Search
Close this search box.
  • فضائل ومناقب الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

فضائل ومناقب الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

موقع الزهراء (ع) عند النبي وآله (عليهم السلام)

إن حديثنا سيكون عن أم أئمة الهدى وحليلة صاحب اللواء والكريمة عند الملأ الأعلى. إن الحديث هوعن تلك السيدة التي ملكت مجامع قلب رسول الله (ص). إن رسول الله (ص) لا ينطق عن الهوى عندما يقول: فداها أبوها. إنها حبيبة أبيها، وهي التي قال عنها: بضعة مني، وروحي التي بين جنبي. إن هذه التعابير – كما يقال في عرفنا اليوم – تعابير مدروسة؛ أي نازلة من السماء. إن كل بنت هي بضعة من الإنسان؛ ولكن رسول الله (ص) يريد أن يبين لنا مقام الزهراء عند الله عز وجل، لأنها تميزت عند الله، وتميزت عند رسول الله (ص). ولأنها تميزت عند رسول الله (ص) فقد تميزت عند أمير المؤمنين (ع) وعند الأئمة من ذريتها (ع) إلى درجة يذكرها الإمام الجواد (ع) – كما تذكر الروايات – فتجري عبرته ويبكي لتذكرها.

إن لأئمة أهل البيت (ع) مواقف من البكاء مشهودة على جدهم الحسين (ع)، وكما روي عنهم: (إِنَّ يَوْمَ اَلْحُسَيْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا)[١] وعلى أمهم الزهراء (ع) وهذا الأمر مفروغ منه. إن من أحزان إمام زماننا (عج) في زمان الغيبة؛ دمعة على الحسين يجريها تارة، ودمعة على جدته تارة أخرى.

حرمان الأمة من عطاء الزهراء (سلام الله عليها)

وإن بمقدار ما نتعرف على مقامات هذه السيدة؛ يزداد تعلقنا بها؛ فنلتزم بزيارتها، ونقيم مجالسها ونبكي على مصيبتها. إن الزهراء (ع) ماتت في مقتبل العمر في ريعان شبابها. إن الأيام لم تسمح لها بالعمر الطويل. لوأن فاطمة (ع) عاشت كأبيها رسول الله (ص) ستون سنة في هذه الدنيا؛ كم كان عندنا من التراث الفاطمي؟ لوأن الله عز وجل قيض لها عمراً مديداً وقيض لها من ينقل علومها؛ لأثرت الزهراء (ع) الأمة بأعظم تراث؛ ولكن الأمة ظلمت نفسها. أعني من ظلم منهم قد حرم الأمة من عطاء فاطمة (ع).

ولا مانع من كونها أنثى أيضا؛ فالنفس العابدة ليست بمذكر ولا بمؤنث. بل إن النفس في اللغة مؤنثة؛ فنحن نقول: النفس المطمئنة. وعموما إن الأرواح ليست فيها أنوثة ولا ذكورة؛ وإنما هذه من صفات الأبدان. إن آثار الذكورة والأنوثة تظهر في عالم الأرض، والحجاب وغيره.

لا أنوثة ولا ذكورة في عالم الأرواح

وكنصيحة للأخوات المؤمنات أقول: إن المؤمنة قد تكون محكومة في المنزل، ويكون الرجل قوام عليها مثلا؛ ولكن لا تظنن بنفسها أنها دون الرجل في القرب إلى الله عز وجل. إن زكريا (ع) هونبي من كبار الأنبياء ولكن عندما رأى مريم في محراب عبادتها تمنى الذرية؛ يعني إن كانت الذرية كمريم (س) فالكل يتمنى كمريم أن تكون له ولدا.

الميزان هوالقرب من الزهراء (سلام الله عليها)

إن الزهراء (ع) في عالم الكمال والقرب إلى الله عز وجل هي في درجة مقاربة لذريتها، فكما روي: (نحن حجج اللّه على خلقه، وجدّتنا فاطمة حجة اللّه علينا)[٢]. أحدهم – هذه ليست رواية ولا نلزم أحدا بها ولكن أنا ممن يقبل هذه المقولة – يقول: إن أردت أن تعلم موقعك عند الله ورسوله والأئمة والوصي الحاضر (ع)؛ فانظر إلى قلبك. بمقدار حبك لفاطمة (ع) وتقديرك لها أنت قريب من الله ورسوله. إن المؤمن إذا امتلك عاطفة جياشة تجاه هذه السيدة؛ فليعلم أنه قريب من بعلها وبنيها وأبيها، وهذا مفروغ منه.

