أحاديث في كلمات الرسول (ص) وحكمه ومواعظه البليغة التي كان ينصح بها أصحابه ويوجههم بها، وفي على قصر بعضها تحتوي من الحكم ما لا يحتويه كلام، وهذه أحاديث جليلة جمعها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وقد اقتبس الشيخ حبيب الكاظمي بعض هذه الأحاديث وحذف أسانيدها مع مراعاة التبويب، فكانت جواهر البحار الذي بين يديك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خصلتان ليس فوقهما من البرّ شيء: الإيمان بالله، والنفع لعباد الله، وخصلتان ليس فوقهما من الشرّ شيء: الشرك بالله، والضرّ لعباد الله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ستحرصون على الإمارة ثمّ تكون حسرة وندامة، فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة.
وقيل له (صلى الله عليه وآله): أيّ الأصحاب أفضل؟ قال (صلى الله عليه وآله): إذا ذكرت أعانك، واذا نسيت ذكّرك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوصاني ربّي بتسع: أوصاني بالإخلاص في السرّ والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمّن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكراً، ومنطقي ذكراً، ونظري عبراً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا ساد القوم فاسقهم وكان زعيم القوم أذلّهم وأكرم الرجل الفاسق فلينتظر البلاء.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزول المسروق منه في تهمة من هو بريء، حتّى يكون أعظم جرماً من السارق.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح وأمسى وعنده ثلاث فقد تمّت عليه النعمة في الدنيا: من أصبح وأمسى معافاً في بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه، فإن كانت عنده الرابعة فقد تمّت عليه النعمة في الدنيا والآخرة وهو الإيمان.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ارحموا عزيزاً ذلّ وغنيّاً افتقر وعالماً ضاع في زمان جهّال.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلّتان كثير من الناس فيهما مفتون: الصحّة والفراغ.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ملعون من ألقى كلّه على الناس.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابنه إبراهيم _ وهو يجود بنفسه _: «لولا أنّ الماضي فرط الباقي، وأنّ الآخر لاحق بالأوّل لحزنّا عليك يا إبراهيم».
ثمّ دمعت عينه وقال (صلى الله عليه وآله): «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما لا يرضي الربّ، وإنّا بك _ يا إبراهيم _ لمحزونون».
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يقبض العلم انتزاعاً من الناس ولكنّه يقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالم اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً، استفتوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل جهاد أمّتي انتظار الفرج.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أغبط أوليائي عندي من أمّتي: رجل خفيف الحال ذو حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه في الغيب، وكان غامضاً في الناس، وكان رزقه كفافاً فصبر عليه، إن مات قلّ تراثه وقلّ بواكيه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أصاب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن حتّى الهمّ يهمّه، إلّا كفّر الله به عنه من سيّئاته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكل ما يشتهي، ولبس ما يشتهي، وركب ما يشتهي لم ينظر الله إليه حتّى ينزع أو يترك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن كمثل السنبلة تخرّ مرّة وتستقيم مرّة، ومثل الكافر مثل الأرزة لا يزال مستقيماً لا يشعر، وسئل (صلى الله عليه وآله): من أشدّ الناس بلاء في الدنيا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): النبيّون ثمّ الأماثل فالأماثل، ويبتلى المؤمن على قدر إيمانه وحسن عمله، فمن صحّ إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومن سخف إيمانه وضعف عمله قلّ بلاؤه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّه والله، ما من عمل يقرّبكم من النار إلّا وقد نبّأتكم به ونهيتكم عنه، وما من عمل يقرّبكم إلى الجنّة إلّا وقد نبّأتكم به وأمرتكم به، فإنّ الروح الأمين نفث في روعي أنّه لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها فأجملوا في الطلب ولا يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبوا ما عند الله بمعاصيه، فإنّه لا ينال ما عند الله إلّا بطاعته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صوتان يبغضهما الله: إعوال ١ عند مصيبة، ومزمار عند نعمة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علامة رضا الله عن خلقه رخص أسعارهم وعدل سلطانهم، وعلامة غضب الله على خلقه جور سلطانهم وغلاء أسعارهم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كنّ فيه كان في نور الله الأعظم: من كان عصمة أمره شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله، ومن إذا أصابته مصيبة قال: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾، ومن إذا أصاب خيراً قال: «الحمد لله»، ومن إذا أصاب خطيئة قال: «أستغفر الله وأتوب إليه».
