Search
Close this search box.
  • من التوصيات المهمة في مواسم الطاعة والعبادة
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

من التوصيات المهمة في مواسم الطاعة والعبادة

بسم الله الرحمن الرحيم

المواسم العبادية وأهم الأعمال فيها

إن الحديث عن المواسم العبادية هو الحديث عن جميع ما تتضمنه السنة من مناسبات؛ إما عبادية محضة وإما مرتبطة بالمعصومين (ع) جميعهم بدءا بالنبي الأكرم (ص) وانتهاء بولده المنتظر روحي له الفداء. إنني استقرأت تقريبا جميع الأعمال في هذه الأيام من كتاب مفاتيح الجنان الذي لا يخلو منه منزل ولا يستغني عنه المقيم والظاعن. ورأيت أنها لا تخلو من دعاء أو صلاة أو غسل أو صيام ولا خامس لهذه الأعمال.

أهمية الغسل وإتقانه

ولكن هذه الأعمال الأربعة بحاجة إلى إتقان. أولا؛ الغسل. إن الروايات لم تقل: استحم؛ بل قالت: اغتسل، فلا ينبغي أن يغتسل الإنسان كما يستحم في الأيام العادية. عندما تغتسل في يوم الجمعة قل: يا رب إني أتقرب إليك بهذا الغسل، وبإمكانك أن تكتفي بهذا الغسل عن الوضوء كما أفتى بذلك بعض علمائنا. وكذلك بإمكانك أن تغتسل غسل النشاط للعبادة أو تغتسل غسل التوبة أو غسل زيارة الحسين (ع)، ولكن انتبه إلى النية واستحضرها في كل غسل من هذه الأغسال. إن البعض قد يبكي في الحمام عندما يفتح الماء الساخن خطأ فيحترق جزء من جسمه، فيقول: يا رب، أنا لا أتحمل ماءً حاراً فكيف احتمالي لحميم جهنم؟ والبعض يدخل الحمام فيبكي تأثرا لما يرى من شبه بين تجرده في الحمام للغسل وتجرده من ثيابه على المغتسل؛ حيث لا لباس هنا ولا لباس هناك. ولو أنك تذكرت هذا المعنى كلما دخلت الحمام خرجت بالتوبة والإنابة.

إن البعض يناجي ربه عند صب الماء على بدنه، فيقول: يا رب، مننت علي بماء مبارك طهور، فغسلت به ظاهر البدن وطهرته؛ فيا رب، طهر باطني بماء التوبة أيضا. إن بعض الصالحين كان يتأثر عند دخول بيت الخلاء وكان يقول: يا رب، كما أخرجت الخبث من وجودي؛ أخرج الخبث من روحي. إن هذه البطن كانت تحمل القاذورة ولو لم تخلصني منها لمت مسموما؛ فيا رب، خلص روحي من أقذارها أيضا. وكان أحدهم يقول: يا رب، إن ما أدخلته جوفي كان طيباً ذا رائحة طيبة وأنا قد أخرجته خبيثاً نتناً.  فما كان منك كان حلواً طيب الريح وأنا الذي حولته إلى ما تعلم. وهذه المعاني لا بأس أن تتذكرها ولو مرة في حياتك. والذي نريد أن نقوله هو: عليك أن تصل إلى باطن الأعمال، وتشبه بإبراهيم (ع) الذي أراه رب العالمين ملكوت السماوات والأرض.

الاستمتاع بالصيام

وأما بالنسبة إلى الصوم، فإن البعض يصوم متأففا في شهر رمضان وغيره. أما في شهر رمضان فتأفف من الصباح حتى الغروب فإن الواجب عليك أن تصوم، ولكن أن تتأفف من الصوم المستحب؛ كأن تصوم وأنت كاره وتقول: يا ليتني لم أصم، فهذا أمر غير مقبول، فمن أجبرك على الصيام؟ صم وأنت متلذذ بصيامك وليكن لسان حالك: يا رب، تريد مني أن لا آكل فلن آكل. ولهذا فإن الصيام بإكراه وإجبار قد لا يعطي الثمار كاملة.

وأما بالنسبة إلى الصلاة؛ فينبغي أن يتقن المؤمن على أقل التقادير صلواته اليومية. ثم إذا صليت صلاة مستحبة؛ صلها وأنت متوجه. إن البعض يوسوس في صلواته الواجبة وفي قراءة الحمد والسورة ولكن لا داعي لهذه الوسوسة في الصلاة المستحبة وإنما ليكن همك إتقان هذه الصلوات.

