Search
Close this search box.
  • في رحاب ولادة الإمام محمد الجواد (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

في رحاب ولادة الإمام محمد الجواد (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

ولادة الإمام الجواد (عليه السلام)

من معالم شهر رجب التي يشار إليها في ما نقرأ من الأجعية وهو الدعاء الصادر من الناحية المقدسة: (اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْمَوْلُودِينَ فِي رَجَبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلثَّانِي وَبنهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْمُنْتَجَبِ وَأَتَقَرَّبُ بِهِمَا إِلَيْكَ خَيْرَ اَلْقُرْبِ)[١].

التوسل إلى الله عز وجل بوليه محمد بن علي الجواد (عليه السلام)

من محطات شهر رجب التوسل إلى الله عز وجل بوليه محمد بن علي الجواد (ع) وهو المولود في هذا الشهر الكريم هو والإمام الهادي (ع) وأمير المؤمنين (ع)، ولا بأس أن نأخذ جولة سريعة في مناقب هذا الإمام الهمام الذي نتشرف بزيارته وزيارة أبيه في أرض بغداد. وأحدهم نخاطبه بباب الحوائج والآخر بباب المراد إلى الله عز وجل. وعندما نقول باب الحوائج وباب المراد لا ينبغي أن تتبادر إلى ذهنك الحوائج المادية الفانية فقط. لا بأس أن نطلب منهم الحوائج ولكن الحاجة العظمى وهي طلب المقامات العالية.

باب المراد

إنه باب الحوائج إلى الله، ومن طلب الله قصدهم، وهم السبب المتصل، والحبل المتين، من أراد الله بدأ بكم، وإلى آخره. ومع الأسف قلما رأينا زائراً هذا هاجسه. زائر يذهب لصداع أو لمرض أو لدين، أو لحب اقتران بفتاة وما شابه ذلك. ولكن كم من المناسب أن يذهب أحدنا ويشتكي عند إمامه حسده الباطني أو كبره الباطني أو غضبه؟

ماذا نطلب من الإمام؟

أليس من المناسب لمن يزور إمامنا موسى بن جعفر كاظم الغيظ أن يقول: يا مولاي، سل الله عز وجل أن يهبني هذه الملكة؟ أليس من المناسب أن يطلب من الجواد الجود؟ وأبخل الناس من بخل بالواجب. فتارة يبخل الإنسان بالصدقة أو بالمساهمة في المشاريع الخيرية وما شابه ذلك وتارة يبخل بخمس ماله الواجب، ويبخل بالصدقة الواجبة، ويبخل بالزكاة الواجبة وأخيرا – طبعا هذا غير واجب – يبخل بالوصية بثلث ماله. وكم من الخسران أن يبخل أحدنا بماله بعد موته؟ فقد يقبل منه البخل وهو حي إلى حد ما، ولكن وهو ميت لماذا يبخل بثلث ماله؟

الوصية بالثلث

لو قلت للورثة: ثلث أموالي في سبيل الله، فما يضرك هذا القول؟ أيبخل على نفسه في حياته وبعد مماته؟ كم هذا حرمان من الفيض والبركة؟ وأقولها بصراحة، وليبلغ الشاهد الغائب: إن أعظم الناس أو من أعظم الناس حسرة في القبر والقيامة من لم يوص بثلث المال، فيكفي الزوجة والأولاد الثلثان. إن البعض يموت عن زوجة ثرية، وعن أولاد أثرياء متمكنين؛ فيعطيهم المال كله والحال أن رب العالمين أذن له بالثلث. لنرجع إلى الحديث عن الجود والجواد (ع) فكل ذلك بمناسبة الجواد.

التشبه بالإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام)

من اراد أن يتشبه بالإمام محمد بن علي (ع) فليتأسى به في هذه الصفة. بالطبع إن بذل المال من مصاديق الجود، وبذل الوقت والعمر من مصاديق الجود أيضا وهو أن تجعل وقتك لله عز وجل. أو تعلم أن المؤمن أوقف عمره لله عز وجل؟ أليس من صفة المتقين أنهم أوقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم؟ وأعلى الجود هو الجود بالنفس، وكما يروى: (إِنَّ فَوْقَ كُلِّ بِرٍّ بِرٌّ حَتَّى يُقْتَلَ اَلرَّجُلُ شَهِيداً فِي سَبِيلِهِ)[٢]؛ هذا مقام الشهداء الذين وصلوا إلى أعلى الدرجات.

شدة سرور الرضا (عليه السلام) بمولد الجواد (عليه السلام)

لقد سر الرضا (ع) بالإمام الجواد (ع) سروراً لا يوصف حيث لم يولد في الإسلام مولود أعظم بركة منه. لأن رب العالمين ما منح هذا الولد الطاهر وهذا المعصوم لوالده إلا في أواخر عمره. وفي هذا درس بليغ لنا جميعا. حتى أن بعض الشيعة شكك في ولادته وقال: إن هذا هو الإمام الثامن وقد بقي أربعة من المعصومين؛ فأين الإمام التاسع لتكتمل الحلقة؟ لقد راودهم الشك. ولهذا لما ولد الجواد (ع) رفع كل شك وترديد؛ فكم كان سرور والده به.

إن المؤمن إذا طلب من الله شيئا لا يستعجل. ولا نستبعد أن إمامنا الرضا (ع) كان يطلب من الله عز وجل في الخلوات ذرية طيبة. إنه يعلم أن من سيخرج من صلبه هو إمام معصوم به تستمر هذه الحلقات الطاهرة، ولكن الله عز وجل ما استجاب له إلا في عمر متقدم. والإمام الرضا (ع) مقل في الذرية بخلاف أبيه موسى بن جعفر (ع) الذي له من الذرية ما ملأ شرق الأرض وغربها ويكفي أن من ذريته الرضا (ع). والسادة الرضويون أيضا هم من نسل إمامنا موسى بن جعفر (ع).

إن الإمام الجواد (ع) كان ينادى بابن الرضا (ع) والإمام الهادي (ع) أيضا كان ينادى بابن الرضا (ع) لأن الإمام الرضا قد طبقت شهرته الآفاق، ولم يجلب مأمون هذا العفريت المستكبر الإمام من المدينة إلى أرض طوس إلا لعظمته أولا؛ حيث أراد أن يكون تحت نظره كما فعل المتوكل بالإمام الهادي (ع). وثانيا: أراد أن يتزلف للأمة من خلال التودد لرضا (ع). إن الإمام الرضا (ع)؛ أبوه موسى بن جعفر الذي كان في سجن بغداد وحيدا غريبا وقضى مسموما، ولكن ولده الرضا (ع) بلغ من الشأن الاجتماعي ما بلغ. بالطبع مقاماتهم عند الله محفوظة وإنما كلامنا في موقعهم من الأمة.

اجتماع الأمة على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام)

وهكذا شاء الله عز وجل أن يرتفع ذكرهم في الدنيا وفي الآخرة؛ عند الناس وعند رب العالمين. يقال في علة تسمية الرضا بالرضا: أن الله رضي عنه والخلق. وقد تسلم الإمام الجواد (ع) الإمامة في حداثة سنه ولم تختلف الأمة عليه لما بدرت منه من الكرامات العلمية والعمليه الشيء الكثير.

[١] المصباح (للکفعمی)  ج١ ص٥٣٠.
[٢] مستدرك الوسائل  ج١١ ص٨.
Layer-5.png