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العلم خزائن ومفاتيحه السؤال، فاسألوا رحمكم الله، فإنّه يؤجر أربعة: السائل، والمتكلّم، والمستمع، والمحبّ لهم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أفتى الناس بغير علم لعنه ملائكة السماء والأرض.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ من تعلّم العلم ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو يصرف وجوه الناس إليه ليعظّموه فليتبوّأ مقعده من النار، فإنّ الرئاسة لا تصلح إلّا لله ولأهلها، ومن وضع نفسه في غير الموضع الذي وضعه الله فيه مقته الله، ومن دعا إلى نفسه فقال: أنا رئيسكم _ وليس هو كذلك _ لم ينظر الله إليه حتّى يرجع عمّا قال، ويتوب إلى الله ممّا ادّعى.
قال عيسى ابن مريم للحواريّين: تحبّبوا إلى الله وتقرّبوا إليه، قالوا: يا روح الله، بماذا نتحبّب إلى الله ونتقرّب؟ قال: ببغض أهل المعاصي، والتمسوا رضا الله بسخطهم، قالوا: يا روح الله، فمن نجالس إذاً؟ قال: من يذكّركم الله رؤيته، ويزيد في عملكم منطقه، ويرغّبكم في الآخرة عمله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فاحش بذيّ قليل الحياء، لا يبالي ما قال وما قيل فيه، أما إنّه إن تنسبه لم تجده إلّا لبغي أو شرك شيطان، قيل: يا رسول الله، وفي الناس شياطين؟ قال: نعم، أ وما تقرأ قول الله: ﴿وَشَارِكۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ﴾؟
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نظر الولد إلى والديه حبّاً لهما عبادة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا مدح الفاجر اهتزّ العرش وغضب الربّ.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيّها الناس، ما الرقوب فيكم؟ قالوا: الرجل يموت ولم يترك ولداً، فقال (صلى الله عليه وآله): بل الرقوب حقّ الرقوب رجل مات ولم يقدّم من ولده أحداً يحتسبه عند الله وإن كانوا كثيراً بعده، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): ما الصعلوك فيكم؟ قالوا: الرجل الذي لا مال له، فقال (صلى الله عليه وآله): بل الصعلوك حقّ الصعلوك من لم يقدّم من ماله شيئاً يحتسبه عند الله وإن كان كثيراً من بعده، ثمّ قال: ما الصرعة فيكم؟ قالوا: الشديد القويّ الذي لا يوضع جنبه، فقال (صلى الله عليه وآله): بل الصرعة حقّ الصرعة رجل وكز الشيطان في قلبه، واشتدّ غضبه وظهر دمه، ثمّ ذكر الله فصرع بحلمه غضبه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أذاع فاحشة كان كمبدئها، ومن عيّر مؤمناً بشيء لم يمت حتّى يركبه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من علامات الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وشدّة الحرص في طلب الدنيا، والإصرار على الذنب.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمرت بمداراة الناس كما أمرت بتبليغ الرسالة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): استعينوا على أموركم بالكتمان، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح وأمسى والآخرة أكبر همّه جعل الله الغنى في قلبه وجمع له أمره ولم يخرج من الدنيا حتّى يستكمل رزقه، ومن أصبح وأمسى والدنيا أكبر همّه جعل الله الفقر بين عينيه وشتّت عليه أمره ولم ينل من الدنيا إلّا ما قسّم له.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): جماعة أمّتي أهل الحقّ، وإن قلّوا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ودّ المؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ومن أحبّ في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المؤمن دعب لعب، والمنافق قطب وغضب.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم العون على تقوى الله الغنى.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعجل الشرّ عقوبة البغي.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الهديّة على ثلاثة وجوه: هديّة المكافأة، وهديّة مصانعة، وهديّة لله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف بكم إذا فسد نساؤكم وفسق شبّانكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ قيل له: ويكون ذلك يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله): نعم، وشرّ من ذلك.