وقد ذكرنا أن هناك فرق بين الوضوء الواجب والمستحب. إنما عليك في الواجب أن تتقن الوضوء ولكن لا بأس بأن تتوضأ بعد قضاء الحاجة من دون تكلف ووسوسة؛ فإمتياز المستحب أنك نقوم به من دون توتر وتقيم الصلاة والوقت مفتوح أمامك وأنت في حل من بعض التقييدات.

افهم الدعاء أولا ثم تفاعل..!

وأما الدعاء؛ فالحديث عنه ذو شجون. إن البعض يقرأ الدعاء كاليهود – مع فارق التشبيه – الذين يهزون رأسهم عند حائط المبكى؛ حيث قد تقطع أنه يقرأ من دون توجه، وإنما يهز رأسه فقط. وعندما تسأله وتقول: يا فلان، هل علمت ما قرأت؟ يقول لك: لا. إنه يقرأ: (وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَفْضَلَ زَادِ اَلرَّاحِلِ إِلَيْكَ عَزْمُ إِرَادَةٍ)[١] فلا يدري ما هو معناها. أو يقرأ في المناجاة الشعبانية: (حَتَّى تَخِرَقَ أَبْصَارُ اَلْقُلُوبِ حُجُبَ اَلنُّورِ)[٢] ولا يعلم ما المراد من هذه الكلمات.

إذا ينبغي أن نقرأ الدعاء تفهما وتفاعلا. إن البعض قد يقرأ دعاء السمات في عصر الجمعة وهو لا يعلم من هذا الدعاء شيئا لما فيه من ألغاز، فما هو معنى قبة الرمان أو قبة الزمان على التقديرين؟ فالمهم عنده أن يقرأ الدعاء. ولا بأس بمراجعة شرح العلامة المجلسي لهذا الدعاء في كتابه البحار. فاكتب في محركات البحث: شرح دعاء السمات وافهم ما تقرأ على أقل التقادير. حاول أن تستمع إلى شرح المناجاة الشعبانية في نصف ساعة وافهم المعنى أولا ثم تفاعل. عندما تقول: (إِلَهِي هَبْ لِي كَمَالَ اَلاِنْقِطَاعِ إِلَيْكَ)؛ تذكر انقطاعك إلى الدنيا وإلى الزوجة والأولد ثم اعلم أي طلب لكمال النقطاع هذا؟ إنها هذه الأعمال من الغسل والصلاة والصيام والدعاء هي عناصر مشتركة كما يتشكل الماء من عناصر كالأوكسيجن والهيدروجن.

التمهيد للاختبار الأخير

وأقولها بضرس قاطع؛ أن كل هذه الأعمال هي اختبارات تمهيدية للاختبار الأخير. إن الطالب في المدرسة يتعرض لعدة اختبارات في السنة الدراسية؛ اختبار الثلث الأول والثلث الثاني وفي بعض المدارس هناك اختبارات أسبوعية، حتى يقول الطالب متى تنتهي هذه الاختبارات؟ فيجيبه المعلم: إن هذه الاختبارات تمهيد للاختبار الأخير آخر السنة، ودخولك الجامعة وحصولك أو عدم حصولك على منحة إنما يتوقف على هذا الاختبار.

ولكن متى هو اختبارنا نحن على طول هذه المواسم العبادية؟

إن الاختبار الأخير يكون في ليلة القدر الكبرى. في تلك الليلة؛ تكتب من الأشقياء أو من السعداء. وقد يكون السبب في استحباب قراءة سورة القدر في الركعة الأولى من كل صلاة على طول السنة – قد يكون ذلك هو السبب وإن كنت لا أحب الذين يفلسفون الأحكام فهي ليست من شئوننا – هو التهيئ لهذه الليلة المصيرية. فإنك في شهر شوال أو في شهر شعبان تلهج في صلاتك بهذه السورة لتجهز نفسك لتلك الليلة التي تكتب فيها مقدراتك جميعا. فإن كنت من متقني الغسل في سائر الأيام والليالي أتقنت الغسل في ليلة القدر وإكنت من متقني الصلاة؛ أتقنت صلاة التوبة في ليلة القدر.

ولذلك أوصي المؤمنين في ليالي القدر بإتقان هاتين الركعتين؛ ركعتان بالحمد والتوحيد سبع مرات ثم الاستغفار؛ فهل أتقنتها وتبت بعدها وبكيت؟ ومن أعمال تلك الليلة الدعاء؛ فأتقن الدعاء في ليلة القدر وأتقن الصيام في نهارها وهذه دورة تدريبية في المواسم كلها لتظهر الثمرة في ليلة القدر الكبرى.

