Search
Close this search box.
  • عظمة ليلة القدر وأهم الأعمال فيها
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

عظمة ليلة القدر وأهم الأعمال فيها

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا تم إخفاء ليلة القدر بين ليال ثلاث؟

عندما يحل علينا شهر رمضان؛ فنحن ندخل الضيافة الإلهية العامة؛ ولكننا في ليلة القدر نعيش ضيافة خاصة، ونحن – إن صح التعبير – في ضيافتين. فينبغي أن نستثمر هذه الفرصة النادرة، وهي ليلة قدر واحدة وإنما أخفاها الله عز وجل في ليال من باب التحفيز على العمل في جميع هذه الليالي كما يعتقد بذلك بعض العلماء. تشير بعض الروايات إلى أن ليلة القدر هي ليلة الثالث والعشرين أو ليلة الجهني إلا أنها إشارات.

لقد كان بإمكان أئمة أهل البيت (ع) أن يعينوا تلك الليلة؛ فهم يعرفون معنى الليلة الواقعة، وكيف يخفى على النبي (ص) أو على إمام زماننا ليلة القدر التي تنزل فيها المقدرات عليهم؟ إن هذا الإخفاء من موجبات الإكثار من العمل. وهذا الإخفاء مقصود كما هو كذلك في إخفاء قبر سيدتنا الزهراء (ع) المخفية قبراً والمجهولة قدراً. إننا نزورها في البقيع وعند النبي (ص) وفي الروضة، وأيام الفاطمية أيضا هي أيام ثلاثة. إن لهذا لإخفاء أثره طبعا؛ فقد ذهبت وهي واجدة، وإلى آخر ذلك.

إن ليلة القدر ليلة عظيمة فقد ورد في تفسير سورة القدر أن هذه الليلة هي ليلو المقدرات أو ليلة التقدير، وقيل أنها لها قدرها وعظمتها ولذلك سميت ليلة القدر. وقيل: بأن القدر هنا الضيق؛ فهي ليلة الضيق كما قال سبحانه: (لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ)[١]، وهنا قُدر بمعنى ضُيق. وسميت بذلك لأن الأرض تضيق بالملائكة. إلا أن الأقرب هنا ليلة التقدير حيث يتم في هذه الليلة تقدير مقدرات الخلق.

عظمة ليلة القدر في القرآن الكريم

ويقول سبحانه عن عظمة هذه الليلة: (وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ)[٢]، ولو لاحظنا استعمال (ما أدراك) في القرآن؛ نجد أنها تُستخدم لبيان عظمة القيامة، كقوله تعالى: (وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ)[٣]، وكذلك الأمر في الحاقة والواقعة وما شابه ذلك. لأن الآخرة لا يمكن استيعابها في حياتنا الدنيا، ولا يُمكن تصور أهوال القيامة من تكوير الشمس وانكدار النجوم. إن هذه المعاني لا تُستوعب بعقولنا القاصرة. وكأن ليلة القدر كالقيامة لا يُمكن أن نعرف عظمتها. والخطاب وإن كان للنبي (ص) الذي يعلم ليلة القدر ما هي؛ إلا أن ذلك من باب أنه (ص) واجهة الأمة.

البعض منا يقرأ ثواب بعض الأعمال كثواب زيارة الحسين (ع) أو ثواب زيارة أمير المؤمنين (ع)؛ فيستغرب من عظمة ذلك الثواب، والحال أن الجواب نجده في سورة القدر. إن ليلة القدر التي قد لا تستغرق في بعض البلدان أربع ساعات يكون ثوابها خير من ألف شهر. وفي هذا تفضل من الله على العباد. إن الذي يشك في هذه الأجور؛ فهو إما يشك في الكرم الإلهي أو أنه يشك في القدرة الإلهية؛ والحال أنه كريم قادر. فما المانع من أن يعطيك ما يعطي من الهبات والدرجات العليا بعمل بسيط؟

الصلاة التي نسميها صلاة الاستغفار

من الأعمال المهمة في هذه الليالي الصلاة مئة ركعة. فإن لم نستطع أن نقوم بهذه الركعات المائة؛ فلنقم بما نستطيعه لكي تكون لنا وقفة صلاتية في ليلة القدر على الأقل. لأن الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقل. هناك صلاة لا اسم لها ولكننا نسميها من باب العلامة صلاة الاستغفار؛ لأن قوام هاتين الركعتين الخفيفتين الحمد مرة وسورة التوحيد سبع مرات، ثم نستغفر الله ونتوب إليه سبعين مرة، وهي من الصلوات المهمة في هذه الليالي.

