Search
Close this search box.
  • معركة بدر؛ المعركة الفاصلة في تاريخ المسلمين
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

معركة بدر؛ المعركة الفاصلة في تاريخ المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

المعركة التوحيدة الحاسمة

من المحطات المهمة التي حدثت في شهر رمضان المبارك، والتي لا نتذكرها في الشهر أو في السنة إلا مرة، هي: معركة بدر. لقد كانت هذه المعركة من المعارك المصيرية في حياة المسلمين. ولهذا إذا أرادوا أن يبينوا فضل عمل وعظيم أجره قالوا: ثواب البدري أو ثواب من قُتل في بدر لا ثواب من قُتل في أحد مثلا أو في معركة خيبر أو الأحزاب أو غيرها. لأن هذه المعركة كانت معركة مفصلية، وهي: أول غزوة يغزوها النبي (ص)، وذلك عندما ذهب النبي (ص) لقتال المشركين أو لاسترجاع الأموال التي كانت بأيديهم.

الإمكنيات العسكرية للمسلمين

يقول سبحانه عن هذه المعركة وعن نصره للمسلمين: (وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ)[١]؛ وليست الذلة هنا بمعنى الذلة الواقعية وإنما بمعنى استضعاف الآخرين لهم. والتأريخ ينقل: عندما خرج المسلمون لقتال المشركين في معركة بدر كانوا في أدنى درجات القوة؛ فلم يكونوا يمتلكون سوى عدد قليل من الخيول، وعدد قليل من السلاح، وإلى آخره. والذي يقرأ التأريخ ويطلع على حال المسلمين في تلك المعركة وكيف خرجوا لقتال المشركين لرق حاله لهذا الجمع القليل الذي خرج لقتال هذا الجمع الكبير.

المدد الإلهي وحسم النتيجة

لقد خرج هذا الجمع وهو لا يعلم أنه سيرجع سالماً إلى المدينة. ولهذا قال بعض المنافقين للنبي (ص): لا تذهب لقتال المشركين خارج المدينة، ولنتحصن في بيوتنا مثلا. ولما رأى رب العالمين هذا الضعف من ناحية والإصرار على القتال من ناحية أخرى نصرهم بما لم يخطر بالبال، وذلك بخمسة آلاف من الملائكة المسومة. فيقال في تلك المعركة: كانت الملائكة على صورة فرسان عليهم العمائم، وكانوا عندما يرمون المشرك بسهم أو بما شابه؛ كان هذا السهم يمشي يميناً وشمالاً أشبه بالصواريخ المسيرة هذه الأيام وكان يردي المشرك قتيلاً. وهذا هو معنى الملائكة المسومة المعلَّمة أو المعلِّمة على أحد المعنين.

ماذا نتعلم من معركة بدر؟

أما الدرس العملي الذي نستفيده من هذه المعركة، هو: أن الله سبحانه إذا رأى صدقاً وإصراراً في المؤمن أو في جماعة المؤمنين؛ فإنه يتدخل في الشأن وينصرهم من حيث لا يحتسبون. وهذا الذي رأيناه في المعارك طوال التأريخ. عندما كانت تواجه ثلة من المؤمنين جماعة كبيرة من المشركين؛ كان رب العالمين يتدخل في نصرتهم إما من خلال الملائكة المسومة أو بطريقة من طرق التسديد كأن يمكنهم من العلم الذي يجعلهم يخترعون الوسائل والأسلحة التي لا تخطر ببال العدو. فقوله سبحانه: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ)[٢]؛ ولا يعني رباط الخيل الفرس بالضرورة؛ فالطائرات الحديثة وإلى آخر ذلك من الأسلحة التي نراها هذه الأيام هي مصداق هذه الآية. فمن مظاهر المدد الإلهي في قتالنا مع المشركين ومع المستكبرين أن يُلهم الإنسان طريقة لقتال الأعداء لا تخطر ببال العدو.