وكيف بكم إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر؟ قيل: يا رسول الله، ويكون ذلك؟ قال (صلى الله عليه وآله): نعم، وشرّ من ذلك، وكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا تطيّرت فامض، وإذا ظننت فلا تقض، وإذا حسدت فلا تبغ.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمّتي تسع: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطرّوا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة ولا لسان.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يحزن أحدكم أن ترفع عنه الرؤيا، فإنّه إذا رسخ في العلم رفعت عنه الرؤيا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكمل الناس عقلاً أخوفهم لله وأطوعهم له، وأنقص الناس عقلاً أخوفهم للسلطان وأطوعهم له.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة مجالستهم تميت القلب: الجلوس مع الأنذال، والحديث مع النساء، والجلوس مع الأغنياء.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا غضب الله على أمّة لم ينزّل العذاب عليهم، غلت أسعارها وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارتها ولم تزكّ ثمارها ولم تغزر أنهارها، وحبس عنها أمطارها، وسلّط عليها أشرارها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كثر الزنا بعدي كثر موت الفجأة، وإذا طفّف المكيال أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن، وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الظلم والعدوان، وإذا نقضوا العهود سلّط الله عليهم عدوّهم، وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي، سلّط الله عليهم أشرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم.
ولمّا نزلت: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا﴾، قال (صلى الله عليه وآله): من لم يتعزّ بعزاء الله انقطعت نفسه حسرات على الدنيا، ومن مدّ عينيه إلى ما في أيدي الناس من دنياهم طال حزنه، ومن سخط ما قسّم الله له من رزقه وتنغّص عليه عيشه، ولم ير أنّ لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو مشرب، فقد جهل وكفر نعم الله وضلّ سعيه، ودنا منه عذابه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من طلب رضا مخلوق بسخط الخالق، سلّط الله عزّ وجلّ عليه ذلك المخلوق.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ لله عباداً يفزع إليهم الناس في حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان لا يبالي الرجل ما تلف من دينه إذا سلمت له دنياه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقلّ ما يكون في آخر الزمان: أخ يوثق به أو درهم من حلال.
أثنى قوم بحضرته على رجل حتّى ذكروا جميع خصال الخير، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف عقل الرجل؟ فقالوا: يا رسول الله، نخبرك عنه باجتهاده في العبادة وأصناف الخير، تسألنا عن عقله؟ فقال (صلى الله عليه وآله): إنّ الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنّما يرتفع العباد غداً في الدرجات، وينالون الزلفى من ربّهم على قدر عقولهم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسم الله العقل ثلاثة أجزاء، فمن كنّ فيه كمل عقله ومن لم تكنّ فيه فلا عقل له: حسن المعرفة لله، وحسن الطاعة لله، وحسن الصبر على أمر الله.
قدم المدینة رجل نصراني من أهل نجران، وكان فيه بيان وله وقار وهيبة، فقيل: يا رسول الله، ما أعقل هذا النصراني! فزجر القائل، وقال (صلى الله عليه وآله): مه، إنّ العاقل من وحّد الله وعمل بطاعته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تقدّمت إليه يد كان عليه من الحقّ أن يكافأ، فإن لم يفعل فالثناء، فإن لم يفعل فقد كفّر النعمة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة الخفيّة تطفئ غضب الله، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكلّ معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأوّل من يدخل الجنّة أهل المعروف.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله يحبّ إذا أنعم على عبده أن يرى أثر نعمته عليه، ويبغض البؤس والتبؤّس.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يهرم ابن آدم وتشبّ منه اثنتان: الحرص والأمل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة لم تزلّ قدما عبد حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعمّا اكتسبه من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممّن كملت مروّته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوّته، وحرمت غيبته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الإيمان عقد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة تلزم كلّ ذي حجىً وعقل من أمّتي، قيل: يا رسول الله، ما هنّ؟ قال (صلى الله عليه وآله): استماع العلم، وحفظه، ونشره، والعمل به.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير من الخير معطيه، وشرّ من الشرّ فاعله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من نقله الله من ذلّ المعاصي إلى عزّ الطاعة، أغناه بلا مال، وأعزّه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس، ومن خاف الله أخاف منه كلّ شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كلّ شيء، ومن رضي من الله باليسیر من الرزق رضي الله منه باليسير من العمل، ومن لم يستحي من طلب الحلال من المعيشة خفّت مؤونته ورخى باله ونعّم عياله، ومن زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصّره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار القرار.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كثر همّه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذّب نفسه، ومن لاحى الرجال ذهبت مروّته وكرامته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا إنّ شرّ أمّتي الذين يكرمون مخافة شرّهم، ألا ومن أكرمه الناس اتّقاء شرّه فليس منّي.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أصبح من أمّتي وهمّته غير الله فليس من الله، ومن لم يهتمّ بأمور المؤمنين فليس منهم، ومن أقرّ بالذلّ طائعاً فليس منّا أهل البيت.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أشراط الساعة: كثرة القرّاء وقلّة الفقهاء، وكثرة الأمراء وقلّة الأمناء، وكثرة المطر وقلّة النبات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنّه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبّت الله قدميه على الصراط يوم القيامة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتّى يفرّط، ويفرّط حتّى يضيّع، ويضيّع حتّى يأثم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إيّاكم وتخشّع النفاق، وهو أن يري الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اقبلوا الكرامة، وأفضل الكرامة الطيب، أخفّه محملاً وأطيبه ريحاً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّما تكون الصنيعة إلى ذي دين أو ذي حسب، وجهاد الضعفاء الحجّ، وجهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها، والتودّد نصف الدين، وما عال امرء قطّ على اقتصاد، واستنزلوا الرزق بالصدقة، أبى الله أن يجعل رزق عباده المؤمنين من حيث يحتسبون.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): مع كلّ فرحة ترحة ١ ، استعينوا على الحوائج بالكتمان لها … ومن لم يصبر على ذلّ التعلّم ساعة بقي في ذلّ الجهل أبداً … إذا تغيّر السلطان تغيّر الزمان، إذا كان الداء من السماء فقد بطل هناك الدواء، الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف … من فتح له باب خير فلينتهزه، فإنّه لا يدري متى يغلق عنه … حبّك للشيء يعمي ويصمّ … الشباب شعبة من الجنون.
لا خير في السرف ولا سرف في الخير … رأس العقل بعد الإيمان التودّد إلى الناس … الصدقة تزيد في العمر وتستنزل الرزق وتقي مصارع السوء، وتطفئ غضب الربّ … أضيق الأمر أدناه من الفرج … من تعلّمت منه حرفاً صرت له عبداً … طالب العلم محفوف بعناية الله … الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له … المؤمنون عند شروطهم … الكعبة تزار ولا تزور … السكوت عند الضرورة بدعة … الأمور مرهونة بأوقاتها … الهديّة تذهب السخيمة … تصافحوا، فإنّه يذهب بالغلّ … نعم الشيء الهديّة أمام الحاجة … الهديّة تفتح الباب المصمّت … المرء مخبوّ تحت لسانه … الهدايا رزق الله، من أهدي إليه شيء فليقبله … إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فاهدوا إليها طرائف الحكم.
في حديث القدسي: يا داود، فرّغ لي بيتاً أسكنه، إنّ لله في أيّام دهركم نفحات، ألا فترصّدوا لها … .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنّه من أقبل على الله تعالى بقلبه، جعل الله قلوب العباد منقادة إليه بالودّ والرحمة، وكان الله إليه بكلّ خير أسرع.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل الذي يرى لنفسه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الراحمون يرحمهم الرحمن يوم القيامة، ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء.
