Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن المؤمن الذي يخشع في صلاته، ويترك اللغو، ويحافظ على فرجه، و…الخ؛ ولكنه لا يراعي أمانته.. فإنه بعيد من رحمة الله تعالى، وينطبق عليه قول النبي (ص): (ملعونٌ ملعونٌ!.. من ضيّع من يعول)..
الكلمة:٢
إن الإنسان إذا حوّل تعامله مع أهله وولده وماله إلى تعامل إسلامي شرعي، فقد أمن من كيد الشيطان؛ لأن الشيطان يأتي من هذه الأبواب المعروفة: النساء، والبنين، والأموال.. فهذه ثلاثة أبواب رئيسية، إذا جعل الإنسان على كل باب رصيداً، ومحاسباً، ورقيباً، فبإمكانه أن يتجاوز هذه المراحل بنجاح..
الكلمة:٣
يجب الدمج بين المعرفة النظرية والمحبة القلبية في التعامل مع الأولاد.. تارة في معرفة علم النفس التعليمي المدرسي، وتارة في فهم ملابسات حياة المراهقة..
الكلمة:٤
إن الذرية الصالحة، لا تبدأ من سن العاشرة وخمسة عشر، بعد أن تشكل الصبي.. بل منذ انعقاد النطفة، لا بد من برمجة في هذا المجال: طعاماً محللاً، ودعاءً بين يدي الله عز وجل، وغير ذلك من الآداب الشرعية في هذا المجال..
الكلمة:٥
إن من الضروري جداً أن يراقب الأهل معشر أولادهم، مثلما يراقبوا صحتهم!.. فعندما يرون بثوراً، أو طفحا جلديا في أبدان أولادهم، فإنهم يأخذونهم إلى أقصى بلاد الأرض؛ خوفاً على صحتهم.. بينما عندما يرون فيهم بوادر المحرمات الكبرى، فكأن لا شيء في البيت.. لا بد من إيجاد هذه الحراسة المشددة والمراقبة الذكية، لا على نحو الاستنطاق..
الكلمة:٦
لا شك بأن المرأة كلما قلصت نشاطها خارج المنزل، كلما تركزت داخل المنزل؛ تربيةً للأولاد، وإسعاداً للزوج.. فالإنسان له طاقة محدودة.. هذه الطاقة بمثابة طاقة كهربائية تعطى لجهازين، فيأخذ كل جهاز نصف الطاقة.. إن المرأة التي لها هم الأولاد، وهم الزوج، وهم المدرسة، وهم الوزارة، وهم السياقة؛ من الطبيعي أن تتوزع طاقتها.. إن تربية الأولاد تحتاج إلى بيئة صالحة، ثم يأتي دور الدعاء..
الكلمة:٧
إن الاهتمام بتربية ذرية صالحة، يعد من أفضل وأضمن صور الاستثمار، لو أراد الإنسان أن يفكر بمنطق استثماري!.. فإن من أبهج عناصر الدنيا أن يرى الإنسان ثمرة وجوده وأثر تربيته، يمشي أمامه على وجه الأرض، عامراً للبلاد ومصلحاً للعباد.. وخاصة عندما يقترب من نهايته، فيرى أن دوره على وشك الانتهاء في الحياة الدنيا، لتبدأ ذريته بدور جديد من الحركة التكاملية، والتي تعود آثارها إليه وهو في القبر، حيث ينتظر أدنى رصيد يرجح كفة حسناته، حيث انقطع العمل وبدأ الحساب..
الكلمة:٨
إن البنوك تضع المبالغ النقدية في خزانة حديدية بحجم إنسان.. ولكن لا تفتح إلا بمفتاح صغير خاص بها، وإذا بهذا المفتاح الصغير يفتح الخزائن الكبيرة، حيث أنه ليست كل المفاتيح كمفاتيح قارون، كما ورد في القرآن الكريم {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}.. وكذلك للدخول إلى قلب الولد أو الفتاة، فإن لكل إنسانٍ مفتاحه.. إذا تعرفنا على هذا المفتاح، استطعنا أن نفتح قلبه على الهدى الإلهي، الذي يراد إدخاله في قلب الطرف المقابل..
