Search
Close this search box.
  • معالم الهجرة إلى الله تعالى
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

معالم الهجرة إلى الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

أهمية تعلم العلوم التي يتوقف نجاة الإنسان في الآخرة على تعلمها

هناك الكثير من العلوم التي لا يضر الإنسان جهله بها كعلوم الحاسوب وغيرها، ولكن العلم الأخروي علم لا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال. والمراد من طلب العلم فريضة هو طلب العلوم المنجية. فهل علم الكيمياء من العلوم المنجية مثلا؟ وبالطبع إننا لا نبخس هذه العلوم حقها وهي محترمة ومقدرة، وقد يجب تعلمها وجوبا كفائيا، كالطب مثلا. وإنما حديثنا هو عن العلم الذي يكون فريضة على كل مسلم تعلمه كالفقه، وسائر العلوم التي تبين لنا طريق النجاة.

إن الذي له ولد على السطح وهو على وشك السقوط فإن احتاج إلى سلم يشتريه بأغلى الأثمان ولا يماكس البائع في مثل هذه الحالة. فهو يريد أن يصعد بأي ثمن كان. ويعني هذا أن مقدمة الواجب واجبة. فليعلم الإنسان أن هذه الأبحاث هي ليست أبحاثا ترفية ولا نعلم قيمة هذه الأبحاث ولا وزنها إلا بعدما ينتقل أحدنا إلى ذلك العالم الموحش ويصبح من سكانه ويصدق عليه قوله سبحانه: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[١]، وهو يوم (لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ)[٢].

متى تبدأ الهجرة إلى الله عز وجل؟

إن هذه الهجرة لابد وأن تبدأ بها من سن البلوغ. وعند بلوغ سن الخامسة عشر لا يختلف الشاب في هذا العمر فقهياً وشرعيا عن شيخ في التسعين والثمانين. وكلما بادر الإنسان إلى خلاص نفسه وهو في الصغر كان خيرا له وأسهل لبلوغ ما يريد من الصلاح. لا تستهن بنفسك، وبادر بالخلاص وبالتربية وبالتنمية. إن الشيطان إذا استولى عليك فعندها يصعب عليك الخلاص من حبائله حيث يقال: إن الدفع أولى من الرفع، فأن تدفع اللص السارق عن المنزل ببعض الأمور الاحتياطية أسهل من محاربة اللص بعد دخوله المنزل. ففي مثل هذه الحالة قد تتعرض للقتل من قبل هذا اللص. ولهذا يقال في الحروب: إذا دخل الجيش أرض العدو فسوف يكون النصر حليفه  لأنه قد دخل عقر دارهم. إن الشيطان قد يستأنس بك بعدما تعود عليك.

الاتقان إلى حد الوسواس

ترى الرجل قبل أن يدخل في الدين كان لا يبالي بالطهارة والنجاسة ثم يدخل في الدين وإذا به يصبح من كبار الوسواسين، ويرى العالم كله نجس. إنني أحذر الشباب من مغبة هذه المصيبة. إنها مصيبة لا يبتلى بها إلا المتدينون. إنه يريد أن يتقن الوضوء والصلاة فيقع في هذا البلاء.

لقد نصحت إحدى الأخوات ممن أصيبت بهذه المصيبة أن تقلع عن الوسواس إلا أنها لم تستجب وقد سمعت أنها بعد فترة من الزمن حلت المشكلة جذرياً وذلك بترك الصلاة..! إن هذه الصلاة التي أصبحت مكلفة ومزعجة لها تركتها وأراحت نفسها من هذا العناء. من قال لك أن تجعل صلاتك بهذه الكيفية؟ ومما روي في هذا الشأن: (لاَ تُعَوِّدُوا اَلْخَبِيثَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ نَقْضَ اَلصَّلاَةِ فَتُطَمِّعُوهُ)[٣]؛ فإن أول ما تعتريك هذه الوساوس لا تعتني بها، لأنك إن اعتنيت بها فسوق يقول الشيطان: هذا زبون جيد، فإنني أوسوس له اليوم في الوضوء وغداً في الغسل وبعده في الصلاة وهلم جرا. وحذاري من أن يصل الإنسان كبعض الوسواسين من الوسوسة في العبادة إلى الوسوسة في العقائد فيشك في عقيدته. لقد بدأ من الوضوء وانتهى بالدين والإسلام.

