Search
Close this search box.
  • في رحاب ولادة الإمام الحسن المجتبى (ع) – الجزء 02
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

في رحاب ولادة الإمام الحسن المجتبى (ع) – الجزء 02

بسم الله الرحمن الرحيم

طرق مقابلة الغضب

المقدم: سماحة الشيخ ورد في الخبر حول الإمام الحسن (ع): (وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ فُلاَناً يَقَعُ فِيكَ فَقَالَ أَلْقَيْتَنِي فِي تَعَبٍ أُرِيدُ اَلْآنَ أَنْ أَسْتَغْفِرَ اَللَّهَ لِي وَلَهُ)[١]. ألا يستفاد من هذه الرواية سياسة الدفع بالتي هي أحسن؟

الشيخ: حقيقة هذا أيضا من مظاهر الحلم الحسني، وأن الإمام (ع) أراد أن يعلمنا درساً بليغا، وهو: ألا يخرج الإنسان عن طوره في ما إذا واجه إنساناً سفيهاً أو إنساناً لا يعرف الحدود الشرعية في الحديث، وهو قوله تعالى: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا )[٢]

إنك لو صادفت في الطريق حيوانا أو دابة كقطة مثلا وهجمت عليك؛ ألا تقول: هذا حيوان لا يفقه ولا يعقل؟ ثم لا تدخل معه في معركة أو في خصومة، ولو فعلت ألا يقولون: أي عاقل أنت؟ إذا كنا نعتقد أن بعض الناس كالأنعام بل هم أضل؛ فلماذا ندخل معه في خصومة؟ وكما يقول سبحانه: (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ)[٣]. إن هذا شعار جميل.

إن الكثير من مشاكلنا خاصة الأسرية وخاصة تلك المرتبطة بالنساء لأنها ضعيفة في بنيتها؛ أننا دائما نعيش هذا الهاجس: إن فلانا قال كذا، وفلانة قالت كذا. ما قيمة الكلام إذا لم يكن له واقع ومصداق؟ هذا إمامنا المجتبى يواجه هكذا إنسان وبالعكس يقول: ألقيتني في تعب، والآن أريد أن استغفر له.

من هدايا هذه الليلة التي إذا التزمت بها فسوف تعيش بفضل الله عز وجل الراحة النفسية إلى آخر عمرك. وهذا من باب المعين؛ أي أن هذا الباب يسد عليك باب القلق. عندما يؤذيك أحد خاصة الأرحام القريبة والصديق؛ تخيل أن هناك شيطان جالس على كتفه وهو يسوقه حيث يريد. فاجعل همك أن تخلصه من شيطانه لا أن تواجهه أنت. إنك عندما تواجه ويغضب؛ فإن الشيطان يركبه أكثر فأكثر؛ أي يتمكن منه أكثر.

لو أن ابنك أو زوجتك أتتك وعلى كتفها عقرب وهي لا تدخل؛ هل تدخل معها في خصام أم تغافلها ثم تأخذ العقرب وتضعه جانباً وتقتله، ثم تقول له أو لها: يا فلانة، أين ذهبت وما هذا الوضع؟ إن الشيطان كالعقرب. إنك عندما ترى الشيطان قد تمكن من أحدهم حاول أن تخلصه. إن الإمام المجتبى بهذه الحركة خلصه من شيطانه، ولولا ما فيه من القابلية لما استغفر له.

فحاول من اليوم فصاعداً إن شاءا لله في كل موقف يثير الغضب؛ أن تصلي على النبي وآله أولا، ثم تقول: يا مولاي يا أبا محمد الحسن بن علي، إنا توجهنا واستشفعنا بك. حقيقة هذا دواء طيب أن تتوسل بالإمام المجتبى (ع) ولو فعلت لأعطائك الحلم. إن الإمام المجتبى حليم أهل البيت (ع) وكريمهم. إن هذه الصفة لو تأسيت بها عندما تخرج من طورك عند الغضب؛ لسددت على نفسك باباً واسعا من أبواب الشر في حياتك.

