Search
Close this search box.
  • عظمة السيدة الزهراء (ع) وعلوّ شأنها
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

عظمة السيدة الزهراء (ع) وعلوّ شأنها

بسم الله الرحمن الرحيم

مجالس ذكر أهل البيت (عليهم السلام)

حديثنا حول سيدة النساء فاطمة (ع). إن المجالس التي يذكر فيها النبي وأهل بيته (ع) ويُحيى فيه أمرهم، لهي مجالس يحبها الله عز وجل، ومن الطبيعي أن تحف بها الملائكة؛ فتستغفر لنا. ومن الطبيعي أن يسر قلب إمام زماننا فدته نفوسنا. إن الإمام لا تستهويه مجالس البطالين المترفين من أثرياء الدنيا، وإنما عينه على مجالس المؤمنين دعاءً وذكراً وتناولا لفضائل آبائه وأجداده (ع).

موقع السيدة الزهراء (سلام الله عليها) عند الأئمة

نحن غير المعصومين لنا تعلق خاص بالأمهات عادة، وإن كنا نحترم الأب ولكن العلاقة العاطفية بالأم هي علاقة مميزة. والرواية المعروفة عن النبي الأكرم (ص) أنه أوصى بالأم مراراً في مقابل الأب خير دليل على ذلك. إن أمير المؤمنين (ع) له ما له من المقام؛ فهو سيد الأوصياء ولا يقاس بفضله أحد من المخلوقين سوى النبي الأكرم (ص)، ولكن للزهراء (ع) موقع مميز في نفوس أئمة أهل البيت (ع)؛ فإمامنا الجواد (ع) يُرى متأثراً؛ فيسأله أبوه الرضا (ع) عن سبب التأثر، فذكر أنه قد ذكر أمه الزهراء (ع) من دون مناسبة.

وهذه العلاقة وهذا التأثر لأمرين، أولا: لمقامها (ع). إننا في الواقع لا نعلم موقع الزهراء (ع) في الأمة ولا نعلم فضلها، وعندما انكشف شيء من علمها لأمير المؤمنين (ع) وعلم من هي فاطمة (ع)؛ أبدى إعجاباً واستغراباً كثيرا.

تقول الرواية التي يرويها عمار: (شَهِدْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَدْ وَلَجَ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَلَمَّا أَبْصَرَتْ بِهِ نَادَتْ اُدْنُ لِأُحَدِّثَكَ بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ وَ بِمَا لَمْ يَكُنْ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ حِينَ تَقُومُ اَلسَّاعَةُ قَالَ عَمَّارٌ فَرَأَيْتُ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَرْجِعُ اَلْقَهْقَرَى فَرَجَعْتُ بِرُجُوعِهِ إِذْ دَخَلَ عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ لَهُ اُدْنُ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ فَدَنَا فَلَمَّا اِطْمَأَنَّ بِهِ اَلْمَجْلِسُ قَالَ لَهُ تُحَدِّثُنِي أَمْ أُحَدِّثُكَ قَالَ اَلْحَدِيثُ مِنْكَ أَحْسَنُ يَا رَسُولَ اَلله… فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نُورُ فَاطِمَةَ مِنْ نُورِنَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ وَلاَ تَعْلَمُ فَسَجَدَ عَلِيٌّ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى)[١]. فمن الأنوار المميزة نور النبوة، ونور الوصاية. والزهراء (ع) هي التي ربطت النبوة بالولاية؛ فهي بنت النبي (ع) وزوجة الوصي (ع) وقد خرج منهما اللؤلؤ والمرجان. وثانيا: لما جرى عليها من المصائب حتى لقد فرحت قبل وفاة أبيها عندما بشرها بقرب لحاقها به.