إن سورة الحمد توصف بالسبع المثاني وأم الكتاب، وبالحمد وما أدراك ما الحمد؟ إنها السورة التي لوأراد أمير المؤمنين (ع) أن يفسرها لحمَّل الجمال من الكتب كما تذكر ذلك الرواية المعروفة عن أمير المؤمنين (ع). سنحوم حول سورة الحمد قليلا، ثم نبين موقع الزهراء (س) من سورة الحمد.

لمحات من تفسير سورة الفاتحة

إن سورة الحمد فيها ثلاثة أركان: الثناء وادعاء ودعاء. إنك في كل يوم تلهج بالفاتحة وتقرأ هذه السورة لأمواتك. أين الثناء؟ (الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين)، إلى هنا ثناء على الله عز وجل؛ كما أثنى هوعلى نفسه. وبعد هذا الثناء هناك ادعاء، تقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) وبذلك تدعي ادعاء كبيراً. إذا أردت قراءة هذه الآية، قل: يا رب، أنا أقرأ القرآن ولا أدعي. أين أنا من قوله: (إياك نعبد)؟ أين أنا، وقوله: (وإياك نستعين)؟ أي حصرا.

وأما الشق الثالث فهودعاء: (اهدنا الصراط المستقيم) إلى آخر الآية المباركة. ونخاطب الله سبحانه بهذه الآية، ونقول: يارب، إن السبل متشابهة، وإن الأمة قد افترقت على كذا فرقة، وأنا متحير في حياتي الشخصية؛ فما أصنع يا دليل المتحيرين؟ إن بعض الناس تائه في أصل الدين، وبعضهم تائه في اختيار المذهب الحق، وبعضهم تائه في تقدير مصلحته في الحياة. وإذا كنت مسلما موالياً لم تنتهي المشكلة؛ ففي كل يوم ترى حيرة في حياتك، وفي كسبك، وفي زيجتك، وفي تربيتك لأولادك، وفي معاملتك مع زوجتك. والحياة كلها حيرة، ولهذا البعض يقول: لورجعت إلى أول العمر لكان اختياري اختياراً آخر.

الهداية إلى الصراط المستقيم غاية المنى

فالهداية على الصراط المستقيم غاية المنى، ومن لم يهده الله عز وجل فهوضال تائه. وهنا بيت القصيد؛ كيف تكون على الطريق المستقيم ديناً، واتجاهاً مذهبياً، وسلوكا في الحياة؟ إن هذا متعلق بالآية السابقة: (إياك نعبد). بمقدار ما تعبد الله عز وجل تكون مستقيما في حياتك. لا تقل: إنني على صراط مستقيم. لقد رأيتم الكاميرات الحديثة التي تريك الصورة واضحة إجمالا؛ فإذا حركت العدسة قليلا رأيت الصورة أنقى وأوضح وكلما تقربها ترى الصورة أوضح. وكذلك المجاهر الحديثة تريك تقريبا أدق جزئيات هذا الوجود. فإذا كلما صعدت في الإيمان والعبادة درجة؛ كلما كانت الرؤية الباطنية للأشياء عندك محددة ودقيقة وصرت على السبيل المستقيم؟

الاستعانة الحقيقية بالله عز وجل

إن من طور من عبادته، ومن زاد في الاستعاذة بالله عز وجل، واقترب من وسط الطريق، يكون مصداق لقوله: (إياك نعبد وإياك نستعين). إنني أفهم – والله العالم – أن الذي يريد الهداية والصراط المستقيم؛ لابد وأن يكون عابداً ومتضرعاً. قد تكون عابداً وتصلي صلاتك الرسمية بإقبال ولكنك لست مستعيناً. إن التضرع شيء غير العبادة. قد تصلي صلاة خاشعة ذهنياً، ولم تفكر في ما سوى الله ولكن القلب لم يتحرك. إن الذهن كان مستجمعاً ولكن القلب لم يكن كذلك. إن من أراد الهداية لابد أن يطير بجناحي العبادة والتضرع والاستعانة بالله عز وجل. والتوسل بأوليائه فرع الاستعانة بالله عز وجل. إنه سبحانه يقول: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)[٣].