لطف الإمام الحسن (عليه السلام)

المقدم: هناك رواية أخرى تقول: (رَأَيْتُ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَأْكُلُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَلْبٌ كُلَّمَا أَكَلَ لُقْمَةً طَرَحَ لِلْكَلْبِ مِثْلَهَا فَقُلْتُ لَهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ أَ لاَ أَرْجُمُ هَذَا اَلْكَلْبَ عَنْ طَعَامِكَ قَالَ دَعْهُ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ ذُو رُوحٍ يَنْظُرُ فِي وَجْهِي وَأَنَا آكُلُ ثُمَّ لاَ أُطْعِمُهُ)[٤]. من الملاحظ في هذه الرواية أن لطف الإمام (ع) شمل غير البشر أيضا فما هو تعليقكم على ذلك؟

صلوات الله عليك يا أبا محمد. لقد وصلت رأفتك إلى الكلب الذي هو نجس العين، ونحن هذه الليلة نقول: بحق أمك فاطمة (ع)؛ الطف بنا. حقيقة هذه الرواية قد رأيتها في كتاب البحار وهي بحق رواية ملفتة. لقد عم لطف الإمام (ع) لا الأعداء من البشر فحسب؛ بل حتى هذا الحيوان كان يعز عليه أن يأكل وهو ينظر إليه.

لقد كثر هذه الأيام الكلام عن التكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء. إن الإمام يقول: كيف آكل طعاما والكلب ينظر إلي، ولم يرضى الإمام أن يرجم الكلب. أقول: إنها صفة حسنية، وهو في الحقيقة كريم أهل البيت (ع). لقد شمل لطفه وكفالته وإحسانه الحيوان؛ فكيف بالمؤمنين.

وكلمة أخيرة قبل أن تنتقل إلى سؤال آخر، أقول: ركزوا على العطايا في العشرة الأخيرة من شهر رمضان. إن كان عندك خير أو بر أو صدقة أو خمس أو أي شيء؛ اجعلها على الأقل في هذه العشرة من ليالي شهر رمضان المبارك. إن أحد المؤمنين جمع كل ما يريد أن يعطيه طوال السنة، وقال: أنفقوا هذه الأموال في الليالي الثلاث من ليالي القدر؛ فإنني أريد أن يتضاعف عملي، وكأنني تصدقت في ألف شهر. بدل أن ينفق إنفاقاً بسيطاً في كل شهر؛ جعل قسما عظيما من مردودها عطاءاً في ليالي القدر. والمؤمن كيس فطن. على كل حال ليتأسى أحدنا بالإمام المجتبى (ع) في الإنفاق ولكن في ليلة القدر. اجعل فيها عطاءاً مميزا. أتذكر قبل سنوات وعدنا أحدهم بصدقة جارية في مشروع ما، فقال: هذا المال اجعله عندك أمانة ولا تتصرف فيه لحين ليلة القدر فاقبضها عني. على كل حال؛ إن الدنيا سوق قد ربح فيها قوم وخسر آخرون.

مدى حلم الأئمة (عليهم السلام)

المقدم: سماحة الشيخ كذلك في الرواية: (أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ اَلْحَكَمِ عَلَيْهِ اَللَّعْنَةُ شَتَمَ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ اَلْحَسَنُ إِنِّي وَاَللَّهِ لاَ أَمْحُو عَنْكَ شَيْئاً وَلَكِنْ مَهَّدَكَ اَللَّهُ فَلَئِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَجَزَاكَ اَللَّهُ بِصِدْقِكَ وَلَئِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَجَزَاكَ اَللَّهُ بِكَذِبِكَ وَاَللَّهُ أَشَدُّ نَقِمَةً مِنِّي)[٥]. ألا تدل هذه الرواية على كيفية التعامل مع من يخاصمك ويخالفك في العقيدة؟

في الواقع هذا الموقف متكرر في حياة الأئمة جميعا. إن حلم الأئمة (ع) حلم لا يقاس به حلم. ومن المناسب الليلة، ومن المؤكد أن ذلك يرضي السيدة أن نذكر أخاها. إن علاقة السيدة بأخيها الرضا (ع) كعلاقة السيدة زينب بأخيها الحسين (ع)، ومن اللطيف أن نذكر الرضا (ع) بجوار أخته.

