Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن من لوازم المحبة والمشايعة، أولاً معرفة منهج من نشايعه، ومعرفة من واليناه وذكرناه بخير، وادعينا الانتساب إليه.. والالتزام الآخر، هو التأسي بمنهجه.. فإن المحبة الحقيقية، تدعو الإنسان لأن يتشبه بمن يحب..
الكلمة:٢
إن من أهم صفات المحب، أن يُكثر من محبي المحب، وفي عالم الحب يقال: “إن أفضل هدية تُقدم إلى المحبوب، هي أن تُكثر من القلوب المحبة له”..
الكلمة:٣
إن العبد إذا أصبحت له صلة وثيقة بالله عز وجل، فقد فتح له الخط.. فيصبح بإمكانه أن يأخذ أعظم الحوائج بدعوة صغيرة؛ لأن هنالك حبا متبادلا، والمحب يستجيب لحبيبه بإشارة..
الكلمة:٤
إذا أحب الإنسان الإسلام، أو أحب رب الإسلام الذي أرسل الرسالة؛ فإن هذه المحبة تكون من أفضل الدوافع للعمل!.. وفي علم البرمجة اللغوية العصبية، وبشكل عام: من المعروف أن الذي أحب أمراً من الأمور، أبدع فيه، ولو كان أمراً سخيفاً أو تافهاً.. أوَ لا يفترض بالمؤمن أن تكون همته أكبر من هؤلاء الذين يبحثون عن أمور لا تسمن ولا تغني من جوع؟!..
الكلمة:٥
إن العاطفة جيدة، وهي بمثابة المناخ الملائم للحركة، ولكن ليست حركة.. لو أن الأم من الصباح إلى المساء تبكي على ولدها عواطف، ولا تسقيه لبناً ولا حليباً، ولا تغسله.. هل تعتبر هذه الأم أما مثالية؟!.. إذا كانت العاطفة لا تترجم إلى عمل ما الفائدة من ذلك؟!.. فإذن، إن العاطفة جيدة، ولكن العاطفة الصادقة من دوافع العمل..
الكلمة:٦
إن العاطفة هي بمثابة الوقود في المركبات، وهذا الوقود إذا احترق ولم يتحول إلى حركة دافعة، من الممكن أن يشعل المركبة.. وعليه، فإن هذا الوقود نعمة، ولكن بشرط تحويله إلى طاقة، والطاقة إلى حركة، والحركة إلى قطع للمسافات..
الكلمة:٧
كما أن كثيراً من الطاعات تبدأ من الحركة القلبية -التي هي في رتبة أشرف من رتبة العمل- كالجهاد الذي يبدأ من حب الإيثار في سبيل المبدأ، والخشوع في الصلاة، الذي يبدأ من حب اللقاء الإلهي.. فكذلك كثير من المحرمات الخارجية، تبدأ من انحراف محور القلب نحو الحرام، فما نراه من صور الانحراف الأخلاقي منشؤه العشق المحرم..
الكلمة:٨
إن الحب على قسمين: الحب الأول: الحب المتعلق بالأمور المادية؛ سواءً كان جسداً جميلاً، أو كان منظراً جميلاً، أو كان متاعاً من متاع هذه الدنيا.. والحب الثاني: هو حب المعاني، لا حب الذوات، ولا حب الطبيعة، ولا حب الوجوه الجميلة؛ إنما حب الذوات المتحلية بالمعاني السامية!..
الكلمة:٩
لا مانع أبدا أن تجتمع محبة الله مع الخوف منه؛ لا الخوف من الانتقام، فالمحبوب لا ينتقم من حبيبه.. بل الخوف الذي كان يؤرق مضاجع الأولياء طوال التاريخ؛ ألا وهو: الخوف من مقام رب العالمين، {مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}؛ والخوف من سلب حالة الإقبال، والخوف من وضع حجاب بينه وبين العبد.
الكلمة:١٠
إن حب المعاني، يختلف تماماً عن الحب المادي.. فهو يتصف بالاستمرارية، والتزايد، والعمل الجاد.
الكلمة:١١
إن حب المعاني الكمالية، وحب المعاني الجميلة؛ هذا حب ثابت.. فالذي يحب: التضحية، والكرم، والتقرب إلى الله -عز وجل-، والإيثار، والعبودية؛ كل هذه المعاني المعنوية تبقى ولا تزول أبداً!..
الكلمة:١٢
إن الذي يحب المعنى، ويحب صاحب هذه المعاني الجميلة؛ هذا الحب لا ينقص أبداً!.. والشاهد على ذلك ما رأيناه في أصحاب النبي (ص) والأئمة (ع)، عندما كان يدخل الصحابي دائرة الحب الإلهي، وحب النبي (ص)، وحب المعاني المتجسدة في ذات النبي؛ كان يزداد يوماً فيوماً شوقاً إلى هذه المعاني..
الكلمة:١٣
إن حب المعاني يدعو الإنسان إلى العمل الجاد، الذي يقربه من هدف الخليقة.. حب الوجه، وحب الطبيعة؛ يسوق الإنسان إلى الشهوات.. أما حب المعاني؛ فإنه يدفع الإنسان إلى التأسي بهذه الأمور.. إذ من عشق شيئاً، تبع ذلك الشيء أينما كان.
الكلمة:١٤
إن المحبة جسرٌ وصراط للارتباط بمن أحببناه!.. البعض يقول: نحن بحمد الله ورثنا محبة آل البيت عليهم السلام.. ولكن علينا أن نتنبه: أنه لا ضمانة لبقاء لهذا الحب!.. هذا الحب إذا بقي إلى يوم لقاء الله -عز وجل- فهو رأس مال كبير، ولكن من المعروف أن المعاصي والذنوب، تسلب هذه المودة بالتدريج!.. إلى درجة قد ينظر الإنسان إلى قلبه، فلا يجد مثل هذه المودة والمحبة..