الجمع بين التوكل وبين التعقل

من معالم معركة بدر الجمع بين التوكل وبين التعقل؛ أي بين تهيئة الأسباب وبين إيكال الأمر إلى الله عز وجل. لقد قام النبي (ص) بقسيم الجيش إلى ميمنة وميسرة وقلب بالطريقة التي كان يعتمد عليها الجيش في القتال قديما، ومن ثم دعا النبي (ص) بهذا الدعاء البليغ في العريش: (اَللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ اَلْعِصَابَةَ اَلْيَوْمَ لاَ تُعْبَدُ بَعْدَ اَلْيَوْمِ)[٣]؛ أي أن هذه معركة فاصلة؛ فإن كنت تريد أن لا تُعبد فالأمر إليك. لقد قمنا بما علينا من تهيئة الجيش، وترتيب المقدمات العسكرية اللازمة ومن ثم أوكلنا الأمر إليك, وهذه هي القاعدة العامة في باب الرزق مثلا. فمن أراد أن يُرزق؛ فعليه أن يهيئ المقدمات ثم يطلب من الله أن يوسع في رزقه، ومن يطلب العلم أو من يطلب الاجتهاد أو من يطلب المقامات الباطنية؛ فعليه أن يجاهد ويطلب من الله عز وجل أن يبارك له في جهاده.

دور أمير المؤمنين (ع) المحوري في حسم المعركة لصالح المسلمين

من معالم حقيقة معركة بدر؛ أمير المؤمنين (ع). ذلك الرجل العظيم الذي كان يحمل السيف الذي طالما كشف الكروب به عن النبي (ص). إن ثلاثي سيف أمير المؤمنين (ع) وأموال أم المؤمنين خديجة (س) ووجاهة أبي طالب هو الذي دفع الإسلام إلى الإمام. ولهذا فإننا نرى أن معركة بدر هي معركة مقترنة بذكر أمير المؤمنين (ع) الذي أبلى بلاءً حسناً في هذه المعركة. وحق علي (ع) على الأمة إلى قيام الساعة حق عظيم. وكذا كان ذبه عن رسول الله وعن بيضة الإسلام في معركة أحد، وفي معركة الخندق، وما من معلم من معالم المواجهة العسكرية طوال تأريخ المسلمين؛ إلا وسيف ذوالفقار هو الفاصل عسكرياً في هذا المجال.

القاعدة الإلهية؛ وما النصر إلا من عند الله

ثم لابد لنا أن نعلم أن الله سبحانه يريد من عبده أن يكون بين الخوف والرجاء. إن معركة بدر، هذا الانتصار الحاسم على جهابذة قريش، وإذلالهم بيد المسلمين؛ ما لم يخطر ببالهم. إلا أن هذا النصر أعقبه هزيمة أحد، لأن الأمر كما قال سبحانه: (وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ)[٤]. لا ينبغي لنا أن نُعجب بانتصاراتنا، وأن ننسى بأن الله عز وجل هو الذي فصل المعركة بمدده. فلولا الملائكة المسومة في معركة بدر؛ لم يكن بإمكان هذا العدد القليل والعدة القليلة التي كانت مع النبي (ص) تحقيق هذا النصر المؤزر.

[١] سورة آل عمران: ١٢٣.
[٢] سورة الأنفال: ٦٠.
[٣] بحار الأنوار  ج١٩ ص٣٢٤.
[٤] سورة آل عمران: ١٢٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • معركة بدر من المعارك المصيرية في حياة المسلمين. ولهذا إذا أرادوا أن يبينوا فضل عمل وعظيم أجره قالوا: ثواب البدري أو ثواب من قُتل في بدر لا ثواب من قُتل في أحد مثلا أو في معركة خيبر أو الأحزاب أو غيرها. لأن هذه المعركة كانت معركة مفصلية، وهي: أول غزوة يغزوها النبي (ص).
  • ثم لابد لنا أن نعلم أن الله سبحانه يريد من عبده أن يكون بين الخوف والرجاء. إن معركة بدر، هذا الانتصار الحاسم على جهابذة قريش، وإذلالهم بيد المسلمين؛ ما لم يخطر ببالهم. إلا أن هذا النصر أعقبه هزيمة أحد، لأن الأمر كما قال سبحانه: (وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ).
Layer-5.png