي ذُكر عن الإمام الصادق عليه السلام في تكرار عبارة {إياك نعبد} حتى غُشي عليه، لا أن يتجاهل المرء الأحكام الشرعية ويُركز كل همه على الأذكار. فالحقيقة لا بد وأن تُستقى من الشريعة..... التكليف اليوم هو أولاً : الصلاة في أول وقتها، وثانياً : الإهتمام بحضور القلب عند الصلاة، وإنّ هذا العمل كالخط في الكتابة [الإستنساخ] لا يصلُح بيوم أو يومين بل يستلزم وقتاً طويلاً، وبعد الفراغ منه تأتي على النهوض قبل الصباح) [العارف الشيخ حسن علي الأصفهاني (النخودكي) قدس سره].
(ثم لا يزال بارق يلمع، وجذبة تطلع وشوق يدفع، حتى يتمكن سلطان الحب في القلب، ويستولي الذكر على النفس، فيجمع الله الشمل، ويختم الأمر وإن إلى ربك المنتهى). [السيد العلامة الطباطبائي]
ينقل العارف الشيخ الأصفاني :
(يقول المرحوم الفيض بعد هذه العبارات : حسبما يقول أرباب المعرفة، الذكر أربع مراتب :
الأول : ذلك الذكر الذي يجري على اللسان فقط.
الثاني : ذلك الذي عادوه على اللسان، يصير القلب ذاكراً ومتذكراً أيضاً وبديهي أنه لحضور القلب يلزم المراقبة والمداومة، لأن القلب إذا تُرك لحال نفسه يسرح في وادي الإنكار.
الثالث : ذلك الذي يتمكن من القلب أيضاً ويستولي عليه بشكل يكون رجوع القلب منه صعباً كما كان في النوع الثاني حضور القلب بالنسبة للذكر مشكلاً.
وأخيراً الرابع : ذاك الذي يكون فيه العبد مستغرقًا في المذكور " جل شأنه " مباشرة بأن لا ينتبه أبداً إلى ذكره ولا إلى قلبه - في هذه الحال التي ينصرف توجه الذاكر إلى الذكر، نفس الذكر يكون حجاب روحه، وهذه الحال تكون نفس التي عُبّر عنها في عرف العارفين بالفناء، وذلك كل المقصود وتمامه وكمال المطلوب من ذكر الباري تعالى).
العشق لا يستقر إلا إذا خلا وجه القلب، وكمال المطلوب في قول الرسول صلى الله عليه وآله (اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ).
فداء ام البنين
/
آداب التهيؤ النفسي للصلاة
إن للعبادات ملكوتا وباطنا : فليس الحج هذه الحركات التي يؤديها الحجاج فحسب!.. وباطن الصلاة، ليس هذه الحركات المعهودة فحسب!.. وروايات النبي - صلى الله عليه وعلى آله - وأهل البيت (ع)، تؤشر إشارة من بعيد بل من قريب إلى هذه الحقيقة.. ولعل هذا الحديث، مما يلقي الضوء على هذا المجال، قال أمير المؤمنين (ع): (لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره ان يرفع رأسه من السجود).. وقال الصادق (ع): (إذا قام المصلي إلى الصلاة، نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى الأرض، وحفّت به الملائكة، وناداه ملك : لو يعلم هذا المصلي، ما في الصلاة ما انفتل)!.. أي أنه ما ترك الصلاة لو التفت إلى ملكوت الصلاة، والمعاني التي تحملها الصلاة بين يدي الله عز وجل.
إن على الإنسان أن يعيش حالة من الترقب للصلاة، فالإنسان المؤمن الذي يريد أن يصل إلى ملكوت الصلاة، لا بد وأن يعيش هذا الهاجس قبل دخول الوقت، مترقبا للصلاة بكل شوق..
إن الأمور الكبرى في الحياة، والمعاني السامية تبدأ بالتلقين، وتتحول إلى واقع، وعلى الإنسان أن لا يملّ من التلقين المستمر.. فالسير إلى الله - عز وجل - حركة معاكسة لطبيعة الإنسان لجهتين : لوجود قوة دافعة، ولوجود قوة مانعة.
علينا ان نعلم أن هناك قوة دافعة، تدفع الإنسان الذي يريد أن يصل إلى الله - عز وجل - إلى اتجاه معاكس لما يريده، أي تدفعه إلى : الميل إلى شهوات الدنيا، والتثاقل إلى الأرض، وتقديم العاجل على الآجل، وتقديم اللذة على الفكرة، وتقديم المصلحة الآنية على المصلحة المستقبلية..
أضف إلى ذلك أن العبادة هي تعامل وتفاعل مع عالم الغيب، والغيب إذا بقي غيبا محضا، فإنه لم يعد داعيا لحركة الإنسان.. فالذي يؤمن بالله وبالمبدأ والمعاد ؛ ولكن لا يعيش حقيقة شهودية في قلبه، فإن من الطبيعي أن لا يسير إلى الله - عز وجل - سيراً حثيثاً ؛ ومن الطبيعي أن يحاول معاكسة التيار.. فالسباح الذي يريد أن يسبح خلاف التيار، يحتاج فى أول الأمر إلى تكلف ومعاناة ومجاهدة، إلى أن يتعود ركوب الموجة وتجاوز العقبات.
وعليه، فإن مسألة الدخول في بحر الصلاة، تحتاج إلى تهيؤ نفسي مسبق.. فقبل دخول الوقت، يا حبذا لو يجعل الإنسان حائلا بينه وبين الصلاة ؛ أي منطقة برزخية حائلة بين العالمين : فلا هي صلاة، ولا هي تعامل مع البشر.. ولهذا يلاحظ بأن القرآن الكريم، يؤكد على هذه الحقيقة : ألا وهو التسبيح قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب.. فعلى الإنسان أن يجلس في المصلى قبل أن تغرب الشمس، وفي مكان يهيئ نفسه للدخول بين يدي الله - عز وجل - بذكر بعض التسبيحات، والتهليلات، وباقي المستحبات بحيث يخرج تدريجياً من جو التفاعل مع عناصر هذه الدنيا.
ومن هنا فإن صلاة المؤمن تبدأ قبل الوقت بفترة طويلة، فالصلحاء والأولياء يعدون أنفسهم للقاء المولى قبل ساعة او ما يقرب منه.. بينما عامة الناس يفاجؤهم الوقت مفاجأة ولعلهم يتمنون فى قرارة أنفسهم أن لا يدخل عليهم الوقت ؛ لكيلا يفسد عليهم لهوهم!..
وإذا كان ولا بد أن يصلي في المنزل - لا في بيت من بيوت الله عز وجل - فعليه أن يهيأ مكانا فارغا للعبادة فى منزله، إثباتا لترقبه وميله إلى لقاء مولاه.
إن اتخاذ مكان ثابت فى المنزل للصلاة بين يدى الله تعالى، لمن دواعي التوجه، والتركيز، والإقبال على رب العالمين!.. فمن المستحب أن يجعل الإنسان في بيته، محلاً خاصاً للصلاة بين يدي الله عز وجل، إذ كلما جاء إلى المصلى، تذكر ساعات إقباله، إذ لعله بالأمس، أو قبل أيام كان خاشعاً في هذا المكان، ولعل دموعه كانت جارية على خديه.. ومن المعلوم أن هذا الجو مفعم بأجواء الروح والريحان ؛ فكلما دخل هذا المكان، أحس بتلك الأجواء، ولهذا نقرأ في القرآن الكريم : {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً}.. فمن هذه الآية يبدو أن مريم اتخذت محراباً ومكاناً ثابتاً، للعبادة بين يدي الله سبحانه وتعالى.. فتبين بما ذكرنا أن هذه الفترة الحائلة بين العمل اليومي وبين الصلاة مسألة مهمة.
وإن من صور التهيؤ المقترحة : أن يسجد الإنسان بين يدي الله عز وجل، قبل دخول الوقت في سجود عبادي تأملي.. فإننا - مع الأسف - نتخذ السجود وسيلة للعبادة وللذكر فحسب، وقد يتحول السجود إلى حركة بدنية محضة، لإظهار التذلل بين يدي الله عز وجل ؛ ولكن حقيقة السجود حقيقة جامعة مستوعبة.. فما المانع أن يعيش الإنسان أجواء مختلفة : من التذلل، والمناجاة، والتأمل فيما سيقبل عليه من اللقاء بين يدي الله عز وجل؟!..
إن من موجبات التوفيق والتهيؤ للصلاة الخاشعة، مراقبة السلوك بين الفريضتين.. أي أن من موجبات التوفيق للصلاة، هي مراقبة السلوك بين الحدين.. فمن المعلوم ان الذنب السابق للصلاة ؛ يؤثر على توجه الإنسان، فعندما يأتي إلى الصلاة، يأتي وهو يعيش جوا من أجواء البعد عن الله عز وجل.. وهناك تعبير جميل في كتب الأخلاق مفاده : ان من يلطخ نفسه بالعسل، ثم يقترب من بيت الزنابير، فإن من الطبيعي أن تهجم عليه الزنابير، لتلدغه في كل بقعة من بقاع جسده ؛ لأن العسل الذى لطخ به بدنه يغري مثل هذه الزنابير.
ان هذا المثال مقدمة للقول : بأن الشياطين تستهوي هذا الإنسان العاصي المنهمك في لذاته، وفي معاصيه وغفلاته.. وعليه، فإنه عندما يقف للصلاة بين يدي الله عز وجل، تهجم عليه الشياطين والأوهام والخواطر الحقة منها والباطلة، بحيث ينتهي من الصلاة، وهو لا يفقه كلمة من كلمات صلاته، وإلا فما هي دواعي الشك في الصلاة؟..
إن الشكوك الصلاتية لها حلول فقهية واضحة، حيث يبنى على الاكثر مثلا، ويأتى بصلاة الاحتياط.. ولكن أصل عروض الشك حالة سلبية عند الخواص!.. فليس من المقبول أن يصاب المؤمن المتوجه في صلاته، بحالات الشك والذهول، بحيث يصل الأمر إلى أن يشك بين الركعة الثانية والركعة الرابعة مثلا!.. فالركعة الثانية فيها قنوت ومناجاة مع رب العالمين، فيقال في الركعة الثانية : من الطبيعى أن الإنسان يأخذ عزه ودلاله في الحديث مع الله عز وجل.. بينما الركعة الرابعة : فيها رائحة الوداع، بما تستلزمه من الهم والغم ؛ إذ إن الانسان بعد لحظات سينتهي من لقاء الله عز وجل.. فعالم القنوت عالم يغاير تماماً عالم التشهد والتسليم، فكيف يخلط المؤمن بين الركعة الثانية، وبين الركعة الرابعة؟!.. بل حتى الركعة الثالثة؟!..
وعليه فإن الشك الكثير في الصلاة، والسهو الكثير فيها، علامة على نوع من أنواع الإدبار فيها، وعدم التوجه الكامل للمضامين الصلاتية، وعدم الانغماس فى بحرها.
محمد الموالي
/
نفحات عرفانيه
ما أروع الحديث عن العرفان والعرفاء، وعن أسوتهم السيد علي آغا القاضي
كان كما ينقل العلامة حسن زادة الآملي و كان بحراً مواجاً في العلم و الاخلاق و العرفان وكان أكثر اوقاته صامتاً ولا يتكلم الا قليلا جدا و كان من عادته أن يبدا الآخرين بالسلام وكان يكره ان يلفت انتباه الناس الى وجوده ولذا كان يبتعد عن آماكن ازدحام الناس و التجمعات العامة و ربما تمضي فترة طويلة لا يراه احد، وكانت تمر الايام ولا يراه احد وكان يتهجد في الليل ويقضي نهاره بالمطالعة او التفكير و كانت غالب زياراته لمرقد امير المؤمنين () في الساعة الثانية بعد الظهر، حيث يلجأ الناس في تلك الساعات في النجف الى السراديب من شدة الحر وكان يتعمد اختيار هذا الوقت لئلا يطلع عليه احد ولهذا لم يكن يراه احد ى في الحرم و لا في مكان اخر الا نادراً.
كان استاذاً للكثير من العرفاء والعلماء الذين سلكوا هذا الطريق واتخذوه منهجا وقد درس على يديه السيد الخميني والسيد الخوئي والعلامة الاملي و الكثير والشيخ بهجت من العلماء العرفاء (قده)
حاز السيد على امتيازات صعبة المنال بعيدة المدى وقد اتعب نفسه و ذاق المتاعب في سبيل الحصول على هذه المنزلة فكما ينقل العلامة حسن الآملي :
: كنت اسكن في مدرسة قوام في النجف الاشرف وكان للسيد علي القاضي غرفة صغيرة في زاوية المدرسة فتعجبت من ذلك، ثم علمت أنه اختار السكن في هذه الغرفة لضيق منزله و كثرة عياله وأولاده ليجد الهدوء و الخلوة للتهجد و العبادة وخلال وجودي في مدرسة قوام لم أرَ السيد القاضي نائماً وكان يحي الليل بالنوح والبكاء و قد رأيت في أثناء هذه الفترة القصيرة التي قضيتها معه حالات فريدة لم أرها من احد غيره سوى المحقق النائيني والمحقق الكمباني، فكان يختلف عن جميع الأساتذة و الطلاب الذين عرفتهم في حوزة النجف في تمام سلوكه وأخلاقه الاجتماعية و العائلية و الدراسية فهو دائم السكوت و لا يتكلم إلا نادرا وكان يبادر أحيانا إلى الحديث من غير سؤال و كنت أحيانا أشعر أنه يعاني من صعوبة كبيرة في الجواب حتى اطلعت صدفة على شيء جلب انتباهي و هي غدة زرقاء في باطن فم السيد القاضي فسألته عنها فامتنع عن جوابي فاصررت عليه وبينت له أن قصدي هو مجرد التعلم لا شيء آخر فلم يجبني أيضاً إلى أن خلوت إليه في جلسة مرة فبادرني قائلاً :
يا سيد محمد يجب أن تتحمل مصاعب جمة من أجل طي المسافة الطويلة في السير و السلوك و يجب أيضاً أن تترك أمورًا كثيرة، فقد كنت في أيام شبابي و في ابتداء سلوكي في هذا الطريق أردت أن ألجم لساني واسيطر عليه فوضعت حصاة في فمي مدة ٢٦ عاماً لكي امتنع عن الكلام والحديث الفارغ، وهذه الغدة الزرقاء التي تراها في باطن فمي هي من آثار تلك المرحلة.
من وصايا العارف السيد علي آغا القاضي
لتلامذته في طرق تهذيب النفس :
انتبهوا أخواني الأعزاء - وفقكم الله تعالى لطاعته - فقد دخلنا في حمى الأشهر الحرم فما أعظم نعم الباري علينا وأتمها، فالواجب علينا قبل كل شيء التوبة بشروطها اللازمة وصلواتها المعلومة ثم الاحتماء من الكبائر و الصغائر بقدر القوة.
فليلة الجمعة او يوم الأحد تصلون صلاة التوبة ليلة الجمعة او نهارها ثم تعيدونها يوم الأحد في اليوم الثاني من الشهر.
ثم تلتزمون المراقبة الصغرى و الكبرى و المعاقبة بما هو أحرى، فإن فيها تذكرة لمن أراد أن يتذكر أو يخشى ثم أقبلوا بقلوبكم، وداووا أمراض ذنوبكم وهونوا بالاستغفار خطوب عيوبكم.
و إياكم وهتك الحرمات، فإن من هتك - وإن لم يهتك الكريم عليه - فهو مهتوك، وأنى ّ وهو خير معين.
يوسف
/
تذكر في أوقات الشدة
ورد في تفسير القمي عن رسول الله صلى الله عليه وآله في معنى كلمة أحد : (نورٌ لا ظلام فيه، وعلمٌ لا جهل فيه) تستطيع القول أيضاً عدلٌ لا جور فيه، ووجودٌ لا عدم فيه.
الدرس العملي من هذا الحديث هو : أن نرضى بقضاء الله تعالى مهما كان مراً، وأن لا نناقشه فيما يقضي، فهو علم لا جهل فيه، فلماذا النقاش في القضاء؟ أوليس هو أعلم بما يصلح لعباده؟!.. التسليم لله مفتاح الخير.
زيدون العزاوي
/
مفهوم الخوف من الله
يقول احد الادباء : انهيت عمري كله خائفا من الله، واخيرا اكتشفت انه ملاذي.
محمد
/
وصايا في السير والسلوك
كل إنسان يعيش حالة الفرار للوصول للاستقرار. وقد نتساء ل فنقول أين الاستقرار؟ وإلى ما الفرار؟ فيأتي النداء الإلهي قائلاً : (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) لأنه هُوَ (الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ) فحري بنا أن نختاره فوق كل شيء حتى أنفسنا، هنا بعض ما خطر ببالي في طريق الجهاد مع النفس للوصول إلى القدس الإلهي.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : (إذا أراد الله سبحانه صلاح عبده ألهمه : قلة الكلام، وقلة الطعام، وقلة المنام).
إذا التزم الإنسان بهذه الوصية الذهبية، سيصل لمقامات الأولياء، ولكن هناك شروط وضوابط :
أحكام الأكل :
على السالك إلى الله تعالى أن يقلل من أكله بالتثليث : (ثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للهواء).. بالإضافة لذلك عليه أن يعيش حالة الجوع لمدة ساعة، ومن ثم يأكل وجبته، وعليه أن يحترز من الأكل بين الوجبات، وأن يقلل من أكل اللحم، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام : (لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوان).. والضابطة في أكل اللحم تركه صباحاً ومساء، بالإضافة إلى تركه يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، كما ورد عن كبار أهل العرفان، ويكفي ما جاء عن الإمام الصادق (ع): (ليس شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، وهي مورثة شيئين : قسوة القلب، وهيجان الشهوة).
النوم :
بالإضافة إلى ما مضى عليه أن لا ينام كثيراً، فحيث أن المستوى الطبيعي للنوم هو سبع ساعات، فلينقص منها ساعة، فيكون حينها ست ساعات، حسبما قال أهل هذا الطريق.
أحكام العزلة :
ومن أهم الأشياء هو اعتزال الناس، فقد ورد في القرآن كريم : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) نلاحظ أن الآية لم تحدد طائفة معينة من الناس، بل قالت {من في الأرض}، ولم تقل الكفار، بل حتى المسلمين منهم مشمولون في الآية، فأكثر الناس هذه الأيام يصدون عن السبيل، خصوصاً العادات والأعراف الغريبة التي نشأوا عليها، ولم يأت بها الإسلام، ولا يستثنى من الآية مرتادي المساجد والمحافل الدينية..
ولكن ليحذر السائر إلى الله تعالى من تسويلات الشيطان، فقد يصاب الإنسان بالعجب في حال الانزواء المطلق، وهذا خطأ، فعلى الإنسان أن يلتزم الجادة الوسطى في هذه الحال، فلا ينزوي مطلقاً، بل المعاشرة النافعة دنياً وآخرة هي المطلوبة.
ذكر الله :
وآخر عنصر وأهم عنصر وأساس وثمرة المجاهدة هو : ذكر الله عز وجل.. على السالك أن يخصص نصف ساعة على الأقل من يومه، في مكان يناسبه، ويبدأ بذكر الله تعالى والتوجه إليه بأحد أسمائه، لترسيخ ذكر الله في القلب بالحيثية التي يكون الرجوع عن ذكر الله تعالى صعبا، كما هو حال المنغمسين في المعصية، حيث يكون ترك المعصية أمراً صعباً - وليس مستحيلاً - عندهم. ولا يحصل الذكر الحقيقي الملكوتي الدائم إلا بالتفرغ من كل فكرة. والأمر ليس بالصعب أبداً، بل ما إن تضع خطوة ً واحدة في هذا الميدان، وإذا بأُفقك يتسع وتتسارع خطواتك نحو المرام.
تخيل أن هناك متكلم يقول أمراً مهماً، ولا يستطيع أحد سماعه بسبب الضجة.. هذا هو حالنا ففي الوقت الذي تشملنا الرعاية الإلهية، ونوفق لإيقاف كل فكرة للإصغاء لتسبيح الوجود، ينقدح أولاً العشق لله تعالى في القلب بشكل لا يوصف، بحيث يكون ترك كل العلائق الدنيوية متيسراً، فيتحقق حينها الزهد، وهو تفريغ القلب، لتقوية شعلة العشق المشتعلة..
فإذا استحكم الوضع قد تشمل الإنسان الرحمة، فتفتح له أبواب الكشف ومشاهدة حقيقة {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}، ففي ذلك الحين يدرك أن كل مخلوق بسعيه للكمال يسبح، وشيئاً فشيئاً يقوى حتى يسمع التسبيح بالفعل، ويرى بأن الوجود يدور حول معشوق واحد {هو الأول والآخر والظاهر والباطن}، وحسب ما جربه البعض، فهذا الحال لا يوازيه أي حال، فليسع الساعون لهذا الأمر.
يقول العارف الشيخ الجليل حسن علي الأصفهاني (النخودكي) رحمة الله عليه : (اعلم أنه كما أن عالم المادة يتشكل في العناصر الأربعة، ففي التولد المعنوي أيضاً يحتاج إلى أربعة عناصر : قلة الأكل، قلة النوم، قلة الكلام، والإنزواء عن الخلق. لكن يوجد عنصر آخر أيضاً يكون بالنسبة لهذه العناصر الأربعة كالروح بالنسبة للجسد وهو : الذكر الدائم).
وينقل نفس الشيخ رواية رائعة في بحار الأنوار ما مضمونه عن الإمام الرضا عليه السلام : روى عن عمار بن ياسر ما مفاده أن عمار سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن دواء لداء الذنوب.. إلى أن قال عمار : فالتفت إلي عندها وقال : والآن ذلك الدواء الذي قلته.
فقلت : تفضل يا أمير المؤمنين. فقال : عليك بورق الفقر، وعروق الصبر، وهليلج الكتمان، وبليلج الرضا، وغاريقون الفكر، وسقمونيا الأحزان، واشربه بماء الأجفان، واغله في الطنجير الغلق، ودعه تحت نيران الفراق، وضعه، ثم بمنخل الأرق واشربه على الحرق، فذاك دواؤك وشفاؤك يا عليل).
شغف الطاعة
/
التفاتة
سئل السيد هادي المدرسي عن اليأس والامل, فقال :
ملخص الكلام : اليأس حرام، والأمل واجب!..
ولا أدري لماذا الكثير منا لا يلتفت لهذه الالتفاتة الخطيرة، ولا يتعامل مع الله تعامل المدبر الرؤوف المفضل، فيأس احدنا يعني انه يشعر ان لا احد يرعاه، ولا احد ينقذه من ما هو فيه.
وكون الامل واجب، لانه يدل على اطلاع قلوبنا على مسألة المعية الالهية والقدرة الرحيمة, وتدل على الشعور بالانتماء للسماء والعبودية، التي تضمن حسن الرعاية ودوامها في الدنيا، والطمع في المزيد في الاخرة.
وهنا تتوقد شعلة الامل وتتوهج، ويستعيذ العبد من اليأس.
حسن
/
مواعظ متفرقة
* ذكر ومحبة الله :
لا يمكن لماء الأمطار الوصول للأماكن المغلقة، كذلك عشق ومحبة الله تعالى لا تصل إلى القلوب القاسية.
يجب أن نرفع الحجب بيننا وبين الله تعالى، لأن الله ظاهر، فيوضاته ظاهرة، وتفاض بشكل مستمر، ولكن لشقائنا لا تصل تلك الفيوضات إلينا.
(مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).. للقلب وجهة واحدة لا وجهتين، لذلك يجب توجيه القلب دائماً إلى الله تعالى.
سُئل الصادق (عليه السلام) عن العشق فقال : قلوبٌ خلت عن ذكر الله، فأذاقها الله حبّ غيره.
المقصود من ذكر الله في كلامه عليه السلام هو عشق الله عز وجل بقرينة كلام جده أمير المؤمنين عليه السلام، حيث قال : (الذكر لذة المحبين) ومن هنا يتضح التلبيس الرائج في هذه الأيام حول معنى ذكر الله، وان لقلقة اللسان تعتبر ذكراً لله عز وجل.
مع المراقبة الشديدة تميل شعلة المحبة إلى الروحانية، وكأن روحك منخلعة عن البدن.
* معرفة الله :
لا يتيسر اللقاء بالمحبوب - تقدست أسماؤه - إلا بتطهير القلب من الأغيار، قال أمير المؤمنين عليه السلام : (من عرف نفسه تجرد) وقال أيضاً عليه السلام : (من عرف نفسه فقد عرف ربه).. عندما نضم النصوص السابقة نعلم أن السبيل لمعرفة الله تعالى، هو التجرد عن الدنيا والانسلاخ عن لوازم البدن ومشتهياته، قال صلى الله عليه وآله : (موتوا قبل أن تموتوا) فعندما يموت الإنسان عن عالم الطبيعة - بالموت المعنوي - يدرك عالماً آخر من التوحيد والمعرفة.
* قسوة القلب :
من موجبات قسوة القلب - حسب روايات أهل البيت عليهم السلام - كثرة الطعام والكلام.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إيّاكم وفضول المطعم، فإنّه يسم القلب بالقسوة، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة، ويصمّ الهمم عن سماع الموعظة.
وإياكم وفضول النظر، فإنه يبدر الهوى، ويولد الغفلة.
وإياكم واستشعار الطمع، فإنه يشوب القلب شدّة الحرص، ويختم على القلوب بطابع حبّ الدنيا، وهو مفتاح كلّ سيئة، ورأس كل خطيئة، وسبب إحباط كل حسنة).
فضول النظر من أسباب الوقوع في النظرة المحرمة.
* التفكر :
ليس التفكر الجلوس في الغابة والنظر إليها، بل هذه الأمور تشغل الإنسان عن حقيقة التفكر، كلما انزويت عن الناس بهدف التفكر ستحصل على نتائج، وذكر الله أيضاً يحتاج إلى الخلوة لتركيز النفس، المزج بين التفكر والذكر أفضل.
والتفكر هو أن تتفكر في جمال الله عز وجل ونعمه بحيث يوجب هذا التفكر الخشوع وجريان الدمع، قال الإمام الرضا (عليه السلام): ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله عزّ وجلّ.
* الرياء :
من خدع النفس في الرياء أنها تسول للإنسان أن يذم فعل أو شخص سيء، لكي تظهر النفس بصورة حسنة أمام الناس، فهو يطعن في الآخرين ليوحي للناس أنه صالح وبريء من الأرجاس، لا يعلم أن رياء ه لا يقاس بسيئات الناس، فلعل الله تعالى غفر ذنوبهم.
وأيضاً من حيل الشيطان والنفس : الظهور بصورة المتدينين، حيث يقوم البعض بصنع أثر للسجود في جبهتهم، الإنسان لا يحب أن يظهر بصورة سيئة، ولكن إذا تعمد إظهار الحسنة، فنيته لا تخلو من شائبة سمعة أو رياء، ومنها أيضا إطالة اللحية بشكل ملحوظ، وكثرة العبادة في الأماكن العامة وإطالة السجود والركوع.
وجود أثر السجود أمر حسن، ولكن ليس صنعه، إذا ظهر بنفسه يكون حسن، أما بفعل فاعل فليس حسن والواجب تركه.
وسن
/
ماذا فقد من وجدك؟!
إن صارت أيامك خريف, وصار قلبك ينبض وسط الأشواك, وصوتك صار كصوت الاموات, وغابت شمسك على عجل, وانسحب القمر وتركك وحيداً،
فتش في ظلمة قلبك ؛ حتما سترى نور الله، واعلم أن الله يراك، فهل تراه؟!
ان رأيته ستصبح أيامك ربيع, وتصير الأشواك نسمات تلاطف إحساسك, ويصير صوتك لحن لا يسمعه الا أهل السماء, وتشرق شمس الله عز وجل على يومك, فترى الاشياء على صورتها وتُضاء ليالي الوصال بقمر العشق, لتقول : وداعا للوحشة والأحزان!.. من غادرت روحه الأوهام عاش بأمان!
صوت الحق
/
سئل الشيخ بهجت قدس سره الشريف
سئل الشيخ بهجت - قدس سره الشريف -: هل حقيقة إن الإمام الحجة - روحي فداه - يعيش في جزيرة خضراء؟..
فقال : كل قلب يمر به الحجة - روحي فداه - يخضر.
هذا حال القلوب التي يمر بها، فكيف بالقلوب التي استوطن الحجة - عليه السلام - فيها؟!.. أهلا بالقلوب الخضراء المتعلقة بإمام زمانها!..
خادمة الحسين (ع)
/
السلام عليك يا وارث موسى كليم الله
ذكر هذا الدعاء من جملة من ذكر ابن شهر اشوب عن عيون المجالس : أنّ الامام الحسين ع ساير انس بن مالك، فاتى قبر خديجة فبكى، ثم قال : اذهب عني.
قال انس : فاستخفيت عنه فلما طال وقوفة في الصلاة سمعته يقول :
ياربِّ ياربِّ انت مولاه.. فارحم عُبيدا اليك ملجاه
ياذا المعالي عليك معتمدي.. طوبى لمن كنت انت مولاه
طوبى لمن كان نادما أرِقَاً.. يشكو الى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم.. اكثر من حبه لمولاه
اذا اشتكى بثه وغصته.. اجابة الله ثم لباه
اذا ابتلى بالظلام مبتهلا.. اكرمه الله ثم ادناه
فنودي :
لبيك عبدي وانت في كنفي.. وكل ما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي.. فحسبك الصوت قد سمعناه
دعاك عبدي يجول في حجب.. فحسبك الستر قد سفرناه
لو هبت الريح من جوانبه.. خر صريعا لما تغشاه
سلني بلا رغبة ولا رهب.. ولا حساب اني انا الله
عبد الله
/
محبة الله وكيفية تحصيلها
أهم عنصر يعطيه الله تعالى لعبده المؤمن، هو محبته سبحانه، إذ كيف تسير في طريق بدون زاد؟.. الزاد في الطريق له سبحانه هو حبه، إذ كل حبيب يشتاق لمحبوبه ولقائه، فيسعى للوصول لمحبوبه.
في البداية عليك أن تعلم أن المحبة الراسخة التي لا تزول مع مرور الزمن، قد تكون من علامات اختيار الله جل ثناؤه للعبد، يقول مولى الموحدين عليه السلام : (إلهي وعزتك وجلالك لقد أحببتك محبة استقرت حلاوتها في قلبي)..
في البداية عليك أن تتوسل بأهل بيت الطهارة عليهم السلام للحصول على هذه الجوهرة، سواء عند قبورهم أو بعيداً عن قبورهم عليهم السلام، وبمجرد أن توفق للدعاء التزم بالسرية التامة والشديدة في هذا الأمر، لأن العشق أمر مقدس، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (استعينوا على قضاء أموركم بالكتمان).. وبعدها أشكر ربك للتوفيق للدعاء، لأنها تدل على صدق نيتك لاهتمامك بالأمر، تستطيع أن تستعمل هذا الدعاء الوارد عن أمير المؤمنين عليه السلام : (اللهم نور ظاهري بطاعتك، وباطني بمحبتك، وقلبي بمعرفتك، وروحي بمشاهدتك، وسري باستقلال اتصال حضرتك، يا ذا الجلال والإكرام)
هذا بالنسبة للخطوة الأولى وهي الجانب الدعائي القلبي، وهناك حركة أخرى يجب أن تقوم بها كما سيجيء في السطور القادمة إن شاء الله تعالى.
يقول السيد الإمام الخميني رحمه الله في عدد من مؤلفاته : أن القلب مثل الطفل عندما تريد تعليمه النطق، وكيفية ذلك هو الذكر اللساني، واستحضار معنى الذكر أثناء الذكر، بناء ً على ذلك إذا أردت أن تعلّم القلب محبة الله عز وجل استحضر حقيقة أنك تخاطبه، وقل له (يا رب) مستحضراً وجوده، وأنك تكلمه كما تكلم سائر الناس - أي بشكل مباشر - تفكر قبل الذكر أنه هو الذي خلق المحبة بين الأصدقاء، وجعل المودة في قلوب الآباء، قطعاً الله جل ثناؤه أرحم منهم وأشد عطفاً من والديك وقراباتك، وأنه يريد بك الخير، إذ خلقك ورباك وأطعمك ورزقك، ثم قل بعدها (يا رب)، والأفضل أن تكون في مكان هادئ كالمسجد حين فراغه من الناس أو أي مكان يُشعرك بالطمأنينة.. ولكن ليكن معلوماً إذا لم تحصل على شيء من المحبة حين الذكر، فحاول في ساعة أخرى يكون القلب متوجهاً فيها، لأن الذكر في حال عدم حضور القلب يوجب النفور.
أمر آخر ؛ إن الأنس بالغافلين من أكبر الموانع لحصول ثمرة الأنس بالله عز شأنه ومحبته. وإذا حصلتم على المحبة هانت المعاصي، وسهلت الطاعة.
نرجوا العروج ونخاف القيود
/
رمضان ربيع القرآن
الربيع حيث تخرج الارض زينتها، وتصبح تلك البذور التي تحت الثرى اشجارا باسقة على وجه الارض، حيث تنمو وتعطي ثمارا، وتصبح حقيقة واقعة على وجه الارض.. وكذا حال القرآن في شهر رمضان، حيث تنمو كل آية لتكون بمثابة ختمة، وثمار الختمة هي تلك الدرجات التي ترقينا الى الجنة، والاهم ان يصبح الخطاب القرآني تطبيق واقعي نعيشه ونتعامل به، ومن ليس له بذرة قرآنية في داخله ليس له ربيع في رمضانه.
نرجوا العروج ونخاف القيود
/
الضيافة الالهية
شهر رمضان شهر الضيافة الالهية، والمؤمن الذي لا يصب همه في ما يقدمه الضيف فقط، بل همه الاكبر هو رضا صاحب الضيافة عنه، حيث ينشغل في مراقبة نفسه وتأديبها في حضرة المضيف، واذا كان هذا همه من الطبيعي سينشغل عن الشرب والطعام والشهوات النفسية، لانه يهتم بماذا ستكون منزلته عند المضيف.. واذا كان هذا حالنا، فإن العطش والجوع لا يقف عائقا في مسيرتنا نحو رضا الباري عز وجل، وبها نبلغ الضيافة المعنوية الحقة التي تخرجنا من رمضان، ونحن أقرب الى الله عز و جل.
تراب نعلي سيدتنا زينب ع
/
في ذكرى ولادة زينب ع درس لابد من تعلمه
يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام) : فتحتُ عيني ليلة الحادية عشر من المحرم، وإذا أنا أرى عمتي زينب تُصلي نافلة الليل وهي جالسة، فقلتُ لها : يا عمة أتصلين وأنتِ جالسة؟.. قالت : نعم يا بن أخي، والله إن رجلي لا تحمِلني.
ما أعظمه من درس قدمته لنا تلك المرأة العظيمة سلام الله عليها!.. نعم إنها صلاة الليل، وما أدراك ما صلاة الليل!..
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) : (إنّ الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل).
قال الرضا (عليه السلام): (حافظوا على صلاة اللّيل!.. فإنّها حرمة الربّ، تدرّ الرزق وتحسّن الوجه، وتضمن رزق النهار. وطوّلوا الوقوف في الوتر!.. فإنّه رُوي أنّ من طوّل الوقوف في الوتر، قلّ وقوفه يوم القيامة).
قال الصادق (عليه السلام) : كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (ع) أن قال له : يا بن عمران!.. كذب من زعم أنه يحبني، فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه؟.. ها أنا ذا يا بن عمران، مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل حولت أبصارهم من قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلموني عن الحضور.
قال أبو عبد الله (عليه السلام) : (ليس منا من لم يصل صلاة الليل)
فالمطلوب منا في ذكرى ولادة السيد زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليهما السلام، أن نتخذ عهداً بأن نلتزم بصلاة الليل، بشكل دائم حتى آخر حياتنا، وإن عرض عارض ولم نوفق لها في يومٍ ما، فيمكننا قضاؤها.