لم سميت بفاطمة؟

إننا كلما زدنا علماً بمقاماتهم؛ زدنا تأثراً وتأسياً. إن النبي الأكرم (ص) قال: (يَا فَاطِمَةُ أَ تَدْرِينَ لِمَ سُمِّيتِ فَاطِمَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ لِمَ سُمِّيَتْ قَالَ لِأَنَّهَا فُطِمَتْ هِيَ وَشِيعَتُهَا مِنَ اَلنَّارِ)[٢]. إن هذه التسمية ليست من أمير المؤمنين (ع)؛ فقد تزوجها أمير المؤمنين (ع) لاحقا وإنما هذه التسمية هي من النبي الأكرم (ص) وهي تسمية مهمة؛ فالنبي ما ينطق عن الهوى لا في الوحي ولا في غيره. إن أحدنا عندما يريد أن يسمي ابنته البكر؛ يسأل فلانا وفلانا ويسأل عالماً قريبا: ماذا أسمي ابنتي؟ والنبي (ص) يعلم أنه لا قاسم له ولا إبراهيم؛ والذي يبقى من صلبه هي هذه البنت؛ فمن الطبيعي أن يأتي الخبر من السماء؛ إما مباشرة أو بسؤال منه. أيعقل أن تأتي الزهراء (ع) ولا يسأل رسول الله (ص) السماء؟

عندما تفطم ابنك من صدر أمه فإنك تفطمه إلى الأبد بطريقة أو بحيلة ولن تدعه يرجع إلى صدر أمه. لقد فطمت هي وشيعتها من النار لكونها معصومة وشيعتها؛ إذا قلنا بأن المراد من الشيعة هنا المتتبع لها ولبعلها وبنيها لا مجرد الادعاء. وروايات أهل البيت (ع) صريحة بمعاني المشايعة والمتابعة. إذا كنت في المنزل ومات أحدهم فيشيعه الناس وبقيت أنت في المنزل تلهج باسمه؛ فإذا قلت: شيعت فلاناً، هل أنت صادق؟ اخرج من المنزل واذهب إلى المقبرة وامش خلف الجنازة ليقال بأنك شيعت جنازة. فكيف بمن أراد أن يكون من شيعة أمير المؤمنين (ع) والزهراء (ع)؟

تسمية فاطمة بالزهراء

إننا: نقول دائما فاطمة الزهراء (س) ولكن هل علمنا ما هو معنى الزهراء؟ لقد سُئل الإمام الصادق (ع) عن علة تسمية فاطمة بالزهراء فقال: (وَرُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: لِمَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ اَلزَّهْرَاءَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ اَللَّهَ – عَزَّ وَ جَلَّ – خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ، فَأَضَاءَتِ اَلسَّمَاوَاتُ وَاَلْأَرْضُ بِنُورِهَا وَغَشِيَتْ أَبْصَارَ اَلْمَلاَئِكَةِ فَخَرُّوا لِلَّهِ سَاجِدِينَ وَقَالُوا: إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا! مَا هَذَا اَلنُّورُ؟ فَأَوْحَى اَللَّهُ – تَعَالَى – إِلَيْهِمْ: هَذَا نُورٌ مِنْ نُورِي أَسْكَنْتُهُ فِي سَمَائِي، وَخَلَقْتُهُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِي، أُخْرِجُهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِي، أُفَضِّلُهُ عَلَى جَمِيعِ اَلنَّبِيِّينَ، وَأُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ اَلنُّورِ أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي وَيَهْدُونَ إِلَى حَقِّي، وَأَجْعَلُهُمْ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِي بَعْدَ اِنْقِطَاعِ اَلْوَحْيِ)[٣]. ما المانع من أن يجعل رب العالمين نور العصمة الفاطمية مشتقاً من نوره؟ ولو ملأ هذا النور الأكوان لما كان ذلك غريبا.

[١] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٨.
[٢] علل الشرایع  ج١ ص١٧٩.
[٣] المحتضر ج١  ص٢٣٤.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

• إن المجالس التي يذكر فيها النبي وأهل بيته ويُحيى فيه أمرهم، لهي مجالس يحبها الله عز وجل، ومن الطبيعي أن تحف بها الملائكة؛ فتستغفر لنا. ومن الطبيعي أن يسر قلب إمام زماننا. إن الإمام لا تستهويه مجالس البطالين المترفين من أثرياء الدنيا، وإنما عينه على مجالس المؤمنين دعاءً وذكرا.
• إن تسمية فاطمة تم من قبل النبي، والنبي لا ينطق عن الهوى لا في الوحي ولا في غيره. إن النبي يعلم أنه لا قاسم له ولا إبراهيم؛ والذي يبقى من صلبه هي هذه البنت؛ فمن الطبيعي أن يأتي الخبر من السماء؛ إما مباشرة أو بسؤال منه. أيعقل أن تأتي الزهراء ولا يسأل النبي السماء؟

Layer-5.png