Search
Close this search box.

باب في كيفية وداع قبر النبي (صلّى الله عليه وآله) عند الخروج من المدينة المنورة من قبيل الغسل والزيارة والآداب الشريفة المروية عن أهل البيت (عليهم السلام)، ذكرها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان.

Layer 5

الوداع: إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل وامض إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) واعمل ما كنت تعمله من قبل ثمّ ودّعه وقل:
السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسُولَ اللهِ أستَودِعُكَ اللهَ وَأستَرعِيكَ وَأقرَأُ عَلَيكَ، السَّلامُ آمَنتُ بِاللهِ وَبِما جِئتَ بِهِ وَدَلَلتَ عَلَيهِ، اللهُمَّ لا تَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِنّي لزيارة قَبرِ نَبِيِّكَ فَإن تَوَفَّيتَني قَبلَ ذلِكَ فَإنّي أشهَدُ في مَماتي عَلى ما شَهِدتُ عَلَيهِ في حياتي أن لا إلهَ إلاّ أنتَ وَأنَّ مُحَمَّداً عَبدُكَ وَرَسُولُكَ (صلى الله عليه وآله).
وقال الصادق (عليه السلام) ليونس بن يعقوب: «قل في وداع النبي (صلى الله عليه وآله): صَلّى اللهُ عَلَيكَ السَّلامُ عَلَيكَ لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ تَسلِيمي عَلَيكَ».
أقول: قد قلنا في كتاب (هدية الزائرين) عند بيان ما ينبغي أن يصنع زوّار المدينة الطيّبة: إنّ من مهام الاُمور أن يغتنموا الفرصة ما أقاموا في المدينة المعظّمة فيكثروا من الصلاة في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فإنّ الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة في غيره من المواضع، وأفضل الأماكن فيه مسجد الروضة وهو بين القبر والمنبر.
واعلم أنّه قال شيخنا في (التحية): إنّ موضع جسد نبينا والأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) في الأرض أشرف من الكعبة المعظّمة باتفاق جميع الفقهاء كما صرّح به الشهيد في القواعد.
وفي حديث حسن عن الحضرمي قال: أمرني الصادق (عليه السلام) أن أكثر من الصلاة في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) ما أمكنتني الصلاة. وقال: «إنّه لا يتيسّر لك دائماً الحضور في هذه البقعة الشريفة» الخ.
وروى الشيخ الطوسي (رحمه الله) في (التهذيب) بسند معتبر عن مرازم، عن الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) قال: «الصيام بالمدينة والقيام عند الاساطين ليس بمفروض ولكن من شاء فليصم فإنّه خير له إنّما المفروض الصلاة الخمس وصيام شهر رمضان فأكثروا الصلاة في هذا المسجد ما استطعتم فإنّه خير لكم».
واعلموا أنّ الرجل قد يكون كيّساً في أمر الدنيا فيقول الناس: ما أكيس فلاناً، ولكن عليه أن يكون كيّساً في أمر آخرته. وكرّر إن أمكنك في كلّ يوم زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) وكذلك زيارة أئمة البقيع (عليهم السلام) وسلّم على النبي (صلى الله عليه وآله) مهما وقع بصرك على حجرته وراقب نفسك ما دمت في المدينة وصن نفسك من المعاصي والمظالم وتدبّر في شرف تلك المدينة ولا سيّما مسجدها مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فتلك البقاع هي مواضع أقدام النبي (صلى الله عليه وآله) وقد تردّد النبي (صلى الله عليه وآله) في مسالك هذه المدينة وأسواقها وصلّى في مسجدها، وهناك موضع الوحي والتنزيل وكان يهبط فيها جبرائيل والملائكة المقرّبون ولنعم ما قيل:

أرضٌ مشى جِبريلُ في عَرَصَاتِها * * * واللهُ شَرَّفَ أرضَها وَسَماءَها

وتصدّق ما استطعت في المدينة ولا سيّما في المسجد وخاصّة على السادة وذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) فإنّ لها ثواباً جزيلاً وأجراً عظيماً.
وقال العلّامة المجلسي (رحمه الله) في رواية معتبرة: «إنّ درهما يتصدّق بها فيها يعدل عشرة آلاف درهم في غيرها وجاور المدينة الطيّبة إن أمكنك فإنّها مستحبّة وقد ورد في فضلها أحاديث مستفيضة:

سَقى اللهُ قَبراً بِالمَدِينَةِ غَيثَه * * * فَقَد حَلَّ فيه الأمنُ بِالبَرَكاتِ
نَبِيُّ الهُدى صَلّى عَلَيهِ مَلِيكُه * * * وَبَلَّغَ عَنَّا رُوحَهُ التُّحَفاتِ
وَصَلى عَلَيهِ الله ما ذَرَّ شارِق‌ٌ * * * وَلاحَت نُجُومُ اللَيلِ مُبتَدِراتِ

Layer 5