الكلمة:٩
إن للإنسان تكوينا بدنيا وتكوينا نفسيا.. فكما أن هناك جسماً يتحرك، فهناك روح تنمو.. ولهذا فإنه في الوقت الذي نهتم فيه بالنمو الجسمي لأولادنا، يتحتم علينا أن نهتم بأرواحهم ونموها، هذا النمو الذي يبلغ أوج فورانه -تكاملاً أو تسافلاً- في مرحلة المراهقة..
الكلمة:١٠
إن الذرية الصالحة تعد الملف المفتوح للإنسان، عندما ينتقل إلى عالم الانقطاع عن كل سبب.. يضاف إليها الصدقة الجارية، والعلم الذي ينتفع به.. ويا له من فوز عظيم، إذ يحتاج العبد إلى حسنة واحدة ترجح كفة أعماله، وإذا بالبركات تـنهمر عليه من ولد صالح له، لم يكن ذلك في حسبانه!..
الكلمة:١١
إن من الأخطاء التربوية الشائعة: إكثار الوالدين من النهي والزجر إلى درجة تبرم الولد.. وبالتالي، الميل إلى التمرد على الأوامر، والحال أنه لا بد من تقديم البديل الصالح عند كل نهي.. فالشاب الذي يعيش الفراغ الروحي والفكري؛ فإنه يتوجه إلى كل ما يملأ ذلك الفراغ، فلا بد من إشباع وقته بما يصلح به أمره.. والشاب الذي يأنس مع رفقة السوء، لا بد من اقتراح من يسد أنسه من الصالحين.. والبالغ الرشيد الذي تدفعه الغريزة إلى ارتكاب السوء، لا بد من السعي لتحصين نصف دينه، وإلا اشترك الأبوان في وزره، كما يفهم من بعض الروايات.
الكلمة:١٢
إذا أردنا أن نفترض ضرة للأبوين، فإن من يمكن أن يكون كذلك؛ هم أصدقاء الولد.. فتقارب السن، واشتراك الاهتمامات، واتحاد الدوافع الغريزية، وتهييج وسائل الإعلام المفسدة؛ كل ذلك من العوامل التي تسوق الولد سوقا إلى اتخاذ بطانة سوء، بهم تذهب أتعاب سنوات من التربية أدراج الرياح.. ومن الغريب حقا أن يجنب الأبوان كل ما فيه إضرار بصحته الظاهرية، بل البعض يبالغ في الاهتمام ببشرة الولد مثلا.. والحال أنهما يتركانه ليكتشف صديق السوء، ومظاهر الإفساد في الشارع، وكل مفردات الإفساد في نفسه.. ولو كشف الغطاء للعبد لتمنى حرمانه من ذرية، تكون سببا للتعاسة في الدنيا، والشقاء في الآخرة.
الكلمة:١٣
إن من الملفت حقا أن يكون إنبات بذرة إلى مرحلة الإثمار، محتاجا إلى علم وتخصص في سنوات بما يعرف بالهندسة الزراعية، ليتم التعرف على شيء من أسرار عالم النبات، والذي لا يعد شيئا أمام تعقيدات النفس الإنسانية.. أفلا تستحق تربية من هو بمثابة الجزء الذي لا ينفك من الإنسان، إلى دراسة وبحث ولو على مستوى العموميات؟!.. ولماذا لا نحاول -وخاصة الطبقة المثقفة- أن يكون لنا رصيد يعتد به في هذا المجال، إذ كيف يمكن تحقيق التربية النموذجية، من دون علم بأدنى قواعد هذا العلم، الذي يتناول أعز شيء في عالم الوجود، إلا وهي النفس التي بين الجنبات؟!..
الكلمة:١٤
إن من أفضل بركات الزواج؛ تحقيق نعمة إضافة فرد صالح في الأمة: فإن سقط -وهو حمل في بطن أمه- يقف على باب الجنة لا يدخلها إلا أن يدخل أبواه.. وإن ولد حيا ومات قبل الأبوين، كان سببا لأن يؤجرا أجر الصابرين.. وإن بقي بعدهما، استغفر لهما.. وقد ورد أن من سعادة المرء، أن لا يموت حتى يرى خلفا من نفسه.. وأن الذليل من لا ولد له.
