- ThePlus Audio
أسئلة وأجوبة حول الحياة الزوجية
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد صبرت لسنوات عديدة على معاملة زوجي السيئة لي ولا أريد الدخول في التفاصيل إلا أنني أود أن أعلم؛ هل أنني أحصل على الأجر والثواب من الله سبحانه بالصبر على مثل هذا الزوج على الرغم أني كنت لا أود الانفصال عنه لأجل الأولاد ولكنني قد صبرت عليه لعدة أسباب؟
جواب الشيخ حبيب الكاظمي: إن صبر الزوج على زوجته أو العكس لأجل الثواب ليس هدفا مناسبا لكلا الزوجين وإنما هو أثر من آثار الصبر. فأن يصبر الرجل لأجل حور العين أو تصبر المرأة لأجل الولدان المخلدون هذا أمر لا يعطيها دافع تربوي وإن كان أمر حسنا إلى حد ما، وإنما ينبغي أن يكون الصبر نابع عن قناعة وفهم وبصيرة وتقييم صحيح للشريك بأخذ الصفات السلبية والإيجابية معا بعين الاعتبار. فأقول للشريك الذي يشكو شريكته أنك تبحث عن زوجة مثالية ولكنك لست هناك..! وكذلك الزوجة التي تشتكي زوجها. وأعتقد أن الصبر على الحياة الزوجية لأجل الثواب ينبغي أن يكون آخر شيء يفكر فيه الزوجان وإنما عليهما أن يبحثوا عن أساليب ودوافع مقنعة لاستمرار الحياة بينهما لا أن يتذكروا الجنة والنار لأن ذلك لا يعطيهما ذلك الدافع الثابت في كل يوم وقد لا ينفعهما ذلك في خضم المشاكل التي تحدث بينهما. وكذلك الصبر لأجل الأولاد لا أراه أمرا مناسبا فقد يكبر الأولاد ويخرجون من هذه الأسرة وقد يتوفون لا سمح الله فتنقطع عرى هذا الزواج بذلك. لا ينبغي للأم أو الأب أن يكونا حاضنين للأولاد فحسب من دون وجود علاقة عاطفية بينهما.
هناك الكثير من المؤمنين يحملون المسجد والصلوات والأجواء الدينية مسؤولية إعراض الزوجة عن أداء حقوقها الزوجية والاهتمام بشأن الأسرة فما هو الحل لهؤلاء؟
جواب الشيخ حبيب الكاظمي: ينبغي أن يكون المسجد عنصرا من عناصر الاستقرار الزوجي فهو مصدر توعية وتثقيف من خلال ما يقام فيه من ندوات وخطب جمعة تناقش فيها المسائل الاجتماعية، فلا ينبغي إلقاء اللوم على المساجد وإنما ينبغي إلقاء اللوم على بعض الأخوات اللواتي يسئن إلى المسجد بسوء تصرفهن مع أزواجهن وإهمال شؤون المنزل وزيارة الأصدقاء تحت ذريعة الذهاب إلى المسجد. فقد أصبح المسجد لبعض الرجال شريكا أو ندا أو ضرة إن صح التعبير، وذلك لأن الزوج قد يحتاج إلى وجود الزوجة لأي سبب في المنزل ولكن تصر الأخيرة على الذهاب إلى المسجد معرضة عن حاجة الزوج إليها في بعض شئونه النفسية أوحاجة الأولاد إليها لقرب امتحانات آخر السنة أو حاجة الرجل إلى تهيئة طعام لضيوفه أو ما شابه ذلك من الأسباب التي تستوجب بقاء الوالدة في المنزل.
وقد تأتي بعض النساء إلى المنزل في ساعة متأخرة تحت ذريعة الاستماع إلى خطبة أو الحضور في مناسبة في المسجد. وقد يضحي الرجل بحقوقه ويتعاون مع الزوجة في تهدئة الأولاد ورعايتهم لأجل ذهابها إلى المسجد والحضور فيه لاستماع خطبة. ولكن لا ينبغي للمرأة أن تستغل هذا التعاون وتنفر الزوج من المسجد، وفي ذلك سوء أدب وعدم احترام للمسجد. فلا ذنب للمسجد في ما ذكرنا وإنما للمسجد دور بناء إذا أخذ الزوجين جانب الاقتصاد والتوازن في الحضور فيه والاستفادة من إمكانياته.
