Search
Close this search box.

يوم العاشر من شهر محرم – يوم عاشوراء – وهو يوم استشهد فيه الحسين (عليه السلام) وهو يوم المصيبة والحزن للأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم وفيه بعض السنن والآداب ذكرها بالتفصيل الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيحا لجنان ومنها أن يعزي المؤمنون بعضهم بعضا قائلين: أَعْظَمَ الله اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَجَعَلَنا وَإِيَّاكُمْ مِنْ الطَّالِبِينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمام المَهْدِيّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.

Layer 5

يوم استشهد فيه الحسين (عليه السلام) وهو يوم المصيبة والحزن للأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم.
وينبغي للشيعة أن يمسكوا فيه عن السعي في حوائج دنيا هم وأن لا يدّخروا فيه شيئاً لمنازلهم وأن يتفرّغوا فيه للبكاء والنياح وذكر المصائب وأن يقيموا مآتم الحسين (عليه السلام) كما يقيمونه لأعزّ أولادهم وأقاربهم وأن يزوروه بزيارة عاشوراء الآتية إن شاء الله تعالى وأن يجتهدوا في سبّ قاتليه ولعنهم وليعزّ بعضهم بعضاً قائلاً:
أعظَمَ اللهُ اُجورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَينِ (عليه السلام) وَجَعَلَنا وَإياكُم مِن الطَّالِبينَ بِثأرِهِ مَعَ وَليِّهِ الإمام المَهديّ مِن آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) .
وينبغي أن يتذاكروا فيه مقتل الحسين (عليه السلام) فيستبكي بعضهم بعضاً، وروي أنّه لمّا أمر موسى (عليه السلام) بلقاء الخضر (عليه السلام) والتعلم منه كان أول ما تذاكروا فيه هو أنّ العالم حدّث موسى (عليه السلام) بمصائب آل محمد (عليهم السلام) فبكيا واشتدّ بكاؤهما.
وعن ابن عباس قال: حضرت في ذي قار عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخرج صحيفة بخطّه وإملاء النبي (صلى الله عليه وآله) وقرأ لي من تلك الصحيفة وكان فيها مقتل الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) وأنّه كيف يقتل ومن الذي يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه ثمّ بكى بكاءً شديداً وأبكاني.
أقول: لم يسع المقام لا يراد موجز من مقتله (عليه السلام) فمن شاء فليطالع كتبنا الخاصة في المقتل وعلى أي حال فمن سقى الناس عند قبر الحسين (عليه السلام) في هذا اليوم كان كمن سقى أعوانه (عليه السلام) في كربلاء. ولقراءة التوحيد ألف مرّة في هذا اليوم، فضل، وروي أنّ الله تعالى ينظر إلى من قرأها نظر الرحمة، وقد روى السيد لهذا اليوم دعاءً يشابه دعاء العشرات.
بل الظاهر أنّه نفس الدعاء على بعض رواياته، وقد روى الشيخ عن عبد الله بن سنان، عن الصادق (عليه السلام) صلاة ذات أربع ركعات ودعاء يؤدّى غدوة ولم نوردهما اختصاراً، من شاء فليطلبها من (زاد المعاد).
وينبغي أيضاً للشيعة الإمساك عن الطعام والشراب في هذا اليوم من دون نية الصيام وأن يفطروا في آخر النهار بعد العصر بما يقتات به أهل المصائب كاللبن الخاثر والحليب ونظائرهما لا بالأغذية اللذيذة وأن يلبسوا ثياباً نظيفة ويحلّوا الأزرار ويكشطوا الأكمام على هيئة أصحاب العزاء.
وقال العلّامة المجلسي في (زاد المعاد): والأحسن أن لا يصام اليوم التاسع والعاشر فإنّ بني أمية كانت تصومهما شماتة بالحسين (عليه السلام) وتبرّكاً بقتله وقد افتروا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث كثيرة وضعوها في فضل هذين اليومين وفضل صيامهما.
