Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن الصفة الأولى للهموم المقدسة، أنها تعطي الإنسان سكوناً نفسياً، وهدوءاً باطنياً.. {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}؛ فالجلود تقشعر ثم تلين.. ولين الجلد هو علامة وجود العمق الباطني لحالة السكنية..
الكلمة:٢
يجب على العبد أن يحقق مفهوم الخشوع في المناجاة؛ فهماً لمضامين الدعاء، ورقةً في القلب، وبكاءً.. وإن لم يكن ذلك، فلا بأس بالتخشع؛ أي بالتظاهر بمظهر الخاشعين.. فإذن، هنالك خشوع فكري، وآخر تخشع قلبي.. فعلى المؤمن أن يسعى لتحقيقها؛ ليسمو بروحه في رحاب المولى جل وعلا..
الكلمة:٣
إن السجود هو أشرف حركة بدنية، لأن رأس الإنسان عادة ما يرمز إلى: العظمة، والتكبر، والكبرياء، والعلو، ويمثل القيادة.. فيلاحظ أن هذا الرأس في السجود، يتطأطأ أمام رب العالمين.. لذلك نجد أن تذوق السجدة من ألذ لذائذ العيش عند أهلها..
الكلمة:٤
البعض يخشع في صلاته، وقد يبكي أثناء الصلاة.. ولكنه يخطئ في القراءة، أو يكون هناك خلل في سجوده.. فهذا الإنسان كيف يريد أن يصل بهذه الصلاة الباطلة فقهيا؟.. هو يتقن الخشوع؛ ولكن صلاته مردودة.. لذا عليه أن يتقن هذه الصلاة!.. فالفقه رغم أنه فقه أصغر، ولكن هذا الفقه الأصغر؛ مقدمة للفقه الأكبر، وهو معرفة الله -عز وجل-.
الكلمة:٥
إن رب العالمين يريد من عبده أن يكون مدافعا للخواطر، وإن لم يصل إلى مرحلة التلذذ الأنسي معه.. ولو انتهت صلاته وهو في حال المصارعة مع الشيطان؛ فإنه يعد في عداد الخاشعين في صلاتهم.. إذ ليس من اللازم أن يعيش حتماً حالات شعورية تحليقية؛ فهذه مرحلة ثانية، وهي هبة إلهية.. فرب العالمين إذا أراد أن يعطي عبده يعطيه متى شاء، فلا ينبغي أن يبحث الإنسان عن الخشوع بحثا.. فالخشوع يعطى ولا يؤخذ، وهذه منحة بيد الملك الجبار، وجائزة لا يُعلم متى تُعطى!..
الكلمة:٦
إن المصلي الذي فكره يذهب يمينا وشمالا، ولكن هيئته هيئة إنسان مؤدب بين يدي الله عز وجل.. هذا خير من ذلك الذي يعبث بلحيته مثلا.. وهذا يسمى خشوع الأبدان؛ هو أضعف الإيمان.
الكلمة:٧
إن المصلي الذي يعلم ما يقول، فعندما يقرأ الحمد {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}؛ هو يعلم أنه يقول: أي يا رب!.. أعبدك حصرا.. إذ أن هناك فرقا بين نعبدك ونستعينك، وبين {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}؛ كلاهم يفهمان الاستعانة والعبادة، ولكن هذا بنحو الحصر.. أما نعبدك ونستعينك؛ أي نعبدك ونعبد غيرك، لا مانع!.. فرق بين إنسان يقرأ المعوذتين في الصلاة وغير الصلاة، وهو لا يعلم ما معنى {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}، و{الْفَلَقِ} و{غَاسِقٍ}، و{وَقَبَ}.. وبين إنسان يعلم معنى ما يقرأ.. معظم المصلين والمسلمين والناطقين بالعربية، لا يعرفون معنى {الصَّمَدُ}.. إذن، هناك خشوع ذهني، وهذا أرقى من الخشوع البدني.
الكلمة:٨
إن المصلي عندما يدعو، يشعر أن هناك مخاطبا، وأي مخاطب؟.. إنه رب الأرباب!.. ولهذا بعض المؤمنين، رب العالمين منّ عليه بسخاء الدمعة، يقول: يا الله؛ مرة واحدة ودمعته تجري.. يقرأ دعاء كميل: (اِلـهي!.. وَرَبّي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرّي)؛ يبكي بكاء حارا.. هذا الإنسان وصل إلى لب الدعاء، وإلى جوهر الدعاء.. والمرء إذا وصل إلى مرحلة البكاء أو التباكي؛ هذا لا ترد له دعوة.. رب العالمين يستحي من عبده المؤمن، أن يرد يديه صفرا إذا مدت إليه.. هذا هو الخشوع القلبي، وهو أرقى أنواع الخشوع!..
الكلمة:٩
هناك ثلاث درجات للخشوع: الخشوع الفكري؛ وهو المشي مع مضمون المناجاة.. والخشوع القلبي؛ وهو البكاء.. والتخشع؛ وهو التظاهر بمظهر الخاشعين.
الكلمة:١٠
إن على الإنسان أن يظهر بمظهر العزة والكرامة أمام الناس، ولكن مع رب العالمين عليه أن يتذلل ويحس بالصغار، فهذا من موجبات القرب إلى الله عز وجل.. قيل للصادق (ع): (إن قوماً من مواليك يلمون بالمعاصي ويقولون: نرجو.. فقال: كذبوا، ليسوا لنا بموال).. أي هؤلاء ليست لهم الولاية!.. فالإنسان الذي يرتكب المعاصي من مصاديق الذي لا يرجو لله وقاراً.. حيث أن الولاية عبارة عن قضية متكاملة: أولا: اعتقاد باللسان، أي أن الإنسان يعتقد، ويعترف بالأئمة الإثني عشر.. وثانياً: حركة في الجنان، أي مشاعر في القلب، وولاية لهم، وتبري من أعدائهم.. وثالثاً: حركة في الخارج، أي حركة خارجية.