لا تتبع خطوات الشيطان

ولهذا يقول القرآن الكريم: (لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)[٤]؛ فالذي ينظر بريبة وينظر نظرة شهوية يعتقد أنه لم يصنع شيئا؛ فهو لم يلمسها ولم يمد يده إليها ولم يرتكب الحرام الكبير، ولكن لا يعلم أن هذه النظرة هي من خطوات الشيطان. وكما يقال: نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء.

ولذا فإن المؤمن لا يؤخر التوبة. إن بعض المغفلين يخدعهم الشيطان ويقول لهم: استمتع الآن وافعل ما شئت ثم تب والتزم في سن الأربعين أو في سن الثلاثين أو عندما تتزوج مثلا. أولا: من ضمن لك الحياة إلى تلك الفتره؟ وثانيا: إن الشيطان إذا لفك في أغلاله فمن سيضمن لك الخروج من بين يديه؟ لقد رأيتم بعض الأفاعي في الغابة عندما تهجم على الفريسة إنساناً كانت الفريسة أو حيواناً فإنها تلتف حول بدنه حتى إنه ليستغيث فلا يغاث.

أوقف الخسارة فورا

إن الذي له شركة فاشلة أو أنه اشترى محلاً ثم تبين له بعد فترة أنه يوشك أن يفلس إن استمر في العمل به، ويمنعه من إغلاقه استحياءه من الناس فهو خاطئ حيث يقال في العرف الاقتصادي: إيقاف الخسارة ربح في حد نفسه. إنك تخسر يومياً فلا تتكابر ولا تتبجح؛ بل أوقف الخسارة من ساعتك فهو ربح في حد نفسه، ولا تقل:

أنا الغريق فما خوفي من البلل

بشارة للشباب

ولأبشر الشباب أقول: إن توبة الشباب مريحة وهي لا تكون مكلفة عادة كتوبة كبار السن. قد يأتينا الشاب ويقول: إن مشكلتي النظر إلى الحرام أو التفكير فيه لسنوات، ومعصية الشباب النظر وهذه المعصية تكون بينه وبين الخالق. إنه لم يرق دما ولا أكل حراما ولا هتك حرمة وإنما هو ذنب مع نفسه؛ فلو صدق الله هذا الشاب ولم يكن من المستهزئين بربه فإن الله سبحانه يصلح أمره في في ليلة من الليالي بركعتين خاشعتين.

صيغة التوبة الجامعة

وأما صيغة التوبة الجامعة لمن أراد أن يتوب – وكلنا خطائون وخير الخطائين التوابون، وليس بالضرورة أن يتوب الإنسان من المعاصي؛ بل إن التقصير من موجبات التوبة – أن يغتسل برجاء المطلوبية غسل التوبة، ثم ليصلي ركعتين بعنوان التوبة ثم يسجد بين يدي الله عز وجل بعنوان التوبة أيضا ويذكر الله فيها بالذكر اليونسي أو ما شابه ذلك، فإن رفع رأسه فليثق أن هذا الذنب أصبح لا وجود له في حياته، فقد روي: (اَلتَّائِبُ مِنَ اَلذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ)[٥].