تقول الرواية أن أحدهم: (قَالَ لَهُ أَنْتَ إِمَامٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اَللَّهَ أَنَّكَ لَسْتَ بِإِمَامٍ قَالَ فَنَكَتَ طَوِيلاً فِي اَلْأَرْضِ مُنَكِّسَ اَلرَّأْسِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا عِلْمُكَ أَنِّي لَسْتُ بِإِمَامٍ قَالَ لِأَنَّا رُوِّينَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ اَلْإِمَامَ لاَ يَكُونُ عَقِيماً وَأَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ هَذَا اَلسِّنَّ وَلَيْسَ لَكَ وَلَدٌ قَالَ فَنَكَسَ رَأْسَهُ أَطْوَلَ مِنَ اَلْمَرَّةِ اَلْأُولَى ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ أُشْهِدُ اَللَّهَ أَنَّهُ لاَ تَمْضِي اَلْأَيَّامُ وَاَللَّيَالِي حَتَّى يَرْزُقَنِيَ اَللَّهُ وَلَداً مِنِّي)[٦]. لقد نكس رأسه الإمام (ع)؛ فماذا يقول لهذا المتجاسر؟ ثم انظروا إلى الحوارية بين الإمام الرضا (ع) وبين من ينكر إمامته. هكذا كان (ع).

أيضا رواية الإمام المجتبى رواية ملفتة في هذا المجال. أيضا ثم هنا لا بأس أن نذكر حاشية. هناك رسالة محشاة ورسالة فيها حاشية. إن الإمام (ع) لو رأى أن الشخص يستحق التأديب لتصدى لتأديبه، ولكن ماذا يصنع بهذا؟ أيضربه أو يعاقبه أو يشتكي عليه؟ وكل ذلك بحاجة إلى مئونة. إنني إذا تصديت لتأديب أحدهم فإن ذلك يأخذ من وقتي ومن جهدي، وكذلك إذا أردت أن أراجع المحاكم.

ولكن الإمام قال في الأخير: والله أشد نقمة مني. فإن على أسوء التقادير أن يكون الشخص لا يستحق العفو ولا التجاوز، ففي نهاية المطاف، قل: يا رب، أوكلت إليك أمره وكفى. إن المؤمن في ارتياح تام؛ فإما أن يعفو عمن شتمه ولعنه، وإما أن يوكل أمره إلى الله عز وجل والله خير المنتقمين.

أروع سلوك لجذب المخالفين

سماحة الشيخ: لقد روي عن الإمام الصادق (ع) حديثا يتحدث فيه عن الإمام الحسن (ع) فقال: (كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَدِيقٌ وَكَانَ مَاجِناً فَتَبَاطَأَ عَلَيْهِ أَيَّاماً فَجَاءَهُ يَوْماً فَقَالَ لَهُ اَلْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ)[٧] ثم دار بينهما حوار، (فقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ مَا بَالُنَا نَكْرَهُ اَلْمَوْتَ وَلاَ نُحِبُّهُ قَالَ فَقَالَ اَلْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ وَعَمَّرْتُمْ دُنْيَاكُمْ وَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ اَلنُّقْلَةَ مِنَ اَلْعُمْرَانِ إِلَى اَلْخَرَابِ)[٨] فما هو الدرس العملي؟

إنها رواية بديعة في هذا المجال. إن البعض منا يتعامل مع الناس الذين هم بعيدون عن خط الدين والديانة وبتعبير الرواية؛ كان ماجناً. والماجن بتعبيرنا اليوم هو إنسان متوغل في الفسق والفجور، وفي كل زمان هناك الكثيرون من هؤلاء الماجنين. ليس أسلوب الإمام (ع) هو أسلوب الطرد والطعن والبتر، وإلى آخره؛ وإنما الإمام افتقده حينما أتاه فقال له: كيف أصبحت؟

إنسان ماجن يأتي للإمام ويقول له الإمام: كيف أصبحت، وفي النهاية ربطه بالقيامة. إننا بدأنا حديثنا الليلة بالقيامة وختمناه بالقيامة. أي أنت أيها الماجن عمرت دنياك بما عمرت، ولكن ألا تخاف من هول المطلع؟ إن الإمام نقله إلى ذلك العالم من أجل أن يردعه عن ذلك.

إن من أفضل القربات إلى الله عز وجل في زمان الغيبة أن تأخذ بأيدي التائهين وتوصلهم إلى الله عز وجل. وبتعبير الروايات: أن ترد آبقاً إلى بابه. وأقرب الناس إلى هذا الأمر هي الأسرة والأهل. رأينا بعض المؤمنين هو في غاية التقوى ولكن الزوجة والأولاد والبنات؛ لا أقول إنهم في غاية عدم التقوى ولكن لا ينسجمون معه، وليسوا في مستواه. ففي زمان الغيبة وخاصة في زمان التواصل الاجتماعي؛ أحدنا في جيبه جهاز يدخل فيه إلى كل ما يريده. في هذا العالم الوسيع حقاً وباطلاً وحلالاً حراماً.