الكلمة:١٥
إن النصوص المباركة أمرتنا بإغراق الذرية بالحنان، فجعلت قبلة الولد موجبة لحسنة، وجعلت نظر الوالد إلى ولده بمثابة عتق نسمة، وورد الأمر بالتصابي مع الصبي.. ويبلغ التأكيد مداه عندما يرد النص عن النبي (ص) بأن الله -تعالى- لا يغضب لشيء كغضبه للنساء والصبيان!.. ولكن هذا كله، لا يعني حالة الدلال المفسد للولد؛ لأن الاستسلام لرغباته في كل صغيرة وكبيرة؛ مقدمة للإفساد.
الكلمة:١٦
إن هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق وسلوكه، فمنها ما هو ذاتي: كالصفات الوراثية، والبنية النفسية والعقلية.. ومن الواضح أن هذه الخصوصيات -رغم تميزها من فرد عن آخر حتى ضمن الأسرة الواحدة- لا تعني أبداً حالة من (الجبر) في تحديد سلوك الإنسان.. ومنها ما هو محيطي: كسلوك الآباء، والأقارب المنحرفين، والأصدقاء، والجو المدرسي، وأخيراً وسائل الإعلام المختلفة، التي كثيراً ما أصبحت من الأدوات الشيطانية المسببة لانحراف أبنائنا.
الكلمة:١٧
إن من المؤثرات على سلوك المراهقين: الجو المدرسي.. فمن الملاحظ أن المدرسة في هذه الأيام، ترسم مساحة كبيرة من حياة الشاب.. ومع هذا فإن من المؤسف أن بعض الآباء -من أجل التوفير المادي، أو القرب المكاني، أو ما شابه ذلك- يختارون مدرسة منحرفة، أو معروفة بالأجواء التربوية غير السليمة أو المختلطة، لتكون منبتاً لأبنائهم.. والحال أن الإنفاق المادي في هذا المجال هو استثمار مضمون النتائج، وهو أجدى بكثير من الإنفاق على كماليات الحياة.
الكلمة:١٨
إن من التوصيات العملية لتربية المراهقين: الحوارية الهادفة.. حيث نلاحظ أن الشباب في هذا العصر يملكون إطلاعاً واسعاً، وقدرة تحليلية في عالم السياسة والاقتصاد والثقافة.. وبما أن الساحة مليئة بالأفكار المستوردة، والانحرافات الثقافية، والمفاهيم الزئبقية التي يساء الاستفادة منها؛ فإنه يجب علينا الأخذ بيد الشباب الذين يعيشون شيئا من الحيرة الفكرية التي هي من إفرازات الحرية الفكرية!.. ولا يتم ذلك إلا بالنقاش مع صدر واسع، بدلا من المواجهة والاتهام بالانحراف أو الكفر؛ فإن ذلك من موجبات العناد والتمسك بتلك المفاهيم، ولو من باب التحدي والإغاظة!.. وقد جاء في الأثر: (أدبوا أولادكم بغير أدبكم؛ فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم).
الكلمة:١٩
يجب إنشاء حالة من الصداقة مع الولد، والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات الشرق من أسلوب (العصا والخيزران)!.. إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه -وهما الأعرف بما يصلحه- بدلا من الالتجاء إلى الغرباء!.. كما أن على الأب أن يختار بنفسه المجموعة السليمة من الأصدقاء: كشباب المساجد مثلا، قبل أن يختار هو بنفسه بطانة السوء.
الكلمة:٢٠
يجب على الآباء إظهار حبهم ومشاعرهم ورضاهم للأبناء، والابتعاد عن الاتهام وسوء الظن!.. حيث يلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهماً في المنزل؛ فإنه سيفقد الثقة بنفسه.. ومن هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة، أن يستثمر الفرصة ويشجعه ويمتدحه؛ معبرا عن ذلك بفرحة وجائزة.. ومن المعلوم أن عامل الأجر والثواب من الأمور المشجعة حتى للبالغين، وهو ما نلاحظه أيضا في مجال الحث على المستحبات من قبل الشريعة السمحة.