من عوامل التوفيق لصلاة الليل :
١ - النية الصادقة للقيام.
٢ - الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لها.
٣ - التألم عند فواتها خصوصاً إن كان دون عذر.
٤ - الأخذ بالأسباب الظاهرية، مثل النوم مبكراً لمن خاف عدم الاستيقاظ، وعدم ملأ البطن عند النوم، ووضع منبه أو ما شابه، وتوصية الآخرين بالإيقاظ، وقراء ة الأذكار الواردة.
٥ - قضاء صلاة الليل عند فواتها، علامة من علامات الصدق في الحفاظ عليها.
مسائل مهمة في صلاة الليل :
- كيفيتها :
صلاة الليل مجموعها إحدى عشرة ركعة، تسمى ثمان ركعات منها التي تُصلّى ركعتين ركعتين بعنوان صلاة الليل، وركعتان بعدها باسم صلاة الشفع، وهي تُصلّى كصلاة الصبح، والركعة الأخيرة منها بركعة الوتر، ويستحب في قنوتها : الاستغفار والدعاء للمؤمنين وطلب الحاجات من الله المنّان، بالترتيب المذكور في كتب الأدعية.
- جواز الإتيان بصلاة الليل مخففة، حتى بالوتر فقط :
يجوز الاقتصار على بعض أنواع النوافل المذكورة، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر، وعلى الوتر خاصة... وإذا أريد التبعيض في غير هذه الموارد فالأحوط لزوماً الاتيان به بقصد القربة المطلقة.
- جواز الإتيان بالنوافل في حال الجلوس، بل حتى في حال المشي :
يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب وغيرها في حال المشي، كما يجوز الإتيان بها في حال الجلوس اختياراً، ولا بأس حينئذٍ بمضاعفتها رجاء بأن يكرر الوتر مثلاً مرتين، وتكون الثانية برجاء المطلوبية.
أحمد
/
الطريق إلى الله
من المهم أن يلتفت الإنسان لتزكية نفسه وصعود الدرجات، ولكن هنالك كيفية خاصة لذلك فالبعض يزكي نفسه لتكون زكية، والبعض الآخر يتخذه وسيلة إلى بلوغ الوصال مع المحبوب عز وجل.
يقول الإمام الخميني (قده) أن السفر إلى الله تعالى يبدأ بالخروج من بيت النفس والأنانية ويجب أن لا يكون هدفه من السفر هدفًا نفسياً فهكذا شخص ليس مسافر بل لا زال في بيت النفس. ولكن كيف نترك الشهوات والرغبات النفسية؟ الأمر صعب جداً! إعلم أن هذه من تسويلات الشيطان فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها ولن يكلفك بما لا تقدر عليه بل الخيار برمته عائد لك، وسوف نتطرق للحديث عن كيفية التزكية بشكل مفهوم.
من المعلوم أن الإنسان لن يستطيع التحرك بدون التقوي بالطعام والحركة، كذلك هي الروح الإنسانية لها وقود وتمرين خاص بها يمكّنها من الصعود والعروج إلى الله عز وجل أحدها العلم والآخر العمل أو العبادة وكلاهما يجب أن يكونا موجودان لإكمال الطريق وهدفهما هو توليد أو تقوية ومساندة الطاقة وهي العشق الإلهي.
إعلم أن الذكر ليس محصوراً فقط باللسان بل هو القلب فالذكر اللساني لا يعتبر ذكراً مالم يلازم الذكر القلبي، الذكر اللساني هو تعليم القلب النطق بذكر الله ومن الأفضل أن يكون ذلك في وقت توجه القلب لله وإلا فإنه يسبب قسوة القلب.
أما العلم فالهدف منه هو إنارة الطريق وكل شيء وبدونه لن يصل أحد، واعلم أن الآية الشريفة (إنما يخشى الله من عباده العلماء) تعني أن العلم الذي لا يُوجد في نفس الإنسان شيئًا من الخوف من الله تعالى فهو ليس بعلم بل مجرد مفاهيم.
واعلم ان من الناس من لا ميزة له ظاهراً ولكنه في الباطن ولي من أولياء الله عز وجل ولا أحد يعلم.
أنقل لكم قول العارف الملكي التبريزي وهو كلام مليء بالفوائد (الوصول لا يتحقق إلا بفناء العبد وارتفاع الحجب الظلمانية والنورانية كلها بينه وبين الله، ولا يتيسر ذلك إلا بتخلي العبد عن جميع عوالمه وأسمائه وأوصافه، وحينئذ يصير أهلا لظهور لظهور أسماء الحق....).
الحجب - نورانية كانت أو ظلمانية - تمنع من شهود الله عز وجل، فلا أحد يقدر أن يشاهد الشمس إلا من وراء شيء يحجب نورها فما بالك بنور السماوات والأرض! لذلك فالأمر يمر بمراحل إلى أن تزاح جميع الحجب، فعليك ان تخلع صفاتك الغير الإلهية وتتحلى بصفات الله تعالى وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله (من أحصاها دخل الجنة).
واعلم أن أولياء الله عز وجل يحبون الجنة لانتسابها إليه وليس لكونها جنة. فالبلاء والرخاء سيان لديهم لأن كلاهما من الله تعالى.
لا تنسى قول الله عز وجل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
وليترنم قلبك بقول الإمام علي عليه السلام (إلهي وعزتك وجلالك لقد أحببتك محبة استقرت حلاوتها في قلبي).
سراجي
/
الأحمق !!
الأحمق!!
من الأحاديث الملفتة ما ورد عن الإمام الحسن (ع): (ما أعرف أحدا إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه).. الأحمق هو إنسان لديه عقل - أي ليس مجنون - ولكنه لا يحسن التصرف، ويفوت الفرص الذهبية في الحياة، ولا يعرف قدر ما هو فيه.. كلنا لا نحسن التعامل في علاقتنا مع الله تعالى، لو أن إنسانا أعطي شيكا بمليون دينار فمزقه، أليس هذا أحمق الحمقى؟!.. والقرآن الكريم يقول كلمة أشد من كلمة (أحمق)، في قوله تعالى : {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}: أي الموت لك يا بني آدم!.. والخطاب للإنسان بصفة عامة، أي لكل الناس إلا من خرج بالدليل، قال تعالى : {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}.. فالحقيقة هي : أننا في علاقتنا مع رب الأرباب نعيش حالة من حالات قلة الإنصاف أو عدم الإنصاف ؛ فهلا تنبهنا لذلك؟!.
سراجي
/
التكامل للجميع!!
التكامل للجميع!!
إن باب التكامل مفتوح للجميع، وليس حكرا على علماء الحوزات والفقهاء والمراجع، فمتى ما وجد القلب السليم فإن رب العالمين يتجلى في ذلك القلب ؛ فلماذا لا نحاول أن نجعل أنفسنا محلا للألطاف والتجليات الإلهية؟.. إن المرآة تعكس صور الأشياء التي تقع عليها، وكلما ازداد صفاؤها ونقاؤها من الغبار والكدر، كان انعكاس الأشياء فيها أكثر وضوحا.. ولو وضعت مرآة أمام الشمس، لانتقلت هذه الشمس العظيمة عبر هذه المرآة الصغيرة، وأصبحت تحمل خواصها، فتكون قابلة للإحراق.. فإذا كان ذلك بالنسبة للشمس والمرآة، فكيف بالنفوس البشرية إذا واجهت شمس الوجود؟!.. ألا تصبح نفوس إلهية؟!.
سراجي
/
تكامل الأرواح !!
تكامل الأرواح!!
إن الإنسان في عالم تكامل الأبدان ينتقل من مرحلة إلى أخرى، بشكل قهري وطبيعي إلى أن يلقى الرب الكريم.. ولكن في عالم الأرواح الأمر مختلف، فإن الحركة التكاملية اختيارية، والذي لا يتحرك ولا يبذل جهده سعيا لتحقيق تكامل روحه، فإن وضعه لن يتغير وسيبقى ثابتا، فظاهره إنسان بالغ راشد، ولكنه في الواقع يحمل في باطنه طفلا صغيرا!..
فما دام أن الدنيا ليست بدار قرار، والإنسان شاء أم أبى صائر إلى لقاء ربه تعالى، فكيف يمكن له أن يستثمر هذه الفترة من الولادة إلى الموت، لتحقيق اللقاء الاختياري قبل أن يصير إلى اللقاء الإجباري؟.. كيف يموت قبل أن يموت؟.. إن هذا سفر، والمسافر يحتاج إلى دابة، وإلى زاد، وإلى خارطة طريق، وإلى رفقاء، وإلى التعرف على الأعداء والعقبات.. وغيرها من العناوين المفصلة والعديدة التي قد تناولها علماؤنا الأبرار.
سراجي
/
ألسنة بني آدم !!
ألسنة بني آدم!!
إن الأعداء كثيرون مهما حاول الإنسان أن يصفي علاقته مع الخلق، فمن اللازم أن يعوّد نفسه على عدم المبالاة بأذى الآخرين، وهذه من الأمور التي تكشف درجة راقية في الإنسان.. وقد ورد في الحديث أن موسى (ع) قال : (يا ربِّ!.. احبس عني ألسنة بني آدم، فإنهم يذموني.. فأوحى الله جلّ جلاله إليه : يا موسى!.. هذا شيء ما فعلته مع نفسي، أفتريد أن أعمله معك؟.. فقال : قد رضيت أن تكون لي أسوة بك).. فإن رب العالمين لم يقطع ألسنة الناس عن نفسه، حيث يتهمونه بعدم العدالة، ويتهمونه بسوء القضاء والتدبير الذي لا ينسجم مع أمزجتهم، ومع ذلك فإن الله تعالى يتحمل هذا الخلق المنكوس.. فعلينا أن نتأسى بهذه الصفة الإلهية، ونرضى بها كما رضي بها موسى (ع).
سراجي
/
مصدر الجمال!!
مصدر الجمال!!
لا يخفى أن من أعظم المزالق في هذا العصر هو الافتتان بوجوه الجميلات، إلى درجة الانجراف في الهاوية.. ولكن إن ما يرونه من هذه الصور الحسان هل هو غاية ما عند الله تعالى، مصدر هذا الجمال، وكل جمال على هذه الأرض، والجميل المطلق؟!.. العاشق للجمال لماذا لا يتوجه إلى مصدر الجمال، فإن التعلق بالمصدر الباقي أليس مكسبا أعظم من التعلق بتلك الفانيات؟!.. لماذا لا تنتقل من جمال المخلوق إلى جمال الخالق؟.. لماذا لا تنتقل من جمال المعلول إلى جمال العلة؟.. لماذا لا تنتقل من جمال المُصوَّر إلى جمال المُصوِّر؟.. أليس هو أولى بأن يُعشق؟.
سراجي
/
المغناطيس الإلهي !!
المغناطيس الإلهي!!
إن الإنسان في هذه الدنيا يبتلى بمتعَلقات وبشواغل كثيرة، فتجلب له التشتت وعدم التركيز في أمور الدنيا، فضلا عن أمور الآخرة ؛ فكيف يكون الخلاص من هذه الحالة؟!.. نلاحظ عندما تنثر برادة حديد على ورقة، أنها تكون جزيئات متناثرة، لا شكل لها، ولا جمال.. ولكن لو وضعت قطعة من المغناطيس وسط هذه الورقة، فإن هذه الجزيئات تتحرك في جميع الاتجاهات على جانبي القطبين، وإذا بها تترتب كل واحدة في مكانها مشكلة خطوط منتظمة..
إن المغناطيس الإلهي الغيبي هو الذي يقوم بهذا الدور من ترتيب الخطوط المتناثرة في القلب، وبدونه يبقى الإنسان متبعثرا في قلبه، ولهذا علي (ع) يصف المؤمن بأنه قد : (تخلى من الهموم إلا هما واحدا انفرد به).. إن اهتمام المؤمن في أيام مراهقته وبلوغه وبعد بلوغه، لا يختلف عن اهتمامه الجوهري عند ساعة احتضاره، فإن ليلة زفافه كليلة احتضاره، وشبابه ككبر سنه.. فهنالك مغناطيس محكم قوي في أعماق وجوده، قد جعل كل شيء في موضعه، أما القلب المشتت في حبه، فهو قلب معذب!.
سراجي
/
الكلمة الطيبة
الكلمة الطيبة
عاشق الكمال لا بد أن يكون في نفسه بذور مستبطنة مماثلة، تحتاج إلى استنبات، وإلى سقي ورعاية.. وبذلك تتحول هذه البذور إلى نبتة صغيرة، ثم إلى شجرة كبيرة، تغدو باسقة جميلة، فروعها في السماء، وجذورها راسخة في الأعماق، فضلا عن ثمارها الشهية..
فبماذا يكون السقي، وكيف تكون الرعاية؟..
فأما السقي فبالزاد القلبي، والفكري، والجوارحي..
فمن العبادة - ذكر الله تعالى وذكر أهل البيت (ع)- يكون الأول.
وبالعلم التفضلي والمكتسب يكون الثاني.
وبالعمل والسعي في طاعة الإله المعبود يكون الثالث.
وأما الرعاية فتكون بالمراقبة المستمرة والشديدة ؛ لئلا تأتي ريح عاصفة وتقتلع شجرتي الحبيبة، وهي بعد لم تترسخ وتتقوى، ويضيع جهد العمر هباء منثورا..
فإذا تحقق المراد، واكتمل النمو، وترسخت الجذور ؛ فعندئذ لن أخشى كثيرا، لأن شجرتي ستكون متمكنة من المواجهة، وليس من السهل اقتلاعها.
سراجي
/
الإرادة الإلهية في عالم الأرواح !!
الإرادة الإلهية في عالم الأرواح!!
إن الرب الذي ينقش قدرته وجماله في عالم التكوين، قادر على أن يرسم الجمال في عالم الأرواح، ولكن هنالك فرق بين العالمين، وهو : أن الجنين في ظلمات الأرحام - بلسان حاله - يسلم أمره إلى مولاه، ليصوره كيفما يشاء، وكذلك النبتة في ظلمات الأرض فإنها تسأل الله تعالى أن يحييها.. أما بالنسبة للأرواح فإن الأمر يختلف، إذ أنه يحتاج إلى إرادة طوعية من الإنسان، فلابد أن يتوسل بالله تعالى ويكثر الطلب، فليقل : يا رب!.. أنت الذي جمّلت هذا البدن، وجعلته في أحسن صورة، فجّمل هذه الروح، فإنه لا يعجزك شيء في الأرض ولا في السماء، وكل من فيهما طوعا لأمرك يا رب!.
سراجي
/
الإرادة الإلهية في عالم التكوين!!
الإرادة الإلهية في عالم التكوين!!
نلاحظ أن الإنسان في بداية تكوينه من أقبح الموجودات وأبشعها شكلا، وإذا به يتكامل ويتحول من طور إلى طور، ليخرج لنا هذا الوجود البديع الذي لا يشبع الإنسان من النظر إليه!.. وفي عالم النبات نلاحظ كيف أن الله تعالى يبعث الحياة في الأرض الميتة، وإذا بتلك البذور اليابسة تدب على وجه الأرض في غاية الحسن والجمال!.. إن رب العالمين هو الذي يحيي العظام وهي رميم، وينزل الغيث من بعد ما قنطوا، ويخرجنا من بطون أمهاتنا ونحن لا نعلم شيئا.. وهو قادر على أن يعينك على أمر نفسك، ويجعلها في أحسن صورة، ولكن لماذا لا نرى ذلك؟!
سراجي
/
أمواج البلاء!!
أمواج البلاء!!
من طبيعة الإنسان أنه يميل إلى الغفلة واللهو في حال الرخاء، ولا يدعو إلا إذا كان في ضائقة.. والحال أن الإنسان عليه أن يستبق الأحداث بالدعاء، فإن الدعاء قبل نزول الواقعة أبلغ من الدعاء بعد ذلك، وقد قال أمير المؤمنين (ع): (ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدعاء قبل ورود البلاء).. فأمواج البلاء مترقبة للمؤمن، وهي تأتي بين فترة وأخرى، والخوف أن تأتي هذه الأمواج العاتية فتغرق المؤمن، وإذا به ينتكس انتكاسة ذريعة، فيسلب حتى الدعاء، وهو أحوج ما يكون إلى الدعاء في تلك الحالة!..
سراجي
/
مباركة الرب!!
مباركة الرب!!
المؤمن عندما يتقرب إلى الله تعالى بصلاة الليل، أو صلاة الجماعة، أو خمس واجب أو غيرها من الأعمال الصالحة ؛ فإن هذا العمل في حد نفسه قد لا يؤثر كثيرا في تغيير مسير حياته.. ولكن الله تعالى هو الذي يربي ما يرتضيه من الأعمال وينميها، فإن الأثر البليغ للصدقة المنماة لا لأصل الصدقة، ولصلاة الليل المنماة لا لهذه البذرة التي غرستها في جوف الليل.. فالمؤمن إنما غرس بذرة بسيطة، ولكن الله تعالى جعلها تهتز وتأتي بالثمرة، كما قال تعالى بالنسبة إلى الإنبات المادي : {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.
سراجي
/
الآية المؤمِّلة
الآية المؤمِّلة
كم من الآيات التي تحث على التوبة وتبعث الأمل في نفوس العاصيين، إلا أن هذه الآية من الآيات المؤمِّلة جدا، وهي : {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}.. ولك أن تتساء ل : كيف تُبدل السيئات إلى حسنات، إنه لمكسب عظيم!.. والحال أن أقصى ما يتمناه ويطمع فيه المذنب هو العفو عن سيئاته!.. لكنك ترى هذا الإغراء الإلهي، فتلك السيئات تكون رصيدا يغري ويثري وينجي بدل أن كان يردي.. ألا يدل هذا على شدة رأفة الرب ورحمته وعنايته بعبده التائب؟!.. فالتائب لا أنه يستأنف العمل، بل إن له رصيدا يوازي ما له من سيئات!.. ألا يجدر بك أخي التائب أن تذرف من الدموع أنهارا بل بحارا أسفا على تفريطك في حق هذا الرب العظيم؟!..
سراجي
/
النور العزيز!!
النور العزيز!!
إن المؤمن الذي يُعطى بعض المنح الروحية، ثم يكفر بها بارتكابه لما يغضب الله تعالى، فإنه يعرض نفسه لانتكاسات روحية خطيرة، حيث يصاب بإدبار شديد.. وهذا الإدبار مجرب بعد المواسم العبادية : في محرم وصفر، وشهر رمضان، وموسم الحج، وقد ورد في الحديث : (لا يزال على الحاج نور الحج ما لم يذنب).. فالإنسان الذي لا يراعي هذا النور الذي يُعطاه في هذه الليالي والأيام، فإنه يسلب منه بثمن بخس، بذنب واحد أو زلة صغيرة، مما يضيع عليه جهدا كبيرا.. وليس معنى ذلك أنه طرد من رحمة الله تعالى، ولكن هذا النور نور لطيف وعزيز، لا يعطى لكل أحد.
سراجي
/
من خفايا كيد الشيطان!!
من خفايا كيد الشيطان!!
إن من المعلوم عداء الشيطان الأصيل لبني آدم، فهو لا ينفك عن الإنسان حتى يرديه قتيلا.. فلو أنه يئس من ارتكابه للحرام، تراه يلهيه ويخدره بالحركات العاطفية، ويلقي عليه البكاء والخشوع ؛ مغفلا إياه عن التحرك لتغيير ذاته.. وما أن يتحرك للتغيير، فإنه سيجلب عليه بخيله ورجله، ويستنفذ كل طاقته وقواه ؛ ليصده عن الحركة.. فالحركات العاطفية لا تهم الشيطان أبدا، ومن هنا تفنن الخوارج - الذين حاربوا أمير المؤمنين (ع)- في ذلك، فالشيطان أقنعهم بالحركات العاطفية والعبادية، وجعلهم في موقف عدائي وقتالي مع إمام زمانهم.
سراجي
/
طريقكِ إلى الولاية الكبرى!!
طريقكِ إلى الولاية الكبرى!!
لو أن إحدى المؤمنات ناجت الله تعالى بهذه المناجاة، فإنها ستصبح في طريق الولاية الكبرى!.. قولي : يا رب، أنا سخرت نفسي لوجود من أردتَ وجوده، وتكفلت برعاية هذا الجنين الذي هو من اللحم والشحم.. فامنن علي بأن تجعل وجودي تحت نظرك، فأنا أيضا في عالم الأرواح مثل الجنين، لا كمال، ولا جمال، ولا وظيفة أعضاء، روحي روح مشوهة كالجنين المشوه!.. يا رب، تكفلني بالرعاية وأصلح أمري!..
سراجي
/
خادم المسجد!!
خادم المسجد!!
إذا تجلى الحب الإلهي في قلب المؤمن، فإن هذا الحب يتعدى إلى كل ما هو مذكر بالله تعالى ومن شؤونه، فينظر إلى الآخرين بنظرة إلهية، على أنهم من عيال الرب تعالى.. لو أن إنسانا يعمل خادما عند مرجع، ونظرت إليه بهذه النظرة على أنه خادم، فقد لا تلقى في نفسك احتراما له.. ولكن أليس الأمر يختلف لو أنك تنظر إليه على أنه خادم المرجع؟.. هو صحيح خادم، ولكن لأنك نسبته إلى جهة عليا، فاكتسب منها العلو.. وكذلك عندما تنظر إلى خادم المسجد على أنه خادم لبيت ربٍ تحبه، وتصلي فيه لله تعالى ؛ وإذا بهذا الإنسان الذي لا وزن له يصبح إنسانا عظيما، وتصبح له شخصية كبيرة جدا.
وكما قال الشاعر : داريتُ أهلك في هواك وهم عدى *** ولأجل عين ألف عين تكرم
سراجي
/
ساحة العز الإلهي !!
ساحة العز الإلهي!!
إن الذين يقنعون بالفقه الظاهري ولا يطمحون لما رواء الفقه، لا يصلون إلى جوهر العبادة.. إنهم أشبه شيء بمن يريد لقاء الملك ولكنه يكتفي بالتواجد في ساحة القصر، ومراجعة ما يُعرض في المكتبة من حياة الملك وسيرته وأوصافه، فيبقى يحوم حول القصر، دون التشرف بالمثول بين يدي الملك!..
على الإنسان المؤمن أن يطمع فيما هو أعظم من ذلك، ويسعى لأن يصل إلى درجة الدخول إلى ساحة العز الإلهي، ويحاول أن ينتقل من القشرة إلى اللب، من الملك إلى الملكوت.. فإن الذي عرف الدين من خلال اللب والملكوت، فهذا الإنسان لا يخشى عليه من الارتداد عن طريق الله تعالى ؛ لأنه وصل إلى معدن العظمة : (إلهي!.. هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ؛ حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة).
سراجي
/
المعادن المجهولة !!
المعادن المجهولة!!
إننا نعتقد أن أغلب الناس يحملون في بواطنهم معادن نفيسة، ولكن هذه المعادن مجهولة، إنها أشبه شيء بالآبار النفطية هذه الأيام.. فمن المعلوم أن النفط يحتاج إلى جهاز استخراج أولا، ثم إلى جهاز تكرير ليصفى من الشوائب والعوالق، ثم يصبح بعد ذلك صالحا ليكون وقودا يصب في المحركات والسيارات.. والناس كذلك فالأمر يحتاج إلى استكشاف واستخراج وتصفية ؛ لكي تحول تلك المعادن المستبطنة إلى وقود يحركهم إلى الأمام.
سراجي
/
الواقع الباطني!!
الواقع الباطني!!
لو التفت الإنسان إلى باطنه ونظر إلى تركيبة نفسه، لاكتشف أن هنالك طفلا في وجوده، فظاهره إنسان ذا شخصية راقية، له مقام ودور متميز في المجتمع، إلا أن واقعه شيء آخر.. وهذا الذي يدفعه لهذه الحركات والاستمتاعات التي هي دون مستوى الإنسان الراقي الكامل، فترى إنسانا تنازعه نفسه على قطعة حلوى، وإذا به يقطع المسافات لأجل أن يشتريها ويأكلها!..
وعليه، لابد للإنسان أن يحاول تهذيب نفسه وتربيتها، وأن يحاول أن يصعد بها إلى مستوى البلوغ، بحيث لا ترى متاع الدنيا مغريا كثيرا.
سراجي
/
مؤمِّل المذنبين!!
مؤمِّل المذنبين!!
لا يخفى دور الشيطان اللعين في تثبيط البعض ممن تورطوا بالتوغل في المعاصي والذنوب، فيما سلف من حياتهم ؛ إذ أنه يعمل على تذكيرهم بذلك الماضي الأسود، ليبعث في نفوسهم اليأس من رحمة الله تعالى، ويصدهم عن التحرك لتغيير واقعهم المرير، وعن الالتفات إلى تعويض ما ضاع من العمر في الأباطيل ؛ فما من أمر بأشد عليه من أن يخرجوا من الأوحال والمستنقعات التي كانوا فيها!..
والحال بأن اليأس من الكبائر، فشأنه شأن الزنا وشرب الخمر وغيره، فالإنسان بإمكانه في أي لحظة أن ينقلب على واقعه.. وهو ليس بأعظم ذنبا من الحر بن يزيد الرياحي، ذلك الذي أرعب قلوب أولياء الله، من أمثال مولاتنا زينب الكبرى (ع).. ومن المعلوم أولئك السحرة الذين كانوا يمتهنون السحر الذي هو من الكبائر والموبقات، هذا فضلا عن تجاسرهم في مواجهة نبي الله موسى (ع)، ومع ذلك فإن الله تعالى قد قبل توبتهم، وها نحن اليوم في المناجاة نقول : (يا قابل السحرة اقبلني!)..
فعليه، لا بد للإنسان المذنب من العزم والجزم على تغيير الواقع، واستنزال المدد الغيبي.
سراجي
/
اسم الله الأعظم !!
اسم الله الأعظم!!
إن البعض يسأل ما هو الاسم الأعظم الذي لا تُرد به حاجة، والبعض يبحث في الكتب العتيقة، والبعض يبحث في الأوراق الصفراء، والبعض يذهب إلى الرياضات المرهقة : صياما، وتركا للأطعمة الحيوانية وما شابه.. ولكن لنلاحظ هذا الحديث : سئل النبي (ص) عن اسم الله الأعظم، فقال : (كل اسم من أسماء الله أعظم، ففرّغ قلبك من كل ما سواه، وادعه بأي اسم شئت).. فليس لله تعالى حقيقة أو اسم من دون اسم، بل هو الله الواحد القهار.
سراجي
/
ما أشد شوقه لدعاء المؤمن !!
ما أشد شوقه لدعاء المؤمن!!
إن الله تعالى ليؤخر إجابة المؤمن، شوقا إلى سماع دعائه، لأنه إذا أعطاه الحاجة، فإنه يسكت ويهدأ ويفتر، ولهذا فإن الله تعالى يجعل الحاجة معلقة بين الاستجابة وعدمها.. بينما يعجل إجابة الدعاء للمنافق، لأنه يكره سماع صوته، فيعطيه حاجته، لئلا يتكلم معه مرة أخرى!..
وعليه نقول : أخي المؤمن!.. إذا دعوت الله تعالى في حاجة وتأخرت الإجابة فلا تقلق، فلعلك من هذا الصنف.. وقل : يا ربي!.. إن كان التأخير في الإجابة لأنك تحب أن تسمع صوتي، فلا حاجة لي في حاجتي، أخر حاجتي ما شئت، ما دمت تحب أن تسمع هذا الصوت!..
سراجي
/
من أصغى إلى ناطق فقد عبده!!
من أصغى إلى ناطق فقد عبده!!
إن هذا التعبير الوارد عن المعصومين (ع) لهي كلمة الفصل في إعطاء القانون الذي يسير عليه الإنسان في حياته، وذلك عندما يريد أن يتوجه بانتباهه إلى أمر من الأمور، وهو ما روي عن الجواد (ع): (من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس)..
أوَلا يكفي هذا الحديث لنكون حذرين عندما نريد أن نفتح عقولنا وقلوبنا على كلام الغير، أو على أي وسيلة من وسائل الإعلام الحديثة في هذه الأيام؟!..
سراجي
/
ألغام الشياطين!!
ألغام الشياطين!!
إن الشياطين تكيد كيدا مضاعفا للإنسان المؤمن، وخاصة من همَّ في السفر إلى الله تعالى، ولها ألغامها المتعددة، وتفكر في ذلك اللغم الذي يناسبه : شهوة، أو غضبا، أو طمعا في دنيا، أو طلبا لرئاسة.. وإلا فلماذا نرى بأن الذين يحبون الكمال وعشاق الوصل كثيرون، ولكن الواصلين قليلون؟!.. فالمشكلة أن أغلب الناس الذين يتحركون إلى الله تعالى، يواجهون العقبات التي تصدهم عن السبيل، ويُلقى القبض عليهم، وتفتتهم الألغام وهم في أوائل الطريق!.. ومن هنا نعلم أن حقيقة التقوى هي : أن يعيش الإنسان حالة الخوف من غضب الله تعالى، الذي لا يُعلم متى يحل على العبد!.
سراجي
/
الرب العظيم!!
الرب العظيم!!
إن غاية خلق الله تعالى لعباده، إيصالهم إلى الكمال النهائي الذي يحقق لهم السعادة الأبدية، فقد خلقهم تفضلا منه، للبقاء لا للفناء، لا لحاجة إليهم - وهو سبحانه الغني المطلق - وإنما لينعموا بفضله وخيره، ويؤيد ذلك هذا الحديث القدسي : (كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف).. إن رب العالمين مستغرق في عزه وجلاله وكماله، ولا يحتاج إلى أحد من خلقه، فهو إله وإن لم يعبده أي مخلوق، وسيأتي يوم القيام وينادي فيه : {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}؟.. وإذا بالسائل هو نفسه المجيب : {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.. إن ربا بهذه العظمة والقدرة وبهذه الملكات، ألا يجدر بنا أن لا نلتفت إلى سواه؟!.
سراجي
/
ثغرات الضعف!!
ثغرات الضعف!!
من الضروري أن يستكشف الإنسان مواطن الضعف في نفسه، إذ أن لكل إنسان ثغرة ضعف ينفذ من خلالها الشيطان، ومن تلك المنافذ : النساء، الغضب، المال، الشهرة.. ولهذا ترى البعض له مقاومة غريبة أمام جنس النساء، وقد تعرض لمواقف تشبه مواقف يوسف الصديق (ع)، وخرج منها بغير أي معاناة أو مجاهدة.. ولكنه في المال يسقط، فتطلب منه الخمس فلا يعطي، أو عندما يغضب على زوجته وأهله، فإنه يعمل الأفعال العجيبة.. والمؤمن لا يخلو من حدة كما ورد في الروايات، وهذا هو مدخل الشيطان في أغلب المؤمنين.. لكل إنسان ثغرته، فعلينا أن نكتشف من أين نؤكل!..
سراجي
/
الوجود المنسجم مع أوامر الشرع!!
الوجود المنسجم مع أوامر الشرع!!
إنه لمن الجميل أن يصل الإنسان إلى مرحلة ينسجم فيها وجوده مع ما هو مطلوب منه شرعا!.. فهو في البداية يعيش حالة المجاهدة مع مشتهيات نفسه وأهوائه، ولكنه يصل إلى مرحلة الصفاء والنقاء.. مثله مثل المدمن على التدخين، فعندما يترك التدخين فإن رائحة النكوتين تصعد إلى فمه في الأيام الأولى، ولكن بعد فترة من المقاومة يصبح وجوده وجودا نقيا.
إن الذي فُتحت له أبواب الغيب، فهل يرجع إلى المزبلة؟!.. إن البعض من الشباب وصل إلى درجة من درجات الورع والتقوى، أنه عندما يرى امرأة أجنبية وكأن هنالك جهازا حديديا يلف رقبته يمينا وشمالا، فإن الحركة ارتدادية قسرية، فهو لا يطيق النظر، ولا يحتاج أن يفكر بأنها نظرة جائزة أو غيره.. والبعض منهم إذا أكل طعاما حراما من غير قصد، معدته تتقيأ هذا الطعام الحرام ولا تقبله.. نعم يصل الإنسان إلى هذه الدرجات، التي يصبح فيها وجوده منسجما مع موجبات التقوى والورع.
سراجي
/
أفضل قربان!!
أفضل قربان!!
إن من يريد أن يصل إلى درجة من درجات التكامل، عليه أن يقدم قربانا في سبيل الله، وأفضل قربان يقدمه الإنسان لربه، هو أن يجعل ذاته مُندكة في إرادة الله تعالى : أي أن يصل إلى درجة لا يرى لنفسه اختيارا في هذه الحياة أمرا ونهيا، وأن يحقق الفناء لله وفي الله وبالله، وألا يكون له منهج في الحياة إلا المنهج الرباني، فلا يريد إلا ما يريده رب العالمين، ولا يتمنى إلا ما يتمناه له..
فالإنسان يترك الحرام، لأنه عبد، والأداة التي يستعملها للحرام هي ملك لله تعالى.. فرب العالمين خلق العين وهو صاحبها، وسمح للإنسان باستعمالها فيما أحله فقط ؛ وهو الذي خلق الجهاز الهضمي، وأحل له الطعام بقيود.. فالذي يلتفت إلى مالكية الله تعالى وإلى كونه عبدا، ليس له أن يأكل ما يريد، أو ينظر إلى ما يشاء، أو يذهب إلى أين يشاء ؛ إنما عليه أن يتلقى الأوامر من مولاه!..
سراجي
/
اليقظة والانقلاب على الواقع المرير!!
اليقظة والانقلاب على الواقع المرير!!
إن الخطوة الأولى في السفر إلى الله تعالى، تبدأ من لحظة الاستفاقة والانقلاب على الواقع الذي يعيشه الإنسان.. فالذي يتأمل في نفسه ويعيش حالة التبرم وعدم الرضا مما هو عليه، فمن المرجو له أن يتحرك ويبدأ سفره هذا.. مثله كإنسان خُدر وخُطف، وإذا به يستفيق ويرى نفسه والأعداء يحيطونه من كل جانب ؛ فهذا من المتوقع أن يسعى لتخليص نفسه، ويبادر بالفرار ما أمكنه بكل جهده ووسعه وطاقته، حتى يبتعد ويصل إلى مأمنه.
سراجي
/
مدمن العسل!!
مدمن العسل!!
لو أن إنسانا كل يوم يُعطى عسلا، حتى أصبح مدمنا على العسل، وإذا يُؤتى له بمربى أو حلوى من النوع السيئ ؛ فهل تراه يأكله؟!.. ولهذا فهو قد يصاب بضعف وانهيار ؛ لأنه ليس عنده ذاك العسل، وهذه الحلوى لا تشبعه ولا يرضى بها!..
إن بعض الناس عندما يتقدم في طريق الإيمان درجات، ويعيش حالات متميزة من الإقبال، ومن ثم يؤخذ منه الإقبال، فإنه يصبح لا يأنس لا بالعبادة، ولا بالجلوس مع الناس، ولا تغريه الديوانية، ولا يغريه المسجد.. فأين يذهب هذا الإنسان؟!.. وماذا يعمل؟!..
سراجي
/
لا تنظر إلى ما يأكله الغير!!
لا تنظر إلى ما يأكله الغير!!
إن البعض عندما يذهب لزيارة المعصوم يظن أنه لا بد أن يعيش حالة الخشوع والبكاء، لتكون زيارته مقبولة ؛ ولهذا تراه يرجع كئيبا حزينا، إذا لم يجد ذلك التفاعل المتميز عندما يقف أمام الضريح.
