الخطبة التاسعة والعشرون بعد المائة من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يشير فيه إلى سوء الزمان الذي أصبح فيه عليه السلام وكل زمان أو مكان ينتشر فيه الفساد ويخذل فيه المظلوم ويركن الظالم فهو زمان الشيطان ومكانه وليس لله فيه نصيب ويشير إلى أسباب سوء الزمان وانتشار الفساد ويذم الآمرين بالمعروف التاركين له والناهين عن المنكر العاملين به.
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهجالبلاغة
فهرس الكتب نهجالبلاغة
- نهج البلاغة
- » الخطب »
- الخطبة ١٢٩
من خطبة له عليه السلام في ذكر المكاييل والموازين
في ذكر المكاييل والموازين
عِبَادَ اللَّهِ إِنَّكُمْ وَمَا تَأْمُلُونَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ وَمَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ أَجَلٌ مَنْقُوصٌ وَعَمَلٌ مَحْفُوظٌ، فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَيَّعٌ وَرُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٌ. وَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لَا يَزْدَادُ الْخَيْرُ فِيهِ إِلَّا إِدْبَاراً وَلَا الشَّرُّ فِيهِ إِلَّا إِقْبَالًا وَلَا الشَّيْطَانُ فِي هَلَاكِ النَّاسِ إِلَّا طَمَعاً، فَهَذَا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ وَعَمَّتْ مَكِيدَتُهُ وَأَمْكَنَتْ فَرِيسَتُهُ. اضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلَّا فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً أَوْ بَخِيلًا اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّهِ وَفْراً أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً. أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ وَصُلَحَاؤُكُمْ وَأَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وَسُمَحَاؤُكُمْ وَأَيْنَ الْمُتَوَرِّعُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ وَالْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهِمْ؟ أَ لَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَالْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ وَهَلْ [خُلِّفْتُمْ] خُلِقْتُمْ إِلَّا فِي حُثَالَةٍ لَا تَلْتَقِي إِلَّا بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ وَذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ؟ فَ «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ». ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلَا مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ وَلَا زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ، أَ فَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللَّهَ فِي دَارِ قُدْسِهِ وَتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ، هَيْهَاتَ لَا يُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ وَلَا تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ. لَعَنَ اللَّهُ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَهُ وَالنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلِينَ بِهِ.