الكلمة:٢١
إن الذي ينظر إلى الطرف الآخر على أنه أسير بين يديه، أو ملك خاص له، فيتصرف معه على ما يوافق مزاجه، بغض النظر عن كونه مرتاحا أم لا.. أو يكون مستغلاً لعنصر الأولاد، والاحتياج المالي؛ لبسط نفوذه.. فهذا قطعاً سيشكل خللاً في الكيان الزوجي.
الكلمة:٢٢
نحن لا نبالغ عندما نقول: أن هذا الجيل هو من أعقد الأجيال في التاريخ، إذ نلاحظ أنه واقع بين أمرين: فمن ناحية نرى التأثر السلبي؛ نتيجة النهضة الصناعية والتكنولوجيا الحديثة، حيث أصبح تحت وابل من صنوف الفساد المختلفة.. ومن ناحية أخرى نرى أنه على مستوى من الذكاء والاستيعاب، مما يؤهله للاستعداد في سلوك دروب الكمال.. فهنالك تطور في المخ البشري لأجيال اليوم، عمّا كان عليه أطفالنا قبل خمسين عاماً، فالدراسة فتّحت الأذهان وأبرزت القابليات، ولا يغفل دور الإعلام أيضاً في ذلك.
الكلمة:٢٣
إن مشكلة شباب هذه الأيام هي الفراغ النفسي، فهم لا يجدون جهة يركنون إليها.. وبالتالي، فإنهم يلجؤون إلى ملء هذا الفراغ بأي طريق كان، فينشغلون بكل ما هب ودب.. والحال أن لكل جديد بهجته، والذي يملأ فراغ هذا القلب هو الالتفات إلى خالق هذا الكون؛ رب الوجود، وواهب السعادة.. حتى المجتمعات التي توغلت في الاستمتاع بمظاهر الدنيا والحضارة، أدركت أن هنالك بعداً خفياً في النفس، لا يُملأ إلا بشيء مما وراء الطبيعة.
الكلمة:٢٤
إن البيئة الإيمانية لا تكفي لتربية الفرد، بعض الناس يرى وكأن المسجد يصنع معجزة؛ أي بمجرد أن يذهب الإنسان إليه، فإنهُ يصبح ولياً من أولياء الله.. القضية ليست بهذهِ البساطة، حيث أن هناك أموراً معقدة، منها: شياطين الجن والأنس، والهوى.. فأبناء يعقوب كانوا في بيئةٍ صالحة بلا شك، وأي بيئة أفضل من بيئة نبي اللهِ يعقوب (ع)!.. ولكن هذهِ البيئة برمتها، لم تنتج أناساً صالحين.. فالأغلبية كانت أغلبية غير طيبة، أحد عشر ولداً، اجتمعوا على قتل أخيهم يوسف حسداً.
الكلمة:٢٥
إن من المناسب للإنسان، أن يكثر من الدعاء في أن يبارك الله -عز وجل- له في أسرته.. ومن المعلوم أن هذا هو ديدن الأنبياء (ع)، إذ الملاحظ أن الأنبياء (ع) كانوا يفكرون في ثمرة الحياة الزوجية، ويطلبون من الله -عز وجل- الدرجات العليا لذرياتهم.. فهذا إبراهيم (ع) يُجعل للناس إماماً، فيطلب ذلك لذريته: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}.. وهذا نوح (ع) يهمه أمر ولده الكافر، فيطلب من الله -تعالى- أن ينجيه من الغرق: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}.