لا تحول الأعمال إلى طقوس

ولا ينبغي أن نحول الأعمال إلى طقوس؛ أي إلى عمل نؤديه إسقاطاً للتكليف. إن دعاء رفع المصاحف على سبيل المثال دعاء بليغ، وينبغي لنا أن نعيش الالتجاء إلى الثقلين عندما نضع المصحف على رئوسنا وذكر أهل البيت (ع) على ألسنتنا. هذا موقف ليس بالموقف الهين. إن رب العالمين ينظر إلى عبده في الأرض وهو يرفع كتابه فوق رأسه تعظيماً، ويقول: بك يا الله، ويقسم على الله عز وجل بذاته الشريفة ومن ثم يقسم بالنبي وبذريته الطاهرة (ص).

حذار من أن يتحول العمل إلى عمل مكرر وإلى عمل بدني محض. فإذا لم تستطع أن تقيم الركعات المائة لضيق في الوقت أو فتور في المزاج؛ ركز على هذه الأمور الأربعة: الغسل، وصلاة الاستغفار التي ذكرناها، ودعاء رفع المصاحف، وزيارة الحسين (ع)؛ فهذه الأعمال الأربعة هي أمهات الأعمال في ليلة القدر. فإن أمكنك أن تقرأ الجوشن بتمامه فنعما هو، وإلا قسمه على الليالي. الجوشن هو الدرع، وكما أن المتدرع في المعركة يلبس الجوشن ليحميه من سهام الأعداء؛ فدعاء الجوشن هو الدرع الذي يلبسه الإنسان لا في ليلة القدر بل طوال العام ليتحصن به إلى سنة قادمة. وهكذا المتوقع من الدرع أن يحميك إلى أطول فترة ممكنة.

طلب الحج في شهر رمضان المبارك

والملاحظ في أدعية شهر رمضان المبارك التأكيد على طلب الحج، فنحن نقرأ: اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام. قد يقول البعض: إنني إنسان مستضعف عاجز، ومريض، ويائس من الحج أساساً؛ فكيف أطلب من الله عز وجل ذلك؟ أليس هذا ما يشبه التمثيل غير الصادق؟ الجواب: كلا، إنه ليس كذلك. إن الإنسان يؤجر على نيته، ولكل امرئ ما نوى. أن تقول: يا رب، هذه أمنيتي، ولكنني الآن غير مستطيع فارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا أي بعد شهر رمضان، والذي يفصلنا عن الحج شوال وذي القعدة. وقد لا يكون هناك أي أمل في هذا المجال ولكن تقول: يا رب أريد منك ذلك، وقد يعطيك مبلغا من المال فجأة فتحج بها، وقد تكون مريضا كذلك فتُشفى من ساعتك. فيتوجب عليك بعد أن استطعت وبعد الشفاء الحج. فلا ينبغي اليأس في هذا المجال؛ بل ينبغي الدعاء بكل جدية ولهفة، ورب العالمين لا يخيب من دعاه.

[١] سورة الطلاق: ٧.
[٢] سورة القدر: ٢.
[٣] سورة القارعة: ٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • ويقول سبحانه عن عظمة هذه الليلة: (وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ) ولو لاحظنا استعمال (ما أدراك) في القرآن؛ نجد أنها تُستخدم لبيان عظمة القيامة، كقوله تعالى: (وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ) فكما أن الآخرة لا يمكن استيعابها في حياتنا الدنيا؛ كذلك هي ليلة القدر.
Layer-5.png