قال أسود بن أصرم: قلت: يا رسول الله، أوصني، فقال (صلى الله عليه وآله): أ تملك يدك؟ قلت: نعم، قال (صلى الله عليه وآله): فتملك لسانك؟ قلت: نعم، قال (صلى الله عليه وآله): فلا تبسط يدك إلّا إلى خير، ولا تقل بلسانك إلّا معروفاً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنّك لن تجد فقد شيء تركته لله عزّ وجلّ.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه، واحذروا الذنوب، فإنّ العبد يذنب الذنب فيحبس عنه الرزق.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قل الحقّ ولو على نفسك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنّك تزرع كذلك تحصد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اذكر الله عند همّك إذا هممت، وعند لسانك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحسنوا مجاورة النعم، لا تملّوها ولا تنفروها، فإنّها قلّما نفرت من قوم فعادت إليهم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرّمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اجتهدوا في العمل، فإن قصر بكم الضعف، فكفّوا عن المعاصي.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الزهد ليس بتحريم الحلال، ولكن أن يكون بما في يدي الله أوثق منه بما في يديه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكثر الاستغفار جعل الله له من كلّ همّ فرجاً، ومن كلّ ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلمة الحكمة يسمعها المؤمن خير من عبادة سنة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسن الخلق وصلة الأرحام وبرّ القرابة تزيد في الأعمار وتعمر الديار ولو كان القوم فجّاراً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من أحد ولي شيئاً من أمور المسلمين فأراد الله به خيراً إلّا جعل الله له وزيراً صالحاً، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه، وإن همّ بشرّ كفّه وزجره.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله يبغض البخيل في حياته، السخيّ عند وفاته.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يقبل دعاء من قلب غافل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأمل رحمة لأمّتي، ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها، ولا غرس غارس شجراً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الشباب شعبة من الجنون.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الشيخ شابّ على حبّ أنيس، وطول حياة، وكثرة مال.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علّموا ولا تعنّفوا، فإنّ المعلّم العالم خير من المعنّف.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): غريبتان غريبة: كلمة حكم من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من انقطع إلى الله كفاه كلّ مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها، ومن حاول أمراً بمعصية الله كان أبعد له ممّا رجا وأقرب ممّا اتّقى، ومن طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده منهم ذامّاً، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم، ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرّهم، ومن أحسن ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن أحسن سريرته أصلح الله علانيته، ومن عمل لآخرته كفى الله أمر دنياه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تسبّوا الدنيا فنعمت مطيّة المؤمن، فعليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشرّ، إنّه إذا قال العبد: لعن الله الدنيا، قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربّه.
فأخذ الشريف الرضيّ (رحمة الله عليه) بهذا المعنى فنظمه بيتاً:
يقولون الزمان به فساد
فهم فسدوا وما فسد الزمان
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيّها الناس، لا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تعاقبوا ظالماً فيبطل فضلكم، ولا تراؤوا الناس فيحبط عملكم، ولا تمنعوا الموجود فيقلّ خيركم.
أيّها الناس، إنّ الأشياء ثلاثة: أمر استبان رشده فاتّبعوه، وأمر استبان غيّه فاجتنبوه، وأمر اختلف عليكم فردّوه إلى الله.
أيّها الناس، أ لا أنبّئكم بأمرين خفيف مؤونتهما، عظيم أجرهما، لم يلق الله بمثلهما؟ طول الصمت وحسن الخلق.
قال أبو هریرة: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس إذا رأيناه ضاحكاً حتّى بدت ثناياه، فقلنا: يا رسول الله، ممّ ضحكت؟ فقال: رجلان من أمّتي جيئا بين يدي ربّي، فقال أحدهما: يا ربّ، خذ لي بمظلمتي من آخر، فقال الله تعالی: أعط أخاك مظلمته، فقال: يا ربّ، لم يبق من حسناتي شيء، فقال: يا ربّ، فليحمل من أوزاري.