التوبة عند كبار السن

لقد ذكرت أن المشكلة تكون في التوبة عند كبار السن. يأتينا الرجل كبير السن ويقول: لقد أكلت مال فلان، وسلبت مال فلان، وفي ذمتي مال لفلان. وفي مثل هذه الحالة لا تكون التوبة بالبكاء والندامة فحسب؛ بل على الإنسان أن يعيد الأموال إلى أصحابها إن كان يعرفهم وإن لم يكن يعرفهم فليعطها لوكيل المرجع بعنوان مجهول المالك أو رد المظالم. والطريق مفتوح أمامك متى ما أردت، فبإمكانك أن تبادر إلى تغيير الواقع الذي أنت فيه من ساعتك.

من آفات الهجرة إلى الله عز وجل

وهنا نأتي إلى تفاصيل الهجرة والسفر إلى الله عز وجل بعد هذه المقدمة. إن السفر والهجرة إلى الله لا تشبه السفر البدني وإنما هو سفر تقوم به وأنت جالس في مكانك. إن هذا السفر هو سفر قلبي وسفر روحي. إن من آفات هذا السفر أو من مشكلاته أن البعض منا تمر عليه فترة من الزمن ليرى في قلبه قسوة لم يعهدها من قبل فتراه لا يخشع قلبه ولا يتفاعل في ليلة المقتل؛ فترى الجميع في يوم عاشوراء يضجون بالبكاء ويكاد يغمى على البعض منهم ولكنه يبقى متفرجا من أول محرم إلى تلك اللحظة ولا تجري منه دمعة واحدة.

تحليل المعصية إلى أجزائها الواقعية

لا تمر على هذه الظاهرة مرور الكرام. إن أحدنا لا ينام الليل إن رأى في قلبه وخزة أو نبضا غير منتظم أو حرارة زائدة فيسرع الذهاب إلى أقرب مركز صحي ويبذل الأموال للتأكد من أنه على ما يرام. ولكن ماذا نصنع بهذا القلب الباطني لو أصابه من الأمراض ما أصابه؟ دعونا نحلل المعصية ونرى ما هي عناصرها الأولية؟ إن الماء إذا حللته تجد أنه متكون من ذرتين؛ ذرة من الهيدروجين وذرة من الأكسجين، وهذا الماء العادي يتحول إلى غازين.

شرطة الحدود

إن المعصية لو حللناها لوجدنا أنها هتك لحرمة رب العالمين. ويعني ذلك أن رب العالمين يقول لي: افعل، وأنا أقول: لا أريد أن افعل. إلا أنك لست في مقام التحدي. إننا نقرأ الأدعية الشريفة: (مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ وَ مَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَ أَنَا بِكَ شَاكٌّ وَ لاَ بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ وَ لاَ لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)[٦] وكأننا في مقام العمل نريد أن نقول: يا رب إننا لا نستمع إلى كلامك عمليا.

إن الله سبحانه يقول: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[٧]. إنا لو تأملنا في دور شرطة الحدود؛ نرى أن دورهم هو منع المتسللين إلى الحدود في أي بلد. إنهم أول ما يقومون به تنبيه المتسلل من خلال كلمة قف. فإن لم يقف يطلق عليه النار. إن هذا المتسلل وإن كان قد تجاوز الحدود مترا واحدا إلا أنه تجاوز على أي حال. إن الذي ينظر نظرة محرمة وإن كان لم يرتكب الزنا إلا أنه هتك حداً من حدود الله عز وجل.

ذم التبرج وإبداء الزينة لغير المحرم

ومن أسخف أنواع الحرام ما تقوم به المرأة من التبرج وإبداء الزينة. إنها تضع منذ الصباح مسحوقا أو ما شابه ذلك من أدوات التبرج على وجهها حتى الليل، ولا يعلم إلا الله كم أغوت بفعلها هذا الرجال، وكم أوقعت منهم في النظر المحرم. فإن قام شاب بالنظر بريبة إليها وانقدحت شهوته فذهب وارتكب الخلاف الكبير؛ يقال لهذه المرأة يوم القيامة: إنك أنت السبب في ارتكاب الخطأ من قبل هذا الشاب وذلك من خلل وجهك المثير. ولا أدري لماذا توقع هذه المرأة العشرات في المعصية وهي لا تحصل على شيء في المقابل.

