Search
Close this search box.
  • من وصايا أهل البيت (ع) في التخفيف من وحشة القبر
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من وصايا أهل البيت (ع) في التخفيف من وحشة القبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الاستعداد لليلة الأولى بعد الدفن

ليس الحديث عن الموت حديثا ترفيا أو حديثا خياليا وليس الموت مما كتب على غيرنا؛ بل هو مصيرنا الذي إليه صائرون. إن المؤمن وغير المؤمن تنتابه الوحشة عندما يقترب من القبر. ولو كشف الغطاء لك لسمعت صراخ بعض هؤلاء الموتى. ولذلك ينبغي أن يتريث الإنسان في وضع الجثة في القبر ولا يضعها في القبر مباشرة؛ بل يضعها على شفير القبر وحافته – وهذا هو المعمول به في المقابر – ويصبر هنيئة حتى يأخذ الميت أهبته ويستعد تدريجيا فالأمر موحش حقيقة من المغتسل إلى المقبرة ثم إلى الحفرة.

خوف السيدة مريم (سلام الله عليها) مما بعد الموت

إننا جميعا نعرف منزلة السيدة مريم (س) أم نبي الله المسيح (ع). فقد روي أنه لما فرغ عيسى (ع) من دفن أمه تحدث إليها – فالطريق مفتوح أمامه للتكلم مع الموتى خصوصا والدته – فقال لها: (يَا أُمَّاهُ هَلْ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى اَلدُّنْيَا قَالَتْ نَعَمْ لِأُصَلِّيَ لِلَّهِ فِي لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ اَلْبَرْدِ وَأَصُومَ يَوْماً شَدِيدَ اَلْحَرِّ يَا بُنَيَّ فَإِنَّ اَلطَّرِيقَ مَخُوفٌ)[١]. إن مريم العذراء (س) وهي عابدة بيت المقدس وصاحبة الطعام اللدني تخاف من الطريق؛ فكيف بي وبأمثالي؟

وصية الزهراء (سلام الله عليها) لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الفراغ من دفنها

وهناك رواية عن السيدة الزهراء (س) رق قلبي لهذه السيدة عند الاستماع إليها وهي من وصاياها لأمير المؤمنين (ع) قبل أن تنتقل من الدنيا، تقول: (إِذَا أَنَا مِتُّ فَتَوَلَّ أَنْتَ غُسْلِي وَجَهِّزْنِي وَصَلِّ عَلَيَّ وَأَنْزِلْنِي قَبْرِي وَأَلْحِدْنِي وَسَوِّ اَلتُّرَابَ عَلَيَّ وَاِجْلِسْ عِنْدَ رَأْسِي قُبَالَةَ وَجْهِي فَأَكْثِرْ مِنْ تِلاَوَةِ اَلْقُرْآنِ وَاَلدُّعَاءِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ يَحْتَاجُ اَلْمَيِّتُ فِيهَا إِلَى أُنْسِ اَلْأَحْيَاءِ)[٢]؛ فيالها من مؤنسة ويا له من أنيس. وليته يتفقدنا كما تفقد فاطمة (س) بعد دفنها ويتولى أمرنا فنحن لا نعلم مصيرنا بعد هذه الدنيا فهو أنسنا ونحن محتاجون إليه.

إن ليلة الدفن أو ليلة الوحشة ليلة عظيمة؛ فإياك أن تهمل صلاة الوحشة لأعزتك إن رجعت إلى المنزل من دفنهم. لقد أصبحت بعدهم مالكا لهذا المنزل ووارثا لهم وليس من الإنصاف أن تخلد إلى النوم من دون أن تذكرهم بهذه الصلاة. لقد كان أحد علمائنا يصلي هذه الصلاة كل ليلة ويهديها لكل من دفن في ذلك اليوم. ويقال: أنها من أصعب الليالي التي تمر على الإنسان في عمره. فالإنسان منذ الولادة وفي الطفولة وليلة العرس والفرح محاطا بالأهل والأحباب ولكن في تلك الليلة الموحشة سيكون وحيدا ولذلك تكون من أصعب الليالي التي سيمر بها ومن الأمور التي تخفف عنه الوحشة دفع الصدقة المعتبرة.

