قوله تعالى : (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) الجمعة : 2

بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
لازلنا وإیاکم علی مائدة سماویة من موائد القرآن الکریم وهي سورة الجمعة التي قلنا في حدیث سابق علینا حفظ هذه السورة المبارکة لنتلوها لیلة الجمعة وصبیحة یوم الجمعة وكذلك في أعني ظهر الجمعة، أرجع وأقول أنه في هذه السورة المبارکة هناك محطات للتدبر والتأمل ذکرنا التسبیح ذکرنا لماذا رب العالمین جمع السماوات ولم یجمع الارض؟ وصلنا إلی هذه الآیة هو الذي بعث في الأمیین رسولاً منهم یتلوا علیهم آیاته؛
اولا کلمة بعث غیر أرسل؛ أنت مرةً تبعث رسولاً یبلغ عنك کلاماً کنا یقال ناطق بإسمك؛ رب العالمین ما بعث رسولاً ینطق بإسمه، بعثَ البعث فیه حالة من حالات الإیقاض ولهذا یسمی القیامة بعثاً لأنه کل شيء في هذا الوجود یتغیر تُخرج الأرض أثقالها، تُبدل الارض غیر الأرض والسماوات غیر السماوات اذاً کلمة البعث يعني هناك نهضة عظیمة،النبي عندما جاء في تلك المرحلة الزمنیة المظلمة زمان الجاهلیة رب العالمین بعث فیهم رسولا ولهذا النبي الأکرم في ثلاثة وعشرین سنة غلب الموازین البعض یعیش في مدینة في أمة ولو کان دعیاً إلی الله عزوجل أربعین سنة ولا یغیر شیئاً النبي أمضی من عمره ثلاثة عشر سنة في مکة وعشر سنوات في مدینة في حیاة المصلحین هي سنوات قصیرة ولکن رب العالمین بعثه، اذا کان الرب هو الباعث هو المحرك هو الذي یمدك بالمدد الزمان یُطوی لك النبي غیر الوجود في هذه السنوات القصیرة، اذاً النبي بُعث ولم یُرسل إرسالاً عادیاً وفي من؟ في الاُميين، یعني نحن من أول ما خلق الله آدم إلی زمان النبي الأکرم لا نری في الارض قوم في أدنی درجات المعرفة والثقافة والتخلف کقریش علی معلقاتهم وعلی بلاغتهم وعلی فصاحتهم ولکن هذا المعنی لولا القرآن قال هذا المعنی لما صدقنا، أن أحدهم کان یحفر حفیرةً لإبنته وتأتي البنت وتمسح الغبار عن لحیة أبيها وهو یعدها لکي تُدفن وهي حیة، القرآن الکریم اشار إلی هذا المعنی یُمسکه علی هون أم یدسه في التراب! اذاً من حیث النفس والباطن في أدنی الدرجات من القسوة والظلم ومن حیث الفهم في الأمیین یعني أحدهم عندما یرید أن یکتب شیئاً لأحدهم یقال کان یستعین بأهل الکتاب هکذا نُقل أن من کان یکتب منهم أو یقرأ هم من اهل الکتاب من نفس العرب أنه یبدوا کان هذه حالة غیر موجودة ولهذا سُمي بالاميين.
هنا ملاحظة ایضا عرب الجاهلیة اُمیون لأنهم لا یقرأون ولا یکتبون ولکن النبي ایضا اُمي، من اوصاف النبي أنه النبي الاُمي طبعا هنا لا نعني بذلك المعنى السلبي عندما نصف الامة بالاُمیین (أعني أمة الجاهلیة) ولکن النبي کان اُمیاً اولا یقال من اُم القری من مکة يعني بعبارة أخری کان مکیاً من اهل مکة هذا اولا واطلاق ام القری علی مكة من باب التعظیم، هي طبعا القری في القرآن الکریم یُطلق علی المدن لیس المراد بالقریة بالمعنی المصطلح الآن! القریة يعني بمعنی المدینة ولو کانت تلك القریة مدینة عامرة النبي الاکرم منسوب إلی امُ القری هذا معنی الاُمي وثانیاً لا ضیر أن یکون النبي لا یقرأ ولا یکتب ولکن الذي لا یقرأ ولم یکتب جاء بمثل هذا القرآن الکریم المعجز، ولو کان النبي یقرأ ویکتب اُتهم ولا تخطه بیمینك لو کان یخط بیمینه ویذهب إلی الکتاتیب وله علاقة بالأحبار من اهل الکتاب لاُتهم بأنه یأخذ علمه من هؤلاء شاءالله عزوجل أن يأتي النبي لا يقرأ ولا یکتب ولا یمارس طبعا بمعنی الممارسة والا النبي لو شاء أن یکتب لکتب ویا لها من کتابة؛ اذاً النبي الاُمي بهذا المعنی ینبقي أن یکون معلوماً لدینا.
کلمة أخیرة رسولاً منهم ما الفائدة من کلمة منهم؟ نحن قلنا قبل قلیل هؤلاء قوم متخلفون الانسان یأبی أن ینسب نفسه إلی قوم متخلفین یأدون البنات ویقطعون السبیل ویقتلون علی أتفه الاسباب حروبهم الطویلة عشرات السنین علی أمر تافه حروب الجاهلیة معروفة؛ اذاً لماذا قال منهم؟ لیس هذا فخر للنبي أن یکون النبي من ذریة ابراهیم نعم هذا فخر من ذریة ابراهیم ولکن أن یکون من قریش هذا فخر حتی یقول منهم؟ في الواقع هذا اتمام للحجة لا من باب المزیة للنبي! یعني ایها القوم ما بکم هذا النبي منکم أنتم رأيتموه طفلا صغیرا یتیماً وتربی سمیتموه محمد الامین الذي کان موصوفاً بالصدق عندکم فلماذا کذبتموه الآن عندما جاء بالرسالة الالهية؟ اذاً کون النبي منهم أي معروفاً عندهم من طفولته إلی ایام شبابه من موجبات إقناع القوم هذا اولا.
وثانیا من لغتهم هو منهم جاء یتکلم معهم بالعربیة وجاء بالمعجزات ویتکلم بلغتهم یعني الفصاحة والبلاغة محققة في المقام.
وأخیراً هذا منکم أنتم ایها العرب اذا هذا النبي نجح في دعوته وملئ ذکره الآفاق وفتح البلاد وأخضع العباد هذه مزیة لکم انتم لماذا هکذا تعاملون؟ یعني حتی من منطلق القومیة هذا منکم نجاحه یعود الیکم ولهذا نوح ایضاً یقول یا قوم الأنبیاء عادة من القوم وهم عادة عندما ینصحون قومهم یعبرون عنهم هکذا یا قوم یعني انتم معي وانا معکم انتم مني وانا منکم، اذاً الرسول منهم بهذه المعاني الثلاث لغةً منهم نشأةً منهم وثم عاطفةً وشائج القربی ولهذا کبار عتاة الجاهلیة منهم أبوجهل هو عم النبي اذاً بهذه الکلمة منهم رب العالمین أتم الحجة علیهم ولم یجعل لهم مجالاً للتضرع.

وفقنا الله وایاکم لئن نکون من المتدبرین في کتابه إنه سمیع مجیب وصلی الله علی محمد وآله الطاهرین.