Search
Close this search box.

زيارة سلمان الفارسي (قدس سره) الذي كان بحسب الروايات يعرف الاسم الأعظم وأنّه كان من المحدَّثين وأنّ للايمان عشرة مراتب وهو قد نال المرتبة العاشرة، وأنه كان يعلم الغيب والمنايا وأنّه كان قد أكل وهو في الدنيا من تحف الجنة وأن الجنة كانت تشتاق إليه وتعشقه وأنّه كان يحبّه الله ورسوله وأن الله تعالى قد أمر النبي (صلّى الله عليه وآله) بحب أربعة كان سلمان أحدهم ذكر زيارته الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان.

Layer 5

إعلم أنّ من وظائف الزوار في مدينة الكاظمين التوجه إلى المدائن لزيارة عبد الله الصالح سلمان المحمدي (رضوان الله عليه)، وهو أوّل الأركان الأربعة وقد خصّه النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: «سلمان منّا أهل البيت»، فجعله في زمرة أهل بيت النبوّة والعصمة.
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً في فضله: «سلمان بحر لاينزف وكنز لاينفد سلمان منا أهل البيت يمنح الحكمة ويؤتي البرهان» وشبهه أمير المؤمنين (عليه السلام) بلقمان الحكيم، بل عدّه الصادق (عليه السلام) أفضل منه، وعدّه الباقر (عليه السلام) من المتوسّمين.
ويستفاد من الأحاديث أنّه كان يعرف الاسم الاعظم وأنّه كان من المحدّثين بفتح الدال وأنّ للإيمان عشر مراتب وهو قد نال المرتبة العاشرة، وأنّه كان يعلم الغيب والمنايا وأنّه كان قد أكلّ وهو في الدنيا من تحف الجنة وأنّ الجنة كانت تشتاق إليه وتعشقه وأنّه كان يحبّه الله ورسوله وأن الله تعالى قد أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بحب أربعة كان سلمان أحدهم، وأنه قد نزل في الثناء عليه وعلى أقرانه آيات من القرآن الكريم وأنّ جبرائيل كان إذا هبط على النبي (صلى الله عليه وآله) يا مره انّ يبلّغ سلمان سلاماً عن الله تعالى ويطلعه على علم المنايا والبلايا والأنساب وأنه كان له ليلاً مجلس يخلو فيه برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) قد علّماه من علم الله المخزون المكنون مالا يطيق حمله سواه وأنه قد بلغ مبلغاً شهد في حقه الصادق (عليه السلام) قائلاً: «أدرك سلمان العلم الأول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزح وهو منّا أهل البيت».
وحسب الزائر ترغيباً في زيارته التأمل في اختصاص سلمان وانفراده بين الصحابة والاُمّة بمنقبة عظيمة هي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) طوى المسافة بين المدينة والمدائن في ليلة واحدة فحضر جنازته وباشر بنفسه غسله وتكفينه ثمّ صلّى عليه بصفوف من الملائكة فعاد إلى المدينة في ليلته. فياله من الشرف الرفيع ولاءُ آل الرسول وحبّهم حيث يبلغ به المرء مثل هذه الدرجة الرفيعة والمرتبة السامية.
وأمّا في صفة زيارته: فاعلم أن السيّد ابن طاووس قد ذكر له في (مصباح الزائر) أربع زيارات ونحن نقتصر هنا بالأولى من تلك الزيارات وقد أثبتنا الزيارة الرابعة منها في كتاب (الهدية) وقد أوردها الشيخ أيضاً في التهذيب فإذا شئت زيارته فقف على قبره مستقبلاً القبلة وقل:

السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللهِ خاتَمِ النَّبِيِّينَ السَّلامُ عَلى أمِيرِ المُؤمِنِينَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ السَّلامُ عَلى الأئِمَّةِ المَعصُومِينَ الرَّاشِدِينَ السَّلامُ عَلى المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا صاحِبَ رَسُولِ اللهِ الأمِينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا وَلِيَّ أمِيرِ المُؤمِنِينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا مُودَعَ أسرارِ السَّادَةِ المَيا مِينِ السَّلامُ عَلَيكَ يا بَقِيَّةَ اللهِ مِنَ البَرَرَةِ الماضِينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللهِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. أشهَدُ أنَّكَ أطَعتَ اللهَ كَما أمَرَكَ، وَاتَّبَعتَ الرَّسُولَ كَما نَدَبَكَ وَتَوَلَّيتَ خَلِيفَتَهُ كَما ألزَمَكَ وَدَعَوتَ إلى الاهتِمامِ بِذُرِّيَّتِهِ كَما وَقَفَكَ وَعَلِمتَ الحَقَّ يَقِيناً وَاعتَمَدتَهُ كَما أمَرَكَ أشهَدُ أنَّكَ بابُ وَصِيِّ المُصطَفى وَطَرِيقُ حُجّةِ اللهِ المُرتَضى وَأمِينُ اللهِ فِيما استُودِعتَ مِن عُلُومِ الأصفياءِ، أشهَدُ أنَّكَ مِن أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ النُّجَباءِ المُختارِينَ لِنُصرَةِ الوَصِيِّ، أشهَدُ أنَّكَ صاحِبُ العاشِرَةِ وَالبَراهِينِ وَالدَّلائِلِ القاهِرَةِ وَأقَمتَ الصَّلاةَ وَآتَيتَ الزَّكاةَ وَأمَرتَ بِالمَعرُوفِ وَنَهَيتَ عَنِ المُنكَرِ وَأدَّيتَ الأمانَةَ وَنَصَحتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَصَبَرتَ عَلى الأذى في جَنبِهِ حَتّى أتاكَ اليَقِينُ. لَعَنَ اللهُ مَن جَحَدَكَ حَقَّكَ وَحَطَّ مِن قَدرِكَ لَعَنَ اللهُ مَن آذاكَ في مَوالِيكَ لَعَنَ اللهُ مَن أعنَتَكَ في أهلِ بَيتِكَ لَعَنَ اللهُ مَن لامَكَ في ساداتِكَ لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِّ وَالإنسِ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَضاعَفَ عَلَيهِمُ العَذابَ الألِيمَ. صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا صاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وَعَلَيكَ يا مَولى أمِيرِ المُؤمِنِينَ وَصَلّى اللهُ عَلى رُوحِكَ الطَّيِّبَةِ وَجَسَدِكَ الطَّاهِرِ، وَألحَقَنا بِمَنِّهِ وَرَأفَتِهِ إذا تَوَفّانا بِكَ وَبِمَحَلِّ السَّادَةِ المَيا مِينَ وَجَمَعَنا مَعَهُم بِجِوارِهِم في جَنَّاتِ النَّعِيمِ، صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللهِ وَصَلّى اللهُ عَلى إخوانِكَ الشِّيعَةِ البَرَرَةِ مِنَ السَّلَفِ المَيا مِينَ وَأدخَلَ الرَّوحَ وَالرِّضوانَ عَلى الخَلَفِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَألحَقَنا وَإياهُم بِمَن تَوَلّاهُ مِنَ العِترَةِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَيكَ وَعَلَيْهِمُ السَّلام وَرَحمَةُ اللهِ بَرَكاتُهُ.
ثمّ اقرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات ثمّ صلّي مندوباً ما بداً لك.
أقول: فإذا عزمت على الانصراف من زيارته فقف عليه مودّعاً وقل ما ذيّل به السيد زيارته الرابعة وهو:
السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللهِ أنتَ بابُ اللهِ المُؤتى مِنهُ وَالمَأخُوذُ عَنهُ، أشهَدُ أنَّكَ قُلتَ حَقّاً وَنَطَقتَ صِدقاً وَدَعَوتَ إلى مَولايَ وَمَولاكَ عَلانِيَّةً وَسِرّاً، أتَيتُكَ زائِراً وَحاجاتي لَكَ مُستَودِعاً وَها أنا ذا مُوَدِّعُكَ أستَودِعُكَ دِيني وَأمانَتي وَخَواتِيمَ عَمَلي وَجَوامِعَ أمَلي إلى مُنتَهى أجَلِي، السَّلامُ عَلَيكَ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأخيارِ . ثمّ ادع كثيراً وانصرف.
أقول: إذا فرغ الزائر من زيارة سلمان (رضي الله تعالى عنه) فعليه وظيفتان:
الاُولى: الصلاة ركعتين أو أكثر عند طاق كسرى فقد صلّى هناك أمير المؤمنين (عليه السلام) روي عن عمّار الساباطي قال: قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) المدائن ونزل إيوان كسرى وكان معه دلف بن بحير فلمّا صلّى قام وقال لدلف: «قم معي» وكان معه جماعة من أهل ساباط فما زال يطوف منازل كسرى، ويقول لدلف: «كان لكسرى في هذا المكان كذا وكذا» ويقول دلف: هو والله كذلك حتى طاف المواضع بجميع من كان عنده ودلف يقول: يا سيّدي ومولاي كأنك وضعت هذه الأشياء في هذه المساكن. وروي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) مرّ على المدائن فلمّا رأى آثار كسرى قال رجل ممّن معه:

جرت الرياح على رسوم ديارهم *** ‌فكأنّهم كانوا على ميعاد

فقال (عليه السلام) : «أفلا قلت: (كَم تَرَكُوا مِن جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ* وَنَعمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ * كَذلِكَ وَأورَثناها قَوماً آخَرِينَ* فَما بَكَت عَليهِمُ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانُوا مُنظَرِينَ).
ثمّ قال (عليه السلام): إنّ هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين لم يشكروا النعمة فسلبوا دنيا هم بالمعصية إياكم وكفر النعم لا تحلّ بكم النقم».
الثانية: أن يزور حذيفة بن اليمان وهو من كبار صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن خواص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان في الصحابة يمتاز بمعرفة المنافقين ومعرفة أسمائهم وكان الخليفة الثاني لا يصلّي على جنازة لم يحضرها حذيفة بن اليمان وكان حذيفة والياً على المدائن سنين عديدة ثمّ عزله وأقرّ سلمان في مقامه فلمّا توفّي عاد حذيفة والياً على المدائن واستمرّ عليها حتى عادت الخلافة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأصدر (عليه السلام) من المدينة مرسومه الملكي إلى حذيفة وإلى أهل المدائن ينبئ باستقرار الأمر له ويعيّن حذيفة والياً ولكن حذيفة مات في المدائن ودفن هناك قبل أن يحل أمير المؤمنين (عليه السلام) بجيشه بالكوفة بعد مغادرته المدينة إلى البصرة دفعاً لشرّ أصحاب الجمل.
عن أبي حمزة الثمالي قال: دعا حذيفة بن اليمان ابنه عند موته فأوصى إليه وقال: يا بني أظهر الياس عمّا في أيدي الناس فإنّ فيه الغنى، وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنّه فقر حاضر، وكن اليوم خيراً منك أمس وإذا أنت صلّيت فصلّ صلاة مودّع للدنيا كأنّك لا ترجع وإياك وما يعتذر منه.
واعلم أنّ إلى جانب مرقد سلمان يقع المسجد الجامع للمدائن وهو منسوب إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولم يعرف سبب النسبة فهل هو (عليه السلام) قد أمر ببنائه أم أنّه صلّى فيه، فلا تجعل نفسك محروماً من فضيلة الصلاة فيه ركعتين.

Layer 5