الكلمة:٢٦
إن الإنسان -المرأة أو الرجل- الذي تعود على الحرام طوال حياته، قد يكون من الصعب عليه أن يترك المنكر بشكل سهل وميسر، إذ يظل هنالك حالة من حالات التأثر اللاشعوري.. كذلك البنت المتربية في جو يغلب عليه الغضب -مثلاً-، فإنها تميل بطبعها إلى حدة المزاج، حتى لو حاولت جهاد النفس.. أي أنها تصبح على السبيل المستقيم مادامت مجاهدة.. وكأن ميلها الطبيعي إلى الحدة، يعود إلى ما كان يناسب بيئتها السابقة.. نعم جهاد النفس، وتوصيات الزوج، وتوصيات البيئة الجديدة؛ قد تحدها أو تمنعها عن تلك العوالم القديمة.. ولهذا إذا جمعت المرأة بين الحسن الفعلي والحسن الماضوي البيئي السابق؛ فإن هذه من النعم التي لا تقدر بثمن!..
الكلمة:٢٧
إن مسألة الجانب الغريزي، والتدبير المنزلي من الأمور التي لا نعتبرها من الأمور الأساسية جداً في الحياة الزوجية؛ لأن هذه الأمور من الأمور الفانية، والإنسان العاقل لا يعلق آماله على الأمور الفانية.. إن الثمرة الباقية من الحياة الزوجية، هي الذرية الصالحة.. والإنسان قد لا يعلم قدر الذرية الصالحة في أيام صباه -في أيام نشوء الأولاد-؛ لأنه ليس هناك حالة من التفاعل، ولكن عندما يبلغ ولده مبلغ الرجال، فإنه يحتاج إلى عونه بشكل قاطع في سني حياته.. كم من الجميل أن يكون للإنسان أنيس من ذريته، وأنيس من زوجته!.. لأن هذا الأنس يمكن أن يكون باقياً مع مرور الأيام.
الكلمة:٢٨
إن الإنسان الذي يريد أن يرزق الذرية الصالحة، عليه أن ينظر إلى المقدمات البعيدة: اختيار المنشأ الطيب، والالتزام بالمأثور من الأدعية، والرعاية المستمرة للولد.
الكلمة:٢٩
إن الإنسان مكلف بالتربية، لا مكلف بالنتيجة.. إن الإنسان لا يعلم كيف خلق الله -عز وجل- الأرواح، وما هي حقيقة عالم الذر، وما هي حقيقة الأنفس السعيدة، والشقية؟.. فالأمر عند المسلم (لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين).. ولكن بعض الأوقات، قد يبتلى الإنسان بذرية فاسدة، وفي هذه الحالة من الممكن أن يصاب بشيء من الإحباط، وقد يترك الحبل على غاربه، ويقول: ما دام الشاب انحرف عن طاعة الله -عز وجل- فليزدد انحرافاً.. والحال أن الإنسان مكلف بالتربية، لا مكلف بالنتيجة، قال تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}.. فنوح (ع) من أنبياء الله أولي العزم، وقد حاول أن يستنقذ ولده من الغرق، وإذا بهذا الولد يتكلم بكلام أقرب ما يكون إلى السخف والجنون، حيث كان يقول: {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء}.. نعم، نبي الله ابتلي بهذه الذرية غير الصالحة.. وأئمة أهل البيت (ع) أيضاً ابتلوا بذرية غير صالحة، وهناك أمثلة في التاريخ لانحراف أولاد الأئمة.. لذا علينا أن نتشبه بالمربين والمصلحين، وباقي الأمور على رب العالمين، هو الأدرى بطِين عباده!..
الكلمة:٣٠
إن مراعاة سن التكليف والبلوغ، من المبادئ التي لا بُد أن نُراعيها بشدة.. مع الأسف لاحظنا أن الأم تتفاجأ ببنت بلغت التسع سنوات، وهي متمردة على الحجاب، في كل لحظة تتحين الفرصة لتخلع الحجاب، بدعوى أنها حديدة على رأسها.. فهذا شيء طبيعي، لأنها قبل يومين من البلوغ قبل إكمال التاسعة، يأتي القرار بإلباسها الحجاب، وهي قبل أشهر وهي في أحضان الرجال، يقبلونها كما يقبلون الطفل الرضيع.. فمن الطبيعي أن البنت التي تعيش في هكذا جو غير محافظ، أن لا تستسلم للحجاب.