ثمّ فاضت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: إنّ ذلك اليوم ليوم تحتاج الناس فيه إلى من يحمل عنهم أوزارهم، ثمّ قال الله تعالی للطالب بحقّه: ارفع بصرك إلى الجنّة فانظر ماذا ترى، فرفع رأسه فرأى ما أعجبه من الخير والنعمة، فقال: يا ربّ، لمن هذا؟ فقال: لمن أعطاني ثمنه، فقال: يا ربّ، ومن يملك ثمن ذلك؟ فقال: أنت، فقال: كيف بذلك؟ فقال: بعفوك عن أخيك، فقال: قد عفوت، فقال الله تعالی: فخذ بيد أخيك فادخلا الجنّة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡ﴾.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كن في الدنيا كأنّك غريب وعابر سبيل، واعدد نفسك في الموتى، وإذا أصبحت فلا تحدّث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح، وخذ من صحّتك لسقمك، ومن شبابك لهرمك، ومن حياتك لوفاتك، فإنّك لا تدري ما اسمك غداً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيّها الناس، أقبلوا على ما كلّفتموه من إصلاح آخرتكم، وأعرضوا عمّا ضمن لكم من دنياكم، ولا تستعملوا جوارحاً غذّيت بنعمته في التعرّض لسخطه بنقمته، واجعلوا شغلكم في التماس مغفرته، واصرفوا همّتكم بالتقرّب إلى طاعته، إنّه من بدأ بنصيبه من الدنيا فإنّه نصيبه من الآخرة، ولم يدرك منها ما يريد، ومن بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه من الدنيا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إيّاكم وفضول المطعم، فإنّه يسمّ القلب بالقسوة، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة، ويصمّ الهمم عن سماع الموعظة، وإيّاكم وفضول النظر، فإنّه يبدر الهوى، ويولّد الغفلة، وإيّاكم واستشعار الطمع، فإنّه يشوب القلب شدّة الحرص، ويختم على القلوب بطابع حبّ الدنيا وهو مفتاح كلّ سيّئة، ورأس كلّ خطيئة وسبب إحباط كلّ حسنة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يكون أمّتي في الدنيا على ثلاثة أطباق: أمّا الطبق الأوّل: فلا يحبّون جمع المال وادّخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنّما رضاهم من الدنيا سدّ جوعة وستر عورة، وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
و أمّا الطبق الثاني: فإنّهم يحبّون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن سبيله، يصلون به أرحامهم ويبرّون به إخوانهم، ويواسون به فقراءهم، ولعضّ أحدهم على الرضيف ١ أيسر عليه من أن يكتسب درهماً من غير حلّه، أو يمنعه من حقّه أن يكون له خازناً إلى حين موته، فأولئك الذين إن نوقشوا عذّبوا، وإن عفي عنهم سلموا.
وأمّا الطبق الثالث: فإنّهم يحبّون جمع المال ممّا حلّ وحرم، ومنعه ممّا افترض ووجب، إن أنفقوه أنفقوه إسرافاً وبداراً، وإن أمسكوه أمسكوه بخلاً واحتكاراً، أولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتّى أوردتهم النار بذنوبهم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله تعالی، وأن تحمدهم على رزق الله تعالی، وأن تذمّهم على ما لم يؤتك الله، إنّ رزق الله لا يجرّه حرص حريص، ولا يردّه كراهة كاره، إنّ الله تبارك اسمه بحكمته جعل الروح والفرح في الرضا واليقين، وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسخط، إنّك إن تدع شيئاً لله إلّا آتاك الله خيراً منه، وإن تأت شيئاً تقرّباً إلى الله تعالی إلّا أجزل الله لك الثواب عنه، فاجعلوا همّتكم الآخرة، لا ينفد فيها ثواب المرضيّ عنه، ولا ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس شيء تباعدكم من النار إلّا وقد ذكرته لكم، ولا شيء يقرّبكم من الجنّة إلّا وقد دللتكم عليه، إنّ روح القدس نفث في روعي ١ أنّه لن يموت عبد منكم حتّى يستكمل رزقه، فأجملوا في الطلب، فلا يحملنّكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئاً من فضل الله بمعصيته، فإنّه لن ينال ما عند الله إلّا بطاعته، ألا وإنّ لكلّ امرئ رزقاً هو يأتيه لا محالة، فمن رضي به بورك له فيه ووسعه، ومن لم يرض به لم يبارك له فيه ولم يسعه، إنّ الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر المسلمين، شمّروا ١، فإنّ الأمر جدّ، وتأهّبوا ٢، فإنّ الرحيل قريب، وتزوّدوا، فإنّ السفر بعيد، وخفّفوا أثقالكم، فإنّ وراءكم عقبة كؤوداً ولا يقطعها إلّا المخفّون.
أيّها الناس، إنّ بين يدي الساعة أموراً شداداً وأهوالاً عظاماً وزماناً صعباً يتملّك فيه الظلمة، ويتصدّر فيه الفسقة، ويضام فيه الآمرون بالمعروف، ويضطهد فيه الناهون عن المنكر، فأعدّوا لذلك الإيمان وعضّوا عليه بالنواجذ، والجأوا إلى العمل الصالح وأكرهوا عليه النفوس، تفضوا إلى النعيم الدائم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل يعظه: ارغب فيما عند الله يحبّك الله، وازهد ما في أيدي الناس يحبّك الناس، إنّ الزاهد في الدنيا يريح، ويريح قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة، والراغب فيها يتعب قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة، ليجيئنّ أقوام يوم القيامة لهم حسنات كأمثال الجبال فيؤمر بهم إلى النار، فقيل: يا نبيّ الله، أ مصلّون كانوا؟ قال: نعم، كانوا يصلّون ويصومون ويأخذون وهناً من الليل، لكنّهم إذا لاح لهم شيء من أمر الدنيا وثبوا عليه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيّها الناس، ﴿اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾، واسعوا في مرضاته، وأيقنوا من الدنيا بالفناء ومن الآخرة بالبقاء، واعملوا لما بعد الموت فكأنّكم بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل.