ما هو رأيكم بمن يقول: أن طريق حل الخلافات الزوجية هو التقليد من الغرب؛ حيث يختلط الشباب بعضهم ببعض ويدرس كل فرد شخصية من يريد الاقتران بها من دون رادع اجتماعي؟
جواب الشيخ حبيب الكاظمي: بدأت نظرية الإباحية في الغرب بشكل موجه ومفلسف ومعقول إلى حد ما. فقال: إن الكبت الجنسي منشأ جميع المشاكل، وتحيط المرأة هالة غريبة كأنها عنصر من كوكب آخر وعندما نرفع الحجاب والحواجز في المدارس والأسواق وغيرها تخف هذه الحساسية تجاه المرأة.
وللأسف هناك في بلاد المسلمين إلى يومنا هذا مناطق مخصصة للإباحية وقد سمحت بعض هذه الدول الإسلامية بوجود مناطق رسمية للتعري. وقد رأينا فشل الإباحية الجنسية في الغرب. فالدنيا كماء البحر كلما شرب منها الإنسان ازداد عطشا، ولذلك وصل الشاب الغربي إلى درجة لا يشبع شبقه الأجهزة والصناعات في هذا المجال ولا نوادي التعري والمسابح المختلطة ولا ما شابه ذلك. ولكن المؤمن باعتقادي يستلذ جنسيا أكثر من الإنسان الغربي الذي يعاشر زوجته وفي ذهنه عشرات الصور لنساء يفقن امرأته في الجمال عشرات المرات. ولذلك نهى الشرع أن يجامع الرجل زوجته بخيال امرأة أخرى.
ما هو علاج غيرة الزوجة؟
جواب الشيخ حبيب الكاظمي: باعتقادي أن علاج هذه المسألة من أصعب الأمور. في الحقيقة ترى المرأة الرجل وقفا لها وهذا إحساس ارتكازي على الرغم من علمها بأن الشرع أجاز للرجل التعدد. وينبغي للمرأة أن تمنع زوجها من التعدد بسلوكها وحسن سيرتها لا بالتهديد بترك الأولاد أو بسوء الخلق والفضيحة وما شابه من الأساليب التي لم تكن في يوم من الأيام نافعة وإنما كانت تعطي نتيجة معاكسة. فكلما ازدادت المرأة في الخلق سوء كلما دفعته نحو التعدد دفعا، لأن الرجل يزداد قناعة أن الحل هو الذهاب لتكوين أسرة أخرى. والغيرة أمر طبيعي إلا أنه ينبغي تعلم كيفية التعامل مع هذه الحالة. وحتى الرجل يشعر بالغيرة في بعض الأحيان في محيط عمله ممن ينافسه في العمل.
هل للعلاقة الجنسية بين الزوجين تأثير إيجابي أو سلبي على علاقتهما بصورة عامة؟ وما هي حدود هذه العلاقة الشرعية؟
جواب الشيخ حبيب الكاظمي: لا شك أن للعلاقة الجنسية بعدان. البعد الأول: هو البعد الجسمي الميكانيكي المعروف وهي عملية يشترك فيها جميع الحيوانات. وهناك بعد آخر أراده الشرع من هذه العلاقة هو التقارب النفسي بين الزوجين. ولذلك وضع الشرع بعض القواعد لهذه الممارسة. منها عدم التعري بصورة كاملة وعدم الاستعجال كالبهائم فللنساء حوائج كما تبين الروايات. وهذه العلاقة تسخر لصالح الالتقاء النفسي فأسهل شيء للزوجين هو الالتقاء البديني. وهذا الالتقاء هو تعبير رمزي عن الالتقاء الروحي، ولذلك كلما قويت العلاقة النفسية والانسجام الروحي كلما عذبت هذه العلاقة.
وأما حدود هذه العلاقة فقد بينها القرآن الكريم حيث قال: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)[١] وقد جعل سبحانه بعض الحدود في قوله: (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ)[٢]. فهناك بعض صور الاستمتاع يدور أمرها بين الكراهة الشديدة والحرمة وهناك ذم شديد لها وتنفير منها في الروايات المروية في كتاب البحار وغيره. وما عدا ذلك فإن الشرع لم يضع حدودا. ولكن على الرجل أن يأنف من هذا العمل إذا لم يكن بينه وبين شريكته توافق أو رغبة أو كانت الرغبة من طرف واحد ففيه شيء من الذل والهوان. فلا بد من وجود تفاهم بين الزوجين في الحياة الزوجية لا أن يتم التفاهم والانسجام وقت العلاقة فحسب، والتوتر الذي تصاب به هذه العلاقة إنما ينشأ من الابتعاد النفسي بين الزوجين.