وقد نعلل تبرج غير المتزوجة على أنها تريد أن تعرض نفسها للزواج؛ ولكن ما هو تبرير المرأة المحصنة؟ إنها تمشي والزوج يمشي معها وذريتها تمشي معها، فماذا تريدين بعد ذلك؟

وهناك حرام آخر هو قرين التبرج في السخف هو الغيبة. فالسارق يسرق لكي يصبح ثريا والزاني يزني من أجل الاستمتاع وشارب الخمر كذلك له متعته ولكن ما هو متعة المغتاب؟ ما هي متعتك وأن تأكل لحم أخيك ميتا؟ إن الغيبة كما يذكر الفقهاء في الرسائل العملية في باب عدالة المجتهد هي كن الكبائر إلى جانب الزنا .

الحساسية من الحرام

أليس قد روي عن النبي (ص) أنه قال لأبي ذر: (يَا أَبَا ذَرٍّ لاَ تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ اَلْخَطِيئَةِ وَلَكِنِ اُنْظُرْ إِلَى مَنْ عَصَيْتَ)[٨]؟ هل يمتلك أحدنا حساسية من الحرام؟ إنني أعرف بعض الشباب في بلاد الغرب يقول لي: إنني عندما أرى امرأة سافرة يلتف وجهي قهرا؛ أي  أن وجودي لا يتحمل الحرام. وقد نرى الرجل يكاد يخرج عن طوره إذا سمع غيبة من مغتاب.

فتارة يجد الذي يغتاب لنفسه مبرراً، ولكنك تقول له: يا فلان هذا التبرير لا ينفعني، فإن كانت الغيبة لك جائزة بهذا التبرير فهي ليست كذلك بالنسبة لي. إن الذي تذكره عن فلا ليس عيباً متجاهراً به، وليس هذا مقام التظلم. ولكنك إذا أحرزت أن الشخص يغتاب وهو يعلم أنه حرام قل له كائنا من كان: لا ترمي القاذورة في أذني، ارم بهذا الكلام في المزبلة لا في أذني. ما هو ذنبي أنا إذ دعوتك إلى المنزل، وفرشت لك المائدة، وأتبعت نفسي وأهلي من أجلك أن تدنس أذني بهذه القاذورة؟ فازجره بهذه الطريقة أو بطريقة أخرة، فإن لم يرتدع ازجره زجرا بليغا.

فليمتلك أحدنا هذه الحساسية من الغيبة ومن الحرام بشتى صوره. إن البعض يتحسس من الرطوبة والغبار فيصبح حبيس البيت خوفا على يلامة رئته؛ فالأولى بنا أيضا أن نمتلك هذه الحساسية من الحرام ونبتعد عن مواطنه حفاظا على سلامة القلب من المعصية. والمعصية أول من موجب من موجبات قساوة القلب.

حذار من كفران نعمة الإقبال..!

ومن الأمور التي ينتبه إليها السالك ويحذر منها أشد الحذر هو كفران النعمة. لقد روي عن الرضا (ع) أنه قال: (أَحْسِنُوا جِوَارَ اَلنِّعَمِ فَإِنَّهَا وَحْشِيَّةٌ)[٩]. فإياكم والمخالفة بعد الإقبال. إنك تصل إلى كربلاء وتقف تحت القبة بعد اللتيا والتي في سفرة مباركة قد رزقت الإقبال فيها، أو تذهب إلى الحج والعمرة وبعد أن ترجع إلى أرض الوطن ترتكب مخالفة، تكون كما يقال: القشة التي تقصم ظهر البعير. إن رب العالمين طالما أعطاك نفحة قدسية في المجالس وغيرها؛ فاحذر المعصية الأولى بعد كل نفحة إقبال. ولهذا فإن بعض المؤمنين عندما يقبل ويخشع ويبكي ويوفق للزيارة تكون يده على قلبه خوفا من الاختبار ومن انتقام الشياطين التي تحوم حوله.

