Search
Close this search box.
  • قواعد التأثير على الآخرين ٢
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

قواعد التأثير على الآخرين ٢

بسم الله الرحمن الرحيم

اختيار نقاط الضعف ومعالجتها

من قواعد التأثير تحديد نقاط الضعف ومعالجتها. فعلى سبيل المثال لا يمكن أن تلقي خطبة على شاب في فضل صلاة الليل وهو ينظر إلى الحرام من الليل حتى الصباح. أين هذا الشاب من صلاة الليل. عليك أن تمنعه عن المنكر أولا. أو أنك تجد شابا يدعو عليه أبواه وله مشكلة معهم ثم تدع إصلاح ما بينه وبين والديه وتريد أن تصلح علاقته مع زوجته وأولاده وأصدقائه. إنما عليك أن تحدد الأولوية أولا. إن تكلمت معه بما يؤثر فيه وبما يهتم به سينصت لك جيدا وإلا سيقول في قلبه: إن كلامك هذا لا يعنيني.

لقد رأيت قبل فترة طفلة صغيرة – وهذه عينة وقس أنت عليها – كانت عليها علامات الاكتئاب والتبرم وكان الصراخ والبكاء دأبها وقد ضاقت الأم بها ذرعا وعجبت من مشاكستها وشراستها وهي في صغر سنها ثم بعد اللتيا والتي علمنا أن لها مشكلة مع زميلتها في المدرسة وكانت صديقة قريبة إلى قلبها فأهانتها في المدرسة ذات يوم فهي طوال الأسبوع متبرمة كئيبة. فابحث عن نقطة الضعف أنت كذلك وانظر كيف صار هكذا؟ وبالطبع إن الأمر يتحتاج إلى فطنة ورؤية نافذة، والأهم من ذلك تحتاج ألى بصيرة ألهية حتى تعلم ما هو السبب الحقيقي. وقديما قالوا: إذا عرف السبب بطل العجب. ولذلك إن بعض أطباء النفس لهم عيادات مكلفة وإنما فنهم ومهارتهم هو الوقوف على ضعف المريض من خلال الكلام والاستنطاق. إنه يحاول معرفة علة الاكتئاب. وهناك فرق بين المحقق في المخافر وبين طبيب النفس؛ هذا يحقق وذاك يحقق، ولكن ذاك بالعنف وهذا بلطائف الحيل.

كن شفيقا بمن تريد إصلاحه

إن هناك قانونا يسمى بقانون باطن الظاهر؛ يبين أن انعكاس الباطن أقوى من انعكاس الظاهر. يعني إن أردت أن تكون ناصحاً مؤثرا كن أميناً محباً. وليكن إقدامك للإصلاح من منطلق الشفقة فإذا علم الطرف المقابل أنك مشفق عليه وتحبه باطناً وتحب أن يتغير؛ فإن هذا الحرص الباطني سينعكس عليه.

التأثير الحقيقي للكلام

هنالك إحصائية لا أعول عليها كثيرا تقول: أن قوة اللفظ في التأثير هي أقل من عشرين بالمئة، وأن سائر التأثير يكون في نبرة الصوت وفي نظرة العين وفي حركات اليد وفي فلتات اللسان وفي ما يظهر على وجهك من الشفقة. أين هذا من أن تكون خطيبا بارعا؟ ويؤيد هذا المعنى ما روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (تَجِدُ اَلرَّجُلَ لاَ يُخْطِئُ بِلاَمٍ وَلاَ وَاوٍ خَطِيباً مِصْقَعاً وَلَقَلْبُهُ أَشَدُّ ظُلْمَةً مِنَ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ وَتَجِدُ اَلرَّجُلَ لاَ يَسْتَطِيعُ يُعَبِّرُ عَمَّا فِي قَلْبِهِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ يَزْهَرُ كَمَا يَزْهَرُ اَلْمِصْبَاحُ)[١]؛ إنك قد تسمع خطيبا من خطباء الجمعة فتشمئز من قوله وهو أعرابي لا يخطئ في الكلام، ولكن تقول: أغلق المذياع إن هذا الرجل لا يدخل في قلبي. وقد ترى الرجل يتأتئ في الكلام لا يتقن العربية ويريد أن يتكلم معك بغير لغته ولكن يؤثر فيك أيما تأثير.