والحال أن الهدف من الزيارة ليس هو أن نعيش حالة الخشوع والبكاء؟!.. وكما يقال في آداب الطعام المادي : (عندما تجلس على مائدة، لا تنظر إلى ما يأكله الغير)، كذلك بالنسبة إلى الطعام المعنوي، لا تنظر إلى ذلك الزائر الذي يبكي ويصيح، فلكل إنسان أسلوبه.. ثم أنه ما أدراك أن بكاء ه هذا بكاء مقدسا!.. إذ البعض عندما تراه يبكي في المشاهد أو عند الكعبة، قد تغبطه على ما هو فيه، ولكنك لو تقترب منه وتسمع صوته، تراه يتفاوض مع الله ورسوله حول قضية ما : إما أداء دين، أو زواج من امرأة يهواها، أو مشكلة نفسية.. فهذا البكاء ليس مقدسا، حتى يُغبط عليه صاحبه!.
سراجي
/
عطاء الشمس الإلهية !!
عطاء الشمس الإلهية!!
إن أشعة الشمس تسطع على كل شيء، النبات المحجوب، والنبات غير المحجوب ؛ ولكن النبات الذي ليس عليه ساتر يتلقى ضوء الشمس، بخلاف النبات الذي يُجعل في مكان مظلم فإنه يحرم من ذلك الضوء.. إن أشعة الشمس ساطعة على الجميع، ولا يعني عدم وصول طاقتها إلى النبات المحجوب، أنه تقصير من الشمس، أو عيب فيها، أو أن طاقتها قليلة، ولذا فلا نعرض النباتات كلها للشمس، لئلا تقل طاقتها!..
إن الشمس الإلهية ساطعة، ولكن علينا أن نعرض أنفسنا لهذه الشمس، بإزالة الحجب والموانع ؛ فالمشكلة في أننا لم نتعرض، ولو تعرضنا لتم التفاعل!.. إننا عندما نخرج الشيء من الظلمة إلى النور، فالأمر لا يحتاج إلى معاملة أو إلى القول : أيتها الشمس، اعرفي وثقي بأنني خرجت من الغرفة المظلمة، فرجاء تفضلي علي بالشعاع!.. وإلا فإن الشمس ستضحك عليك، وتقول : أنت بمجرد أن خرجت من الظلمة، وإذا بأشعتي سطعت عليك من دون أن تطلب!.. إن الإنسان الذي يترقى روحيا، فإنه يعطى المقامات العالية حتى لو لم يطلب من الله تعالى ذلك.
سراجي
/
تقديم القربان!!
تقديم القربان!!
من صور تقديم القربان بين يدي الله تعالى، ما قامت به أم مريم (ع)، فقد كانت امرأة تحب بيت المقدس، وتحب أن تجعل ما في بطنها محررا لهذا البيت، وقال الله تعالى مشيرا إلى ذلك : {إِذْ قَالَتِ امْرَأَة ُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}..
ولو تأملنا فيما قامت به أم مريم (ع)، للاحظنا أنها لم تكن إلا حركة بسيطة، فما الذي كلف أم مريم (ع) غير كلمات، بأن نذرت لله تعالى بأن تجعل ما في بطنها في خدمة بيت الله؟.. ولكن لأنها كلمات صادقة، فكانت النتيجة هي القبول الحسن والمباركة الإلهية لتلك البنت، كما قال تعالى : {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا}.. وإذا بالبركات تتعدى من الأم إلى البنت، وبركات البنت تتعدى إلى الولد، وفي يومنا هذا أغلب من على وجه الأرض يدّعون الانتماء إلى هذا المسيح.
سراجي
/
ملكوت السماوات والأرض !!
ملكوت السماوات والأرض!!
ورد في حديث عن النبي (ص): (لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم، لنظروا إلى ملكوت السماوات والأرض).. كيف يمكننا أن نحقق هذه المرتبة من رؤية ملكوت السماوات والأرض؟.. لماذا استحق إبراهيم (ع) أن يريه الله تعالى ملكوت السماوات والأرض؟.. هل كانت له صلة قرابة مع رب العالمين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؟!.. وإنما لأن الشياطين تحوم حول قلوبنا، والله تعالى لا يري ملكوته قلبا مشغولا بالأباطيل والأوهام، والخشونة في التعامل.
سراجي
/
جامع العسل!!
جامع العسل!!
لو أتي لك بقدح فيه أرقى أنواع العسل في عالم الوجود، ولما تنظر فيه ترى سوادا، وإذا بك تكتشف أن فأرة ألقت فيه عذرتها!.. فإن هذا العسل سوف لن يؤكل، إن هذا العسل لا قيمة له، وهو كالسم الذي أدخل في الشيء، أو كالقاذورة التي أفسدت الشيء.
ونقول قياسا على هذا : إن البعض منا جمعه للعسل جيد، فهو ليس مقصرا في جمع العسل، وله نحل كثير، ولكنه في كل يوم يرمي عذرة في عسله ؛ ولذا فإنه سيبقى بعيدا عن كل مدارج الكمال!..
سراجي
/
الأقرب إلى القلب!!
الأقرب إلى القلب!!
لو أن إنسانا أراد أن يلتقي بك، وهو يحبك جدا، ولكن كان بينك وبينه عدو غاشم، وكلما يقترب ذاك المحب فإن العدو يضربه على رأسه، وهكذا فإنه طوال الوقت يقدم وفي كل إقدام يواجه ضربة على رأسه.. بينما إنسان آخر يأتيك بعد ذهاب هذا العدو، فتستقبله بالأحضان، وتدعوه إلى المنزل، وتقدّم له ضيافة فاخرة.. فأيهما أحب إليك؟.. أهذا الذي كان طوال الوقت يحاول أن يقترب منك وفي كل محاولة يتلقى ضربة على رأسه، أم ذاك الذي أقبل عليك بسهولة؟..
أنت عندما تصلي وتتلقى الضربة من الشيطان على رأسك في كل ركعة - أي أنت في صراع وعراك مع إبليس طوال الصلاة - فإن هذه الصلاة تعد صلاة متميزة، وأنت في قمة الخاشعين.. لا ينبغي أن تنظر إلى بعض ما أعطاه الله تعالى للبعض من الهبات الخاصة، أنت عليك أن تحاول وتوكل الأمر إلى الحكيم الخبير.
سراجي
/
الضربة القاضية !!
الضربة القاضية!!
إن شأن الفيوضات المعنوية كشأن تفجر الأنهار من الصخرة التي تُطرق عليها الطَرقات.. أنت ضربت ألف طرقة، والآن صار الحجر مستعدا لأن تتفجر منه الينابيع، ولكنك تبخل بالضربة الأخيرة، فتحرم نفسك البركات!.. إن الشيطان ينظر إلى صخرة النفس، ولما رآها على وشك التشقق وانفجار الينابيع الجارية منها، فإنه يأخذ على يدك بكل الوسائل، ليمنعك من ذلك.. والعاقل ينتبه لهذه الضربات الأخيرة، ومنها ليالي القدر، فلعل ما تكتسبه طوال السنة، تكون الضربة المباركة لها في ليلة القدر.. ولكن الإنسان في تلك الليلة قد يتقاعس، فلا يضرب تلك الضربة التي تفجر له الينابيع!..
سراجي
/
شمس الوجود!!
شمس الوجود!!
إن القلب السليم هو المكان القابل للألطاف والتجليات الإلهية، فمتى ما وجد القلب السليم، فإن رب العالمين يتجلى في ذلك القلب، كالمرآة التي تعكس صور الأشياء التي تقع عليها.. وكلما ازداد صفاء المرآة ونقائها من الغبار والصدأ، كان انعكاس الأشياء فيها أكثر وضوحا.. فلو وضعت مرآة أمام الشمس، لانتقلت هذه الشمس العظيمة عبر هذه المرآة الصغيرة، وأصبحت تحمل خواصها، إذ تكون قابلة للإحراق.. فإذا كان ذلك بالنسبة للشمس والمرآة، فكيف بالنفوس البشرية إذا واجهت شمس الوجود؟!.. نعم، فإنها تصبح نفوسا إلهية.
سراجي
/
التفكير في الأبدية !!
التفكير في الأبدية !!
إن من بواعث الهمة ، أن يفكر الإنسان في الأبدية ، أو في اللانهاية ، فيبرمج لأن تكون هذه الأبدية أفضل أبدية ممكنة .. ومن المعلوم أن هذه الأبدية - بخيرها وشرها - لا تتحدد إلا من خلال هذه السنوات المحدودة .
سراحي
/
التعامل الصحيح!!
التعامل الصحيح!!
ينبغي للإنسان إذا أعطي شيئا من المزايا المعنوية، أن لا يغير من تعامله مع الناس، لإحساسه بالتميز على من دونه.. وينبغي أن يحاول كتمان ذلك، فما الفائدة من إذاعته للناس!.. إلا إذا رأى إنسانا خبيرا في هذا المجال، فبالإمكان أن يطرح أمامه الأمر، رجاء الفائدة، وحتى يتعلم كيف يصل إلى مرحلة أرقى مما وصل إليها.
سراجي
/
خارطة التكامل!!
خارطة التكامل!!
إن مجرد وجود المقتضي لا يكفي لتحقق الأثر، فهناك شروط لابد من توفرها، وموانع يجب رفعها.. فإن الزارع الذي يريد أن يرى يوما ثمرة جهده، لا يكتفي بوضع البذرة في أي تربة!.. ولو اكتفى بذلك، فهل يرجى له أن يتحقق ما يريد!.. بل إن عليه أولا أن يتخير التربة المناسبة، ثم يوفر لها الظروف المهيئة للنمو بعد أن يبذرها، ويزيل الحشائش والديدان الضارة، وينفر الطيور المترقبة..
وكذلك الحال في عالم التكامل الروحي، فإن المقتضيات كثيرة في حياة المؤمن، ولكن لا نرى أثرا ؛ لأنه يلزم تهيئة أرضية النفس، لتكون قابلة للإنماء أولا، وذلك بإزالة الشوائب والعوالق.. ثم نبادر بزرع الصالحات، ونتعهدها بالسقي والرعاية والحماية.. فكلما تكرر العمل الصالح نما وتجذر، ما لم يوجد ما ينافيه فيمحوه ؛ وهكذا يحصل إنماء وتكامل.
سراجي
/
الأثر المفقود!!
الأثر المفقود!!
إن العمل الصالح من مقتضيات التكامل ؛ وكم هي الأعمال الصالحة في حياتك أيها المؤمن، فلماذا لا نرى هذا الأثر؟!.. ونحن نرى كيف أن البذرة الصغيرة بعد فترة من تعهدها بالسقي والرعاية، تنمو حتى تغدو شجرة باسقة، أغصانها مورقة، تؤتي أكلها الشهية كل حين.. فأين مثل ذلك الأثر على أراوحنا؟!..
سراجي
/
دابة الشيطان!!
دابة الشيطان!!
إن من المؤسف أن يصل البعض إلى هذه الدرجة من التسافل والانحطاط، فيكون رهنا تحت إشارة الشيطان اللعين، يحركه حيثما وكيفما يريد.. والقرآن الكريم يشير إلى هذه الطائفة، وكيف يركبهم الشيطان كما تركب الدابة، إذ قال تعالى : {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً}، أي وضع اللجام في حنكه الأسفل.. أَوَهل هناك تحقير أعظم من ذلك؟!..
سراجي
/
توقير المعشوق!!
توقير المعشوق!!
ما أجمل أن تكون لنا نظرة إلهية في التعامل مع الآخرين، بأن ننظر إلى كل فرد أنه من عيال الرب تعالى!.. وإذا بذلك الحب المتجلي في الفؤاد للمعبود، يسري وينعكس لمن هم من شؤونه، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى رحمية أو مهنية أو غيره.. فلأنك أيها الإنسان مذكر بذلك المعشوق ومن شؤونه، فأنا أكن لك كل احترام!..
سراجي
/
التلقين الإيجابي !
التلقين الإيجابي!
لقن نفسك الرضا بما قسمه الله تعالى لك، لأنه ليس لك ربا سواه..
ولقن نفسك حب الرب، فليس لك محبوب وفي سواه..
ومن أحب أحدا رضي بفعله، وعين المحب لا ترى إلا الجميل من المحبوب..
وقل لنفسك : ما أكثر نعم الرب، أنا عندي نعم كثيرة فعلي أن أشكرهذه النعم، فلماذا لا أنظر إلى نصف الكأس المملوء لا الفارغ؟!.
سراجي
/
أقوى سلاح!!
أقوى سلاح!!
إن من أقوى السبل لاجتناب المعاصي، هو استشعار الحب الإلهي في الفؤاد.. فكم يعظم على المحب أذية المحبوب من غيره، فكيف به أن يكون مؤذيا؟!.. فإن المحب لا يقوم أبدا بما يوجب سخط وإعراض الحبيب عنه، بل هو حريص دوما على رضاه.. وذلك لا خوفا من عقابه، وإنما لأن المحب لمن يحب مطيع.. أو هل هناك سلاح أقوى منه للقضاء على النفس الأمارة والشيطان اللعين؟!.
ابن الزهراء ( ع )
/
ومضات للعبرة (٢)
السفر إلي الله - جل شأنه - يحتاج إلي عدة مقومات ؛ ولعل من أهمها في نظرة عابرة مني :
١ - القلب الذي يعكس بصائر القرآن الكريم، على سلوكه وحياته. ويمكن أن نسمي هؤلاء بحملة القرآن، الذين يقتحمون كل شيء، حاملين القرآن في أفكارهم ووجدانهم وسلوكهم، ففي البيت هناك قرآن فيصل، وفي العمل هناك قرآن يوجه، وفي كل مجالات الحياة هناك قرآن يرتل ويطبق.
٢ - العين التي عميت وبصرت : عميت عن كل ما يغضب الله، وبصرت لكل ما يرضي الله. تلك العين تكرم برؤية ملكوت السموات والأرض، كما رأي نبي الله إبراهيم - بقلبه - ملكوت السموات والأرض.
٣ - الأذن التي صمت وسمعت : صُمت عن سماع الحرام، وسمعت لتراتيل الكون الموحد. تلك الأذن تكرم بسماع كلام الله، كما سمع نبي الله موسى كلام الله.
والخلاصة : أغلق كل نوافذ حواسك التي يطل عليها الباطل، بشتى أنواعه، وافتح بصائر قلبك، لكل ما يرضي الله تعالى ؛ ساعتئذ يؤهل الإنسان للسفر، وهنيئاً للمخفين!.
فواز
/
الصبر
الصبر في اللغة : الإمساك في الضيق، وهي حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع...
عن المسيح (ع): إنكم لا تدركون ما تُحبّون إلا بصبركم على ما تكرهون.
عن الصادق (ع): لا ينبغي..... لمن لم يكن صبورا أن يُعد كاملا.
وعنه (ع): الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ؛ فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كله، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان كله.
وعن النبي الأكرم (ص) لمّا سُئل ما الإيمان : الصبر.
وعنه (ص): إن الصبر نصف الإيمان.
في كتاب أخلاق أهل البيت، يقول السيد مهدي الصدر (رض) عن الصبر : (وهو ضمان من الجزع المُـدمِّر، والهلع الفاضح، ولولاه اإنهار المُـصاب، وغدا فريسة العلل والأمراض، وعرضة لشماتة الأعداء والحسّاد).
والصبر على ثلاث مراتب :
عن النبي (ص): الصبر ثلاثة : صبر عند المصيبة وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية.
وعن أمير المؤمنين (ع): الصبر إما صبر على المصيبة، أو على الطاعة، أو عن المعصية، وهذا القسم الثالث اعلى درجة من القسمين الأوّلَيْن.
١) الصبر على المصيبة - وضدها الجزع
{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَة ٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} البقرة : ١٥٦
وهو أدنى درجات الصبر وزينة المؤمن، وإذ أننا نعلم أن الدنيا دار بلاء ؛ فلا يستقيم إيمان العبد دون الصبر، فالجزع إعتراض على قضاء الله وقدره، والواقع أن : {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة : ٢٨٦
فلا عذر للجازع في مصيبته، لأن مصيبته على قدر نفسه ولا داعي للإعتراض...
٢) الصبر على الطاعة - وضدها الترك والخذلان
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاة ِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَة َ الْحَيَاة ِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} الكهف : ٢٨
وفيه الرضا بما يُحبه المحبوب وإن كان فيه جهادا للنفس والمال والوقت، فإن كان مُـسلِّما لما فرضه الله كان تَـقِــيًّا.
وأعظم من ذلك الرضا والسعي للمستحب.
عن الإمام الكاظم (ع) في وصيته لهشام بن الحكم : يا هشام، اصبر على طاعة الله واصبر عن معاصي الله ؛ فإنما الدنيا ساعة، فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا، وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت.
٣) الصبر عن المعصية - وضدها ارتكاب المعصية
{وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} سورة العصر
وهو جهاد النفس المجبولة على تلبية حاجات الجسد الآنيّة والمستقبلية، ما يجعله يرتكب ما يرتكب لتأمين رغبات نفسه وإن كان ذلك على حساب دينه....
والصبر على ذلك عظيم، لأن النفس لها ميل للطبع الحيواني، وتقنين تلك الرغبة لما يتناسب مع الشريعة يحتاج لمجاهدة النفس والشيطان، بما في ذلك سيطرة القوى الواهمة والمتخيلة على عقل أغلب الناس....
عن أمير المؤمنين (ع): اطرح عنك الهموم بعزائم الصبر وحُسن اليقين.
وأعظم من ذلك السعي لترك المكروه.
وأعظم منه ترك المباح فضلا عن المكروه والمعصية.
وأعظم من ذلك ترك الأدنى للأولى وإن كان مستحب...
ونختم بقول ابن المقفع :
(الصبر صبران : فاللئام أصبر أجساما، والكرام أصبر نفوسا، وليس المراد بالصبر الممدوح قوة الجسد على الكد، لأنه من صفات البهائم، ولكن أن يكون عند المضائق محتملا).
والحمد لله رب العالمين
سراجي
/
درر سراجية
مدينة الآخرة!!
نحن عندنا مدينتان : مدينة الدنيا، ومدينة الآخرة (أي الوصول إلى درجة السكون والاطمئنان في الدنيا).. وأغلب الناس إما في مدينة الدنيا، أو في الصحراء بين المدينتين.. والكثيرون يخرجون من هذه المدينة، على أمل الوصول إلى تلك المدينة، ولكنهم في الطريق وبين المدينتين، يقعون فريسة للشياطين!..
سراجي
/
درر سراجية
جهاز المراقبة!!
لو علم إنسان أنه مراقب من جهة متسلطة قد وضعت جهاز مراقبة في غرفته، فهل يستطيع أن يتكلم ضد هذه الجهة؟.. أم أن القلق والخوف يتمكن منه، إلى درجة أنه يراقب كل حركاته وسكناته، خشية صدور ما يوجب له الإدانة والعقاب الأليم؟.. فإنك لو أحسست بحضوره تعالى، يستحيل أن تصدر منك المعصية.. فلا تجعلن الله تعالى أهون الناظرين إليك!.
سراجي
/
درر سراجية
أفهل يرى راحم بعده؟!.
هل أنت ممن ينطبق عليه قوله تعالى : {نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}؟!.. فمن المعلوم أن الذي ينساه الرحمن، ليس له بعده إلا الهلاك والضياع في أفواه الوحوش المفترسة التي تترقبه، أفهل يرى راحم بعده؟!.
سراجي
/
درر سراجية
الناقد بصير!!
ما أسهل ادعاء الإيمان!.. وإن الرب ليختبر كل إنسان مدع، ليكشف له حقيقة نفسه وما هي عليه، إذ قال تعالى : {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}.. فإن كان ادعاؤه صادقا، فهنيئا له النجاح في الاختبار!.. وإلا فليعد النظر في مدعاه، فإن الناقد بصير!
سراجي
/
درر سراجية
المقياس!!
إن أردت أن تعلم ما لك عند الله تعالى من منزلة، فانظر ما لله تعالى عندك.. والمقياس هو أنه لو وقعت في موقف، ودار الأمر فيه بين رضا الله تعالى وهواك، فهل أنت تقدم رضاه أم تضعف أمام هواك؟.. فإن بمقدار ما تراقب الله تعالى في سلوكك، تكون لك منزلة عنده تعالى.
سراجي
/
همسات سراجية
همسات في التعامل مع الشيطان
- حاول أن تعيش العداوة الحقيقية للشيطان اللعين، بعدم إتباعه.. فهل رأيت عاقلا يتبع عدوه، ليهوي به في الوديان السحيقة؟!.
- حاول أن تستكشف مواطن الضعف في نفسك، التي ينفذ من خلالها الشيطان.. ومن تلك المنافذ : النساء، والغضب، والمال، والشهرة.
- تنبه جيدا بعد كل عمل يقربك من الله تعالى.. فإنك به قد أعلنت حربا ضد الشيطان، وسوف يستنفر جهوده لإسقاطك بل للقضاء عليك!.
- احذر أن يخدرك الشيطان بالحركات العاطفية، فيلقي عليك بكاء وخشوعا، ويلهيك عن التحرك لتغيير ذاتك!.
- شدد على نفسك بالمراقبة - وخاصة في بعض المزالق المعروفة - وسوف لن تقع في مصيدة اللعين بحوله تعالى!.
- لا تيأس إذا وقعت في حبائل الشيطان، وبادر إلى التوبة.. فإن اليأس قد يجرك إلى ما هو أعظم، لا قدر الله تعالى!.
- اتخذ من الاستغفار وردك الدائم، في كل حركاتك وسكناتك ؛ فما أثقل هذا الورد على اللعين!.
- اجعل نفسك في درع الله الحصينة، بالالتجاء إليه تعالى، والإكثار من المعوذات صباحا ومساء، وفي ساعات الضعف!.
سراجي
/
همسات سراجية
همسات في التعامل مع رب العالمين
- اكتم حالاتك مع الله تعالى ؛ فإن بثها للآخرين، يجعلها عرضة للزوال.. وهنيئا لمن كان باطنه خيرا من ظاهره، لا يعلم أمره إلا الله تعالى!.
- لا تكن شقيا بل أحمقا، إذ تعرض عليك صفقات مربحة، فتضيعها جهلا وتثاقلا وتكاسلا!.. فإن الدنيا سوق ربح فيها قوم، وخسر فيها آخرون!.
- تفكر في مصدر الجمال ؛ فإنك إذا انتقلت من جمال المعلول إلى جمال العلة، فلن تستهويك هذه الشهوات الرخيصة!.
- حاول أن تراقب نفسك ليلا ونهارا، لتقدم شيئا مميزا لله تعالى!.
- عرض نفسك لدائرة الجذب الإلهي، بتقديمك قربانا يثبت صدق رغبتك في القرب!.
- إذا أردت أن تعلم درجتك عند الله تعالى، فانظر إلى مستواك في صلاتك!.
- اعلم أن الله تعالى خلق لأجلك كل شيء، وخلقك لأجله!.
- اجعل محور قلبك يدور حول الهدف الذي خلقت لأجله!.
سراجي
/
همسات سراجية
همسات في التعامل مع النفس
- تذكر أنك إذا لم تلتفت لنفسك، وتسعى في تنميتها، فإن مرور الأيام لن يغير فيها شيئا، فستبقى حقيقتك طفلا، تميل إلى سلوكيات لا تليق بعمرك، ولا بمقامك الظاهري وإن علا!.. فبادر بأن تجعل نفسك على قاطرة التكامل، وستصل إلى البلوغ الحقيقي!.
- اعلم أن داخلك كنوزا مخفية، خصك بها الباري عزوجل، وما عليك إلا أن تحاول التنقيب عنها واستخراجها، ثم تصفيتها من الشوائب العالقة ؛ لتحولها إلى حركة في الحياة!.
- حاول أن تصل إلى درجة استقذار المعصية!.. فإن وصلت إلى هذه الدرجة، فاعلم أن توبتك مقبولة، فلا عاقل تنازعه نفسه لأكل القاذورات، أو الحشرات القبيحة المقززة!.
- تخير لنفسك من كل شيء أطيبه ؛ فإنها أولى من هذا البدن الفاني بعنايتك!.. فإنك إن أهملتها، فسوف تبتلى بالآفات المهلكة، وإن دفع البلاء قبل وقوعه، أسهل من رفعه!.
- تذكر أن الطريق إلى معرفة الله تعالى، هو معرفة تلك الجوهرة الربانية، نفسك التي بين جنبيك!.
- حاول مخادعة نفسك في أربعينية ترك المعاصي والذنوب، حتى تتأقلم مع الظرف الجديد بعد الإنابة!.
- تذكر أنك إذا لم تلتفت لنفسك، وتسعى في تنميتها، فستبقى حقيقتك طفلا، مهما بلغ عمرك من السنوات!.
- بادر بجعل نفسك على قاطرة التكامل، وستصل إلى البلوغ الحقيقي!.
- جاهد نفسك لحظات، تكسب سعادة الأبد!.
- احذر المعصية بعد وجبة الإقبال ؛ فإنها قد تكون المهلكة!.
- ارحم نفسك، ولا تنهكها بالمعاصي ؛ فإن أظلم الظلم ظلم النفس!.
سراجي
/
الملك الكريم
هل سبق وأن رأيت أو قرأت أو سمعت أو علمت بملك أكرم من ذاك الملك؟..
فأما أنا فلا أكذبم حديثا إذا قلت : أنني لم أر أو أعلم بمثله قط!
كيف لا وهو قد فتح أبواب فضله على مصراعيها حتى أدهش العقول وحيرها!
وذلك عندما قال في خطابه السامي : (أنا عند ظن عبدي بي ؛ فليظن بي ما شاء).
ولتقف ما شاء الله لك عند قوله : (فليظن بي ما شاء)
فستشعر - حتما - بالرحمة تضمك وتحتويك!
وسترى أرضك قد اهتزت وربت بعد طول جفاف..
وأزهارك الذابلة المنكسرة قد تفتحت واستوت..
وينابيعك قد ملئت..
وأوراقك قد اخضرت..
وثمارك قد أينعت
ولياليك السوداء قد أضاء ت..
والبسمة إلى مبسمك قد عادت..
وحياتك قد طابت..
وأما دقات قلبك فلن يسعها سوى أن تخفق حبا وحياء من هذا الملك الكريم!
سامر المولى
/
[أسرار وآثار تسبيح الزهراء]
- الابتعاد عن الشقاوة والوصول إلى السعادة
المدوامة على تسبيح فاطمة الزهراء يوجب للإنسان السعادة وحسن العاقبة.. إذن من الجدير بنا حفظه والمداومة عليه وعدم تضييعه، قال الإمام الصادق : (يا أبا هارون، إنا نأمر صببياننا بتسبيح فاطمة كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه، فإنه لم يلزمه عبد فشقي).
٢ - طرد الشيطان ورضى الرحمن
الشيطان ألد أعداء الإنسان منذ أن أقسم : (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين).. بعض بني البشر مشغولون بالفرار الدائم عن الشيطان، والشيطان مشغول بمطاردتهم دائماً، فهم لا يتخلصون أبداً من الشيطان، وربما تعبوا من الفرار واستسلموا أخيراً للشيطان وخدعه.
وفئه قليلة يحاولون طرد الشيطان من أنفسهم بالمدوامة على الذكر والدعاء والعمل الصالح.. وعندما يوفق الإنسان في طرد الشيطان، والمدوامة على طاعة الله وعبادته، والتسلح بسلاح الإخلاص، يكسب رضا الله.. لأن الشيطان مانع ضخم أمام وصول الإنسان إلى أعلى مدارج الكمال.. ومن الأذكار التي تساعد الإنسان على طرد الشيطان هي : المدوامة على تسبيح فاطمة الزهراء.
قال الإمام الباقر : (من سبح تسبيح الزهراء ثم استغفر غفر له.. وهي مائة باللسان، وألف في الميزان، ويطرد الشيطان، ويرضى الرحمن).
٣ - الشفاء من الأمراض
تسبيح الزهراء كما ورد في الأحاديث والروايات شفاء من بعض الأمراض البدنية :
أتى أحد أصحاب الإمام الصادق عنده وشكى من ضعفه في سمعه، فقال له الإمام : عليك بتسبيح الزهراء ما يمنعك.. ولما أنت ساه عن تسبيح فاطمة الزهراء؟..
فقال له الرجل : جعلت فداك، وما هو تسبيح الزهراء قال الإمام : (٣٤) مرة الله أكبر و (٣٣) مرة الحمد لله و (٣٣) سبحان الله، فتلك مائة مرة.. قال الرجل : فما فعلت ذلك إلا يسرا حتى أذهب عني ما كنت أجده.
٤ - البراء ة من النار والنفاق
تسبيح الزهراء من الذكر الكثير الذي قال الله - عزوجل - :(واذكر الله ذكراً كثيراً).
وقال الرسول : (من أكثر ذكر الله - عزوجل - أحبه الله، ومن ذكر الله كثيراً كتبت له براء تان : براء ة من النار، وبراء ة من النفاق).
٥ - المغفرة
من آثار تسبيح الزهراء المغفرة.. ومغفرة من الله - سبحانه وتعالى - طهارة من الذنوب والمعاصي وأثارها السيئة. قال الإمام الصادق : (من سبح تسبيح الزهراء قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له).
جعفر
/
تعلم من الامام الصادق
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لبعض تلامذته : أي شيء تعلمت مني؟.. قال له : يا مولاي ثمان مسائل، قال له عليه السلام : قصها عليَ لأعرفها، قال :
الأولى : رأيت كل محبوب يفارق عند الموت حبيبه، فصرفت همتي إلى ما لا يفارقني بل يؤنسني في وحدتي وهو فعل الخير، فقال عليه السلام : أحسنت والله.
الثانية : قال : رأيت قوما يفخرون بالحسب وآخرين بالمال والولد وإذا ذلك لا فخر، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى : ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) فاجتهدت أن أكون عنده كريما، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الثالثة : رأيت لهو الناس وطربهم، وسمعت قوله تعالى : ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّة َ هِيَ الْمَأْوَى)) فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى استقرت على طاعة الله تعالى، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الرابعة : قال : رأيت كل من وجد شيئا يكرم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله سبحانه يقول : ((مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)) فأحببت المضاعفة، ولم أر أحفظ مما يكون عنده، فكلما وجدت شيئا يكرم عندي وجَهت به إليه ليكون لي ذخرا إلى وقت حاجتي، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الخامسة : قال : رأيت حسد الناس بعضهم للبعض في الرزق، وسمعت قوله تعالى : ((نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاة ِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)) فما حسدت أحدا ولا أسفت على ما فاتني، قال عليه السلام : أحسنت والله.
السادسة : قال : رأيت عداوة لبعض في دار الدنيا والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى : ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً)) فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره، فقال : أحسنت والله.
السابعة : قال : رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُـدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّة ِ الْمَتِينُ)) فعلمت أن وعده وقوله صدق، فسكنت إلى وعده، ورضيت بقوله، واشتغلت بما له علي عما لي عنده، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الثامنة : قال : رأيت قوما يتكلون على صحة أبدانهم، وقوما على كثرة أموالهم، وقوما على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى : ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) فاتكلت على الله وزال اتكالي على غيره، فقال عليه السلام له : والله إن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وسائر الكتب ترجع إلى هذه الثمان مسائل.
ابو زين العابدين
/
الصوت المدوي
كلمة الإمام الكاظم - عليه السلام - لجارية بشر الحافي، رسالة وصوت، يدٌوي عبر الأجيال، بأذن العاصي، وبمن يهم بالمعصية : (لو كان عبدا لاستحى من الله).
المحبة لله جدا
/
كيف نتقرب من الله عز وجل
إن من أهم ما يتقرب العبد لربه هو النية الصادقة جدا في كل شيء، ابتداء من الاستيقاظ لصلاة الصبح في وقتها، مرورا بصلاة الظهر وصلاة المغرب.. إلى أن يتم اللقاء بين العاشق وربه وذلك في صلاة الليل، وهي قمة القرب من الله، والمناجاة بين يديه والناس نيام، فهناك يجد العبد قمة من حلاوة الذكر والأنس وما أحلاه من انس!.. فهل استطعنا أن نوفق لهذه البركات؟!.
ابو زين العابدين
/
لحظة تأمل
لو قيل لشخص انًا سنلف حول عنقك أفعى رهيبة حال صلاتك، ما أن تسهو سوف تلدغك، فكيف ستكون صلاته يا ترى؟.. والله عز ذكره يقول : (ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون).
سراجي
/
مفهوم التدين الحقيقي
مفهوم التدين الحقيقي
قال الله تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} سورة هود ١١٢.
هذه الآية الكريمة في شطرها الأول تبين لنا مفهوم التدين الواقعي في المنظور الإلهي, و هو الاستقامة كما أمرت. و في سورة الحمد نلهج ليلا و نهاراً (اهدنا الصراط المستقيم), و لا شك أن من يسير على الطريق المستقيم دون اعوجاج يكون قد استقام. و الاستقامة لا تكون واقعية و حقيقية إلا إذا كانت كما أمر الله تعالى. والنتيجة أن المطلوب من رسول الله أن يسير وفق الصراط الذي أمره الله تعالى به. و هو الصراط الذي أوضحه لنا الرسول و أهل البيت عليهم السلام و أمرونا باتباعه و السير على وفقه.
إذن التدين الواقعي هو الإلتزام بالتعاليم و الأوامر الشرعية في كل شأن من شؤون الحياة, صغيرها و كبيرها. والتدين ذو درجات متفاوتة, و أدنى مرتبة منه هو التلبس ببعض مظاهر التدين الخارجية فقط. فبعض الناس يواظب على حمل السبحة في يده و حضور صلاة الجماعة, و لكن قلبه و روحه أبعد ما تكون عن الصلاة, ومعاملته لوالديه و أهله سيئة, و يكذب و يغش في معاملاته, و لا يدفع الديون التي في ذمته. إذن ما فائدة هذا التدين القشري. بل قد يقوم هذا المتدين القشري بتشويه صورة التدين في أنظار الناس بسبب تصرفاته القبيحة.
و أما أعلى درجات التدين فهي أن يستقيم الإنسان كما أمره الله تعالى بكل ذرة من ذرات وجوده, في قوله و في فعله, في حركاته و في سكناته.
أما ركائز التدين الواقعي فهي كالتالي :
الركيزة الأولى : النية الصادقة و الخالصة, فمن يكون هدفه الرياء و مدح الناس لا يهتم بالتدين الباطني بعيداً عن أعين الناس, بل تراه يركز على بعض المظاهر القشرية ليخدع الناس.
الركيزة الثانية : العلم و الحكمة. حتى يستطيع التمييز بين الواجبات و المحرمات و غيرها. و حتى يقدر على الترجيح و تقديم الأهم فالأهم. يجب أن تعلم بماذا أمرت ثم تستقيم عليه.
الركيزة الثالثة : المواظبة و التدرج, فعملية التغيير في الإنسان تحدث بتدرج و على مراحل. و نحن مطالبون بتحسين علاقتنا مع الله تعالى و مع أنفسنا و مع الآخرين لا سيما الوالدين و الأقربين, و علينا واجبات تجاه الطبيعة أيضاً. وتطبيق جميع ذلك يحتاج إلى صبر و مواظبة و تدرج, فكلما وفقنا الله تعالى لإصلاح جانب من جوانب حياتنا أو خصلة من أخلاقنا نشكر الله تعالى و نحمده و ننتقل إلى جانب آخر و خصلة أخرى. و لنعلم بأن الدين عميق, لذا وردت الأحاديث الشريفة في الحث على الوغول فيه برفق لئلا تنفر النفس.
الركيزة الرابعة : طلب العون من الله تعالى (و ما توفيقي إلا بالله) و التوسل إليه بأحب الخلق إليه محمد و آله صلى الله عليهم أجمعين -.
الركيزة الخامسة : عدم اليأس من رحمة الله تعالى, فعملية تهذيب النفس و تعويدها على الطاعة يحتاج إلى صبر و مجاهدة. و قد يكون لدى الإنسان ذنب متغلغل أو خصلة سيئة راسخة, فلا ييأس بل يجاهد نفسه إلى أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوح صادقة.