الكلمة:٣١
إن من مسؤوليات الأمهات والآباء، عدم إلقاء فلذات أكبادهم في غيابات الجب.. كيف يمكن للأب والأم أن يقوما بإرسال ابنتهما التي في عنفوان سن المراهقة، إلى دولة أجنبية كافرة، بلا رقيب ولا حسيب، ثم يأتيان بعد فترة ويعتبران أن البنت في حكم الميتة، ويقولان: يا ليتها لم تولد، لما أورثتنا من الفضيحة والعار!.. عن أبي عبد الله (ع): (الكبائر سبعة: منها:…. والتعرب بعد الهجرة)، التعرب بعد الهجرة اصطلاح فقهي، في أيام الرسول الأكرم (ص) كان الذهاب للبادية لمنطقة الإعراب، ولهذا سمي التعرب، واليوم نسميها التعرب بعد الهجرة، الذهاب إلى بيئة الفساد وإلى بيئة لا يؤمن فيها على الإنسان.. الذي يريد ذرية صالحة، عليه أن يكون بهذا المستوى من المراقبة الدقيقة، في كل المراحل.
الكلمة:٣٢
إن قضايا الهروب من المنزل، والعقد خارج البلاد، ثم الرجوع بالعريس رغم أنف الأبوين.. هذه قضايا متكررة.. وقد يكون للأب عنوان اجتماعي رسالي، وله تاريخ في خدمة الدين والشريعة، وقد تكون الأم ممن تقيم عزاء أهل البيت.. وإذا بهما في ليلة واحدة، يسقطا في المجتمع، ويقول الناس: لو كانت هذه الأم مربية، ولو كان الرجل مربياً، لما خرجت ابنتهما بهذه الكيفية.. إنه سقوط في الدنيا، وسقوط في الآخرة.. والشيطان شيطان بكل معنى الكلمة، إذا أراد أن يوقع الإنسان في الرذيلة الكبرى، فإنه من الطبيعي ألا يأتيه بعنوان تلك الرذيلة، وإنما هنالك المراحل المتدرجة في هذا المجال.
الكلمة:٣٣
إن المرأة المتزوجة لها أولادها، وزوجها، وتسوّقها، وما يتعلق بشؤون المنزل، فوقتها مستغرق في هذه الأمور.. ولكن المشكلة في البنت الجامعية المتعلمة، والتي هي كتلة من الطاقة، وقد تكون فيها حالة من حالات النبوغ والذكاء المتميز، ولكن هكذا شاء القضاء والقدر، أن تكون حبيسة في المنزل.. حيث أنه من هنا تبدأ الانحرافات المختلفة: بدؤها من عالم التصورات، والأوهام، والخوف من المستقبل، والقلق النفسي، والعيش في عالم خيالي وهمي.. ومع الأسف عالم الوهم والخيال، هو عالم وهمي، ولكن مع مرور الأيام هذا العالم يتحول إلى عالم حقيقي، والشيطان يصور لها حالة معينة من الميل إلى الشهوات مثلاً، وهي لا تجد لها سبيلاً إلى الواقع العملي كالأسرة.. فقد تميل لا شعورياً إلى بعض الانحرافات المتاحة هذه الأيام.
الكلمة:٣٤
إن الإنسان الذي لا يملك شيئاً، ولا يمكنه أن يبني مسجداً، أو ما شابه ذلك؛ ألا يملك القدرة على تربية ولد صالح؟!.. فالولد الصالح مشروع ضخم، قال رسول الله (ص): (إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له)، فكل شاب هو مشروع لأن يكون أباً صالحاً.. لذا على الشاب المؤمن ألا يفكر بقوت اليوم، ولا يفكر في متعة الليلة.. فالذي يقاوم ويثبت إيمانه، ويتجاوز أمواج الشهوات.. فإن رب العالمين -بإذن الله عز وجل– من الممكن أن يوفقه بزيجة صالحة، وأفضل نعمة بعد الإيمان الزوجة الصالحة: تحفظه في غيبته، وفي محضره، وتربي أولاده تربية صالحة.. فإذاً، الولد الصالح ثلث المشاريع.