اغتنام ساعات التأثير

من القواعد اغتنام ساعات التأثير. يتفق أن الزوجة في قلبها كلام كثير وهي من الصباح إلى الزوال ترتب الجمل في قلبها ثم يدخل الزوج محملا بمشاكل العمل وبيده الأثقال قد شترى متاع البيت في الصيف وهو يتصبب عرقاً فتستوقفه على الباب لكي لتقي عليه خطبة هناك. فهل هذا الوقت وقت تأثير؟

إن في زمن النبي (ص) اتفق أن كان أحد الصحابة غائبا وقد مات ولد له في غيبته. فرجع الرجل من السفر. فلو كانت أم الولد جاهلة لكانت تستقبله بالصراخ والبكاء وتقول له: مات ولدك وهذا هو المتعارف. ولكنها أخذته إلى جانب ولعلها لاطفته ثم قالت: يا فلان، لو أن هنالك أمانة عندنا فطالبنا بها صاحبها أكنا نعطيها أو لا؟ قال: نعطيها له. قالت: أكنا نتبرم أو لا؟ قال: لا. فقالت إن رب العالمين قد أخذ أمانته؛ فما كان من الرجل إلا أن قبل بقلب مستسلم لقضاء الله وقدره.

ولعل هذه المرأة كانت أعرابية فنحن لا نعلم مستوى ثقافتها ولكنها أرقى من أساتذة الجامعات الذين لا يفهمون هذا المعنى. إن أفضل الأوقات للحديث والموعظة؛ بعد الصلوات في المساجد أو في المشاهد المشرفة أو في الطبيعة أو على المائدة وما شابه ذلك، أو عند الإحسان إلى الطرف المقابل. إن بعض الشباب يقول في ليلة الزفاف: إن الوالد زوجني واختار لي زوجة صالحة وتحمل التكاليف ولكنه قال لي تلك الليلة: لقد قدمت لك ما قدمت وأريد منك أن تلتزم بالصلاة في أول الوقت. إن هذه الكلمة تتغلغل إلى جوفه. إنك في ليلة الزفاف إذا قلت لابنتك: إنك ستغادرين البيت وقد ربيتك عشرين سنة أو ثلاثين سنة ولا أريد منك شيئا إلا أن تلتزمي بالحجاب إلى آخر العمر، فهل ستنسى هذه البنت حجابها ولو كانت في بلاد الغرب؟ أبداً.

تحريك المشاعر لا التعرض للمقدسات

إن لكل انسان مقدساته الحقة أو الباطلة. فلو ذهبت إلى بلاد الهند وتكلمت على بقرة أو ركبتها أو حلبتها وشربت حليبها أمام من يعبدها فمن طبيعي أن يخرج ذلك الرجل عن طوره. واعلم أن استهزائك بمقدسات الآخرين يجعل جداراً بينك وبينهم. حاول أن تزعزع من أسس عقيدته لا أن تواجه رموزها. إن هذا هو منطق القرآن الكريم: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[٢].

إن إبراهيم (ع) يحطم الأصنام ويقول: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ)[٣]؛ أي أيها الناس إن كان لكم عقل فكيف تعبدون به الذي لم يقاومني وأنا أحطمه. فلم يعترض منهم أحد عليه لأنه لم يسب آلهتم بل حرك مشاعرهم. فالمؤمن العاقل المؤثر المربي؛ عليه أن يعمل بهذه القاعدة، ولا يخوض فيما يثير الطرف الآخر ويغلق الباب أمامه، وهكذا كان أئمتنا (ع) في مواجهة خصومهم.

[١] الکافي  ج٢ ص٤٢٢.
[٢] سورة سبأ: ٢٤.
[٣] سورة الأنبياء: ٦٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • من قواعد التأثير تحديد نقاط الضعف ومعالجتها. فعلى سبيل المثال لا يمكن أن تلقي خطبة على شاب في فضل صلاة الليل وهو ينظر إلى الحرام من الليل حتى الصباح. أين هذا الشاب من صلاة الليل. عليك أن تمنعه عن المنكر أولا.
  • إن هناك قانونا يسمى بقانون باطن الظاهر؛ يبين أن انعكاس الباطن أقوى من انعكاس الظاهر. يعني إن أردت أن تكون ناصحاً مؤثرا كن أميناً محباً. وليكن إقدامك للإصلاح من منطلق الشفقة فإذا علم الطرف المقابل أنك مشفق عليه وتحبه باطناً وتحب أن يتغير؛ فإن هذا الحرص الباطني سينعكس عليه.
  • من قواعد التأثير اغتنام ساعات التأثير. يتفق أن الزوجة في قلبها كلام كثير وهي من الصباح إلى الزوال ترتب الجمل في قلبها ثم يدخل الزوج محملا بمشاكل العمل وبيده الأثقال قد شترى متاع البيت في الصيف وهو يتصبب عرقاً فتستوقفه على الباب لكي لتقي عليه خطبة هناك. فهل هذا الوقت وقت تأثير؟
Layer-5.png