Search
Close this search box.
الكلمة:١
إن الذي يعيش حالة الانحراف دهراً من حياته، ثم يعود إلى الله عز وجل؛ فإن الله -تعالى- يبدل سيئاته حسنات.. أضف إلى أن حالة الخجل التي يعيشها، تجعله لا يصاب بالعجب، إضافة إلى سرعة الدمعة عنده عندما يتذكر أيام جاهليته!..
الكلمة:٢
لا ينبغي أن نخلط بين التوبة اللفظية، التي قد لا تستتبع الندامة، ولا العزم على عدم العود.. إنما هي مجرد ألفاظ يتلفظها الإنسان، من دون أن يكون له أي مدلول في الخارج.. وبين التوبة الحقيقية، التي تتغلل إلى أعماق الوجود..
الكلمة:٣
إن التوبة تمر بثلاث مراحل: البادرة الطيبة؛ وهي نية عدم العود، ونية ترك المعصية.. ثم الإلتفاتة الإلهية؛ فالله -عز وجل- لا يتوب عن العبد جزافا، إلا إذا رأى فيه بادرة طيبة.. ثم الحركة إلى الله عز وجل؛ أي هناك توبة أولية هي (البادرة)، وهناك توبة حركية، وهي تلك التوبة التفصيلية، التي تترتب على توبة الله عز وجل..
الكلمة:٤
إن الذي يعود إلى المعصية بعد كل وجبة من التوبة، يُـعـدّ مستهزأ بنفسه، وبربه.. ولا يوفق للتوبة بعدها أبدا، لأنه يصل إلى مرحلة (الختم على القلب).. فيصبح مَـثـَـله كمثل إنسان، تورط في المستنقع الذي لا يمكنه الخروج منه.. ومع ذلك علينا أن لا نعقد التوبة على العاصين.. إذ تكفي الندامة الفعلية، والعزم على عدم العود، وإرجاع حقوق العباد.
الكلمة:٥
إن هناك فرقا بين الاستغفار من الذنب كحالة من حالات التخلص من وخز الضمير، كما يفعل بعض الناس فيستغفر لا تقرباً إلى الله عز وجل؛ وإنما ليتخلص من الوخز الباطني.. وبين الاستغفار في سياق العودة إلى الله عز وجل: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ}، فالتوبة التي هي بعد توبة الله عز وجل، لها قيمة: رب العالمين رجع إليك، وعاد إليك، وارتضاك عبداً، ثم ذكًّرك بالتوبة.
الكلمة:٦
في بعض الأوقات الذنوب الماضية بعد الاستغفار، تتحول إلى سلم من التكامل، وإلى منصة انطلاق إلى عوالم أخرى.. وذلك لأن هذا الإنسان الذي عاد وعنده ذنوب، يصبح عنده حالة الخجل من الله عز وجل، وهذه الحالة لا تقدر بثمن.. (أنين المذنبين أحبُّ إلى الله من تسبيح المسبّحين).
الكلمة:٧
إن من أفضل علامات قبول التوبة، الإحساس بعدم الميل إلى تلك المعصية.. فالإنسان قد يندم، ولكن يعيش في قلبه الرغبة والميل، لأن يعيد الكرة.. أما إذا رأى في نفسه عدم ميل وكراهة، وبغضا لتلك المعصية؛ فهذا أفضل علامات التوبة.. وأما في ساحة الحياة، فإن علامة التوبة المقبولة؛ هي عدم مزاولة المعصية.. فإذا مرت عليه فترة طويلة، وهو لم يعد إلى تلك المعصية، فليعلم أنّ الله -عزّ وجلّ- قد غفر الله له.
الكلمة:٨
إذا أحسّ الإنسان بحالة الندامة الباطنية؛ يكون قد عاد إلى ربه.. لأن العودة إلى رب العالمين عودة قلبية، لا عودة مادية.. فالقلب إذا لم يندم: فلا رجوع، ولا إنابة، ولا توبة في البين..