أحيانا أناجي ربي وأقول: أين أنا يا رب وأين إبراهيم؟ ذلك الرجل الذي قال عنه سبحانه: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)[٣]؛ وأعظم به من مقام أن يكو صديق الله عز وجل وبالطبع إن هذا المقام هو دون مقام النبي (ص) حيث كان حبيب الله عز وجل.

اطلب من الله عز وجل ما طلب منه خليله إبراهيم (عليه السلام)

إن إبراهيم (ع) الذي كان من أفضل الأنبياء بعد نبينا من أولى العزم يطلب من الله أن يريه شيئا يطمئن به قلبه، قال تعالى: (قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)[٤]. وأنت قل في المواسم: رب أرني آية علامة بعد شهر رمضان أو بعد ليلة القدر أو في النصف من شهر شعبان أو في طواف الوداع أو عند وداع المعصومين (ع) أو بعد كل عمل. وقد تقول ماذا نريد؟ إن الله سبحانه قال لإبراهيم (ع): (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا)[٥]؛ فهل هذه هي العلامة التي نبحث عنها؟ بل قل يا رب: إنني لا أبحث عن علامة حسية كنور في السماء أو رائحة في الفضاء وإن أعطيتنيها فأنعم بها وأكرم ولكن قد تكون بعض هذه العلامات وهما قبحسب بعض أطباء الأعصاب والمخ؛ تذهب هذه الروائح والأنوار بعد تناول بعض العقاقير..! وهذا النور بالطبع لا قيمة له.

ولكن ما هو الشيء الواقعي الذي ينبغي أن نطلبه؟

اطلب من الله عز وجل أن تعيش حلاوة الذكر وأن تطمئن نفسك. واجعل مقياسا لذلك ما ذكر في زيارة أمين الله، ثم انظر: هل نفسك مطمئنة بقدر الله أو راضية بقضائه؟ وهل هي محبة لصفوة أوليائه أو مولعة بذكره ودعائه؟ اتخذ هذه الزيارة مسطرة لك؛ فلا تهذب يمينا ولا شمالا، فإن تحققت هذه المعاني في نفسك بعد زيارة الأربعين أو بعد العمرة والحج أو بعد كل موسم من مواسم الطاعة والعبادة كنت على ما يرام وكنت على خير.

[١] مفتاح الفلاح  ج١ ص٧٢.
[٢] إقبال الأعمال  ج٢ ص٦٨٥.
[٣] سورة النساء: ١٢٥.
[٤] سورة البقرة: ٢٦٠.
[٥] سورة البقرة: ٢٦٠.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • بإمكانك أن تغتسل غسل النشاط للعبادة أو تغتسل غسل التوبة أو غسل زيارة الحسين (ع)، ولكن انتبه إلى النية واستحضرها في كل غسل من هذه الأغسال. إن البعض قد يبكي في الحمام عندما يفتح الماء الساخن خطأ فيحترق جزء من جسمه، فيقول: يا رب، أنا لا أتحمل ماءً حاراً فكيف احتمالي لحميم جهنم؟
  • إن البعض يناجي ربه عند صب الماء على بدنه للاغتسال، فيقول: يا رب، مننت علي بماء مبارك طهور، فغسلت به ظاهر البدن وطهرته؛ فيا رب، طهر باطني بماء التوبة أيضا. إن بعض الصالحين كان يتأثر عند دخول بيت الخلاء وكان يقول: يا رب، كما أخرجت الخبث من وجودي؛ أخرج الخبث من روحي.
  • اطلب من الله عز وجل أن تعيش حلاوة الذكر وأن تطمئن نفسك. واجعل مقياسا لذلك ما ذكر في زيارة أمين الله، ثم انظر: هل نفسك مطمئنة بقدر الله أو راضية بقضائه؟ وهل هي محبة لصفوة أوليائه أو مولعة بذكره ودعائه؟ اتخذ هذه الزيارة مسطرة لك؛ فلا تهذب يمينا ولا شمالا.
  • إن البعض يصوم متأففا في شهر رمضان وغيره. أما في شهر رمضان فتأفف من الصباح حتى الغروب فإن الواجب عليك أن تصوم، ولكن أن تتأفف من الصوم المستحب؛ كأن تصوم وأنت كاره وتقول: يا ليتني لم أصم، فهذا أمر غير مقبول، فمن أجبرك على الصيام؟ صم وأنت متلذذ بصيامك أو لا فدع..!
Layer-5.png