تضييع الحقوق ومنع الهبات

ومن موجبات قسوة القلب تضييع الحقوق. إنك قد تجد في قلبك إدباراً لا لإنك كفرت بالنعمة ولكن لتضييعك حقاً من الحقوق المفروضة عليك، أو لأنك أدخلت حزنا على قلب مؤمن. فعلى سبيل المثال: قد يكون والداك في انتظار زيارتك لهما؛ فإذا لم تزرهما قد لا تكون ارتكبت حراما ولكن ينتابهما شيء من الضيق والوهن ينعكس عليك.

من الروايات الملفتة الواردة عن أئمة أهل البيت (ع) والتي تدل على دقة تعاملهم مع الآخرين، ما روي عن أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) حيث ذكر أن الإمام (ع) كان قد نهى النساء والجواري من الصعود إلى السطح حيث في تلك الأيام كانت المنازل متقاربة فكانت الجارية عندما تصعد إلى السطح يكشف لها بيوت الجيران أو يكشف ستر الجارية نفسها. فقامت جارية غير منضبطة من جواري الإمام (ع) – وكان بعض نساء الأئمة (ع) غير منضبطات كما ينبغي لهن – بصعود السطح وبيدها ولد للإمام (ع) فعندما دخل الإمام إلى المنزل ورأت الجارية الإمام (ع) ارتبكت وارتخت عضلاتها فسقط الصبي من يدها فمات.

يقول الرواي: إن الإمام (ع) لم يحزن على موت ولده لأنه قضاء وقدر، وإنما كان حزنه لما دخل منه على الجارية من الرعب. أين الذين يحاربون الإرهاب عن أئمتنا (ع). إن الإمام يجعل موت الصبي في كفة ويجعل هذا الرعب في نفس الجارية في كفة.

وأنت منذ البلوغ وإلى يومك هذا لعلك أدخلت الرعب من دون أن تدري على قلب الخادمة أو على قلب الزوجة أو من شابههم. وقد يحزن البعض والديه فيكون ذلك من المعوقات.

إن الشجرة المنهية لم تكن محرمة على أبينا آدم (ع) ولكنه حل ما حل به لما أكل من تلك الشجرة. ويونس (ع) ذهب مغاضباً فصار في بطن الحوت، وقصص الأنبياء مليئة بما ذكرنا. فإذا كان التعامل مع الأنبياء يتم بهذا الصورة فكيف سيكون التعامل مع أمثالنا؟

فمن الممكن أن يسلب المؤمن مزية عظيمة لخطأ من دون أن يكون حراما. إنك قد تأتي يوم القيامة وتقول: يا رب لماذا ابتليتني بالعقم؟ فيقول له الرب: إن الذرية تفضل ونحن لم نتفضل عليك فهل تحاسبنا من أجل ذلك؟ إنك تزوجت واستمتعت إلى حين وانتهى الأمر، فهل تنازع رب العزة لأنه منعك من الذرية؟ قد يكون السبب أنك لم توقر والديك في موقف من المواقف، وقمت بخلاف الأولى فمنعك الله من هذه الهبة. إن الأسباب قد لا تظهر في دار الدنيا ولكنها ستظهر يوم القيامة ولكن ولات حين مناص. إنك ستعلم السبب ولكن كما يقال: بعد خراب البصرة.

قد تقول: يا ويلتاه على ما فرطت في التعامل مع والدي من دون قصد. ولا ضير. اطلب منهما برائة الذمة بين الفينة والفينة. وقد تستحي من طلب براءة الذمة أو تخشى أن تحاسب حسابا عسيرا من قبلهما، فقل لهما: إن أموري ليست على ما يرام فأريد بذلك تيسير أموري المتعسرة. ويقال: إذا أبطأت عليك الإجابة قم على قبر والديك وادع الله عند قبريهما. إن أباك قد انتقل إلى عالم البرزخ فاجعله وسيلة وواسطة. اقرأ له الفاتحة واطلب منه الحاجة. وليس ذلك بشرك فعاطفة والديك لم تنقطع عنك. بل إن بعض الموتى يدهم مبسوطة أكثر مما كانت في دار الدنيا حيث لا واسطة بينهم وبين الأئمة (ع) في عالم البرزخ.