الزهراء (سلام الله عليها) وسورة الفاتحة

إن هذه مقدمة للحديث عن ارتباط الزهراء (ع) بسورة الفاتحة. إن الزهراء (ع) وصلت القمة في العبادة والاستعانة. وهي في ذلك كأبيها وبعلها وذريتها. إنها وصلت إلى هذا المقام، (وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)[٤]. ماذا نعني بالعبادة؟ إن للعبادة معنى عميق. ليست العبادة مجرد صلاة وحجة وعمرة. إن هذا نسك كما قال إبراهيم (ع): (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا)[٥]. لقد طلب إبراهيم الخليل إرائة المناسك في الحج. والصلاة هي ركيعات، والصوم إمساك عن الطعام والشراب، والحج تروك، والخمس دفعٌ للمال. إن العبادة أعمق من ذلك، وهوأن ترى نفسك بين يدي الله عز وجل في كل آن.

ملأ فراغات ساعات الغفلة

وهنا تكمن المشلكة. إن بعض كبار القوم عندما يتقدم في العبادة يصل إلى هذه الحقيقة المرة. إنه يريد أن يملأ الفراغات بين محطات الذكر. هب أنك صليت الظهرين باكياً خاشعاً، ثم صليت العشائين كذلك، ثم أقمت الليل بتضرع؛ ولكن المشكلة لم تنحل. فكم تسيء من الزوال إلى المغرب وتتكلم في الباطل، وتأكل بلا نية، وتقوم بالحركات والسكنات وأنت لست عبداً، ولست متذكراً لوظائف العبودية؟ إن الحج والعمرة محطة لهذا المعنى، وإنما الحاج والمعتمر الحقيقي هوالذي يريد أن يقول: يا رب، هيئ لي للمرحلة القادمة ما يملأ لي هذه الفراغات المليئة بالغفلة.

حال الزهراء (سلام الله عليها) الدائم في ذكر الله

إن الزهراء والمعصومين (ع) ملأوا هذه الفراغات؛ فما من آن يمر عليهم إلا وهم في حال عبادة. والآن قد علمت مقام المعصوم. إن أمير المؤمنين (ع) لم يغفل عن الله طرفة عين. وقد تقول: أوهل يصل الإنسان إلى هذه الدرجة؟ نعم. إن الملائكة وهم خدام محمد وآل محمد (ص)، وكما قال الشاعر:

كان جبريل خادماً لأبيه

والذين قوتهم التسبيح، فهم كما قال سبحانه: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)[٦]؛ فكيف بالنبي الأعظم وكيف بأمير المؤمنين (ع)؟ فلا تعجب بنفسك لوصليت الفروض في أوقاتها وفي المسجد وفي الجماعة ومتضرعاً؛ فلست على شيء. أعني الكمال المطلوب حتى ترى نفسك في العمل، وفي الوظيفة، وقبل النوم، وحتى عند معاشرتك لزوجتك ذاكر القلب. والقلب الذاكر هوالقلب الذي لا يغفل عن الله عز وجل. وأنا أعلم ببعض كبار المؤمنين قد وصل إلى درجة قريبة أصبح الذكر له كالهواء؛ فإذا قل الذكر عنده يكاد يختنق.

البحث عن الأجواء الإيمانية عند الفرد المؤمن

إن بعض المؤمنين في بلاد الغرب رأيته في نعمة وفي عافية ولكنني رأيته بعد مدة هنا في بلادنا، فقلت له: يا فلان، رجعت؟ قال: نعم، لم أتحمل – معنى كلامه – كدت أن أختنق هناك ولم يكن عندي هواء أستنشقه. إنن جنتي هي في العيش في قرية من قرى المؤمنين أوفي قرى المسلمين. هنا أعيش أجواء إيمانية، فما لي وحدائق الغرب؟ هناك لا أتنفس. إن المؤمن يبحث عن هوائه الباطني، وأينما وجده يذهب إليه. ولهذا قلب المؤمن في المسجد، وهواء المسجد لا تراه في القصور. إن ما تستنشقه في المسجد – لا أعني هذا الهواء المادي – لا تستنشقه في المطاعم الراقية، ولا عند الأهل والعيال. إن المؤمن يصل إلى هذه الدرجة من الانكشاف حتى تكون متعته في هذه الأماكن. إنه يجمع المال ليذهب إلى المشاهد فهولا يستمتع بغير الذكر.

