Search
Close this search box.
  • من موجبات السعادة
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من موجبات السعادة

بسم الله الرحمن الرحيم

الانسجام العائلي

من موجبات السعادة أن يعيش الإنسان في جو عائلي متجانس ومنسجم. قد يأتينا مؤمن ويطلب منا الدعاء لمشكلته، فنسأله ما بك؟ فيقول: إنني أعيش في وسط عائلي غير متجانس ولو كنت كذلك في الدوام الوظيفي لقلت: إنه عمل وينتهي ومتى لم أستطع أن أتحمل وبلغ السيل الزبى أقدم استقالتي وينتهي كل شيء – وقد سألت بعض المؤمنين عن سبب تقديم الاستقالة  على الرغم من أنه سيفقدون الراتب وجميع المزايا التي كانت له؟ فأجابني: أنني في عملي معرض لأن أفقد ديني مالي ولهذ المال. فليذهب إلى الجهنم وبئس المصير – ولكن ماذا يصنع في المنزل مع زوجة لا توافقه، أو العكس من ذلك أن تكون الزوجة صالحة والزوج يدمن النظر إلى الحرام وزوجته الشرعية إلى جانبه قد ازينت له ولها من الجمال ما لها؟ ما هذا الذوق المعوج؟ أو قد يكون الزوجان متفقان ومؤمنان ولكن لهما من الأولاد ما لا يوافقونهما. وما أصعب أن يبتلى الإنسان بذريته خصوصا الإناث منهم؛ فالولد يمكن تصريفه ولكن ماذا يصنع الإنسان بابنته وهي شرفه وعرضه؟

ولذلك إن إبراهيم الخليل (ع) الذي نتذكره في الحج وفي الطواف وفي الحجر وفي المسعى وفي المسلخ وفي الخيف كان يبني البيت العتيق وبجواره شاب كإسماعيل (ع) يناوله الطابوق والحجارة وهناك جارية وزوجة كهاجر (ٍس) تعينهما على بناء البيت. ما هذه العائلة المباركة؟ يقول سبحانه: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ)[١]؛ فالمقاول هو إبراهيم (ع) والموظفون متمثلون بإسماعيل (ع) ووالدته هاجر (س).

وينقل عن أحد العلماء أنه قال: إن أمير المؤمنين (ع) الذي لا ترد له دعوة، كان كثيرا ما يلهج بهذا الدعاء في سجوده وقنوته: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)[٢]. ولهذا قد استجيب له منذ الأزل؛ فمن هم ذرية علي (ع)؟ إن ذريته الحسن والحسين (ع) والعباس وزينب (س) وأحفاده علي بن الحسين (ع) حتى إمامنا (عج).

وقد يسأل سائل فيقول: من أين لي الحصول على هذه الأسرة؟ كيف تصبح زوجتي موافقة لي تماما وكذلك أولادي؟ هذا والأمر خارج من يدي؛ فالجامعة ومواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبويتة والأصدقاء لهم دور في تربيتهم ولهم تأثير عليهم لا يقل عن تأثيري؟ فما هو دوري في زحمة الحياة؟ إن الأمر بحاجة إلى برمجة. اختر موضع النطفة الصالحة وإياك وخضراء الدمن، وارفع يديك بالدعاء ساعة انعقاد النطفة وساعة خروج الولد من بطن أمه وفي فترة الرضاعة وقبل البلوغ. وراقب ولدك من حين بلوغه.

الولد الصالح والعمل على تربيته

لقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (مِنْ سَعَادَةِ اَلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ اَلْوَلَدُ يُعْرَفُ فِيهِ شِبْهُهُ خَلْقُهُ وَخُلُقُهُ وَشَمَائِلُهُ)[٣]. إنني أرى بعض الأطفال الصغار وأقول له ألست ابن فلان؟ فيقول: نعم. فأعرفه من الشبه الذي بينه وبين والده خلقاً وخلقا ومنطقاً؛ كما كان علي الأكبر (ع) يشبه النبي (ص). ولذلك فليكن اهتمامك بهم أكثر من أي شيء آخر. فقد تبني لهم منزلا يسكنون فيه بعد موتك من عرق جبينك وتبذل فيه ما تبذل من المال والوقت ثم يكون الوقت الذي صرفته على ذلك المنزل أكثر من الوقت الذي صرفته عليهم.