الركيزة السادسة : عد م التجاهر بالعصيان. لا قدر الله تعالى إذا ابتلي الإنسان بمعصية فعليه أن يستتر بها, و لا يجاهر, إذ المجاهرة بالعصيان تجرأ على الله تعالى و مساهمة في تجرأ الآخرين على المعصية أيضاً.
الركيزة السابعة : إذا رأيت من هو أكبر منك سناًَ فتذكر أنه عبد الله تعالى قبلك, و إذا رأيت من هو أصغر منك فتذكر أنك عصيت الله قبله. و إذا رأيت مذنباً فاحمد الله تعالى لأنه لم يبتلك بذلك, و ادع الله تعالى له بالهداية, و لا تغتر بأعمالك إذ لعله يكون لدى هذا المذنب أعمال صالحة استوجب بها رضوان الله تعالى, و لعل الله يوفقه للتوبة النصوح فيغفر الله تعالى له, و لا يغفر لك ما عملته من ذنوب.
سراجي
/
عوامل التغيير
عوامل التغيير
الإنسان في مسيرته التكاملية يمر بمراحل من النجاح والصعود, وفي بعض الأحيان يمر بانتكاسات وانحدارات. وعادة تكون هذه التغييرات نتيجة حدث ما.
على سبيل المثال قد يتجه الإنسان نحو الكمال والفضيلة نتيجة ساعة تفكير في المستقبل والحياة الأبدية, أو نتيجة سماع دعاء أو مناجاة, أو على أثر القيام ببعض العبادات كالصوم وأداء مناسك الحج أو تشييع جنازة أو غير ذلك. وفي الطرف المقابل أيضاً قد ينفعل وينكسر جرّاء ساعة غفلة, أو وسوسة صديق سوء, أو التساهل في أكل الشبهات أو غير ذلك.
قال عزّ وجلّ ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) [الحج : ٤٦].
إذن العوامل على قسمين :
القسم الأول : عوامل خارجية, وهي عبارة عن جميع ما تحتك به الروح, كل ذلك يؤثر على مستقبل المرئ, وأهم وسائل الاتصال بالخارج هو السمع والبصر, لذا توجب على العاقل أن يحرص على اختيار ما يسمع ويبصر.
ولهذا روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله عزّ وجلّ فقد عبد الله، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان.
وروي عن الإمام علي (عليه السلام) : النظر إلى البخيل يقسي القلب.
و سئل الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام - عن قوله (صلى الله عليه وآله) : النظر في وجوه العلماء عبادة "، فقال : هو العالم الذي إذا نظرت إليه ذكرك الآخرة، ومن كان خلاف ذلك فالنظر إليه فتنة.
القسم الثاني : عوامل داخلية, كالميول والأهواء, ولكن على رأس العوامل الداخلية القلب.
قال الله تعالى ((وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)) [الملك : ١٠].
إذن علينا أن نسعى للحصول على الأقل على أحد خصلتين :
الخصلة الأولى : السمع.
الخصلة الثانية : العقل.
ويلاحظ أن القرآن الكريم في سورة الحج - نسب العقل إلى القلب, كما نسب العمى إلى القلب أيضاً. ونسب الوقر إلى آذان الذين لا يؤمنون بالقرآن الكريم ((... قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ)) [فصلت : ٤٤].
ولعله قريباً - تكون لنا وقفة أكبر مع مفهوم القلب والعقل والسمع والبصر في القرآن الكريم. وما توفيقي إلا بالله.
سراجي
/
مضاعفة العذاب
مضاعفة العذاب
السؤال :
هناك طائفة في الآيات الكريمة دلّت على مقابلة السيئة بمثلها دون مضاعفة, وهناك طائفة أخرى تدّل على مضاعفة العذاب, فكيف يمكن التوفيق بين هاتين الطائفتين؟.
الطائفة الأولى :
قوله تعالى (مَن جَاء بِالْحَسَنَة ِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَة ِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [الأنعام : ١٦٠]. وقال عزّ وجلّ (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَة ً فَلا يُجْزَى إِلا مِثلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة َ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر : ٤٠]. وكذا سورة الشورى : ٤٠, وفي سورة يونس : ٢٧.
الطائفة الثانية :
قوله تعالى (أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ) [هود : ٢٠], (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَة ِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) [الفرقان : ٦٩].
الجواب :
هناك طائفة أخرى من الآيات الكريمة أوضحت أن زيادة العذاب إنما هو نتيجة إفسادهم الآخرين, وإضلالهم المجتمع. وبذلك يكون هذا العذاب الزائد في قبال ما قاموا به من إفساد للآخرين.
قال الله تعالى (الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ)[النحل : ٨٨], (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَة ً يَوْمَ الْقِيَامَة ِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) [النحل : ٢٥] (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء ٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) [يس : ١٢].
لذا, فمن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص ذلك من أجورهم شيئاً, وكذا من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص ذلك من وزرهم شيئاً, وقد دلّ على ذلك عدة أحاديث شريفة لدى الشيعة والسنة.
فحريّ بالعاقل أن يسعى لإيجاد السنة الحسنة في المجتمع, كإقامة المشاريع الخيرية والتنموية, وهكذا لا ينقطع عمل الإنسان الخيري بوفاته بل يستمر إلى ما شاء الله تعالى, ويثاب عليه وعلى ما ترتب على ذلك الخير - وهو في قبره -. وحريّ بالعاقل أن ينأى بكل طاقته أن يكون هو مؤسس وباذر الفساد أو السوء, فيشاركهم في الذنب والإثم والعذاب وهو في قبره -.
سراجي
/
كونوا أحراراً في دنياكم
كونوا أحراراً في دنياكم
س : ما معنى قول الإمام الحسين عليه السلام (فكونوا أحراراً في دنياكم)؟
ج / في يوم عاشوراء, وعندما أصبح الإمام الحسين عليه السلام وحيداً فريداً يقاتل أولئك الفجرة الكفرة, جاء شمر في جماعة من أصحابه فحالوا بين الإمام الحسين وبين رحله الذي فيه ثقله وعياله, فصاح الحسين عليه السلام - (ويلكم يا شيعة آل سفيان, إن لم يكن لكم دين, وكنتم لا تخافون يوم المعاد, فكونوا أحراراً في دنياكم [هذه]. وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون). فناداه شمر : ما تقول يا ابن فاطمة؟ فقال : أقول إني أقاتلكم وتقاتلونني, والنساء ليس عليهن جناح. فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمي ما دمت حياً. فقال شمر : لك ذلك يا ابن فاطمة - ثم صاح - إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه, فلعمري هو كفؤ كريم. فقصدوه بالحرب.
المصادر : أعيان الشيعة ١ : ٦٠٩, بحار الأنوار ٤٥ : ٥١.
توضيح المعنى : هنا أربعة مراجع للإنسان في سلوكه وتصرفاته :
المرجع الأول : الدين وأحكامه والخوف من يوم المعاد :
هنا الإنسان إذا أراد أن يقوم بأفعال لا سيما العظيمة يتجنب مخالفة أحكام الدين لئلا يعذب يوم المعاد. نعم قد يغفل الإنسان أو يتغافل عن كون بعض الأفعال معصية, ولكن عند تذكيره بالمعاد وتوضيح عظم هذا الفعل وحرمته, يرجع الإنسان عما قصده من المعصية.
قال الله تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء : ٩٣], فكيف بمن يقتل ابن رسول الله صلى الله عليه وآله - وسيد شباب أهل الجنة؟.
لا شك أن ذلك الجيش لم يراع أبسط الأحكام الإسلامية, إذن هم ليسوا أصحاب دين, ولا يخافون يوم المعاد. فكل من يخاف يوم المعاد لا يفكر في اقتراف هذه الجريمة وبهذه الوحشية فضلاً عن تنفيذها بيده والمشاركة فيها.
ولهذا يقول عمر بن سعد لعنه الله - :
فوالله ما أدري وأني لحائر * أفكر في أمري على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي * أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
حسين ابن عمي والحوادث جمة * لعمري ولي في الري قرة عين
ألا إنما الدنيا بخير معجل * فما عاقل باع الوجود بدين
وأن إله العرش يغفر زلتي * ولو كنت فيها أظلم الثقلين
يقولون إن الله خالق جنة * ونار وتعذيب وغل يدين
فإن صدقوا فيما يقولون أنني * أتوب إلى الرحمان من سنتين
وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة * وملك عقيم دائم الحجلين
المرجع الثاني : العادات والتقاليد :
كثيراً ما تكون العادات والتقاليد والقوانين الاجتماعية مانعاً من اقتراف الإنسان بعض الأفعال, ومن القوانين العربية منذ زمن الجاهلية - عدم القتال في الشهر الحرام, وعدم التعرض للنساء والأطفال بالتخويف والترويع لا سيما مع حياة الرجل صاحب النساء. ولكن تلك الطغمة لم ترع حتى القوانين والأحكام العربية.
أنكر الإمام - عليه السلام - عليهم أن يكون ما ارتكبوه وأبدوه من النفسيات القاسية من شناشن ذوي الأحساب، أو مشابهاً لما يؤثر من صفات العرب من النخوة والشهامة وحماية الجار والدفاع عن النزيل والاحتفاء بالشرفاء ورعاية الحرمات وحفظ العهود وخفر الذمم.
المرجع الثالث : الشرافة والحرية الذاتية :
كثير من الأفعال أو الأقوال يتركها الإنسان الشريف حتى ولو لم ينه عنها الدين أو المجتمع -, ولهذا نرى بعض الأفراد كانت تمتنع عن شرب الخمر أو الزنا في زمن الجاهلية. إذن الإنسان هنا يفكر بحرية ليرى الحق من الباطل, ليميز بين الخير والشر, بين الصواب والخطأ, لذا نراها يترفع عن كثير من المساوئ والعيوب.
أما ذلك الجيش فلم يلتزم بأي مبدأ أو شعور إنساني, فأي إنسان يقبل منع الماء عن عدوه, فضلاً عن منع النساء والأطفال الرضع من شرب الماء. وأي إنسان يقبل بأن يطء صدر ميت برجله فضلاً عن سحقه تحت سنابك الخيل!!!!.
المرجع الرابع : العبودية للغير :
هنا يصبح الإنسان عبداً لغيره ولا يرفض له طلباً ولا يسمح لنفسه بالتفكير في صحة ما يقوم به أو خطأه, بل طمس على قلبه فلا يرى ولا يسمع ولا يعقل أي شيء ما عدا أوامر سيده, سواء كان سيده هو يزيد أو قطام أو ملك الري أو غير ذلك.
والحاصل :
إن لم يكن الإنسان ذا دين ويخاف يوم المعاد, فلا يصبح عبداً لغيره يسيره كيف يشاء ويشتهي فيفقد كل شيء حتى إنسانيته وشرفه واستقلاله, ولا أقل من تحكيم العقل والفطرة ليتخذ القرار الصحيح والنهج السليم في حياته الدنيوية, ولا أقل من المحافظة على العادات والتقاليد الحسنة القومية.
سراجي
/
عوامل استشعار لذة العبادة
عوامل استشعار لذة العبادة
قال الإمام زين العابدين عليه السلام - في مناجاة المطيعين (اللهم احملنا في سفن نجاتك, ومتعنا بلذيذ مناجاتك, وأوردنا حياض حبك, وأذقنا حلاوة ودك وقربك).
إن للمناجاة والعبادة والقرب الإلهي لذة وحلاوة وسعادة. وهذا مما تدل عليه الكثير من الأدلة الشرعية مضافاً إلى كونه من الأمور المشهودة لدى أهلها. ولكن كثيراً منا - رغم مرور سنوات عديدة على عبادته الله تعالى لم يشعر حتى الآن بتلك اللذة والحلاوة والسعادة. ونحن هنا نريد أن نذكر أربعة عوامل هامة في سبيل الالتذاذ والاستمتاع بالعبادة والمناجاة :
العامل الأول : أن يدرك العقل والقلب أهمية العبادة :
الإنسان كائن علمي, يتحرك نحو أي أمر تبعاً لما يدركه من أهمية ذلك الأمر وخطورته ودوره في حياته وفي الوصول إلى أهدافه. كلما زاد إدراكه لتلك الأهمية زاد سعيه واشتدت حركته.
فمن يدرك أهمية الشهادة العلمية في تأمين مستقبله مثلاً يتحرك نحو تحصيل تلك الشهادة, ويبذل الوقت والجهد ويسهر الليالي ليتحقق ذلك الهدف.
ومن يدرك أهمية الحصول على وظيفة يتحرك أيضاً حركة تتناسب مع ما أدركه من أهمية, فيذهب هنا وهناك, ويقف منتظراً في الصفوف الطويلة أملاً في الحصول على الوظيفة.
نحن كذلك بحاجة إلى إدراك أهمية ودور العبادة والمناجاة والشعائر الدينية في حياتنا الدنيوية, وفي تأمين الحياة الأبدية.
علماً أن الإدراك له مرحلتان : الأولى العقل, والأخرى القلب. وكل مرحلة لها مراتب متفاوتة. ونحن نريد إيصال تلك الأهمية إلى أعلى المراتب في كلتا المرحلتين. فلا يكفي أن يصدّق العقل إذا لم يؤمن القلب بذلك.
العامل الثاني : تخصيص وقت للعبادة :
من يقرأ الدعاء وهو يفكر في إنهاء الدعاء فلا يمكن أن يشعر بمعاني وروح الدعاء.
من يقرأ القرآن الكريم وهمّه إنهاء السورة لا يستطيع أن يحلق في أجواء القرآن.
من يصلي وهو يريد الانتهاء من الصلاة لا يعي أن الصلاة معراج المؤمن.
لذا علينا أن نخصص وقتاً للعبادة, بحيث نجمع فيه قوانا العقلية والجسدية وجميع الحواس في العبادة.
والحديث المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أرحنا يا بلال). الراحة بماذا؟ هل بالانتهاء من الصلاة, كلا. بل بالصلاة وبالدخول في الصلاة والتسامي معها في عالم آخر, فالصلاة قرة عين الرسول صلى الله عليه وآله كما جاء في الرواية.
إذن راحة المؤمن ليس بالانتهاء من العبادة بل في العبادة وبالعبادة, يرتاح ويسعد عندما يشتغل بذكر الله. ومن العوامل المؤثرة في ذلك عدم الانشغال بأمور أخرى في وقت العبادة حتى لا تأخذ قسطاً من تفكير واهتمام الإنسان في ذلك الوقت.
العامل الثالث : الاستعداد والتهيؤ للعبادة قبل وقتها :
عندما يريد الإنسان أن يدخل امتحاناً أو اختباراً, فهو بحاجة إلى تهيئة واستعداد نفسي وذهني وجسدي لكي يقوم بالامتحان بمستوى مقبول.
وهكذا من يريد الدخول على شخصية مهمة أو القيام بدور متميز, فإنه يجمع المعلومات التي يحتاجها ويعدّ نفسه من جميع الجهات لذلك.
العبادة أيضاً بحاجة إلى استعداد وتهيأ لها. لنذكر الآن بعض الأمثلة :
المثال الأول : الصلاة : بعض المؤمنين لا يتحرك نحو الصلاة إلا بعد دخول الوقت, يرتفع صوت الأذان والإقامة وهو ما زال مشغولاً بالحسابات والسوالف والجوّال, ومباشرة ينتقل من هذه الشواغل إلى تكبيرة الإحرام. فهو يدخل في الصلاة وجوارحه وقلبه ما زالت مشغولة بالدنيا وبالأمور المتفرقة.
أما الروايات الشريفة فقد حثت على الاستعداد للصلاة قبل دخول الوقت, وفي الحديث الشريف (ما وقرّ الصلاة من أخرّ الطهارة لها حتى يدخل وقتها).
إذن حتى تتفاعل مشاعرنا وروحنا مع الصلاة علينا أن نتهيأ للصلاة ونستعد لها قبل دخول الوقت, وقد حثت الروايات على المسارعة في دخول المسجد.
المثال الثاني : الصيام :
نحن نستعد لشهر رمضان المبارك بإحصاء جدول للمسلسلات الجديدة, وبشراء الأغذية الكثيرة حتى أن عربات التسوق في السوبرماركت تضج وتئن من ثقل البضائع. وهكذا نمضي شهر رمضان في مشاهدة المسلسلات والطبخ والأكل والشرب والتسوق حيث تزداد العروض والتخفيضات - فلا يبقى مجال للروح لكي تتذوق شيئاً من لذة الصيام.
يقول الإمام الرضا - عليه السلام - : (وأكثِر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن, وتب إلى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله عليك وأنت مخلص لله عزّ وجلّ).
فالاستعداد لشهر رمضان المبارك يكون بما ذكره الإمام المعصوم عليه السلام -.
المثال الثالث : ليلة القدر :
حتى نندمج وننصهر في ليلة القدر علينا أن نمّهد لذلك قبلها, ولعل من الحكمة الإلهية حيث جعلها في العشر الأواخر - هي تهيئة المؤمنين خلال الليالي السابقة لاستقبال هذه الليلة العظيمة.
أيها الأحبة,, هذا موسى الكليم عليه السلام - وهو أحد الأنبياء أولي العزم حتى يصل إلى الميقات الخاص مع الله تعالى احتاج إلى أربعين ليلة فكيف بنا نحن, قال الله تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَة ً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَة ً).
المثال الرابع : الحج :
خلال يومين أو ثلاثة نريد أن نفهم ونحفظ جميع الأحكام الفقهية للحج, والأسرار, وآداب الحج, وأخلاقيات الحج فهل يمكن كل ذلك في هذه الفترة القصيرة؟
لماذا لا نبدأ من شهر رمضان ونستعد للحج, فها هي أدعية شهر رمضان تلوّح لنا بالحج. بل في حديث الإمام الصادق عليه السلام (يا عيسى إني أحبّ أن يراك الله عزّ وجلّ فيما بين الحج إلى الحج وأنت تتهيأ للحج). هذه مرتبة عليا, حيث يبدأ المؤمن في الاستعداد على جميع المستويات ليحج حجاً محمدياً بعد أحد عشر شهراً, فيشتغل خلال هذه الأشهر وبشكل تدريجي مستمر في التفكير بالحج.
العامل الرابع : ترك الذنوب :
قال أمير المؤمنين عليه السلام (كيف يجد لذة العبادة من لا يصوم عن الهوى).
حتى تستطيع الروح أن تتذوق لذة وحلاوة العبادة يجب أن تصوم عن الهوى والذنوب والشبهات.
العبادة شراب لذيذ, فإذا خلطته بشراب الذنوب العفن النتن فلن تستطيع أن تلتذ بطعم العبادة. الحق والباطل لا يجتمعان في وعاء واحد, النور والظلمة لا تجتمعان.
سراجي
/
بعض ما يرقق وينقي القلب
من كتاب وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام (ع)، تأليف الحاج ميرزا محمّد تقي الموسوي الاصفهاني
أمّا ما يرقّق وينقي القلب فأمور :
١ - الحضور في مجالس ذكر بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف وشرح صفاته وخصائصه وشؤونه ومجالس الوعظ، على ضوء نصائح أهل البيت عليهم السلام ومجالس قراء ة القرآن، بشرط التأمّل والتفكّر في معاني الآيات القرآنية.
٢ - زيارة القبور.
٣ - كثرة ذكر الموت.
٤ - مسح رؤوس اليتامى، والحبّ والإحسان إليهم.
*****************
وأمّا ما يسبّب قساوة القلب، فمنها :
١ - ترك ذكر الله جلّ شأنه.
٢ - أكل الطعام المحرم.
٣ - مجالسة أهل الدنيا، وكثرة زيارتهم.
٤ - الأكل على الشبع.
٥ - كثرة الضحك.
٦ - كثرة التفكير بالأكل والشرب.
٧ - كثرة الحديث فيما لاينفع في الآخرة.
٨ - طول الأمل.
٩ - عدم أداء الصلاة في أوّل الوقت.
١٠ - مجالسة ومصاحبة أهل المعاصي والفسق.
١١ - الاستماع للكلام غير النافع في الآخرة.
١٢ - الذهاب إلى الصيد للهو واللعب.
١٣ - تولّي الرئاسة في أمور الدنيا.
١٤ - الذهاب إلى المواطن الدنيئة المخجلة.
١٥ - كثرة مجالسة النساء.
١٦ - كثرة أموال الدنيا.
١٧ - ترك التوبة.
١٨ - الاستماع إلى الموسيقى.
١٩ - شرب مسكر وكل شراب حرام.
٢٠ - ترك مجالس أهل العلم.
أي ترك الحضور في المجالس التي ترقّق وتنقي القلب والحاوية على ذكر أحكام الدين، وأحاديث ومواعظ الأئمة الطاهرين، وشؤون صاحب الزمان (ع)، وآيات القرآن الكريم، وخصوصاً إذا كان المتحدّث مطابق عمله قوله بما يجعل لقوله تأثير خاص في قلب المستمع، فقد ورد عن الرضا (ع) أنه قال : (من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب).
والخلاصة : رقّقوا قلوبكم من قساوة القلب على حذر، فأخشى أن يصل الأمر بحيث لا تؤثر الموعظة بعده في القلوب، ويحرم من رحمة الله جل شأنه.
سراجي
/
مقامات الأولياء بين الإنكار و الإثبات
مقامات الأولياء بين الإنكار و الإثبات
اختلف الناس في إثبات مقامات الأولياء و مكانتهم إلى ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : ينكر جميع ذلك و يشنع على من يؤمن به, بل و ينكر السير و السلوك بجميع طرقه و مذاهبه.
قال الإمام الخميني عليه الرحمة (بني : إسعَ أن لا تُنكر المقامات الروحانية والعرفانية ما دمت لست من أهل المقامات المعنوية، فإن من أخطر مكائد الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء - التي تصدّ الإنسان عن بلوغ جميع المدارج الإنسانية والمقامات الروحانية - هي دفع الإنسان إلى إنكار السلوك إلى الله، و الاستهزاء به أحياناً، مما يجرّ إلى الخصومة والضدّية لهذا الأمر) انتهى.
الصنف الثاني : يفرط في نسبة المقامات إلى بعض الناس, فتراه يعتقد في بعض الشخصيات بأنه حائز على مقام عرفاني عالٍ لمجرد رؤية منامية رآه فيها, أو لمجرد إخبار ذلك الطرف ببعض المغيبات, أو لمجرد أن ذلك الطرف يعرف بعض المصطلحات العرفانية و بعض الأذكار الروحية و أسلوب طرحه لهذه الأفكار جذاب. و خطر هذا الصنف على المجتمع أعلى و أعظم من الصنف الأول. إذا كان الاجتهاد في الفقه لا يثبت إلا بشهادة ذوي الخبرة فكيف نثبت المقامات العرفانية لمجرد حلم أو معرفة مصطلحات؟؟!!.
الصنف الثالث : يؤمن بالعرفان و السير و السلوك في نفس الأمر, و لكنه لا يثبت أي مقام عرفاني لأي شخصية كانت إلا بدليل شرعي صحيح و تام, و ذلك كشهادة بعض العرفاء المعروفين في حق تلك الشخصية. و الحق مع هؤلاء فما دام هناك دليل شرعي صحيح و تام فلا نبخس الناس أشياء هم بل نفتخر بهم و نحث الناس على الاقتداء بهم.
سراجي
/
العارف ابن الوقت
العارف ابن الوقت
(العارف ابن الوقت) حكمة و قاعدة عند العرفاء, عند المؤمنين الواقعيين الحقيقين, عند من يبحث عن الله تعالى. معنى هذه القاعدة أنه على العارف أن لا يؤجل و لا يسوف. لا تقل غداً أصلي صلاة الليل فالعارف ابن وقته يصلي صلاة الليل هذه الليلة. هو لا يضمن حياته إلى الليلة المقبلة. حتى لو ضمنها فعشقه لله تعالى يمنعه من ترك ليلة بدون خلوة بحبيبه. العارف لا يقول غداً أصلي بخشوع و حضور قلب لأنه ابن هذا الوقت فيصلي هذه الصلاة بتوجه و حضور قلب و خشوع. العارف لا يقول سأحاسب نفسي نهاية هذا الإسبوع بل يحاسبها الآن.
العارف ابن الوقت = لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد.
سراجي
/
المؤمن و الامتحان الإلهي
المؤمن و الامتحان الإلهي
يتفاوت ردة فعل الناس إزاء المصائب و البلايا التي تواجههم في الحياة, و ذلك حسب فهمهم لحقيقة المصائب ودورها في بناء شخصية الإنسان و صقل روحه و إثبات حقيقته. فالبلاء كالنار التي يمتحن بها الصائغ الذهب ليتثبت حقيقته و صفاؤه و معدنه. و من الخطأ الفادح أن يعتقد البعض بأن المصيبة دليل بغض الله للعبد. قال الله تعالى {و َلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء ٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَة ٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (١٥٦)} سورة البقرة, و عن رسول الله - صلى الله عليه و آله (ما أوذي نبي مثلما أوذيت), و ها هو الإمام الحسين عليه السلام قد ابتلي بكربلاء حتى استشهد ظمآناً و قطع رأسه و رضّ صدره و أسرت نساؤه و أطفاله. إذن إيمان الإنسان لا يعني خلوه من المصائب و المحن بل كلما ازداد المرئ إيماناً ازداد بلاؤه و امتحانه.
سراجي
/
سبب الحرمان من صلاة الليل
سبب الحرمان من صلاة الليل
التوفيق لقيام الليل و صلاته نعمة كبيرة, يعرفها من ذاق حلاوة الإيمان, و هذه الحلاوة ليس خيالاً, بل حقيقة, و هي حلاوة تفوق الحلاوة المادية, و عن الإمام سيد الساجدين عليه السلام - (إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا), إلا أن كثيراً من الناس قد حرموا هذه النعمة فما السبب؟ :
١ - جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين إني قد حرمت الصلاة بالليل قال : فقال له أمير المؤمنين أنت رجل قد قيدتك ذنوبك.
الذنوب التي يرتكبها الإنسان تسبب خذلان الله له, كما تطفئ نور الإيمان من القلب, و تقيّد الإنسان و تكبله لئلا يصعد في مدارج الكمال, و في دعاء كميل (اللهم عظم بلائي و أفرط بي سوء حالي وقصرت بي أعمالي وقعدت بي أغلالي).
٢ - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل فإذا حرم صلاة الليل حرم بها الرزق.
نعم هذا هو الكذب الذي يستصغره كثير من الناس, و قد أفتى الفقهاء بحرمة الكذب و لو كان مازحاً, و ليس هناك كذبة بيضاء و أخرى سوداء. و قال الله تعالى {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} سورة النحل ١٠٥, و في الحديث عن أشراط الساعة قال رسول الله صلى الله و آله (ويكون الكذب عندهم ظرافة، فلعنة الله على الكاذب وإن كان مازحا).
سراجي
/
الأسفار الأربعة
الأسفار الأربعة
يعتقد العرفاء بوجود أربعة أسفار يقطعها السالك إلى الله تعالى حسب العناية الإلهية الأزلية :
السفر الأول : السير من الخلق إلى الحق, وهو مرحلة عبور عالم الطبيعة والكثرات إلى الله.
السفر الثاني : السير بالحق في الحق, وهو مرحلة معرفة الأسماء والصفات الإلهية.
السفر الثالث : السير من الحق إلى الخلق بالحق, وهو مرحلة الرجوع إلى الخلق لهدايتهم وإرشادهم.
السفر الرابع : السير في الخلق بالحق, وهو مرحلة الهداية الرحيمية.
سراجي
/
نصيحة عرفانية
نصيحة عرفانية
- تفسير القرآن الكريم - السيد مصطفى الخميني عليه الرحمة - ج ٤ ص ١٣٦ :
وقد سمعت من بعض مشايخي : أن اللذيذ من هذه الدنيئة أمران : حب النساء، وخدمة الأولياء، وقد ذكرنا في بعض محافل الأنس ومجامع أهل القلب والذوق : أن من الواجب على السالكين عقد حلقات خاصة في كل أسبوع أو شهر، فإن حلقة أرباب القلوب، تذكرة بالمحبوب، وهداية إلى خير مطلوب، فلو غلبت الشهوات والسهو والنسيان بمرور الأيام وبمصاحبة الأشرار في الشوارع والأسواق، فهي تذوب برؤية أرباب العقل وأصحاب العشق والقلب، فإذا كان المبتدئ السالك يحب العافية التامة والعاقبة الحسنة، فيكون بقلبه ذاكرا لمعشوقه على الإطلاق في جميع الآنات والأيام، وفي كافة الحالات والأزمان، فعليه بتلك الحلقات وإحداثها واستمرارها، قاصدين في تأسيسها تذاكرهم وتعانقهم، وأن يكون واحد منهم يشرق على الآخرين ويضيئهم بالأضواء القلبية والأنوار الروحية، فإن النجاة لا تحصل إلا بالاجتهاد في هذه المبادئ وبالجهاد مع أعدائه. والله خير رفيق ومعين.
سراجي
/
من عوامل حضور القلب
من عوامل حضور القلب
كلنا يعلم أهمية حضور القلب في العبادة لا سيما الصلاة, فإنه لا يقبل من الصلاة إلا بمقدار ما يحضر القلب, و لحضور القلب عوامل نذكر بعضها :
العامل الأول : طلب التوفيق من الله تعالى و التوسل إليه بمحمد و آل محمد صلى الله عليه و آله ليوفقك لكل خير, قال الله تعالى {... و َمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} سورة هود ٨٨.
العامل الثاني : ترك المعاصي و الذنوب, فإن المعاصي و الذنوب ظلمات تمنع القلب من التوجه إلى الله تعالى.
العامل الثالث : تخصيص وقتاً للعبادة في اليوم و الليلة مع توطين النفس على العبادة و رفض الاشتغال بأي عمل آخر في ذلك الوقت.
العامل الرابع : إفهام القلب أهمية العبادة و تكرار ذلك عليه بين فينة و أخرى, فإن القلب إذا أدرك أهمية حضوره و أهمية العبادة حضر و استقر.
العامل الخامس : المجاهدة و المثابرة و عدم اليأس, فحضور القلب في العبادات يحتاج إلى رياضة و تمرين, ففي البداية قد لا يحضر القلب بمقدار تكبيرة الإحرام, لكن مع إصرار العبد على إحضار قلبه امتثالاً لأمر ربه فإن القلب قد يحضر بهذا المقدار, و مع الإصرار يزداد حضور القلب ليشمل سورة الفاتحة, و هكذا بصورة تدريجية إلى أن يصبح الصلاة كلها بحضور القلب بل يصبح القلب دائماً في حضور مستمر في محضر الله تعالى و لا يغفل عن ذلك الله تعالى طرفة عين أبداً.
سراجي
/
مراحل التزكية
مراحل تزكية النفس ثلاث :
المرحلة الأولى : التخلية.. و فيها يتخلى الإنسان و يتطهر عن العقائد الباطلة, و الأخلاق و الملكات الذميمة, والذنوب و المعاصي.
المرحلة الثانية : التحلية.. و فيها يتحلى الإنسان بالعقائد الحقة, و الأخلاق و الملكات الحميدة, و يقوم بواجباته.
المرحلة الثالثة : التجلية.. فالقلب كالبيت, أولاً نقوم بتنظيفه من الأوساخ و القذارات, ثم نقوم بتأثيثه, ثم تأتي المرحلة الثالثة و هي التجلية و هي مرحلة التلميع و الصقل.
ابوقمران
/
الدوام على الذكر
ذات يوم كان الشيخ بهجت راجعا من المسجد إلى البيت بعد صلاة الجماعة، التفت إلى من حوله وقال : هل عندكم عمل؟.. ثم قال : إن لي ذكر في طريقي من المسجد إلى البيت، وعندما أراكم أظن أن عندكم عملا معي، فأتوقف عن الذكر، فأصل البيت بلا ذكر، فامتعض من ذلك.
فواز
/
الهداية
يقسِّم القرآن الكريم الهداية إلى قسمين، فتارة يقول {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} وهي الهداية العامّة لجميع الخلق، وتارة يقول {وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} وهنا حُذِفت الهاء في (يَهْدِ) وهي الهداية الخاصة.
فعندما أهدي سائل إلى طريقه، تارة أقول له (اذهب إلى الزاوية الفلانية في المنطقة الفلانية وستجد سؤلك) وتارة أخرى آخذه بيده وأوصله إلى حيث سؤله.
والهداية الخاصة تكون بالسؤال، أي بطلب العبد من ربه ؛ وهي مرحلة بعد معرفة الهداية الأولية والالتفات إليها.
وإن كانت الهداية " للصراط المستقيم " هي سؤل العبد في كل صلاة ؛ فـ علي بن أبي طالب يقول : (أنا صراط الله المستقيم وعروته الوثقى) والصراط كما هو واضح أنه وسيلة وليس غاية ؛ فالغاية هي الله تعالى كما ورد في دعاء الندبة في ندبة غيبة صاحبنا (عج) (أين وجه الله الذي منه يؤتى؟)
فالهداية الكاملة تكون على يد المعصوم، وفي زماننا على يد الحجّة المنتظر (ع)؛ فـ (هل من سبيل إليك يا ابن احمد فتلقى؟)
وقد قال رسول الله (ص): (معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم بإتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه، أئمة يهدون إلى الحق وبه يعدلون، ثم قرأ : الحمد لله رب العالمين إلى آخرها، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): فيَّ نزلت وفيهم نزلت).
فواز
/
الصبر درجات
إن قلنا أنَّ الصبر درجات، فـ أيّ صبر أعظم من الصبر على فقد الأحبِّة؟ وأيُّ ضياع أعظم من العيش في وسط المعصوم عنه غائب؟
فقد يعقوب (ع) بصره لغياب يوسف (ع) عنه، ونحن فقدنا أنفسنا لفقدنا إمامنا.
ظُلِمَ أيّوب لضعفه، ونحن لا نمتلك قوّة لنصبح ضعفاء أصلا، فـ ما حالنا؟
إن القلوب لتصدأ والعيون تنضب والأجساد تنحل والنفوس تستوحش لفقد إمامنا.
الحقيقة أن الصبر جميل في كل أحواله، إلا الصبر على غيْبة المهدي ؛ صبره مر وليس كمرارته شيء.
صبرنا دون معصوم أعظم وأمرّ صبر، ليس من شعب أو أمة إلا وكان معصومها حاضرًا، مع ما كان من بلائها.
ونحن معصومنا غائب، مع ما كان من نعيم، فالبلاء بلاء القلوب وفقد الأحبة غربة.
احمد ابو مؤمل
/
توبه
اعلم أيها العزيز!.. أن التوبة من المعاصي أول طريق الســالكين إلى الله تعـــالى، وهي رأس مال الفائزين، ومفتاح استغاثة المريدين، وأصل نجاة الناجين
وقد وردت الآيات والأخبار الصحاح في فضل ذلك، ويكفي مدحاً لها قول أصدق الصادقين في كتابه الكريم :
{إن الله يحب التوابين}. البقرة / ٢٢٢.. وقول النبي (ص) : التائب من الذنب كمن لا ذنب لـه. الكافي ٢ / ص٤٣٥..
وقد ذكرتْ معان عديدة للتوبة، فمنها :
المعنى الفقهي : وهو ترك المعاصي في الحال، والعزم على الترك في الاستقبال، وتدارك ما يمكن تداركه في المآل.
ومن معانيه : خلع لباس الجفاء، ثم نشر بساط الوفاء.
ومن معانيه : مطلق الندم.
