الخطبة الحادية والستون بعد المائة من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يوضح فيها دور النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في محاربة الجهل والظلم والفوضى والكفر وهو من خير الأسر ولد بمكة المكرمة وهاجر إلى المدينة المنورة التي انتشرت منها دعوته إلى أصقاع العالم وجاء بالقرآن الكافي في حجته والشافي في موعظته ثم يصف الدنيا بأنها أبعد دار عن رضا الله (تعالى) ويصف حال الناس في البرزخ.
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهجالبلاغة
فهرس الكتب نهجالبلاغة
- نهج البلاغة
- » الخطب »
- الخطبة ١٦١
من خطبة له عليه السلام في صفة النبي وأهل بيته وأتباع دينه، وفيها يعظ بالتقوى
في صفة النبي وأهل بيته وأتباع دينه، وفيها يعظ بالتقوى
الرسول وأهله وأتباع دينه
ابْتَعَثَهُ بِالنُّورِ الْمُضِيءِ وَالْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ وَالْمِنْهَاجِ الْبَادِي وَالْكِتَابِ الْهَادِي. أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَةٍ وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ، أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ وَثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ، مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ وَهِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ، عَلَا بِهَا ذِكْرُهُ وَامْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُهُ، أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ وَمَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ وَدَعْوَةٍ مُتَلَافِيَةٍ، أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائِعَ الْمَجْهُولَةَ وَقَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ وَبَيَّنَ بِهِ الْأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ؛ فَ "مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً" تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُهُ وَتَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ وَتَعْظُمْ كَبْوَتُهُ وَيَكُنْ مَآبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ وَالْعَذَابِ الْوَبِيلِ.
وَأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَأَسْتَرْشِدُهُ السَّبِيلَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِهِ الْقَاصِدَةَ إِلَى مَحَلِّ رَغْبَتِهِ.
النُصح بالتقوى
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً وَالْمَنْجَاةُ أَبَداً، رَهَّبَ فَأَبْلَغَ وَرَغَّبَ فَأَسْبَغَ وَوَصَفَ لَكُمُ الدُّنْيَا وَانْقِطَاعَهَا وَزَوَالَهَا وَانْتِقَالَهَا، فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا، أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَأَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، فَغُضُّوا عَنْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ غُمُومَهَا وَأَشْغَالَهَا لِمَا قَدْ أَيْقَنْتُمْ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا وَتَصَرُّفِ حَالاتِهَا، فَاحْذَرُوهَا حَذَرَ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ وَالْمُجِدِّ الْكَادِحِ. وَاعْتَبِرُوا بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ قَدْتَزَايَلَتْ أَوْصَالُهُمْ وَزَالَتْ أَبْصَارُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَذَهَبَ شَرَفُهُمْ وَعِزُّهُمْ وَانْقَطَعَ سُرُورُهُمْ وَنَعِيمُهُمْ، فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الْأَوْلَادِ فَقْدَهَا وَبِصُحْبَةِ الْأَزْوَاجِ مُفَارَقَتَهَا، لَا يَتَفَاخَرُونَ وَلَا يَتَنَاسَلُونَ وَلَا يَتَزَاوَرُونَ وَلَا يَتَحَاوَرُونَ. فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِهِ الْمَانِعِ لِشَهْوَتِهِ النَّاظِرِ بِعَقْلِهِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ وَاضِحٌ وَالْعَلَمَ قَائِمٌ وَالطَّرِيقَ جَدَدٌ وَالسَّبِيلَ قَصْد.