وقد روي من طريق أهل البيت (عليهم السلام) أحاديث كثيرة في ذمّ الصوم فيهما لاسيما في يوم عاشوراء.
وكانت أيضاً بنو اُمية لعنة الله عليهم تدّخر في الدار قوت سنتها في يوم عاشوراء ولذلك روي عن الإمام الرضا (صلوات الله وسلامه عليه) قال: «من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنة عينه، ومن سمى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر لمنزله فيه شيئاً لم يبارك له فيما ادّخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله» فينبغي أن يكف المرء فيه عن أعمال دنيا ه ويتجرد للبكاء والنياحة وذكر المصائب ويأمر أهله بإقامة المأتم كما يقام لأعزّ الأولاد والأقارب وأن يمسك في هذا اليوم من الطعام والشراب من دون قصد الصيام ويفطر آخر النهار بعد العصر ولو بشربة من الماء ولا يصوم فيه إلاّ إذا وجب عليه صومه بنذر أو شبهه ولا يدّخر فيه شيئاً لمنزله ولا يضحك ولا يقبل على اللهو واللعب ويلعن قاتلي الحسين (عليه السلام) ألف مرة قائلاّ:
اللهُمَّ العَن قَتَلَةَ الحُسَينِ (عليه السلام) .
أقول: يظهر من كلّامه الشريف أنّ ما يروى في فضل يوم عاشوراء من الأحاديث مجعولة مفتراة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد بسط القول مؤلف كتاب (شفاء الصدور) عند شرح هذه الفقرة من زيارة عاشوراء: اللهُمَّ إنَّ هذا يَومٌ تَبَرَّكَت بِهِ بَنو اُمَيَّةَ. وملخّص ما قال: إنّ بني اُمية كانت تتبّرك بهذا اليوم بصور عديدة:
منها: إنّها كانت تستسنّ ادّخار القوت فيه وتعتبر ذلك القوت مجلبة للسعادة وسعة الرزق ورغد العيش الى العام القادم وقد وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) في النهي عن ذلك تعرّضاً لهم.
ومنها: عدّهم هذا اليوم عيداً والتأدّب فيه بآداب العيد من التوسعة على العيال وتجديد الملابس وقصّ الشارب وتقليم الأظفار والمصافحة وغير ذلك ممّا جرت عليه طريقة بني اُمية وأتباعهم.
ومنها: الالتزام بصيامه وقد وضعوا في ذلك أخباراً كثيرة وهم ملتزمون بالصوم فيه.
الرابع: من وجوه التبّرك بيوم عاشوراء ذهابهم إلى استحباب الدعاء والمسألة فيه ولأجل ذلك قد افتروا مناقب وفضائل لهذا اليوم ضمّنوها أدعية لفّقوها فعلّموها العصاة من الاُمة ليلتبس الأمر ويشتبه على الناس وهم يذكرون فيما يخطبون به في هذا اليوم في بلادهم شرفاً ووسيلة لكلّ نبيّ من الأنبياء في هذا اليوم كإخماد نار نمرود، وإقرار سفينة نوح على الجودي، واغراق فرعون، وإنجاء عيسى (عليه السلام) من صليب اليهود، وكما روى الشيخ الصدوق عن جبلة المكية قالت: سمعت ميثم التمار (قدّس الله روحه) يقول: والله لتقتل هذه الاُمّة ابن نبيها في المحرم لعشرة تمضي منه وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة وإنّ ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى أعلم ذلك بعهد عهده الي مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) – الى أن قالت جبلة- فقلت: يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين (عليه السلام) يوم بركة؟
فبكى ميثم (رضي الله عنه) ثمّ قال: سيزعمون لحديث يضعونه أنّه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنّما تاب الله على آدم (عليه السلام) في ذي الحجة، ويزعمون أنّه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من جوف الحوت وإنّما كان ذلك في ذي القعدة، ويزعمون أنّه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح (عليه السلام) على الجودي وإنّما استوت في العاشر من ذي الحجة، ويزعمون أنّه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لموسى (عليه السلام) وإنّما كان ذلك في ربيع الأول.