وعلى أي حال، لا إشكال في وجوبه عقلاً وشرعاً بلا تأمل، إذ لو علمت انحصار السعادة الحقيقية الأبدية في لقاء الله تعالى، لعلمت أن المحجوب عنه شقي محترقٌ بنار الفراق في دار البوار، ومن المعلوم أن من أغلظ الحجب : حجاب اتباع الشهوات وارتكاب السيئات، لكونه إعراضاً عن الله تعالى بمتابعة الشيطان والهوى، بل بعبادتهما في الواقع، لما روى من أنه : من أصغى إلى ناطق فقد عبده. الكافي ٦ / ص٤٣٤..
ولعلمت أيضا أن الانصراف عن طريق البعد للوصول إلى مقام القرب واجب، ولا يتم الانصراف إلا بالأمور الثلاثة المذكورة في معنى التوبة، وقد تقرر في محله أن مقدمة الواجب واجبة عقلاً وشرعاً، نظراً إلى الملازمة بينهما، كما أن وجوبه أيضا فوري كما لا يخفى.. فكما أن شارب السم لا بد له من إخراج السم من بدنه فوراً - بقيء ٍ أو بغيره - وإلا سبّب له الهلاك الدائم، فكذلك الأمر في سموم المعاصي، فلو تساهل في التوبة منها، فسيحل عليه الهلاك ويختم له بالشر، وقد كانت عمدة خوف الأنبياء والأولياء من سوء الخاتمة.
فالبدار البدار!.. يا إخوان الحقيقة وخلان الطريقة إلى التوبة الحقيقية، قبل أن تعمل سموم الذنوب في روح الإيمان بما لا ينفع بعده الاحتماء، وينقطع عنه تدابير الأطباء، ويعجز عن التأثير فيه نصح العلماء، وتكونوا من مصاديق قوله تعالى :
{وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}. يس / ٩
ثم اعلم أيها الأخ الأعز!.. أنك لا تخلو من المعصية في جــوارحك من : الغيبــة، والإيـذاء، والبهتـان، وخيـانة البصـر وغيـرها من صنـوف المعاصي، ولـو فـرض خلـوك منها، فإنك لا تخلو عن الرذائل في نفسك والهمّ بهـا، وإن سلِمت منها فلا أقل من الخواطر المتفـرقة المذهلة عن ذكر الله، ولـو سلِمت منها أيضاً فلا أقـل من الغفلة والقصـور في معـرفة الله وصفات جمـاله وجلاله وعجائب صنعه وأفعـاله، ولا ريب في أن كل تلك الأمور، من موجبـات النقص التي ينبغي تداركهـا، ولذلك وجبت التوبة في كل آنٍ من الآنات.. إذ قــال أشرف المخلوقات صلى الله عليه وآله :
إنه ليغان على قلبي، حتى استغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة المستدرك ٥ / ص٣٢٠..
فإذا عرفت معنى التوبة وضرورتها، والتفت إلى أن تركها يعني الإصرار على الذنب، فاعلم أن الله تعالى إنما يقبل التوبة الصحيحة بشروطها، ومنها غسل وسخ القلوب بالدموع، بعد اشتعال نيران الندامة فيها.
وكلما زادت نيران الندم اشتعالا كلما تحقق الأمل بتكفير الذنب، وبذلك تتحقق علامة الصدق في التوبة.. وعليه فلا بد من تبديل حلاوة الشهوات بمرارة الندم، ليكون علامة على تبدل السيئات بالحسنات.. ألم تسمع قصة ذلك النبي من بني إسرائيل الذي سأل الله التوبة لعبدٍ أمضى حياته جاهداً في عبادة ربه، فلم يقبل الله تعالى توبته لأنه كان يجد حلاوة المعصية - التي تاب منها - في قلبه!!.
ومن هنا قالوا أنه لا بد من إذابة اللحم الذي نبت على الحرام، فهو لحمٌ فاسد ومفسد للصحيح.
ولا بد من تعلق قصده بترك كل مُحرّم، وأداء كل واجب في الحال وفي الاستقبال إلى أن يلقى ربه، كما أنه لا بد من تدارك ما قد فاته في سالف أيامه.
إن على التائب أن يستقصي في نفسه عالم ما قبل البلوغ وحين البلوغ وبعد البلوغ، لينظر إلى تصرفاته في أموال الآخرين، سواء كانت بعمد أم خطأ، مكلفاً كان أو غير مكلف.. فإذا كان حقـاً ماليـاً ووجـد صاحبه - ولو كان وارثا - استحل منه، وإلا رد تلك المظلمة حين القدرة والاستطاعة.
ثم ينظر في الطاعــات، فمـا ترك منهـا يلتزم بقضائها وكفارتها.. ثم ينظـر إلى الحقـوق الشرعية كالخمس والزكاة وما في ذمته، فيوصـلها إلى مصارفهـا الشرعية لئـلا يبقى في حياته ما يحتاج إلى تداركٍ وتعويض، فإنه لو مات على تلك الحالة أُبتلى بالعذاب الأليم.
وإلى جميع ما ذكر يشير قول أمير المؤمنين عليه السلام : الاستغفار واقع على ستة معان :
أولها الندم على ما مضى، ثم العزم على ترك العود اليه أبدا، وأن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم، حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة ٌ، وأن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيّعتها فتؤدي حقها، وأن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتُذيبه بالأحزان، حتى تُلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، وأن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول : استغفر الله. البحار ٩٠ - ٢٨٥
ومن المناسب أن تكون الطاعة - في مقام التوبة - من جنس المعصية، فإذا كان عاصياً بسفر محرم فتداركُه إنما يكون بسفر الطاعة ونحو ذلك، مما يطول ذكر أمثلته..
ولا بد أن يحقق في نفسه شيئاً من الحزن والندامة الصادقة، ثم يتوب بالطريقة التي ذكرها السيد بن طاووس في مـا رواه عن النبي (ص) وهي : أن يغتسل ويتوضأ، ثم يصلي أربع ركعات : يقرأ في كل منها {الحمد} مرة و {قل هو الله أحد} ثلاث مرات {والمعوذتين} مرة ثم يسـتغفر سبعين مرة، ثم يختم بكلمة : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ثم يقول سبع مرات :
يا عزيز!.. يا غفار!.. اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
فإن من قام بهذا العمل قُبلت توبته، وغُفرت ذنوبه، ورضي عنه خصماؤه يوم القيامة، ومات على الإيمان وما سلب منه الدِّين، ويُفسح في قبره ويُنوَّر فيه، ويرضى عنه أبواه، ويُغفر لأبويه ولذريته، ويوسَّع في رزقه، ويرفقُ به ملكُ الموت عند موته، ويخرج الروح من جسده بيسر وسهولة.
ومن المناسب - قبل هذا العمل - أن يُقدّم شيئاً من الصدقة ولو كانت قليلة، لأن صدقة السر تُطفئ غضب الرب تعالى.. وأن يذهب إلى مكان خالٍ جالساً على التراب، متذكراً معاصيه واحدة بعد أخرى، مصرحاً بزمانه ومكانه، ملتمساً من ربه المغفرة، معترفاً بالندامة.. وهكذا يحسن التفصيل في الاعتراف بجزئيات الذنوب، ببكاء وحزن.
كما أنه من المناسب أيضا بعد ذلك، قراء ة دعاء التوبة في الصحيفة السجادية وأوله : يا من لا يصفه نعت الواصفين.. الصحيفة ص١٣٨ وكذلك المناجاة الأولى من المناجاة الخمسة عشر.. ثم يقسم على الله تعالى بحق المقربين لديـــه أن يقبل توبتـه، ثم يسأله العـزم على الثبات، وليغلب على ظنـه أن الله تعـالى يقبـل التوبة ويعفـو عن السيئات، فهو يعامل عبده بمقدار حسن ظنـه به، كمـا تدل عليه الروايات.
ولو خالف التوبة وعاد إلى المعصية، فعليه بالتوبة مرة بعد أخرى ولا ينبغي له أن ينتابه اليأس من العودة إلى الذنب، فإنه أرحم من كل رحيم.
واعلم أن للإنسان ثلاث حالات في المعاصي : حالة ٌ قبل المعصية، وحالة ٌ حين المعصية، وحالة ٌ بعد المعصية، ولكل من الحالات أحكام مختلفة.
أما حاله قبل ارتكاب المعصية : فعليه أن يلقّن نفسه أخبار الخوف، لعل ذلك يوجب له الانصراف عن المعصية، فليتصوّر ما لو هدده مولاه بقوله : (إني لا أغفر لك أبداً).
فإن الرب قد جعل للعبد حدوداً من المخالفة يستحق فيها العفو.. فإذا تجاوز العبد حدّه طرده مولاه، وأخرجه من قابلية التوبة والمغـفرة، إذ أن الرحمة - في هذه الحالة - خلاف مقتضى الحكمة، ومن المعلوم أن العبد عند كل معصية، يحتمل أنه - بتلك المعصية - قد تجاوز الحدَّ الموجب للطرد.
وأما حاله حين ارتكاب المعصية : فإنه لا بد أن يشتد عندها خوفُه، لأن مالك الملوك - جلّ شأنه العظيم - حاضر لديه، وناظر إليه، والعبد في محضره يهتك حرمته وهو يعلم أن كل ما في الوجود، جنود مجندة بين يدي مولاه، بل جوارحه التي عصى بها، فإنها طوع إرادته في أن يعاقب بها من يريد.
وليعلم أن العودة إلى التوبة، مما يُحمد عليها في أية مرحلة من مراحل المعصية..
وأما حاله بعد المعصية وغلبة الشهوة : فإنه ينبغي مراجعة أخبار الرجاء، لئلا يُلقي الشيطان في روعه اليأس قائلا : إنك عصيت عن عمدٍ والتفـــات، فما فائدة التوبة بعد ذلك؟..
إن على العبـد - في هذه الحالـة - أن يعلـم أن كل وهـمٍ وخيـالٍ يمنعــانه عن التوبـة والتدارك إنمـا هو من الشيطان.. فلا بد من تذكيــــر نفسه بكرم المولى عـز اسمه، وأن اليأس من رحمته من المعاصي الكبيرة.
فكيف لا يعـود العـبد إليه وهو الراحم لمن لا راحم له، وهـو الذي تسمى بالوهّاب لكثرة جوده، وهو الذي عند حسن ظن عبـده المؤمن.. كـل هـذه الأمـور تدل بوضوح على أن العبد إذا لم يكن متمرداً على المـولى، فإن الرحمـة الواسعة شاملة له، إلا إذا قبُحت الرحمة في حقه.
وقد ورد عن النبي (ص) قبـول توبة من قتل سبعين نبياً ثم تاب إلى الله تعالى.
ثم اعلم أيها الأخ الأعز!.. إن العبد إذا تاب على التفصيل المذكور فإنه سيكون في أول درجات التائبين.. فلا بد له من الوصول إلى حقيقـة التوبة بعد ذلك.
إنّ حقيقة التوبة ليست هذه الألفاظ وإنما لها واقع ودرجات، شأنها شأن جميع الدرجات الأخلاقية، التي لها حقائق لا بد من استيعابها، وهي مما لا يمسه إلا المطهرون.
فهذا آدم (ع) قال : {ربنا ظلمنا أنفسنا}. الأعراف / ٢٣.. وهذا نبي الله أيوب (ع) قال : {رب إني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين}. الأنبياء / ٨٣.. ونحن نكـرر مـا قـالاه، ولكن كم من الفــرق بين الأمرين!!
إن استيعاب حقائق كلامهم (ع) ودقائق إشاراتهم، يفوق ما يدور بيننا من سؤال وجواب، ورسالتنا هذه لا تحتمل تفاصيل هذا الأمر.. اللهم اهدنا فيمن هديت.
فحاصل الكلام من البـدء إلى الختم بتقرير آخر : إن السالك سبيل التقوى يجب عليه مراعاة أمور
mohammed
/
التقرب الى الله
إن من أكثر الأعمال التي تقرب الإنسان إلى الله، وتقضى الحوائج بها هي : الاستغفار الدائم، وحسن الخلق.. قال أمير المؤمنين عليه السلام :(عجبت لمن يقنط وعنده الاستغفار).
عبد الله
/
هل ستكون مطيعاً إذا ظهر صاحب الزمان (ع)؟
روي عن الإمام الكاظم (عليه السلام): (لله على الناس حجتان : حجة ظاهرة وحجة باطنة.. أما الظاهرة فالأنبياء والرسل والأئمة، وأما الباطنة فالعقل).
أخي العزيز وأختي العزيزة!..
هل فكّرت يوماً إذا ظهر إمام الزمان (عجل الله فرجه الشريف) هل ستكون مطيعاً أو غير مطيع له؟
إن الجواب كامن في الرواية المذكورة أعلاه!.. فإنّ الإمام والعقل وجهان لعملة واحدة.. فإن كنت مطيعاً لعقلك، فإنّك مطيع لإمامك، وإن كنت عاصياً لعقلك، فإنّك عاصٍ لإمامك.
لا تسولنّ لك نفسُك أن تقول : عندما يظهر الإمام سأكون مطيعاً له، وأنت قابع في المعاصي، فضلاً عن اللغو والغفلة!.. فإنّ هذه خدعة الشيطان اللعين، يريد أن يوقعك في فخ طول الأمل، وهو من أخوَف ما يخافه علينا أمير المؤمنين (عليه السلام).
ثمّ : إن كان الإمام باطنه العقل، والعقل ظاهره الإمام... تأمّل!.. ألا يعني هذا أنّ الإمام حاضر وغير غائب؟!..
نسألكم الدعاء
/
أطيب وأخبث العضوين
ذكر : أن مولى لقمان دعاه فقال : اذبح شاة فأتني بأطيب مضغتين منها فأتاه بالقلب واللسان.. ثم أمره بذبح شاة فقال له : إئتني بأخبث مضغتين منها فأتاه بالقلب واللسان.. فسأله عن ذلك فقال : إنهما أطيب شيء إذا طابا, وأخبث شيء إذا خبثا.
أبوأحمد الموسوي
/
كيف وبم تسير؟
حالتان يجب أن يعيشهما المؤمن بتوازن بينهما، ولا تطغى إحداهما على الثانية وهما : (الاطمئنان، والحذر).. وهما بقول كبار علماء الأخلاق والعفة : جناحان يطير بهما في رحلته لرب العاشقين.. وهذا ما نجده صريحا في قول الإمام الباقر (ع): (كيف يضيع من الله كافله؟.. وكيف ينجو من الله طالبه؟).. فالحفظ الإلهي، يعطي الاطمئنان.. والطلب الإلهي، يعطي الحذر!.. ولك أن تتأمل!..
سراجي
/
استغفار عظيم
أستغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته!..
أستغفر الله العظيم من كل فرض تركته!..
أستغفر الله العظيم من كل إنسان ظلمته!..
أستغفر الله العظيم من كل صالح جفوته!..
أستغفر الله العظيم من كل ظالم صاحبته!..
أستغفر الله العظيم من كل بر أجلته!..
أستغفر الله العظيم من كل ناصح أهنته!..
أستغفر الله العظيم من كل محمود سئمته!..
أستغفر الله العظيم من كل زور نطقت به!..
أستغفر الله العظيم من كل حق أضعته!..
أستغفر الله العظيم من كل باطل اتبعته!..
أستغفر الله العظيم من كل وقت أهدرته!..
أستغفر الله العظيم من كل ضمير قتلته!..
أستغفر الله العظيم من كل سر أفشيته!..
أستغفر الله العظيم من كل أمين خدعته!..
أستغفر الله العظيم من كل وعد أخلفته!..
أستغفر الله العظيم من كل عهد خنته!..
أستغفر الله العظيم من كل امرئ خذلته!..
أستغفر الله العظيم من كل صواب كتمته!..
أستغفر الله العظيم من كل خطأ تفوهت به!..
أستغفر الله العظيم من كل عرض هتكته!..
أستغفر الله العظيم من كل ستر فضحته!..
أستغفر الله العظيم من كل لغو سمعته!..
أستغفر الله العظيم من كل حرام نظرت إليه!..
أستغفر الله العظيم من كل كلام لهوت به!..
أستغفر الله العظيم من كل إثم فعلته!..
استغفر الله العظيم من كل نصح خالفته!..
أستغفر الله العظيم من كل علم نسيته!..
أستغفر الله العظيم من كل شك أطعته!..
أستغفر الله العظيم من كل ظن لازمته!..
أستغفر الله العظيم من كل ضلال عرفته!..
أستغفر الله العظيم من كل دين أهملته!..
أستغفر الله العظيم من كل ذنب تبت لك منه، ومن كل ما وعدتك به، ثم عدت فيه من نفسي، ولم أوفي به!..
أستغفر الله العظيم من كل عمل أردت به وجهك، فخالطني به غيرك!..
أستغفر الله العظيم من كل نعمة أنعمت على بها، فاستعنت بها على معصيتك!..
أستغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته في ضياء النهار، أو سواد الليل، أو في ملأ أو خلا، أو سراً أو علانية!..
أستغفر الله العظيم من كل مال اكتسبته بغير حق!..
أستغفر الله العظيم من كل علم سُئلت عنه فكتمته!..
أستغفر الله العظيم من كل قول لم أعمل به وخالفته!..
أستغفر الله العظيم من كل فرض خالفته ومن كل بدعه اتبعتها!..
أستغفر الله العظيم من جميع الذنوب كبائرها وصغائرها!..
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه!..
أستغفر الله العظيم على النعم التي أنعمت علي بها ولم أشكر!..
أستغفر الله العظيم من الرياء، والمجاهرة بالذنب، وعقوق الوالدين، وقطع الرحم!..
أستغفر الله العظيم لي ولوالدي، وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات!..
اللهم!.. صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين.
سراجي
/
الذكر اليونسي واستخداماته!
يسمى هذا بالذكر اليونسي، حيث دعا يونس (ع) بهذا الذكر، فنجاه الله من بطن الحوت.
اسم الدواء : (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).
- التأثيرات الدوائية
تتميز بخواص مسكنة، تبعث في النفس الطمأنينة والراحة، وتطرد الهم والحزن، وتبعد القلق والتوتر.
- دواعي الاستعمال
يستعمل هذا الدواء عند إحساسك بالظلم والقهر والغم والحزن, ويفيد في حالات الإحباط واليأس، يستعمل أيضا لتخفيف الآلام الناتجة عن أذى الناس، وكل منغصات الحياة ومتاعبها، وفي الحالات المصاحبة لضيق الصدر.
- موانع الاستعمال
قد يمنع البعض من استخدام هذا الدواء، بسبب الجهل أو الغفلة.. كما تؤثر كثرة الذنوب والمعاصي، فتحول دون استخدام هذا الدواء، أو كمال الفائدة منه.
- طريقة الاستعمال
واظب على استخدام الدواء، لمدة شهر على الأقل، بكرة وعشية.
- الاحتياطات
من الأفضل أن تكون متوضأ, مستقبل القبلة, خاشع القلب.
- التأثيرات الدوائية
هذا الدواء مستحضر لا يأتي إلا بخير, وهو شافٍ حتما, وليس له أي تأثيرات سلبية مطلقا، ففي حال زيادة الجرعة تزداد الفائدة.
- تذكر
* لا تقطع مدة العلاج من تلقاء نفسك.
* كرر صرف الدواء بدون وصفة طبية.
* اترك هذا الدواء في متناول أيدي الجميع.
سراجي
/
ألذ ما في الحياة
ألذ ما في الحياة
وقال الطوسي رض والأدعية للقنوت لا تحصى وليس في ذلك شي مؤقت لا يجوز خلافه.
ويستحب أن يبكي الإنسان في القنوت من خشية الله والخوف من عقابه، أو يتباكى ويدعو لإخوانه المؤمنين، ويستحب أن يذكر أربعين نفسا منهم فإنّ من دعا لأربعين نفسا من المؤمنين استجيب دعاؤه إن شاء الله، ويدعو بما يشاء.
وروى الصدوق في الفقيه أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يقول في الوتر في قنوته :
اللَّهُمَّ اهْدِنِي فيمَنْ هَدَيْتَ وَعافِني فيمَنْ عافَيْتَ وَتَوَلَّني فيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبارِكْ لي فيما أعْطَيْتَ وَقِني شَرَّ ما قَضَيْتَ، فَإنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضى عَلَيكَ، سُبْحانَكَ رَبَّ البَيْتِ أسْتَغْفِرُكَ وَأتوبُ إلَيكَ وَأُؤْمِنُ بِكَ وَأتَوَكَّلُ عَلَيْكَ ولا حَوْلَ وَلا قُوَّة َ إِلاّ بِكَ يا رَحيمُ.
وينبغي أن يقول سبعين مرة : أسْتَغْفِرُ الله رَبّي وَأتُوبُ إلَيهِ. وينبغي في ذلك أن يرفع يده اليسرى للاستغفار ويحصي عدده باليمنى. وروي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يستغفر في الوتر سبعين مرّة ويقول سبع مرات : هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ.
وروي أيضاً أنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يقول في السحر في صلاة الوتر ثلاثمائة مرة : العَفْوَ العَفْوَ.
وليقل بعد ذلك : رَبِّ اغْفِرْ لي وَارْحَمْني وَتُبْ عَليّ إنَّكَ أنْتَ التَّوابُ الغَفُورُ الرَّحيمُ.
وينبغي أن يطيل القنوت، فإذا فرغ منه ركع، فإذا رفع رأسه (وقبل أن يسجد) دعا بهذا الدعاء الذي رواه الشيخ في التهذيب عن موسى بن جعفر (عليه السلام):
هذا مَقامُ مَنْ حَسَناتُهُ نِعْمَة ٌ مِنْكَ وَشُكْرُهُ ضَعيفٌ وَذَنْبُهُ عَظيمٌ، وَلَيْسَ لِذلِكَ إِلاّ رِفْقُكَ وَرَحْمَتُكَ فَإنَّكَ قُلْتَ في كِتابِكَ المُنَزَّلِ عَلى نَبيّكَ المُرْسَلِ صَلّى الله عَلَيهِ وآلِهِ كانوا قَليلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعونَ وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرونَ.
طالَ هُجوعي وَقَلَّ قيامي وَهذا السَّحَرُ وَأنا أستغفرك لِذُنوبِي اسْتِغْفارَ مَنْ لا يَجِدُ لِنَفْسِهِ ضُراً وَلا نَفْعا وَلا مَوْتا وَلا حَياة ً وَلا نُشوراً.
ثم يسجد، ويتم الصلاة ويسبح بعد السلام تسبيح الزهراء (عليها السلام) ثم يقول :
الحَمْدُ لِرَبِّ الصَّباحِ الحَمْدُ لِفالِقِ الإصباح. ويقول : سُبْحانَ رَبّيَ المَلِكِ القُدّوسِ العَزيزِ الحَكيمِ ثلاثا.
ثم يقول : يا حَيُّ يا قَيومُ يا بَرُّ يا رَحيمُ يا غَنيُ يا كَريمُ إرْزُقْنِي مِنَ التِّجارَة ِ أعظَمَها فَضْلاً وَأوْسَعَهاً رِزْقاً وَخَيرَها لي عاقِبَة ً فإنَّهُ لا خَيْرَ فيما لا عاقِبَة َ لَهُ.
وينبغي أن يدعو بعد هذا بدعاء الحزين :
أُناجِيكَ يا مَوْجُودُ فِي كُلِّ مَكانٍ لَعَلَّكَ تَسْمَعُ نِدائِي، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمي وَقَلَّ حَيائِي. مَوْلايَ يا مَوْلايَ، أَيَّ الاهْوالِ أتَذَكَّرُ وَأيَّها أنْسى؟ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلاّ المَوْتُ لَكَفى! كَيْفَ وَما بَعْدَ المَوْتِ أعْظَمُ وَأدْهى؟! مَوْلايَ يا مَوْلايَ، حَتّى مَتى وَإِلى مَتى أقُولُ لَكَ العُتْبى مَرَّة ً بَعْدَ أخْرى ثُمَّ لا تَجِدُ عِنْدِي صِدْقا وَلا وَفاء ً فَيا غَوْثَاهُ ثُمَّ وَاغَوْثاهُ بِكَ يا الله مِنْ هَوى ً قَدْ غَلَبَني وَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ اسْتَكْلَبَ عَلَيَّ وَمِنْ دُنْيا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِي وَمِنْ نَفْسٍ أمَّارَة ٍ بِالسُّوء ِ إِلاّ ما رَحِمَ رَبِّي. مَولايَ يا مَولايَ، إنْ كُنْتَ رَحِمْتَ مِثْلِي فَارْحَمْنِي وَإنْ كُنْتَ قَبِلْتَ مِثْلي فَاقْبَلْني! ياقابِلَ السَّحَرَة ِ اقْبَلْني! يامَنْ لَمْ أزَلْ أتَعَرَّفُ مِنْهُ الحُسْنى يا مَنْ يُغَذِّيَني بِالنِعَمِ صَباحا وَمَساء ً ارْحَمْني، يَوْمَ آتِيكَ فَرْداً شاخِصا إلَيْكَ بَصَري مُقَلَّداً عَمَلِي قَدْ تَبَرَّأَ جَميعُ الخَلْقِ مِنِّي. نَعَمْ، وَأبِي وَأمِّي وَمَنْ كانَ لَهُ كَدِّي وَسَعْيِي.
فَإنْ لَمْ تَرْحَمْنِي فَمَنْ يَرْحَمُنِي؟ وَمَنْ يُؤْنِسُ فِي القَبْرِ وَحْشَتِي؟ وَمَنْ يُنْطِقُ لِسانِي إذا خَلَوْتُ بِعَمَلِي وَسائَلْتَنِي عَمَّا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي؟ فَإنْ قُلْتُ : نَعَمْ، فَأيْنَ المَهْرَبُ مِنْ عَدْلِكَ؟ وَإنْ قُلْتُ : لَمْ أفْعَلْ، قُلْتَ : ألَمْ أكُنْ الشَّاهِدَ عَلَيْكَ؟ فَعَفْوُكَ عَفْوُكَ يامَوْلايَ قَبْلَ سَرابِيلِ القَطِرانِ، عَفْوُكَ عَفْوُكَ يامَوْلايَ قَبْلَ جَهَنَّمَ وَالنِّيرانِ، عَفْوُكَ عَفْوُكَ يا مَولايَ قَبْلَ أنْ تُغَلَّ الأيدي إِلى الأعناق يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَخَيْرَ الغافِرينَ.
(ملاحظة : يستطيع أن يقرأ من كتاب ثم قبل أن يسجد يضع الكتاب)
ثم يسجد ويقول خمس مرات في سجوده : سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّ المَلائِكَة ِ والرّوحِ.
ثم يجلس ويقرأ آية الكرسي.
ثم يهوي ثانيا إلى السجود ويكرّر نفس الذكر خمس مرات. ثم يجلس ثم يتشهد ويسلم.
ثم ينهض لنافلة الصبح وهي ركعتان يقرأ بعد الحمد في الأولى سورة قل يا أيّها الكافرون، وفي الثانية سورة التوحيد، فإذا سلّم نام على يمينه مستقبلاً القبلة على هيئة الميت في اللحد، ووضع خده الأيمن على يده اليمنى وقال :
اسْتَمْسَكْتُ بِعرْوَة ِ الله الوِثْقى الَتي لا انْفِصامَ لَها وَاعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ الله، المَتينِ وَأعوذُ بِا لله مِنْ شَرِّ فَسَقَة ِ العَرَبِ وَالعَجَمِ، وأعوذُ بِالله مِنْ فَسَقَة ِ الجِّنِ وَالانْسِ.
ثم يقول ثلاثا : سُبْحانَ رَبِّ الصَّباحِ فالِقَ الاصْباحِ، ويقرأ الخمس آيات من آل عمران :
إنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ وَالارضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لاياتٍ لأولي الالْبابِ الَّذينَ يَذْكُرونَ الله قياما وَقَعُوداً وَعَلى جُنوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرونَ في خَلْقِ السَّماواتِ وَالارضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ رَبَّنا إنَّكَ مِنْ تُدْخِلْ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ وَما لِلظالِمينَ مِنْ أنْصارٍ رَبَّنا إنَّنا سَمِعْنا مُنادِيا يُنادي لِلايمانِ أنْ اَّمِنوا بِرَبِّكُمْ فَاَّمَنّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنوبَنا وَكَفِّرْ عَنّا سَيئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الابرارِ رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ القيامَة ِ إنَّكَ لاتُخْلِفُ الميعادَ.
ثم يجلس ويسبّح تسبيح الزهراء (عليها السلام).
ما يقال بين نافلة الصبح وفريضته (أي صلاة الصبح الواجبة):
وقال في كتاب من (لايحضره الفقيه): روي أنّ من صلى على محمد وآل محمد مائة مرة فيما بين نافلة الصبح وفريضته (أي صلاة الصبح الواجبة) وقى الله وجهه حرّ النار.
ومن قال مائة مرة : سُبْحانَ رَبّيَ العَظيمِ وَبِحَمْدِهِ، أسْتَغْفِرُ الله رَبّي العَظيمِ وبِحَمْدِهِ، أسْتَغْفِرُ الله رَبّي وأتوبُ إلَيهِ بنى الله له بيتا في الجنة.
ومن قرأ إحدى وعشرين مرة سورة قل هو الله احدٌ بنى الله له بيتا في الجنة. وإنّ من قرأها أربعين مرة غفر الله له.
وينبغي أن يدعى بعد الفراغ من صلاة الليل بالدعاء الثاني والثلاثين من أدعية الصحيفة الكاملة :
أَللَّهُمَّ يَا ذَا الْمُلْكِ الْمُتأبِّدِ بِالْخُلُودِ وَالْسُلْطَانِ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ جُنُود وَلاَ أَعْوَان، وَالْعِزِّ الْبَاقِي عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ، وَخَوَالِي الأَعْوَامِ، وَمَوَاضِي الأَزْمَانِ وَالأيَّامِ، عَزَّ سُلْطَانُكَ عِزّاً لا حَدَّ لَهُ بِأَوَّلِيَّة وَلاَ مُنْتَهَى لَهُ بِآخِرِيَّة، وَاسْتَعْلَى مُلْكُكَ عُلُوّاً سَقَطَتِ الأشْيَاء ُ دُونَ بُلُوغِ أَمَدِهِ وَلاَيَبْلُغُ أَدْنَى مَا اسْتَأثَرْتَ بِـهِ مِنْ ذَلِكَ أَقْصَى نَعْتِ النَّـاعِتِينَ. ضَلَّتْ فِيْـكَ الصِّفَاتُوَتَفَسْخَتْ دُونَكَ النُّعُوتُ وَحَارَتْ فِي كِبْرِيِائِكَ لَطَائِفُ الأوْهَامِ، كَذلِكَ أَنْتَ اللهُ الأَوَّلُ فِيأَوَّلِيَّتِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ أَنْتَ دَائِمٌ لا تَزُولُ، وَأَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيْفُ عَمَلاً الجَسِيْمُ أَمَلاً، خَرَجَتْ مِنْ يَدِي أَسْبَابُ الْوُصُلاَت إلاّ مَا وَصَلَهُ رَحْمَتُكَ، وَتَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الآمَالِ إلاّ مَا أَنَامُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ، قَلَّ عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طَاعَتِكَ وَكَثُرَ عَلَيَّ مَا أَبُوء ُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ، وَلَنْ يَضِيْقَ عَلَيْكَ عَفْوٌ عَنْ عَبْدِكَ وَإنْ أَسَاء َ فَاعْفُ عَنِّي.
أللَّهًمَّ وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى خَفَايَا الأَعْمَالِ عِلْمُكَ وَانْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُور دُونَ خُبْرِكَ وَلاَ تَنْطَوِي عَنْكَ دَقَائِقُ الأُمُورِ وَلاَ تَعْزُبُ عَنْكَ غَيِّبَاتُ السَّرَائِرِ، وَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغِوَايتِي فَأَنْظَرْتَهُ، وَاسْتَمْهَلَكَ إلَى يَوْمِ الدِّيْنِ لاِضْلاَلِي فَأَمْهَلْتَهُ، فَأوْقَعَنِيْ وَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ مِنْ صَغَائِرِ ذُنُوب مُوبِقَة وَكَبَائِرِ أَعْمَال مُرْدِيَـة حَتَّى إذَا قَارَفْتُ مَعْصِيَتَـكَ وَاسْتَوْجَبْتُ بِسُوء ِ سَعْيِي سَخْطَتَكَ فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ غَدْرِهِ، وَتَلَقَّانِي بكَلِمَة ِ كُفْرهِ، وَتَوَلَّى الْبَراء َة َ مِنِّي وَأَدْبَرَ مُوَلِّيَاً عَنِّي، فَأَصْحَرنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً، وَأَخْرَجَني إلى فِنَاء ِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً لاَ شَفِيعٌ يَشْفَعُ لِيْ إلَيْـكَ، وَلاَ خَفِيـرٌ يُؤْمِنُنِي عَلَيْـكَ وَلاَ حِصْنٌ يَحْجُبُنِي عَنْكَ وَلاَ مَلاَذٌ أَلْجَأُ إلَيْهِ مِنْكَ. فَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ، وَمَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ، فَلاَ يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلُكَ، وَلا يَقْصُـرَنَّ دونِي عَفْوُكَ، وَلا أكُنْ أَخْيَبَ عِبَادِكَ التَّائِبِينَ، وَلاَ أَقْنَطَ وفُودِكَ الآمِلِينَ وَاغْفِرْ لِي إنَّكَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ. أللَّهُمَّ إنَّكَ أَمَرْتَنِي فَتَرَكْتُ، وَنَهَيْتَنِي فَرَكِبْتُ، وَسَوَّلَ لِيَ الْخَطَأَ خَاطِرُ السُّوء ِ فَفَرَّطْتُ، وَلا أَسْتَشْهِدُ عَلَى صِيَامِي نَهَـاراً، وَلاَ أَسْتَجِيرُ بِتَهَجُّدِي لَيْلاً، وَلاَ تُثْنِي عَلَيَّ بِإحْيَائِهَا سُنَّة ٌ حَـاشَا فُرُوضِـكَ الَّتِي مَنْ ضَيَّعَها هَلَكَ، وَلَسْتُ أَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَة مَعَ كَثِيرِ مَا أَغْفَلْتُ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ، وَتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ حُدُودِكَ إلَى حُرُمَات انْتَهَكْتُهَا، وَكَبَائِرِ ذُنُوب اجْتَرَحْتُهَا كَانَتْ عَافِيَتُكَ لِي مِنْ فَضَائِحِهَا سِتْراً. وَهَذَا مَقَامُ مَنِ اسْتَحْيَى لِنَفْسِهِ مِنْكَ، وَسَخِطَ عَلَيْهَا، وَرَضِيَ عَنْكَ فَتَلَقَّاكَ بِنَفْس خَاشِعَة، وَرَقَبَة خَاضِعَة، وَظَهْر مُثْقَل مِنَ الْخَطَايَا وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَة ِ إلَيْكَ وَالرَّهْبَة ِ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ رَجَـاهُ، وَأَحَقُّ مَنْ خَشِيَـهُ وَاتّقـاهُ، فَاعْطِنِي يَا رَبِّ مَا رَجَوْتُ، وَأمِنِّي مَا حَذِرْتُ، وَعُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَة ِ رَحْمَتِكَ إنَّكَ أكْرَمُ الْمَسْؤُولِينَ. أللَّهُمَّ وَإذْ سَتَـرْتَنِي بِعَفْوِكَ وَتَغَمَّـدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الْفَنَاء ِ بِحَضرَة ِ الأكْفَاء ِ فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحَاتِ دَارِ الْبَقَاء ِ عِنْدَ مَوَاقِفِ الأشْهَادِ مِنَ المَلائِكَة ِ الْمُقَرَّبِينَ وَالرُّسُلِ الْمُكَرَّمِينَ وَالشُّهَدَاء ِ وَالصَّالِحِينَ، مِنْ جَار كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئاتِي وَمِنْ ذِي رَحِم كُنْتُ أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَاتِي، لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ عَلَيَّ، وَوَثِقْتُ بِكَ رَبِّ فِي الْمَغفِرَة ِ لِيْ، وَأَنْتَ أوْلَى مَنْ وُثِقَ بِهِ وَأَعْطَف مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ وَأَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ فَارْحَمْنِي.