أو تعلم أن البعض يصل إلى سن البلوغ ووالديه غافلان عن ذلك. إن بعض الأخوات يرسلن لي رسائل عتابية في لحن اعتراضي يشكون آبائهم وأمهاتم لأنهم لم يخبروهم بتكاليفهم بعد بلوغهم وقد وصل البعض منهن إلى الخمسين ولا تدري كم تقضي من صلاة وصوم؟ لقد كان في قلب إحداهن حرقة – لا أقول: حب الانتقام – ولديها عتباب كثير. فلو مات هذا الأب هل كانت لتترحم عليه إلا من باب الإلزام وهل كانت لتذكره بخير؟

المقبولية الاجتماعية والوثاقة

من موجبات السعادة؛ المقبولية الاجتماعية. للأسف الشديد قد يصل البعض من المؤمنين إلى درجة لا يثق فيها أحد بهم ولا يؤخذ بكلامهم. ولا نقول: أن يصبح المؤمن عادلا؛ فإن أصبح كذلك وصلى الناس خلفه فبخ بخ. ولكن ليكن على أقل التقادير موضع ثقة إخوانه. لقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (كَفَى بِالْمَرْءِ سَعَادَةً أَنْ يُوثَقَ بِهِ فِي أُمُورِ اَلدِّينِ وَاَلدُّنْيَا)[٤]. وقد يصل الأمر بالبعض أن تأمنه على زوجتك وبناتك والملايين من أموالك وهو فقير في المصطلح الشرعي لا يملك قوت سنته. ولقد سألت أحد هؤلاء ممن كان مأمونا على صندوق فيه الملايين: يا فلان، إنك أمين وثقة لا أشك في ذلك ولكن هل نازعتك نفسك للأخذ من هذه الأموال؟ قال لي: بيني وبين الله لم تنازعني نفسي إليها أبدا. فهنيئا لك إن كنت على مستوى من الوثوق أمام المؤمنين والمؤمنات فهذه من موجبات السعاده.

السعي في صلاح الجمهور

إن كلمة الجمهورية كلمة متداولة في الأنظمة السياسية هذه الأيام ولكن هناك رواية نادرة عن أمير المؤمنين (ع) قد أشار فيها إلى هذا المصطلح، فقد روي عنه (ع): (مِنْ كَمَالِ اَلسَّعَادَةِ اَلسَّعْيُ فِي صَلاَحِ اَلْجُمْهُورِ)[٥]؛ فالبعض إن صلحت له أموره واستقرت أوضاعه وكانت لو زوجة ومنزل ودابة؛ فكأنه لا مشكلة في العالم. بينما يأتي الرجل إلى منزله لتستقبله امرأة أحسن استقبال وقد أعدت له مائدة شهية وهي متزينة له ولكنه لا يبتسم ولا يضحك ولا يدنو إلى الطعام، فتسأله زوجته عن علة ذلك؟ فيقول: سمعت خبرا مزعجا في بلاد المسلمين. ألا يكون هذا القلب المرهف ذو قيمة عند الله عز وجل؟

إنني أرى بعض الوثائقيات عن بعض الكفرة والفجرة ممن لا يعتقدون بمبدأ ولا معاد كيف أنقذوا شعوبهم ورفعوا شعارات الحرية والخلاص من الاستعمار ونجحوا في ذلك كمحرر هند وغيرهم الكثير. فلو كان الكافر يفكر في صلاح جمهوره الكافر؛ ألي أولى بي وبك ونحن مؤمنون أن نعيش هم الناس والمجتمع؟

ومن موجبات السعادة أيضا ما روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (إِذَا اِقْتَرَنَ اَلْعَزْمُ بِالْحَزْمِ كَمُلَتِ اَلسَّعَادَةُ)[٦]؛ فهما كسلكي الكهرباء إذا اجتمعا جرى التيار. سلك يمثل العزم وسلك يمثل الحزم. والبعض له عزيمة ولكن لا حزم له؛ فيأخذ قراراً في مقام العمل يتراجع عنه في أول عارض أو منغص.

[١] سورة البقرة: ١٢٧.
[٢] سورة الفرقان: ٧٤.
[٣] الکافي  ج٦ ص٤.
[٤] غرر الحکم  ج١ ص٥٢١.
[٥] غرر الحکم  ج١ ص٦٧٨.
[٦] غرر الحکم  ج١ ص٢٨٥.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • من موجبات السعادة ما روي عن علي (ع): (إِذَا اِقْتَرَنَ اَلْعَزْمُ بِالْحَزْمِ كَمُلَتِ اَلسَّعَادَةُ) ؛ فهما كسلكي الكهرباء إذا اجتمعا جرى التيار. سلك يمثل العزم وسلك يمثل الحزم. والبعض له عزيمة ولكن لا حزم له؛ فيأخذ قراراً في مقام العمل يتراجع عنه في أول عارض أو منغص.
  • أو تعلم أن البعض يصل إلى سن البلوغ ووالديه غافلان عن ذلك. إن بعض الأخوات يرسلن لي رسائل عتابية في لحن اعتراضي يشكون آبائهم وأمهاتم لأنهم لم يخبروهم بتكاليفهم بعد بلوغهم وقد وصل البعض منهن إلى الخمسين ولا تدري كم تقضي من صلاة وصوم؟
  • من موجبات السعادة؛ المقبولية الاجتماعية. للأسف الشديد قد يصل البعض من المؤمنين إلى درجة لا يثق فيها أحد بهم ولا يؤخذ بكلامهم. ولا نقول: أن يصبح المؤمن عادلا؛ فإن أصبح كذلك وصلى الناس خلفه فبخ بخ. ولكن ليكن على أقل التقادير موضع ثقة إخوانه.
Layer-5.png