وحديث ميثم هذا كما رأيت قد صرّح فيه تصريحاً وأكّد تأكيداً أنّ هذه الأحاديث مجعولة مفتراة على المعصومين (عليهم السلام).
وهذا الحديث هو إمارة من إمارات النبوة والإمامة، ودليل من الأدّلة على صدق مذهب الشيعة وطريقتهم فالإمام (عليه السلام) قد نبّأ فيه جزماً وقطعاً بما شاهدنا حدوثه حقاً فيما بعد من الفرية والكذب رأي العين فالعجب أن يلفق مع ذلك دعاء يضمّن هذه الأكاذيب فيورده في كتابه بعض من ليس من ذوي الخبرة والاطلاع من الغافلين فينشر الكتاب بين العوام من الناس وقراءة ذلك الدعاء لا شك أنها بدعة محرّمة.
والدعاء هو:
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ سُبحانَ اللهِ مِلأَ الميزانِ وَمُنتَهى العِلمِ وَمَبلَغَ الرِّضا وَزِنَةَ العَرشِ، وفيه بعد عدة سطور ثمّ صلّ على محمد وآله عشر مرّات وقل: يا قابِلَ تَوبَةِ آدَمَ يَومَ عاشوراءَ، يا رَافِعَ إدريسَ إلى السَّماءِ يَومَ عاشوراءَ ، يا مُسكِّنَ سَفينَةِ نوحٍ عَلى الجوديِّ يَومَ عاشوراءَ، يا غياثَ إبراهيمَ مِنَ النَّار يَومَ عاشوراءَ… الخ، ولا شكّ أنّ هذا الدعاء قد وضعه بعض نواصب المدينة أو خوارج مسقط أو أمثالهم متمّماً به ظلم بني اًُميّة.
تمّ ملخّصاً ما ذكره مؤلف (شفاء الصدور) وعلى كلّ حال فجدير أن تذكر في آخر النهار حال حرم الحسين (عليه السلام) حينئذٍ وبناته وأطفاله وهم اُسارى بكربلاء حزينات باكيات مصابات بما لم يخطر ببال أحد من الخلق ولا يطيق اليراع شرحه. ولقد أجاد من قال:

فاجعةٌ إن أردت أكـتبها * * * مجـملةً ذكـرةً لمدّكر
جرت دموعي فحال حائلها * * * ما بين لحظ الجفون والزّبر
وقال قلبي بُقيناً عليّ فلا * * * والله ما قد طبعت من حجر
بكت لها الأرض والسّماء وما * * * بينهما في مدامعٍ حمر

ثمّ قم وسلّم على رسول الله وعليٍّ المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى وسائر الأئمة من ذرية سيد الشهداء (عليه السلام) وعزّهم على هذه المصائب العظيمة بمهجة حرّى وعين عبرى وزر بهذه الزيارة:
السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفوَةِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ نوحٍ نَبيِّ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ إبراهيمَ خَليلِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ موسى كَليمِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عيسى روحِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ وَليِّ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ الحَسَنِ الشَّهيدِ سِبطِ رَسولِ اللهِ. السَّلامُ عَلَيكَ يا بنَ رَسولِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا بنَ البَشيرِ النَّذيرِ وَابنَ سَيِّدِ الوَصيّينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا بنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا خيَرَةَ اللهِ وَابنَ خيَرَتِهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا ثارَ اللهِ وَابنَ ثأرِهِ السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها الوِترُ المَوتورُ السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها الإمامُ الهادي الزَّكيُّ وَعَلى أرواحٍ حَلَّت بِفِنائِكَ وَأقامَت في جِوارِكَ وَوَفَدَت مَعَ زوَّارِكَ السَّلامُ عَلَيكَ مِنّي ما بَقيتُ وَبَقيَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ، فَلَقَد عَظُمَت بِكَ الرَّزيَّةُ وَجَلَّ المُصابُ في المُؤمِنينَ وَالمُسلِمينَ وَفي أهلِ السَّماواتِ أجمَعينَ وَفي سُكَّانِ الأرضينَ، فَإنّا للهِ وَإنّا إلَيهِ راجِعونَ وَصَلَواتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَتَحياتُهُ عَلَيكَ وَعَلى آبائِكَ الطَّاهِرينَ الطَّيِّبينَ المُنتَجَبينَ وَعَلى ذَراريهِم الهُداةِ المَهديّينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا مَولايَ وَعَلَيهِم وَعَلى روحِكَ وَعَلى أرواحِهِم وَعَلى تُربَتِكَ وَعَلى تُربَتِهِم، اللهُمَّ لَقِّهِم رَحمَةً وَرِضواناً وَرَوحاً وَرَيحاناً. السَّلامُ عَلَيكَ يا مَولايَ يا أبا عَبدِ الله يا بنَ خاتَمِ النَّبيّينَ وَيا بنَ سَيِّدِ الوَصيّينَ وَيا بنَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا شَهيدُ يا بنَ الشَّهيدُ يا أخَ الشَّهيدِ يا أبا الشُّهداءِ.
اللهُمَّ بَلِّغهُ عَنّي في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي هذا اليَومِ وَفي هذا الوَقتِ وَفي كُلِّ وَقتٍ تَحيَّةً كَثيرَةً وَسَلاماً، سَلامُ اللهِ عَلَيكَ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ يا بْنَ سَيِّدِ العالَمينَ وَعَلى المُستَشهَدينَ مَعَكَ سَلاماً مُتَّصِلاً ما اتَّصَلَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ. السَّلامُ عَلى الحُسَينِ بنِ عَليٍّ الشَّهيدِ السَّلامُ عَلى عَليِّ بنِ الحُسَينِ الشَّهيدِ السَّلامُ عَلى العَبّاسِ بنِ أميرِ المُؤمِنينَ الشَّهيدِ السَّلامُ عَلى الشُّهداءِ مِن وَلدِ أميرِ المُؤمِنينَ السَّلامُ عَلى الشُّهداءِ مِن وَلدِ الحَسَنِ السَّلامُ عَلى الشُّهداءِ مِن وَلدِ الحُسَينِ السَّلامُ عَلى الشُّهداءِ مِن وَلدِ جَعفَرٍ وَعَقيلٍ السَّلامُ عَلى كُلِّ مُستَشهَدٍ مَعَهُم مِن المُؤمِنينَ. اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغهُم عَنّي تَحيَّةً كَثيرَةً وَسَلاماً، السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ أحسَنَ اللهُ لَكَ العَزاءَ في وَلَدِكَ الحُسَينِ السَّلامُ عَلَيكِ يا فاطِمَةُ أحسَنَ اللهُ لَكِ العَزاءَ في وَلَدِكِ الحُسَينِ السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ أحسَنَ اللهُ لَكَ العَزاءَ في وَلَدِكَ الحُسَينِ السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ أحسَنَ اللهُ لَكَ العَزاءَ في أخيكَ الحُسَينِ.
يا مَولايَ يا أبا عَبدِ اللهِ أنا ضَيفُ اللهِ وَضَيفُكَ وَجارُ اللهِ وَجارُكَ وَلِكُلِّ ضَيفٍ وَجارٍ قِرىً وَقِرايَ في هذا الوَقتِ أن تَسألَ اللهَ سُبحانَهُ وَتَعالى أن يَرزُقَني فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ إنَّهُ سَميعُ الدُّعاءِ قَريبٌ مُجيبٌ.

Layer 5