الكلمة:٣٥
يقول زكريا (ع) لربه: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}.. فزكريا (ع) لا يريد الذرية لتكون أداة لكسب المعاش، ولكنه يقدم مفهوماً آخر لطلب الذرية والنبوة.. يريد ذرية كي يكمل خطه في الحياة: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}.. فالمؤمن يريد ذرية، ليحقق بعض آماله التي لم يحققها.. وهنيئاً لمن ينظر إلى الذرية من هذا المنطلق، من منطلق إدامة الوجود!.. ورب العالمين شكور رؤوف، وهو أجلّ من أن يهمل هكذا إنسان!.. فأجره يستمر إلى القبر!..
الكلمة:٣٦
إن الإنسان الذي يربي ذرية إلى سن العشرين أو الثلاثين، لماذا يفرط بها لأجل شهوة ساعة؟.. لماذا يفرط بهذه الذرية لأجل نزوة تنطفئ خلال أيام وليال، ويرى ذرية مشاكسة؟.. بعض الأولاد لعله لو دخل أحد إلى قلوبهم، لوجد من ضمن أمانيهم في هذه الحياة، أن يموت الأب قبل موعده؛ كي يرتاحوا من هذه المشاكسات، وكي ينعموا بشيء من المال من إرثه، وخاصة إذا كان الإرث يُعتد به.. ما هذه الحالة إنسان يتمنى موت أبيه أو العكس؟.. إن ثروة الإنسان بعد الموت هي هذه الذرية، عن الإمام الصادق (ع): (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له).. اليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
الكلمة:٣٧
إن من الجوائز التي قد ينالها العبد، إصلاح الذرية.. فمن يصلح ذرية الآخرين، ومن يعمل على هداية الآخرين هم أو ذرياتهم، فإن أول جائزة يعطى في الدنيا أن يصلح الله أمر ذريته.
الكلمة:٣٨
إن معظم ضرب الآباء والأمهات لأولادهم، فيه إشكالات شرعية.. إذ أنه ليس للتأديب، وإنما هو للانتقام، وردة فعل غير مدروسة.. ولهذا بين فترة وأخرى، إذا بلغ الصبي مرحلة البلوغ، على الأهل أن يستسمحوا منه، لأنه طالما ضربوه فأحمّر جلده أو اسّود، كل ذلك من موجبات الدّية، لذا لابد من إسقاط ذلك بين الأهل والولد.
الكلمة:٣٩
متى كانت التربية دائماً بالغضب؟.. الإنسان بإمكانه أن يربي من بيده بأساليب مختلفة، منها: الإعراض: بعض الفقهاء يقول: عندما ترى المنكر، عليك بإبداء الاستياء.. بعض الأوقات الاستياء من الموقف، قد يكون أبلغ من حركات عنيفة في هذا المجال.
الكلمة:٤٠
إن من الأمور التي نُسأل عنها يوم القيامة، هي عاقبة ذرياتنا.. فالإنسان يُسأل عن نفسه، ويُسأل عن الذرية التي رباها خيراً أو شراً.. فالإنسان إذا مات انقطع عمله في هذه الدنيا، فلا يأتيه عمل؛ لأن الدنيا دار عمل ولا جزاء، والآخرة دار جزاء ولا عمل.. ومع ذلك تأتيه الصدقات الجارية من بعض القنوات منها: العلم، والصدقة الجارية، والولد الصالح.. وينبغي أن نعلم بأن الولد مخلوق على الفطرة، فهو طينة طيّعة بيد الوالدين.. نعم، إن هنالك بعض الصفات الذاتية للأولاد: فمثلاً: هنالك طفل بريء، وهنالك طفل فيه شيء من عدم الطاعة.. ولكن مع ذلك نحن نعتقد بأن التربية الصالحة إما أن تزيل هذه المواد الفاسدة -هذه الطينة غير الصالحة- أو تهذب.. إن الانحرافات الكبرى في حياة الإنسان تبدأ من سنوات صغره، فالأبوان يخطئان عندما يعتقدان بأن الطفل لا يفهم، ويبدأن بمعاملة الطفل معاملة جدية بعد سنوات البلوغ، فهذا خطأ.. إن الطفل يعلم بعض المعاني منذ الأيام الأولى، إلا أنه لا يمكنه أن يعبر.
