Search
Close this search box.
  • كيف نستقبل شهري رجب وشعبان؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف نستقبل شهري رجب وشعبان؟

بسم الله الرحمن الرحيم

التشابه بين شهري رجب وشعبان

هناك شبه بين شهر شعبان المعظم، وشهر رجب الأصب، من عدة جهات. أولا: سمي شهر رجب بالأصب؛ لأن الرحمة تصب فيه على المؤمنين صباً، فهناك رحمة غامرة. وسمي شهر شعبان بهذا الاسم؛ لتشعب الخيرات فيه. إن شهر شعبان شهر عظيم تتفرع منه شعب الخير، ومن أراد أن يفوز في هذا الشهر ما عليه إلا أن يتمسك بهذه الشعب. إن شهري رجب وشعبان هما بمثابة الشهور التي ينزل فيها المطر. فالفلاح لا ينتظر نزول المطر في شهور الصيف وإنما عينه على المطر في شهور الربيع، وهكذا نحن في هذه الشهور التي ربيع الأرواح.

ما هي أهم الأعمال في هذا الشهر؟

أولا: الاستغفار. وهو ورد المؤمن في هذين الشهرين رجب وشعبان. والاستغفار للمؤمن هو كالبذر للزارع. إنما الزارع يضع البذور في التراب ويتعدها إلى أن تصل إلى مرحلة الحصاد؛ فيحصدها أخيرا. ولهذا نلاحظ تأكيدا على الاستغفار بصيغه المختلفة في شهري رجب وشعبان. إن الرويات التي تدعو إلى الاستغفار في هذين الشهرين؛ فيها تأكيد على التكرار. ففي شهر شعبان يُستحب أن تستغفر كل يوم قائلاً: استغفرالله وأسأله التوبة. وهناك صيغ أخرى من الاستغفار في شهر رجب الذي هو شهر الاستغفار.

ولكن لماذا التكرار؟

بالتكرار يركز الإنسان في نفسه حالة من الندامة. إننا عندما نرتكب خطيئة ونسيء إلى أحد من ذوي الحقوق علينا؛ لا نقول له مرة: العفو، وإنما تكرر ذلك وفي مناسبات عديدة. ومن هو أعظم حقا علينا من الله؟ ومن هو أولى بالتكرار والإصرار على الاستغفار والتوبة منه؟ وهذا التكرار مطلوب بعد صلاة العصر حيث تستغفر الله عز وجل سبعين مرة، وكذلك في صلاة الليل تكرر الاستغفار وطلب العفو.

ولا ينبغي أن يكون التكرار في الأذكار والأدعية والاستغفار سببا لفقدنا حالة التفاعل. لا ينبغي أن يأخذ المؤمن السبحة بيده، وينظر بين وقت وآخر إلى ختام السبحة وهل وصل إلى عدد السبعين أو لم يصل بعد. لا ينبغي أن تكون عيننا على العدد وإما ينبغي أن ننتبه إلى التفاعل والتوجه إلى الذكر الذي نلهج به. فلو استغفرت مرة واحدة بندامة؛ كان ذلك خير لك من هذا التكرار بلا توجه.

قد يسأل سائل فيقول: كيف نجمع بين الإقبال والعدد؟ إن الذي يستحضر مقام الربوبية وكما قال سبحانه: (وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ)[١] يستشعر الهيبة الإلهية ويكون ذلك كافيا له للإقبال والوتجه. لو قيل لك أمام القاضي الذي حكم عليك بالسجن، قل مائة مرة: أيها القاضي اغفر لي مثلا، وأنت في هذا الجو من الرعب والخوف من القاضي والسجن؛ هل ستقولها بتوجه أم تقوله مشتت البال؟ من تستشعر مقام الربوبية أولا، واستشعر ذل العبودية ثانياً، وخاف من العقوبة ثالثاً؛ لكان في إقبال ما دام لهجا بالأذكار والأدعية، ولما فارقه شعوره بالندامة.

من الأذكار الواردة في هذا الشهر؛ التهليل ألف مرة. والتهليل هو سيد الأذكار، وعلامة التوحيد. والإسلام يتم بالتهليل؛ فلا إله إلا الله سيد الأذكار التوحيدية، والصلاة على محمد وآل محمد (ع) سيد الأذكار الولائية. ويستحب الإكثار من الصلوات في شهر شعبان أيضا. وهذا المثلث: الصلاة على النبي (ص)، والتهليل، والاستغفار، يتكرر في هذه الشهور.

أهمية المناجاة الشعبانية

وعلى رأس الأعمال في هذا الشهر؛ المناجاة مع رب العالمين. فقد تهلل، وتصلي على النبي (ص) وآله؛ ولكنك لا تعيش الحالة العاطفية مع رب العالمين. إن ما يُرقق قلبك؛ المناجاة والحديث مع الله عز وجل. إننا بالمناجاة نستدر الدمعة. وعلى رأس المناجاة؛ مناجاة أمير المؤمنين(ع)، والأئمة من ولده (ع). هناك تعبير في وصف هذا الدعاء؛ قلما نجده في سائر الأدعية، وهو: أن هذه المناجاة كان يلهج بها الأمير والأئمة (ع) في شهر شعبان. حتى عدت هذه المناجاة من ضمن أدعية أمير المؤمنين (ع) الخالدة في كتبنا بالإضافة إلى دعاء كميل ودعاء الصباح.

إن المناجاة الشعبانية وإن كانت واردة ومستحبة في هذا الشهر؛ إلا أن المؤمن يلهج بها في كل المواسم. فما المانع من أن تلهج بفقرات من دعاء أبي حمزة الثمالي وهذه المناجاة في صلاة ليلك؟ إن المؤمن يتحين الفرص، ولذلك سمعت من أحد العلماء الكبار أنه قال: ما المانع عند طلب الحوائج أن تقرأ الدعاء الذي نقرأه في ليالي القدر؛ دعاء رفع المصاحف؟ فنحن لا نجد في دعاء رفع المصاحف إشارة إلى أنه خاص بشهر رمضان المبارك، أو خاص بليلة القدر.

ما المراد من: اسمع دعائي؟

ومن فقرات هذه المناجاة قولنا بعد الصلاة على النبي وآله: (اِسْمَعْ دُعَائِي إِذَا دَعَوْتُكَ وَاسْمَعْ نِدَائِي إِذَا نَادَيْتُكَ)[٢]. فهل يُعقل أن الله سبحانه لا يسمع الدعاء والنداء؟ إن من أسماء الله عز وجل السميع البصير؛ فإذن هو يسمع الدعاء والنداء، ولكننا نعني هنا بالسمع الاستجابة. ليس من المهم أن يسمع الله صوتك؛ بل المهم أن يسمع ويستجيب لك. ألسنا نقول بعد كل ركوع: سمع الله لمن حمده؟ أي استجاب رب العالمين للحامدين وللداعين. فأيها العبد، إرفع موانع الإجابة؛ ليقبل عليك رب العالمين.

[١] سورة النازعات: ٤٠.
[٢] الصحیفة العلویّة  ج١ ص١٨٥.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • على رأس الأعمال في شهر شعبان؛ المناجاة مع رب العالمين. فقد تهلل، وتصلي على النبي وآله ولكنك لا تعيش الحالة العاطفية مع الرب. إن ما يُرقق قلبك؛ المناجاة مع الله عز وجل. إننا بالمناجاة نستدر الدمعة وعلى رأس المناجاة مناجاة أمير المؤمنين(ع) والأئمة من ولده المعروفة بالشعبانية.
Layer-5.png