أيّها الناس، إنّ من في الدنيا ضيف وما في أيديهم عارية، وإنّ الضيف مرتحل والعارية مردودة، ألا وإنّ الدنيا عرض حاضر يأكل منه البرّ والفاجر، والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك عادل قادر، فرحم الله امرأ ينظر لنفسه ومهّد لرمسه ١ ما دام رسنه ٢ مرخياً، وحبله على غاربه ملقياً، قبل أن ينفد أجله وينقطع عمله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقلل من الشهوات يسهل عليك الفقر، وأقلل من الذنوب يسهل عليك الموت، وقدّم مالك أمامك يسرّك اللحاق به، واقنع بما أوتيته يخفّ عليك الحساب، ولا تتشاغل عمّا فرض عليك بما قد ضمن لك، فإنّه ليس بفائتك ما قد قسم لك، ولست بلاحق ما قد زوي عنك، فلا تك جاهداً فيما أصبح نافداً، واسع لملك لا زوال له في منزل لا انتقال عنه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّه ما سكن حبّ الدنيا قلب عبد إلّا التاط ١ فيها بثلاث: شغل لا ينفد عناؤه، وفقر لا يدرك غناه، وأمل لا ينال منتهاه، ألا إنّ الدنيا والآخرة طالبتان ومطلوبتان، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتّى يستكمل رزقه، وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتّى يأخذه الموت بغتة، ألا وإنّ السعيد من اختار باقية يدوم نعيمها على فانية لا ينفد عذابها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة والآخرة قد احتملت مقبلة، ألا وإنّكم في يوم عمل لا حساب فيه، ويوشك أن تكونوا في يوم حساب ليس فيه عمل، وإنّ الله يعطي الدنيا من يحبّ ويبغض، ولا يعطي الآخرة إلّا لمن يحبّ.
وإنّ للدنيا أبناء وللآخرة أبناء، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، إنّ شرّ ما أتخوّف عليكم اتّباع الهوى وطول الأمل، فاتّباع الهوى يصرف قلوبكم عن الحقّ، وطول الأمل يصرف هممكم إلى الدنيا … .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من بيت إلّا وملك الموت يقف على بابه كلّ يوم خمس مرّات، فإذا وجد الإنسان قد نفد أجله وانقطع أكله ألقى عليه الموت، فغشيته كرباته وغمرته غمراته، فمن أهل بيته الناشرة شعرها والضاربة وجهها الصارخة بويلها الباكية بشجوها، فيقول ملك الموت: ويلكم، ممّ الجزع؟ وفيم الفزع؟ والله، ما أذهبت لأحد منكم مالاً ولا قرّبت له أجلاً ولا أتيته حتّى أمرت ولا قبضت روحه حتّى استأمرت، وإنّ لي إليكم عودة ثمّ عودة حتّى لا أبقي منكم أحداً.
ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده، لو يرون مكانه ويسمعون كلامه لذهلوا عن ميّتهم وبكوا على نفوسهم، حتّى إذا حمل الميّت على نعشه رفرف روحه فوق النعش وهو ينادي: يا أهلي وولدي، لا تلعبنّ بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعته من حلّه ومن غير حلّه وخلّفته لغيري، والمهنّأ له والتبعات عليّ، فاحذروا من مثل ما نزل بي.
شبكة السراج في الطريق إلى الله
شبكة السراج في الطريق إلى الله؛ موقع ثقافي، إعلامي وتبليغي، يهدف لنشر معارف الإسلام المحمّدي وترويج الثّقافة الدّينيّة، يضمّ بساتين من المحتوى الهادف في مختلف المجالات، مضافا إلى محاضرات ومؤلّفات سماحة الشّيخ حبيب الكاظمي.
تمّت زيارة موقع سراج ١,٢٠٠,٠٠٠ مرة خلال الستة أشهر الماضية، كما ظهر في نتائج بحث المستخدمين ١١,٣٧٠,٠٠٠ مرّة.