الخطبة السابعة والتسعون من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يؤنب فيها أصحابه لتخاذلهم وتفرقهم واستثقالهم جهاد عدوهم من أهل البغي معاوية وحزبه الأشرار من أهل الشام ثم يوبخهم بكلمات عنيفة يستحقونها لتفرقهم عن إمامهم واجتماع أهل الشام أهل الباطل على معاوية وفي نهايتها يأمرهم بلزوم أهل البيت والاهتداء بمنارهم وفيها وصف أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله).
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهجالبلاغة
فهرس الكتب نهجالبلاغة
- نهج البلاغة
- » الخطب »
- الخطبة ٩٧
من كلام له عليه السلام في أصحابه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
في أصحابه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أصحاب علي
وَلَئِنْ أَمْهَلَ الظَّالِمَ فَلَنْ يَفُوتَ أَخْذُهُ وَهُوَ لَهُ بِالْمِرْصَادِ عَلَى مَجَازِ طَرِيقِهِ وَبِمَوْضِعِ الشَّجَا مِنْ مَسَاغِ رِيقِهِ. أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَظْهَرَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ لَيْسَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لِإِسْرَاعِهِمْ إِلَى [بَاطِلِهِمْ] بَاطِلِ صَاحِبِهِمْ وَإِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقِّي. وَلَقَدْ أَصْبَحَتِ الْأُمَمُ تَخَافُ ظُلْمَ رُعَاتِهَا وَأَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي. اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا وَأَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا وَدَعَوْتُكُمْ سِرّاً وَجَهْراً فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا؛ أَ شُهُودٌ كَغُيَّابٍ وَعَبِيدٌ كَأَرْبَابٍ أَتْلُو عَلَيْكُمْ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ مِنْهَا وَأَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا وَأَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا، تَرْجِعُونَ إِلَى مَجَالِسِكُمْ وَتَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ. أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً وَتَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً كَظَهْرِ الْحَنِيَّةِ [الحيّة]عَجَزَ الْمُقَوِّمُ وَأَعْضَلَ الْمُقَوَّمُ.
أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ الْمُبْتَلَى بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ. صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللَّهَ وَأَنْتُمْ تَعْصُونَهُ وَصَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّهَ وَهُمْ يُطِيعُونَهُ. لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَنِي بِكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةَ مِنْكُمْ وَأَعْطَانِي رَجُلًا مِنْهُمْ!
یا أَهْلَ الْكُوفَةِ مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلَاثٍ وَاثْنَتَيْنِ، صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ وَبُكْمٌ ذَوُو كَلَامٍ وَعُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ، لَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلَاءِ. تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ يَا أَشْبَاهَ الْإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيمَا إِخَالُكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى وَحَمِيَ الضِّرَابُ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا، وَإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَمِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي وَإِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً.
أصحاب رسول الله
انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى؛ فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا وَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا وَلَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا. لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ (صلی الله علیه وآله) فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ، لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً وَقَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَقِيَاماً يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ [خذدهم]، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ، كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ. إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ وَمَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ وَرَجَاءً لِلثَّوَاب!