أللهُمَّ وَأنتَ حَدَرْتَنِي مَاء ً مَهِيناً مِنْ صُلب، مُتَضَائِقِ الْعِظَامِ حَرِجِ الْمَسَالِكِ إلَى رَحِم ضَيِّقَة سَتَرْتَهَا بِالْحُجُبِ تُصَرِّفُنِي حَالاًَ عَنْ حَال حَتَّى انْتَهَيْتَ بِيْ إلَى تَمَامِ الصُّورَة ِ وَأَثْبَتَّ فِيَّ الْجَوَارحَ كَمَا نَعَتَّ فِي كِتَابِكَ نُطْفَة ً ثُمَّ عَلَقَة ً ثُمَّ مُضْغَة ً ثُمَّ عِظَاماً ثُمَّ كَسَوْتَ الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأتَنِي خَلْقَاً آخَرَ كَمَا شِئْتَ، حَتَّى إذَا احْتَجْتُ إلَى رِزْقِكَ، وَلَمْ أَسْتَغْنِ عَنْ غِيَـاثِ فَضْلِكَ جَعَلْتَ لِي قُـوتـاً مِنْ فَضْلِ طَعَام وَشَرَاب أَجْرَيْتَهُ لاِمَتِكَ الَّتِيْ أَسْكَنْتَنِي جَوْفَهَا وَأَوْدَعْتَنِي قَرَارَ رَحِمِهَا، وَلَوْ تَكِلُنِي يَا رَبِّ فِي تِلْكَ الْحَـالاتِ إلَى حَوْلِي، أَوْ تَضْطَرُّنِي إلَى قُوّتي لَكَانَ الْحَوْلُ عَنِّي مُعْتَزِلاً، وَلَكَانَتِ الْقُوَّة ُ مِنِّي بَعِيدَة ً، فَغَذَوْتَنِي بِفَضْلِكَ غِذَاء َ البَرِّ اللَّطِيفِ، تَفْعَلُ ذَلِكَ بِي تَطَوُّلاً عَلَيَّ إلَى غَايَتِي هَذِهِ، لاَ أَعْدَمُ بِرَّكَ وَلاَ يُبْطِئُ بِي حُسْنُ صَنِيعِكَ، وَلاَ تَتَأكَّدُ مَعَ ذَلِكَ ثِقَتِي، فَأَتَفَرَّغَ لِمَا هُوَ أَحْظَى لِيْ عِنْدَكَ، قَدْ مَلَكَ الشَّيْطَانُ عِنَانِي فِي سُوء ِ الظَّنِّ وَضَعْفِ الْيَقِينِ، فَأَنَا أَشْكُو سُوْء َ مُجَاوَرَتِهِ لِي وَطَـاعَة َ نَفْسِي لَـهُ، وَأَسْتَعْصِمُـكَ مِنْ مَلَكَتِهِ، وَأَتَضَـرَّعُ إلَيْكَ فِي أَنْ تُسَهِّلَ إلَى رِزْقِي سَبِيلاً، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ابْتِدَائِكَ بِالنِّعَمِ الْجِسَامِ، وَإلْهَامِكَ الشُّكْرَ عَلَى الإحْسَانِ وَالإِنْعَامِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَسَهِّلْ عَلَيَّ رِزْقِي وَأَنْ تُقَنِّعَنِي بِتَقْدِيرِكَ لِيْ، وَأَنْ تُرْضِيَنِي بِحِصَّتِيْ فِيمَا قَسَمْتَ لِيْ، وَأَنْ تَجْعَـلَ مَـا ذَهَبَ مِنْ جِسْمِيْ وَعُمُرِيْ فِي سَبِيْلِ طَاعَتِكَ إنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. أللَهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مَنْ نَار تَغَلَّظْتَ بِهَا عَلَى مَنْ عَصَاكَ، وَتَوَعَّدْتَ بِهَا مَنْ صَدَفَ عَنْ رِضَاكَ، وَمِنْ نَار نورُهَا ظُلْمَة وَهَيِّنُهَا أَلِيمٌ، وَبَعِيدُهَا قَرِيبٌ، وَمِنْ نَار يَأْكُلُ بَعْضَهَا بَعْضٌ، وَيَصُولُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْض، وَمِنْ نَار تَذَرُ الْعِظَامَ رَمِيماً، وَتَسْقِي أَهْلَهَا حَمِيماً، وَمِنْ نَار لاَ تُبْقِي عَلَى مَنْ تَضَرَّعَ إلَيْهَا، وَلاَ تَرْحَمُ مَنِ اسْتَعْطَفَهَا، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفِيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَهَا وَاسْتَسْلَمَ إلَيْهَا، تَلْقَى سُكَّانَهَا بِأَحَرِّ مَا لَدَيْهَا مِنْ أَلِيْمِ النَّكَالِ وَشَدِيدِ الْوَبَالِ، وَأَعُوذُ بكَ مِنْ عَقَارِبِهَا الْفَاغِرَة ِ أَفْوَاهَهَا، وَحَيّاتِهَا الصَّالِقَة ِ بِأَنْيَابِهَا، وَشَرَابِهَا الَّذِي يُقَطِّعُ أَمْعَاء َ وَأَفْئِدَة َ سُكَّانِهَا، وَيَنْزِعُ قُلُوبَهُمْ، وَأَسْتَهْدِيْكَ لِمَا باعَدَ مِنْهَا وَأَخَّرَ عَنْهَا. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ وَأَجِرْنِي مِنْهَا بِفَضْل رَحْمَتِكَ، وَأَقِلْنِي عَثَرَاتِي بِحُسْنِ إقَالَتِكَ، وَلاَ تَخْذُلْنِي يَا خَيْرَ الْمُجيرِينَ، إنَّكَ تَقِي الْكَرِيهَة َ، وَتُعْطِي الْحَسَنَة َ، وَتَفْعَلُ مَا تُرِيـدُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ.
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، إذَا ذُكِرَ الأبْرَارُ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ صَلاَة ً لاَ يَنْقَطِعُ مَدَدُهَا، وَلاَ يُحْصَى عَدَدُهَا صَلاَة ً تَشْحَنُ الْهَوَاء َ، وَتَمْلاُ الأرْضَ وَالسَّماء َ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْضَى، وَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بَعْدَ الرِّضَا صَلاَة ً لا حَدَّ لَها وَلاَ مُنْتَهَى يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
ثم يسجد سجدة الشكر وينبغي أن يدعو فيها لاخوانه المؤمنين ويدعو بالدعاء : اللَّهُمَّ رَبَّ الفَجْرِ، الذي قد مضى في دعوات سجدة الشكر (تجده في مفاتيح الجنان).
والمرجوّ من إخواني المؤمنين ان يخصّوا بدعواتهم هذا المذنب الذي اسود وجهه من الذنوب فإني شديد الحاجة إلى الدعاء والله الموفق (الشيخ عباس القمي).
alialhasani
/
كلمة لها مغزى
جزء من بيت شعر لحافظ الشيرازي، يقول فيه :
" ليس هناك من حائل بين العاشق والمعشوق.. فأنت الحائل يا حافظ فانهض ".
لا قطع الله رجائي فيه
/
خواطر عن التوبة النصوح وحسن الظن بالله
خاطرة ١
=====
طريق التوبة النصوح هو طريق النجاة من كل البلايا في الدنيا والآخرة.. وفي أثناء تطبيقها فإن الفرج والمدد الإلهي يهطل بغزارة، سواء رأيته أم لم تره، فإنك ستراه قريبا، ولن يحرمك الله تعالى من رؤيته، فقط اترك الخيار له تعالى متى يريك إياه، فطريق التوبة لا بد من مسلكه.. واعلم أنه قد تواجه فيه صعوبات، والله يعلم بتلك الصعوبات، ويرأف بحالك وأنت تعانيها، فيعينك عليها، فاحتملها لأنه لا بد من تخطيها بارك الله تعالى في خطاك.
خاطرة ٢
=====
التوبة النصوح مشروع، حاله كحال أي مشروع آخر، لا بد له من دراسة وتخطيط كي يتم بنجاح ويخرج الإنسان منه بخير الدنيا والآخرة.. فما إن تبدأ هذا المشروع بنية صادقة إلا ونصَّب الله نفسه كفيلا لك، وحرص على سلامتك أشد الحرص في أمورك كلها.. ومن كان الله كفيله وشديد الحرص عليه، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
خاطرة ٣
=====
اجعل كل توبة تتوبها هي توبة نصوح، وأخلص النية لله فيها.
خاطرة ٤
=====
التوبة النصوح هي عقد بينك وبين الله تعالى.. واعلم وتيقَّن أنه حالما توقع على هذا العقد بنية صادقة، فإن التوفيقات الإلهية تبدأ وتهطل عليك بغزارة من حيث تعلم ومن حيث لا تعلم.. فابق عليها حتى النهاية، كي يُتم الله نعمته عليك، فتكون من الناجين والمقربين عند الله تعالى.
خاطرة ٥
=====
هناك نوعين من النجاح وهما : النجاح الحقيقي، والنجاح المزيف.. والفرق هو أن الأول يبدأ بالتوفيق، وينتهي بالسعادة.. أما الثاني فإنه يبدأ بالاستدراج الإلهي -(ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)-، وينتهي بالخسران والحسرة.
كما أن هناك نوعين من السعادة وهما : السعادة الحقيقية، والسعادة المزيفة.. والفرق هو أن الأولى أولها جمعٌ بين اليسر والعسر، وآخرها كله يسر وطمأنينة.. أما الثانية فإن أولها جمع بين اليسر والعسر، وآخرها كله عسر وشقاء.. فمن أراد النجاح والسعادة الحقيقيين، فإن التوبة النصوح هي أول خطوة صحيحة، يتخذها الإنسان في طريق الوصول إليهما.. وأما إذا اتخذ أي إنسان خطوة أخرى، (غير التوبة النصوح)، كخطوة أولى، فقد أخطأ في خياره خطأً فادحاً، وعليه أن يرجع وأن يبدلها بالتوبة النصوح، وإلا فسبيله إلى ما هو مزيف من النجاح والسعادة، فينتهي أمره إلى الخسران العظيم.
خاطرة ٦
=====
ابق على ثقتك بالله، وأحسن الظن به.. فإنه ما منعك من متعة، ليفوتها عليك.. فإن علة المنع، هو الاختبار لا الحرمان.. فإن تجاوزت الاختبار، جاء ك ما تريد وأكثر، ويزيد الله المحسنين.
خاطرة ٧
=====
ابق على خط الله.. فإنك ما دمت دائما على خطه، فإنه يدبر لك أمورا قد تراها وقد لا تراها، للفوز بالدنيا والآخرة.
خاطرة ٨
=====
ابق على إلحاحك في الدعاء لقضاء حاجاتك.. فإن الله لم يوفقك للإلحاح كي يردك خائبا.
خاطرة ٩
=====
الإلحاح بالدعاء سلاح بمقدوره أن يعمل المعجزات.. فإن تعسرت عليك حاجة، لكونها (في علم الله تعالى) أنها ليست لمصلحتك إن قُضِيَت لك، فابق على إلحاحك على الله، متيقناً بأنه يمحو ما يشاء ويثبت، وعندها فإنه - تبارك وتعالى - سيبدل شرها إلى خير، فيقضيها لك برحمته حينها.
خاطرة ١٠
=====
اعبد الله كما هو يريد، لا كما أنت تريد، وأعطته ما يريد يعطيك ما تريد.
خاطرة ١١
=====
تذكر هذه الآية الكريمة باستمرار، فإنها حصن حصين من الذنوب، وفيها علة تهدي إلى الثقة بالله تعالى، لمن يطبقها : (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا).
ربنا!.. تب علينا توبة نصوحاً، وارزقنا حسن الظن بك، والتوكل عليك، والاستعانة بك، واجعلنا عندك من المقربين، برحمتك يا أرحم الرحمين!.
batul
/
آداب التوبة
اعلم أيها العزيز!.. أن التوبة من المعاصي أول طريق الســالكين إلى الله تعـــالى، وهي رأس مال الفائزين، ومفتاح استغاثة المريدين، وأصل نجاة الناجين
وقد وردت الآيات والأخبار الصحاح في فضل ذلك، ويكفي مدحاً لها قول أصدق الصادقين في كتابه الكريم :
{إن الله يحب التوابين}. البقرة / ٢٢٢.. وقول النبي (ص) : التائب من الذنب كمن لا ذنب لـه. الكافي ٢ / ص٤٣٥..
وقد ذكرتْ معان عديدة للتوبة، فمنها :
المعنى الفقهي : وهو ترك المعاصي في الحال، والعزم على الترك في الاستقبال، وتدارك ما يمكن تداركه في المآل.
ومن معانيه : خلع لباس الجفاء، ثم نشر بساط الوفاء.
ومن معانيه : مطلق الندم.
وعلى أي حال، لا إشكال في وجوبه عقلاً وشرعاً بلا تأمل، إذ لو علمت انحصار السعادة الحقيقية الأبدية في لقاء الله تعالى، لعلمت أن المحجوب عنه شقي محترقٌ بنار الفراق في دار البوار، ومن المعلوم أن من أغلظ الحجب : حجاب اتباع الشهوات وارتكاب السيئات، لكونه إعراضاً عن الله تعالى بمتابعة الشيطان والهوى، بل بعبادتهما في الواقع، لما روى من أنه : من أصغى إلى ناطق فقد عبده. الكافي ٦ / ص٤٣٤..
ولعلمت أيضا أن الانصراف عن طريق البعد للوصول إلى مقام القرب واجب، ولا يتم الانصراف إلا بالأمور الثلاثة المذكورة في معنى التوبة، وقد تقرر في محله أن مقدمة الواجب واجبة عقلاً وشرعاً، نظراً إلى الملازمة بينهما، كما أن وجوبه أيضا فوري كما لا يخفى.. فكما أن شارب السم لا بد له من إخراج السم من بدنه فوراً - بقيء ٍ أو بغيره - وإلا سبّب له الهلاك الدائم، فكذلك الأمر في سموم المعاصي، فلو تساهل في التوبة منها، فسيحل عليه الهلاك ويختم له بالشر، وقد كانت عمدة خوف الأنبياء والأولياء من سوء الخاتمة.
فالبدار البدار!.. يا إخوان الحقيقة وخلان الطريقة إلى التوبة الحقيقية، قبل أن تعمل سموم الذنوب في روح الإيمان بما لا ينفع بعده الاحتماء، وينقطع عنه تدابير الأطباء، ويعجز عن التأثير فيه نصح العلماء، وتكونوا من مصاديق قوله تعالى :
{وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}. يس / ٩
ثم اعلم أيها الأخ الأعز!.. أنك لا تخلو من المعصية في جــوارحك من : الغيبــة، والإيـذاء، والبهتـان، وخيـانة البصـر وغيـرها من صنـوف المعاصي، ولـو فـرض خلـوك منها، فإنك لا تخلو عن الرذائل في نفسك والهمّ بهـا، وإن سلِمت منها فلا أقل من الخواطر المتفـرقة المذهلة عن ذكر الله، ولـو سلِمت منها أيضاً فلا أقـل من الغفلة والقصـور في معـرفة الله وصفات جمـاله وجلاله وعجائب صنعه وأفعـاله، ولا ريب في أن كل تلك الأمور، من موجبـات النقص التي ينبغي تداركهـا، ولذلك وجبت التوبة في كل آنٍ من الآنات.. إذ قــال أشرف المخلوقات صلى الله عليه وآله :
إنه ليغان على قلبي، حتى استغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة المستدرك ٥ / ص٣٢٠..
فإذا عرفت معنى التوبة وضرورتها، والتفت إلى أن تركها يعني الإصرار على الذنب، فاعلم أن الله تعالى إنما يقبل التوبة الصحيحة بشروطها، ومنها غسل وسخ القلوب بالدموع، بعد اشتعال نيران الندامة فيها.
وكلما زادت نيران الندم اشتعالا كلما تحقق الأمل بتكفير الذنب، وبذلك تتحقق علامة الصدق في التوبة.. وعليه فلا بد من تبديل حلاوة الشهوات بمرارة الندم، ليكون علامة على تبدل السيئات بالحسنات.. ألم تسمع قصة ذلك النبي من بني إسرائيل الذي سأل الله التوبة لعبدٍ أمضى حياته جاهداً في عبادة ربه، فلم يقبل الله تعالى توبته لأنه كان يجد حلاوة المعصية - التي تاب منها - في قلبه!!.
ومن هنا قالوا أنه لا بد من إذابة اللحم الذي نبت على الحرام، فهو لحمٌ فاسد ومفسد للصحيح.
ولا بد من تعلق قصده بترك كل مُحرّم، وأداء كل واجب في الحال وفي الاستقبال إلى أن يلقى ربه، كما أنه لا بد من تدارك ما قد فاته في سالف أيامه.
إن على التائب أن يستقصي في نفسه عالم ما قبل البلوغ وحين البلوغ وبعد البلوغ، لينظر إلى تصرفاته في أموال الآخرين، سواء كانت بعمد أم خطأ، مكلفاً كان أو غير مكلف.. فإذا كان حقـاً ماليـاً ووجـد صاحبه - ولو كان وارثا - استحل منه، وإلا رد تلك المظلمة حين القدرة والاستطاعة.
ثم ينظر في الطاعــات، فمـا ترك منهـا يلتزم بقضائها وكفارتها.. ثم ينظـر إلى الحقـوق الشرعية كالخمس والزكاة وما في ذمته، فيوصـلها إلى مصارفهـا الشرعية لئـلا يبقى في حياته ما يحتاج إلى تداركٍ وتعويض، فإنه لو مات على تلك الحالة أُبتلى بالعذاب الأليم.
وإلى جميع ما ذكر يشير قول أمير المؤمنين عليه السلام : الاستغفار واقع على ستة معان :
أولها الندم على ما مضى، ثم العزم على ترك العود اليه أبدا، وأن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم، حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة ٌ، وأن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيّعتها فتؤدي حقها، وأن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتُذيبه بالأحزان، حتى تُلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، وأن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول : استغفر الله. البحار ٩٠ - ٢٨٥
ومن المناسب أن تكون الطاعة - في مقام التوبة - من جنس المعصية، فإذا كان عاصياً بسفر محرم فتداركُه إنما يكون بسفر الطاعة ونحو ذلك، مما يطول ذكر أمثلته..
ولا بد أن يحقق في نفسه شيئاً من الحزن والندامة الصادقة، ثم يتوب بالطريقة التي ذكرها السيد بن طاووس في مـا رواه عن النبي (ص) وهي : أن يغتسل ويتوضأ، ثم يصلي أربع ركعات : يقرأ في كل منها {الحمد} مرة و {قل هو الله أحد} ثلاث مرات {والمعوذتين} مرة ثم يسـتغفر سبعين مرة، ثم يختم بكلمة : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ثم يقول سبع مرات :
يا عزيز!.. يا غفار!.. اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
فإن من قام بهذا العمل قُبلت توبته، وغُفرت ذنوبه، ورضي عنه خصماؤه يوم القيامة، ومات على الإيمان وما سلب منه الدِّين، ويُفسح في قبره ويُنوَّر فيه، ويرضى عنه أبواه، ويُغفر لأبويه ولذريته، ويوسَّع في رزقه، ويرفقُ به ملكُ الموت عند موته، ويخرج الروح من جسده بيسر وسهولة.
ومن المناسب - قبل هذا العمل - أن يُقدّم شيئاً من الصدقة ولو كانت قليلة، لأن صدقة السر تُطفئ غضب الرب تعالى.. وأن يذهب إلى مكان خالٍ جالساً على التراب، متذكراً معاصيه واحدة بعد أخرى، مصرحاً بزمانه ومكانه، ملتمساً من ربه المغفرة، معترفاً بالندامة.. وهكذا يحسن التفصيل في الاعتراف بجزئيات الذنوب، ببكاء وحزن.
كما أنه من المناسب أيضا بعد ذلك، قراء ة دعاء التوبة في الصحيفة السجادية وأوله : يا من لا يصفه نعت الواصفين.. الصحيفة ص١٣٨ وكذلك المناجاة الأولى من المناجاة الخمسة عشر.. ثم يقسم على الله تعالى بحق المقربين لديـــه أن يقبل توبتـه، ثم يسأله العـزم على الثبات، وليغلب على ظنـه أن الله تعـالى يقبـل التوبة ويعفـو عن السيئات، فهو يعامل عبده بمقدار حسن ظنـه به، كمـا تدل عليه الروايات.
ولو خالف التوبة وعاد إلى المعصية، فعليه بالتوبة مرة بعد أخرى ولا ينبغي له أن ينتابه اليأس من العودة إلى الذنب، فإنه أرحم من كل رحيم.
واعلم أن للإنسان ثلاث حالات في المعاصي : حالة ٌ قبل المعصية، وحالة ٌ حين المعصية، وحالة ٌ بعد المعصية، ولكل من الحالات أحكام مختلفة.
أما حاله قبل ارتكاب المعصية : فعليه أن يلقّن نفسه أخبار الخوف، لعل ذلك يوجب له الانصراف عن المعصية، فليتصوّر ما لو هدده مولاه بقوله : (إني لا أغفر لك أبداً).
فإن الرب قد جعل للعبد حدوداً من المخالفة يستحق فيها العفو.. فإذا تجاوز العبد حدّه طرده مولاه، وأخرجه من قابلية التوبة والمغـفرة، إذ أن الرحمة - في هذه الحالة - خلاف مقتضى الحكمة، ومن المعلوم أن العبد عند كل معصية، يحتمل أنه - بتلك المعصية - قد تجاوز الحدَّ الموجب للطرد.
وأما حاله حين ارتكاب المعصية : فإنه لا بد أن يشتد عندها خوفُه، لأن مالك الملوك - جلّ شأنه العظيم - حاضر لديه، وناظر إليه، والعبد في محضره يهتك حرمته وهو يعلم أن كل ما في الوجود، جنود مجندة بين يدي مولاه، بل جوارحه التي عصى بها، فإنها طوع إرادته في أن يعاقب بها من يريد.
وليعلم أن العودة إلى التوبة، مما يُحمد عليها في أية مرحلة من مراحل المعصية..
وأما حاله بعد المعصية وغلبة الشهوة : فإنه ينبغي مراجعة أخبار الرجاء، لئلا يُلقي الشيطان في روعه اليأس قائلا : إنك عصيت عن عمدٍ والتفـــات، فما فائدة التوبة بعد ذلك؟..
إن على العبـد - في هذه الحالـة - أن يعلـم أن كل وهـمٍ وخيـالٍ يمنعــانه عن التوبـة والتدارك إنمـا هو من الشيطان.. فلا بد من تذكيــــر نفسه بكرم المولى عـز اسمه، وأن اليأس من رحمته من المعاصي الكبيرة.
فكيف لا يعـود العـبد إليه وهو الراحم لمن لا راحم له، وهـو الذي تسمى بالوهّاب لكثرة جوده، وهو الذي عند حسن ظن عبـده المؤمن.. كـل هـذه الأمـور تدل بوضوح على أن العبد إذا لم يكن متمرداً على المـولى، فإن الرحمـة الواسعة شاملة له، إلا إذا قبُحت الرحمة في حقه.
وقد ورد عن النبي (ص) قبـول توبة من قتل سبعين نبياً ثم تاب إلى الله تعالى.
ثم اعلم أيها الأخ الأعز!.. إن العبد إذا تاب على التفصيل المذكور فإنه سيكون في أول درجات التائبين.. فلا بد له من الوصول إلى حقيقـة التوبة بعد ذلك.
إنّ حقيقة التوبة ليست هذه الألفاظ وإنما لها واقع ودرجات، شأنها شأن جميع الدرجات الأخلاقية، التي لها حقائق لا بد من استيعابها، وهي مما لا يمسه إلا المطهرون.
فهذا آدم (ع) قال : {ربنا ظلمنا أنفسنا}. الأعراف / ٢٣.. وهذا نبي الله أيوب (ع) قال : {رب إني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين}. الأنبياء / ٨٣.. ونحن نكـرر مـا قـالاه، ولكن كم من الفــرق بين الأمرين!!
إن استيعاب حقائق كلامهم (ع) ودقائق إشاراتهم، يفوق ما يدور بيننا من سؤال وجواب، ورسالتنا هذه لا تحتمل تفاصيل هذا الأمر.. اللهم اهدنا فيمن هديت.
فحاصل الكلام من البـدء إلى الختم بتقرير آخر : إن السالك سبيل التقوى يجب عليه مراعاة أمور.
batul
/
الأحزان التي ترد على قلب المؤمن
إن الإنسان قد يكون في أعلى درجات الرفاهية، ولكن قلبه يعتصر حزنا وألما.. حيث أنه ليس هناك أي تلازم بين أن يكون الإنسان في سعة من الرزق، وبين حزن قلبه أو فرحه.. فإذن، لا يعتقدن أحد أن الرفاهية المادية ستشفع له في هذا المجال.. وكما هو متعارف : فإن الفقراء من أصفى الناس باطنا، وبعض التجار المترفين من أشد الناس عذابا!..
إن الحزن ليس حالة واحدة، بل حالات متعددة :
أولا : الحزن المقدس : إن النبي الأكرم (ص) كان من أكثر الناس حزنا، يقول القرآن الكريم : {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}.. كان يحمل حزنا عظيما، ولكن هذا الحزن كان مقدسا ؛ لأنه حزن على الناس وعلى الأمة، فقد كان (ص) عندما يؤذيه قومه، يقول : (اللهم!.. اغفر لقومي ؛ فإنهم لا يعلمون).
فإذن، عندما يرى المؤمن أن حزنه نابع من تقصيره في العبودية : حيث أنه من الصباح إلى المساء لم يوفق لطاعة معتبرة، أو عزم على ترك معصية، وفي ساعة الامتحان وقع في تلك المعصية.. أو لا هذه ولا تلك ؛ أي لم يرتكب معصية، ولكنه يعيش حالة الغفلة والبعد عن الله عز وجل ؛ فإن هذا الحزن مقدس.. لأن ذكر الله - عز وجل - بالنسبة للمؤمن الذي وصل إلى درجة عالية، هو بمثابة الهواء الذي يستنشقه.. فإذن، هذا الحزن مقدس.. وعلى المؤمن أن يدعو ويقول : يا رب، زدني حزنا!.. فهذا الحزن بمثابة المنبه، يجعل المؤمن يتنبه إلى أن هناك شيئا ما، أورثه هذا الحزن.
ثانيا : الحزن غير المقدس.. وهو حزن شيطاني، إذ أن الإنسان يحزّن نفسه دون سبب : هو وضعه جيد، في نعمة ظاهرية وباطنية ؛ ولكنه قلقل من المجهول، ويعيش في خوف من المستقبل.. حيث أن الله - عز وجل - منذ أن خلق آدم (ع) إلى يومنا هذا، ما أعطى ضمانا لأحد أن يعيش إلى آخر عمره على نحو ما هو يريد.. فالحياة فيها تقلبات.. فإذن، إن الحزن الذي منشؤه الدنيا والحرص عليها، غير مقدس.
ثالثا : الحزن الذي لا يعلم سببه.. وهناك حزن لا يعلم هل هو مقدس أو غير مقدس : لا هو من معصية، ولا من غفلة، ولا هو من ابتعاد، ولا من دنيا.. سببه مجهول، فما هو الحل؟.. على الإنسان أن يستقرئ باطنه، ويرى الأسباب التي أورثته هذه الحزن.. ومن الأسباب التي لا نقيم لها وزنا، إدخال الحزن على الآخرين.. إن رأيت حزنا في قلبك، ابحث عن القلوب المحيطة بك، لعلك كنت سببا في شعور إنسان بالألم والأذى ؛ فعجّل رب العالمين لك العقوبة في الدنيا، أن جعل في قلبك هذا الحزن، ليخفف عنك العذاب يوم القيامة.
كان أحدهم مبتلى بمولى قاسي القلب، شوهد جالسا مع كلب يأكل معه.. وعندما سئل عن السبب، قال : لعل بإدخالي السرور على هذا الحيوان، أرجو أن يدخل اللين على قلب المولى فيخلصني من شره.. إذا كان إدخال السرور على كلب نجس العين، يوجب الفرج للمؤمن.. فكيف بإدخال السرور على قلب مؤمن بالله؟.. وكيف إذا كان بقلب تقي؟.. واليكم متن الرواية :
رأى الحسين (ع) غلاماً يؤاكل كلباً، ولمّا سأله، قال : يا ابن رسول الله إنّي مغموم، أطلب سروراً بسروره، لأنّ صاحبي يهودي أريد أفارقه، فأتى الحسين (ع) إلى صاحبه بمأتي دينار ثمناً له، وقال اليهودي : الغلام فداء لخطاك، وهذا البستان له ورددت عليك المال، فقال (ع) : (قد وهبت لك المال)، قال : قبلت المال ووهبته للغلام. فقال الحسين (ع) : (أعتقت الغلام، ووهبته له جميعاً). فقالت امرأته : قد أسلمت ووهبت زوجي مهري. فقال اليهودي : وأنا أيضاً أسلمت وأعطيتها الدار.
ابو زهراء
/
قضاء حاجة المؤمن
بعد أكثر من عشرين سن من تقربي إلى الله تعالى، وسلوك مختلف طرق العرفان، لم أجد عملا يقرب إلى الله، أكثر من قضاء حاجة المؤمن.. فلعل كل العبادات، هي بين المرء وربه, وسترها أفضل من علنها، إلا قضاء حاجة المؤمن الملهوف المنقطع به السبيل.. فإن الوصول إليها ينبغي :
أولا : الاختلاط بالناس، والتودد إليهم، ومراقبتهم.
وثانيا : التمكن من أداء الخدمة للمؤمنين بالكلمة، أو العمل، أو المال، أو الدعاء.
وثالثا : أن يعرف أنه وبتوفيق من الله حصل على هذه النعمة، ألا وهي خدمة المؤمنين. ألا ترون أن العبد الصالح (الخضر) ذكر بعمله لا بتعبده. جعلني الله - وإياكم - من المنتجبين لقضاء حوائج المؤمنين!..
ووجدت أن أسرع الأعمال المحبطة للدرجات، هي كسر خواطر المؤمن.. فإن يفقد المرء ماله، خير من أن يكون السبب في حزن مؤمن معدوم الحيلة. اللهم! اغفر لي وللمؤمنين، ولا تحبط أعمالنا، ولا تدخلنا في مثل هذا الامتحان.
batul
/
rwaia
نشير في البدء إلى النقاط الرئيسية التي ينبغي للسالك مراعاتها في مسيرته التربوية، لتطهير روحه، وتهذيب أخلاقه، وتزكية نفسه من أدران المعاصي وأوساخ الغفلة.
يقول السيد صداقت : نذكر باختصار طريقة السيد الكشميري وسيرته العملية :
- لابدّ للسالك من أُستاذ يرشده.
- وجوب مراقبة النفس.
- وجوب التوسلات والأدعية, وهي الغذاء الدائم والمستمر للسالكين.
- لا يترقّـى مَـن أراد الدنيا والآخرة معاً.
- الذكر والتفكّـر بإرشاد الأُستاذ الحاذق يدفع بالسالك إلى الأمام بنحو أفضل وأسرع.
- لابدّ من المجاهدة, ولا يصل الكسول إلى نتيجة.
- ترك الأطعمة الحيوانية والأغذية اللذيذة لها تأثير أفضل في تهذيب النفس.
- ينبغي الحذر من كل عمل فيه شيء من تسخير الجن وأمثال ذلك.
- يجب نفي الخواطر بالذكر والتفكّـر للحيلولة دون نفوذ الشيطان.
- يظهر تأثير الأذكار طبقاً للروايات بعد المداومة عليها سنة كاملة.
- ضرورة تحصيل العلم من غير إفراط وتفريط, لأنّ الإفراط يجلب الغرور والتفـريط يورث الجهل.
- إحياء الليل بالعبادة والتهجد بالأسحار, وهو أفضل الأوقات.
- تلاوة القرآن وختمه وقراء ة ختومات بعض السور والآيات من لوازم طريق السلوك.
- لا يقبل العرفاء الشخص المتلوّن وأولئك الذين لايتمتعون بحال الحضور, وكذلك الأشخاص غير الموفقين.
- ينبغي الحذر من أدعياء السلوك وكل من أتخذ السلوك حانوتاً
ضي الحسين
/
نقطة في بحر فوائد الصلاة على محمد وآله
قال تعالى : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).. إن للصلاة على محمد وآل محمد فضل عظيم لا يعد ولا يحصى ولست أبالغ إذا قلت أنها جنة وهذا نزر قليل من فضلها :
١) أنها طاعة لله.. وطاعة الله فوز عظيم.
٢) نيل الشفاعة.
٣) دفع البلاء.
٤) غفران الذنوب.
٥) تذهب النفاق.
٦) أنها صفة ملائكية.
٧) قضاء لحوائج الدنيا والآخرة.
٨) صدقة جارية.
أم زينب
/
من خواص بسم الله الرحمن الرحيم
من خواص البسملة : أنه إذا تليت عند النوم إحدى وعشرين مرة، أمن تلك الليلة من الشيطان، ولم يسرق بيته، وحفظ من موت الفجأة.
وإذا تليت في وجه الظالم خمسون مرة، ذل له، وألقى الله في قلبه الهيبة.
وإذا تليت في أذن مصروع إحدى وأربعون مرة، أفاق من ساعته.
وإذا تليت عند طلوع الشمس وأنت مستقبلها ثلاثمئة مرة، ثم تصلى على النبي - صلى الله عليه واله وسلم - مئة مرة، لم يحل الحول إلا أغناك الله، ورزقك من حيث لا تحتسب.
وهناك قصة تدل على عظمة بسم الله الرحمن الرحيم، وهي : أن معلما لصبيان كتب لطفل من أهل مكتبه : بسم الله الرحمن الرحيم.. وكان بين بيت الطفل وبين المكتب نهر عظيم، فقبض الطفل على الرقعة بيمنه، وركب على عباء ته بعد أن فرشها على الماء، وقطع النهر، ولبس العباء ة من ساعته، ولم يصبها الماء.. ولم تزل هذه عادته في كل يوم، فاتفق أن الطفل أضاف المعلم بإذن أبيه، فمشى الطفل بالمعلم حتى قطع النهر على جاري العادة، فالتفت إلى الخلف، فوجد المعلم واقفا على ساحل النهر في الجانب الآخر، فصاح به، فقال له : ألست أنت الكاتب للرقعة، والقائل لي افعل هكذا؟!.. ألم تقل لي أخرج الدواة والقلم، وأكتب لك رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم، وامش على الماء؟!.. فقال : يا ولدي، إذا قبضت على الرقعة بيمني، من أين لي بمثل اعتقادك!.. ومن أين لي الجرأة والإقدام، بإلقاء نفسي في هذا الماء المواج الغزير العظيم العظيم اللجة!.. فراح إلى بيت الطفل على الطريق الدائر البعيد.
ملاك الطـاعة
/
الدعاء آداب وشروط
من شروط استجابة الدعاء :
١ - استحضار عظمة المدعو، وافتقار الداعي :
ويتأتى ذلك من المعرفة الراسخة بالله تعالى, والرؤية العقائدية, والخلفية الفكرية التي يحملها الداعي.. وكلما ازدادت هذه المعرفة، ازداد خشوع الداعي، وخضوعه، وانقطاعه لله تعالى, ويأسه عما سواه.
٢ - أداء الواجبات، واجتناب المحرمات :
بإقامة الفرائض, والحفاظ على الواجبات, وأهمها الصلاة, فإن الصلاة كما ورد في الحديث : (الصلاة عمود الدين، إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها).
