الخطبة الخامسة والتسعون بعد المائة من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يحمد الله (تعالى) ويثني عليه وعلى النبي (صلى الله عليه وآله) الذي قاسى وكابد في سبيل هداية الناس إلى الرشد والصلاح وبين فيها عدم عبثية حياة الإنسان وأنه لم يترك هملا بل له غاية عليه أن يعرفها ويقصدها قبل يوم القيامة وخراب العالم.
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهجالبلاغة
فهرس الكتب نهجالبلاغة
- نهج البلاغة
- » الخطب »
- الخطبة ١٩٥
من خطبة له عليه السلام يحمدالله ويثني على نبيّه ويعظ
يحمدالله ويثني على نبيّه ويعظ
حمدالله
الْحَمْدُ لله الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ آثَارِ سُلْطَانِهِ، وَجَلاَلِ كِبْرِيَائِهِ، مَا حَيَّرَ مُقَلَ الْعُقُولِ مِنْ عَجَائِبِ قُدرَتِهِ، وَرَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ النُّفُوسِ عَنْ عِرْفَانِ كُنْهِ صِفَتِهِ.
الشهادتان
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، شَهَادَةَ إِيمَان وَإِيقَان، وَإِخْلاَص وَإِذْعَان. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ وَأَعْلاَمُ الْهُدَى دَارِسَةٌ، وَمَنَاهِجُ الدِّينِ طَامِسَةٌ، فَصَدَعَ بِالْحَقِّ، وَنَصَحَ لِلْخَلْقِ، وَهَدَى إِلَى الرُّشْدِ، وَأَمَرَ بِالْقَصْدِ،(صلى الله عليه وآله وسلم).
العظة
وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ، أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يُرْسِلْكُمْ هَمَلاً، عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِهِ عَلَيْكُمْ، وَأَحَصَى إِحْسَانَهُ إِلَيْكُمْ، فَاسْتَفْتِحُوهُ وَاسْتَنْجِحُوهُ، وَاطْلُبُوا إِلَيْهِ وَاسْتَمْنِحُوهُ، فَمَا قَطَعَكُمْ عَنْهُ حِجَابٌ، وَلاَ أُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَهُ بَابٌ، وَإِنْهُ لَبِكُلِّ مَكَان، وَفِي كُلِّ حِين وَأَوَان، وَمَعَ كُلِّ إِنْس وَجَانّ، لاَ يَثْلِمُهُ الْعَطَاءُ، وَلاَ يَنْقُصُهُ الْحِبَاءُ، وَلاَ يَسْتَنْفِدُهُ سَائِلٌ، وَلاَ يَسْتَقْصِيهِ نَائِلٌ، وَلاَ يَلْوِيهِ شَخْصٌ عَنْ شَخْص، وَلاَ يُلْهِيهِ صَوْتٌ عَنْ صَوْت، وَلاَ تَجْجُزُهُ هِبَهٌ عَنْ سَلْب، وَلاَ يَشْغَلُهُ غَضَبٌ عَنْ رَحْمَة، وَلاَ تُوَلِّهُهُ رَحْمَةٌ عَنْ عِقَاب، وَلاَ يُجِنُّهُ الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ، وَلاَ يَقْطَعُهُ الظُّهُورُ عَنِ الْبُطُونِ، قَرُبَ فَنأَى، وَعَلاَ فَدَنَا، وَظَهَرَ فَبَطَنَ، وَبَطَنَ فَعَلَنَ، ودَانَ وَلَمْ يُدَنْ، لَمْ يَذْرَاَ الْخَلْقَ بِاحْتِيَال، وَلاَ اسْتَعَانَ بِهِمْ لِكَلاَل.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ، بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهَا الزِّمَامُ وَالْقِوَامُ، فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِهَا، وَاعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا، تَؤُلْ بِكُمْ إِلَى أَكْنَانِ الدَعَةِ، وَأَوْطَانِ السَّعَةِ، وَمَعَاقِلِ الْحِرْزِ، وَمَنَازِلِ الْعِزِّ في (يَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الاَبْصَارُ)، وَتُظْلِمُ لَهُ الاَقْطَارُ، وَتُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ الْعِشَارِ، وَيُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَتَزْهَقُ كُلُّ مُهْجَة، وَتَبْكَمُ كُلُّ لَهْجَة، وَتَذِلُّ الشُّمُّ الشَّوَامِخُ، وَالصُّمُّ الرَّوَاسِخُ، فَيَصِيرُ صَلْدُهَا سَرَاباً رَقْرَقاً، وَمَعْهَدُهَا قَاعاً سَمْلَقاً، فَلاَ شَفِيعٌ يَشَفَعُ، وَلاَ حَمِيمٌ يَنْفَعُ، وَلاَ مَعْذِرَةٌ تَدْفَعُ.