الكلمة:١٥
إن المؤمن قلبه كالمرآة الصافية، ولو رجعنا إلى دوافع الحقد والعداوة في حياتنا، فإنه قلّما يعود إلى الله عز وجل.. فإن النفسيات، وحب الذات، والوهم، وسوء الظن، والحالات الشيطانية، كل ذلك وراء عداوة الإنسان لأخيه الإنسان.. وإلا، فإن النادر من الخلق يجعل مقياس حبه وبغضه، هو الله عز وجل.. ولهذا فإن المتحابين في الله، يدخلون الجنة بغير حساب.
الكلمة:١٦
إن الحب القهري، هو من آثار التشتت العاطفي -رغم قناعة الشخص بعدم جدوى هذا الحب- فترى الإنسان يميل بشكل قاهر إلى بعض الأمور أو الأشخاص، رغم قناعته الداخلية والعقلية بأن ذلك لا يستحق هذا الميل القلبي الجامح!.. فترى المتورط بهذه المشكلة، يسير في حركة منافية حتى للعرف والقانون، معرضا نفسه لسخط الآخرين، كل ذلك من أجل الصور الوهمية المضخمة التي تعشش في خياله.. ومن المعلوم أن هذه الصور -رغم أنها خيالية- إلا أنها تؤثر في حركة الإنسان في حياته، وتصل المشكلة ذروتها عندما توجب له الختم بالشقاوة، كما نلاحظه في أسرى العشق البشري في هذه الأيام!..
الكلمة:١٧
لقد حثت الشريعة الغراء في نصوص متعددة، على ضرورة الحمل على الأحسن، بمعنى محاولة خلق الأعذار لمن صدر منه الخطأ، ما دمنا غير قاطعين بسوء نيته.. فإن العمل الخارجي لا يكشف دائما عن المنطلقات الباطنية، أو لسنا في حياتنا العملية نقوم بما يوحي الوهن والانتقاص، لأحب الناس إلينا من دون أن نقصد شيئا من ذلك؟!.. إننا نرفض بشده ترتيب الأثر على ما يسمى في العرف بالتوهين العملي من دون قصد، فليكن شعارنا دائما: عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به!..
الكلمة:١٨
إن الحب الصادق، هو: عبارة عن ميل صادق للمحبوب، يدفعه إلى التشبه به.. فالحب الحقيقي عبارة عن شوق إلى لقاء المحبوب، مع الرغبة بالتشبه بصفات المحبوب قدر الإمكان؛ لأن للمحبوب ملكات وصفات.. ولقاء المحبوب يحتاج إلى مسانخة، وهذه المسانخة لا تتحقق إلا بوجود صفاتٍ في الحب شبيهة بصفات المحبوب.. فمثلا: إذا كانت الفتاة التي يعشقها الإنسان كريمة الطبع بدرجة لا توصف، فالذي يريد وصلاً بها -هذا إن كان صادقاً في الوصل وفي الرغبة في الوصل- عليه أن يتشبه بالكرماء؛ لأنه يعلم بأن هذه المحبوبة، لا ترضى إلا بمحبٍّ من هذا السنخ.. ولهذا تبدأ الصفة تكلفاً، ثم تتعمق وتتعمق إلى أن تصبح ملكة.
الكلمة:١٩
إن الحب القلبي حتى لو لم يكن معه عمل، لا ينبغي الازدراء بهذا الحب، وبالحركات العاطفية البسيطة البريئة، الصادرة من العوام الناتجة من الحب؛ لأنها حركات بسيطة أو ساذجة.. بل علينا أن نعلم الخلفية التي دفعت المحب للقيام بهذا العمل.
الكلمة:٢٠
“إن تقسيم الحب إلى حب صادق، وحب غير صادق؛ هذا تقسيم مجازي، وإلا فإن الأمر كما لو قلنا أن الماء على قسمين: ماء رطب سيَّال، وماء غير سيَّال.. فالماء الذي ليس بسيَّال، لا يعتبر ماء أصلاً!.. وعليه، فإن الحب إذا لم يكن صادقاً، ما هو إلا ادعاء للحب.. ومن هنا يشير الإمام الصادق (ع) إلى ذلك، فيقول: لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع”
الكلمة:٢١
إن الاتباع له تجليات متعددة: فتارة يكون في مقام إبداء المشاعر: شعراً، ونثراً، أوما شابه ذلك.. وأخرى بتبني جهة في الحياة، بحيث تكون هذه الجهة هي الجهة المحبوبة لدى الإنسان.. ولكن المعنى الأرقى للاتباع: فهو مطابقة كل خطوات الحياة، للمنهج الذي يريده المتبَع.
الكلمة:٢٢
إن الذي يعيش الحب، تنقدح عنده شفقة عجيبة على المخلوقين، بل حتى على العصاة.. هذا الإحساس رأس مال كبير جداً، في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ.. حيث أن هناك فرقاً بين إنسان يدعو إلى الله -عز وجل- من منطلق الفوقية، أي يعظ الناس: هذا حرام، وهذا لا يجوز.. وكأنّ له مقعداً محجوزاً في الجنة، والحور العين تنتظره، والناس كلهم في قعر جهنم، يريد أن ينتشلهم واحداً، وحداً.. وبين إنسان يدعو إلى الله -عز وجل- وله حالة من حالات الشفقة الشديدة على المخلوقين.