الكلمة:٤١
علينا أن نكتشف الخارطة الباطنية للولد بل لكل إنسان.. فعند التعامل مع الزوجة، ومع الصديق، ومع الأب، ومع الأم، أو مع رحم؛ فإن علينا أن نعلم أن هنالك بموازة الشكل الظاهري، وجهاً باطنياً.. والتعامل يكون مع الوجه الباطني، لا مع الوجه الظاهري.. فهل حاولنا أن نكتشف ملامح هذا الوجه الذي قد يكون جميلاً أو قبيحاً؟.. إن علينا بالقرائن المختلفة من حركات الجوارح، أن نفهم إجمالاً التركيبة الجوانحية، بالإضافة إلى النور الإلهي الذي يُعرف به المؤمن، لأن للمؤمن أيضاً فراسة باطنية.. فهنالك نور إلهي، وهنالك دقة بشرية، يجمع بين الملاحظة البشرية الدقيقة وبين الاستمداد من النور الباطني.
الكلمة:٤٢
يجب أن يعلم الإنسان أن هنالك فرقاً بين الحسن والشر، وبين الصالح والطالح.. فالطالح فيه إعراض، والصالح فيه تشجيع وتقريب.. في بعض الأوقات قبلة المربي لمن يربيه، هذه القبلة في مقابل جوائز مادية قيمة.. ومن هنا جعلت الشريعة قبلة الولد من صور العبادة التي يؤجر عليها الإنسان، رغم أنها حركة فطرية.
الكلمة:٤٣
إن الذرية الصالحة امتداد أبدي للإنسان، لا في الدنيا فناءً عند القوم، ولا في البرزخ استغفاراً له، بل حتى في الجنة تلحق ذريته الصالحة به.. وشتان بين هذه الثمار العاجلة، وبين هذه الثمرة الباقية!.. ورب العالمين كم كافأ علي وفاطمة، على ما تحملت فاطمة في حياتها مع رسول الله، وبعد رسول الله؟.. وكم تحمل علي؟.. ولكن ما هي النتيجة؟.. إن النتيجة هي التحقيق العملي لسورة الكوثر من خلال علي وفاطمة، فرب العالمين يقول: {إنا أعطيناك الكوثر} يخاطب النبي، والحال بأن تحقيق أو تحقق هذه السورة من خلال علي وفاطمة.
الكلمة:٤٤
إن البعض يستغرب عندما يسمي أحد اسماً فيه كلمة عبد.. وفي الحياة اليومية يطلق على صاحب البيت: رب الأسرة.. فإذا كان هنالك رب فهنالك عبد، ورب البيت مقابل عبيد البيت.. فالعبيد هم الأولاد الصغار، هؤلاء الذين يطيعون أباهم ويسمعون كلامه.. والعبودية هنا بمعنى الطاعة، والاحترام، والامتثال للأوامر، لا بمعنى التأليه، فلا ضير في هذه التسمية أبداً.
الكلمة:٤٥
إن مسألة إرضاع الأم لطفلها، يعد من أقدس الحالات البشرية.. لذا نلاحظ في المسابقات الفوتوغرافية العالمية، فوز مثل هذه الصور المعبرة عن حنان الأمومة؛ لأن هذا الطفل الرضيع، وجود مرتبط بأمه عايشها تسعة أشهر، وإذا خرج لا معين له غيرها.. ومن الجميل أن تغرس الأم في ابنها المشاعر الإنسانية العالية حال الإرضاع من خلال نظراتها أو حتى صوتها.. إذ أنه معروف بأن الطفل يأنس بصوت أمه؛ لأنه كان يسمعه وهو في الظلمات الثلاث، وأيضاً الإكثار من ذكر الله عز وجل، وخاصة إذا كان بصوت مسموع: تلاوة للقرآن الكريم، أو ابتهالاً بدعاء.. مما قد ينفذ في طبلة الرضيع، ومن الممكن أن يختزن في اللاشعور، وفي يوم من الأيام يظهر إلى السطح كما هو مجرب.