فأقول: بمناسبة ذكر الإمام المجتبى (ع) وهذا الماجن الذي ابتلي به الإمام؛ حاول أن تتقمص هذا الدور. لا تقل: هذا شأن علماء الدين والوعاظ. إن حديثنا لا يكون إلا في مثل هذا اللقاء المبارك وعلى المنابر وفي المشاهد فقط ويعني أن صلتنا بالجمهور صلة محدودة جداً. ولكن أنت إن كنت أستاذا في الجامعة فسوف تدخل الجامعة من أوسع أبوابها، وأنت المرأة تدخلين المجالس النسائية من أوسع أبوابها؛ فلو أن أحدنا تشبه بدور الدعاة إلى الله عز وجل، وكما في الرواية المعروفة: ذكر محاسن كلامهم لاتبعوهم. وخاصة من يسمع حديثي من بلاد المغرب. في بلاد الغرب ينظرون إليهم على أنهم دعاة للدين وسفراء الإسلام. لا تكن من الذين ينفرون الناس من شريعة رب العالمين.

قد يسأل سائل فيقول: كيف أملك غضبي؟ ما هي الآلية المتبعة في ذلك؟ أن نتشبه بالإمام المجتبى (ع) أمر حسن وصحيح وأنا أحب ذلك ولكن قد يأتي موقف يثير غضبي وإذا بي أصب جام غضبي على من أريد ناسيا كل ذلك. وحديثي هنا مع الذين لهم دور التوجيه والإرشاد. دائما اجعلوا التوصيات العملية مع آليات عملية. مثلا كيف أقوم لصلاة الفجر؟ وهنا قد يأتيك الخطيب بمحاضرة طويلة عريضة وبدلا من ذلك قل له مثلاً: اجعل منبهاً عند رأسك أو اقرأ آخر آية من سورة الكهف، وقم بتسبيحات الزهراء، ولا تنسى النوم المبكر والعشاء الخفيف. هذه آليات عملية وهي أفضل من أن تعطيه كلاما عاما لا يفيده.

فماذا نفعل عند الغضب؟

قل من لا يواجه من بني آدم مواقف تثير غضبه؛ لأن الغضب ناشئ من عدم الارتياح مما تراه، وقد يكون بحق. ليس كل عدم ارتياح بلا وجه. وهنا مجموعة من القوانين وخاصة من بلغ من السن ما بلغ؛ لأن الإنسان عندما يكبر أو يبتلى بمرض أو يتعاطى بعض العقاقير المحددة التي لها تأثير في ضيق الخلق والتي تسبب النعاس أو تلك المتعلقة بالسلسلة العصبية؛ تجعل الإنسان لا يتحمل ويتبرم سريعا.

من الدروس العملية أولا: إنك عند الغضب لست متزنا كما ينبغي، وتكون مضطربا. وهذا الكلام الذي أثار غضبك يجعلك لا تفكر تفكيراً سليماً. فجنب نفسك تماما في حال الغضب اتخاذ القرارات. ولا كلام ولا توجيه ولا تنبيه عند الغضب. ضع نفسك – كما يقال – في المجمدة. هناك تعبير جميل يقول: بإمكانك أن تمضي غضبك الآن، ولكن أجله. فمثلا: كان ينبغي أن تغضب وما غضبت، وبعد ساعة بإمكانك أن تغضب؛ فالأمر بيدك. أما إذا غضبت ثم ندمت ماذا تصنع؟ غضبت بلا وجه، وأنت الآن سكوت بلا وجه. بإمكانك أن تعوض الغضب، ولكن الحلم تعويضه مشكل.

ثانيا: غير المكان. وقد ورد هذا المضمون في الروايات. إن كنت قائما؛ اجلس، وإذا كنت قاعدا؛ قم. ومن باب تطبيق الرواية؛ قم بالوضوء. إن صب الماء البارد على الوجه؛ قد يجعل البرودة تنتقل من وجهك إلى قلبك. اخرج من المكان الذي أنت فيه، وصل لله ركعتين قربة إلى الله عز وجل.