علة التأكيد على غضب الزهراء (سلام الله عليها ) في الروايات الشريفة

لقد وصلت الزهراء (ع) إلى مرحلة الذكر الدائم؛ فلم تغفل عن الله عز وجل طرفة عين أبدا. ولهذا انطبق رضا الله عز وجل على رضاها. إن نظرتها هي نظرة الله، ويدها يد الله، وحبها حب الله. هناك رواية طريفة عن الإمام الصادق (ع) ينقلها عن جده عن فاطمة (ع) وهي رواية مشهورة في الآفاق، وهي: (إِنَّ اَللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ)[٧]. إن النبي (ص) يعلم أن فاطمة ستغضب. لماذا هذه الروايات المؤكدة على غضب فاطمة؟ لأن لفاطمة (ع) قصة ولفاطمة (ع) موقف؟

تقول الرواية: (فَأَتَاهُ اِبْنُ جَرِيحٍ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ حُدِّثْنَا اَلْيَوْمَ حَدِيثاً اِسْتَشْهَرَهُ اَلنَّاسُ قَالَ ومَا هُوقَالَ حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ قَالَ لِفَاطِمَةَ إِنَّ اَللَّهَ لَيَغْضَبُ لِغَضَبِكِ ويَرْضَى لِرِضَاكِ قَالَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَعَمْ إِنَّ اَللَّهَ لَيَغْضَبُ فِيمَا تَرْوُونَ لِعَبْدِهِ اَلْمُؤْمِنِ ويَرْضَى لِرِضَاهُ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَمَا تُنْكِرُونَ أَنْ تَكُونَ اِبْنَةُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ مُؤْمِنَةً يَرْضَى اَللَّهُ لِرِضَاهَا ويَغْضَبُ لِغَضَبِهَا)[٨].

إن الإمام الصادق (ع) ما دخل من باب التعبد. إذ كان بإمكانه أن يقول: وأنا أقول ذلك؛ فما لك والسؤال؟ ولكن الإمام (ع) جارى الراوي. والمؤمن إذا بلغ مرحلة من الإيمان فإن الله يدافع عن الذين آمنوا؛ فكيف إذا كانت المؤمنة فاطمة (ع)؟ كلما ارتفعت رجات الإيمان؛ اشتد الدفاع الإلهي. إن رب العالمين سيدافع عن فاطمة (ع) في الدنيا إجمالا؛ ولكن في عرصات القيامة سيُظهر مقام فاطمة (ع). في رواية العامة: أن أول من يدخل الجنة فاطمة (ع). وهكذا يعوض رب العالمين ما جرى عليها في دار الدنيا.

إن البعض منا عندما يتميز في الإيمان درجة؛ يتوقع المزايا، وإذا أصيب بمرض يقول مع نفسه لا جهراً: أنا الملتزم بالصلاة، وأنا الذي صليت الليلة صلاة الليل، أو أنا الذي عدت لتوي من الحج؛ فما هذه الأمراض، وما هذه البلايا؟ إن بعض الناس هم في الحقيقة هكذا. إن المؤمن كلما زاد إيمانه زاد بلاءه. ليس بناء رب العالمين أن يدللك في الدنيا؛ فالدنيا دار بلاء.

يقول الرواي: (كُنْتُ عِنْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وقَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهَا مِنَ اَلْجُوعِ فَقَالَ لَهَا اُدْنِي فَدَنَتْ فَرَفَعَ يَدَهُ حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهَا وهِيَ صَغِيرَةٌ فِي مَوْضِعِ اَلْقِلاَدَةِ ثُمَّ قَالَ اَللَّهُمَّ مُشْبِعَ اَلْجَاعَةِ ورَافِعَ اَلْوَضِيعَةِ لاَ تُجِعْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ قَالَ فَرَأَيْتُ اَلدَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَى وَجْهِهَا كَمَا كَانَتِ اَلصُّفْرَةُ فَقَالَتْ مَا جُعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ)[٩]. إن فاطمة (ع) تريد خبزاً فلا تجده، وهي ابنة رسول الله (ص). قد يقول البعض: قد يقول قائل: كيف رأى الراوي ما رأى؟ تقول الرواية: وهي صغيرة.