من كان في صحراء قاحلة شديدة العواصف والحرارة، فلا سبيل له إلا تثبيت خيمته بإحكام, بتركيز عمودها بقوة، لا تثنيه العواصف.. وخيمة بلا عماد، أو غير مثبتة العمود، ليست بخيمة!.. فهي لا تقي صاحبها من حر، ولا برد.. وكذلك، دين بلا صلاة جامعة لشرائط الصحة والقبول، لا يمكنه حماية صاحبه من وساوس الشيطان, ومغريات الدنيا, وعواصف الذنوب, وشدائد الحياة.. فلا يصمد أمام هذه التحديات, كما لا يصمد عماد الخيمة، المهتز أمام العواصف والرياح!.. فالصلاة هي العماد، التي يدور عليها قبول الأعمال, ومنها سماع الله لدعاء عبده.
وأداء الحقوق الشرعية, ورد الظلامات إلى أصحابها, واجتناب الحرام بكل أنواعه, والابتعاد عن أكل الحرام, كل ذلك من شروط قبول الدعاء واستجابته.
٣ - التوكل على الله :
بالسعي للأخذ بالأسباب, لا التواكل عن العمل، والاتكال على الأماني والأحلام الزائفة!. فالدعاء أداة إثارة للقلق الإنساني المثمر, والدافع نحو العمل, وتحصيل الخير بكل أبعاده المعنوية والمادية.
--------------
الدعاء واستكمال الشروط :
هل يتقبل الله دعاء من لم يستكمل الشروط؟..
قد يعيق الشيطان بوسوسته بعض المقبلين على الخيرات عموما, والدعاء على وجه الخصوص, بأن لا فائدة من عملك ودعائك، ما لم تستكمل شرائط القبول, وآداب الدعاء, فيوسوس له بأن لا داعي لعمل لا قبول فيه.. وعليك أن تتخلص من هذا المانع!.. فيعيقه من الدعاء, ويمنيه بالتسويف, فتنقضي الأيام والسنين، ولم يتقدم خطوة في سبيل تكامله ومستقبله الحقيقي. يقول أمير الؤمنين - عليه السلام -:
بادر هواك إذا هممت بصالح
خوف الغوالب أن تجيء فتغلب
والإعاقة الروحية، أخطر من الإعاقة الجسدية.. لأنها تعقد بالإنسان، وتشده إلى الحضيض, وتحجبه عن الكمالات.. لا خلاف في ضرورة التخلص من الموانع, ولكن لا أن يصبح السعي للتخلص من المانع مانعا!.. علينا أن نتحرك في خطين متوازنين : تخلية من الموانع، وفي الآن ذاته تحلية بالفضائل..
مهم للداعي أن يسعى ما استطاع، لتحصيل شروط الدعاء وآدابه.. ولكن إذا تعذر شرط من الشروط، أو أدب من الآداب، فهذا لا يعني حرمان نفسه من فيوضات الدعاء، وعطاء اته.. لأن الله إذا علم من عبده صدق النية، والإخلاص، أقبل عليه، وأذن له بالدعاء، رغم ذلك.
كما أن بعض هذه الآداب، تمثل درجات معنوية، لا يمكن تحصيلها بين عشية وضحاها.. إذ تتطلب زمنا، من المجاهدة والترويض والضراعة إلى الله, والدعاء جزء من هذه المجاهدة والترويض.
سلام
/
العظمة
من سعادة المرء انشغاله بإصلاح ذاته، وما يتصل بها، من خواطر وخلجات.. ولكن من التعاسة، أن تتحول هذه الأمور، لمادة العظمة، ولامتلاك صفات الظهور!.. و كل ذا، عندما يرى الإنسان نفسه، واجبة الوجود، و قادرة مؤثرة!.. إن من يرى نفسه مظهرا للحق، لا يسعى لإظهار ذاته المعدومة!..
والحقيقة، أن العمل لله، قد يكون عملا لغيره!.. وذلك، عندما يرى العبد نفسه، أنه بعبادة الله، يمتلك ميزات تعظمه في أعين الناس، فيسعى المسكين لتنقية نيته، ظنا منه أنه يتقرب من الله، ولكنه يخلص تحقيقا للعظمة!..
فيا لشديد الأسف!.. أن يصرف الإنسان عمره في مسلك، يظنه الصواب، والحال أنه قعر السجون الحالكة، حيث يعتقد العبد أنه على هدى، و كل مساعيه لغير الله!.
الكربلائي
/
أدوية الذنوب
يروى : إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، مر في بعض شوارع البصرة، فرأى الناس حول شخص، على كرسي، وهو يصف لكل واحد منهم، نوع الدواء الذي يناسبه...
فتقدم (ع) إليه مسلّما وسائلا : أيها الطبيب!.. هل عندك شيء من أدوية الذنوب، فقد أعي الناس دواؤها، يرحمك الله؟.. فأطرق الطبيب برأسه إلى الأرض، ولم يتكلم.. فناداه الإمام (ع) ثانيه وثالثه، فلم يتكلم كذلك..
فرفع الطبيب رأسه، وقال أو تعرف أدوية الذنوب؟..
قال (ع) نعم، فقال : صف، وبالله التوفيق :
فقال (ع): تعمد إلى بستان الإيمان، فتأخذ منه عروق النية، وحب الندامة، وورق التدبر، وبزر الورع، وثمر الفقه، وأغصان اليقين، ولب الإخلاص، وقشور الإجتهاد، وعروق التوكل، وأكمام الأتبار، وسيقان الإنابة، وترياق التواضع.. تأخذ هذه الأدوية، بقلب حاضر، وفهم وافر، بأنامل التصديق، وكف التوفيق، ثم تضعها في قدر الرجاء، ثم توقد عليها بنار الشوق، حتى ترغي زبد الحكمة، ثم تفرغها في صحائف الرضا، وتروح عليها بمراوح الإستغفار.. ينعقد لك من ذلك، شربة جيدة، ثم تشربها في مكان لا يراك فيه أحد إلا الله تعالى، فإن ذلك يزيل عنك الذنوب، حتى لا يبقى عليك ذنب.
نعل الرسول صلى الله عليه وآله
/
ثورة تغيير لصلاتنا!..
ثورة تغيير لصلاتنا، ضرورة أم نافلة؟..
لوطرحنا سؤال : ما هي موقعية الصلاة في الإسلام؟..
لكان الجواب بادياً قبل السؤال، وبعبارة جامعة : فالصلاة عمود الدين.. ولكن السؤال الذي يُطرح : ما هي موقعية الصلاة في نفوس المسلمين والمؤمنين؟..
للأسف الشديد!.. إن الصلاة في نفوس المسلمين والمؤمنين، افتقدت تلك المكانة الكبيرة بالشكل المطلوب.. فلماذا لا نحدث تغيرا في صلواتنا لنقيم لديننا عموداً، لتستقيم حياتنا في شتى الجوانب، حيث يقول أمير المؤمنين عليه السلام : ".. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْء مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلاَتِكَ ".. فمشاكلنا النفسية والاجتماعية، يكون حلها بدء ا من تصحيح علاقتنا بالله - تعالى - ومن أهم طرقها الصلاة.
فالصلاة عمود حياة المؤمن كما هي للدين، وذلك من باب الأهم قبل المهم، ولا شيء أهم من الصلاة، والارتباط بالله - تعالى - على الإطلاق.
وقت الصلاة :
ما حالنا عندما يقول المؤذن : " حي على خير العمل " و " حي على الصلاة "؟.. هل نؤكد فعلاً هذا الكلام من خلال مبادرتنا للصلاة، أم ننشغل : بنوم، أو لهو، أو عمل آخر؟..
وكأن النائم يقول لربه : نومي خير العمل (طبعاً قد يكون معذوراً)، وكأن اللاهي والمنشغل بلهوه يقول : " لهوي خير العمل "، وقد يكون منشغلا بأمر نافع : كقراء ة، أو عمل إسلامي، أو اجتماعي.. ولكن هل هذه الأمور مقدَمة على الصلاة؟..
أما المؤمن الرسالي الذي يعيش هم إرضاء ربه سبحانه، فلا يعيش في وقت الصلاة أكبر من هم أداء الصلاة في أفضل صورها، سواء كانت صلاة الفجر حيث ينشغل الكثير من المؤمنين وللأسف - بنومهم.. أو صلاة الظهرين حيث الانشغال بالدنيا، وما بقى إلا صلاة العشاء ين التي قد تكون فرصة للتعويض عن التقصير فيما مضى من الصلوات.
وسعي المؤمن في الحياة، إن كان لغير الله - تعالى - فقد ضاع سدى.. وإن كان لله - عز وجل - فلا بد من جعله كما يريده سبحانه، لا كما يريد الإنسان.. فعلى المؤمن أن يرتب برنامجه، ويكون محوره الصلاة، وعينه على وقت الصلاة.. لا أن يكون الإنشغال وقت الصلاة بأي أمر آخر، ولو علم أنه بخروجه لمكان أن ذلك يؤثر على وقت الصلاة، أو حتى على صلاة الجماعة، فليكون التأجيل هو الحل.
مواعظ المسيح (ع) في الإنجيل وغيره :
بحقّ أقول لكم : ليس شيء ٌ أبلغ في شرف الآخرة، وأعون على حوادث الدنيا ؛ من الصلاة الدائمة.. وليس شيء ٌ أقرب إلى الرحمن منها، فداوموا عليها، واستكثروا منها، وكلّ عمل صالح يقرّب إلى الله ؛ فالصلاة أقرب إليه وآثر عنده... (فالصلاة أقرب من أي عمل اجتماعي وإسلامي، فعلينا ألا ننشغل بأي شي حتى لو كان في نفسه حسنا).
صلاة الفجر :
المشكلة الكبرى تكمن في هذه الصلاة، التي لم نعطها حقها.. كم تمر علينا الأيام، ونحن لا نكاد نصلي صلاة فجر في وقتها.. كم نحن محرومون من خيرات وبركات هذه الصلاة!..
قد نرى من لا يفوته أي أمر آخر لعذر النوم، بينما الصلاة تفوته بالأيام، وهو لا يكاد يحس بما هو فيه من : الخذلان، والغضب، والإعراض الإلهي.
الحل يكمن في العزيمة الراسخة، لتغير حالنا في صلاة الفجر.. وأما من فقد العزيمة والإرادة، ولم يرد التغيير فلن يتغير.
وطبعاً كل ذلك مع الأخذ بالأسباب : بوضع منبه والنوم مبكرأ، لمن يخشى عدم القيام.. وكذلك النية الصادقة للقيام، فرب العالمين يوفق المؤمن، إن كانت نيته صادقة.
ومن أسباب عدم التوفيق لصلاة الفجر، لا على سبيل الحصر - ولا بد من الإشارة له وهو مراقبة الطعام الذي نتناوله، فربما - والله العالم - من الأسباب التي تعيق القيام لفريضة الفجر وللعبادات عموماً ؛ هو الطعام الحرام.. فمن أراد تحسين وضع صلاته، فعليه بمراقبة طعامه والاحتياط في مأكله أكثر.. فهذا الطعام يدخل ويمتزج مع البدن الذي نريد به استقبال رب العالمين في صلاة أو عبادة، ومن هنا ينشأ الثقل في العبادات.
ولا بد عند فوات صلاة الفجر، أن يعيش المؤمن حالة الندامة، كما فاته أمر مهم من أمور الدنيا.. بل أكثر من ذلك، فأين صلاة الفجر في وقتها، من كنور الدنيا بأسرها؟..
ومن المناسب كما ينصح العلماء، أن يصوم ذلك اليوم عقاباً لنفسه، حتى بدون سحور ؛ ليثبت لربه أنه صادق في نيته.. ولو استمرت هذه الحالة، مع شيء من مغالبة النفس في مسألة الصيام، فسيصبح بتوفيق من الله - تعالى - الاستيقاظ أمراً عادياً.
صلاة الظهرين :
هي وقفة مع رب العالمين في زحمة الحياة اليومية، وعودة إليه بعد غفلة وعصيان النهار.. فلا ينبغي التساهل فيها وتأخيرها، مع الإمكان من إتيانها في وقتها.. ولا ينبغي تضييعها جماعة مع القدرة على إتيانها، ولو استلزم الأمر شيئاً من الصعوبة.
صلاة العشاء ين :
هي صلاة وداع، برجوع أو بدونه، فالنوم هو الموت الأصغر.. والإنسان بعد صلاة العشاء ين، لا وقفة مع رب العالمين في صلاة واجبة، إلا صلاة الفجر وبينهما موت أصغر.
النوافل :
ما هو موقع النوافل في حياة المؤمن؟.. فالبعض قد يمر عليه يوم كامل بساعاته وأوقاته الضائعة هنا وهناك، وهو لم يصلِ لله - تعالى - ركعتين نافلة.. ما أكبره من خسران!..
قال العسكري (ع): علامات المؤمن خمس : صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم.
هل صلينا في يوم من الأيام هذه الصلاة الإحدى وخمسين، التي هي من علامات المؤمن؟.. قد يكون الأمر صعباً، ولكن إليك الحل في ذلك :
يُقال بأن النوافل بالإمكان إتيانها في غير الاستقرار، ودون التوجه للقِبلة : كأن يكون الإنسان ماشياً، أو في السيارة، فيأتي بالنوافل مختصرة : بالاقتصار على الفاتحة، دون السورة، والتسبيحات السريعة وغيرها.. ويأتيها قضاء ً، إن لم يوفق لها في وقتها.
وما المانع عندما يُحرم المؤمن من كل النوافل، أن يأتي بما أمكنه منها.. فما لا يُدرك كله، لا يُترك كله.
ولكن لا ننسى وصية الرسول - صلى الله عليه وآله -: يا أبا ذرّ!.. ركعتان مقتصدتان في تفكّر، خير من قيام ليلة والقلب ساه.
صلاة الليل :
هذه النافلة العظيمة التي يؤكد عليها أهل البيت - عليهم السلام - في أحاديثهم.
قال الرضا (ع): حافظوا على صلاة اللّيل!.. فإنّها حرمة الربّ، تدرّ الرزق وتحسّن الوجه، وتضمن رزق النهار.. وطوّلوا الوقوف في الوتر!.. فإنّه رُوي : أنّ من طوّل الوقوف في الوتر، قلّ وقوفه يوم القيامة.
صلاة الليل وقفة مع رب العالمين، في محضر الله - تعالى - حيث لا أحد سواه وعبده، وقفة بعد سعي المؤمن في نهاره، ليؤكد لربه أنه لم ينساه في انشغاله.
قال الصادق (ع): صلاة اللّيل كفّارة لما اجترح بالنهار.
وما قيل في الأحاديث كافٍ، لتحريك الأنفس الغافلة عن هذه النافلة العظيمة.. ومن لم يقدر على الإحدى عشرة ركعة، فلا يحرم نفسه من ركعتي الشفع، وركعة الوتر أي ما مجموعه ثلاث ركعات، لا تأخذ من الوقت الكثير.
ومن خاف عدم الاستيقاظ للصلاة، فليصليها قبل نومه عند منتصف الليل الشرعي، والذي عادة ما يكون الكثير من الناس مستيقظين في هذا الوقت.
ومن فاتته نافلة الليل، فلا يحرم نفسه من أن يُكتب من قائمي الليل بقضائه النافلة في بقية يومه أي وقت شاء.. وليقضِ الإحدى عشرة ركعة، أو حتى الثلاث ركعات.. أو لا بأس بقضاء ركعة الوتر!..
فالعرض مغرٍّ جداً، والتسهيلات كبيرة جداً.. فلا نحرم أنفسنا ولو الشيء القليل من بركات هذه الصلاة، التي لها دور كبير في تكامل المؤمن.
صلاة الجماعة :
صلاة الجماعة.. ما أعظمها من صلاة!.. جمع من المؤمنين اجتمعوا في بيت من بيوت الله عز وجل، متوجهين إلى الله سبحانه، لا طلباً لمال أو جاه أو دنيا، إنما كلامهم : {إياك نعبد وإياك نستعين}، وطلبهم : {اهدنا الصراط المستقيم}.
وهل يُشك بعد أداء الصلاة في جماعة، أن لا يستجيب الله - تعالى - دعاء المؤمنين، وقد قال رسول الله (ص): إنَّ الله يستحي من عبده إذا صلّى في جماعة، ثمَّ سأله حاجة أن ينصرف حتى يقضيها.
فهؤلاء المؤمنين تحت رحمة الله تعالى، ورحمته تعم الجميع دون استثناء.. فلا نحرم أنفسنا من ذلك.
وصلاة الجماعة مكملة لصلاتنا، إضافة للثواب الهائل الذي تذكره الروايات.. ومن لم يعّود نفسه على الالتزام بصلاة الجماعة في أوقات فراغه، لن يستطيع ذلك عندما تتزاحم الأعمال عليه، بل ربما حتى في فراغه لا يصلي جماعة لعدم اعتياده عليها.. فهذا قمة الخذلان الإلهي الذي جلبه العبد بسوء اختياره.. فليبدأ في التغيير.
والالتزام بصلاة الجماعة مع الإمكان دليل ارتباط العبد الوثيق بالصلاة التي هي قمة اللقاء بالله سبحانه، وما المانع أن يسعى المؤمن للإلتزام بصلاة الجماعة في الفرائض الخمس ما أمكنه ذلك.. وبالنية والعزيمة الصادقة يٌوفق لذلك.
صلاة الجمعة :
في يوم الجمعة يتوجه المسلمون في كل بقاع العالم إلى أداء هذه الصلاة، حتى لربما منهم من لا يصلي إلا في هذا اليوم.. فالمتخلف عن صلاة الجمعة، متخلف عن ركب المسلمين في هذا المجال.. فكيف بالمؤمن؟ وكيف بالمنتظِر لإمام زمانه؟.. فيوم الجمعة هو اليوم المتوقع فيه ظهوره كما في الزيارة.
لا أعلم كيف المؤمن في هذا اليوم، لا يسعى لصلاة الجمعة ما أمكنه، حيث تأمرنا الآية القرآنية بذلك.. وإن لم يوفق فصلاة الجماعة.
كيف المؤمن في هذه الساعة المباركة، لا يكون في بيت الله - تعالى - متوجهاً إليه في هذا اليوم الذي هو عيد من أعياد المسلمين؟.. كيف يحتمل أن يصلي في بيته تاركاً الجماعة والجمعة؟.. وهو ربما نادى إمامه في صباح الجمعة بدعاء الندبة، وما فيه من مضامين وتوجه لصاحب الزمان.. وصاحب الزمان - عليه السلام - يحتاج أنصاراً قولاً وعملاً.. لا مجرد عواطف ومشاعر خالية من العمل.
وما أعظم هذا الحديث، الذي يعطينا الأمل في يوم الجمعة، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربعة يستأنفون العمل : المريض إذا بريء، والمشرك إذا أسلم، والحاج إذا فرغ، والمنصرف من الجمعة إيماناً واحتساباً.
اي يرجع وقد غُفر له ذنوبه، ويستأنف العمل من جديد.. فصلاة الجمعة إعادة لبرمجة الأسبوع، فلا ينغي تفويت هذه الفرصة.
فقه الصلاة :
لا يمكن أن تكون الصلاة مقربة لله - تعالى - إلا إذا كانت شروطها الفقهية صحيحة، فمن لا يعلم الجهر والإخفات في الصلاة، ومن لا يعلم المساجد السبعة، وغيرها الكثير من أحكام الصلاة الأساسية.. هذا بعيد كل البعد عن أداء الصلاة في مستوى يرضاه الله سبحانه وتعالى.
فالخطوة الأولى لمن يريد تغيير صلاته، أن يراجع ولو إجمالاً في باب الصلاة في الرسائل العملية.. ويراجع باب الطهارة، الذي ربما اكتشف الكثير بعد حين من أدائهم الصلاة، أن وضوء هم باطل بالشكل الذي يتطلب إعادة الصلاة.
لنكن كذلك :
وفي هذا الزمان ما أحوجنا للتمسك بالصلاة، حيث أنها أول مشروع للحكومة الإلهية : {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاة َ..}.. سورة الحج
لنكن علويين حيث أمير المؤمنين - عليه السلام - الذي يفضل الجلوس في المسجد على الجلوس في الجنة.
ولنكن حسينيين حيث الإمام الحسين - عليه السلام - الذي لم يترك صلاة الجماعة، وهو في يوم عاشوراء والسهام تتجه نحوه.
ولنكن كاظميين حيث الإمام الكاظم - عليه السلام وصلواته - في السجن.
ولنكن من أنصار إمام زماننا، فنبدأ بتغيير صلاتنا والاهتمام بها أكثر، ونرضي إمامنا الحجة عجل الله فرجه، ونرضي أهل البيت - عليهم السلام - وقبلهم الرسول - صلى الله عليه وآله -.. وقبلهم رب العالمين عز شأنه!..
ام مهدي
/
سر الدعاء
لماذا يحظى الدعاء في الدين بدرجة وقيمة كبيرة؟.. بحيث عد أفضل العبادات، وسلاحاً للمؤمن، وعموداً للدين، ومفتاح الرحمة، وسلاح الأنبياء....... الخ.
إذا دققنا في هذه التحفة الربانية، نجدها أهلاً لهذه الأمور كلها.. فللدعاء آثار تربوية منها :
١) إيجاد نور الأمل في قلوب الناس، فالمريض يتحسن إذا كان قد ملأ قلبه بنور الأمل والمعنويات العالية.. أما العسكر الذي يفقد الأمل، ولا يتحلى بمعنويات عالية ؛ فإنه يخسر المعركة، ولو كان قد عدت له العدة، وجهز بأكثر الأسلحة تطوراَ.
٢) إيجاد نور التقوى في الإنسان، الذي هو السبب في تقرب العبد لربه.. الدعاء يحيي هذه الجوهرة الثمينة في القلوب، فإذا دعا المؤمن ربه بأسمائه الحسنى، وصفات جماله وجلاله ؛ فإن ذكر هذه الصفات سيترك أثراً يسوق العبد نحو خالقه، بشكل يشعر العبد بأنه إذا أراد الإستجابة تاب وأناب إلى الله تعالى.
٣) الدعاء يدعو الإنسان إلى التوبة، والتوبة تدعو الإنسان لإعادة النظر في حياته.
٤) تقوية نور المعرفة، بالتوجه إلى الله - تعالى - حيث يبدأ العبد في التفكير : بأن الله قادر وعالم، لما خفي عنا، ولما ظهر.. ومحيط بجميع الأسرار، وسوف يرفع من مستوى معرفة العبد، وبخاصة الأدعية المقرؤة من الصحيفة السجادية.. أو المناجاة الشعبانية، أو دعاء الصباح، ودعاء كميل، ودعاء الندبة ؛ فهي تضم أرقى الدروس العرفانية.
صداح آل محمد
/
حب الله
إلهي!.. عشقتك وأنا في عالم الذر، بعد أن عرفت أنك ربي، من تلك اللحظة التي قلت لي ولكل أبناء آدم : {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}.
كيف أنكر وجود من أنعم علي بنعمة الوجود؟..
كيق أجحد ربوبية من شهدت له بأنني المربوب؟..
كيف لا أعبد من تفضل علي بالحياة الكريمة؟..
كيف لا أهوى ولا أعشق من جعلني أتقلب في نعمه ليلا ونهارا؟..
كيف أشرك بك من ليس له فضل في وجودي؟..
كيف أنحني إلى من هو محتاج إليك؟..
كيف أخضع إلى من لايملك ضرا ولا نفعا إلا بك؟..
كيف أتكبر على من بيده ملكوت السوات والأرض؟..
وا خجلتاه من نفسي، إذا تجرأت ولو للحظة واحدة في النظر إلى غيرك!..
أنت المعبود ولا سواك!..
تغذيت حبك، وأنا في صلب أبي..
وشربت كأس اللقاء بك، وأنا في أحضان أمي..
فلا أشعر بأنك بعيد..
بل حاضر معي في كل لحظة ترعاني..
إسمك محفور في قلبي..
وذكرك راسخ في فكري..
أنت معي في يقظتي ونومي..
تحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني وشمالي..
كنت لي أرحم من أمي!..
خلقتي للخلود لا للفناء
دللتني بتسيخرك لي كل ما في الحياة
فكيف لا أهواك؟..
إلهي!.. وعزتك وجلالك، لو قطعت في حبك إربا لما تركتك..
ولو خيرت بين اللقاء بك والبقاء ؛ لاخترت لقاء ك!..
إلهي!.. أعلم بأني لا أستحق لقاء ك
لأني أفنيت عمري في المعاصي
وتجرأت عليك بارتكاب المحارم
وسولت لي نفسي التعدي على حدودك
ورجائي عفوك عني
فلا تعاملني بعدك ؛ لأن فيه هلاكي
إلهي!.. أمرتني أن أعفو عمن ظلمني
ورجائي أن تعفو عني
لأكون مؤهلا للقاء بك
وأنت راضيا عني
لأدخل في مستقر رحمتك
مع أوليائك الذين باعوا أنفسهم من أجل لقاء ك!..
حوراء
/
حسن الخلق
إن حسن الخلق عشرة خصال : قلة الخلاف، وحسن الإنصاف، وترك طلب العثرات، وتحسين ما يبدو من السيئات، والتماس المعذرة، واحتمال الأذى، والرجوع بالملامة على النفس، والتفرد بمعرفة عيوب النفس، وطلاقة الوجه للكبير والصغير، ولطف الكلام لمن هو دونه وفوقه!..
حنين
/
السيرالحثيث
كيف يسير عبدا جاهلا لله؟..
وكيف ينظر العبد لربه إذا نظر لنفسه؟..
فأما الجاهل : فيختار أمورا لا تنفعه.. وأما المعجب : فيسعى لتعظيم نفسه.. ودواء الجهل : الرغبة في رضا الله، والإقتصار على البلغة.. وأما علاج العجب : فمعرفة النفس، واعتقاد عدميتها، فلا يراها شيئا، بل يرى الله هو المتصرف فيها بكل الأحوال.
فهذه العقيدة تجعل الإنسان، يعقل أزمة النفس بمشيئة الله الواحد القهار، والنفس متعددة الحوائج، وكلها عند الرب.
والآن لنتساء ل : لما ينظر الإنسان لذاته؟..
ولمَ هذا العبد يريد لفت انتباه الناس له، إما بعلم أو صلاح، أو بمال وجاه، أو بطلاح؟!..
ولمَ ترى نفسك وجودا، وهي لا يمكن أن تكون إلا بالله..
هناك سبب لكل ما ذكر، وهو أنه يتوجه لغير الله عندما يريد أن يقوم بعمل ما.. ويكون التوجه بالاستعانة به، فعندما ترجو ذاتك لتحقيق أغراضك فقد عبدتها، فأول المعارف أن ترى قصورك فتضطر لله.
وثانيها : أن تعرف حاجتك ؛ فلا ترى الدنيا مبلغ همك فلا تحمل هم قوتك.. ولا تبك على عزيز غاب فيها إلا ما خرج منك عفوا، من غير أن تحدث نفسك بخلاف ما قضى الله.
فعليك الآن أن تقول أنك كذلك، وتعيش على أنك كذلك.. فلا تقول : نفسي لا تطاوعني بل قل : إليك يا دنيا عني، كلما نظرت لما يلمع.
السير الحثيث
/
الكمال
اعلم - أخي السالك لله - أن الكمال إذا طلب لذاته لم يكن، وإذا طلبت حقائقه كان.. حيث أن الصورة التي تريد أن تظهر بها، تحثك على العمل لغير الله.
أما العمل لله، فهو سير في طريق الكمال ؛ لأن العمل لله كمال الإنسان.. ولكن أمامك مدلولين لشيء واحد، وكلا منهما يقود لشيء مختلف.
فاطلب الشيء الذي يريده الله منك، وعليك الآن أن تعاهد الله، أنك لا تقدم على شيء إلا عسى الله أن يجعله تحت وكالته.. غير أن أي تدخل لإبداء رأيك، يصب في مجرى التوجه للنفس لمعرفة التكليف.
فما عليك إلا أن تتجرد من كل نظرياتك وآرائك وأفكارك، وتنسلخ منها وتضطر لله أن يريك الحقائق.
زهراء
/
المعاصي هي حجابنا عن لقاء الغائب
قال آية الله العظمى العارف الشيخ بهجت : " دامت بركاته ":
أين ذهب أولئكَ الأشخاص الذين كانت لهم علاقة مع إمام الزمان (عليه السلام)؟!.. نحن الذين جعلنا أنفُسنا عاجزين، حينما قطعنا علاقتنا مع إمام الزمان (عليه السلام)، وصرنا كالمعاديم الذين لا يملكون شيئاً، فهل كان أولئك أفقرُ منّا؟!..
إذا قلتم : إنّنا لا نستطيع الوصول إلى إمام الزمان (عليه السلام)!.. فجوابكم هو : لماذا لا تلتزمون بإتيان الواجبات والانتهاء عن المحرّمات، وهو يكتفي منّا بذلك، لأنّ (أورع الناس من تورّع عن المحرّمات)، فترك الواجبات وارتكاب المحرّمات ؛ هو الحجاب الذي يمنعنا من لقاء ِ إمام الزمان (عليه السلام).
زهراء
/
خروج أنفس المقرّبين شوقاً إلى الجنّة !..
قال العارف آية الله العظمى الشيخ بهجت " دامت بركاته ":
(لقد وصفَ الله - سُبحانه - في القرآن الجنّة وأهلها وصفاً أخّاذا، بحيث لو أنَّ أحداً مات شوقاً من سماع ذلك لما كان بعيداً، كما وصفت آيات الجحيم بهذا النحو " البليغ " أيضاً، يقولُ القرآن : {ولهم مقامعُ من حديد}، فلو أنَّ انساناً نظر إلى معاصيه فمات على أثرِ ذلك، لما كان بعيداً!..
وطبعاً فلا حديث لنا مع المًنكرين، ولكن بعض المقرّبين قد ماتوا شوقاً إلى اللقاء!.. لأنَّ سماع آيات الرحمة والنعمة، أو آيات العذاب والنقمة ؛ لها أثر تكويني على الإنسانِ الموحِّد، فتخرج نفسه من سماعِ المشوّقات أو المخوفات، ومع ذلك كلّه فإنّنا لا نجد لهذه الآيات أثراً فينا)!..
أقول أنا المُعدمًة : واويلاه!.. واحسرتاه!.. كم نحنُ غافلون وبعيدون؟!!.. فغفلتنا عن هكذا شوق مميت يجب أن نندب أنفسنا قبل الرحيل من هذه الدنيا الدنيّة، ولنتأمّل أكثر!..
زهراء
/
إلام التراخي والتقصير؟!..
قال العارف آية العظمى الشيخ بهجت " دامت بركاته ":
(لا يُراد منّا في الأمور العبادية أن نزيح جبلاً عن محلّه، بل إنّ أصعب العبادات هي صلاة الليل، وهي في الحقيقة " مجرّد " تغيير موعد النوم، لا ترك له من أصل، بل تنام قبلَ نصفِ ساعة من موعدِ نومك، لكي تستيقظ قبل نصف ساعة من موعد استيقاظِك.. فهل تخاف إن استيقظت أن لا تنام مّرة أُخرى وتموت؟!.. " لكنّك " إذا بقيت نائماً، فمن الممكن أن يأتيك الموت وأنت نائم " أيضاً ")!..
زهراء
/
أهميّة المُراقبة وآثارها
قال العارف آية الله العظمى الشيخ بهجت " دامت بركاته ":
(... ولقد رأيتُ أحد الأشخاص من أهلِ المُراقبة، كان يتأذّى عندما يؤخّر صلاة المغرب، ولو بمقدارحلول العتمة.. أو يُحرم التوفيق لوضوء ِ الليل، أوعندما تُهاجمه بعضُ الحيوانات كان يقول : " إنّ هذه الحيوانات تقول لي : لماذا أخّرتَ صلاتك "؟!.. إنّ على الإنسان أن يكونَ مراقباً لأعماله، لكي يرى آثارها ونتائجها الحسنة والسيئة).
زهراء
/
نحن في الصفّ الأول ونريد!..
قال العارف آية الله العظمى الشيخ بهجت " دامت بركاته ":
(إننا نترك العمل أحياناً بالأوامر الشرعية والواضحة والسهلة والتي نعرفها، ثم نذهب مع هذا الى أساتذة المعرفة والأخلاق والتربية، ونطلب منهم ذكراً ثقيلاً، وتكاليف أعلى ممّا ينبغي لنا، " فنحن في الصفّ الأول، ولكنّنا نطلب تكاليف السنة السابعة "!..
وهذا علامة تشير إلى أنّنا لا نريد أن نترقّى ونتقدّم بالأسلوب الصحيح، لنصل إلى الكمالات والدرجات المعنوية.. فيا ليتنا نعلم أنّ صلاح ديننا ودنيانا، هو الالتزام بالأنبياء والأوصياء، والتمسُّك بالقرآن والعترة).
محبة الزهراء
/
في التوجّه إلى عزّ الربوبية وذلّ العبودي
من الآداب القلبية في العبادات، والوظائف الباطنية لسالك طريق الآخرة، التوجّه إلى عزّ الربوبية وذلّ العبودية.. وهذا التوجّه من المنازل المهمّة في السلوك للسالك، بحيث تكون قوّة سلوك كل من السالكين بحسب قوة هذا النظر وبمقدارها.. بل الكمال والنقص لإنسانية الإنسان تابع لهذا الأمر، وكلما كان النظر إلى الإنّية والأنانية ورؤية النفس وحبّها في الإنسان غالبا، كان بعيدا عن كمال الإنسانية ومهجورا من مقام القرب الربوبي.
وأن حجاب رؤية النفس وعبادتها لأضخم الحجب وأظلمها، وخرق هذا الحجاب أصعب من خرق جميع الحجب، وفي نفس الحال مقدمة له.. بل وخرق هذا الحجاب هو مفتاح مفاتيح الغيب والشهادة، وباب أبواب العروج إلى كمال الروحانية.. وما دام الإنسان قاصرا على النظر إلى نفسه وكماله المتوهم وجماله الموهوم ؛ فهو محجوب ومهجور من الجمال المطلق والكمال الصرف.. والخروج من هذا المنزل، هو أول شرط للسلوك إلى الله ؛ بل هو الميزان في حقانية الرياضة وبطلانها.. فكل سالك يسلك بخطوة الأنانية، ورؤية النفس، ويطوي منازل السلوك في حجاب الإنيّة وحب النفس ؛ تكون رياضته باطلة، ولا يكون سلوكه إلى الله بل إلى النفس (أمّ الأصنام صنم نفسك) (مصراع بيت للعارف الرومي مشهور : مادربت هابت نفس شما است) قال تعالى : " {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ}(النساء ١٠٠).
فالهجرة الصورية وصورة الهجرة عبارة عن هجرة البدن " المنزل الصوري " إلى الكعبة أو إلى مشاهد الأولياء، والهجرة المعنوية هي الخروج من بيت النفس ومنزل الدنيا، إلى الله ورسوله.. والهجرة إلى الرسول وإلى الوليّ، أيضاً هجرة إلى الله.. وما دام للسالك تعلّق ما بنفسانيّته وتوجّه منه إلى إنّيّته، فليس هو بمسافر.. وما دامت البقايا من الأنانية على امتداد نظر السالك وجدران مدينة النفس، وإذ أن أعلام حبّ النفس غير مختفية ؛ فهو في حكم الحاضر لا المسافر ولا المهاجر.
وفي مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام): (العبودية جوهرة كنهها الربوبية، فما فقد في العبودية وجد في الربوبية، وما خفي من الربوبية أصيب في العبودية).
