Search
Close this search box.
  • من سلبیات التکنولوجیا
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من سلبیات التکنولوجیا

بسم الله الرحمن الرحيم

من سلبيات الانفتاح والتقدم التكنولجي

من موجبات الحذر والخوف من هذا العالم الربط بين المقدمات وبين النتائج. يقول تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[١]ولم تقل الآية في الآخرة يره؛ فلعله يراه في الدنيا قبل الآخره.

إن من سلبيات هذا الانفتاح والتقدم الهائل الذي يعيشه البشر هدر الوقت وضياعه. ولو فكرنا في اليوم الماضي ما الذي فعلناه وقدمناه لآخرتنا وتزودناه لها لوجدنا أنفسنا صفر اليدين. لا تقل: ذهبت إلى العمل ثمان ساعات؛ فهذا العمل مقدمة للمال ولو جاءتك الأموال وأنت في المنزل لما تحملت عناء العمل وهكذا هم أكثر الموظفون إلا من شذ وندر من عشاق العمل. ولا تقل: صليت. فأي صلاة هذه التي نذكر فيها كل شيء إلا رب العالمين؟! ثم قضيت وقتا في الأكل والشرب والنوم وكذلك هم الحيوانات؛ حيث يأكلون ويشربون وينامون، فما الجديد إذا؟ وأين قوله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[٢]؟

من موجبات هدر العمر وتضييع الوقت

ومن موجبات هدر العمر هذه الهواتف النقالة. فقد يذهب أحدنا لزيارة أرحامه قاطعا المسافات الطويلة قربة إلى الله سبحانه؛ فإذا به يدخل الديوان ولا يكاد يكلمه أحد بكلمة غير رد السلام عليه. هذا إن لم يكن الزائر مثلهم ففي أغلب الأحيان يخرج جهازه وينضم إليه والكل رأسه في الجهاز وكأن على رئوسهم الطير؛ فكل مشغول بليلاه، وبغض النظر عن الحلال والحرام والمباح فإن ذلك كله هدر للوقت.

وقد يجلس أحدهم أمام التلفاز لساعتين ينتقل فيهما بين القنوات لم يستفد شيئا لآخرته ولا لدنياه وقد يستمع إلى نشرة الأخبار مرارا من دون فائدة. ولا بد أن نرأف بأنفسنا؛ فما هي إلا أربعون سنة أو خمسون. إن الذي بلغ من العمر الأربعين لم يبقى له من العمر إلا عشرون ومن بلغ الستين فقد انتهت حياته والبقية هي زائدة. فنحن نريد أن نشتري بهذه السنوات المعدودة الأبدية. فإما أن نكون في الدرجات الأولى من الجنة أو في الدرجات العلى عند النبي وآله (ع) هذا إن دخلنا الجنة. وقد نكون وقوفا على الأعراف وقد يكون البعض في الجهة المعاكسة وكما قال سبحانه: (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا)[٣] فقد يبقى في النار لعشرات الآلاف من السنين عند غير المؤمنين. ولا ننسى أن صلاة الجمعة وخطبها والمساجد هي محطات للتذكر والتأمل ولذلك يروى أن ساعة تفكر هي خير من عبادة ستين أو سبعين سنة.

المعاناة طريق إلى الكمال

ثم علينا أن نعلم: أننا لا نصل إلى الكمال إلا من خلال المعاناة. لقد استقرأت سيرة الكبار من المؤمنين إجمالا لا تفصيلا وسبرت حياتهم، فلم أجد من تميز منهم إلا لأجل محنة مر بها أو لا زال. ولقد كنت أغبط أحد المؤمنين على توفيقاته؛ فقد رأيت فيه شيئا من التميز، وهو من غير العلماء؛ فالعالم المميز يكون قد ذهب للحوزة ودرس فيتوقع منه ذلك. ولكن الكاسب أو التاجر أو الموظف الذي يكون فيه صفات العلماء؛ هذا المعنى يغري. فقد جلست معه يوما وعلمت أن فيه بلاء من رأسه حتى قدمه. ففي عينه مصيبة وفي رجله مصيبة وفي دمه مصيبة ورغم ذلك كان لسانه لهجا بالشكر والثناء وهو مقعد في منزله وكان يقول: إن الله سبحانه أرادني لنفسه ففرغني لعبادته وهنا عرفت سر التوفيق، وأكبرته لمنطقه هذا. في المقابل تجد من يبيت في المستشفى أسبوعا أو شهرا ثم يخرج مصابا بالاكتئاب؛ لأنه عاش فترة من الزمن مريضا؛ هذا يشكو مرضا شغله عن الناس وذلك يشكر الله على مرض فرغه للخلوة بربه والأخير في الجنة وإن كان في الدنيا.

أين نجد جنة الدنيا ونعيمها؟

إن الجنة فيها ورد وفيها رحيق. فورد الجنة حورها وغلمانها المخلدون ولحم الطير وأنهار الخمر والعسل وما شابه ذلك. ولكن ما هو رحيقها؟ إن الرحيق هو قوله تعالى: (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ)[٤] وهذا الرحيق ليس خاصا بالجنة؛ فالحور والغلمان موطنهم الجنة ولكن بإمكان الإنسان أن يعيش الرضوان الإلهي في دار الدنيا، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)[٥]، فمن كان كذلك كانت جنته في الدنيا وكما روي عن الإمام زين العابدين (ع): (يَا نَعِيمِي وَجَنَّتِي)[٦].

[١] سورة الزلزال: ٨.
[٢] سورة البقرة: ١٩٧.
[٣] سورة نبأ: ٢٣.
[٤] سورة التوبة: ٧٢.
[٥] سورة المائدة: ١١٩.
[٦] زاد المعاد  ج١ ص٤١١.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن الجنة فيها ورد وفيها رحيق. فورد الجنة حورها وغلمانها ولحم طيرها وأنهار الخمر والعسل وما شابه ذلك.ولكن ما هو رحيقها؟ إن الرحيق هو قوله تعالى :(ورِضوَانٌ مِنَ الله أكبَر)، وهذا الرحيق ليس خاصا بالجنة؛ فالحور والغلمان موطنهم الجنة ولكن بإمكاننا أن نعيش الرضوان الإلهي في الدنيا.
Layer-5.png