Search
Close this search box.
  • مواقف وبطولات من حياة أمير المؤمنين (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

مواقف وبطولات من حياة أمير المؤمنين (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر علي (علي السلام) من ألذ المجالس

إن الحديث عن علي (ع) حديث ذو شجون؛ فهو مفرح ومحزن. فأما الفرح في الحديث عن علي (ع) لأنه ذكر الحبيب، وذكر علي (ع) عبادة ومدحه عبادة. وإن من ألذ المجالس وأقربها إلى الله عز وجل؛ المجالس التي فيها ذكره وفضائله وظلامته وحكمه.

أول الناس إسلاما

لقد رأيت نصاً ملفتاً كنت قد رأيته لأول مرة، والراوي له هو عفيف بن القيس الكندي من الجاهليين، يقول: (كنت في الجاهلية عطارا، فقدمت مكة، فنزلت على العباس بن عبد المطلب، فبينا أنا جالس عنده، انظر إلى الكعبة، وقد تحلقت الشمس في السماء، أقبل شاب كان في وجهه القمر، حتى رمى ببصره إلى السماء، فنظر إلى الشمس ساعة، ثم أقبل حتى دنا من الكعبة، فصف قدميه يصلى، فخرج على إثره فتى كأن وجهه صفيحة يمانية، فقام عن يمينه، فجاءت امرأة متلففة في ثيابها، فقامت خلفهما، فأهوى الشاب راكعا، فركعا معه، ثم أهوى إلى الأرض ساجدا، فسجدا معه، فقلت للعباس يا أبا الفضل أمر عظيم فقال أمر والله عظيم أتدري من هذا الشاب قلت لا، قال هذا ابن أخي، هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، أتدري من هذا الفتى قلت لا، قال هذا ابن أخي علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، أتدري من المرأة قلت لا، قال هذه ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى، هذه خديجة زوج محمد هذا)[١].

لقد كان مأمومه الوحيد من الرجال علي (ع) ومن النساء خديجة (ع) وهو بن عشر سنوات. ثم لما بلغ سن الرابعة عشر وهو سن البلوغ أُمر النبي (ص) أن ينذر عشيرته الأقربين. فجمع العشيرة وقال قولته المعروفة: (مَنْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ يَكُنْ وَصِيِّي، وَوَزِيرِي، وَوَارِثِي، وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ مِنْ بَعْدِي)[٢]. فصمت الجميع وسكت إلا هذا الفتى صاحب الأربعة عشر عاماً فقال : (أَنَا يَا رَسُولَ اَلله). أنا الذي أكون وزيرك، ومد يده للنبي (ص)  معاهدا. وهذه طفولته كانت طفولته. إن النبي (ص) كان يمضغ الطعام ويجعله في فمه. وكان هذا الفتى صاحب العشر سنوات يسمع ويرى ملك الوحي. وبعد هذه المرحلة هاجر النبي (ص) من مكة وقال لوصيه: يا علي، امض إلى فراشي ونم في مضجعي في الليلة التي عرفت بليلة المبيت والتف في بردي الحضرمي ليروا أني لم أخرج. إنهم أرادوا قتل النبي (ص)؛ فتشبه أمير المؤمنين (ع) بالنبي (ص) ونام في فراشه. بالطبع لم يقل النبي (ص) له أنك ستنجو وإلا ما تم الاختبار.

ليلة المبيت

فهجم القوم بسيوفهم ليقتلوا النبي قتلة رجل واحد ولكن دخلوا في المنزل وداهموه بسيوف مسلولة فنهض علي (ع) من فراشه فقالوا له: أين النبي؟ إننا نريد النبي (ص)؟ فقال: وهل ودعتموني عنده لتسألوني عنه؟ لقد قمتم بفعل اضطره إلى ترك البيت. إنه فدى نفسه النبي (ص). والبعض لا يعلم أن علياً بعد هذه القضية وإن لم يقتل إلا أنه أوقف وذهبوا به إلى المسجد الحرام وحبسوه فترة ثم أطلقوا سراحه؛ أي أنه تأذى في هذه المناسبة.

معركة بدر ودور علي (عليه السلام) فيها

وكانت بعد الهجرة معركة بدر أول معركة استراتجية يخوضها المسلمون. وكما يقال هذه الأيام: معركة بدر كانت المعركة الفاصلة، فقد كان مضمون دعاء النبي (ص): يا رب، إن شئت أن لا تعبد لا تعبد. عندما يذهب الحاج إلى مكة في الطريق يمر على منطقة بدر. لو أن المشركون انتصروا في هذه المعركة ودخلوا المدينة لاستباحوا أهلها. ولكن ما الذي جرى هناك؟ إن نصف المقتولين في معركة بدر قتلوا بسيف علي (ع) إلى درجة قال الشيخ المفيد: أن أثبتت رواة العامة والخاصة أسماء الذين تولى علي (ع) قتلهم سوى من اختلف فيهم. فكنات لعلي (ع) صولة حيدرية في معركة بدر وكان بقاء الإسلام بانتصار المسلمين فيها. وعلي (ع) صاحب ذلك السيف.

إن المجتمع من دون محبة لا يحقق أهدافه، وكذلك الأسرة من دون محبة لا تتكامل. هناك المهاجرون من مكة – بتعبير هذه الأيام الوافدون – وهنالك الأنصار، وهم أهل المدينة. وهذه الحزازة دائما موجودة بين المواطن وغيره. وانظروا إلى حركة النبي الملفتة؛ وهي مؤاخاته بين المهاجر والأنصاري. الأنصاري صار أخاً للمهاجر. والقضية معروفة وهي أن الأنصاري الذي كانت له أكثر من زوجة يطلق زوجته فتنتهي عدتها فيزوجها أخاه لئلا يبقى من دون زوجة. كم هذه الحركة ثقيلة على الإنسان العاطفي، وهي أن يطلق زوجته إيثاراً لأخيه عليه؟

ووقف علي (ع) وعيونه تفيض دمعاً وخاطب النبي (ص) وقال له: ما آخيت بيني وبين أحد يا رسول الله (ص)؟ لم تركتني؟ وإذا بالنبي (ص) يقول له: (أَنْتَ أَخِي فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ)[٣] ؛ لا في دار الدنيا فحسب؛ بل أنت أخي عند باب الجنة وأنت أخي في البرزخ وأنت أخي في مقام الشفاعة. ولهذا صار قسيم الجنة والنار.

حرص أمير المؤمنين (ع) على الإسلام والمسلمين

أختم حديثي هذا بختام يرقق القلب. فقد ذكرنا من سيرته إلى الآن ما يفرح من بطولات ومزايا كثيرة. ولكن ماذا جرى عليه في أواخر حياته؟ إنه يرى تراثه نهبا؛ فصبر وفي العين قذى وفي القلب شجى لأنه (ع) قدم مصلحة الإسلام والمسلمين. فقد قال (ع): (فَأَمْسَكْتُ بِيَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ اَلنَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ اَلْإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً تَكُونُ اَلْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلاَيَتِكُمُ اَلَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلاَئِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ اَلسَّرَابُ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ اَلسَّحَابُ)[٤] فكان هنالك المرتد والمشكك ومن هم أمثال هؤلاء. وهذه الإمارة والحكومة لا أريدها إن كانت على حساب الإسلام والمسلمين وسفك الدماء.

[١] شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ١٣ – الصفحة ٢٢٦.
[٢] اثبات الهداة  ج٣ ص٢١٩.
[٣] بحار الأنوار  ج٣٨ ص٣٣٧.
[٤] بحار الأنوار  ج٣٣ ص٥٩٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

Layer-5.png