ولكن ماذا نفعل للتخفيف من الوحشة في تلك الليلة؟

ولا بد من أجل الإجابة على هذا التسائل أن نرجع إلى روايات أهل ابيت (ع) بدل الذهاب يمنة يسرة، فقد روي عن الإمام الجواد (ع) أنه قال: (مَنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ لَمْ تَدْخُلْهُ وَحْشَةٌ فِي اَلْقَبْرِ)[٣]؛ إن البعض يركع ثم يرفع رأسه ولم يتم الذكر بعد وإنما يتمه وهو يهوي إلى السجود..! ثم إن الإمام (ع) لم يتحدث عن السجود وإنما قال: من أتم ركوعه ولا ندري ما العلاقة بينهما وإتمام الركوع عمل لا يكلف الإنسان كثيرا فلو التزم به يرجى له الأمان. وقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْمَلِكُ اَلْحَقُّ اَلْمُبِينُ كَانَ لَهُ أَمَانٌ مِنَ اَلْفَقْرِ وَأَمْنٌ مِنْ وَحْشَةِ اَلْقَبْرِ وَاِسْتَجْلَبَ اَلْغِنَى وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ)[٤]؛ ويا له من ذكر سهل بإمكان المؤمن أن يلتزم به وهو في طريقه إلى العمل حيث لا يكلفه هذا الذكر شيئا.

ومن الأمور التي تخفف على الإنسان وحشة القبر؛ قراءة سورة ياسين قبل النوم وهي قلب القرآن ويحفظها الكثير من المؤمنين. ومن موجبات التخفيف من تلك الوحشة صلاة الرغائب في شهر رجب في الجمعة الأولى منه. ومن الموجبات زيارة المرضى فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (أَيُّ مُؤْمِنٍ عَادَ مُؤْمِناً فِي اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَرَضِهِ وَكَّلَ اَللَّهُ بِهِ مَلَكاً مِنَ اَلْعُوَّادِ يَعُودُهُ فِي قَبْرِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ)[٥] .

وكان الإمام الصادق (ع): (إِذَا قَامَ آخِرَ اَللَّيْلِ رَفَعَ صَوْتَهُ حَتَّى يَسْمَعَ أَهْلُ اَلدَّارِ يَقُولُ اَللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى هَوْلِ اَلْمُطَّلَعِ وَوَسِّعْ عَلَيَّ اَلْمُضْطَجِعَ وَاُرْزُقْنِي خَيْرَ مَا قَبْلَ اَلْمَوْتِ وَاُرْزُقْنِي خَيْرَ مَا بَعْدَ اَلْمَوْتِ)[٦].

ومن أهم ما يمكن أن يكون عوناً لك في ذلك العالم أن تكون لك علاقة مميزة بأولياء أمرك. فإذا ذهبت لزيارة الأمير (ع) وبعد أن زرته بزيارة أمين الله وغيرها، قل: يا أبا الحسن، أنشدك بحبيبتك فاطمة (س) – وهذا القسم لا يرد على أميرالمؤمنين (ع) – كن لي أنيساً وشافعا.

[١] مستدرك الوسائل  ج٧ ص٥٠٦.
[٢] مستدرك الوسائل  ج٢ ص٣٣٩.
[٣] الکافي  ج٣ ص٣٢١.
[٤] كشف الغمة  ج٢ ص١٦٤.
[٥] الکافي  ج٣ ص١٢٠.
[٦] بحار الأنوار  ج٧٣ ص٢٠٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • ينبغي أن يتريث الإنسان في وضع الجثة في القبر ولا يضعها في القبر مباشرة؛ بل يضعها على شفير القبر وحافته – وهذا هو المعمول به في المقابر – ويصبر هنيئة حتى يأخذ الميت أهبته ويستعد تدريجيا فالأمر موحش حقيقة من المغتسل إلى المقبرة ثم إلى الحفرة.
  • إن عيسى (ع) لما فرغ من دفن والدته تحدث إليها وسألها إن كانت تحب الرجوع إلى هذه الدنيا؟ فقالت: إنني أحب أن أرجع لأمرين: للصلاة في ليلة شديدة البرد وللصيام في يوم شديد الحر ولكنها قالت له بعد ذلك كلمة ينبغي أن لا ينساها المؤمن ما حيي وهو قولها: (إن الطريق مخوف).
  • إن ليلة الدفن أو ليلة الوحشة ليلة عظيمة؛ فإياك أن تهمل صلاة الوحشة لأعزتك إن رجعت إلى المنزل من دفنهم. لقد أصبحت بعدهم مالكا لهذا المنزل ووارثا لهم وليس من الإنصاف أن تخلد إلى النوم من دون أن تذكرهم بهذه الصلاة. لقد كان أحد علمائنا يصلي هذه الصلاة كل ليلة ويهديها لكل من دفن في ذلك اليوم.
Layer-5.png