الخطبة الخامسة والعشرون من خطب أميرالمؤمنين عليه السلام المذكورة في كتاب نهج البلاغة يعاتب فيها الإمام أصحابه على خذلانه وتفضيلهم للعافية وعدم الاكتراث لما تتعرض له البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان أميرالمؤمنين عليه السلام من غارات وهجوم من قبل أصحاب معاوية ويبين لهم الإمام الأسباب الأربعة لتخاذلهم وهي، تفرقهم عن الحق ومعصية إمامهم في الحق وخيانتهم للأمانة وفسادهم في بلادهم ثم يدعوا الإمام أن يبدله الله بأقوام خير منهم ويبدل العراقيين بحاكم شرا من الإمام علي عليه السلام ويدعوا الإمام أن يسلط الله على قلوبهم الهم والغم.
فهرس نهج البلاغة
فهرس الخطب نهجالبلاغة
فهرس الكتب نهجالبلاغة
- نهج البلاغة
- » الخطب »
- الخطبة ٢٥
من خطبة له (علیه السلام) وقد تواترت عليه الأَخبار باستيلاءِ أَصحاب معاوية على البلاد
قد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن وهما عبيد الله بن عباس وسعيد بن نمران لما غلب عليهما بُسر بن أبي أرطاة. فقام (علیه السلام) على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد ومخالفتهم له في الرأي فقال:
مَا هِيَ إِلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا وَأَبْسُطُهَا إِنْ لَمْ تَكُونِي إِلَّا أَنْتِ تَهُبُّ أَعَاصِيرُكِ فَقَبَّحَكِ اللَّهُ!
وَتَمَثَّلَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
«لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ يَا عَمْرُو إِنَّنِي، عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ»
ثُمَّ قَالَ (علیه السلام): أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي الْبَاطِلِ وَبِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَ خِيَانَتِكُمْ وَبِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وَ فَسَادِكُمْ فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ. اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّونِي وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ.
«هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ، فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ»
ثُمَّ نَزَلَ (علیه السلام) مِنَ الْمِنْبَرِ.
حاشية السيد الشريف الرضي «ره»:
قال السيد الشريف أقول الأرمية جمع رميّ وهو السحاب والحميم هاهنا وقت الصيف وإنما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر لأنه أشد جفولا وأسرع خفوفا لأنه لا ماء فيه وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء وذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا والإغاثة إذا استغيثوا والدليل على ذلك قوله: «هنالك لو دعوت، أتاك منهم»