سوء الولاية لمن تحت أيدينا

ومن موجبات تعقد حياتنا سوء تعاملنا مع هذه الطبقة الضعيفة المستضعفة التي تعيش بين ظهرانينا. امرأة جائت من أقصى بلاد العالم لتخدمك صباحا ومساء مقابل مبلغ زهيد؛ فهل عينت لها ساعة للعمل وساعة للاستراحة؟ إنك إن كلفتها فوق ساعات العمل فستحاسب شرعا. وبأي حق تغضب عليها إن لم تكن مقصرة في علمها عمدا ومن هذه الهفوات في حياتنا العشرات. فاتقوا من لا ناصر له إلا الله عز وجل، فهذه الهفوات قد تجر علينا وابلا من أنواع العقوبات الباطنية.

[١] سورة المؤمنون: ١٠٠.
[٢] سورة الشعراء: ٨٨.
[٣] دعائم الإسلام  ج١ ص١٩٠.
[٤] سورة النور: ٢١.
[٥] عيون الأخبار ج٢ ص٧٤.
[٦] المناقب ج٤ ص١٥١.
[٧] سورة البقرة: ٢٢٩.
[٨] مستدرك الوسائل  ج١١ ص٣٢٩.
[٩] بحار الأنوار ج٧٥ ص٣٤١
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • ومن موجبات قسوة القلب تضييع الحقوق. إنك قد تجد في قلبك إدباراً لا لإنك كفرت بالنعمة ولكن لأجل أنك ضيعت حقاً أو أدخلت حزنا على قلب مؤمن. فعلى سبيل المثال: قد يكون والداك في انتظار زيارتك فإذا لم تزرهما قد لا تكون ارتكبت حراما ولكن ينتابهما شيء من الضيق والوهن ينعكس عليك.
  • إن بعض المغفلين يخدعهم الشيطان ويقول لهم: استمتع الآن وافعل ما شئت ثم تب والتزم في سن الأربعين أو في سن الثلاثين أو عندما تتزوج مثلا. أولا: من ضمن لك الحياة إلى تلك الفتره؟ وثانيا: إن الشيطان إذا لفك في أغلاله فمن سيضمن لك الخروج من بين يديه؟
  • وأما صيغة التوبة الجامعة لمن أراد أن يتوب أن يغتسل برجاء المطلوبية غسل التوبة، ثم ليصلي ركعتين بعنوان التوبة ثم يسجد بين يدي الله عز وجل بعنوان التوبة أيضا ويذكر الله فيها بالذكر اليونسي أو ما شابه ذلك، فإن رفع رأسه فليثق أن هذا الذنب أصبح لا وجود له في حياته.
  • من موجبات تعقد حياتنا سوء تعاملنا مع هذه الطبقة الضعيفة المستضعفة التي تعيش بين ظهرانينا. امرأة جائت من أقصى بلاد العالم لتخدمك صباحا ومساء مقابل مبلغ زهيد؛ فهل عينت لها ساعة للعمل وساعة للاستراحة؟ إنك إن كلفتها فوق ساعات العمل فستحاسب شرعا.
  • إذا أبطأت عليك الإجابة قم على قبر والديك وادع الله عند قبريهما. إن أباك قد انتقل إلى عالم البرزخ فاجعله وسيلة. اقرأ له الفاتحة واطلب منه الحاجة. إن بعض الموتى يدهم مبسوطة أكثر مما كانت في دار الدنيا حيث لا واسطة بينهم وبين الأئمة (ع) في عالم البرزخ.
Layer-5.png