وهناك رواية أخرى تبين عظمة هذه السيدة، وهي : (كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ جَالِسَةً قُدَّامَهَا رَحًى تَطْحَنُ بِهَا اَلشَّعِيرَ وَعَلَى عَمُودِ اَلرَّحَى دَمٌ سَائِلٌ)[١٠]. كان الدم ينزف من يد فاطمة (ع) عند طحن الشعير. إنها بنت رسول الله (ص)، وتفاحة الفردوس، والإنسية الحوراء ولكنها تطحن بيدها والدم يسيل على عمود الرحى.

[١] المناقب  ج٤ ص٨٦.
[٢] عوالم العلوم  ج١١ ص١٠٣٠.
[٣] سورة المائدة: ٣٥.
[٤] سورة الأنبياء: ٧٣.
[٥] سورة البقرة: ١٢٨.
[٦] سورة الأنبياء: ٢٠.
[٧] بحار الأنوار  ج٣٧ ص٧٠.
[٨] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٢٠.
[٩] الخرائج و الجرائح  ج١ ص٥٢.
[١٠] الخرائج و الجرائح  ج٢ ص٥٣٠.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن الزهراء هي تلك السيدة التي ملكت مجامع قلب رسول الله (ص). إن رسول الله (ص) لا ينطق عن الهوى عندما يقول: فداها أبوها. إنها حبيبة أبيها، وهي التي قال عنها: بضعة مني، وروحي التي بين جنبي. إن هذه التعابير – كما يقال في عرفنا اليوم – تعابير مدروسة؛ أي نازلة من السماء.
  • إن لأئمة أهل البيت (ع) مواقف من البكاء مشهودة على جدهم الحسين (ع)، وكما روي عنهم: (إِن يوم الحسين أَقرح جفونَنَا)(المناقب  ج٤ ص٨٦) وعلى أمهم الزهراء (ع) وهذا الأمر مفروغ منه. إن من أحزان إمام زماننا (عج) في زمان الغيبة؛ دمعة على الحسين يجريها تارة، ودمعة على جدته تارة أخرى.
  • وإن بمقدار ما نتعرف على مقامات هذه السيدة؛ يزداد تعلقنا بها؛ فنلتزم بزيارتها، ونقيم مجالسها ونبكي على مصيبتها. إن الزهراء (ع) ماتت في مقتبل العمر في ريعان شبابها. إن الأيام لم تسمح لها بالعمر الطويل. لوأن فاطمة (ع) عاشت كأبيها رسول الله (ص)؛ كم كان عندنا من التراث الفاطمي؟
  • إن المؤمنة قد تكون محكومة في المنزل، ويكون الرجل قوام عليها مثلا؛ ولكن لا تظنن بنفسها أنها دون الرجل في القرب إلى الله عز وجل. إن زكريا (ع) هونبي من كبار الأنبياء ولكن عندما رأى مريم في محراب عبادتها تمنى الذرية؛ يعني إن كانت الذرية كمريم (س) فالكل يتمنى كمريم أن تكون له ولدا.
  • إن الزهراء ع في عالم الكمال والقرب إلى الله هي في درجة مقاربة لذريتها، فكما روي: (نحن حجج اللّه على خلقه، وجدّتنا فاطمة حجة اللّه علينا) . أحدهم يقول: إن أردت أن تعلم موقعك عند الله ورسوله والأئمة والحجة فانظر إلى قلبك. بمقدار حبك لفاطمة وتقديرك لها أنت قريب من الله ورسوله.
  • إن البعض منا عندما يتميز في الإيمان درجة يتوقع المزايا وإذا أصيب بمرض يقول مع نفسه لا جهراً: أنا الملتزم بالصلاة، وأنا الذي صليت الليلة صلاة الليل، أو أنا الذي عدت لتوي من الحج؛ فما هذه الأمراض، وما هذه البلايا؟ إن بعض الناس هم في الحقيقة هكذا. إن المؤمن كلما زاد إيمانه زاد بلاءه.
  • لقد وصلت الزهراء (ع) إلى مرحلة الذكر الدائم؛ فلم تغفل عن الله عز وجل طرفة عين أبدا. ولهذا انطبق رضا الله عز وجل على رضاها. إن نظرتها هي نظرة الله، ويدها يد الله، وحبها حب الله.
Layer-5.png