فمن سعى بخطوة العبودية ووسم ناصيته بسمة ذلة العبودية ؛ يصل إلى عزّ الربوبية.. والطريق للوصول إلى الحقائق الربوبية هو السير في مدارج العبودية، فما فقد من الإنّيّة والأنانية في عبوديّته ؛ يجده في ظّل الحماية الربوبية حتى يصل إلى مقام يكون الحق تعالى سمعه وبصره ويده ورجله، كما في الحديث الصحيح المشهور عند الفريقين.. فإذا ترك العبد التصرفات من عنده، وسلم حكومة وجوده كلها إلى الحق، وخلّى بين البيت وصاحبه، وفني في عزّ الربوبية ؛ فحينئذ يكون المتصرف في الدار صاحبها.. فتصير تصرفات العبد تصرّفا إلهيا : فيكون بصره بصراً إلهياً ؛ وينظر ببصر الحق.. ويكون سمعه سمعاً إلهياً ؛ فيسمع بسمع الحق.. وكلما اكتملت ربوبية النفس، وكان عزّها منظورا في نظرها ؛ نقص بمقدار من العزّ الربوبي ؛ لأن هذين : أي عزّ العبودية وعز الربوبية متقابلان " الدنيا والآخرة ضرتان " فمن الضروري للسالك أن يتفطّن إلى ذلّه، ويكون ذلّ العبودية وعزّ الربوبية نصب عينيه.
وكلما قوي هذا النظر زادت روحانيته في العبادة، وكانت روح العبادة أقوى، حتى إذا تمكن العبد بنصرة الحق وأوليائه الكُمّل - عليهم السلام - من الوصول إلى حقيقة العبودية وكنهها ؛ فإنه يجد حينئذ لمحة من سرّ العبادة.. وهذان المقامان - أعني مقام عزّ الربوبية الذي هو الحقيقة، ومقام ذلّ العبودية الذي هو رقيقته - مرموزان في جميع العبادات، وبالأخص في الصلاة التي لها مقام الجامعية.. ومنزلتها بين العبادات منزلة الإنسان الكامل، ومنزلة الإسم الأعظم بل هي عينه.. وللقنوت من الأعمال المستحبة، وللسجدة من الأعمال الواجبة ؛ اختصاص بهذه الخصوصية، وسنشير إليها فيما يأتي إن شاء الله.
وليعلم أن العبودية المطلقة من أعلى مراتب الكمال، وأرفع مراتب الكمال، وأرفع مقامات الإنسانية.. وليس لأحد فيها نصيب سوى الأكمل من خلق الله محمد - صلى الله عليه وآله - وأولياء الله الكمّل، فله - صلى الله عليه وآله - هذا المقام بالأصالة، وللأولياء الكمّل بالتبعية.. وأما بقية العباد، فهم في طريق العبادة عُرج، وعبادتهم وعبوديّتهم معلّلة ولا ينال المعراج الحقيقي المطلق ؛ إلاَّ بقدم العبودية.. ولهذا قال الله سبحانه : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (الإسراء ١) فقد أسرى الله - سبحانه - بتلك الذات المقدسة إلى معراج القرب والوصول بقدم العبودية والجذبة الربوبية.
وفي التشهد الصلاتي، هو رجوع من الفناء المطلق الذي حصل للمصلّي في السجدة، التوجّه إلى العبودية أيضاً قبل التوجه بالرسالة.. ويمكن أن يكون إشارة إلى مقام الرسالة، هو أيضا نتيجة لجوهرة العبودية.. ولهذا المطلب ذيل طويل، خارج عن نطاق هذه الأوراق.
(من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني)
يا صاحب الزمان
/
استعدوا فصل الجفاف قادم وإليكم التعليمات
استعدوا.. ففصل الجفاف قادم.. وإليكم التعليمات..
بعد انتهاء موسم محرم وصفر، يعيش المؤمن حالة من الوحشة والحنين لأيام العزاء، وذكر أهل البيت عليهم السلام.. فهذه المواسم من المحطات الولائية، التي يتم فيها ببركة أهل البيت (ع) إحياء القلوب، وإعادة هيكلة الإنسان روحياً.
ويبدأ لدى المؤمن فصل الجفاف الروحي، الذي لا يوجد فيه من المحطات العبادية والدعائية والولائية إلا القليل جداً.
وكلنا يعلم أن من أهم الشهور والمواسم الذي يشتاق إليها المؤمن، شهر رجب وشعبان وشهر رمضان ؛ فهي مواسم العبادة والدعاء..
فما أصعب هذا الموسم، وهذا الفصل الذي يمتد من شهر ربيع الأول إلى ما قبل رجب..
والإنسان المؤمن في هذه الفترة، يصيغ برنامجا يسير عليه ؛ لكي يخفف عنه هذه الوحشة وهذا الجفاف، ويحصن نفسه من مغريات الحرام في هذه الأيام، ويستفيد من أيام حياته كما يريد الحق المتعال، ولا يقضي أيامه متخبطاً لا يدري ماذا يفعل.. فالسالك إلى الله - عز وجل - لا يكتفي بالمواسم العبادية، ليصل إلى ما يريده ؛ لأنه في الحقيقة ما يحصل من حالات الاقبال في تلك المواسم، هو ببركة ذلك الموسم، وما أن ينقضي حتى تنقضي معه الحالات المتميزة، ويعود إلى ما كان عليه من الذنوب والآثام والغفلات.
برمجة الحياة في هذه الفترة العصيبة على المؤمن مهم جدا، ً يحتاج إلى صياغة نفسه واستغلال أيام حياته فيما يرضي الله عز وجل ؛ مراعياً في ذلك الجانب الديني والدنيوي، أي لا نهمل الدور الذي من أجله خلقنا وهو العبادة، ولا ننسى نصيبنا من الدنيا كما أمرنا الباري جل ذكره ؛ لكي لا يأتي إلى آخر عمره ولا يرى أنه استفاد من هذا العمر لا للدنيا ولا للآخرة.. أي خسر الدنيا والآخرة، وأي خسران أعظم من هذا الخسران، وأي حسرة هذه!.. وذلك كما ينقل عن البعض الذي مات ويده في فمه من شدة الندم على ما فرط في حياته وأيام عمره، هذه حسرة الدنيا.. فكيف بحسرة يوم الآخرة الذي من أسمائه يوم الحسرة.
ومن الأمور التي ينصح بها لبرمجة الحياة :
- استغلال ليالي وأيام الجمعة :
إن ليلة الجمعة ليلة عظيمة، تتنزل فيها الرحمة على العباد، فالمؤمن يتخذها محطة للذكر بعد الغفلة، ومحطة للتوبة والإنابة لله - عز وجل - من خلال دعاء كميل، ومن خلال المحطات الأخرى : كصلاة الليل، وصلاة الجمعة.. وبعد ذلك يعيد صياغة برنامج أسبوعه القادم ليكون أسبوعاً مميزا.. فليس من العدل أن تكون أيام الاسبوع كلها لمعاش الدنيا، ولا نخصص هذه الليلة العظيمة، لكسب الدرجات العليا في الآخرة.
- النية الخالصة لله في كل صباح :
" هل تعلم أنك تكسب الدرجات الخالدة، في النعيم الذي لم يمر على قلب بشر، وذلك بمجرد النية التي لا تكلفك سوى عزما قلبيا.. وتطبيقا لذلك، حاول أن تنوي في كل صباح : أن كل ما تقوم به - حتى أكلك وشربك ونومك - إنما هو لأجل التقوى على طاعة الله تعالى.. أليست هذه صفقة لا تقدر بثمن؟!.." (العبارة منقولة)
وكذلك على المؤمن العزم على ترك الذنب في صباح كل يوم، والله - سبحانه - إذا رأى صدق العبد أعانه على ذلك.
- تخصيص وقت للدعاء والمناجاة والذكر :
خصوصا في جوف الليل، ولو بالاكتفاء بصلاة الشفع والوتر (ما مجموعه ثلاث ركعات) قبل النوم، والاكتفاء بقراء ة الحمد.. ولو استطاع ضمها قبل صلاة الصبح، وإذا فاتته يقضيها في أي وقت من النهار ؛ فهي ثلاث ركعات ليكتب من أهل الليل ومن مصلين الليل.
- محاسبة النفس كل يوم :
محاسبة النفس كل يوم، هل فعلت ما خططت له؟.. هل ارتكبت ذنبا؟.. هل عملت معروفا؟.. وبعد ذلك شكر الله على نعمة التوفيق للعبادة، والاستغفار من الذنوب، هكذا كل يوم إلى أن يصل إلى أن تكون الطاعة فيه كالملكة.
- السعي في معاش الدنيا :
لا ننسى أن للدنيا نصيبا في حياتنا.. يجب السعي للعمل والدراسة وغيرها، فالمؤمن عابد في الليل، ومكافح في النهار.
وختاماً أقول :
إن نسيتم كلامي كله، فاذكروا هذه النقطة : لا تنسوا أن تنووا قبل كل عمل تقومون به، القربة إلى الله تعالى، حتى في الأكل والشرب والعمل.. فما تكلفنا النية إلا خاطرة ولا تحتاج إلى التلفظ.. لتتحول حياتنا إلى جهاد في سبيل الله عز وجل.
السير الحثيث
/
وعدت من جديد
لقد نمت طول عمري، ولم أستيقظ إلا للحظات أعود بعدها للنوم العميق!..
وها أنا أحاول أن أعود ليقظتي، وألتفت لربي.
ما أحلى اللحظات التي يناجي العبد ربه، ويتخلص فيها من أكدار الحياة، إن حب الله نية فقط.
ولكن ماذا تعني نية لا شك أنها تجمع بين الرغبة في شيء ما وحصول هذا الشيء، كما تجمع بين المعرفة بقيمته، ووضوح الفكرة، وتجمع بين العمل والوصول للمطلوب.
لذلك علينا أن نفرغ ذهننا دائما من مخلفات الحياة، كما تصنع مع جهاز الكمبيوتر ؛ تجنبا لبطئه أو حتى شلله.. وهذا ما يحصل لك عندما تنشغل بأفكار لا تهمك ولا تنفعك.
تصور أن ذهنك منشد لذا وذاك، كيف له أن يسير بعد ذلك القيد؟.. فعليك أن لا تغفل عن تطهير سرك من ذكر غير الله.. فالنية لا تنعقد بدون عاقد، وهو التفكر وفهم المراد من عمل ما.. وبعد النية، إنس كونك تسير بوجودك نحو الله، واقتصر على متابعة السير.
هل شاهدت في الكرتون كيف يسير الشخص فيه، فيلتفت لنفسه يمشي على الهواء ؛ فيقع!..
كلنا نسير بقدرة الله، وعلينا أن نعي ذلك لنحس بالأمان.
أهم ما في الأمر، أن تعرف عجزك.. وهذه قمة المعرفة.
السير الحثيث
/
الحب الإلهي
إلهي!.. هب لي كمال الانقطاع إليـــــــــــك.
إن هذه الكلمات أعيت السالكين، خلا محمدا.. ولكنها لم تغلق بابها، ولم تحرمهم ألطافها، فلا تيأس منها ؛ لأن الذي يسير مهاجرا إلى الله، فأجره وقع على الله.
كثير من الأقلام ترجمتها، وقليل من العقول وعتها، وأنا أقلكم نصيبا منها، فالتمس العذر منكم في ما يلتبس علي عندما أطل عليكم بها.
إني على إصراري في كثير من الأحيان على الدنيا وتهالكي عليها، وجزعي على قليل البلاء، لمشتاق لأن أرى جمال الله ؛ فلا يحجبني عنه أحد، ولا يشغلني شاغل عن ذكره.
ولكن ما يجدي الوله قلبا كاذبا، أوَ ليس الله حبيب قلوب الصادقين ؛ فياللعجب أن ينتابني العجب بنفسي، حتى عندما أراها قد اختارت الباري ؛ كأن باختيارها أتت بشيء.
ثم ها أنا إذ أتطلع إلى ما فطنت من عجبي بعد اللتيا واللتي، وبعد أن ألهمني الله ذلك، تحننا منه وفضلا ؛ ثم إذا بالعجب ثانية.. فإلى متى يا نفس وإلى متى، لن أقوم بتزكية نفسي بعد الآن؟.. فلقد بلغت منزلة الآيسين من خيري، والدعاء في ذهنك استحضره، وأبكي أسفا إن خفت مما جنيت، وأسلفت وسولت لنفسك ؛ ولكن لن أتفرج على نفسي تهلك، كيف ومحمد مد يده لينتشلني من عذابي، بعد أن اعترفت بعجزي عن بلوغ مرضاته، فقلت عارفة : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فألهمني الله بسم الله الرحمن الرحيم.
وعلى أية حال سأكتب بعض الكلمات لأنتفع بها، وينتفع بها الآخرون، أو ينتقدها فيزدوني علما ويثروني معرفة.
وسأبدأ بشهادة أن لا إله إلا الله، إذ لا يقبل العمل إلا بها، والشرك أخفى من كل خفي، والشرك أن تنظر لغير الله وتحسب حسابا له.
ثم شهادة أن محمدا رسول الله، شهادة من يبعث ببعثة محمد، ويهتدي بهديه.
ويسير بخطه مستشعرا في كل حياته شذا عطره، صلوات الله عليه وعلى آله.
إن حضور محمد في قلبك دليل على وجود الله عندك، فحيثما وجد محمد وجد الله.
إننا نلاحظ في كل أدعية المعصومين - عليهم السلام - صيغة الطلب، فلا حالة عرفانية إلا وطلبوها من الله، وأنا الغافل عن الله أحاول العروج لله بدون أن ألتفت بعين البصيرة إلى محمد، وحتى دعاء التوسل أقرأه لأسقط التكليف إن صح التعبير.
فحق لك أيها السالك لله أن تتعظ بقولي :
عندما تهم بالصلاة، لا تقل : سأفعل، وسأتوجه لله، وسأناديه.. بل لا ترى لنفسك قدرة أو حتى معرفة بالكيفية التي ينبغي عليها، واتكل على الله بنفي كل حول تسلك به إليه خلا ما كان به ؛ أي بمحمد وآل محمد، إذ هم اسم الله في باسم الله الرحمن الرحيم.
والتوكل والإستعانة سرههما في الحوقلة والبسملة.. وهو ذكر ذكر له المعصومون من الفضل ما قرأتم وعرفتم، وخصوا الفجر لأنه انتقال من ظلمة الليل إلى وضح النهار، وفيه تقدر الأقدار، وكذا بالنسبة للمغرب فهو ختام رحلة النهار.
واعلم أن الله ما استودع خيرا قط إلا في فاطمة، فهي مستودع الأسرار، وإن غفلت مقام فاطمة ؛ فقد خسرت خسرانا مبينا.
وهذا يعني أنك عندما تتوجه لله، فاعلم بأن فاطمة سر توجهك، وقنوتك فسلمها قيادك واغنم.
هنا تنقطع لله لما تركت حولك وقوتك في كل الأعمال، وأخذت بحول الله، كما أراد الله، بمحمد وآله الميامين.. وتنقطع لله ثانيا من كل توجه لغيره.
السير الحثيث
/
الوصول لمرضاة الله هو الغاية
عندما تختار الهدف، سيكون كل شيء يوصل إليه حلوا، و لن يصعب عليك الصعيب.. شريطة أن تحب هدفك وتؤمن به، فهل أنت مؤمن بأهلية محبوبك؟..
إذن، سترى أثر الإيمان في اختيارك للأمور، ولن تعرض عن مناك أبدا، ولن تسهو عنه.. إذ يقول القرآن الناطق : من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك، فرام عنك بدلا؟..
ولكن متى تتذوق هذه الحلاوة؟.. إنه سؤال لست المجيب عليه، إذ يقصر إدراكي عنه، ولكن أجمع أفكاري المضطربة، لأقول : إن الله لايدخل قلبا فيه غيره، فطهر قلبك من النظر لغير الله، تأنس بحلاوة محبته.. واجهد ألا يكون التلذذ أحد أهدافك - وهو هديتك من الله - مخافة أن يشغلك أنسك بالله، عن التوجه لمرضاته، أو يأسرك العجب بما تجده فيك، عن مواصلة النظر لجمال المعشوق.
نسيم السحر
/
علاقة الجمال الظاهر بالباطن
الجمال الظاهر هو الخطوة الأولى للوصول إلى الجمال الباطن، فالإنسان يبدأ بالمحسوس، ليرتقي إلى المجرد، ويقول ابن الدباغ : " قد تضيق العبارة عن وصف لذة محسوسة، إذا قصدنا تفهيمها لمن ليست له حاسة إدراكها.. فلو سألنا من لم يخلق فيه حس الذوق قط عن طعم الحلاوة واللذة بها، لن يمكننا أن نُفْهِمَهُ تلك اللذة أصلاً، ولا أن نعبر له عن كيفية حقيقتها ؛ لأن العلم بالأشياء إنما يحصل لنا أولاً عن طريق الحواس، فمن فقدها لم يتوصّل إلى علم أصلاً ".
فابن الدباغ يرى أن الجمال الظاهر، هو الوسيلة إلى تحريض ذلك الجمال الكامن فينا بالقوة، ليخرجه إلى الفعل، فتبتهج النفس له وتنفعل به.. يقول : " وإننا نجد كل ذي حس من الناس تتأثر نفسه بمشاهدة الجمال الظاهر، ونعلم أن ذلك فيهم غريزي.. فاعلم أن الجمال الظاهر تتوصل إلى إدراكه الحواس، والجمال العقلي لا يُتَوَصَّلُ إليه إلا بصفاء العقل الإلهي، وهذا لا يوجد لكل الناس ؛ فلذلك لا يعقله ولا يدركه إلا القليل.. ومن وصل إليه، يجد فيه من اللذة ما لا يجده مدرك الجمال الظاهر ".
فالإنسان العاقل يستطيع توظيف إدراك الجمال الظاهر، للوصول إلى الجمال الباطن وإدراكه.. وذلك يكون عن طريق إدراك النفس للجمال والهيام به ليرتقي بها، فتنفعل به، لأنه يشكل لها لذة في إدراكه.. فهو أثر من آثار العالم الأعلى الذي تحنّ النفس إليه من الأزل.
" فالجمال الظاهر دليل على الباطن، والجزئي دليل على الكلي، والمقيد دليل على المطلق، وكلها تشير إلى الجمال الإلهي ".
من كتاب الجمال والكمال في كتاب مشارق أنوار القلوب ومفاتح أسرار الغيوب (ابن الدبّاغ)
بنت علي ع
/
فكر!.. واغتنم الفرصة!..
من كان يريد صاحباً، فالله يكفيه!..
ومن كان يريد مؤنساً، فالقرآن يكفيه!..
ومن كان يريد غنى ً، فالقناعة تكفيه!..
ومن كان يريد واعظاً، فالموت يكفيه!..
ومن لم تكفه هذه الأربعة، فلا خير فيه.. فالنار تكفيه!..
لا قطع الله رجائي فيه
/
طرق ابليس الستة للدخول الى قلبك فاحذر
لإبليس اللعين ستة طرق للدخول إلى قلبك، الذي يجب أن يكون معلقا بالله فقط، فيجب عليك معرفتها لكي تأخذ الحذر وتحكم على نفسك، أين وصل إبليس من تمكنه منك؟.. وإذا وجدت نفسك في مراتب عالية، فإنك بذلك عدو إبليس اللدود.. أعانك الله!..
الطريقة الأولى : يقول لك : أكفر!.. فلو فعلتها، ارتاح باله، ولم يحمل لك هما.
الطريقة الثانية : فإذا سلمت من الأولى، فإنه يزين لك بدعة من عمل أو قول، فتظن أنك على حق، وتنسى أن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الطريقة الثالثة : فإذا سلمت من الأولى والثانية، انتقل إلى الثالثة، وهي عمل كبيرة من الكبائر، حتى يجعلك تذنب.. و لكن مع التوبة والإستغفار، يغفر لك الله، كما قال أهل العلم : لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الإستغفار.
الطريقة الرابعة : فإذا سلمت من الطرق السابقة، جاء لك بصغيرة تكون معك كل الوقت ومعظمه، حتى تنقص من حسناتك، وعلو درجاتك في الجنة مع الصديقين والشهداء.. وإن شاء الله بالتوبة تُغفر تلك الصغائر.
الطريقة الخامسة : فإذا تبت من كل ذلك، فأنت تعتبر الآن في المراتب العالية عند إبليس. فيأتي لك بطريقة خامسة، وهي أن يشغلك بالأقل أجراً من الأعلى.. فيجعل همك - مثلاً - على إماطة الأذى، وبالرغم من أنها من الإيمان، إلا أنها ليست الأعلى أجراً وهكذا.
الطريقة السادسة والأخيرة : فإذا سلمت من كل ذلك، استخدم أصعب وأقوى أساليبه التي لم يسلم منها الأنبياء - عليهم الصلاة السلام - وهي تسليط الأهل والأقربون، ومن حولك من الناس لشتمك وإهانتك وإيذائك.
فهل عرفـت مرتبتـك عند إبليـس اللعيـن؟..
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
ملتمس النور
/
ملتمس النور
مقاومة الكسل الروحي.. تجارب ونصائح
تقول (ف): كنت أشعر بعدم الإلتذاذ بصلاتي، وكنت - لهذا السبب - أؤخّرها أحياناً، بل وكنت أشعر بضعف الارتباط بالله - سبحانه وتعالى - بشكل عام، ولم أكن في البداية أعتبر ذلك مشكلة.
وبينما كنت أتحادث مع إحدى الأخوات المؤمنات ذات يوم، حتى انتهى الحديث إلى ما أنا فيه فصارحتها بالأمر، فقالت : لقد كنت أعاني ما تعانين، وإليك تجربتي :
لقد قرأت حديثاً شريفاً يقول : (أحيِ قلبك بالموعظة).. فرحت أستزيد من المواعظ، ورأيت أنّ في كلّ موعظة منشّطاً روحياً.
وقرأت حديثاً يقول : (خير الأعمال ما داوم عليه العبد، وإن قلّ).. فعرفت أنّ المداومة والاستمرار على قليل العبادة، أفضل من الاستغراق فيها لفترة قصيرة ثمّ تركها.
وقرأت أيضاً : (للقلوب إقبال وإدبار : فإنْ أقبلت، فاحملوها على النوافل.. وإن أدبرت، فاقتصروا بها على الفرائض).. فاتّخذت قراراً أن لا أثقل على قلبي، وأن لا أتركه على هواه.. فإن رأيت شهيته مفتوحة للعبادة، استزدت بأن أقرأ القرآن إلى جانب الصلاة، وإن رأيته على غير ذلك اكتفيت بالصلاة.
وقد رأيت أنّ التفكّر بنعم الله وما أراده منِّي وما أريده لنفسي كمسلمة، يشعل جذوة حبّ الله في نفسي.
وكان لاطّلاعي على قصص وسير القدوات الصالحة : كالأنبياء، والرسل، والمؤمنين والمؤمنات، ومواقفهم وعباداتهم، وعلاقتهم بالله وبالناس وبالحياة.. أبلغ الأثر في طرد الكسل الروحي، الذي كنت أعاني منه.
وهنا قالت (ف) لصديقتها : وأحبّ أن أضيف إلى ما قلتِ شيئاً آخر وهو : أنّ اللقاء بالأخوات المؤمنات أمثالك، عامل آخر من عوامل التنشيط الروحي.
البلاغ
كوثر أحمد
/
* من فوائد صلاة الليل *
فوائدها كثيرة منها :
١ - روي عن الإمام الصادق عليه السلام : عليكم بصلاة الليل ؛ فإنها سنة نبيكم، ودأب الصالحين من قبلكم، ومطردة الداء عن أجسادكم.
٢ - زيادة الرزق.. روي أن رجلا جاء الإمام الصادق - عليه السلام - فشكا إليه الحاجة فقال : (ياهذا، أتصلي الليل)؟.. قال الرجل : نعم. فقال : (كذب من زعم أنه يصلي الليل، ويجوع بالنهار).
٣ - بياض الوجه، وطيب للرائحة.
٤ - ممحاة للذنوب، وذهاب الهم وجلاء البصر.
٥ - قبول التوبة، وزينة الآخرة.
٦ - صحة البدن، ونور البيت وبركة.
٧ - طول العمر والأمان من عذاب القبر.
الدليل إلى طريق الجليل
/
كيف تنظر إلى ربك بقلبك (سر الخشوع)
اكتب هذه الكلمات، راجيا من الله العلي العظيم أن يوفقنا لخدمة الدين، وتأييد السالكين، وأجابة دعوة المضطرين في الطريق إلى ديان الدين رب العالمين.. والوصول إلى النور المبين، وعين اليقين، والصراط المستقيم، كنز العارفين، وغياث المستغيثين ؛ محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
لتناغم الإشارات، وانهمال العبرات بين يدي موجد الموجودات، وحتى تكمل الصلوات الخمس، وتكون درة مثل الشمس، وحتى تكون صلاتك معراجك ودوائك في داء ك :
يجب أن تكون أبريق فضة من جسدك وعقلك وروحك ونفسك وقلبك، لأن الله أوجدك نورا، فجعل النور ينبثق فيهم حتى يتممه لك ربك.
راقب نفسك : قولا، وفعلا، مرقبة الحبيب الذي لا يريد أن يبعده شيء عن محبوبه.. فيخاف ِأن يكدر خاطره بشيء، أو أن يزيل محبته من قلبه.. أوجد حب ربك، بأن تتعرف عليه حتى تحبه، فإنك كلما عرفته أكثر ؛ زادت محبتك له أكثر.. ثم قم بما يلي :
أولا : إذا أردت التوجه إلى الحق، ولقاء حبيبك القريب منك دائما : إن شعرت به، نظف لباسك وتعطر، وكأنك ذاهب إلى مجلس يحوي ملايين من الناس، فتحب أن تكون بمظهر حسن، وريح طيب كن بكامل أدبك.
ثانياً : أطرد الشيطان من المكان الذي تصلي فيه، بقراء ة آية الكرسي 3، لأنها العنبر الأشهب على شياطين الجن والإنس.
رابعاً : اطرد شيطان نفسك، بأن : تسجد قبل الصلاة سجدة العبد الذليل، وتغمض عينيك وتقول : (أي رب!.. أي رب!.. ياالله!.. 7 يارب!.. حتى يطرد شيطان نفسك، فتنكبس نفسك الحيوانية، وتشتعل نفسك القدسية، أو النفس الكلية.. وتذكر بأن :
ربك بعيد، تريد الوصول إليه.. وقريب، خائفا من هيبته.. وعادل، خائفا من بطشه، فاستدرج عطفه، وهو العطوف بقولك : يارب!.. يالله!.. يا من هو هو!.. يا من لا هو إلا هو!.. يا من لا يعلم ما هو إلا هو!.. يالله!.. إلخ
بذلك ينبثق النور في قلبك، فقم لاستقبال فيضك، وقل : الحمد لله!..
خامساً : أقرأ ما يجلب لك نفسك الكلية، بأن تقول مثلا : (وقف العبد المسيء بين يدي مولاه)، (وقفت بين يدي ربي)، (وقفت سفينة المساكين على ساحل بحر جودك وكرمك).
سادساً : استأذن وكأنك داخل إلى أحد الحضرات المقدسة، بشكل مبسط.
سابعأ : أجعل مولاك صاحب الزمان، هو بابك في معراجك، بأن تكلمه في جوفك أو بلسانك بما تريد.
ثامناً : جهز نفسك للرحيل والتحليق إلى نقطة الإمكان، والسفر إلى العالم الأول، بأن تقرأ الإقامة، ثم تفتح السموات والأراضين بقولك سبعا : سبحان الله!.. وسبعاً : الحمد لله!.. وسبعاً : لا إله إلا الله!.. وسبعاً : الله أكبر!.. وتجعل السابعة هي تكبيرة الإحرام.
تاسعاً : وبعد الدخول في النقطة، عليك أن تخصع قلبك إلى إرادتك، بأن تفكر في ربك.. فتحدث نفسك في كل الأوقات من صلاة وغيرها مثلاً : (أنا أحب ربي)!.. (يالله ما أحلى محبتك)!.. (ما ألذ القرب بين يديك)!.. (ما أجمل أن يكون المرء ساهرا معك)!.. وأنت تعلم أن الله يحبك أكثر من محبتك له.
عاشراً : حين قراء ة (بسم الله الرحمن الرحيم) أعلم أنه بذلك انفتح لك الباب للولوج إلى الحضرة القدسية.. أقرأها على مهل، وحاول أن تكسر قلبك، وتستعطف ذاتك، وتلهم نفسك أنك واقف في حضرة قدس، وأن عيب عليك أن تفكر إلا فيما تقول.
الحادي عشر : حتى تصطلي بنار العشق والوله، أقرأ الإخلاص حتى تخلص نفسك - بفتح التاء واللام - وتخلص نفسك - بضم اللام - من روابط ذاتك، بذلك أخذت من قبسها ودخلت مقام أدبها.
الثاني عشر : في الركوع حاول أن تكون أكثر أدب، وكأنك تقول لربك : إلهي!.. هذه رقبتي تحت حد سيفك، فإن عفوت عنها، فمن عندك.. وإن عاقبتها، فبعدلك.. وحين ترفع تقل : الحمد لله رب العالمين ؛ لأنه نجاك من الظلمات إلى النور.. فتسجد كما سجدت في عالم النور.. وأطل في السجود، وكذلك في بقية المقامات، حتى تعطي كل موقف منها حقه، لأنها أسرار ومقامات، لو عرفتها لذقت حلاوتها، وشربت من ماء ها وعسلها.. لأن الضيف إذا حل المدينة، لابد من الكريم تقديم الضيافه له فافهم!..
الثالث عشر : حين ترفع يديك للقنوت، نكس رأسك، ولا تخاطب ربك ورأسك مرفوع ؛ لأن في ذلك قلة حياء في بعض الأحيان، ثم تكلم بدعاء ينم عن خطاب، وليس دعاء لطلب حاجة ؛ لأن الله أعلم بحاجتك.. وكلما كان دعاؤك مسموعا من القرب، كان أقوى.. كأن تخاطب - مثلا - رجلا كلما قربت من أذنه كان أبلغ في السمع (التشبيه مجازي) لأنه الجليل، لا يصور بأي شكل إلا أنه للتوضيح فقط - مثلاً - أقرأ الذكر اليونسي.
الرابع عشر : بعد الانتهاء من الصلاة والتسليم والتكبير، للنزول إلى العالم الثالث بجلسة لا إله إلا الله.. أنظر إلى نفسك، بأنك وصلت دار العناء ثانية ً، وتمنى بأن الصلاة لم تنته.
أسأل من الله أن يرزق المؤمنين والمؤمنات محبته، وأن يزرع أشجار الشوق إليه.
الدليل إلى طريق الجليل
/
انظر الى ربك بعين قلبك (سر الخشوع)
رأيت ما كتب في الخشوع في الصلوة، وكم من الأفراد عنده هذه المشكلة.. أردت أن أوضح هذه الكلمات، بظاهر الكلام دون باطنه (فالعلم نقطة كثرها الجاهلون).
انظر إلى يدك وهي تحوي خمسة أصابع، إن نقص منها أصبع تشوهت، فلا تصبح مؤهلة لحمل أو فعل بعض الأعمال.. كذلك الصلاة، إن نقص منها شيء، لم تعد صلاة مؤهلة لاستقبال الفيوضات من الحق، ولا الإحساس والشعور بنفس هذه الصلاة، لذلك من عرف نفسه عرف ربه.
لذلك سأقول لك كيف تصبح خاشع تمام الخشوع، فتشعر بربك وتخشاه، حتى أنك لا تستطيع أن لا تحتمل الوقوف بين يديه، وتتمنى أن تصبح هذه الصلاة مئة ركعة، حتى لا تفارق ذلك الإحساس.. لأنك تنظر إلى محبوبك بقلبك.. وإن كنت من ذوي المكاشفات، تراه بعينك وتشعر أنه في جوارك واضعا يده على رأسك، وماسحا بكفه على كتفك.. ذلك هو الوصول.
أولا : سر الخشوع لا يأتي إلا بالمعرفة، تعرف إلى ربك وحبيبك، وكيف تم تكوينك.. لأنك إن تفكرت في ذلك، تعلو في الدرجات أكثر، فتكون أقرب وأدنى.. وكلما تعرفت عليه أكثر، صرت في الحالات معه أدنى وأقرب (هربت منك إليك).
ثانيا : تعامل مع ربك على أنه حبيبك، بحيث أنك تحب أن تجلس معه، تحدثه بعين قلبك، وتستمع إلى حديثه بأنواع وأشكال.. يموج العقل حين أذكرها.. وأن تحب أن تختلي في جوف الليل معه، ولا تحاول أن تغيظه بفعل أوقول ؛ لأنه المطلع عليك، ومعك، ولا يفارقك.. حتى أنك لا تزعله بترك مستحب وقرب منه، دون مكروه.
ثالثا : أزرع أشجار الشوق إليه في قلبك، حتى ينميها لك.
رابعاً : قبل البدء في الصلاة، تذكر أنك جرم صغير، واقف أمام العلي الكبير.. فستضعف نفسك أمامه، حتى يلج في قلبك الخشوع.. كمثل أن تقول : (وقف العبد المسيء بين يدي مولاه)، (وقفت بين يديك ربي!.. مستأنسا بك، هاربا منك إليك)، (أنا عبدك أيا سيداه!.. أنا عبدك أيا مولاه)!.. حتى تستعطف نفسك، فتقول : يا رب!.. يا رب!.. يا رب!.. حتى تدمع عينك.
خامساً : قبل قراء ة الإقامة، لتحضر صورة مولاك صاحب الزمان في مخيلتك، حتى ولو لم تعرف كيف هو.. إلا أنك تعتبره أمامك، وأنت تصلي خلفه.
سادساً : (الصلاة معراج المؤمن) حتى تخرج من سين سورة الناس، إلى نقطة الباء في بسملة الحمد، تحتاج أن تستأذن للعروج بروحك.. فتقرأ ما ورد في الاستئذان، ولا تكون قرأتك إياه من ورقه، بل بمجرد الاستئذان وما ورد من قبل هو كاستئذن، أو مدخل للصلاة، فتقول - مثلا -: أستأذنك ياربي في الوقوف بين يديك!.. أستأذنكم ساداتي!..
سابعا : تقرأ الإقامة، لفتح العالم الأول، ثم تقول بعدها سبع مرات : سبحان الله!.. وسبع : الحمد لله!.. وسبع : لا إله إلا الله!.. ثم تقول سبع : الله أكبر!.. فتكون السابعة هي تكبيرة الإحرام، وذلك لفتح العالم الثاني ؛ لأنك في قوس الصعود، فتقول تسبيحة الزهراء على العكس.. أما في عدم ذكر تسبيحة الزهراء فيها فهذا سر.
حينما تفعل ذلك، تكون قد جردت نفسك من جميع ما يعلقك بغير الله، سواء من أمور الدين أو الآخرة.
وقبل ذلك، حاول أن تصفى روحك وعقلك ونفسك وروحك وجسدك، هؤلاء الخمسة هي تركيبك، فإن تم الإشراق فيهم لم ينقصك شيء في الوصول إلى الكمالات.
حاول أن تعرف معنى الصلاة من منظورها الباطني، وكذلك المقامات الواردة فيها، وأيضاً مثلا مقام الركوع، وأدب والسجود، وتفكر في حقيقة الصلاة!..
حاول أن تولج الخوف في نفسك من هيبة السلطان.
نصيحة : قبل الصلاة أقرأ آية الكرسي ؛ لأنه إن قرأت في البيت، تهرب منه الشياطين ثلاثة أيام.
لكن انتبه أن شيطان النفس معك، ولا يهربه إلا السجود بين يدي الله بعد الأذان، فتقول : يالله!.. - سبعا - فيقول لك الجليل : لبيك!.. فقل : الحمد لله، وصل على النبي وآله، وقم وصل.
حين تقرأ : {بسم الله الرحمن الرحيم} تذكر أنك تفتح العوالم كلها، فلا يشوب بينك وبين ربك أي عائق، فأنت سميت باسمه، وهو أرحم من الأم على ولدها.