الكلمة:٩
إن هناك فرقا بين الندم الذي معه عزم، وبين الندم العابر.. العصاة عادة يندمون على ما هم فيه؛ أي يعيشون حالة الأسى والأسف.. ولكن المشكلة في سرعة الرجوع إلى ما كانوا عليه؛ أي هناك ندم، ولكن ليس هناك عزم على عدم العود.. علي (ع) يقول: من شروط الاستغفار؛ العزم على العود.. لا يعزم على الترك في شهر رمضان؛ احتراماً للشهر الكريم.. ولا يترك الذنب في شهر محرم وصفر؛ باعتبار مصائب أهل البيت (ع).. بل يجب ترك الذنب مطلقا، والعزم على عدم العود إليه أبدا.
الكلمة:١٠
إن هناك فرقا بين فقر إلهي مقدّر، وبين فقر بشري: تارة يتقاعس الإنسان فيفتقر، وتارة يبذّر فيفتقر؛ هذا بلاء وفقر لا يؤجر عليه صاحبه.. وهناك فقر يسوقه رب العالمين إلى عبده؛ رأفة ولطفا به؛ لئلا ينسى ذكر ربه.. يعطيه الكفاف تارة، ويبتليه بالفقر تارة أخرى؛ لتكون له حالة من الإنابة المتصلة إلى الله عز وجل.
الكلمة:١١
إن التوبة النصوح ليس أن يترك الإنسان الحرام، وكل يوم يعزم على كسر التوبة، ولكن يجاهد نفسه.. هذا الإنسان في يوم من الأيام، سيرتكب الحرام في ساعة ضعف.. فالشيطان عندما يرى العدو في مكان آمن، ينتظر كي يستفرد به في يوم من الأيام، حيث لا معين له ولا ناصر.
الكلمة:١٢
إن منهجنا العام للذين يريدون العودة إلى ربهم -سواء من الذنوب، أو الغفلات التي لا يخلو منها أحد- هو ربط هذه البداية الحسنة بحركة عبادية محسوسة، يبدي فيها العبد حسن نيته في هذا المجال.. وذلك يتمثل في غسل التوبة، ثم ركعتين في جوف الليل بخشوع، ثم السجود مستغفرا سبعين مرة بتضرع.. فليجرب العاصون هذا المعجون الجامع، ليعيشوا حقيقة هبوط طاقة كبيرة من مصدر غيبي، ليروا الحياة في نهار ذلك اليوم بشكل جديد.. ولنتذكر دائما: أن عدونا على خبرته العريقة في إغواء بني آدم، يصفه القرآن الكريم قائلا: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.. أو ليست هذه بشارة للجميع؟!..
الكلمة:١٣
نحن كلنا -من غير المعصومين- عصاة، من منا لم يعص ربه؟.. الإنسان المؤمن عندما يتذكر معصيته، تنتابه حالة من حالات الندامة.. ولكن إذا توغل في الإيمان، وبلغ مرحلة راقية من الإيمان؛ فإنه لا يعلم ماذا يعمل عندما يتذكر السيئات، فهو يتمنى أن يكون تراباً، الكافر يوم القيامة يقول: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}.. والمؤمن في الدنيا إذا بلغ مرتبة عالية من الإيمان، يتمنى لو أنه كان تراباً!..
الكلمة:١٤
إن البعض يرى أن الاستعداد للموت يكون في أواخر الحياة، عندما يشتعل الرأس شيباً، وعندما ينتهي من تزويج الأولاده والبنات؛ عندئذ يتفرغ لآخرته.. وهنالك مفهوم خاطئ، بل مضحك في بعض الحالات: وهو أن البعض لا يحج إلا بعد سن الأربعين، لأنه يريد أن يتمتع بالحياة، ثم بعد ذلك يتوب ويذهب إلى الحج!.. إن هذا المفهوم مرفوض جملة وتفصيلاً!..
الكلمة:١٥
إن من المعروف بأن الإنسان عندما يمارس الحرام أو المنكر مدة من الزمن، ثم يتوب إلى الله -عز وجل- توبة حقيقية، فإنه سيختصر بعض المراحل.. أي أن هنالك قوة تحريك في باطن هذا الإنسان النادم، تدفعه إلى الله عز وجل، فقد يتقدم على الطائعين من عباد الله عز وجل، لما يعيشه من الندامة الباطنية.