ثم إذا رأيت بعد هذا كله أن الغضب لابد أن تنفذه أو تحله على من غضبت عليه؛ فاغضب بمقدار ما غضب الله عز وجل. إن بعض غضبنا ليس لمنكر، وإنما هو لأمر مكروه أو أمر مرجوح لا يستحق هذا الغضب الشديد. انظر كم أجاز لك رب العالمين أن تغضب في هذا الموقف؟ هل فيه حرام أو فيه هتك أو فيه كبيرة؟ ولابد من الغضب الإلهي. والنبي الأكرم كان هكذا في مواقفه، فيقال: أنه إذا غضب لا يقوم لغضبه شيء. إن النبي (ص) على عظمته وحلمه كان يغضب، وكان غضبه مربياً وقاسياً على الطرف المقابل.

ثالثا: على فرض أنك غضبت لزلة الشيطان، وأنا عندما أغضب على أحدهم لزلة ما؛ أقول له اعذرني. إن موسى (ع) أخذ برأس أخيه يجره إليه، ولكن بعد ذلك سكت عن موسى الغضب. وسكت عن موسى (ع) هذا توجيه؛ لأن موسى (ع) معصوم ولكن كان الغضب لأجل اتخاذهم العجل. إذا غضبت في غير محله بادر إلى الاعتذار ولا تؤخر، فإن هذا القلب المنكسر لو بقي على ما هو عليه فستكون هناك مشكلة كبيرة. أحدهم غضب على فاسق – وهذه قصة منقولة عن أحدهم في مشهد الرضا (ع) – يعني كما في رواية الإمام. أنا لا أقول ماجن ولكنه إنسان لا وزن له. فغضب عليه لأنه آذاه بموقف، وعندما تركه حل عليه الغضب الإلهي.

فرجع إليه، وقال: يا فلان، أنا آذيتك بغير وجه، وأرجوا أن تسامحني. إنه إنسان لا وزن له ولعله لم يكن مسلما؛ كان يهوديا. فقال له: يا فلان، انطلق السهم من الرمية، وهذا السهم لا يرجع. لقد دعوت عليك وانتهى الأمر؛ أي ليس الأمر بيدي بعد الآن. في الحقيقية لابد أن يخاف الإنسان من الآثار الوضعية للغضب الذي لا وجه له. فعلى المؤمن أن يحذر هذا الجانب ويبادر إلى الإصلاح إن لزم الأمر ذلك.

[١] بحار الأنوار ج٤٣  ص٣٥٠.
[٢] سورة الفرقان: ٧٢.
[٣] سورة الأنعام: ٩١.
[٤] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٣٥٢.
[٥] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٣٥٢.
[٦] بحار الأنوار  ج٤٩ ص٣٤.
[٧] بحار الأنوار ج٦  ص١٢٩.
[٨] بحار الأنوار ج٦  ص١٢٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إذا رأيت أن الغضب لابد أن تنفذه أو تحله على من غضبت عليه؛ فاغضب بمقدار ما غضب الله عز وجل. إن بعض غضبنا ليس لمنكر، وإنما هو لأمر مكروه أو أمر مرجوح لا يستحق هذا الغضب الشديد. انظر كم أجاز لك رب العالمين أن تغضب في هذا الموقف؟
  • إنك عند الغضب لست متزنا كما ينبغي وتكون مضطربا. وهذا الكلام الذي أثار غضبك يجعلك لا تفكر تفكيراً سليماً. فجنب نفسك اتخاذ القرارات في حال الغضب؛ فلا كلام ولا توجيه ولا تنبيه عند الغضب. هناك تعبير جميل يقول: بإمكانك أن تمضي غضبك الآن، ولكن أجله؛ فإن شئت استعجلته.
  • إنك لو صادفت في الطريق حيوانا أو دابة كقطة مثلا وهجمت عليك؛ ألا تقول: هذا حيوان لا يفقه ولا يعقل؟ ثم لا تدخل معه في معركة أو في خصومة، ولو فعلت ألا يقولون: أي عاقل أنت؟ إذا كنا نعتقد أن بعض الناس كالأنعام بل هم أضل؛ فلماذا ندخل معه في خصومة؟
  • عندما يؤذيك أحد خاصة الأرحام القريبة والصديق؛ تخيل أن هناك شيطان جالس على كتفه وهو يسوقه حيث يريد. فاجعل همك أن تخلصه من شيطانه لا أن تواجهه أنت. إنك عندما تواجه ويغضب؛ فإن الشيطان يركبه أكثر فأكثر؛ أي يتمكن منه أكثر.
Layer-5.png